كلمة الرياض على من يرفع البشير عصاه؟! يوسف الكويليت
لا نعرف رمزية رفع العصا بمناسبات وطنية وحضور جماهيري يخطب فيها الرئيس السوداني عمر حسن البشير، هل هي لمن عصى، أم يهشّ بها على البشر بدلاً من الغنم؟
ولعل الأيام الماضية التي عانى فيها السودان الغرق بسبب الأمطار الهائلة والموسمية في كل عام التي نتيجتها هدم المنازل وذهاب الماشية والمزارع ألقت بظلالها على رفع أسعار الوقود فبدأت شرارة الاحتجاجات تنتشر في المدن والأرياف، وإن لم تصل إلى حلقة في الربيع العربي ربما لأن التجربة التي حدثت في الدول العربية خلقت مخاوف من تجارب مريرة مثل ليبيا وسورية، أو أن إحاطة البشير بقوات أمن ومليشيات وضرب الجيش والتي سخرت لها موارد البلد على حساب المعوزين والجوعى كانت جزءاً من خوف انتشار فوضى لا تقف على حدود خلاف بين المعارضة والحكومة..
ومن أجل أن يبعد عن الأزمات الداخلية افتعل البشير سفره لإلقاء خطاب في الأمم المتحدة كحق قانوني يمنحه مثل غيره تأشيرة دخول وخروج تحت مظلة المنظمة الدولية لكن الرد بعدم قبول دخوله الأراضي الأمريكية جعله يتراجع، ليسمح لبوارج إيرانية تزور موانئ السودان كعملية استعراض قوة..
قبل هذه الحوادث حاول اختراق أجواء المملكة العربية السعودية بدون إذن لحضور تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني ولكنه منع لأسباب قانونية وسياسية وأمنية عبور هذه الأجواء لكن الرجل الذي أصبح مطارداً دولياً بسبب المجازر التي أخذها سبيلاً لتثبيت سلطته.. هذه السلطة لم تمنع فصل الجنوب تحت ضغط داخلي وخارجي أجبراه على القبول بواقع فُرض عليه، لكن هل انتهى مسلسل الواقع السوداني بوجود حروب القبائل في دارفور، وكردفان، وولاية النيل الأزرق بمبدأ أن حروب الأطراف هي جزء من هدف إحاطة نفسه بقوة الداخل؟ لكن هذا لا ينفي أنه رغم الامتيازات والرفاه الذي تحظى به القوة المحيطة بالرئيس، فإن الشواهد بدأت تؤكد أن عناصر من داخل حزامه الأمني والقوة التي يعتمد عليها بدأت تعطي إشارات إنذار على شكل رسائل وتحذيرات من أن تجاوز الأزمات المتصاعدة لا يأتي حلها بالخطب ورفع العصا التي يهدد بها الجميع لأن «النار من مستصغر الشرر»، وبدايات الاحتجاجات التي ووجهت بالقتل، ومنع وسائل الإعلام وإقفال بعضها في زمن لم تعد هذه الوسائل ذات جدوى وهو الذي يعلم أن ثورة الخميني بدأت ب«الكاسيت» والثورات العربية بوسائط التواصل الاجتماعي، لا يمكنه وقف انتقال المعلومة من وسط ميدانها وبالصورة والكلمة، ولم تعد الزعامة جملاً غير مفيدة وسط جوع وخوف، وهجرة قسرية، أو تلقائية تفرغ البلد من مواهبه لتتحول إلى معارضة خارجية، وهذا الفعل والتعسف جرى مع حكومات عربية ودولية عندما تم احتكار السلطة بقوة أحزمة الأمن والدولة السرية التي تدار من الخلف، وقد سقطت ومعها موانعها وفصائلها..
شعب السودان ملّ من مضاعفات حياته البائسة، فقر وأمن بوليسي وحصار إقليمي ودولي، وجوار مع بلدان لا تتفق سياساتها وأهدافها مع السودان عندما عانت من هجرات الذين طردتهم الحروب، ولا يبدو أن البشير قرأ جيداً أحوال بلده والأجواء المحيطة به بما فيها الوضع العالمي طالما الاستقرار يُبنى من الداخل وهو الأمر الذي لا ينفع معه إصلاح لا يُرى إلا على الورق..
10-01-2013, 06:17 AM
Medhat Osman
Medhat Osman
تاريخ التسجيل: 09-01-2007
مجموع المشاركات: 11208
باع ثلث السودان، بعد أن كان أكبر الدول العربية مساحة، لتقام جمهورية جنوب السودان، مقابل أن يبقى هو في الكرسي. وتخلى عن كل نفط السودان، ليكون بذلك عمر البشير أول رئيس يتبرع بكرم لا مثيل له، أعطى كل بترول دولته، من دون أن يسأل أو يعتذر من أهالي آلاف الذين ماتوا في سبيل وحدة البلاد. فقد ضحى بشباب السودان في حرب الجنوب لعقد ونصف، معلنا أنه لن يتنازل عن شبر واحد، ثم تنازل عن ستمائة ألف كيلومتر مربع، ما يقارب مساحة دولة فرنسا. لا ننسى أنه جاء الحكم انقلابا، بالتعاون مع حسن الترابي في عام 1989، تحت اسم الإسلام وإنقاذ البلاد، ومنذ ذلك اليوم وهو يفعل كل شيء ليبقى رئيسا. خلال حكمه، نجح البشير في تحويل السودان الأخضر النفطي الغني إلى واحدة من أفقر دول العالم، وهرب معظم أهلها من الكفاءات إلى الخارج بحثا عن لقمة العيش. وارتكبت قواته مذابح في دارفور، غرب البلاد، لا تقل بشاعة عن جرائم الأسد في سوريا، باستثناء أنه لا توجد هناك كاميرات ووسائل إعلام تنقل أخبار مسلسل الرعب الدموي.
وعندما خرج السودانيون محتجين على رفع سعر الوقود، عمليا لم يعد هناك شيء يمكنهم أن يخافوا عليه. فقد دمر موارد البلاد، ومؤسسات الدولة، وحولها إلى مزرعة كبيرة له ورفاقه العسكر وأعضاء الحزب. وسواء أخضع المتظاهرون البشير للمحاسبة أم أنه قمعهم كما قمع مَن قبلهم، فإن السودان أصبح خرابا وإعادته إلى ما كان عليه سيتطلب معجزة سياسية. وهذا ما يجعل الكثير من القيادات التقليدية، التي نجح البشير في إقصائها، لا تتقدم صفوف الانتفاضة الحالية، مدركة أن التركة التي سيخلفها الفريق البشير لن يكون سهلا عليهم إدارتها، ولن يكون سهلا ترميم النظام الديمقراطي الذي انقلب عليه البشير.
خلال سنين حكمه الطويل تعاون مع تنظيم القاعدة، وتحالف مع حاكم ليبيا معمر القذافي سنين ثم اختلف معه في الأخير، وعقد صفقات مع النظام الإيراني، وقام بتأجير مناطق لتكون معسكرات ومخازن لأسلحتهم. وتعاطف مع الرئيس السوري، بشار الأسد، ضد شعبه عندما ثار عليه. وعندما أصيب البشير بالمرض طار إلى السعودية ليعالج هناك، رغم مواقفه السياسية ضدهم!
ولا يخالج بال أحد أن البشير سيتعامل برحمة مع الذين تظاهروا ضده، بل ينوي أن يفعل بهم ما سبق وفعله ضد أهل دارفور والجنوب، وضد أهل الخرطوم في انتفاضاتهم السابقة ضده. لن يتراجع الجنرال رغم مرضه، وعجزه، وكراهية أغلبية السودان لحكومته.
ورغم تاريخه السيئ، نتمنى عليه أن يسعد الشعب السوداني مرة واحدة بالتنازل عن الحكم، فيحقن الدماء، ويترك السودانيين يقررون مستقبلهم، ويفتحون صفحة جديدة، بلا ثارات أو حروب أهلية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة