|
ليلة الحشد بميدان الخليفة....بقلم عثمان ميرعني الحسين
|
ليلة الحشد بميدان الخليفة في الأحداث التي تكتسب أهمية خاصة ..أحرص أن أكون من شهود العيان.. يساعدني ذلك في التحليل السياسي للحدث ويقربني أكثر من المشهد وتعليقات المشاركين فيه. مساء اليوم السبت 29 يونيو 2013 قصدت بسيارتي ميدان الخليفة في قلب أمدرمان.. فالناس كلهم يترقبون بدرجة من الاهتمام الحشد الذي أعلنه السيد الإمام الصادق المهدي.. عندما وصلت إلى مشارف ميدان الخليفة من مدخل الشارع أمام مركز شباب أمدرمان ولاحت لي بعض سيارات.. تصورت أنهم سيمنعوا اقتراب السيارة من الميدان.. لكن الشارع كان مفتوحاً وبسهولة وصلت إلى المدخل الشرقي لميدان الخليفة.. وكان حينها السيد الصادق المهدي بدأ القاء خطابه.. رأيت أن استكمل المشهد كله قبل الدخول إلى الميدان.. درت دورة كاملة حول الميدان حتى وصلت إلى البوابة الغربية جوار مبنى محلية أمدرمان.. هنا كانت سيارات الشرطة كثيفة ومعها (بكاسي) قوات الأمن.. في وضع استعداد كامل.. لكن دون تدخل حيث كان كثير من المواطنين في طريقهم إلى الميدان.. عندما اقتربت – راجلاً – من مدخل الميدان الغربي.. فجأة بدأ مجموعة من الشباب تهرول في اتجاه الخروج كأنما هناك هجوم محتمل من الشرطة.. لكن اتضح أنه مجرد محاولة "تشويش" لم يعرف مصدرها. دخلت الميدان واستمعت لخطاب السيد الصادق المهدي.. ومن أول وهلة استطعت التقاط اتجاه الريح. رسالة المهدي واضحة.. استعراض القوة (العددية!!) للجماهير التي تستجيب لدعوته للحشد.. وكلمة (العددية!!) هنا مهمة لأنه حرص على أن لا تكون لهذه التظاهرة أي امتدادات (تفاعلية).. تستمع الجماهير للخطاب من المنصة وتنصرف.. واستعراض القوة (الجماهيرية) موجه للحكومة ولبقية أطياف المعارضة.. وربما للخارج أيضاً.. لتقديم مؤشر جديد لقراءة الأوزان السياسية.. بعد تطاول الزمن على آخر مؤشر قياس (انتخابات عام 1986).. استخدم السيد الصادق لغة (تحليلية) بدلاً من اللغة (الجماهيرية) التي تستخدم في مثل هذه المنابر.. لغة أقرب للغة (منبر الجمعة).. بصوت هادئ غير منفعل.. وبجمل وعبارات تتجنب اثارة الحمية السياسية.. وأكد على ذلك بدعوة مباشرة لاستبعاد (المندسين).. كان واضحاً أن السيد الصادق المهدي يقبض بكل قوة على جيبه حتى لا يسرق أحدهم (عود الثقاب) ويطلق (الشرارة!!).. التي يبدو أن كثيراً من الحضور جاء خصيصاً في انتظارها.. عندما أنهى كلمته.. أطبق صمت في أرجاء الميدان إلا أن مجموعة ربما (عدة مئات) من الشباب.. أنخرطوا في هتاف مباشر.. (الشعب يريد اسقاط النظام).. ورفعوا لافتة يبدو أنها كانت جاهزة ومخبئة جيداً في انتظار (ساعة الصفر). المظاهرة التي بدت تكبر قليلاً قليلاً.. غالبها شباب.. لفت نظري أنها تحركت في اتجاه البوابة الأكثر اكتظاظاً بالشرطة وقوات الأمن.. وطبعاً الفكرة واضحة.. جر الشارع إلى المظاهرة يحتاج إلى بعض المساعدة من الشرطة.. قنابل (بونبان).. بعض أصوات الفرقعات ورائحة الغاز المسيل للدموع.. كل ذلك من أهم لوازم المظاهرات الناجحة.. لكن الشرطة يبدو أنها كانت على علم بالفخ.. لم تطلق أي غاز.. فانحسر الهتاف مع مرور الوقت.. وبدأ الجميع في تكوين حلقات نقاش.. للتعليق على الحدث.. ثم التلاشي.. ظللت في المكان حتى انصراف آخر مشارك..
|
|
|
|
|
|