|
طرائف جديدة للابتسام أو الضحك بقلم هلال زاهر الساداتى
|
ما أحوجنا جميعا" الى ترويح عن النفس أحيانا" ، فقد حاصرتنا" الكوارث والمحن من كل جانب ، من الطبيعة بالامطار والسيول ، ومن قهر الكيزان ، ومن بشاعة الجنجويد ، واورد فيما يلى بعض الطرائف والنوادر علها تخفف علينا قليلا" مما نعانيه . الاستاذ صالح مصطفى الطاهر والمدرسات فى عهد الاستعمار كانت مدارس البنات تنحصر فى قلة من المدارس الأولية فى طول السودان وعرضه وكان القآئمون بأمرها اداريا" من الرجال فى الوزارة ومكاتب التعليم فى المديريات ، وترقى استاذنا الجليل صالح مصطفى الطاهر ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ مسئولا" عن تعليم البنات فى المديرية الشمالية ، واراد أن يبدأ عمله بزيارة ميدانية للمدارس وتلمس مشاكلها على الطبيعة ، فقد وجد فى المكتب كثيرا" من شكاوى المدرسات طالبين نقلهن الى أحدى مدارس المدن أوأى منطقة أخرى ، وركب العم صالح القطار لساعات طويلة ، وترجل منه وركب لورى تجارى مشحون بالبشر وسار اللورى فى طريق ملئ بالحفروالدقداق التى يشعر معها الواحد بأن عظامه ستتكسر ، ووصل اللورى الى نهاية الطريق التى لايمكن تخطيها باية حال من الحالات لوعورة الطريق وخطورته ، ومن هناك امتطى حمارا" وكانت تلك هى المرة الاولى فى حياته التى يمتطى فيه ظهر هذا الحيوان لانه ولد وعاش فى المدينة ، ، وبعد ساعتين من تلك التجربة العسيرة وما لقيه فيها من ألم فى رحلته الشاقة وصل منهكا" منهدا" الى المدرسة التى كانت فى بلقع ليس بجوارها أى مبنى أو أى بشر أو شجر ! وبعد الترحيب به وشراب الموية واخذ يجفف عرقه بمنديله انطلقن المدرسات يتحدثن فى شبه مظاهرة صائحات : ( جنابك لازم تشوف لينا حل ،انحنا تانى ما بنقعد هنا ، كفاية علينا السنة والسنتين العشناهم هنا ) وهدأهن العم صالح وقال لهن ، ( والله يا بناتى أنا ذاتى بعدالشفته بقول انتو أنس ولا جنس ! خلاس تمو سنتكم دى واعتبرو نفسكن منقولات من هسى ) ولم تتمالك المدرسات انفسهن من الفرحة وانطلقت زغروتة من احداهن وتبعها الباقيات بالزغاريت . ابراهيم الصراف والبصمة فى عهد الاستعمار و حتى فى العهد الوطنى بعد الاستقلال كانت الخدمة المدنية سليمة وطاهرة والقانون يسرى على الصغير والكبير ، وكان للمال العام حرمة ، وكانت أخلاق الناس تستنكف عن أخذ المال الحرام وتستنكر وتحتقر المختلسين من الموظفين ، ويصيرون مضغة فى أفوآه الناس مثلا" للعار ، وكان صاحب هذه القصة صرافا"فى عاصمة أحدى المديريات فى السودان ، وطرأ على حياته تغيير كبير ملحوظ ، فاصبح يعيش عيشة الأثريآء ويبعثر النقود فى اللهو والمتعة الحرام ، وهو الموظف صاحب الراتب المحدود ، وعلى حين غفلة منه ( طب ) عليه تيم من المراجعين من ديوان المراجع العام ، وكان أول أجرآء يتخذه المراجعون هو غلق الخزنة وتشميعها ثم جردها ومضاهاة ما فيها مع دفاتر الحسابات بعد مراجعتها ، وتم فتح الخزنة وكان المعهود ان توضع كل مائة ورقة من فئة الجنيه فى ربطة واحدة وكانت المفاجأة أن كل ربطة كان فى أعلاها وفى أسفلها ورقتين من فئة الجنيه وما بينهما قصاصات من ورق الجرائد وكل ورقة بحجم ورقة الجنيه وكان المبلغ المفترض وجوده فى الخزنة عشرين ألف جنيه ، والاكثر غرابة ان بصمات الموقعين بالاستلام فى كشوفات المرتبات هى نفس البصمة متكررة مع اختلاف الاسمآ ء ، وازآء هذه الادلة الواضحة اعترف الصراف ابراهيم بالجرم . وقال له المراجع : ( انا المحيرنى انه البصمة الواحدة المتكررة باسمآء مختلفة لاتشبه أى بصمة أصبع من الأصابع فدى كنت بتعملها كيف ؟ فأجابه بكل بجاحة ( كنت ببصم براس ذكرى ( التومة ) . وعلى ما اذكر انه حكم عليه بثمانية أو تسعة اعوام سجنا". الغضب الاحمق للناظر فى الاربعينات من القرن العشرين كانت المدارس الوسطى أو المتوسطة توجد فقط فى عواصم المديريات ولا تزيد عن التسع مدارس ، وكانت المدرسة الثأنوية الوحيدة الحكومية هى مدرسة وادى سيدنا بمديرية الخرطوم وكانت تستقبل الناجحين بامتياز من جميع السودان عدا الجنوب وكان المقبول أو المقبولون حدثا" مهما" تحتفى به أو بهم المدينة وتخرج لوداعه أو وداعهم فى محطة السكة الحديد وهم فى طريقهم الى مدرستهم الجديدة المأثورة ، وكان المقبول من مدينة الابيض طالبا" واحدا" وكالعادة خرج الناس لوداعه وتهنئته وكان على رأسهم الناظر والمدرسين ، ولكن الطالب تأخر فى الحضور للمحطة وحضر ومعه وفد من أهله وجيرانه وكان القطار على وشك التحرك وادركه فى الدقائق الأخيرة ، وكان الناظر مشهورا" بصرامته وحدته وكاد ان ينفجر من الغيظ والغضب لتأخر الطالب ، وامسك بالولد وهو يحمل شنطته المصنوعة من الصفيح ودفعه مع الشنطة داخل العربة، واخذ القطار يتحرك ببطء خارج المحطة ومن هناك ينطلق ، وفى هذه الاثنآء كان الناظر متشبث بشباك العربة وهو يصيح فى الولد ( طلع راسك يا ###### قلت ليك طلع راسك يا ابن ال###### ) ، والناس يصيحون بالناظر : ( ارجع يا الناظر يا الناظر بتقع تحت القطر ) ، واخرج الولد راسه فامسك به الناظر و ( عضآهو ) ، وافلت قبضته من الشباك ووقع على الرصيف وكاد ان يقع تحت عجلات القطار . العذر الأقبح من الذنب يروى ان الشاعر أبو نواس نديم وشاعر هارون الرشيد رأى احدا"فى ردهة فى القصروكانت الردهة شبه معتمة وكان مغطى من رأسه الى قدميه وتفوح منه رائحة عطر زكية ،فاقترب منه وهمزه فى جانبه ،وقفز الشخص والتفت اليه فاذا هو هارون الرشيد ذات نفسه ، فخر ابونواس ساجدا" على الارض ويقبل قدميه طالبا" العفو والمغفرة ، وسأله الرشيد عماذا دهآه ليفعل فعلته تلك؟ فأجابه وهو يبكى : ( حسبتك يا مولاى زبيدة ) . وللعلم فان زبيدة هى زوجة هارون الرشيد . هلال زاهر الساداتى
|
|
|
|
|
|