|
المزيد من النوادر للضحك أو الابتسام بقلم هلال زاهر الساداتى
|
المزيد من النوادر للضحك أو الابتسام بقلم هلال زاهر الساداتى الحياة بدورانها وماتحمله من حلو ومر تفرض على المرء المر فى غالب ايامها ، فلا بد من نزع الضحكة أو الابتسامة من انياب الشقآء والهم للترويح عن النفس المغتمة ، ولقد قال رسولنا الكريم مامعناه روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب اذا كلت عميت ، ونحن فى دنيا الكيزان حكام اليوم ما احوجنا الى ان نبدد سحائب الهم والغم بشيء من التبسم حتى لا نغرق فى احزاننا التى القونا فيها هؤلاء الطغاة ، ولنبدأ بالنادرة الاولى . ( 1) السلطان والقزقزة حدثت وقائع هذه القصة فى جنوب سوداننا الحبيب الذى انفصل ،وحدثت فى مدينة التونج بمديرية بحر الغزال ، فهناك كان القضاء موكول الى محكمة السلاطين المكونة من اربعة او خمسة سلاطين من قبائل البلدة ، ويحكمون فى القضايا الصغيرة التى لا تتعدى عقوبتها الغرامة أو الجلد ، واما القضايا الكبيرة فيتولاها مفتش الحكومات المحلية الشمالى والذى له سلطات قاض من الدرجة الأولى وهو فى نفس الوقت رئيس القضاء والقضاة ويعين ويفصل القضاة ، ودرج رئيس محكمة السلاطين على ان يستولى على الغرامات لنفسه ولا يوردها لخزينة المجلس الريفى ، وانكشف امره واستدعاه المفتش وساله قائلا" : يا سلطان انت قاضى ورئيس محكمة وبتحاكم الحرامية ، كيف تسرق قروش الغرامات بتاعة الحكومة ؟ واجابه بكل ثبات قائلا" ( والله يا جنابو قروس بتآء غرامات ده زى قزازة بتآء وسكى قدامك وسهن (صحن ) بتآء مزة ، انت تشرب وتقزقز ساكت ) وكانت نتيجة قزقزته ان اكتفى المفتش بفصله ولم يدخله السجن . وربما استعمل المفتش الرأفة معه لان المفتش نفسه كان يقزقز على الواسع وذلك بصيد الحيوانات بلاحدود وبيع جلودها ولحومها ( شرموط ) وقطع الاخشاب النادرة وعمل اثاثات فخمة منها تباع فى الشمال . ( 2 ) ونبقى فى الجنوب عندما صرت قاضيا" . كنت مديرا" أو كما يقولون هنا عميدا" لمركز تدريب المعلمين بالتونج ، ووجدت نفسى قاضيا" رغما" عنى لان الطلبة المدرسين يصرون على ان يشتكوا الى بدلا" من الذهاب الى محكمة السلاطين ، لان احكامها شديدة وربما يفقد الجانى المدان وظيفته ، وكثير من القضايا تتعلق بالشجار والضرب بسبب السكر ، وفى احد الايام جاءنى احد المنسوبين لهيئة التدريس وكان أميا" ومن اهل البلدة ولكنه موهوب يصنع تماثيل لحيوانات واشخاص من الخشب الابنوس تكاد تنطق ان كان الجماد ينطق ، ولكنه كان يسرف فى شرب الخمر ، وكان يعلم النحت للراغبين من الطلبة المدرسين مستخدما" ادوات بدائية . دلف الى المكتب وهو ثائر وغاضب ، وهدأته وسألته عن مسالته ، فاجابنى بقوله : ( جنابك مايكل كشر (كسر ) بيت بتآء أنا ) ولم افهم شيئا" وخمنت ان مايكل كسر باب منزله وسرق شيئا" منه وهناك المنازل كلها فى حرم المعهد ، وقلت له : مايكل شال شنو من البيت ؟ ورد على : ( جنابك انا قت مايكل كشر بيت بتآء أنا ) وقلت له : فهمت، ولكن سرق شنو ؟ وزفر بحرقة واجابنى : ( جنابه مايكل كشر كش بتآء مرة بتآء أنا وضرب بكفه مابين فخذيه وسرته ) ( ويا دوبك وقع لى ) كما يقولون ،فعرفت ان مايكل اغتصب زوجته ، وقلت له ان هذه جريمة خطيرة ولذلك اذهب فورا" الى محكمة السلاطين واشتكيه هناك ، وأبى واصر على ان افصل انا فى القضية ، واستدعيت الكاتب وهو شاب دينكاوى مقتدر وعاصر عميدين قبلى ، وسالته بعد ان صرفت الشاكى وطمانته بانى ساعاقب مايكل وطلبت منه ان ينتظر خارج المكتب حتى استدعى مايكل ودانالمزيد من النوادر للضحك أو الابتسام بقلم هلال زاهر الساداتى الحياة بدورانها وماتحمله من حلو ومر تفرض على المرء المر فى غالب ايامها ، فلا بد من نزع الضحكة أو الابتسامة من انياب الشقآء والهم للترويح عن النفس المغتمة ، ولقد قال رسولنا الكريم مامعناه روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب اذا كلت عميت ، ونحن فى دنيا الكيزان حكام اليوم ما احوجنا الى ان نبدد سحائب الهم والغم بشيء من التبسم حتى لا نغرق فى احزاننا التى القونا فيها هؤلاء الطغاة ، ولنبدأ بالنادرة الاولى . ( 1) السلطان والقزقزة حدثت وقائع هذه القصة فى جنوب سوداننا الحبيب الذى انفصل ،وحدثت فى مدينة التونج بمديرية بحر الغزال ، فهناك كان القضاء موكول الى محكمة السلاطين المكونة من اربعة او خمسة سلاطين من قبائل البلدة ، ويحكمون فى القضايا الصغيرة التى لا تتعدى عقوبتها الغرامة أو الجلد ، واما القضايا الكبيرة فيتولاها مفتش الحكومات المحلية الشمالى والذى له سلطات قاض من الدرجة الأولى وهو فى نفس الوقت رئيس القضاء والقضاة ويعين ويفصل القضاة ، ودرج رئيس محكمة السلاطين على ان يستولى على الغرامات لنفسه ولا يوردها لخزينة المجلس الريفى ، وانكشف امره واستدعاه المفتش وساله قائلا" : يا سلطان انت قاضى ورئيس محكمة وبتحاكم الحرامية ، كيف تسرق قروش الغرامات بتاعة الحكومة ؟ واجابه بكل ثبات قائلا" ( والله يا جنابو قروس بتآء غرامات ده زى قزازة بتآء وسكى قدامك وسهن (صحن ) بتآء مزة ، انت تشرب وتقزقز ساكت ) وكانت نتيجة قزقزته ان اكتفى المفتش بفصله ولم يدخله السجن . وربما استعمل المفتش الرأفة معه لان المفتش نفسه كان يقزقز على الواسع وذلك بصيد الحيوانات بلاحدود وبيع جلودها ولحومها ( شرموط ) وقطع الاخشاب النادرة وعمل اثاثات فخمة منها تباع فى الشمال . ( 2 ) ونبقى فى الجنوب عندما صرت قاضيا" . كنت مديرا" أو كما يقولون هنا عميدا" لمركز تدريب المعلمين بالتونج ، ووجدت نفسى قاضيا" رغما" عنى لان الطلبة المدرسين يصرون على ان يشتكوا الى بدلا" من الذهاب الى محكمة السلاطين ، لان احكامها شديدة وربما يفقد الجانى المدان وظيفته ، وكثير من القضايا تتعلق بالشجار والضرب بسبب السكر ، وفى احد الايام جاءنى احد المنسوبين لهيئة التدريس وكان أميا" ومن اهل البلدة ولكنه موهوب يصنع تماثيل لحيوانات واشخاص من الخشب الابنوس تكاد تنطق ان كان الجماد ينطق ، ولكنه كان يسرف فى شرب الخمر ، وكان يعلم النحت للراغبين من الطلبة المدرسين مستخدما" ادوات بدائية . دلف الى المكتب وهو ثائر وغاضب ، وهدأته وسألته عن مسالته ، فاجابنى بقوله : ( جنابك مايكل كشر (كسر ) بيت بتآء أنا ) ولم افهم شيئا" وخمنت ان مايكل كسر باب منزله وسرق شيئا" منه وهناك المنازل كلها فى حرم المعهد ، وقلت له : مايكل شال شنو من البيت ؟ ورد على : ( جنابك انا قت مايكل كشر بيت بتآء أنا ) وقلت له : فهمت، ولكن سرق شنو ؟ وزفر بحرقة واجابنى : ( جنابه مايكل كشر كش بتآء مرة بتآء أنا وضرب بكفه مابين فخذيه وسرته ) ( ويا دوبك وقع لى ) كما يقولون ،فعرفت ان مايكل اغتصب زوجته ، وقلت له ان هذه جريمة خطيرة ولذلك اذهب فورا" الى محكمة السلاطين واشتكيه هناك ، وأبى واصر على ان افصل انا فى القضية ، واستدعيت الكاتب وهو شاب دينكاوى مقتدر وعاصر عميدين قبلى ، وسالته بعد ان صرفت الشاكى وطمانته بانى ساعاقب مايكل وطلبت منه ان ينتظر خارج المكتب حتى استدعى مايكل . سألت لوكا الكاتب ان كان قد مرت عليه مثل هذه القضية وكيف تصرف فيها من سبقنى من العمدآء ، فاجابنى بان هذا الشاكى اعتاد ان يخلق مثل هذه المشاكل عندما يكون مفلسا" ومحتاجا" لنقود ولا يذهب لمحكمة السلاطين التى تحكم بغرامة عدة بقرات على المعتدى ولذلك يفضل ان يحكم له العميد بعدة جنيهات نظير ( كشر البيت بتآع مرته ) . وجاء مايكل وطلبت الشاكى الذى كرر كلامه ، ولم ينكر مايكل ولكن قال ان المرأة راودته وبرضاها . وبعد ان وبخته وابنت له شناعة ما اقدم عليه لا سيما وهو معلم حكمت عليه بان يدفع ثلاثة جنيهات غرامة يعطيها للزوج ، واحتج مايكل بان هذا المبلغ كبيرويساوى نصف راتبه ، وقد كانت مرتبات الجنوبيين قليلة ولم تتساوى مع مرتبات الشماليين ، وخيرته بين ان يدفع المبلغ او ان يذهب الى محكمة السلاطين ، ورضخ وهو غاضب وطلب ان يدفع المبلغ على قسطين ، ورضى الشاكى على ان يدفع له نصف المبلغ فورا" , ( 3 ) التمساح والعم عبد الله وكبر الراس كان التمساح من النوع الضارى الكبير والذى يسمى العشارى اى يبلغ طوله عشرة أقدام ، وكان ميدان نشاطه الدموى مدينة سنار ، وقد أحال حياة الناس الى خوف دائم من ان يقتربوا من شاطئ البحر ، فالتمساح يخطف ( كف ) الانسان والغنماية والخروف والحمار والحصان ويفترس أى شئ ويبتلعه فى جوفه . والعم عبدالله كان ضابطا" متقاعد له مقدرة فائقة فى اصابة الهدف بالبندقية ، يعنى نيشنجى ، من الدرجة الاولى وصياد ماهر ولطالما جندل ببندقيته اسودا" ونمورا" وكثيرا" من الكواسر الوحشية . وكان للعم عبدالله مساحة زراعية بجانب البحر ( جروف ) يذهب الى سنار بعد انحسار الفيضان لزرعها . وعند وصوله الى سنار استبشر الاهالى خيرا" بان ساعة خلاصهم من التمساح قد حانت واستنجدوا بالعم عبد الله ، وكان من جسارة التمساح انه كان يخطف ضحايآه فى وضح النهار وكان يخرج من المآء الى القيف ، وربط العم عبدالله غنماية قرب شجرة قريبة من القيف وكمن ببندقيته وراء الشجزة وانتظر التمساح ، وجاء التمساح شاقا" المآء فى موجة عالية ، وكانت الغنماية تثغو بصوت عال وكأنها تستغيث ، وخرج التمساح زاحفا" مطمئنا" نحو الغنماية ، وهنا اطلق عليه العم عبد الله عيارا" اعقبه بثان فانقلب التمساح على ظهره على القيف ومات . وفى ذلك اليوم كان اهالى البلدة حاضرين على مسافة من الشجرة ، وعندما تجندل التمساح دوت الزغاريد من النسآء وصاح الرجال ـ أبشر أبشر ـ تسلم يا الفارس وصفق وهلل الاطفال وعمت الفرحة الجميع وكأنه يوم عيد ، وكان العم عبد الله يرتدى برنيطة ( قبعة ) واراد ان يخلعها ويجفف العرق من جبهته ولكن القبعة لم تنقلع الا بصعوبة , لقد كبر راس العم عبد الله . وهذا التعبيريطلق على الرجل عندما يسرفون فى مديحه والأشادة بفعله . ولقد انطبق المثل على العم عبد الله ، أو كما يقول العسكريون : بيان بالعمل . ( 4 ) تمساح الشايقية ـ وقصة اخرى من ديار الشايقية وتمساح آخر عشارى كان عاتيا" جعل حياة الناس جحيما" ولم يسلم من ضحايآه الانسان والحيوان ، وطلب الناس العون من الحكومة للخلاص من هذا البلآء ، وارسلوا لهم عساكر من قوة وقاية الحيوانات ، ولكن التمساح كان مراوقا" ماكرا" غدارا" ولم يستطيعوا اصطياده ، فلجأوا الى حيلة أو خطوة أخيرة ، فكلفوا حاج الماحى المادح المشهور بان يستغيث بأوليآء الله والصالحين ليسألوا الله ان ينجيهم من التمساح ، وأنشأ حاج الماحى مدحة من مائة بيت لم يترك فيها احدا" من اوليآء الله والصالحين الأحيآء منهم والاموات وتوسل بهم الى الله ليهلك التمساح ، ولم يخب رجآءهم واستجاب لهم ربهم ، ففى ذات صباح وجد الناس التمساح متمددا" ميتا" على شاطئ البحر ، واستراح الشايقية ، واقاموا الولائم وحلقات الذكر والمديح شاكرين لله . فمتى يتخلص السودانيون من تماسيح الأنقاّذ ؟! اعتقد ان الخلاص ببندقية العم عبد الله مدعومة بدعوات المظلومين من الشعب السودانى ما عدا الكيزان والمتكوزنين. هلال زاهر الساداتى
|
|
|
|
|
|