|
قادة سياسيين سودانيين بقلم ادارى وسياسى امريكى بارز ـاندرو ناتسيوس الترابى اعداد ه
|
قادة سياسيين سودانيين بقلم ادارى وسياسى امريكى بارز ـاندرو ناتسيوس الترابى اعداد هلال زاهر الساداتى
من هو حسن عبد الله الترابى ؟ ولد حسن الترابى عام 1932 فى مدينة كسلا فريبا" من الحدود الأريترية . كان والده قاضيا" شرعيا"فى مدينة سنجة وشيخ طائفة صوفية ، ووالدته اسلافها من قبيلة الفولانى المسلمة فى غرب افريقيا واستقروا فى السودان فى طريقهم للحج فى مكة . هذا يعنى ان الترابى ليس عربيا" صرفا" ، ولذلك فضل ان لا يشاع عنه ذلك . التحق بكلية الخرطوم الجامعية ( كلية غردون التذكارية سابقا" ) ،ثم صارت لاحقا" جامعة الخرطوم ، وتخرج فيها فى عام 1932 ، ثم حصل على درجة الماجستير فى عام 1961 من كلية لندن للاقتصاد ، وفى النهاية أنهى مسيرته الاكاديمية بالحصول على درجة الدكتوراة فى القانون من جامعة السوربون فى عام 1964 . ترجع صلته الاولى بالاخوان المسلمين وهو فى كلية الخرطوم الجامعية . وهذه الجماعة تأسست وانتظمت فى مصر ، وأسست لها فرعا فى فى الجامعة بعد سنة من التحاقه بها . وفى اجتماع لجماعة الاخوان المسلمين بالخرطوم فى عام 1954 تحدث فيه الترابى ونال اعجاب القيادات القديمة بذكائه وحماسه . عندمارجع الى السودان من اوربا فى عام 1964 عين عميدا" لكلية القانون بجامعة الخرطوم ، وسياخذ فيما بعد مكانا" تحويليا" مؤثرا" كمثقف، وعالم بالدين ، ومنظم ، على جيل باكمله من الناشطين الاسلاميين . فى عام 1964 نظم وانتخب رئيسا للجبهة الاسلامية ( لاحقا " الجبهة القومية الاسلامية ) ، فرع من الاخوان المسلمين . وخلال حكم النميرى اعتقل التربى وافرج عنه سبع مرات لنقده الحكومة علانية ، مما ارغمه على المنفى ، وفى السنوات التى قضاها فى السجن حقق طموحه فى حفظ القران كله . وعندما اعلن النميرى شروعه فى المصالحة فى عام 1977 ، عاد الترابى من المنفى ، وفى عام ا1979 عين وزيرا" للعدل ، وشغل هذا المنصب الى عام 1983 . وكان قد تزوج من شقيقة الصادق المهدى ، وبهذا صار ينتمى الى أكثر العائلات شهرة فى تاريخ السودان الشمالى الحديث . وزواجه جعله مرتبطا" بقبيلة الفور فى دارفور ، حيث ان زوجته سليلة من جهة الأم باميرة من سلالة الفور ( تزوجها المهدى فى عام 1880 ، وهى أم الامام عبد الرحمن المهدى ). حسن الترابى واحد من اكثر الاشخاص تأثيرا" فى السياسة السودانية الحديثة ، ولكن من نواحى كثيرة يبقى شخصا" لغزا" . كتاباته ، خطبه ، ومخاطباته للجمهور ،تناقض اعماله فى احيان كثيرة ، على الأقل عندما يكون فى منصب الحكم ، وفى حديثين مطولين معه كان اولهما بتاريخ 1991 والثانى بتاريخ 2007 وكنت مبعوثا" للولايات المتحدة للسودان ، قال الترابى بوضوح التزامه بحكم القانون ، حقوق الانسان ، الديمقراطية والحكومة الدستورية ، ومع ذلك دبر انقلابا" عسكريا" فى عام 1989 أطاح بحكومة منتخبة ديمقراطيا" ، وكما سنرى قريبا" انه كان المهندس لقوة الدفاع الشعبى التى ارتكبت فظائع على نطاق واسع وعن عمد ومنهاج ضد مئات الآلاف من الجنوبيين المدنيين فى عام 1990 . لقد عمل لمدة عشر سنوات كمنظر ايديولوجى ثم مستشار لحكومة طبقا"لتقارير مكثفة من الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ارتكبت على نطاق واسع ونحو استبدادى خارج نطاق القانون ، اعتقالات ، تعذيب" وفصل النقابيين ، ضباط الجيش ، الصحفيين القادة السياسيين وقادة المنظمات المدنية . وهو وزوجته وهى واحدة من القائدات التقدميات المطالبة بحقوق المرأة فى السودان أسسا التنظيم العالمى للنسآء المسلمات ، وبالأضافة الى ذلك ومن خلال الجبهة القومية الاسلامية ، فرضوا قيودا" قاسية على دور النسآء فى المجتمع السودانى . وواحد من التفسيرات لهذه الافعال اتى تبدو متناقضة او تتسم بالنفاق هى ان الترابى لم يشغل نفسه بتفصيلات التنفيذ والتطبيق لانه هو المخطط وليس المهندس للسياسات ولذلك لم يقدر بما فيه الكفاية تقدير المضمون الحقيقى للعالم لما يفعله . وبالرغم من تفسير كهذا فانه لا يحط من مواهب الترابى التنظيمية والفكرية . وبما كان لديه من شبكة ناقلى اخبار والمخلصين من اعضاء الجبهة القومية الاسلامية عبر السودان ، فانه من حكم المستحيل تقريبا" ان لا يعلم ما كان يحدث تحت مراقبته . وعندما يجرى معه مقابلات علمآء وكتاب غربيين ينزعون الى قبوله على ما يبديه من مظهره من لطف وجاذبية وذكآء متقد . يعرف الترابى كيف يتحدث الى مستمعيه الغربيين مستخدما" لغة متدرجة غير مهينة ولكنها ايضا" مضللة . قلة من الغربيين يستمعون الى خطاباته النارية عندما يتحدث بالعربية ، وعند استخدام الترابى لكلمة الديمقراطية فهو لا يعنى الديمقراطية الغربية الدستورية ولكن بدلا" منها ديمقراطية الأسلام ـ تولى الحكم صفوة من علمآء الامة المؤمنين المخلصين الذين يطبقون مشيئة الله على جميع رعاياه ، مضمنين اولئك من ليسوا مؤمنين . ولقد قال بانه ليست هناك حاجة للتشريع من خلال اشخاص منتخبين ديمقراطيا" لأن القران وقانون الشريعة يمد بمجموعة كاملة من القواعد لحكم مجتمع . هناك اثنان من حسن الترابى يعيشان فى جسد واحد فى عالمين متوازيين : العالم المعتدل المفكر الاسلامى والذى يوجد عندما يكون خارج السلطة ، او عندما يتحدث الى مستمعين غربيين باللغة الانجليزية أوالفرنسية ، والترابى الآخر الدينى المتعصب الذى ينبثق عندما يكون فى السلطة او عندما يتكلم بالعربية وهذا هو الترابى الذى كان على السودانيين والمجتمع ان يجادله ، لأن احدى فقرات التشريع الوطنى التى كان يصر عليها هى أن تكون عقوبة الردة هى الاعدام ، وهو موقف لم يعلنه منذ ذلك الحين .وعندما يتحدث عن حقوق المرأة فانه يشير على وجه الحصر الى النسآء المسلمات ، اللاتى يصان شرفهن واعراضهن فى سياق قانون الشريعة ، حتى وان قيدت انشطتهن فى محيط غربى . النسآء المسيحيات اوغير المسلمات يمكن معاملتهن كملكية خاصة بلا حقوق أو حماية . وبالنسبة لحقوق الانسان فان الترابى على الأرجح يجادل فى ان النهايات وهى اعادة تأسيس الامة ونقآء الاسلام ـ يبرر الوسيلة ـ الحبس ، التعذيب ، واعدام المعارضين السياسيين والمنشقين ، وربما ان واحدا" من الأسباب التى جعلته لا يتولى منصبا" رسميا" فى البداية هى رغبته فى الظهور بمظهر مقبول ونكران فى وجه الدعاوى ضد الفظآئع التى ارتكبتها الحكومة التى خلقها. هلال زاهر الساداتى
|
|
|
|
|
|