|
بكرى الرطانى والنوبة ومعاهدة البقط بقلم هلال زاهر الساداتى
|
بكرى الرطانى والنوبة ومعاهدة البقط بقلم هلال زاهر الساداتى
اطلعت على مقال لكاتبه السنارى اتهم فيه الفريق بكرى حسن صالح والذى عينه البشير نائبا" اول رئيس الجمهورية بعد الأطاحة بعلى عثمان واورد الكاتب ما بدر منه فى المدينة المنورة عند حجته الأخيرة مع رئيسه من رده على سؤال لأحد الحجاج السودانيين بقوله انت باين عليك من الشمال مما يعنى ضمنا" انه يتحدث العربية بطلاقة ، وذكر السنارى بكرى بانه نوبى رطانى من الشمال وليس عربيا" وان السودانيين فى الشرق والغرب وبالطبع فى الجنوب والذى تسببوا فى انفصاله لايتحدثون اللغة العربية وكما يقول الفرنجة ليست لغة امهاتهم ، ولهم لغاتهم الخاصة اى الرطانة ، ما عدا فى مثلث حمدى والذين ينسبون انفسهم الى العرب ويتبرأون من الأفريقيين أو الزنوج أو العبيد كما ينعتونهم ، كما ان العرب الأقحاح يقولون نفس القول عن السودانيين المسلمين مدعى العروبة ، ولا يعترفون بهم كعرب ، وتحضرنى هنا حادثة وقعت فى السعودية ، فقد كان هناك أخ جنوبى يعمل هناك من زمن طويل ولم يرجع الى السودان ، ولما سألوه عن السبب أجاب بقوله : ( أنا فى السودان تقولوا على عبد ، انحنا هنا كلنا عبيد ) ويقصد من يقولون انهم ابنآء العباس وغيرهم . وذكر الكاتب بكرى بتاريخ السودان وحضارة النوبة التى امتدت لالاف السنين قبل دخول العرب الى السودان ومعاهدة البقط بين النوبة والعرب المسلمين وقائد جيشهم عبد الله بن سعد بن أبى السرح ، واشار الكاتب الى ما كتبه المفكر الكاتب الدكتور حيدر ابراهيم عن هذه المعاهدة وانها معيبة فى حق النوبة ، وانا هنا اود ان اشرك القارئ الكريم بتعريف هذه المعاهدة بنقل نصها من كتاب تاريخ السودان لنعوم شقير وتحقيق الكتور محمد ابراهيم ابو سليم ، والتعريف ايضا" بعبد الله بن سعد بن أبى السرح قائد جيش العرب المسلمين ، ومصدرى نقلا" عن كتاب محمد (صلعم ) للدكتور محمد حسين هيكل قال المؤرخ : ان جل ما نعلمه عن دخول النصرانية الى بلاد النوبة ان جآءها رسل من الاسكندرية سنة 545 م فبشروا اهلها بالنصرانية فاعتنقوها وتركوا عبادة الاوثان ، ثم لا نعلم شيءا" من اخبارهم حتى كان الاسلام وفتح المسلمون مصر سنة 18 ه 640 م . قال ابن الأثير ( فغزا المسلمون النوبة فرجعوا بالجراحات وذهاب الحدق لجودة رميهم فسموهم رماة الحدق ) وقال المقريزى ( وفى سنه ه 21 بعث عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبى السرح فى عشرين الف الى النوبة فمكث بها عبدالله زمانا" وصالحهم وقرر عليهم شيئأ" معلوما"من المال ، ثم ان عمرو بن العاص كتب الى عبدالله بن سعد بن أبى السرح بالرجوع اليه ، وفى سنة 23 ه 644 م قتل الامام عمر بن الخطاب وتولى بعده عثمان وكان عبد الله بن سعد بن أبى السرح من اقاربه فعزل عمرو بن العاص بن ولاية مصر وولى عليها عبدالله بن سعد . وفى اول ولايته نقض النوبة الصلح الذى جرى بينه وبينهم وارسلوا سراياهما لى صعيد مصر فأخربوا وافسدوا فغزاهم مرة ثانية عبد الله بن سعد بن أبى السرح المذكور وهو على امارة مصر فى خلافة عثمان فى سنة 31 ه 652م وحاصرهم بمدينة دنقلة حصارا" شديدا" ورماهم بالمنجنيق ولم تكن النوبة تعرفه وخسف به كنيستهم بحجر فبهرهم ذلك وطلب مليكهم قليدرون الصلح وخرج الى عبد الله وأبدى ضعفا"ومسكنة وتواضعا" فتلقاه عبد الله ورفعه وقربه ثم قرر الصلح معه على ثلثمائة وستين رأسا" من الرقيق فى كل سنة ووعده عبد الله بحبوب يهديها اليه لما شكا له قلة الطعام ببلده وكتب لهم كتابا" نسخته بعد البسلمة : معاهدة البقط ( ( عهد من الامير عبد الله بن سعد بن أبى السرح لعظيم النوبة ولجميع اهل مملكته ، عهد عقده على الكبير والصغير من النوبة من حد ارض اسوان الى حد أهل علوة . أن عبد الله جعل لهم امانا"ممن جاورهم وصدقة جارية بينهم وبين المسلمين ممن جاورهم من اهل صعيد مصر وغيرهم من المسلمين واهل الذمة انكم معاشر النوبة آمنون بامان الله وامان رسوله صلى الله عليه وسلم ان لا نحاربكم ولا ننصب لكم حربا" ولا نغزوكم ما اقمتم على الشرائط التى بيننا وبينكم على ان تدخلوا بلدنا مجتازين غير مقيمين فيه وندخل بلدكم مجتازين غير مقيمين فيه ، وعليكم حفظ من نزل بلدكم أو بطرفه من مسلم أو معاهد حتى يخرج عنكم وان عليكم رد كل آبق اليكم من عبيد المسلمين حتى تردوه الى ارض الاسلام ولا تستولوا عليه ولا تمنعوا منه ولا تتعرضوا لمسلم قصده وجاوره الى أن ينصرف عنه ، وعليكم حفظ المسجد الذى ابتناه المسلمون بفنآء مدينتكم ولا تمنعوا منه مصليا" ، وعليكم كنسه واسراجه وتكريمه ، وعليكم فى كل سنة ثلثمائة وستون رأسا" تدفعونها الى أمام المسلمين من اوسط رقيق بلدكم غير المعيب يكون فيها ذكران وانآث ليس فيها شيخ هرم ولا عجوز ولا طفل لم يبلغ الحلم تدفعون ذلك الى والى اسوان وليس على مسلم دفع عدو عرض لكم ولا دفعه عنكم من حد ارض علوة الى ارض اسوان . فان انتم أويتم عبد المسلم أو قتلتم مسلما" أو معاهدا" أو تعرضتم للمسجد الذى ابتنآه المسلمون بفنآء مدينتكم بهدمه أو منعتم شيئأ"من الثلثمائة رأس والستين رأسا" فقد برئت منكم هذه الهدنة والأمان وعدنا نحن وانتم على سواء حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين . بذلك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولنا عليكم بذلك أعظم ما تدينون به من ذمة المسيح وذمة الحواريين وذمة من تعظمونهم من اهل دينكم وملتكم . الله الشاهد بيننا وبينكم على ذلك كتبه عمرو بن شرحبيل فى رمضان سنة 31ه وهذه الجزية التى تدفعها النوبة تسمى بقط . من هو عبدالله بن سعد بن أبى السرح ؟ كان يكتب الوحى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فارتد مشركا" الى قريش زاعما" انه كان يزيف الوحى حين يكتبه ، وهو أحد ال17 الذين امر النبى بقتلهم عند دخوله مكة ولو وجدوا متعلقين باستار الكعبة ، ثم عفا النبى عن معظمهم عدا اربعة منهم قتلوا ، فلما هدأت الحال واستقر الأمر ورأى الناس من فسحة صدر الرسول ومنة عفوه الشامل ما رأوا طمع بعض اصحابه فى ان يعفو حتى عن هؤلآء الذين أمر أن يقتلوا ، فقام عثمان بن عفان وكان اخا عبدالله بن أبى السرح من الرضاعة حتى أتى به النبى فاستأمن له ، فصمت محمد ( صلعم ) طويلا" ثم قال : نعم وامته . وكما تنص هذه الجزية فان على النوبة ان يدفعوا ثلاثمائة وستون رأسا" من الرقيق الذكور والأنآث الشابات فى كل عام ، ولما كان يتعذر الحصول على هذا العدد فى كل مرة فانهم كانوا يكملون العدد من ابنآئهم وبناتهم ، وهؤلآء الاناث يعتبرن من ملك اليمين ويحق لمن يتملكهن معاشرتهن جنسيا" بدون زواج ، ويكون ما يلدن رقيقا" ايضا" ، ويتمتع المتملك واولاده بمعاشرتهن ، فربما يعاشر الرجل بناته والابن اخته من ابيه ـ لا يفرق ما دمن أمآء ! هذه هى الحقيقة مجردة ، فالعاقل لا يتعصب لقبيلة أو شعب من عنصر بشرى وقبل هذا وذاك نحن ابنآء ادم وحواء . ( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا" وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) الحجرات / 13 هلال زاهر الساداتى
|
|
|
|
|
|