|
دكتور أحمد طرأوة فى شاطئ كاليفورنيا الغربي يرثى الشاعر ابوامنة حامد
|
الاخ الشفيف والصديق الذى ضلا طريقه بالخطأ لمهنة الطب الدكتور أحمد طرأوة حيث أنه اديب من الطراز الاول ومن المهمومين بقضايا الوطن والفن والادب فلقد ارسل لي الدكتور احمد رسالة تئن بالحزن والوصف الادبي الشيق فى رثاء الاستاذ الشاعر ابوامنة حامد فوددت أن اشرك اعضاء المنبر فى هذه الكلمات التى سطرها يرأع الدكتور أحمد طرأوة:
يا محمد عزائي ثم مودتي .. الان تقف عقارب ساعة ذلك القلب المفكر و الجسور معا ! و هل اتاك من قبل حديث القلوب المفكرة ! كان ابو آمنة يفكر و يفعل و يتحرك و يكتب و يقول بقلبه و ليس بعقله .. ! وكم كان سعيد الحظ بمفارفته درب المتكلمة من اهل العقل , وهي مفارقة وإن منحته امان النفس و نقاء السريرة , و جزالة الخاطر الا انها عادت و القت به فى اتون المثغبة و انعكاس الاحوال , فجرى عليه قول علي احمودي الذي عرف قديما عند نواحي مدني السني بعلي المساح : زمنى الخائن .. ما بدورلو شهود ! ظل ابو آمنة و صديقه الراحل توفيق صالح جاويش اشد الناس حساسية لخيانة الزمن و لما جرى و يجري , و يكثران من ترديد قول المهندس الوطني منسوب المؤتمر علي نور وهو يصف زمنه الخائن ايضا و يخصه بقسمة تتقاصر امامها الأفهام : المال عند بخيله .. و السيف عند جبانه ! و استتباعا يجوز لنا القول ان ذلك البجاوى النازل من تلال البحر الاحمر الي ساحات الوسط النيلي , هو بالفعل من واضعى حجر الاساس لمدرسة ( القلوب المفكرة ) , وهي مدرسة تخلقت قصدا بمنطق التاريخ و استنادا علي قوافي عتيق و عبد الرحمن الريح ذات الطابع الانتقالي المثير للدهشة ! و لكنها ايضا مدرسة نهضت عفو الخاطر و في اتفاق تام مع ما يعرف ( بالامتناهي الرومانسي) !! و حتى لا ابدو كمن يمزج حيثيات المدرسة الفنية الثانية و اسئلتها الكبيرة ( وهي اسئلة ما انفكت تستطيل و تتمدد منذ محاضرة مسقط الغنائية تلك ) , مع مفاهيم الرياضيات العالية و الامحدودة , فانني و الله لم اجد اي دوافع كافية تفسر ذلك النوع من التعبيرية الاستثنائية الغريبة و القائل (و بكى المساء الوردي و ارتعشت .. كل النجوم عشية السبت ), و الذي جاء علي لسان محمد حسين القاضى بسبب تخلف محبوبته عن موعد السبت , اقول لم اجد تفسيرا سوي ان القاضي كان بالضرورة يفكر بقلبه ! و القاضى هو من اهل الراحل ابوامنة بحي المسالمة , ويوم ان دار بينهم خلاف اخوى و ودى برىء حول انتماء ابو آمنة للون السماوي في مقابل مريخية آل القاضى , فقد تابع ابو آمنة ايضا قلبه دون عقله , و اخذ عزاله و خرج , فما و جد امامه ملاذا سوى بيت عبد الله خليل الذي كان دائما يُبقي بابه مفتوحا ! حكي لنا مرة الامير نقد الله (و المجد عوفي اذا عوفيت يا امير) مفسرا لظاهرة ان مدحل منزلهم بودنوباوي لا يوصده باب ان كان حديدا او خشبا , حكى لنا بان و الده الامير الكبير كان قد خلع باب المنزل و قذف به بعيدا منذ ستينيات القرن الماضي , فقط لكون ان بعض الاحباب من نواحي بحر ازرق حضروا و طرقوا الباب و لم يفتح لهم احدا ! اذن قال الراحل ابو آمنة وجدت باب عبد الله خليل مفتوحا فدخلت و عشت مع امير و اخوته و ذلك الببغاء الذي يحسن القول ردحا من الدهر . وعلي ذات نهج القلوب المفكرة تجشم صديقكم التجاني سعيد نوع آخر من االتعبيرية الغريبة يوم ان قال : اصلوا العمر كان دربا مشيتوا كسيح .. كان غرسا سقيتو بُكا و قبضت الريح ! .. وكنت قد حدثتني يا محمد عن سعيد اخبارا وحالا انفطر لها قلبي حين لقائي الاخير معكم بمسقط , و لولا التفكير قلبا و سريرة , لما تحقق ذلك الصعود الرومانسي الاستثنائي لحالات الافصاح و الكلام عند العشاق كما جاء عند الراحل عثمان خالد فى قوله الغريب ايضا : حتى القمر غار من صفاك و اصبح يردد في الصلاة .. و جاك المساء يؤدى الفروض .. داعب شفايفك و غازلها ! وان كانت الحيرة القديمة هي ما اصاب علي المك علي يد ابو صلاح في قوله : اذا ادار لحظه علي جبل دكالوا .. و ان بسم اجرى دمع السحاب ابكالوا , فان حيرة المحدثين من جيلنا قد بدات يوم ان جاء الراحل ابراهيم عوض عبد المجيد بكلمات جديدة غريبة من ذات مدرسة القلوب المفكرة وهي تقول : و اصبح يشيل من الغيوم و الشمس و يلون صور .. من دمه كان بروى السطور يا غالي و يقول فيك شعر .. لو ما بتحن ! مالك مضوق قلبي في دنياك مر .. يا بهجة يا لهفة مشاعر الناس , و يا فرح العمر .. يا صديقي الاول , او كما قال مصطفى مخاطبا السر سلفاب في اغنية اخرى من بنات القلب , بالرجاء ارفع جزيل مودتي لا هل المنبر الذين حملوا عنا فرض الكفاية و العين معا في مسألة حب السودان و تجشم العناء في ابراز محاسنه و حقائقه , و لعلهم يقبلون مني تصحيح اضافي يقول بان بُر محمد نور و هو من نواحي توتي , هو من كتب لحمد الريح انتي كلك زينة و عايمة كالوزينة , و كتب ايضا رائعة ابراهيم خوجلي افكاري تايهة .. من اوصاف عديدة ظهرت لي قوافي و فنون جديدة .. رحم الله ابو آمنة حامد الذي انشد في فضاء المد الرومانسي السوداني قائلا : بنحب من بلدنا ما بره البلد .. مين في الدنيا دي اجمل من بناتنا .. ثم تجاسر في الصورة الشعرية و تلاعب بالاخيلة فسكب علي الروبة و الديس القديم اطنان من دهب البرتي المُسال , فتدلى فقط و لم ينسكب ... لاهل المنبر السلام كلما ساجع ترنم او غنى شادى الاوطان .. احمد طراوه .. نواحي الساحل الغربي الامريكي
|
|
|
|
|
|