|
في السودان الرهان الارجح علي القوي التقليدية لاحداث التغيير نعماء فيصل المهدي
|
حين تفجرت الاوضاع بين قبيلتي المعاليا والرزيقات، شهر اغسطس العام الماضي من هرع لنجدتهم ولأيقاف نزيف الدم الذي حصد ما يفوق الاربعمائة شخصاً - كانت هيئة شئون الانصار. وفي ذات السياق تدخلت الامم المتحدة لخلق حوار جامع بين اعيان القبائل يهدف الي بناء السلام، ومعالجة اسباب النزاعات بصورة اكثر تكاملاً. حينما تفجرت شرايين الوطن وفاضت، واغرقت الزرع والضرع والانسان؛ سارعت المبادرات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات الامم المتحدة بالتعاون مع المجتمع الدولي- لسد حوجة متضرري الفيضانات والامطار التي اغرقت منازلهم وقتلت احبتهم، وتركتهم في العراء دون ماوي. ملامح عدم الوجود الفعلي للحكومة، مع عدم التزامها بدورها في توفير الحقوق في المقام الاول؛ مع استخدامها المستمر لأساليب البلطجة واجهزة الامن والشرطة لقمع الشعب و جمع الجبايات- تجعلك تتسائل-من هو المسئول الفعلي في السودان اليوم؟ من يقوم بادوار الحكومة الغائبة؟ اساليب البلطجة والقمع والبطش وجمع الجبياتات لا تاتي تحت بند مسئولية الحكومة -تجاه شعب السودان بل العكس، فان مسئولية الحكومة حمياتهم. هل هي الامم المتحدة التي تعمل بمثابة حكومة موازية لما لا يقل من اربعة مليون سوداني -توفر لهم المأكل والمشرب والخدمات الصحية والتعليم والقروض الصغيرة والحماية بالجيوش ومن الامراض؟ ام العمد والمشايخ والنظار والحكومة التقليدية التي تحكم العشائر ؟ ام المشايخ الصوفيه التي تحكم شئون اعداد مهولة من الشعب؟ لقد اثبت اعتصام المناصير الذي استمر and#1633;and#1633;and#1634; يوماً في ميدان العدالة بالدامر في ولاية نهر النيل بان القوي التقليدية السلمية هي -القوة الفاعلة والقادرة علي التجمع والحراك وعلي احداث التغيير . الاعتصام الذي بداء في العشرين من نوفمبر and#1634;and#1632;and#1633;and#1633; حتي التاسع من مارس and#1634;and#1632;and#1633;and#1634;، واصطفت خلفه قبائل الرباطاب والمحس والجعليين والحمداب وغيرهم. كما اصطف اليهم كل من شيخ الطريقة القادرية الشيخ عثمان القلوباوي وشيخ الطريقة القادرية التجانية شيخ محمد محمد الامين الجعلي كدباس و كل القوة السياسية المعارضة مع قوي شباب جامعة الخرطوم والنيلين وشندي ونهر النيل. لقد حقق اعتصام المناصير نقلة نوعية في اساليب المطالبة بالحقوق كما دخل ابواب تاريخ النضال السلمي في السودان من اوسع ابوابه . ولقد تبعه بعد ذلك حراك مماثل ومستمر في كل من القرير وبابنوسة وكسلا ودلقو المحس وابوحمد وغيرهم. انجحه في المقام الاول الترابط التقليدي القبلي. ولذلك فان الرهان الارجح علي القوي التقليدية لاحداث التغيير. وذلك لان الترابط القبلي يمنح المجتمع القبلي الحماية المطلوبة من بطش السلطات المتوقع ضد الحراك الشعبي المطلبي المشروع. تلك الصفة بداءت في التلاشي في اواسط المجتمعات المدنية فالمدنية بطبعها تتسبب في تذويب الترابط القبلي لصالح الرباط المدني مع الدولة. اضافة الي ذلك فان هجرة الملايين من مدن السودان والمجتمع المتوسط الدخل مع سيطرة النظام علي التنظيمات المدنيه من نقابات وروابط تسبب في اقعاد تلك الفئة. ان المجتمع المدني الذي خرج من حماية المجتمع القبلي لصالح حماية الدولة ولم يجدها -هو الاضعف والاكثر هشاشة اليوم فلقد فقد حماية القبيلة ولم يجد حماية الدولة ولذلك فان الرهان عليه لاحداث التغيير يعد الاصعب والاكثر مشقه بالنسبة له ولمن يراهن عليه.
|
|
|
|
|
|