المفارقات التي شهدها السودان لا يصدقها العقل النعمان حسن الحلقة (1)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 02:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-27-2013, 02:22 PM

محمد نجيب عبدا لرحيم
<aمحمد نجيب عبدا لرحيم
تاريخ التسجيل: 03-21-2008
مجموع المشاركات: 4405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المفارقات التي شهدها السودان لا يصدقها العقل النعمان حسن الحلقة (1)


    المفارقات التي شهدها السودان لا يصدقها العقل- النعمان حسن الحلقة (1)

    متسول أعطيته ما يساوى مرتبي لثلاثة سنوات فقذفه في وجهي غاضباً

    وزير سلموه مرتبه 140جنيها عام 64 قال مسكين شعب حياكل كيف

    ضحيت بخروف بأربعة جنيه قديم في عام 68وبالف جنيه جديد (مليون قديم) في 2012

    التغيير والتطور سنة الحياة ولكن ما شهده السودان من تحول في خمسة وستين عاما لا يقبله منطق ويفترض إلا يصدقه عقل ولكنه حدث في السودان
    فالتحول الذي شهده السودان في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية إنما هو نتاج مباشر لإخفاق الحكم الوطني ولعل ما دفعني لتناول هذا الموضوع الذي اعتبره دراميا بل ميلودراما كوميدية بكل المقاييس طالما انه مضحك ومبكى في وقت واحد فلقد دفعني له إنني كنت استعيد مشوار حياتي وقد بلغت من العمر 74 عاما تسعة سنوات منها لم أكن المس فيها ما حولي حيث كنت طفلا ثم صبيا ولكن يا لها من مفارقات لا يقبل المنطق أن يشهدها إنسان في مسيرة عمره القصيرة.
    حقيقة وجدت نفسي وأنا استدعى رحلتي مع هذه الفترة فكنت في قمة الاندهاش وأنا أسال نفسي هل هناك منطق أن يشهد إنسان خلال هذه المرحلة العمرية خلال 65 عاما فقط أن يشهد هذا التحول والتغيير في المجتمع السوداني والتي لا يقبل المنطق أن يعاصرها إنسان في مشوار حياته الذي يعتبر قصيرا قياسا بالفترة الزمنية التي يفترض أن تشهد تحولات بهذا الحجم والذي لا يزال يحمل الكثير من الإضافات والمفاجآت إن مد الله في العمر لسرعة الإيقاع التي تتصاعد فيه هذه الأحداث والمفارقات الغريبة
    انه تغيير لو أخضعناه للمنطق والعلم ولتجارب الشعوب يفترض إلا يحدث في فترة زمنية قصيرة كهذه وبهذه المفارقات الغريبة حيث إنها تحتاج لقرنين من الزمان على الأقل ليشهد البلد هذا الحجم من المتغيرات مما يعنى انه بحكم إيقاع الحياة لا يجوز لأي مواطن سوداني أن يعايش هذه المتغيرات تجربة حياتي خلال عمره القصير والذي مهما طال لن يزيد عن القرن الواحد والذين عاصروا وشهدوا الحال في السودان بما يزيد عنى ربع قرن كانوا فيها اسبق لا أدرى كيف يكون حالهم وقد شارفوا المائة عام- بعد طول عمر ياذن الله – ولا زالوا يعيشون هذه المتغيرات التحى تندفع بسرعة تفوق الصواريخ كيف حالهم مع هذه التناقضات التي عايشوها في هذا البلد الذي يستحق أن نتوجه على رأس الأرقام القياسية عالميا.خاصة وإنهم قد عايشوا ما لم أعايشه لفارق العمر وهم اسبق بربع قرن. .
    هذه التحولات الحياتية الغريبة وبالرغم مما تمليه الطبيعة والزمن المتحرك ومضاعفة سرعته بحكم الطفرات العلمية إلا إن هذه المتغريات في الجزء الأكبر منها نتاج أخطاء تراكمية صاحبت فترة الحكم الوطني حيث إنها شكلت خطا احمر بين ما أورثه الاستعمار الانجليزي للسودان رغم سوءاته وبين الخط الفاصل بينه وبين الحكم الوطني بعد إن تحرر الوطن من الاستعمار ولا أقول هذا تجنيا على الحكم الوطني وانما بحثا عن تفسير لهذه الظاهرة الغريبة التي شهدت مفارقات لا يقبلها العقل.
    ولكنها الحقيقة فالانجليز أسسوا لقاعدة اقتصادية منضبطة تحكم التوافق بين إمكانات البلد وقدراته الاقتصادية بان أسست نظاما اقتصاديا يوازن بين الإمكانات والاحتياجات بحيث لا يختل الميزان بينهما وكان لهذا بالطيع أثره المباشر لما عايشه السودان من استقرار لقيمة عملته المحلية بالنسبة للعملة الأجنبية وكان على رأس هذه السياسة المتوازنة أن توجه الإمكانات والقدرات الاقتصادية المحدودة على ضرورات الحياة ة حتى تتوفر بعدالة لكل فئات الشعب ولو إن الحكم الوطني حرص على هذه القاعدة وهى من صميم مقومات العدالة حتى إن الأمثال التي كان يطلقها أجدادنا تعبر عن هذه المقومات بالفطرة عندما يقولوا ( أكل قدر قروشك) لو إنهم حرصوا على النظام الذي خلفه الانجليز لما أصاب هذه العلاقة هذه الشروخ في عهد الحكم الوطني الأمر الذي أدى لاختلال الميزان ولما كان نتاجه هذا الخلل أن يؤدى لفوارق كبيرة في المستويات المعيشية وأن يؤدى لهذا التحول والتناقضات الغريبة وهذا التدني بل الانهيار الشامل في قيمة الجنيه السوداني الذي أصبح السبب في صياغة طبقيا ولما عرف السودان هذه الفوارق الطبقية التي أصبحت واحدة من أهم أسباب عدم استقراره ومهددا لوحته لما تسبب فيه من فوارق حياتية بين مواطنيه بين طبقة قلة وفى منطقة واحدة من مناطقه تعيش حياتا مترفة مقابل المعاناة من الجوع والمرض للغالبية العظمى من شعب السودان مما صعد من الإحساس المبرر وتفجير العنف والحروب في أكثر من منطقة بسبب الإحساس بالغبن والظلم والتي أصبحت نتائجه ومخاطره اليوم اكبر خطر يتهدد استقرار السودان ووحدته.
    ولعلني أعود لهذا الأمر بمزيد من التفصيل بغرض معرفة الأسباب في حلقات قادمة حيث إنني أرى انه لابد من الاهتمام أولا بتسليط الضوء على هذه المفارقات والتي احسب إن أبناءنا اليوم لا يعلمون عنها شيئا وربما لا يصدقوها ولكنى أقول لهم صدقوها وان كانت لا تصدق.
    لهذا اقصر الحلقات الأولى من هذه السلسة لتوضيح هذه المفارقات الغريبة والقفزات التي شهدها السودان في هذه الفترة القصيرة والتي حسبها أصحاب المصالح انها انجاز وقفزة حياتية متطورة بينما هي في الواقع كتبت واقعا جديدا ومدمرا لطبقة ادني تضم الأغلبية العظمى من شعب السودان لمختلف مناطقه وأفرزت قلة مميزة استأثرت بحياة الترف والكماليات مع حرمان الشعب من الضروريات تمثلت في فئة الحكام مقابل شعب غالبيته يعانى من الفقر ومن ابسط الخدمات الضرورية وبصفة خاصة فئ المناطق المهمشة حيث أصبح الفارق كبيرا بينها وبين المركز الذي كان من اخطر نتائجه إن الغالبية العظمى من المواطنين هجرت مناطقها واستوطنت الخرطوم بحثا عن موطئ قدم فيها تبحث عن اللحاق بالركب بما هو مشروع وغير مشروع فبعضهم أجبرته المعاناة فيها ليحترف التسول أو دفعته للجريمة وللممارسات غير المشروعة والاتجار في المحظورات التي أملتها عليهم ظروف الحياة التي أصبحت قاسية بكل المقاييس وان انتقلت قلة منهم لطبقة المميزين ليشهد السودان أنماطا من السلوكيات وجرائم لم يألفها السودان عبر التاريخ قبل الإخلال بالتوازن الاقتصادي والاجتماعي الذي خلفه الانجليز بعد أن انهار الحاجز الأخلاقي الذي كان يميز الشعب السوداني حتى أصبح الاغتصاب للأطفال من الجنسين مألوفا القتل لأتفه الأسباب حتى أصبح ارتكابه جريمة عادية لا تلفت النظر كما انتشر النهب الوسيلة الأسهل للقمة العيش بل لأول مرة نشهد قتل الابن لأبيه ولامه والأخ لأخيه تعبيراً عن حالة نفسية أصابت مجتمعا عرف عبر التاريخ انه مسالما حتى إصابته حالة انفلات لا تخلوا من روح الانتقام من مجتمع لم يعد مستوعبا لأبنائه خاصة تحت ظل انتشار المخدرات هربا من الواقع مما جعل من هذه الوقائع خبرا مألوفا يوميا لا يثير الانتباه كما كان يحدث في الماضي ولازلت اذكر جريمة القتل التي اشتهرت بقضية بكار فما أن تداعى خبر هذه الجريمة ظلت محل
    جدل وسط المجتمع السوداني لما يزيد عن سنة وكذلك اختفاء واحدة من الآنسات التي وجدت مقتولة فكان صدى تلك الجرائم ولغرابتها على المجتمع السوداني محل دراسة وتحليل لسنوات لكن انظروا الحال الآن فلقد أصبحت هذه الجرائم تجارة رابحة للإعلام حتى أصبح لها صحف متخصصة ولم تعد تشغل الرأي العام حيث أصبحت امرأ عاديا يتوق المواطن لمعرفة ضحاياه كل صباح..
    كل هذا يرجع لخلل اقتصادي يسأل عنه الحكم الوطني والذي سببه تردى الجنيه السوداني الذي تسببت فيه سياسات الحكم الوطني لترغم المواطن ليصبح الجنيه السوداني الذي تمثل استقرار قيمته نعومة حياته وليصبح في حالة حرب مع الدولار وهو لا يملك مقوماتها وكلما حققته إن انتهت لصالح هذه القلة المنعمة على حساب شعب راح ضحية فى مواجهة معركة غير متكافئة في مواجهة العملة الصعبة فتحت حكم الانجليز وحتى مغادرتهم لم يشهد السودان هذه الحرب بسبب سياسة التوازن بين مصادره المحدودة واحتياجاته الضرورية لهذا بقى الجنية السوداني قويا قيمته اكبر من الجنيه الإسترليني ى بفارق قرشين ونصف كما تصل قيمته الثلاثة دولار وكان ذلك بسبب الضوابط التي وضعها الانجليز في موازنة العائد للسودان من صادراته بالعملة الصعبة وقصر الاستيراد في حدود المتاح من العملة الصعبة للاحتياجات الضرورية في حدود المتوفر من الدولار بغرض توفيرها لكل أهل السودان لهذا ظل الجنيه محتفظا بقيمته ولم تكن مصادر الدولة من الدولار توجه لغير السلع الضرورية والمواد الخام للصناعة المحلية وفق موازنة يتحكم فيها بنك السودان فيما سميت برقابة النقد الأجنبي, لا أريد أن افصل في هذا الأمر الآن وان كنت سأعود إليه بعد أن تقف أجيال اليوم على هذه المفارقات التي قلت انه ما كان لمثلى أن يعايشها ويشهدها لأنها تحتاج لقرنين من الزمان لولا السياسات الاقتصادية الخاطئة التي تبعت الحكم الوطني وان اختلفت فئ تدرجها حتى كان الدمار للجنيه السوداني الذي ذبح كما تزيح الشاة في عهد الحكم الوطني
    ولكن هل يصدق احد أن يبلغ التدني هذه الدرجة من المفارقات والتي يجهلها شباب اليوم ولا أظنه سوف يصدقها لهذا كان لا بد أن أخذ هذا الشباب في جولة سياحية ليرى كيف كان السودان وكيف هو اليوم.
    صدق إن كنت لا تصدق:
    في مرحلة الصبا لم نكن نسمع كلمة الجنيه حيث كنا نعرف أو نسمع فقط بالريال ابو عشرين قرش اكبر عملة معدنية متداولة ومن يحمل هذا الريال فهو ميسور الحال ويومها كانت العملة النقدية تتدرج من الريال ابو عشرين والريال ابو عشرة قروش ثم الخمسة قروش (الملقب بالشلن) القرشين(الملقب يومها بالفريني) فالقرش والقرش نفسه ينقسم لاثنين تعريفة أيى نصف القرش واقل من التعريفة ما تسمى (بالفرطاقة) وكانت كل فئة من هذه العملات متداولة فى السوق ويمكن لك أن تشترى بها بعض احتياجاتك الضرورية.
    والجنيه كان يساوى مائة قرش يعنى خمسة ريالات أبو عشرين وعشرة من الريال أبو عشرة وعشرين من أبو خمسة ومائة قرش ومائتين تعريفة وصدق ان كنت لا تصدق كل هذه الفئات النقدية لها قيمة في السوق وكان أمرا عاديا أن نكلف من الأسرة بشراء بعض احتياجاتها من الضروريات من السكر والدقيق وغيرها من السلع الضرورية ولا تحمل كثر من خمسة قروش أو ريال صغير وتعود منه بالباقي كما إن الجنيه السوداني وقبل أن يندثر كان يساوى عشرة ريال سعودي وثلاثة دولار فانظروا كيف أصبح الدولار يساوى سبعة جنيه جديد أي سبعة ألف جنيه قديم .
    ولما عرفنا وقتها العملة الورقية كانت تتكون من العشرة جنيهات ثم خمسة فجنيه ثم خمسين قرشا وأخيرا ربع الجنيه الملقب (بالطرادة) وكانت هذه أخر مراحل العملة وقتها عبر مسيرة الحكم الوطني بدأت قيمة الجنيه السودان تنخفض بسرعة غريبة لأسباب سوف يأتي توضيحها وللحقيقة والتاريخ يمكن تقسيم التدني في قيمة الجنيه السوداني لثلاثة مراحل المرحلة الأولى قبل انقلاب مايو حيث كانت نسبة الانخفاض اقل كثيرا من النسبة التي تعرض لها بعد انقلاب مايو حيث بدأت نسبة الانخفاض تتضاعف وذلك بسبب قرار اتخذه يومها السيد بدر الدين سليمان القانوني الكبير والذي كان وزيرا للمالية عندما ألغى رقابة النقد وعوم الجنيه السوداني وهذا التعبير يقصد به انه ادخل الجنيه السوداني في منافسة مع العملة الأجنبية دون أن يقابل ذلك ارتفاع في مصادر الإيرادات من العملة الأجنبية للحفاظ على قيمة الجنيه السوداني ثم جاءت مرحلة الحكم بإعدامه في مرحلة الإنقاذ والتي ضربت رقما قياسيا في هبوط قيمة الجنيه السوداني بسرعة الصاروخ منذ اصدر الأخ عبدالرحيم حمدي وزير المالية يومها قرارا بتحرير الاقتصاد أو ما اسماه الاقتصاد الحر لتنفتح بهذا أبواب الاستيراد للسلع الكمالية والترفيه بينما بقيت مصادر الإيرادات من العملات الصعبة على حالها بل تدنت لأسباب موضوعية وبالمناسبة لابد أن احي الأستاذ والفنان الكبير إبراهيم حجازي هذا الرقم الكبير الذي وثق بجانب مساهماته الفنية في الدراما والمسرح وثق بجهده الخاص تاريخ الجنيه السوداني بفئاته المختلفة عبر المتحف الذي جمعه بجهده الشخصي وفى هذا المتحف وثق للعملات القديمة التي تحكى تلك الفترة التاريخية قبل أن تحال العملة السودانية ذات القيمة لمتحف إبراهيم حجازي
    هذه المراحل الثلاثة بعد مغادرة الانجليز أحدثت تحولات كان بدايتها أن يحمل الجنيه السوداني بالجوالات من البنوك وللتداول فى السوق لتدنى قيمته ثم ابتدعت السلطة الدينار رأفة بالجنيه وكتابة نهاية للجوالات وأخير عاد الجنيه بعد أن هبط بسرعة الصاروخ وأصبحت الألف الجنيه من القديم تساوى جنيها واحدا عملة ورقية حتى لا تستخدم الجوالات في حمل العملة الورقية.
    ثلاثة مراحل تعرض لها الجنيه السوداني كتبت النهاية لقيمة الجنيه السوداني التي خلفها الانجليز وكانت قيمته اكبر من الجنيه الإسترليني ويساوى ما يقرب ثلاثة دولار . وهكذا تدهورت قيمة الجنيه السوداني حتى بلغ سعر الدولار فى السوق الحر سبعة جنيهات بالسعر الجديد وتساوى سبعة ألف جنيه قديم ولقد كانت المفارقة إن الجبهة الإسلامية عندما استولت على السلطة كان على رأس مبررات الانقلاب حماية الجنيه السودان من أن تهبط قيمته لخمسة وعشرين جنيها قديم وها هي تبلغ اليوم سبعة جنيه جديد أي سبعة ألف جنيه قديم.

    صدق وان لم تصدق هي الحقيقة
    فمن هنا كانت المفارقات التي شهدها السودان والتي كانت كما قلت تحتاج لقرنين من الزمان على الأقل فكيف لمن في مثل عمرنا أن يعيشها واقعا لهذا أدعو شباب اليوم لصحبتي في رحلة سياحية مع مفارقات الجنيه السوداني خلال هذه الفترة العجيبة
    1- حدثت لي تجربة غريبة مع احد المتسولين الذي استوقفني في الطريق وبعد عرض طلبه قدمت إليه جنيها_( جديد) مساهمة لمساعدته فثار في وجهه وقذفه في وجهي وانصرف وهو لا يعلم إن هذا الجنيه الذي قذفه في وجهي هو ألف جنيه قديم و كان يساوى ما يقارب مرتبي لثلاثة سنوات مما تقاضيته من مرتب وأنا مفتش في وزارة التجارة بعد تخرجي من كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم سنة 63 وحتى 66 حيث كان مرتبي الشهر حوالي 30 جنيها أي 360 جنيها للسنة.
    2-هل يصدق هذا الجيل انه كان يكفيني جنيهان (القديم) كرب أسرة كنت احملها في جيبي لسوق بحري وأعود محملا بأكياس الخضار واللحم والسمك والخبز وبعض الفواكه فى الستينات وحتى مطلع السبعينات ويا لها من مفارقة فلقد دارت الأيام لأذهب لنفس السوق احمل كيسا ملى بالجنيهات السودانية لأعود بنفس الحاجيات بل واقل منها
    3- ويا له من موقف ذلك اليوم في نهاية عام 64 وكان الشهيد جوزيف قرنق الذي تولى وزارة التجارة في حكومة أكتوبر كان يقف أمامي في الصف عند شباك الصراف بالوزارة لاستلام أول مرتب له منذ تعيينه وزيرا وكنت من خلفه أراقبه ولما كان الصراف يعد له مرتبه أمام عينيه وكان دون المائة وأربعين جنيها قليلا دهشت لما رايته يصرخ في وجه الصراف ويقول له( قروش ده كله بتاعه أنا) ولما أجابه الصراف تعم صرخ الوزير وقال (شعب ده حياكل كيف إذا نحن بنشيل قروش ده كله) كم يا ترى مرتبات الوزراء ومخصصاتهم وكبار المسئولين على كثرتهم مع كل المميزات اليوم وكم تساوى بالجنيه القديم وإذا كان قرنق يومها خاف على الشعب يأكل كيف لأته يتقاضى 140جنيها قديم فكيف يكون حال هذا الشعب إذن اليوم ومرتبات الوزراء والمسئولين بالجديد.
    4- لو إن الدهشة تقتل الإنسان لكنت احد ضحايا عيد الأضحية الأخير في عام 2012 وأنا اذهب لشراء أضحية العيد وبعد لت وعجن ومساومات انتهيت لشراء خروف وسط وليس من الخراف الميزة بقيمة إلف جنيه جديد أي مليون جنيه قديم وجئت به للمنزل ولما استجلبنا له (ضباح) إصر على إن أجرته 150 جنيها جديد لذبح الأضحية أي مائة وخمسون ألف جنيه قديم ووقتها وقفت أتأمل في هذا الخروف وهو ينظر إلى في لحظات وداعه ويمد لسانه لي ضاحكا وكأنه يقول لي ( تستاهل قايلنا نحن خراف زمان تأخذ الواحد فينا بأربعة جنيه قديم فقط أما الضباح فبطراده ربع جنيه مع الرأس وصدقوني ما دفعته ثمنا للخروف لم يكن يحققه سوق الخراف فى (الزريبة) يومها حتى لو باع كل الخراف التي تعرض للبيع ذلك اليوم. ترى من هو الذى ضحى بالاخر فى عام 2012 أنا أم الخروف سؤال يفرض نفسه فمن يجيب.
    5- كنت أطالع إحدى الصحف لحظة كتابتي لهذه الحلقة وكانت الصحيفة تنشر تصريحا عن أنابيب الغاز وكنت وقتها قد بعثت بابني لتعبئة أنبوبة الغاز وبإضافة أجرة الرقشة ذهابا وإيابا يصل المبلغ ثلاثين جنيها جديد أي ثلاثين ألف جنيه قديم ولحظتها رددت مع المغنى (يا زمن وقف شوية) فلقد عدت للستينيات عندما أصبحت رب أسرة فلقد كنت لما احتاج أنبوبة غاز اتصل عبر الهاتف بوكيل شركة شل فيأتي بعربته يحمل الأنبوبة حتى المنزل مقابل نصف جنيه أي 53 قرشا ولكن هل يسمع الزمن ندائي ويوقف شوية أم انه سيواصل بسرعة الصاروخ.
    6- أما حكايتي مع العربة الاوبل ريكورد حكاية ففي عام 68 كنت في زيارة لمدينة بون بألمانيا الغربية لصديقي وقريبي الأخ عبدالوهاب يوسف (الشعراني) وكان يعمل محاسبا بالسفارة ويومها كان الشهيد هاشم الغطا ملحقا عسكريا بالسفارة وهو زميل دراسة بالأهلية الثانوية وبمساعدته قمت بشراء عربة اوبل ريكورد قام هو بشحنها لي وبعد تخليصها جمركيا بلغت قيمتها 200جنيه وكانت الجمارك و 81 جنيه قديم ودارت الأيام وبعد عشرين سنة من ذلك اليوم غادرت السودان للقاهرة وتركت العربة لشقيقي الأصغر ولما كنت في القاهرة وقبل نهاية التسعينات تلقيت رسالة من احد أصدقائي يشكر فيها شقيقي الذي أهداه العربة ولكنه طلب منى أن أسعفه بمائتين جنيه جديد لشراء بطارية للعربة فضحكت وبعثت له برسالة قلت فيها أنا جبتها من المانيا بمائتين جنيه قديم تقول عايز نفس المبلغ 200 جديد لشراء بطارية لنفس العربة والآن البطارية حسب ما سمعت شارفت الألف جنيه أي مليون جنيه ما يساوى ثمن العربية خمسة مرات
    7- ولكم أسفت على مستند اطلعت عليه مع احد الاخوة لم تسعفنى الذاكرة به واتمنى ان يكون من بين الذين يطلعون على هذه الحلقة وكان هذا المستند خاصا باجتماع ضم مجموعة من كبار الشخصيات في توتي من معلمين وموظفين وفى هذا الاحتماع كما يقول المستند إنهم انتدبوا لجنة من بينهم كان رئيسها العم محمدا حمد عبدالقادر ناظر خور طقت ومؤسس الخرطوم الثانوية وكانت مهمة الوفد أن يلتقي بشخصية معينة لينقل لها صوت الشكر الذي قررته اللجنة لها لمساهمتها الكبيرة بالتبرع لعمل خيري بخمسة جنيهات قديم ولعلني اطلب من هذا الصديق أن اطلع على هذه المقالة أن يزودني بهذا المستند الذي يستحق نشر صورة منه.
    8- حقا يا زمن يحق لنا أن نقول لك وقف شوية ورفقا بضحاياك فلقد حكم هذا الزمن أن يتقاضى بعض المطربين حسب ما علمت عشرين مليونا بالقديم من اجل إقامة حفل زواج لفترة لا تتعدى ساعتين قبل أن ترفع الحفلة رسميا وكان اكبر الفنانين والذين لم تنجب حواء السودان مثلهم اليوم بدءا من جيل كرومة ثم الكاشف والنقيب احمد المصطفى وحسن عطية وسيد خليفة وابوداوود في الأربعينات والخمسينات والستينات وغيرهم من عظماء الطرب والذين كانوا يحبون الحفلات بلا مقابل وكما إنهم يواصلون الحفل حتى صباح اليوم التالي ولا يكلف الحفل منظموه إلا وجبة العشاء وبالمناسبة لما قررت الزواج في عام 67 دفعت مبلغ 200جنيه قديم دون شيلة أو أي منصرفات أو صالة أو فطور عريس فما رأى ذلك المتسول الذي قذف في وجهي يومها الجنيه جديد الذي يساوى ألف جنيه قديم والذي كان يكفيه للزواج بأربعة زوجات ولولا الشرع لقلت له خمسة
    9- في عام 74 تم إعلاني عبر المذياع بمنحى سلفية بناء منزل بحلفاية الملوك من البنك العقاري وكنت قد تقدمت بطلب السلفية في عام 66 وقمت بتشييد المنزل على قطعة ارض قيمتها 200جنيه قديم ولكن المفارقة هنا إن طن الاسمنت كان سوق اسود 17 جنيه قديم والسعر الرسمي 14جنيه عطبرة والمفارقة الأكبر إنني لما استقلت من الخدمة كانت فوائد خدمتي لتسعة سنوات 200 جنيه قديم.
    10- لننسى الستينات ولنلج باب الرياضة قليلا ففي الربع الأخير من السبعينات قد شهد منح اتحاد الفنانين قطعة ارض بالموردة لبناء دار الفنانين عليها وكان نقيب الفنانين يومها احمد المصطفى وبدأ الاتحاد في التخطيط لبناء الدار ويومها كنت أصدرت صحيفة نجوم وكواكب في أغسطس 78 وفى ثاني عدد لها تبنينا في الصحيفة مبادرة ليساهم الرياضيون في دعم الاتحاد لتشييد داره ووجدنا ترحيبا حارا يومها من الهلال والموردة اللذان قبلا اللعب لصالح الدار كما تنازل الاتحاد يومها من نصيبه فى الدخل ولعبت المباراة حيث لعب ضربة البداية يومها النقيب احمد المصطفى وهنا المفارقة فلقد حققت المباراة دخلا بلغ ثمانية ألف جنيه قديم (8جنيه)جديد وتم تسليمها للاتحاد يشيك وكان يومها طن الاسمنت لا يصل 20 جنيها وطن السيخ تسليح 55 جنيها وهكذا كان أساس النادي مساهمة من الرياضيين ولكن انظروا لأسعار الاسمنت والتسليح اليوم حيث وفر لهم المبلغ ما يعادل أربعين طن اسمنت
    11- كانت أجرة التاكسي بين المحطة الوسطى الخرطوم والمحطة الوسطى امدرمان بقرشين ونصف حمولة خمسة ركاب وعشرة قروش طلب خاص ولما تمت توسعة كبرى النيل الأبيض وبسبب الضريبة التي وضعت على مدخل الكبرى تم رفع الأجرة لخمسة قروش وكانت هذه الزيادة سببا في موجة تذمر واسعة وسط الأهالي ى بالرغم من إن المواصلات كانت متوفرة بالترام والبصات وبسعر إسمى.
    12- وحتى لا ننسى الإعلام فلقد كانت الصحف السودانية في حدها الأقصى في تلك المرحلة تباع بخمسة قروش قديم ومن طرائف تلك الفترة أن الحكومة العسكرية في نوفمبر حكومة الجنرالات كما اصطلح على تسميتها فلقد أصدرت صحيفة يومية اسمها الثورة من 16 صفحة وكانت تباع بقرش والطرفة يومها ان ملك الفكاهة والسخرية يومها الخزين الذي اشتهر وسط الرياضيين كأهم آلية إعلامية رياضية متجولة فلقد كان يحمل كميات من هذه الصحيفة التي لم تكن تجد أي صدى لدى القراء إلا إن الخزين نجح في تسويقها في دور الرياضة عندما كان يصيح عبر مكبر الصوت المتحرك الذي يستخدمه للترويج الإعلامي فكان يصيح عبر المايك ملوحاً بالصحيفة في الاستادات وكان اللعب عصرا في عز السخونة ولم يكن الخزين يصيح الثورة بقرش وإنما كان يصيح (البرش بقرش) مستغلا حاجة الجمهور لما يجلس عليه في ذلك الجو الحار.
    والى اللقاء في الحلقة القادمة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de