|
تأمُلات الجديد في خطاب الرئيس كمال الهدي
|
[email protected] · أرجو ألا يخرج علينا بعض السياسيين والمنظرين والمخربين و(المساطيل) بالقول أن خطاب الرئيس لم يحمل المفاجأة التي انتظرها بعضنا بكل لهفة! · فقد حمل الخطاب الذي ألقاه المشير البشير بالأمس جديداً ومفاجأة ربما لم ينتبه لها البعض. · حيث تحول الفاعل في اللغة العربية في خطاب الرئيس بالأمس بقدرة قادر من حالة الرفع إلى حالة النصب. · فكان الرئيس يقرأ من خطابه المكتوب " يحتاج السودانيين" و" يتمنى السودانيين" ويُقبل السودانيين". · أليس هذا بجديد يا جماعة الخير؟! · فماذا تنتظرون أكثر من أن يصبح الفاعل منصوباً. · الفاعل الذي تعلمنا منذ صغرنا أن نرفعه صار منصوباً لدى من أعدوا خطاب الرئيس! · أليست هذه إضافة لمراجع اللغة العربية على الأقل! · حقيقة لم أنتظر الكثير من الخطاب المذكور. · وبطبعي لا أميل نحو وضع الآمال في مثل هذه الخطابات حتى وإن حملت شيئاً مختلفاً. · فالخطابات الرسمية لبعض الرؤساء لا تختلف عندي عن فترة تسجيلات لاعبي الكرة في بلدنا، تظل كلاماً لا ينفذ. · ففترة تسجيلات اللاعبين تشهد الكثير من الضجيج وتحظى باهتمام مبالغ فيه ونشاهد اللاعبين الجدد فوق أكتاف بعض الجماهير ونتابع صورهم بجوار رؤساء الأندية، لنكتشف في نهاية الأمر أن النادي شرب المقلب في أكثر من واحد منهم. · ليبدأ بعض ذلك الحديث عن ( ماسورة ) النادي الفلاني أو العلاني الجديدة. · فخطاب الأمس كان بالنسبة لي أكبر ماسورة تقع على رؤوس أفراد الشعب السوداني. · لكن ليس في الأمر عجب، فقد سقطت على رؤوسنا الكثير من المواسير سابقاً. · أكثر ما زعلت له أنني كنت أشعر بإجهاد وأعاني من نعاس شديد. · وقد بدأ الخطاب بمقدمة طويلة من ذلك النوع الذي يفقدك القدرة على المتابعة الجيدة. · حينها أدركت أننا لن نحظى بجديد في الخطاب وهو أمر توقعته قبل أن يحين الموعد المضروب بأيام. · ولما كنا نتابع الخطاب في منزل صديقنا ياسر عبد المنعم ونحتاج لحوالي ثلث الساعة حتى نصل إلى بيوتنا، طلبت من الأخ محمد أبو بكر أكثر من مرة أن نغادر. · لكن الأخ ياسر ظل يطلب منا في كل مرة الانتظار عسى ولعل أن نسمع ما يفرحنا وما ينتظره الكثير من أبناء الوطن. · لكن لم يأت الجديدة حتى اللحظات الأخيرة. · ربما أن الاختلاف الوحيد هذه المرة هو أن الخطاب تضمن الكثير من الأخطاء اللغوية. · ولأول مرة أرى الرئيس البشير غير قادر على القراء السليمة. · فقد عودنا أن ينطق الكلمات والجمل بشكل جيد. · لكن بالأمس لم يكن الوضع كذلك. · وقد رفع ذلك من سقف توقعات الأخوين ياسر ومحمد، ظناً منهما أن الرئيس يشعر بشيء من الارتباك لأن الخطاب ربما حمل أمراً كبيراً هذه المرة. · وجدت تفسيرهم منطقياً فغالبت نعاسي وانتظرت. · إلى أن كانت ( المفاجعة) بسماع العبارة الأخيرة " والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته" دون أن أجد ما بين التحية والوداع سوى تلك الأخطاء والقراءة المرتبكة التي أشرت لها. · وبما أن الإعلام يصنع من الفسيخ شربات فقد سمعت أثناء توجهي لمكان عملي صباح اليوم - سمعت مراسل إذاعة سلطنة عمان من الخرطوم الأخ محمد عبد الكريم يقول أن الخطاب حمل مبادرة هامة للإصلاح. · وأضاف المراسل أن الجلسة شهدت التئاماً لم يسبق له مثيل، مؤكداً أن الكثير من أحزاب المعارضة وجدت في الخطاب سانحة لجمع الصف وتوحيد الجهود لتحقيق (الوثبة) · الوثبة التي رددها الرئيس في خطابه مرات ومرات دون أن يعيينا وحزبه عملياً بما يدفعنا لتحقيقها. · وضمن سياق الإعلام ليس في الأمر جديد أيضاً فقد توقعنا بالأمس أثناء سماعنا للخطاب أن نسمع ونقرأ في وسائل إعلامنا صباح اليوم الكثير جداً عن قوة الخطاب ورصانته والموقف الشجاع للحزب الحاكم.. الخ الاكليشيهات المألوفة. · وما ذكره الأخ مراسل إذاعة سلطنة عمان لا شك أنه أكثر اعتدالاً مما سيقوله أبواق النظام في بقية هذا اليوم والأيام القادمة. · لكن الواقع يكذب أي حديث عن أن الخطاب كان جاداً في جمع الصف وتوحيد الجهود. · فالمتابع الجيد لابد أنه لاحظ منذ الوهلة الأولى أن مساعد الرئيس الدكتور غندور- الذي استبشر البعض بقدومه خيراً باعتباره أكثر اعتدلاً ولباقة من سلفه - قدم المشير البشير للحضور على أنه رئيس حزب المؤتمر الوطني ورئيس الجمهورية!!! · وكان من المفترض أن يتم تقديم المشير البشير في مثل هذا اليوم كرئيس للسودان أولاً لو كانوا فعلاً حريصين على التنازل ولو عن القليل عن السلطات والصلاحيات المطلقة التي تمتع بها حزبهم في العقدين ونصف الماضيين. · ولو كنت مكان رجالات الأحزاب الكبار الذين تكبدوا مشاق الحضور لسماع الجديد في خطاب الأمس، لغادرت القاعة منذ لحظة تقديم البشير على أساس أنه رئيس لحزب قبل أن يكون رئيساً للبلد. · فالجواب كما يقول أهلنا يكفي عنوانه. · لكن ماذا نفعل مع الأخ ياسر الذي يبدو أنه كان سعيداً بوجودنا معه لذلك أصر أن نكمل الخطاب عسى ولعل أن نسمع ما يسعدنا. · عموماً أخي ياسر قد يكون الجديد في خطاب الرئيس غير مرئي على طريقة بعض الصحفيين الرياضيين عندما يرغبون في تلميع لاعب لم يؤد جيداً في إحدى المباريات فيقولون لك أنه أدى دوراً خفياً. · وما علينا سوى أن ننتظر توضيح ما لم نستطع فهمه في خطاب الرئيس في صحف اليوم والأيام التالية، وسوف نجد هذا الدور الخفي لخطاب الرئيس دون شك!! · المهم هو أن نتفاءل خيراً ونقبل على قراءة الصحف بشراهة في الأيام القادمة لنقتنع بأن كل شيء على ما يرام!!!
|
|
|
|
|
|