|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
قرار الخروج من السودان، ماهى الأسباب ؟ كيفية الخروج من مطار الخرطوم رغم المساءلات لهذه الأسباب قررت دخول السودان البحث عن طريق امن لدخول السودان هكذا دخلت السودان حتى مدينة ودمدنى الخروج من السودان مشياً على الاقدام عشرة ايام من الأسر والتعذيب على يد المخابرات الاريترية من هما ضابطا الحركة الشعبية لتحرير السودان والاستجواب فى الأسر فى القاعدة العسكرية الاريترية؟ من هو الشاب السودانى الذي قتلته المخابرات الاريترية؟ أسبوعين فى معسكر الحركة الشعبية ولقاء القائد المرحوم الدكتور جون قرنق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
هذه رواية او قصة او أحداث حقيقية نحكيها بعد مضى كل هذه السنيين علها تداوي بعضاً من جراحتنا فى فقدان البلد الكبير السودان. وقد يكون هذا السرد هو اجترار للذكري فى هذه الغربة ليساعدنى على الحفاظ على صورة الوطن محفورة فى القلوب. وتعتبر الذكري بالنسبة للمهاجرين من امثالى ركنا مهما فى دراسة أنثروبولوجيا الهجرة للذين يبحثون فى تاريخ وحاضر السودان خلال الخمسة وعشرين عاما الاخيرة هنا أترحم فى قبايل هذا العيد على كل من فقد روحه بسبب الصراع السياسى فى السودان. وان تسود يوماً ما العدالة والتنمية فى بلدي السودان
قرار الخروج من السودان، ماهى الأسباب ؟ كيفية الخروج من مطار الخرطوم رغم المساءلات لهذه الأسباب قررت دخول السودان البحث عن طريق امن لدخول السودان هكذا دخلت السودان حتى مدينة ودمدنى الخروج من السودان مشياً على الاقدام عشرة ايام من الأسر والتعذيب على يد المخابرات الاريترية من هما ضابطا الحركة الشعبية لتحرير السودان والاستجواب فى الأسر فى القاعدة العسكرية الاريترية؟ من هو الشاب السودانى الذي قتلته المخابرات الاريترية؟ أسبوعين فى معسكر الحركة الشعبية ولقاء القائد المرحوم الدكتور جون قرنق
مقدمة وخلفية 1991-1989 كنا بنحلم بوطن خير ديمقراطى ونبنى مكان السجن مستشفى. كنا بنحلم بوطن حدادي مدادي نبنيه جميعاً. لم نكن نحلم بالهجرة والغربة. ولم يكن هذا الموضوع فى أجندة نقاشاتنا وحوراتنا خلال الدارسة او بعد التخرج فلدينا وطن يسع الجميع. هذا الوطن الذي شاركنا فى تحريره من حكم ديكتاتوري لنبنى فيه مستقبلنا، كيف لنا ان نستبدله بوطن اخر. ولو كنت افضل الهجرة والاغتراب لكنت قد هاجرت من زمن بعيد. فقد سنحت لى فرصة طلابية لزيارة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فى عام 1987 ، لكنى كنت احسب الأيام للعودة والرجوع رغماً عن فرصة الاستقرار فى بلاد العم سام والتى احتضنت مهاجري السودان باعداد هائلة منذ منتصف الثمانينات ثم فى ازدياد كبير بعد تغول الانقاذ على ديمقراطية السودان فى عام 1989 وقفنا ضد الانقاذ من يومها الأول وتعرضنا بسبب ذلك للحرمان من ممارسة والمطالبة بحقوقنا الاساسية فى الحياة والعيش الكريم. وسجن زملائنا فى العمل السياسي بدون ذنب ارتكبوه سوي الدفاع عن حقوقهم وحقوق أهلهم من عامة الشعب السودانى. ورفضت طلباتهم للعمل بسبب عدم ولائهم السياسى للإنقاذ رغم الكفاءة والمؤهلات. فهناك من تقدم لشغل وظائف فى السلاح الطبى وسلاح المهندسين وفى الجامعات والوزارات والشركات رفضت جميعها وفصل بعضهم تعسفياً من العمل حتى بعد توظيفه بعد مدة قصيرة. بالنسبة لى كان الموضوع مساءلة زمن قبل الدخول للسجن وهو ما اتضح بعد خمسة ايام فقط من مغادرتى للسودان. فى وقتها كنت طالب ماجستير بجامعة الجزيرة بالتعاون مع محطة أبحاث عطبرة. وهو برنامج قد بداء بنهاية عام 1990 بعد التخرج مباشرة
كنت، وبحكم خلفية العمل العام والعمل السياسي ايام الدراسة وبرنامج البحث العلمى فيما بعد، قريبا جدا من صراع الحركة الطلابية مع الانقاذ. وقد حاولت الانقاذ إرهاب طلاب الجامعة بكل السبل مثلما حدث مؤخراً باغتيال اربعة طلاب بجامعة الجزيرة. فدارت معارك طلابية عنيفة بدعم من منتسبي حكومة الانقاذ وعضوية الاتجاه الاسلامى . هذا العنف ضد الطلاب وثقته تقارير منظمة العفو الدولية مطالبة حكومة الانقاذ باحترام حقوق مواطنيها. احد ضحايا هذا العنف كان زميلى واخى على الشاعر والذي تم استهدافه بصورة مباشرة و شخصية من بعض قيادات حكومات الانقاذ ومنتسبى الانقاذ بالجامعة . فقد تم تعذيبه امام زملائه وزميلاته فى ميدان سباق الخيل فى مدينة ودمدنى احد أساتذتنا الأجلاء قدم لنا نصيحة بالخروج من السودان بعد استقراء للاوضاع ونقاش مستفيض حول المصير المحتوم والشواهد الماثلة أمامنا فى ذلك والوقت. وعرض مساعدته لتسهيل عملية الحصول على تأشيرة دخول لهذا البلد الإسكندنافي البارد. ساعدنا أيضاً احد زملاء الدراسة عن طريق والده والذي عمل سفيراً للسودان فى العديد من الدول الأوروبية . تحصلنا على تأشيرة الدخول وتاشيرة الخروج وتحدد تاريخ السفر بشراء تذكرة على الخطوط الألمانية كانت قيمتها حوالى 1400 جنيه او ما يعادل 300 دولار دفعها الوالد وهو يكتم الماً ووجعاً لم يفصح عنه ولكنى رايته فى عينيه بسبب سفر ابنه الأكبر فى رحلة مجهوله فضلها على الملاحقة الأمنية . لم استطع وداع اهلى وزملائى بسبب الكتمان على ترتيبات الرحلة لأسباب أمنية
فجرا وعقب صلاة الصبح يوم الحادي عشر من فبراير عام 1991 ودعت أفراد اسرتى ما عدا والدتى فلم استطيع تحمل دموعها وبكاءيها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
مطار الخرطوم الحادي عشر من فبراير 1991
وصلت السوق الشعبى فى الخرطوم حوالى العاشرة صباحاً ومنه مباشرة الى منزل فى حى اركويت لمقابلة الاخ على الشاعر والذي حضر قبل يومين لإجراء بعض المهام المتعلقة بالرحلة. ذهبنا مع بعض لاحد مراكز الشرطة لاستخراج تأشيرة الخروج. كان علينا ان نقابل ضابطا محددا بالاسم لتسهيل عملية الحصول على التاشيرة . وحتى لا تتعقد الأمور تم ترتيب هذا اللقاء بواسطة احد أقارب على الشاعر وهو ضابط برتبة كبيرة فى الجيش السودانى تم إحالته بعد شهور من سفرنا الى الصالح العام. كانت هذه واحدة من العقبات التى كنا نتخوف منها لعرقلة الموضوع ولكنها تمت بسهولة ويسر. اما العقبة الثانية فكانت كيفية الخروج من مطار الخرطوم دون مساءلات من الأجهزة الأمنية
هنا أيضاً كانت هناك توصية من ضابط اخر على صداقة مع المسؤول من القضايا الأمنية بمطار الخرطوم. وكان الاتفاف الا يتدخل بأي توصية لتسهيل عملية مرورنا فى نقاط التفيش والفحص عند الجوازات والأمن بل ان يتدخل فى حالت توقيفنا بواسطة الأجهزة الأمنية . كان يريد الا يثير الشكوك من حولنا خاصة وان الأجهزة الأمنية بدأت تظهر فيها كوادر الانقاذ وبسلطات واسعة
بعد منتصف النهار وبعد الفراغ من تجهيزات السفر توجهنا الى العمارات لزيارة احد زملاء العمل السياسى وتصادف ان منزلهم يقع مجاوراً لمنزل لاحد قادة الحزب الاتحادي الديمقراطى ولا تبعد المسافة بين بابا المنزلين سوي حوالى متر ونصف. وهى معلومة - منزل زعيم الحزب الديمقراطى - علمت بها لاحقاً وكان جهلى بها سبباً فى الهدوء والثبات امام تحقيقات مسؤول المطار عندما استوقفنى عند المغادرة. كان منزل عضو قيادة الحزب الديمقراطى تحت المراقبة الأمنية
عند خروجنا من المنزل بعد مغيب الشمس كنا تحت المتابعة والمراقبة الأمنية. افترقنا انا وصديقي على الشاعر على ان نتقابل فى مطار الخرطوم عند العاشرة مساء امام صالة المغادرة. ذهبت لحى السجانة لوداع بعض الأقرباء ومنهم توجهت للمطار. . أكملنا إجراءات السفر لدي الخطوط الألمانية والجوازات بدون صعوبة او تأخير. وسبقني الاخ على الشاعر الى صالة الانتظار بعد ان استوقفنى مسؤول الامن فى المطار ودار بينا الحوار او التحقيق التالى هو: لو سمحت ممكن الجواز؟ انا: تفضل فتح الجواز وقلب صفحاته صفحة صفحة هو: سيف اليزل مسافر وين؟ انا: مسافر السويد هو: تعمل شنو فى السويد ؟ انا: رحلة بتاعة تبادل ثقافى طلابى هو: لو سمحت أتفضل معاي فتح باب احدي الغرف وطلب منى الانتظار. كانت لحظات انتظار صعبة وطويلة على الرغم من انها لم تتعدي عشرة دقائق دخل مسؤول امنى اخر وفى يده جواز سفري وتذكرة الطائرة . جلس خلف التربيزة وبداء يقلب صفحات الجواز صفحة صفحة هو: سيف اليزل من وين انت يا أخوي ؟ انا: من مدنى هو: بتقرا وين؟ انا: جامعة الجزيرة هو: مسافر السويد اااا؟ انا: نعم هو: مسافر لشنو؟ انا: رحلة تبادل ثقافى طلابى هو: عندك إعفاء من الخدمة الإلزامية ؟ انا: نعم موجود. ياهو دا تفضل هو: مسافر براك ولا معاك زول تانى؟ انا: معاي زميلى اسمه على الشاعر هو: هل عندك اي نشاط سياسي فى الجامعة او خارج الجامعة؟
سؤال صعب جد، هل اعترف بهذه السهولة
انا: لا أبداً ليس لى علاقة بالعمل السياسى هو: تتكلم براك ولا عايزنا نستخدم معاك أساليب تانية عشان تقول الحقيقة؟ انا: اية حقيقة يا جنابك انا ما فاهمك قاصد شنو هو: علاقتك شنو بالحزب الاتحادي الديمقراطى
السؤال ده ريحنى شوية ومن الواضح انو الراجل قاعد يحاول يدردق فينى
انا: للاسف ما عندي اي علاقة بالحزب الديمقراطى هو: بطل كضب ولف ودوران انا: زي ما قلت ليك ما عندي اي علاقة بالحزب ده هو: مصر تنكر يعنى انا: انكر شنو يا جنابك؟ هو: انت كنت فى اجتماع فى منزل فلانى الفلانى بتاع الاتحادي الديمقراطى فى العمارات من الظهر حتى المغرب، كنتوا بتعملوا فى شنو؟
انا كنت فى العمارات طبعاً فى الوقت ده لكن لم اكن فى اجتماع مع قيادي من الحزب الديمقراطى. الزول ده أكيد غلطان
انا: انا فعلاً كنت فى العمارات فى الوقت ده لكن مع احد زملائى يدرس معاي فى الجامعة هو: انحنا شوفناك طالع من بيت فلانى الفلانى بتاع الاتحاد الديمقراطى وتابعناك لحدي السجانة علاقتك بيه شنو وكنتوا بتقولو شنو؟ انا: انا ما عندي علاقة بالزول ده كان سياسة كان قرابة وما كنت معاهو فى اجتماع، كان مع واحد صديقى فى العمارات وهو ما عندو علاقة حتى بالاتحاد الديمقراطى واسمه فلان الفلانى
هو: انتظر قبلك نشوف الموضوع ده حدو وين
وقف المسؤول الامنى وخرج من الغرفة وبعد دقائق سمعت مكبرات الصوت تنادي على صديقى على الشاعر "على يوسف الشاعر الرجاء مراجعة مكتب الاستعلامات فوراً"
بعد فترة وجيزة دخل الاخ على الشاعر فى الغرفة ولم يكن معه مسؤول امنى وعلامات الدهشة على وجهه وسألني على الشاعر: وقعنا ولا شنو؟ همست فى أذنه بكلمات سريعة : ديل ما عارفين حاجة. ده تحقيق عادي. انحنا كنا فى العمارات مع احد الزملاء ومسافرين السويد فى تبادل ثقافى
دخل نفس المسؤول الامنى وأعاد نفس الأسئلة لعلى الشاعر وكانت إجاباته مطابقة لاجاباتى
بعدها سمح لنا المسؤول الامنى بالسفر بعد تسليمنا جوازاتنا
طالت فترة الأنظار فى الصالة كان رجال الامن والشرطة يدخلون ويخرجون بعد الحديث مع بعض المسافرين. أحيانا يتبادلون عملات أجنبية واحيانا سجائر من السوق الحر
عندما أقلعت الطائرة شعرت بألم حاد يعصر راسى وبطنى خوفا من المجهول وبداية المنفى
بعد خمسة ايام داهمت قوة من الامنجية منزلنا بودمدنى فى منتصف الليل تبحث عنى
وبعد أسبوع اتصل بنا قريب على الشاعر ليخطرنا بان أسمائنا أدرجت فى قائمة المحظورين من السفر فى مطار الخرطوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
أوبسالا - السويد الأول من ديسمبر 1995 اللجوء والمنفى لا يقتل معنى الإحساس بالوطن السودان على الرغم من حواجز الحدود الجغرافية وأزمة الأوراق الثبوتية. لم أقابل فى مسيرة حياتى سودانياً لا يحلم بالرجوع لبلده ولأهله فى السودان. وفى كثير من الأحيان يعيش معظم السودانيين فى الغربة وكأنهم سوف يعودون للسودان غداً . وتزداد الآلام الغربة والمنفى بصعوبة التواصل مع الاهل والأصدقاء فى السودان. فحتى عام 1995 لم يكن هناك هاتف جوال او انترنت مثلما نعيشه الان استلمت إدارة الهجرة السويدية جواز سفري المكتوب فيه صالح لكل الأقطار ما عدا إسرائيل واعتطتنى بدلاً منه.
وثيقة سفر كتب عليها : صالح لجميع الدول ما عدا السودان. يعنى تساوي عندي صعوبة دخول السودان مع صعوبة دخول إسرائيل لحامل الجواز السودانى. سافرت لعدة دول أوروبية بتلك الوثيقة بدون مشكلة وبدون تأشيرة دخول فى اغلب الزيارات. الا اننى وجدت صعوبة بالسفر بها الى تنزانيا عام 1997 لكن المشكلة اتحلت باستلاف جوازي السودانى من إدارة شؤون الهجرة لان دخول تنزانيا فى تلك الفترة كان بدون تأشيرة للسودانيين فى بداية شهر ديسمبر 1995 اتصل بى شقيقى بمكاملة هاتفية مفادها ان الوالدة مريضة وتتمنى روءيتى وهى على فراش المرض فالاقدار غير معروفة. من جانبي كانت فترة الثلاث سنوات ونصف التى قضيتها فى السويد كافية بالإصابة بمرض الحنيين للوطن وللأهل ، فالتجربة كانت غير مسبوقة لشخصى ولم تكن فى الحسبان ولازال المستقبل مجهولا بالتغيير والعودة للوطن. بعد انتهاء المكالمة قررت زيارة اسرتى فى السودان بأي وسيلة ممكنة. ولكى تنجح هذه السفرية كان عامل السرية مهما جدا لذلك لم أخطر شخصا بسفري للسودان سوي بعض الزملاء المقربين وبعض الأصدقاء.
لم يكن هناك افضل من الدخول الى السودان من دولة اريتريا. فهى الدولة الأقرب للمدن السودانية وتتعدد بها نقاط الدخول للسودان بلإضافة لسهولة وسائل المواصلات البرية. اما توتر العلاقات بين البلدين فى تلك الفترة فقد كان عاملاً مساعداً فى اعتقادي لتسهيل عملية عبور الحدود، وقد كان. اتصلت بأحد الأصدقاء يعمل فى السفارة الاريترية وشرحت له رغبتى فى دخول السودان عن طريق اريتريا وطلبت مساعدته فى الحصول على تأشيرة دخول او أية مساعدات اخري داخل اريتريا لتسهيل هذه الرحلة. . قام الرجل مشكوراً بالواجب على أتم وجه وواصانى بالاتصال بشقيقيه الذي يعمل حاكما على احدي المدن الاريترية على الحدود مع السودان .
تحددت مواعيد السفر بشراء تذكرة على الخطوط الألمانية واتصلت على شقيقى باننى فى طريقى للسودان وعليه انتظاري فى احد القري على الحدود الشرقية فى منزل احد المعارف. ترجانى الا افعل وان الخروج من السودان قد يكون صعبا ومستحيلا. لكن سبق السيف العزل فقد تبقى لى اقل من اربعة ساعات للتوجه للمطار.
استلفت كاميرا تصوير فوتوغرافى من الاخ الصديق على حمد النيل لتوثيق رحلة الرجوع فى اريتريا
فى الثانى من ديسمبر 1995 هبطت بى الطائرة فى مطار اسمرا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
اتتنى رسالة من صديق وزميل عزيز حول هذا البوست. الرسالة خلتنى كراع بره وكراع جوه لذلك توقفت كثيرا للتفكير فى محتوي رسالته...
فقد كان يري انه هذا البوست سابق لأوانه على الرغم من مرور ثمانية عشر عاما على الأحداث التى سردتها فى هذا البوست . وان المعلومات التى وردت قد تضر ببعض الأشخاص .
لكن احب ان اطمئن هذا الصديق اننى حريص جدا على عدم تعريض حياة اي شخص يذكر هنا للخطر. الغرض من البوست عرض تجربة تتعلق بمعاناة الهجرة وحياة المنفى . نحتاج فى الغربة للتفكير فى قضايا الهوية والوطن والحدود الجغرافية وهذه مشاركتى علها تفيد فى البحث والتوثيق لهجرة السودانيين خلال ربع القرن الماضى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
تسنى خرجت مسرعاً قاصد سوق تسنى عسى ولعل اجد طريقة لعبور الحدود اليوم قبل غداً. او بالمرة تناول وجبة عشاء بعد رحلة طويلة ومرهقة من مدينة كرن. لم تكن ملامح مدينة تسنى تختلف عن ملامح اية مدينة سودانية بهذا الحجم. لكنها كانت تختلف عن مدن السودان فى خاصية واحدة وهى انها مدينة تنمو على انقاض مدينة دمرتها حرب قاسية. فقد كانت جميع مبانيها القديمة التى وقعت فى مجال بصري مدمرة تماماً بفعل القصف الجوي ايام الإرهاب الأحمر الذي مارسه نظام الدرق الاثيوبى على شعب اريتريا. كان معظم تلك المباني يحكى عن تاريخ حافل لتلك المدينة وعن علاقة متطورة مع المدن التى تقع فى الجانب الاخر من الحدود. فمبانى المدرسة والسوق والحكومة والمحكمة والجامع والمستشفى لم يخفى الدمار معالمها المتشابهة مع ملامح المدن السودانية. حتى حركة السوق البشرية والتجارية كانت سودانية مية المية الا نسبة قليلة جدا يمثلها سكان المرتفعات الاريترية بسحناتهم وعلاماتهم المميزة
تناثرت البكاسي واللواري وباصات "الاوستن" وسط أكشاك الزنك والخيش وورق الكرتون. جميع تلك السيارات كانت بلوحات سودانية. بل ان جميع باصات الاوستن كانت تعمل فى مدن وقري سودانية فى شرق السودان كتب عليها اسم مدن القضارف، الفاو، سمسم، ودالحليو، حجر العسل، كسلا، الشقراب، حلفا الجديدة، القرية عشرة ، الخياري ومدن اخري. إذن هذه هى مدينة تسنى التى حدثنى عنها أصدقائي وزملاء الدراسة من مدينة كسلا. فقد حدثونى عن قربها وعن علاقاتها التجارية مع مدينة كسلا. وكنت اعتقد جازماً باننى سوف اري قمم جبل توتيل عند الصباح الباكر، فقد غابت شمس هذا اليوم وتعزر معها رؤية هذا الجبل رمز مدينة كسلا. انتبانى إحساس باننى سوف اعبر الحدود من هذه المدينة ذات الملامح السودانية
اذن الأذان لصلاة المغرب وانا امام احدي أكشاك الشاي أمامه برش للصلاة ، مجموعة من الرجال وهم يستعدون للصلاة بالوضوء او انتظار الإقامة وبجانبهم لوري أوستين . دعوت الله بعد الصلاة ان يفتح لى طريقا آمنا لعبور الحدود ثم طلبت شاي حليب بالبن، شاي المغربية، وانا جالس على برش الصلاة كان هناك شاب يجلس فى مقدمة اللوري ذهبت اليه وسألته ان كان بإمكانه توصيلى الى مدينة كسلا دون المرور بمكتب الجوازات مقابل مبلغ من المال . اعتذر بانه لا يعمل بين السودان وإريتريا بل داخل اريتريا فقط
تعشيت فول مصلح مع لحمة شية فى صحانة بتاعة ألومنيوم مطفقة. لكن كان لهم طعم افتقدته عدت سنين. رجعت للفندق بعد صلاة العشاء بعدة عدة محاولات فاشلة لتأجير سيارة لدخول السودان. امتلأ الفندق ببعض الزبائن وهم جالسون فى مجموعات صغيرة ورائحة البيرة تملا المكان. جلست فى احد الأركان امام تربيزة حديد بهتت ألوانها . سرعان ما أتت شابة تعمل فى اللكوندة وسألتنى ماذا اشرب. طلبت قزازة كوكاكولا شربتها على مهل وانا أتابع حركات ونقاش و ضحكات الزبائن. جلست حوالى ساعة تقريباً بعدها ذهبت لغرفتي وسرعان ما اخذنى النوم رغم موسيقى التغرنجية والضحكات والانات والاهات بعد طلوع الشمس خرجت قاصدا السوق مرة اخري ممنيا نفسي بالاتفاق مع عربة أجرة لعبور الحدود. جلست فى قهوة احد البنى عامر يوجد حولها العديد من اللواري والبكاسي. شربت قهوة الصباح والشاي الأحمر والشاي باللبن وعزمت من عزمت وتحاورت معهم ولكنى أيضاً لم اطلع بنتيجة . أخذت جولة فى سوق الخضار والجزارة وكل الدكاكين الأخري فى سوق تسنى ثم رجعت للوكاندة حوالى التاسعة صباحاً عند رجوعى وجدت احدي العاملات فى اللكوندة فى مكتب الاستقبال سالتنى والابتسامة فى وجهها فأجبتها اننى ذهبت للسوق بحثا عن قهوة الصباح. اجابتنى معاتبة انهم ايضا يقدمون القهوة لضيوف الفندق. على الفور طلبت منها فنجان قهوة. بعد عدة دقائق أحضرت القهوة وباغتتنى بالسؤال : انت قاعد هنا فى تسنى ولا مسافر حتة تانية؟ أجبتها بعد تردد: مسافر كسلا سالت: متين تسافر؟ أجبتها : والله ما عارف بس لازم أرتب بعد الحاجات اولا تجاذبنا أطراف الحديث عن كسلا وعن تسنى وعن اوروبا والهجرة بعدها قضيت اليوم فى التجوال بين السوق واحياء تسنى واللوكندة جلست بعد المغرب لتناول وجبة الغداء فى حوش اللكوندة . رأيت من بعيد شخصين يتجهان نحوي وبدون مقدمات سالنى أحدهم: سودانى؟ أجبته نعم مرحب بيكم اتفضلوا مرت بجسمى رعشة سريعة وإنذار داخلى ان اكون حذرا منهما فقد يكونا من المخابرات الاريترية. إذا قد وصلت المعلومات المكتوبة فى الجواز عن طريق الموظفة العاملة فى الفندق وهذه الزيارة هى زيارة استجواب لمعرفة المزيد انا: اتفضلوا على الأقل الواحد ما يأكل براو جلسا فى مواجهتى واعتزرا من الأكل الا اننى اصريت ولكنهما رفضا بشدة انا : طيب حاجة باردة ولا بيرة؟ هما: خلاس نشرب حاجة باردة انا : ساكنين هنا فى اللكوندة ولا شنو؟ أحدهما: لا نحنا ساكنين هنا فى تسنى؟ انا: طيب جيتو هنا تقضوا وقت ولاشنو؟ ضحك احدهما وأجاب : مافى حاجة نعمل نجى مرات نشرب بيرة نسمع موسيقى ، كدا يعنى انا: تمام احدهما: انتا تسكن هنا؟ انا: ايوه بسكن هنا احدهما: تعمل شنو فى تسنى انا: عابر سبيل ، داير أسافر لكسلا احدهما : متين تسافر انا: والله ما عارف، بفتش لى في بتاع عربية لأنو ما داير أسافر بالباصات؟ بتعرفوا ليكم زول ممكن يوصلنى كسلا؟ أحدهم : ايوه نعرف، فى ناس كتار انا: تمام بس انا ما عايز ادخل عن طريق نقطة الجوازات فى اللفة لأنو ما عندي جواز ولا بطاقة شخصية أحدهم : تهريب يعنى؟ انا: سميها اي حاجة، المهم انا داير أسافر كسلا من غير ما أمر على نقطة العبور والجوازات لأنو ما معاي جواز أحدهم : وين جوازك؟ انا: عندي جواز لاجئين وما مكن ادخل بيه السودان كنت مقتنع فى ذات نفسي انهم اطلعوا على معلومات الجواز من دفتر التسجيل فى مكتب الاستقبال. حاولت ان ابعد اي شبهة عنى قد تودي الى الاعتقال او مشكلة مع السلطات الأمنية الاريترية . فالأجواء السياسية والعسكرية كانت مشحونة ومكهربة بين البلدين. فقد فتحت الحكومة الاريترية أراضيها للمعارضة السودانية وبالمثل قدمت الحكومة مساعدات للمعارضة الاريترية. بدون أوراق ثبوتيه ومعرفة للمدينة التى أتواجد فيها فقد اكون عرضة للاعتقال، لذلك كنت واضحا معهم حول قراري عبور الحدود دون المرور على نقطة الجوازات كررت السؤال مرة اخري: بتعرفوا ليكم واحد بتاع عربية ممكن يوصلنى السودان؟ أجاب أحدهما: نعرف جماعة سودانيين يعنى ممكن يساعدوك بدأت اشعر بالقلق والخوف من بداية تسرب معلومات تواجدي فى تسنى ولم ارتاح أبدا لهؤلاء الشخصان انا: بتعرفوا منو فى السودانيين ممكن يساعد فى الموضوع ده؟ احدهما: فى ناس كتار هنا من ناس المعارضة، بكرة بجوك هنا وأكيد بيلقوا ليك طريقة لعربية
ذكرا أسماء أشخاص بعينهم من المعارضة السودانية كم كنت اود مقابلتهم لكن ليس الان ولكن عند خروجى من السودان. انتهت الزيارة بالاتفاق على مقابلة مع الاخوة السودانيين غداً ذهبت لغرفتي وكنت فى انتظار فجر اليوم التالى. عقب صلاة الصبح حملت حقيبتى وخرجت صوب موقف المواصلات. عند حوالى الساعة السادسة صباحا تحركت بنا البص جنوبا الى قرية قلوج
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
الحَفِيرة شعرت بالغضب إلا إننى تمالكت أعصابي لإيجاد مخرج من هذا المأزق. فهاهو السودان على بعد كيلومترات مما أقف وأوربا على بعد ألآلاف الكيلومترات . وهل كانت رحلتى كلها من اجل ان تنتهى هنا وبهذه الطريقة؟ ماذا افعل الان؟ هل أقرر الرجوع من هنا لتبدأ الحكاية من أول جديد للبحث عن مدخل للسودان وهاهو السودان أمامى لا يفصلنى عنه سوي نقطة عبور؟ ماذا لو تركنى ياسين فى هذا الخلاء وواصل طريقه للمبيت فى الحفيرة؟ ولماذا قرر ياسين العبور من نقطة الجوازات رغم إتفاقى معه على تجنب العبور من نقطة الجوازات؟
أنا: ياسين أنا ما قلت ليك ما معاي جواز ولا بطاقة! يعنى حسع أنا أدخل كيف؟ ده مش كان الإتفاق بتاعنا من البداية؟؟ ياخى ما كان تكلمنى من البداية تقول لى حندخل من نقطة الجوازات؟ لكن حسع فى نص الخلاء ده تقول لى حندخل من نقطة جوازات الحفيرة؟؟!! ياخى ما مكن ياخى!! ده ما كان اتفاقنا يا ياسين ولا شنو؟
يا سين: يازول انت مش سودانى؟ زول بسألك مافى والناس الشغالين فى الجوازات والأمن كلهم انا بعرفهم...
حسيت بانى بعت نفسي بي مئتى دولار لياسين والذي سوف يقوم بتسليمى للسلطات الأمنية مقابل السماح له بعمليات التهريب تحت سمع وبصر السلطات الأمنية فى البلدين..
ياسين: يازول حندخل من الجهة الشمالية ولو سألونا بنقول أنحنا جايين من كسلا، يعنى ما حيسألوك لا من بطاقة لا من جواز. بعدين الحفيرة عندها مدخل واحد بسبب الخور البيفصل الحدود..
نظرت للجهة الشمالية التى أشار لها ياسين كانت هناك سيارة لاندكروزر تسير بسرعة . كانت السيارة بدون شك عسكرية فقد كان يقف عليها جنديا خلق سلاح مثبت على ظهرها أنا: ديل شنو ديل كمان؟
ياسين: دب عربية تابعة لحرس الحدود السودانى فى دورية عادية
أنا: طيب ليه ما جو علينا؟ تمنيت فى دواخلى ألا. يأتوا على الاطلاق لكن كنت محتاج لإجابة لإزالة الخوف الذي تملكنى فى تلك اللحظات..
ياسين: ما بسألوا اية عربية مدنية، بعدين عربيتى دي معروفة عندهم..ما تخاف..
نظرت مليا فى عيون ياسين فى محاولة للتأكد من صدق كلامه فهو لم يكن بحوجة لإخطاري مسبقا بالدخول عن طريق نقطة الجوازات ان كان بالفعل يريد تسليمى للسلطات السودانية. ياسين مهرب وأمامه عملية تهريب سهلة بدون بضائع . فلو اخبرنى من البداية فى قلوج أننا سوف ندخل من نقطة الجوازات فسوف أرفض وسوف يخسر هو شحنة سريعة يعود بها الى السودان. لذلك أنتظر حتى هذه اللحظة قبل أن أُفاجأ بها امام نقطة العبور
لأول مرة تدخل حامد فى الموضوع بعد ان قفل كبوت اللاندروفر "يازول ما تخاف انحنا دائماً بندخل ونمرق بالشارع ده ومافى زوول بسالك. الناس ديل كلهم بنعرفم وبيعرفونا ، انحنا بعد شوية بنكون جو الحدود قبل ما ندخل الحفيرة ولو سالولنا بنقول جايين من كسلا، خت الرحمن فى قلبك"
ليس هناك خط رجعة... هذا هو السودان أمامك بسجن من غير سجن. هذا هو السودان لايفصلك عنه سوي بضعة كيلومترات. لا تملك بطاقة هوية ولكنك تملك سودانيتك فى بلدك ولن تقف بطاقة أمامك لدخول بلدك. أوليس هذا ما قاله ياسين عدة مرات. يا زوول انت مش سودانى؟
غمغمت فى نفسي: توكلت على الله وضعت يدي على أُوكرة باب اللاندروفر ، فتحت الباب ووجهت كلامى لياسين: أرح يازول سوق والزارعا الله فى الحجر بتقوم، خش من نقطة الجوازات..
ياسين: يازوول ما بتجيك عوجة كان سالوك قول جايين من كسلا.. إتجه ياسين شمالا ولمسافة سبعة كيلومترات تقريبا فى نفس الإتجاه التى مرت منه سيارة حرس الحدود. ألتفت الى قائلا: كدا انحنا جوه الحدود السودانية شعرت بارتياح كبير رغم انه لا توجد حدود فيزيائية او طبيعية تفصل السودان عن إريتريا فى هذه المنطقة إن لم يكن على طول الحدود مع هذا البلد.
ثم اتجه شرقا ولمسافة أربعة كيلومترات ليهدي السرعة امام خور يبلغ عرضه حوالى خمسون مترا. إلتفت الى قائلا : دي نقطة جوازات الحفيرة.. كانت نقطة الحدود عبارة عن كشك يقع فى الجهة اليمين خلف حاجز مروري او بوابة حديدية عليها لافتة مكتوب عليها : قف للتفتيش ولا فتة على الكشك كُتب عليها جوازات الحفيرة. كان هناك جندي بملابس مدنية يحمل سلاحا على كتفه ومجموعة من النسوة والرجال بجانب الكشك.. توقف ياسين امام البوابة وكنت أجلس بهدوء على يساره إتجه الجندي نحو ياسين وسلم عليه ثم سلم على فردينا عليه التحية..بكل هدوء الجندي: جايين من كسلا؟ ياسين: اااي..كيفك تمام الجندي: ياسين عليك الله شيل معاك الإريتريين ديل ودخلهم الحلة، دايرين يسافروا لكن ما عندهم أية أوراق ثبوتيه ، شيلم رجعم معاك الحلة جوة.!! فتح البوابة ووقف ياسين خلف البوابة . فتح حامد باب اللاندروفر للإريترين الذين صعدوا وهم يتزمرون تحرك ياسين ثم إلتفت الى قائلا : أها انت كدا جوا السودان..
توقف ياسين بعد حوالى كيلومتر واحد فى شارع فى وسط الحِلة. نزل جميع الإريتريين وهم يتذمرون توقف ياسين امام مكتب الأمن فى الحفيرة وطلب منى الإنتظار فلديه موضوع مع ناس الأمن كما قال.. . بدأ الخوف يتسرب لأوصالى وكانت كل دقيقة تمر عبارة عن يوم كامل. تأخر ياسين وازداد قلقى أكثر واكثر ماذا لو قام ياسين بتسليمى للسلطات السودانية؟
بعد قليل خرج شخصان من مكتب الامن أحدهم يلبس جلابية والآخر فنيلة تي شيرت بيضاء وبنطلون عسكري إتجها نحو أحد البيوت من الجانب الآخر من الشارع ودخلا فيه. لم أرتاح للوقوف والانتظار امام السيارة.. سالت حامد: خرمان لكباية شاي.. اجابنى حامد: أرح نشرب شاي!
توقفنا بعد عشرات الخطوات فى شارع جانبي تجلس فى بدايته ست شاي يفصلها صريف من القش لمطعم بلدي يفتح على الشارع الرئيسي. جلسنا وكنت أتمنى حضور ياسين فى اي وقت وترك الشاي لمواصلة السفر فلم ارتاح أبدا فى هذه الحفيرة. شربنا الشاي فى صمت. فى هذا الصمت كان هناك صوت شخصان فى المطعم البلدي لم يفطِنا لوجُودِنا مع ست الشاي احدهما: الزوول اللابس الجلابية ده منو؟ الثانى: ده جا حسع مع ياسين من كسلا.. الأول : ياخى والله ياسين ده يوم بجيب ليكم مصيبة.. كتمت أنفاسي ونظرت لحامد والذي أوما إلىّ بالمغادرة أخرجت مبلغا من الفلوس مرتبكا ولم أستطيع أن أفرِّز بين الجنيه والخمسة جنيه. لاحظ حامد إرتباكى فخطف الفلوس من يدي ودفع مبلغ لست الشاي تم أسرعنا للاندروفر من خلف المطعم حتى لا نقع فى بصر من كان يتحدث عنى..
كان ياسين فى انتظارنا..
قلت له: ياسين أنا لن أقعد فى هذه الحفيرة ولا دقيقة واحدة مهمتك إنتهت هنا ودي قروشك لكن أنت زول ود ناس، طلّعنى من الحِتة دي لأقرب مدينة وبديك الأنت عاوزو!
ياسين: اركب بوصلك ود الحليو..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
ود الحليو خرجنا من الحفيرة بعد أذان العصر ضحك ياسين وهو خلف المقعد يصارع الدقداق فى الشارع الزراعى والتفت الى قائلا : ما قلت ليك كان الصدق ما نجاك الكضب ما بنجيك. ما قلت ليك ما بسالوك انا: والله يا ياسين انا ما داير مشاكل لأنو ما معاي لا بطاقة لا جواز لكن انت ختيتنى امام الأمر الواقع وانا سلمت امري لله، كتر خيرك كتير
ياسين: الشارع هنا كويس وإنشاء الله قبل المغرب نكون جوه ود الحليو انا: انشاء الله بس خلى بالك وسوق على مهلك!!
لم يكن هناك صوت يعلو على صوت المحرك واهتزاز السيارة بسبب الدقداق . كان الغبار يملأ الكابينة كلما أبطأ ياسين فى احد الملفات او الحفر التى تكونت بسبب وحل السيارات فى الخريف.....
كان الطريق خاليا من اية سيارات اخري سوي بعد المركبات العسكرية فى طريقها للحفيرة توقنا للصلاة المغرب فى احدي حواشات الذرة بعدها واصلنا الرحلة... عند السابعة مساء كنا فى سوق ود الحليو ....
احتلفنا بوجبة عشاء دسمة يتوسطها صحن فول بزيت سمسم.....
دفعت مبلغ ثلاثمائة دولار اخري لياسين وشكرته على كل ما قام به..... اتفقت معه ان نتقابل فى نفس المكان يوم 22 ديسمبر 1995 يوم جمعة لرحلة العودة الى قلوج
ساعدنى ياسين فى مواصلة الرحلة بتأجير سيارة الى قرية عبودة....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: Yousuf Taha)
|
Quote: السلام عليكم الاخ سيف سرد ممتع أرجو المواصلة أظن ان العملة الارترية في فترة 1995 كانت (البر) الاثيوبي ولم تغير بعد الى (نقفة) الا في العام 1997 وبعدها مباشرة اندلعت الحرب بين البلدين والله اعلم تحياتي يوسف طه |
وعليكم السلام الاخ يوسف طه
شكرا جزيلا ونوعدك باذن الله بالمواصلة..
كلام صحيح حول مسالة التغير العملة من البر للنقفة
معلومة إضافية وهى ان الجيش الإثيوبي قصف بعض المناطق الحدودية السودانية فى ليلة الكريسماس فى 1995 . الوقت داك انا كنت طالع كداري وسامع صوت القذائف ..
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
الشوك - القضارف - ودمدنى
كانت قرية عبودة غارقة فى ظلام دامس فى هذا الوقت من الليل على الرغم من ان الزمن لم يتجاوز العاشرة مساء. لم اجد صعوبة فى الوصول الى منزل الحاج محمد نور عليه رحمة الله. فقد دلنى عليه مجموعة من الشباب كانوا يتسامرون امام احد دكاكين الحلة على ضوء خافت ينبعث من فانوس فى وسط الدكان. الحاج محمد نور، كما حدثني عنه ابنته وأقاربه ، يعمل ممرضا ان لم يكن طبيبا للقرية رحب بي الرجل أيما ترحيب وجوابته على كل تساؤلاته على هذه الزيارة المفاجئة والغريبة. لم يتركنى للنوم الا بعد وجبة عشاء خفيفة رغم الحلفية باننى قد تعشيت فى ود الحليو. اتفقنا على الصحيان فجرا وعبور نهر سيتيت الى مدينة الشوك ومنها الى القضارف. نمت انا وابنيه وهو فى قطية ونامت زوجته وابنته، عليهما رحمة الله، فى القطية الثانية
أشرقت شمس ذلك اليوم وانا فى السودان بعد غياب دام اربعة سنوات. صحوت مبكرا استعداد لمواصلة الرحلة شربنا شاي الصباح وخرجت معه وابنيه الى الشارع. . استودع ابنيه وهما فى طريقهما للمدرسة ووقفنا فى انتظار بص ياتى من قرية ام على مرورا بعبودة لينهى رحلته عند مشرع نهر سيتيت. لم يكن البص سوي برينسة مزدحمة بالركاب والبضائع . وجدت مكانا أضع فيها قدما واحدة بينما تبرع احد الشباب بمكانه للحاج محمد نور داخل البرينسة. تفحصت فى وجوه الركاب ووجدت نفسي لا اختلف عنهم فى شئ . سقط عنى كل أشكال الخوف وحواجز الهوية الورقية. من الان قررت الاستمتاع بهذه الرحلة بطريقة لم أعهدها من قبل ، فقد إضافة سنوات الغربة بعدا جديدا وطعما اخر للأشياء فى السودان
عبرنا نهر سيتيت فى قارب مليء بالركاب. كان النهر فى قمة انخفاضه الى ان حجم مجري النهر بارتفاع ضفافه يطرح سؤالا لم اجد له إجابة عند الحاج محمد نور؛ وهو كيف يكون الحال عند ارتفاع منسوب النهر فى زمن الخريف؟ هز الحاج محمد نور راسه وأجاب : خليها ساي يا ولدي والله حالة صعبة تب
ما احسسته تجاه مدينة الشوك لم يكن أكثر من عملية تهريب اليهود الفلاشا فى بداية الثمانيات والمطاعم البلدية على شارع الأسفلت الذي يربط كسلا بالقضارف. شعرت باننى أعيش فى الواقع عملية التهريب هذه كما حدثت قبل عشرة سنوات . نعم هكذا تم تهريب الفلاشا من اثيوبيا عبر الشوك الى مطار الخرطوم وهانذا أسير فى نفس الطريق دون مساءلة من السلطات الأمنية .
كان البص عبارة عن دفار كبير ازرق اللون له ثلاث مقاعد طويلة، واحد على اليمين والثانى فى الوسط والثالث على الشمال. كان فارغا وفى انتظار الركاب. تمشينا فى السوق لتكسير الوقت. اشتريت مركوبا جديدا وعمة بسيطة. رجعنا واتخذنا لنا مكانا فى البص والذي امتلأ بالركاب والبضائع .
وصلنا السوق الشعبى لمدينة القضارف بعد عدة ساعات . كانت جميع البصات السياحية قد غادرت الى الخرطوم ودمدنى. كان الدور على احد بصات النسيان المعروفة. ضحكت فى قرارة نفسي أولم يتم تهريب الفلاشا ببصات نيسان. قطعت تذكرة للتحرك عند الحادية عشر قبل الظهر. فطرت مع الحاج محمد نور ثم اشتريت جميع ما وقع فى بصري من صحف. استودعت الحاج محمد نور واتفقت معه على رحلة الرجوع يوم 21 ديسمبر 1995 تحرك البص ووقف امام مكتب الامن. صعد احد رجال الامن وبدا يتفحص وجوه الركاب واحدا واحدا. كان يسال بعضا من الركاب عن بطاقاتهم وهويتهم. أمر بعض الركاب بالنزول من البص وهو يتمتم بكلمة يا حبشي انت ماشي وين. تجنبت النظر في عينيه وركزت على قراءة الجريدة دون ان أخفي وجهي بين صفحتى الجريدة. كنت الوحيد فى البص الذي اشتري هذه الصحف. عندما جاء دوري سلم على فرفعت نظري ورديت عليه بالسلام ونظرة تجنبني سؤال البطاقة والهوية . لم يسألني ولكنه سال من سال، وانزل من انزل وتحرك البص فى طريقه الى ودمدنى. بعد نصف ساعة تفرقت جميع الجرائد بين الركاب
توقف البص لصلاة الظهر فى الخياري. وكان من الصدف الغريبة انه توقف فى احد المطاعم بجوار بنشر لتصليح الإطارات وأضاف قليل من الهواء لاحد الإطارات الأمامية . الغريب اننا كننا فى قافلة طلابية فى يونيو 1987 وتوقفنا فى نفس المطعم بعد رحلة عودة من بورسودان . واضفنا هواء لاحد إطارات البص الأمامية من نفس البنشر . انتهت تلك الرحلة بانفجار الإطار وانقلاب البص دون إصابات خطيرة وسط الطلاب. وقع ذلك الحادث بعد الخياري بحوالى عشرة كيلومترات.لكن وبحمد الله واصل البص رحلته بدون انفجار للإطار
عندما تجاوز البص مصنع الملكية للغزل والنسيج والذي يقع خارج مدينة ودمدنى وبمحاذات قرية التكيلات طلبت من البص التوقف. نزلت واتجهت صوب البحر وقرية التكيلات فقد كانت الساعة حوالى الثانية بعد الظهر ومثلما عبر الفلاشا كبري حنتوب فى جنح الليل لإنجاح عملية التهريب فيجب انتظار الليل.كنت بالطبع أريد تقليل احتمال مقابلة احد المعارف او الجيران إذا واصلت الرحلة فى وضح النهار . اشتريت صابونة غسيل وحمام وواصلت طريقى للبحر. جلست فى طرف القيف وعن يمينى ويساري بعض كمائن الطوب. خلعت الجلابية والعمة والمركوب واستحميت من كل ###### السفر والتراب منذ ان تركت تسنى. غسلت الجلابية وتركتها تجف فى شمس الشتاء بينما جلست نصف عاري على قيفة البحر فى انتظار مغيب الشمس
عند الخامسة مساء توجهت لموقف مواصلات التكيلات وركبت احدي الحافلات الى مدينة ودمنى. طلبت من السائق التوقف قبل وصول تفتيش كبري حنتوب. قررت عبور الكبري مشيا على الأقدام . غابت الشمس وانا فى وسط الكبري على يمينى تلمع أضواء جامعة الجزيرة فى مجمع النشيشيبة وعلى يساري سينما رودي وحي الدباغة وفندق إمبريال. طافت بذاكرتى ايام الدراسة فى شريط سريع وعلاقة بكل ما وقع عليه بصري فى المسافة بين الكبري وموقف مواصلات الدباغة، اخر محطة
ركبت فى واحد من التاكسي وطلبته منه توصيلى لحى مايو أربعين جوار مسجد ابوسنون ومدرسة السلمابى. شعرت بغصة فى حلقى وانا أتابع الشوارع والبيوت وحركة الناس والتاكسي يسير فى شارع الدباغة ومدنى حى القبة، شارع النيل وشارع دردق. طلبت منه الانعطاف يسارا ليمر امام نادي النهضة و اجز خانة دردق. ثم انعطف يمينا فى محطة 18 ليقف امام مسجد ابوسنون
نزلت وأعطيته ما طلبه من أجرة
كانت الساعة حوالى السابعة والنصف مساء عندما فتحت باب منزلنا ووقفت فى وسط الحوش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
Quote: اللجوء والمنفى لا يقتل معنى الإحساس بالوطن السودان على الرغم من حواجز الحدود الجغرافية وأزمة الأوراق الثبوتية. لم أقابل فى مسيرة حياتى سودانياً لا يحلم بالرجوع لبلده ولأهله فى السودان. وفى كثير من الأحيان يعيش معظم السودانيين فى الغربة وكأنهم سوف يعودون للسودان غداً . وتزداد الآلام الغربة والمنفى بصعوبة التواصل مع الاهل والأصدقاء فى السودان. |
الاخ سيف اليزل متابعين ومستمتعين بالسرد الجميل ,, تسلم ... الرجاء المواصلة بدون انقطاع لو سمحت ظروفك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: Nagat Sid Ahmed Elshiekh)
|
Quote: الرجاء المواصلة بدون انقطاع لو سمحت ظروفك |
تشكري يا نجاة سيداحمد
والله أسف جدا لعدم الانتظام فى البوست بسبب المشغوليات والالتزامات التانية.
البوست ده شكله زي الزول الببني فى بيت وما عندو قروش . كلما ما يلقى ليهو شويت قروش يخت فى البيت حاجة ،
زي ما شايفة البوست مفتوح من الربع الفات. وكل ما ألقى مساحة من الزمن بكتب صفحة او جزء من الرحلة.
على العموم قسمنا النص وباقى النص التانى.. وانا على وعدي بالمواصلة...
حاجة أخيرة ،،أسف جدا لبعض الأخطاء الإملائية هناك وهناك. وهو ضعف ناتج من سلبيات الهجرة فى بلدان لا تتحدث اللغة العربية..الرأس بقي تقيل بسبب لخبتت اللغات فى الغربة
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
فى بيتنا فى ودمدنى
صَرختْ شقِيقتِى الكُبري بدهشةٍ كبيرة عندما رأتنى واقفاً فى وسطِ الحُوش: سييييف!!!!؟؟؟؟؟ إحتضنتها واحتضنتى وهى تبكى بصورةٍ هيستيرية : أخووووووي...
وضعتَ يدي فى فمِها حتى لا يسمعُنا الجيران لان بكاءَها كان كافياً لإخراج بقية شقِيقاتى وأطفالِهِنّ وشقيقى الأصغر ووالدتى. كان بُكاؤُهم جميعا مخلوطاً بالدهشة والتساؤل... دخلنا إحدي الغُرف وتفحّصُتُ فى وجُوهم واحداً واحداً، كانوا فرِحِين بعودتى إلا أن دهشتهم بعودتى بهذه الطريقة كانت مفاجأة وكانت واضحة فى عيونهم جميعا سألتنى والدتى: جِيت كيف؟؟ والجابكْ شِنو؟!!! أنا: جِيت أشوفكم، وإنتى كيف صحتك يُمة؟؟ أجابتْ: أنا كويسة يا ولدي والحمد لله وأخوانك كلهم كويسين بس فاقدِنك وفاقدِين شُوفتكْ ..!! أنا: وين أبوي ؟؟ أجابت : أبوك فى مأمورية فى الرهد، بكرة أخوك يمشى يرسل ليهو برقية عشان يجئ يشوفك ....
تواصل حديثُنا حتى الساعاتِ الأولى من فجر ذلك اليوم. حَدَثُونى عن أوضاعِهِمْ وأحوالِهم وحدثُتهم عن اللجوء والغُربة وعن رحلتِى لدِخول السودان. حدثتني شقيقتى عن إحالتها للصالح العام وعن كِفاحها لرعاية إبنيها وبقية الأسرة. خيّمت حالة من الحزن فى الغرفة قبل ان ننام جميعا. عند الصباح سألنى شقيقى: هسع حتطلع كيف من الحفرة دي؟؟ البلد دي بقت حفرة كبيرة... أنا: ما تقلق! !!! زي ما جيت ودخلت الحفرة دي بتطلع منها، أمشِ رسِّل برقية لأبوي خليهو إجى بسرعة. ما تُقول ليهو أنا جيت، قول ليهو بس حضورك ضروري جدً وعاجلاً من غير ما يقلق لم أخرج من الغرفة خوفاً من أن يعلمَ بوجُودي الجيران . كنت أضع بشكِيراً على رأسي عند الذهاب للحمام حتي لا يرانى أحداً من الجيران من فوق الحائط ...
حضر والدي من الرهد أبدكنة فى اليوم التالى فقد كان يعمل فى صيانة حفير الرهد هناك. تفاجأ أيضاً بزيارتى إلا أنه إقترح على المغادرة الى مكان آمن خوفا من الوقوع فى يد الأمن. إتفقنا على السفر الى شرق السودان والى قرية عبُودة حيث لن يتعرف علىّ أحدا هناك ... عند فجر اليوم التالى وعقب صلاة الصبح مباشرة توجّهتُ مع والدي ووالدتى وشقيقى الأصغر الى السوق الشعبي ومنه الى مدينة القضارف. عبرنا نهر سيتيت وبعد رحلة بسيطة بالبرينسة وصلنا قرية عبُودة. أنا واسرتى فى قُطِّية، والحاج محمد نور ، عليه رحمة الله، وأسرته فى قُطِّية... قضيت حوالي أسبوع مع أسرتى فى قرية عبُودة حتى يوم السفر الموعود بالاندروفر بتاع ياسين ..
يوم 22 ديسمبر 1995 كُنت فى انتظار ياسين فى مدينة ود الحليو ... إنتظرتُه منذ الصباح وحتى مغيب الشمس .. لم يحضر ياسين كما اتفقنا بدأ القلق يساور شقيقى الأصغر : انا ما قلت ليك السودان ده حفرة. حسع حتطلع كيف؟؟ ذهبت لليوم الثانى ولم يحضر ياسين ايضا وبدا شقيقى يقلق أكثر واكثر ... طلبت من شقيقى الرجوع لود مدنى مع والدتى فقد أعياها المرض وشعرت بالاسي والألم لما سببته لها من تعب وخوف وألم . رفض الوالد الرجوع وفضل البقاء معى حتى أجد طريقة للسفر الى اريتريا فشلنا فى الحصول على سيارة لعبور الحدود الى قلّوُج وحسيت بالفعل بوجودي داخل حفرة..
إتفق الحاج محمد نور، عليه رحمة الله، مع أحد جيرانه يملك لوري بدفورد سفنجة على توصلينا الى الحفيرة أما مِنْ الحفِيرة فلم يكن هناك خيارٌ امامى سوف الخروج من السودان كداري.... وصلنا الحفِيرة عند المغرب...
قضينا ليلتنا فى أحد المنازل بمعرفة الحاج محمد نور والذي كان فى صحبتنا خرج الحاج محمد نور ورجع ومعه رجل بسيط فى كلامه وملبسه: الراجل ده اسمه جبريل وأنا بعرفو حيكون دليلك يوصلك قلّوُج ويرجع. أنا وأبوك حنكون فى انتظارو لما يرجع ويطمِنّا عليك. بُكره الصباح فجُرْ تتحركوا ولو سألوكم قُولو عندكم بهائم رايحة بتفتشوا عليها..
نام جبريل معنا فى نفس البيت...
عند شروق الشمسِ كنت أنا وجبريل نتأهبُ لعبورِ الحدود من الحفِيرة..,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
الاخ سيف اليزل .... متعك الله بالصحه والعافيه ..
الحقيقه سرد جميل .. وممتع وما شاء الله ذاكرتك على احسن حال وبعد مضي كل هذه السنين الطويله ... تسرد ادق التفاصيل في رحلتك المشوقه...
Quote: سألتنى والدتى: جِيت كيف؟؟ والجابكْ شِنو؟!!! أنا: جِيت أشوفكم، وإنتى كيف صحتك يُمة؟؟ |
العبره مسكتني .. لما قريت الفقره دي لاني لم اتمكن من رؤية والدتي عند مرضها وموتها بسبب الغربه اللعينه ...
واصل .. يا زوول .. يا مدهش ... واول مره اقراء لي بوست طويل كدا .. بدون ملل ..
تحياتي ,,,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: محمد مجيدو)
|
Quote: بجانب القصه المشوقه هناك سرد جميل يشدك اكثر، متابعك من السويد لحدي مدني. اذا ح ترجعنا بنفس الكوته تكون بالغت معانا. ادينا تلفون ياسين نواصل معاه القصه مع التحايا العطره |
ههههههههههههههه والله الفكرة دي حلوة جداً وأنا أثنيها ألحقنا بي تلفون ياسين ياخ
نتابعك بصمت وإعجاب، لكن مرمطنا ياخ .. أسلوبك جميل وسواقتك للقصة باردة
تحياتي مثنى وثلاث ورباع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
استجواب قرماي - تتكلم ولا نكتلك برساسة؟ انتا تريد تتكلم ولا ندربك حتى تتكلم؟ انتا جاسوس بتاع عمر الباشير. انتا قائل انا ما نارف ولا شنو؟؟؟ خرج صوتى مخلوطا بالبكاء والصريخ والوجع: أتكلم أقول شنو؟؟ انا ما جاسوس وما عندي علاقة مع نظام البشير قرماي: داير تا كدب ولا شنو؟ تتكلم ولا نكتلك انا : قلت ليك انا ما جاسوس قرماي: تا مل شنو فى قلوج؟ انا: دخلت السودان ومرقتا من قلوج وجوازي مع ابراهيم حسيت بحركة واحد من الشخصان تقترب وتجذب قرماي. تركنى قرماي للحظات وهو يوسوس مع احد الأشخاص دون ان اسمع ما يقولون رجع قرماي وانهال ضربا على وانا فى الارض. تلقى جسمي ركلاته وشلاليته دون حماية. حاولت حماية وجهى وصدري وبطنى بدفن راسي بين فخذي بقدر المستطاع . الا انه لم يسلم وجهى من ركلة او ركلتين كانت كافية لنزيف الدم من انفي وفمى. واصل قرماي فى ركلاته حتى اعياه التعب وبدأت أنفاسه تعلو وتهبط وهو يتمتم ويسب ويلعن بلغته التجرينجية قرماي - بتعرف عود سالح ( كان يقصد عوض صالح انا: انا ما بعرف زول هنا غير ابراهيم قرماي: القروش دي حقت منو؟ انا: دي قروشي حقتي قرماي: جبتها من وين؟ انا: جيت بيها من السويد
أشار له واحدا من الشخصان بالتوقف وهو ينادي عليه باسمه
تركنى قرماي بعد ركلة قوية على خدي الأيمن وأخري فى وجهى
لا ادري كيف قضيت ليلتى تلك. كل ما اذكره اننى لم أتحرك ابدا حتى لا اشعر بالألم ، لم اشعر حتى ببرد تلك الليلة على سفح ذلك الجبل تحت شجرة سنط
أتى جنديان عند الصباح أحدهم يحمل كالاشنيكوف . انحني أحدهم وارخى الحبل من يدي قليلا. شعرت بالدم يناسب بسرعة رهيبة تجاه يدي واصابعى. بعد قليل حضر جندي اخر يحمل صحن ووضعه امامى أحدهم: بلع (اكل بلغة التجرينجية لم استطع ان أمد يد للصحن. طلبت منه ان يرخى الحبل أكثر ففعل كان الأكل عبارة عن عدس وانجيرا جافة أكلت وقيدونى كما كنت عند المغرب تم تحويلى الى الجهة الشمالية من المعسكر بالمشي حافيا فوق الحشائش واشواك الضريسة. تم تقيدي من ارجلي وربطى الى وتد من جزوع احد الأشجار. فى ذات الوقت كنت مقيدا من عضلي وهو ما كان يؤلمني أكثر بسبب شدة الربطة وانغراس الحبل فى اللحم. كانت قلوج ترقد تحت الجبل على يساري وعلى خط الأفق حدود السودان حتما التاريخ 31 ديسمبر 1995 ورأس سنة لن أنساه ابدا ابدا
عند المساء بدا الجنود فى الاستعداد لدورية ليلية. خرجوا من الرواكيب وبيوت القش يحملون اسلحة مختلفة. كان نصفهم من النساء. وقفوا فى طابور عسكري وتليت عليهم الأوامر ثم اختفوا فى مجموعات وسط الظلام بينما وقف اثنان من خلفى....
لعله أجمل مافى هذا الاعتقال انه كان بدون حائط للسجن فقد كان في الطبيعة والهواء الطلق. عند الصباح تم تحويلى الى مكان اخر بالقرب من شجيرة سنمكة كانت على وشك الموت بسبب العطش وحشرات النمل لم اكن لوحدي فقد كان هناك معتقل اخر يرتدي جلابية وله ملامح سودانية، رانى ورايته.... كانت المسافة بينا لا تبعد أكثر من ستة أمتار تقريبا.... ألقيت عليه التحية ولكن قبل ان أكملها نهرنى الجندي مهددا بعصاة فى يده مرت ايام بهذه الوتيرة ومعها التهبت جروحى فى العضل والساقين بسبب رباط الحبل. صارت مؤلمة أكثر واكثر... ما استطعت معرفته من رفيق المعتقل انه سودانى يعمل كمساري فى احد باصات الحفيرة اسمه على. قبضت عليه الاستخبارات العسكرية الاريترية بتهمة التجسس فى اليوم الرابع حضر احد الجنود ووضع قطعة من القماش عصب بها عينى على. بعدها فعل معى مثلما فعلا مع على وأمرنا بالسير أمامه بعد ان أرخى الحبل من أرجلنا
تراوحت مسيرتنا بين سبعة لعشر دقائق توفنا بعدها فى احدي الخيران حسب ما حسيت به من رمال وحصي تحت اقدامى وضفة الخور التى كانت خلف ظهري. كانت الأصوات تدل على ان على لم يكن يبعد عنى سوي خطوات. طلب منا الوقوف دون تحرك. بعد حوالى دقيقة صنت أذني من صوت طلقتين سرعتين. . طار قلبي من بين ضلوعى وكنت فى انتظار طلقة اخري ولكن لم اسمع سوي خطوات تتقدم نحوي. أزال احد الجنود المنديل عن عيونى. اول ما وقع عليه بصري كان على مضرجا بالدماء، نصفه على الارض وظهره على ضفة الخور ......
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
فى يدِ الإستخبارات العسكرية الإريترية
كنت أتمنى حضور إبراهيم لإستلام جوازي والكاميرا ومغادرة قلوج فى نفس اليوم...إلا إنه لم يحضر رغم الكم الهائل من المواطنين الذين كانوا فى إنتظاره..فقدت الأمل فى حضوره بعد أن تجاوز الزمن منتصف النهار... لم يكن هناك ما أفعله سوي الإنتظار. إنقضى ذلك اليوم بدون جديد..وأتى اليوم التالى وأيضاً بدون جديد..شعرتُ بالملل والقلق فلم يكن هناك سوي الإنتظار فى راكوبة القهوة..
كانت راكوبة القهوة تديرها فتاة إريترية من بنات المرتفعات غاية فى الجمال وبساطة الفقر..يتحلق حولها الرجال من المسافرين ومن سكان قلوج..كانوا يتغزلون فيها ويداعبونها بمزاح إريتري يترواح بين الهمز والغمز والضحكات. كانت الراكوبة وصاحبت الراكوبة برنامجاً يكسِرُ الملَل منه تعرفت على شخصيات ميدان قلوج من الكمساري للعسكري. قِرماي ، وهذا إسمُهُ، كان واحداً من هذه الشخصيات. كان شابا ممتلئ الجسم، يتحدث التغرينية ويجلس فى الميدان والراكوبة بالساعات الطِوال. كان يحترمه الجميع ويعملون له ألف حِساب.
إشتريت دفتراً مدرسيا للكتابة وقلم بيك من أحد الدكاكين وجلست الساعات الطوال أدون ما يخطر ببالى من رحلتى للسودان والحياة فى سوق قلوج. كلما مرت الساعات أطبُق الدفتر وأذهب لمكتب إبراهيم ممنياً نفسي بملاقاته لإستلام جواز السفر. مرت فى خاطري ملامة لنفسي: لماذا لم أخفِى الجواز فى أحدِ الرواكيب أو دفنته فى زاوية من زوايا المسجد؟؟ جاءت الإجابة سريعة: دي كانت مخاطرة كبيرة وبعدين إبراهيم شخصية معروفة ومضمونة بالنسبة لى.. سيئمت الكتابة وشراب القهوة والإنتظار فى قلوج بعد مرور أربعة أيام من دون حضور إبراهيم... كانت مواعيد إقلاع الطائرة صباح الخامس من يناير وبدأ القلق يعشعش فى رأسي...موضوع حفل رأس السنة فى أسمرا بِقى فى خبر كان...الله يجيبك يا إبراهيم....
طلبت فنجان قهوة فى الراكوبة وإنا جالس لوحدي عند مدخل الراكوبة. وقع بصري على قٍرماي وهو قادم تجاه الراكوبة من أحد زوايا حرم المسجد. وقف إمامى دون أن يسلّم وطلب مني الذهاب معه بلهجة عربية-إريترية. سألته: فى شنو؟ داير شنو؟ أجابني: أبراهيم وسل قال داير يشوفك... شعرت بفرحة وإرتياح وذهبت معه.. بدلاً من الذهاب مباشرة لمكتب إبراهيم أصر قِرماي على دفعى لشارع جانبي كانت تقف فيها شاحنة عسكرية ضخمة نوع "المجروس". أمرنى بالركوب فى الكابينة الأمامية وغلبتنى الدهشة السؤال عن وجهتنا. ركب قرماي بجانبي وأغلف الباب بينما كان هناك جنديان فى الخلف كل منهم يحملُ كلاشنيكوف: سألته: وين إبراهيم؟ وأنحنا ماشين وين.؟. وضع سبابته فوق شفتيه وطلب منى السكوت.. تمسكت بالهدوء وأنا أتابع شارع المجروس..خرجنا من الحلة وسارت الشاحنة صوب الجبل فى إرتفاع تدريجي، وقفت بعد مسيرة ثلث الساعة أمام مدخل لقاعدة عسكرية. أمرنى قرماي بالنزول وتحركت الشاحنة لداخل القاعدة. قِرماي: طلع السفنجة!......خلعت سفنتى بخطوة واحدة للوراء... أدخل قِرماي يده فى جيب الجلابية وأخرج جزلانى. عبثت أصابعه فى الجولان وأخرج منه مائتي دولار وبعض من أوراق العٌملة الإريترية.. سألنى: دا كل القروش معاك؟؟ فكرت للحظة وأجبته: لا فى قروش تانيه.. عبثت أصابعه مرة ثانية ولم يجِدها: وين؟ ما لقيت!! أخذت منه الجزلان وأخرجت منه مائتي دولار أخري كنت قد خبأتها بين جدران الجزلان... قام بتفتيشي من رقبتى حتى قدماي وأمرنى بالجلوس على الأرض.. حضر أحد الجنود ومعه حبل تيل ربطه فى عضل يدي الأيمن بشدة حتي شعرت بإنسلاخ أدمة جلدي ثم ربط العضل الأيسر ووضع قدمه على ظهري وهو يجذب الحبل تجاهه بشدة....شعرتُ وكأن ساعديَّ يخرجان من كتِفىٌّ من شِدةِ الألم الذي ألجَمنٍى الصمتْ سِوي الأنِينَ وإرتفاع خفقاتِ القلبَ وزفرات التنفُسْ...
أمرنى قِرماي بأن أتبعه بينما الجندي خلفى مُمسكاً بِطرفِ الحبل وكأنه يسوق خروفاً للضبِيحة...... توقفنا بعد مسيرة دقائق كانت كافية لإنغراس أشواك الضريسة فى راحة قدماي...توقفنا تحت شجرة سُنط.. أمرنى بالجلوس على الأرض..ربط الجندي ساقاي بما تبقى من الحبل.. تركانى مقيد وذهبا...
صرخت بأعلى صوتى من الألم والخوف..لم يسمعنى أحد.. أغمى علىّ من الألم.....
عند المساء شعرت بأقدامٍ تقترب..رفعت رأسي فى محاولة للتعرف على أصحاب الأقدام...كان ضوء القمر يتخلل أغصان شجرة السنط.. تبينتَ شبح قِرماي يقف فوق رأسي وشبح شخصان أخرآن وقفا بعيداً يراقِبان.
أخرج قِرماي مسدسه وضغط بحذائه على خدٍّي الأيمنَ على الأرض ثم إنحنى ليضغطَ فوهة المسدسِ على صِدغِى.. شَعرتُ وكأن عظام رأسي سوف تتشقق من ضغط فوهة المسدس... لم أدري هل سأموت بنزيف داخلى أم طلقةً من مسدسه...صرخت لالالاااااااااااا.....
قِرماي: جاسوس ك ل ب .....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
الاستخبارات العسكرية للحركة الشعبية لتحرير السودان
تم ارجاعي لشجيرة السنمكة كنت ارجف من الخوف والحمى نتيجة التهاب الجروح سالت نفسي لماذا تم اعتقالي وتعذيبي بهذه الطريقة؟ ماذا فعلت لأستحق كل ذلك ؟ لماذا اتهمتنى الاستخبارات العسكرية الاريترية بالتجسس ؟ لماذا تم اغتيال على بهذه الطريقة وماهو الذنب الذي ارتكبه حتى يعدم بكل برود؟ وكيف اتخارج من هذه الورطة وهذا المعتقل العسكري؟ أوليست وثائقي وجوازي لدي ابراهيم كافية لمخارجتى من هذا المكان؟ كيف عرف قرماي اننى كنت فى انتظار ابراهيم ؟ هل تم اعتقالي من اجل حفنة الدولارات التى أحملها؟
فجأة تذكرت الكاميرا والصور التى التقطها للدبابات فى بارنتو فى الطريق لمدينة تسنى. هل تم تحميض الفيلم واستخراج تلك الصور ومواجهتى بها كدليل للتجسس؟ لكن لصالح من؟ ولماذا لم أواجه بهذه المعلومة مباشرة؟
لم اجد إجابة واحدة على تساؤلاتى لكنني قررت الدفاع عن نفسي من واقع الأسباب التى أدت لخروجي من السودان فى عام 1991 ، دخولى وخروجي للسودان بهذه الطريقة والحقيقة الماثلة لنفسي اننى لست بجاسوسا للإنقاذ قضيت الساعات أتابع الشمس من شروقها لغروبها، تابعت سحب الشتاء وهى تتشكل وتصور أشكالا وهمية فى خيالى، عبثت بالرمل والحصي، وسهرت مع نجوم السماء
فى اليوم الخامس او السادس من يناير ، لا اذكر، حضر احد الجنود وعصب عينى بقطعة قماش. تملكنى اليقين فليس هناك ما افعله ولن يجدي الصراخ ولا المقاومة فقد كنت منهكا ومريضا ومقيدا. امرنى بالسير وهو يوجهننى بعصاة يمينا او يسارا. حمل الهواء رائحة دخان وحريق لاغصان وحشائش . كان صوت اللهب يعلو كلما اقتربنا حتى أحسست به يلفح وجهى. استوقفنى الجندي امام نار مشتعلة للحظات كنت أظنه سوف يدفعنى فيها بركلة من الخلف. لكنه لم يفعل وأمرنى بمواصلة السير. . ادخلنى فى راكوبة من القش وطلب من الجلوس على الارض وشعرت باقدامه تترك المكان..كانت ولازالت قطعة القماش تضغط وتعصب عينى بشدة. حسيت بان هناك شخص يراقبنى بصمت. ظللت فى حالة السكون والمراقبة هذه لمدة ليست بالقصيرة بعدها سمعت صوتا يسال : اسمك منو؟
قطع شك كانت لهجة سودانية بعربي جوبا
انا: سيف اليزل سعد الصوت: اتا مى وين؟ انا: من مدنى لكن مقيم فى السويد الصوت: جابك هنا سنو؟ انا: دخلت السودان ومرقتا منو من هنا من قلوج الصوت: ليه؟ انا: لأنو مطارد من الحكومة وما بقدر بدخل عن طريق المطار
أتى صوت شخص اخر لهجة سودانية عامة: وين أوراقك ؟ انا: اوراقى مع ابراهيم وهو مسؤول كبير فى قلوج الصوت: عندك اي اتجاه سياسي؟ انا: نعم الحركة المستقلة الصوت: عندك اي نشاط سياسي؟ انا: كنت رئيس لاتحاد طلاب جامعة الجزيرة عند انقلاب الانقاذ على السلطة المنتخبة
تململت قيلا بسبب القيود والجروح التى سببتها الصوت: مالك بتتململ؟ انا: الربطة قوية وشادة على لحمى.
خرج أحدهم وطلب من احد الجنود ان يحل الحبل نهائيا من يدي ففعل. شعرت بارتياح كبير رفعت كم الجلابية وتحسست جروحى . رفع أحدهم كم جلابية وبدا ينظر فى الجروح فى اليد اليمين واليسار
كانا يجلسان خلفى...
الصوت: حنشيل القطعة دي من عيونك بس توعدنا انك ما تعاين للوراء انا: اوعدكم طبعا..
أزاح أحدهم قطعة القماش وركزت نظري على قش الراكوبة امامى
سالانى عن رحلتي للسويد والسودان واجبتهما بالتفاصيل الدقيقة...
تركانى على ان يعودا مرة اخري غداً لمواصلة الاستجواب ...
تم تقيدي وارجاعى لشجيرة السنمكة ... حضرا فى اليوم التالي وبدون حواجز. الأول شاب طويل نحيف من ابناء جبال النوبة دعنا نسميه عبدالله ابوحجل والثانى شاب من ابناء الدينكا له قامة رياضية ودعنا نسميه شول أكول
الاثنين كانا من الاستخبارات العسكرية للحركة الشعبية لتحرير السودان ابوحجل: حتطلع معانا بس نحن فى انتظار احد الضباط للموافقة النهائية على أمر الإفراج ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
فى الطريق لرحلة مجهولة..
توقفت عربة لاندكروزر خلفى وانا مقيد امام شجيرة السنمكة. نزل منها قرماي وجلس على امشاطه امامى . تمعن فيى مليا وتحاشيت النظر اليه قرماي: تمشي معاي لإبراهيم تاخد جوازك والشنتة بتاعك، لكن اوعك توريهو الحسل ليك شنو!!! اوعا تقول ليهو قبدونى ودربونى. فاهم الكلام ده ولا ما فاهم؟ انا: حاضر. أمر قرماي احد الجنود بفك قيودي واعطانى محفظتى ودفتري والسفنجة. نزل ابوحجل من اللاندكروزر ووقف بجانب قرماي والذي ذكرنى مرة اخري بعدم التحدث امام ابراهيم بما حدث لى فى القاعدة العسكرية توجهنا نحو اللاندكروزر كان هناك ضابطا من الحركة الشعبية يجلس فى الكرسي الإمامى بجانب السائق الإريتري . سلم على باقتضاب وأمرنى بالركوب بجانب شول أكول . ركب ابوحجل بجانبي وأغلق الباب . توقفنا امام مدخل القاعدة ونزل ضابط الحركة الشعبية ودخل احدي المكاتب. بعد مدة قصيرة تحركنا خلف سيارة يقودها قرماي...
توقفت السياراتان امام مكتب ابراهيم فى وسط قلوج. امرنى قرماي بالنزول ووقفنا سويا امام ابراهيم. كانت حالتى تغني عن سؤال عن ما حدث لى لكن شيئا ما منع ابراهيم من السؤال لا ادري ماهو . كان لون الجلابية مثل تراب الارض وملطخة بالدماء هذا غير حالة الشحوب والمرض. ألقيت عليه التحية فرد رافعا راسه من الأوراق التى أمامه .
انا: شكرا جزيلا سافرت السودان ورجعت، ممكن تدينى الجواز والشنطة؟ فتح درج التربيزة، اخرج الجواز وسلمنى له انحنى قليلا تحت التربيزة وناولني الحقيبة أوما الي قرماي بالخروج وهو من خلفي بعد ان شكرت ابراهيم واستودعته أخذ ابوحجل حقيبتى ووضعها فى الخلف وتحرك اللاندكروزر فى اتجاه مدينة تسني عند خروجنا من قلوج مد الضابط يده دون ان ينظر الي وأمرنى بتسليمه الجواز أخرجت الجواز وسلمته له بدون كلمة واحدة قال لى: انت من الان تحت مسؤولية الحركة الشعبية لتحرير السودان ما خطر ببالي فى تلك اللحظة اننى خرجت من حفرة ووقعت فى حفرة تانية
توقف اللاندكروزر فى احدي اللاكوندات فى الجانب الجنوبي من مدينة تسني سالت الضابط ان يسمح لي بالاستحمام ففعل....
نزلت الأوساخ من جسمي كماء المطر عندما يختلط بالأرض وازدادت الجروح التهابا غيرت ملابسي ببنطلون جينز وقميص ومعطفا للبرد....
تحسست الكاميرا فوجدتها فى مكانها وجاتنى رغبة فى التخلص من الفيلم لكنى لم استطع..
تحركنا شرقا بعد العصر فى اتجاه مدينة كرن.
عندما وصلنا مدينه هيكوتة انحرفت السيارة يسارا واتجهت شمالا لمسافة عشرة كيلومترات تقريبا عند الغروب وصلنا لقاعدة عسكرية اخري.....
كانت القاعدة العسكرية هى معسكر الحركة الشعبية لتحرير السودان لواء السودان الجديد ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
فى مُعسكر لِواء السودان الجّديد..
توقفت السيارة بجانب قُطِية داخل المعسكر. إستقلبنى شابٌ من أبناء جنوب السودان من أبناء الدينكا دعنا نسميه اُوجستين ، قِمة فى الانضباط والأَدب . كان بجانبه شابٌ من أبناء الزاندي وشابان من ابناء شمال السودان. رحبوا بي جميعاً وحسيت بأنني بين أهلي وعشريتي. جلسنا حتى جزءً كبيراً من الليل نتحدث عن الأوضاع السياسية فى السودان وعن سياسة الحركة الشعبية لتحرير السودان وعن هدف وفكرة تأسيس لواء السودان الجديد. لم يسألوني عن ما حدث لى فى قُلُّوج ولم أهتم انا كذلك بِفتح هذا الموضوع فقد كان النقاش الدائر أكبرُ من موضوع وملابسات الاعتقال والتعذيب. أنهى اُوجستين ذلك النقاش بقرار عسكري بأن يَتْرُكُونى لأرتاح بعد رحلةٍ طويلةْ. كان اُوجستين يعني بالطبع بعد فترة إعتقال ليس بالقصيرة . وكان بالطبع أيضاً على إلمام كامل بكل ما حدث لى فى قُلُّوج فقد كان واحداً من الضباط المسؤولين عن الإستخبارات العسكرية فى لواء السودان الجديد...
دلّنِي اُوجستين على قُطِيةٍ تقع أمام محل سكنه مباشرة وهو يُضئ القُطِية بشُعاعٍ من بطارية يحملها فى يده. كانت القُطِية خالية من أي أثاث سوي عنقريب بسيط يتوسطها بدون لحاف. فتّحت الشنطة وأخرجت بطارية كنت أدخِرُها لهذه الظروف. خرجت لقضاء حاجتى فى "أدب خ انة" مزروبة بالقش والخيش لكنها كانت أفضلُ حالةٍ من معسكر الجيش الإريتري فقد كنت اقضي حاجتى فى العراء على بعد خطوات من شجيرة السنمّكة. نُمت بملابسي ومِعطَفِى فقد كان الليلُ بارداً ولم يكن هناك ما أتغطي به أو لِحافٍ أرقُد عليه ولكنه أيضاً كان افضل من إِلتِحافِ الارضْ...
صحوتُ على صِياح أحد الدُيُوك أتمعنُ فى الظلام فى إنتظار شُعاع شمسِ الصّباح. عَبَثتْ يدي فى الكاميرا وأخرجتُ الفيلم. عند أول شعاع للشمس كُنتُ أمسك الفيلمَ بين يديّ الإثنتين لتدمير مُحتواه. وضعتُ الفيلمَ راجعاً فى الحقيبة وشعرتُ بإرتياح كبير رغم أن موضوع الفيلم لم يشكل هاجسا كبيرا بالنسبة لى بعد الخروج من حُفرة الإِرِيتْرِيّين. فتحت محفظة نقودي لأكتشف أن قِرماي أخذ نصف الدولارات ليتبقآ لى مئتي دولار فقط. غمغمت فى نفسي: القروش ما مشكلة وزي ما قالوا أهلنا الجاتك فى مالك سامحتك. الحصل فى قلوج قرب يشيل روحك...
سمعت صوت أحد الأشخاص فى الخارج يستأذن فى الدخول فى هذا الصباح. عرّفنِى بنفسِه بأنه طبيب المعسكر وأنه يُريد معالجة وتطهير جُرُوحِى. ساعدَنِى فى تنظيف الجروح بقطعٍ من القُطن واليُّود ثم ضمّدَها بِالشّاش. أعطانى مضاداً حيوياً وبعض الحُبوب المُسكِّنة ووعدنى بالمُراجعة بعد يومين...
كان المعسكر عبارة عن مجموعة من القطاطِي والرواكِيب المُتفرقة. شربنا شاي الصباح فى قُطية اُوجستين. سألتُه عن المِساحة المسمُوحة لى بالتحرك داخل. أجابني بأننى لست مُعتقلا وأستطيع التحرك حيثما أشاء داخل المعسكر..
جلستُ تحت شجرة سُنط كبيرة أمام القُطية وأنا أراقب حركة الصباح فى المعسكر. مجموعة من الجنود تُطوف المُعسكر في رياضةٍ صباحية وهى تُردد مقاطع الحماسة الجندية الغنائية لرفع الروح المعنوية. بعض النساء يحّمِلنَّ صفائح من الماء على رؤوسِهنّ ، مجموعة من الأطفال يبحثون عن الدفء فى شمس الصباح وراعي خلف بعض الأغنام فى طريقة للغابة التى تَحِدُّ الجِهة الشمالية من المُعسكر. من الجهة الغربية بعض التلال الجبلية وكأنها تقف حاجزا واقياً من اي هجوم من ناحية السودان رغم بعد المسافة بمئات الكيلومترات...
تَجمعَ العديد من أبناء الوطن للترحيب بي وللتعرف على الضيف الجديد. كان من بينهم إبنُ العباسية - أم درمان، خريج كلية القانون، الاستاذ خالد جادين والذي اصبح لاحقا رئيسيا او عضو للجنة القانونية البرلمانية بعد اتفاقية السلام الشامل. تحدثنا عن القانون وعن الحقوق وعن الوجبات وعن احلام بناء سودان جديد تسود فيه العدالة والسلام. وكان الرجل يُطبّقُ ما يقول. فبعد مضي ثلاثة أيام تابعته وهو يرأس محكمة على بعد خطوط من شجرة السُنط. كان المتهمين فيها مجموعة من السودانيين من أبناء الشمال لا اعلم بملابسات إعتقالهم. لكن كان تعامُل الحركة معهم أفضلُ بِكثير من تعامل الجيشي الإريتري معى. كان سجن الحركة عبارة عن حفرة ضخمة مزوربة بأشواك السُنط ولم يكن السجناء مُقيدين او مُكبلين. رأيت فرحتهم بعد ان تم الإفراج عنهم وهم يغادروا المعسكر بعد المحكمة.
حدثونى عن بسالة أصدقاء الطفولة والدراسة والحى والذين إنضموا للحركة فى وقت مبكر وعن مقدراتِهم العسكرية فى أرض المعارك. أؤلئك كانوا العقيد الاخ الزميل ياسر جعفر وحافظ الشريف. قضيت الساعات الطوال مع الاخ عبد الباقى مُختار فى حوارات مطولة حول التغيير ووسائل التغيير فى السودان..
رحب بي القائد عبد العزيزآدم الحِلُو القائد العام للواء السودان الجديد ودارات بيننا حوارات وحوارات حول الثقافة والهوية السودانية. كان مشغولا بتسيير شؤون المعسكر وإدارة الصراع مع عصابة الانقاذ فى شرق السودان...
كانت حصيلة ذلك النقاش هى دعوةٌ لي للانضمام للحركة الشعبية.. وهو ما قاله لى القائد الثانى للواء السودان الجديد وهو رجل شِهد له الجميع بالكفاءة عندما كان ضابطاً فى صُفوف الجيش السودانى، للاسف لا اذكر اسمه الان. طلبت مِنه أن يَسمحَ لى بالمغادرة ولكنه ضِحك قائلا :
سيف إِتا بِقابل زوول كبير...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
تحياتي أخي سيف اليزل ..
والف حمدا لله على سلامتك في رحلتكـ العجيبة تلكـ ...
أستمتع بالحكي المرتب والإسلوب الشيق استمتاعاً كبيراً ...
عشت معكـ الرحلة خطوة خطوة .. وأطلق عنان خيالي لأتخيل شكل المدن والقرى
حتي يس وأبراهيم وغيرهم من الشخصيات أحاول أن لأتخيل ملامحهم ...
اللاندروفي والبرينسه وغيرها من التفاصيل الجميلة التي رويتها ...
وحقيقة هي من أجمل ما قرأت منذ زمن ...
لك كل إحترام والف شكر إشراكنا في تجربتكـ وإمتاعنا بإسلوبك المميز جدا في السرد
وعليكـ الله كمل ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: Dr. Ahmed Amin)
|
مرحب د. أحمد أمين
Quote: عشت معكـ الرحلة خطوة خطوة .. وأطلق عنان خيالي لأتخيل شكل المدن والقرى
حتي يس وأبراهيم وغيرهم من الشخصيات أحاول أن لأتخيل ملامحهم ...
اللاندروفي والبرينسه وغيرها من التفاصيل الجميلة التي رويتها ... |
السودان بلد رائع وجميل رغم كل ما يعيشه من عذابات ومرارات، بلد فيهو لوحات متعددة
تُشكر على هذه الكلمات
ولك كل الود والتحايا..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: احمد حمودى)
|
الأخوة د. أحمد أمين وأحمد حمودي شكراً جزيلاً على رفع البوست وباذن الله راجع ليكم
هذه صورة من معسكر لواء السودان الجديد فى هيكوتة وهى من إرشيف البطل هاشم بدرالدين والذي إنضم لاحقاً للواء
andlt;a href="http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=printandboard=154andmsg=1189198799andr=" target=_selfandgt;مرحبا بالكماندور هاشم بدرالدين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العذاب والموت: الخروج من السودان كداري عبر البوابة الشرقية (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
مُقابلة إبراهيم فى أسمرا...
وصلت أسمرا فى المساء. فى الصباح توجهت لمكتب الخطوط الألمانية .تم تَغيِّر الحجز على أول سفيرة بعد ثلاثة ايام. دفعت كلما أملُك وهى مائة دولار لرسوم تغيير الحجز.. إضطريت للسكن فى بيت المستشار الإريتري والذي استضافنى بكل رحب.. قابلت ياسر عرمان فى إحدي الفنادق وتحدثنا حول الأوضاع فى السودان وإريتريا وجهود جمع الصف المعارض.. حكيت للسيد المستشار الإريتري كل ما حدث لى فى القاعدة العسكرية بقلوج. كل ما حدث وبالتفاصيل المُملة. كان مستغرباً ومندهشاً جِداً مما حدث. قبل سفري بيوم أخبرنى بدعوة عشاء فى منزل أحد الرأسمالية الإريترية وهو السيد حسن كِيكِيّة والذي يقُبعُ الآن فى سجون النظام الإريتري رغم دعمُه غير المحدود لنظام إسياس أفورقى فى ذلك الوقت. أخبرنى السيد المستشار انه أعد لى مُفاجأة عقب دعوة العشاء هذه.
كانت وجبة عشاء فاخرة جدا فى منزل فاخر لعشرة أشخاص من كبار ساسة وتجار إريتريا.
إنتظرت فى صبر للمفاجأة التى وعدنى بها المستشار.والتى لم تكن المفاجأة فى بيت حسن كيكية. فقد استودعناه وشكرناه وخرجنا... سالت المستشار ماهى المفاجأة التى وعدتنى بها؟ أجابني أصبر!! أتى يوم السفر الى استوكهولم فقد كان عليى الحضور للمطار عند العاشرة مساء لمغادرة أسمرا عند الواحدة صباحا طلب المستشار منى الحضور لمكتبه بعد نهاية ساعات دوام العمل. قضيت الساعات المتبقية من الزمن بالتجول فى شوارع المدينة. التقينا بعد انتهاء ساعات الدوام وتوجهنا لاحد المقاهي. كانت المفاجأة وجود إبراهيم ومعه احد الأشخاص. طلب مني المستشار أن أحكي لإبراهيم ما حدث فى قلوج. حكيت لإبراهيم ما حدث وأطلعته على اثار الحبال والضرب فى جسدي. كان أيضا مستغرباً ومندهشاً وهو يضرب يد بيد ويسأل الحولَ والقُوة من اللهِ العلّى العظيم. - بالله قِرماي عمل فيك ده كله؟ ؟؟!!! أنا قِرماي وصيتو عليك وقلتا ليهو فى شاب سودانى حيجي من السودان أوراقو معاي، كيف يقبضك ويعمل فيك كده؟؟؟؟!!! - ده كل الحصل! - طيب ليه ما كلمتنى بالحصل لمن جيت تشيل جوازك وشنطتك؟؟؟!! - قرماي هددني وقال لي ما أكلمك بالحصل، بعدين زي ما كنت شايف هو كان واقف فوق راسي.. - أنا لما شفتك معاهو قلتْ أكيد تكونوا إتعارفتو على بعض، بعدين كنت مشغول لمن لقيت الورق والشغل مردوم لمن جيت من إجازتي من السودان..!!! - على العموم ده الحصل، بس عندي طلب واحد تنقله لقِرماي ده. قول ليهو فى كمية من الناس الهاربة من جحيم الانقاذ فى السودان وما كل الناس جواسيس. من الواضح كتل ناس كتار بدون ذنب زي ما هددني وقال لي "أنا ممكن اكتلك زي ما كتلنا ناس كُتار وأجدعك تحت الجبل ده تاكلكْ الحيوانات زوول يجيب خبرك مافي". أنا والحمد لله اتخارجتا بس خوفي على الناس الما قدرت تدافع عن نفسها.
شكرت إبراهيم والمستشار على كل ما قدموه مثلما شكرت شول أكول وعبدالله ابوحجل من الحركة الشعبية.
عند منتصف الليل كنت واقف امام موظف الجوازات فى مطار أسمرا.
وضعت قُصاصة الورقة التى كتبها الأمن الإريتري عند خروجى من هيكوتة فى منتصف الجواز ومددته للموظف. قراء ما مكتوب علي القُصاصة وتنقل ببصره بين الجواز، ونفسي والقُصاصة عدة مرات قبل ان يختم عليه بختم المغادرة.....
عندما وقع بصري علي مدرج الهبوط والإقلاع وأنا داخل طائرة الخطوط الألمانية وهي تستعد للإقلاع من مطار أسمرا تذكرت نعمة الله علي غمضت عيني وحاولت نسيان كل محدث..
كان ذلك كل ما حدث.....
(إنتهت –لكن توجد خاتمة قصيرة)
| |
|
|
|
|
|
|
|