|
|
 Re: الي بخاري دون القاب .. (Re: بخاري عثمان الامين)
|
Quote: (يا ربي مناي قبال أموت اسمع صوت جناي)
إلي بخاري بدون القاب
(....) أوووه حفوظ في عيد النساء و الكل بخير
انا: خير من وين انت كمان .... هسي دا زمن خير.... يا أخوانا لو دايرين تدعوا بالله في حدود المستطاع
(....) معليش يا حافظ سؤال سخيف ممكن؟
أنا: أيوا ممكن طبعاً اتفضل
(....) يا خي الوالدة انشاء الله علي قيد الحياة؟
أنا: لا حية ترزق قبل فترة كان عندها فكرة موت لكن شكلها صرفت نظر
(....) حافظ يا خي انت زول متهتك في زول قال ليك قبل كدا هههههه
أنا: ايوا عارف ما في زول قالها لي قدامي لكن عارفهم بوراي بقولوا كدا هههههه... انت الوالدة متوفية صح؟
(....) ايو اتوفت قبل 8 شهور و دا اول 8 مارس بدونها
انا: يا خي ربنا يرحمها و يوصلها الباردة
(....) اللهم أمين, يا خي انت عارف امي كانت طرشاء لكن طيلة ال 35 سنة الكنا سوا كان اجمل سنوات حياتي, كنا الاتنين بس, يا الله يا أمي, معليش يا خي ما داير ادبرس بيك نتلاقي وقت تاني
انا: لا ما في أي دبرسة واصل
و لم يواصل و إنما خرج و لم يعد و برضو ما داير يدبرس بي
and#8195;
الجملة أعلاه مزيج العربي الفصيح و الدارجي الحنين كانت أقيم ما عثرت عليه من بين مقتنيات أمي بعد سبعة أيام من رحليها... عرفت أن هنالك إختراع أسمه (أم) في الرابعة من عمري حينما سمحت لي تلكم المرأة فارعة الطول, وذات الوجه المستطيل و الذي كثيراً ما يشبه وجه المهر اليتيم, تعلوه غلالة سميكة من الكآبة فشلت كل محاولات التجميل و الاحتيال في كشطها, في الرابعة من عمري عرفت أن تلكم المرأة التي أشاطرها غرفة الجالوص الوحيدة و الحديث بيننا بالإشارة هي أمي و ذلك من خلال حوارات الجيران اليومية و عابري السبيل, حوارات من سلالة (ودي لأمك, قول لأمكم فلان أتوفي, أمشي لأمكم خلاص الدنيا ضلمت يا جنا, وقول لأمك سيد العدة جاء ... و الخ) و منذ تلكم اللحظة أضحيت أطلق عليها (يما)...مع هذه المرأة وحيدان عشنا في حي بالكاد الإنسان فيه يستطع التنفس بحرية لتراص مبانيه بمعمار كبريتي, و من مجموع هذه المباني كانت لنا غرفة تضاء ليلاً بلمبة القلوز التي تستخدم فقط في الحمامات الآن. لم أتساءل و كما لم يسألني أحد لماذا أنا و أمي وحيدين؟, أين أبي و بقية أسرتي, لم يتساءل أحد و اقتنعت أنني أبن زنا و قبلت ذاتي و الكل قبلني بهذه الصفة, ببساطة لأن هذا الأمر لم يكن منكراً حينها في ذلك الحي, و ساعد علي التقبل أن أمي صماء لا تسمع و تسير كافة احتياجاتها اليومية بأقل قدر من لغة الإشارة و لذا لم تخبرني من أين أتيت و من هم عشيرتي, ربما كان بمقدورها فعل ذلك و لكن لحسابات تخصها رفضت و معها كامل الحق و الخيار في ذلك الأمر.... المهم تعايشت مع واقعي بكامل التماهي و ربما الفخر بانني أبن حرام مؤصل و مفصل إلى حين ظهور نتيجة الشهادة السودانية و إذاعة اسمي كاملاً في مؤتمر صحفي يعقد سنوياً لهذا الغرض. أعلن المذياع بانني الأول علي مستوي السودان, في هذه المناسبة لأول مرة أري دموع أمي التي تدحرجت علي وجهها الذي بدأ في التغضن, تدحرجت كحبات الذرة عندما شرحت لها بلغة الصم إحرازي تلكم المرتبة, حتى الآن لم أعرف سر تلكم الدموع, لأن طيلة الاحدي عشر عاماً كنت الأول باستمرار و كل رد أمي علي نتائجي الباهرة كان بغمض أصابع يدها اليمني الأربعة و فرد أصبع الإبهام صانعة علامة (التمام) كرندوك محلي ابتدعه أهل الحي, و كذلك يختلف العشاء في ذلك اليوم قليلاً هذا كل ما في الأمر.... حتي مسألة إحرازي المرتبة الأولي علي مستوي القطر كان يمكن أن تمر بكامل الإعتيادية بالحفل الراقص الذي نصبه أهل الحي علي شرفي و الذي فيه أمي رغم صممها دخلت الحلبة تبشر وسط تأثر و دموع الجميع, كان يمكن أن يمر عادياً لولا ظهوري في التلفزيون و بخراقتي المعهودة أعلنت عنوان بيتنا كجزء من مبادلة الفخر بالمنطقة التي أفتخرت بي كثيراً, و لكن حدث ما لم يكن في الحسبان, ففي اليوم الثاني لظهوري تلفزيونياً ظهرت أفخم عربة في المنطقة, أفخم من تلكم العربات التي دوما ما تظهر بغرض كشات الخمور البلدية, الدعارة, و بعض من مظاهر السلوك الغير قويم في الحلة... حاول الأهالي بجزء من مكرهم المكتسب من حربهم الطويلة مع كافة الحكومات حاولوا تضليل العربة حتي يدخروا الوقت الكافي لإخباري بالأمر كي أتدبر أمري.... سرحت كثيراً و إحترت حول الذي يسأل عني بعربة فارهة و خاصة أنني لم أخترق أي قانون طوال السنة الماضية, في النهاية ضربت علي جبهتي متذكراً انني أول الشهادة السودانية.... أستقبلت الوفد الزائر في الغرفة الثانية التي بنتها أمي من ريع عملها كترزية فاقت شهرتها الأفاق حيث بدأ تأمها عروسات كل الأحياء الراقية بغرض خياطة فساتين الرقص أو فستاين لمناسبات فوق العادة, الوفد تكون من امرأتان أحداهن تزحف علي عتبة القبر و لكن لم تزل محتفظة ببعض الجمال لها ردفان فاصلان حياتهما عنها, أم الثانية فكانت عاهرة ضلت طريقها بالزواج, هاتان المرأتان عندما تأكدن من إسمي قالدنني باكيات وسط دهشة الأهالي, أم الرجل الذي يقود عربة اللاندكروزر فعلا وجهه حزن مزعج و الطفل الذي يصغرني بعامين لم يكن لديه ما يفعله في هذا الكرنفال و أكتفي بإخفاء توتره باللعب علي علاقة المفاتيح التي يحملها, بعد مدة من فراغ أحد الجارات من ضيافة هذا الوفد دخلت أمي بتبرج لم أعهدها عليه من قبل, إنتعلت حذاء ذو كعب عالي, جمعت كل شعرها و صنعت منه ما يشبه القباء و ثوب سهرة مربوط علي خصرها في محاولة بائسة لإظهار عجيزتها الضامرة , رفعت يدها في محاذاة وجهها علامة التحية و حينما همت المرأتين بالبكاء و الوقوف للمقالدة مرتين بيدها لوحت في الهواء علامة الاستمرار في الجلوس و لا داعي لأي تكلفة.... المهم قبل أن افيق من الدهشة جيداً رمي رجل الوفد أول جملة كخبر إقراري كاسراً بها موج التوتر قائلاً:
علي فكرة أنا أبوك؟
رديت عليه مستغرباً ب: كيف يعني؟
و عندما لم أجد منه إجابه لكيفي وجهت السؤال الي أمي مستفسراً, أومأت برأسها علامة الإيجاب, و بعدها بدأ الوفد يتكلم بينما أنا أترجم لأمي و منه عرفت أن المرأة ذات الأرداف المتهدلة هي جدتي و والدة أمي المباشرة, العاهرة التي في لبوس قديسة هي خالتي التي تصغر أمي فيما مضي, أم الطفل فهو إبن هذه الخالة و شقيقي من أبي.... علي ما أعتقد أني أمي خافت علي من الإنفجار أو الشلل و لذا قادتني الي غرفتها تاركين الضيوف مع أحد الجارات التي غادرت بدورها كي تزف هذا الخبر الذي لا يحتمل الانتظار, و في تلكم الجلسة عرفت أن أمي كانت تعمل أستاذة متوسطة و تزوجت بهذا الرجل الذي الآن زوج خالتي, و عندما كانت حامل بي أصيبت بالسحائي و شفيت صماء, أنجبتني في 7 شهور أي بعد ثلاثة أشهر من الأصابة بالسحائي, أنجبتني برأس قرعة خالي من أي خصلة شعر و حتي الأن جسمي غير قابل لانتاج الشعر, المهم أضحي ذويها يستعيرون منها و مني و عندما يحضر أي زائر في البيت كانوا يحكمون علينا إغلاق الغرفة .... و لهذا الأمر قررت أمي الرحيل الذي كان مرضي لكافة الأطراف و منحوها مبلغ من المال مع بعض الدعوات لها بحياة سعيدة خارج نطاقهم ... ضحكت و شاركتني أمي ايضاً الضحك ... رحل الأهل الغير مرغوب فيهم للابد بعد أن منحوني عنوانهم الجديد و لكن لم تراودني أدني فكرة بزيارتهم ليس لأي غضب أو بغضاء و إنما هكذا و السلام ... بعد سبعة سنوات من هذا الحادث توفيت أمي و في مقتنياتها وجدت (يا ربي مناي اسمع صوت جناي قبل أموت), و مع الرسالة وجدت سماعة الصم, أخيراً إستجاب الله لأمي و ماتت حينما سمعت صوتي. و غداً سوف أجدد جوازي لأن مبرر وجودي في هذه البلد أنتفي.
|
| |
 
|
|
|
|
بخاري عثمان الامين
هشام كمال عبادي
saif massad ali
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست