|
سؤال لحكام السودان: ما هو دوركم تحديداً؟ بقلم: نعماء فيصل المهدي
|
إن الحكومة التي تحتكر موارد الشعب، وتفرض عليه جبايات باهظة كمن يسرق حق آخر بالجملة ويبيع له حقه بالقطاعي، وفوق ذلك يمتن عليه. ميدل ايست أونلاين
http://www.middle-east-online.com/?id=188134http://www.middle-east-online.com/?id=188134
https://http://http://www.youtube.com/watch?v=ne08A7dtc7swww.youtube.com/watch?v=ne08A7dtc7s حين عرض حزب الحركة الثورية العمالية، حزب العمال البريطاني، الحزب القائم على تحالفات الكتل العمالية التي كونت وقود وسواعد واعمدة الثورة الصناعية في بريطانيا، حين عرض رؤيته للحكم للشعب البريطاني قال: "نحن اذ نطالب فاننا نطالب باتاحتكم الفرصة لنا لخدمتكم". لم يطالب الحزب الحديث آنذاك بالفرصة لفرض هوية محددة او ايدولوجية تمثل قناعات افراد الحزب الشخصية، بل باتاحة الفرصة لهم كحزب اغلبية في ان يخدم الشعب ويمثل مطالبه الفردية والجماعية من خلال مجلس العموم البريطاني. حينما سئل رئيس الوزراء السابق توني بلير، على شرف لقاء جماهيري في كلية الدراسات التاريخية في جامعة الملكة ميري في لندن عن كيفية عمل الحكومة، والمؤهلات المطلوبة من الكتلة البرلمانية لادارة حكم البلاد وعن آليات الحكم، لم يتطرق قط لموهبة ممثلي البرلمان في ادارة الحوار، او في فن الخطابة او في ابداء آرائهم المختلفة عبر شاشة التلفاز، كما يتم تقييم اداء ومواهب الساسة في السودان، حتى اصبح جل العمل السياسي يرتكز على بعض من صوريات الاداء، بل تحدث عن المؤهلات المطلوبة لتمثيل وادارة متطلبات الشعب من قبل نواب البرلمان، وعن المقدرة على المساهمة في اصلاح مؤسسات الدولة من خلال التشريع القانوني المتفق عليه من خلال آلية التصويت البرلماني للتمهيد لاصلاح مؤسسات الدولة وتحسين ادائها للقيام بواجبهاعلي افضل وجه. قال ان التحدي الأساسي هو: "كيف ننجز ونحقق الاهداف المطلوبة منا؟". واضاف بان احد اهم التحديات التي نواجها كساسة هي، تحدي تزويج دور ادارة الاداء علي كل المستويات مع دور واولويات السياسي المنتخب. في سياق مختلف قالت ستيلا كريسي النائبة البرلمانية عن دائرة والثمسا واحدى قادة الحملة المحاربة لمؤسسات الديون الربوية الفاحشة: "شخصياً لا اعتبر نفسي ممثلة لدائرتي، فكيف لشخص واحد تمثيل مجموعة كبيرة ومتنوعة من البشر، بل في رأيي ان دوري في الاساس يقع في خانة المدافعة عن مواطني الدائرة التي امثلها". حينما تعرض الاحزاب السياسية البريطانية مرشحي دوائر الدولة الانتخابية، تزكيهم بنبذة عن مشاركتهم قضايا والمدافعة عن قضايا مواطني دوائرهم ولا تذكر قط الشكليات التي يسهل التدريب عليها مثل فن الالقاء وفن الخطابة وادارة الحوار والندوات. تلك شكليات تقوم امانات الاحزاب بتدريب من وقع علية اختيار الحزب لخوض الانتخاب وعموم العضوية عليها. اما الجوهر الاساسي الذي تبحث عنه في اختيار ساسة الحاضر والمستقبل ومرشحي الدوائر هو الاهتمام بقضايا وهموم غيرهم والمشاركة الفعالة من خلال الحملات الجماهرية والمدافعة لحلها مع الالمام برؤية الحزب وسياساته. في لقاء تلفزيوني مع الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، وزير الخارجية السوداني الاسبق، ووزير الاستثمار الحالي قدم من خلاله شكوى مفتوحة، في أنه ومنذ ان تولى منصب الوزير، اصبح ملاذاً لمطالب اقربائه واهله وعشيرته لدرجة انه عاد الى منزله يوماً ما، فوجد بانتظاره ثلاثاً من قريباته طالبت الاولى بمساعدة مادية فسلمها كل ما في جيبه من مال، وطالبت الثانية بمساعدة مادية فسلمها ما وجده من مال عند اهل بيته، وحين طالبت الثالثة بمساعدة مادية سلمها خروفاً او ماعزاً قد اهدي اليه من قبل صديق له. ومضى ليقول مستنكراً الوضع بانهم كوزراء يواجهون معاناة يومية من فرط مطالب اقربائهم ومعارفهم منهم. كان يتحدث سعادة الوزير في سياق التحديات والمتطلبات الاجتماعية التي تواجههم بسبب تولي المنصب. ولكنه لم يتطرق قط او يتحدث عن جذور وسبب وجود تلك التحديات، والذي يتمحور حول فشل حكومته وفشل مؤسسات الدولة، وفشل نواب حكومته في في تمثييل وتلبية احتياجات المواطن، وفشلهم كحكومة يتحدث باسمها ومن خلال منابرها. عكس سعادة الوزير الامر الذي تطرق له، كخلل اجتماعي في ثقافة الشعب السوداني، ولكنه لم يتطرق الى أن سبب هذه الظاهرة او العادة يعود لغياب وجود الدولة في حياة من تحدث عنهم، وغياب دور الدولة في توفير شبكة امان لأقربائه وغيرهم من الشعب السوداني، من خلال توفير الحكومة لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية والامنية. ان الدولة السودانية، بالرغم من غيابها من دور توفير احتياجات ومتطلبات عيش المواطن، فهي تحتكم وتتحكم في اراضي السودان، وفي توزعها وفي اموال موارد السودان الاقتصادية، وفي توزيعها وفي كافة مؤسسات الدولة وتوزيع ادوارها، ولكن وبالرغم من ذلك، وعن سيطرتها التامة على موارد ومنافذ ودوائر الدولة من فهي تتعامل مع المواطن كمشترٍ لحقه وحق شعبه في المشاركة في هذه الموارد. ان الحكومة التي تمتن على الشعب بتشييد طرق سيئة التشييد، تمتن عليه من منطلق، انها توفر تلك الخدمات من مالها هي الخاص، وليس من منطلق انها تدير موارد الدولة باسم الشعب ونيابة عنه او من منطلق توفير تلك الخدمات من خلال قروض عالمية سلمت لدولة السودان شعباً وحكومة. ان الحكومة التي تحتكر موارد الشعب، الاقتصادية، والخدمية، والاجتماعية، وتفرض عليه جبايات باهظة، ورسوم لاستخدام تلك الموارد وغيرها من موارد دولته، من خدمة مدنية، وشرطة، واسواق، وقضاء، وتخطيط مدني، فهي كمن يسرق حق آخر بالجملة ويبيع له حقه بالقطاعي والفائدة، وفوق ذلك يمتن عليه. ان اسلوب تخلي مسؤول حكومي مثل سعادة الوزير، وان كان مسؤولاً حكومياً في حكومات كليبتوكراسية عن مسؤوليته هو، ومسؤولية حكومته، في خلق والتمهيد للسلوك السائد، المتبع حالياً في اللجوء للمعارف والاقارب لطلب المساعدات المادية، والتدخل لحل المشكلات والتحديات التي تواجههم، ناتج دون شك من التخلي عن دورهم الاساسي، كراعي، ووالي، وحامي، وممثل، وميسر، وممهد، ومسيطر، على شؤون الشعب من خلال سياسات الدولة، وبرلمان او مجلس الشعب. وذلك يعبر تماماً، عن عدم إدراك السيد الوزير بمسؤولياته، ومسؤوليات حكومته، وما يتضمن ذلك، من توفير قنوات اتصال حكومية، تتيح للمواطن من اقرباء السيد الوزير وغيرهم، لمطالبة دواوين الدولة بحقوقهم في الرعاية الاجتماعية، والعمل، والتعليم، والتأهيل، والصحة، والمسكن الملائم، والمواد الغذائية المتوفرة باسعار مناسبة لمستوى الدخل العام. هذا الاسلوب في إلقاء اللوم على الضحية يعد تنصلاً كاملاً من المسؤولية وعليه فانني اوجه سؤالاً لحكامنا "الغر الميامين" في دولة السودان: إذا لم يكن توفير الحقوق باسلوب شفاف ومتاح للكل فماهو أوجب واجباتكم؟ عفواً ايها السيدات والسادة الحكام...إذن ما هو دوركم تحديداً؟ نعماء فيصل المهدي
|
|
|
|
|
|