صهوةُ الفيل !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 11:10 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-09-2013, 11:35 AM

shazaly gafar
<ashazaly gafar
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1604

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صهوةُ الفيل !

    صهوةُ الفيل !
    شاذلي جعفر شقَّاق
    [email protected]

    أفرغَ ذاكرتَه مثل حقيبةِ جنديٍّ عائدٍ من معسكر التدريب ..نبشَ محتوياتها التي لا تَمَتُّ إلى بعضِها البعض بِصِلة..بعثرها في غرفة خلوته الرطبة العطنة ..أخذتْ عيناه تتنقَّلان مترفِّقتان كحُفاةٍ داخل غابةِ سنط ..يداه تدخلان وتخرجان من جيوبه الكثيرة كدِلاءٍ تصْدُران عن بئرٍ مردومة ..تتحسَّسان مخابئَ وهميَّة لمفقوداتٍ لم تمتلكْها يوماً ..تبحثان عن شئٍ ولا شئ ! قدماه تغازلان الخُطى على قارعةِ السرير ..دائماً ما كانت تبتدئ عمليةُ البحثِ من حيث انتهتْ أو تنتهي من حيث ابتدأتْ .. وبين كلِّ فيْنةٍ وأُخرى يعبثُ سبَّابتُه بـأرْنبةِ أنْفِهِ ..كأنَّه يضع شولةً منقوطةً لاستئناف العبثيَّة اللا متناهية !!
    ما فتأ الرجلُ ينشُدُ ضالَّتَه ، وما ضالَّتُه سوى اسمه الذي رمز إليه بالحرف (س) أثناء عمليَّةٍ حسابيَّةٍ معقَّدةٍ كان قد حاول إجراءها – لا يذكر متى – في أحد فصول السنة الكبيسة ..كان يحفظ القاعدةَ عنْ ظهْرِ قلب ، ولكنَّ التطبيقَ أدخله في حَيْص بَيْص من حيث يدري ولا يدري ..! بدءاً درَج على العودة إلى المبتدأ كلَّما غاب أثرُ الخبر ..كثيراً ما عاد سالماً غير غانمٍ من الخطوة الثالثة أو الرابعة، بيد أنَّه عندما عاد من تلك الرحلة المغامرة لم يَجِدْ مِن مضرب مُبتداه سوى الطلل الدارس وبعر الآرام المنثور على عرصاته ..!
    فمنذ ذلك الحين طفق الرجلُ يبحث عن اسمه الذي رمز إليه بالحرف (س) قانعاً من غنيمة (وهو المطلوبُ إثباتُه) بإيابِ الحصول على اسمه الحقيقي لاغير ! ولكن هيهات ، فقد تمنَّعتْ عليه المُعْطيات وأشاحتْ عنه بوجهها العابس وتولَّتْ .. تنكَّر له السؤال نفسُه في زِيِّ إجابةٍ ذات خلاخل وغُنْجٍ وجمال ، تدعوه إلى نفسها ، بل تُراوده عن نفسِه وتقُدُّ قميصَه من دُبُرٍ ومن قُبُلٍ ، وتهدِّده بالزجِّ في غيابتِ السجن حيث تفرِّق بينه واسمه إلى يومِ يُبعثون ! إلاَّ أنَّ الرجلَ لا يبتغي غير اسمه الذي فرض له الحرف (س) في تلك السنة الكبيسة .. ولمَّا لم يَجِدْ بُدَّاً من الهرب ؛ فقد تخلَّى عن اسمه وهو صاغرٌ ، ثم قفل راجعاً يبحث عن (صفةٍ)عِوضاً من الإسم الضائع..!
    أيقن أن ليس أمامه إلاَّ رعي معيز إبليس ..والتحديق الساهم ..ونبش فوضى غرفته الرطبة مثنى وثُلاث ورُباع وبرُغم ذلك لم يَرَ بين أشياءه المبعثرة أمامه وخلفه طرَفَ خيطٍ يُمكن أن يقوده داخل تلافيف عتمتِه الداكنة وغبش بصيرته العمشاء إلى نارٍ يعشو إليها عسى أن يأتي منها بقَبَس !فقد كانت مجرَّد أشلاء من عُقَدٍ منفوثٌ فيها ..بقايا أحداث سيَّئة التوثيق ..طيوف متسربلة بعَباءات الفجر النديَّة مقنَّعة بسحائب التقادم ..بُقع على ثوب الماضي لم تمْحُها تصاريف الزمان ..قطع من قصدير معتركات الحياة يحمل بعضها توقيعات ممهورة بدماء الصدق الذي أُهدرُ دمُه ولكن بعد أن بلَّغ الأمانة ..صُور ونِتَف من قُصاصات مطموسة المعالم ، ما عدا وُرَيْقتين بيضاوَيْن متساوتين طولاً وعرْضاً على جانِبَيْ مَنبتَيْهما شراشف تشي بوجود أخرام سابقة ساعدت على اجتثاثهما يجاوران لُفافةً مستديرة يغطِّيها مِعطف بلاستيكي ، تبدَّتْ من خلالها صفةٌ كانت ولا زالت مصدر تعيير من كلمةٍ تبدأ بحرف (الميم) ! إذن لا مناص من التجريب لسائر الحروف ربما تخلَّقتْ كلمةٌ شوهاء أو ممسوخة إلاَّ أنَّ حفظه للأبجدية توقَّف عند الحرف (راء) !
    انتابتْه فكرةٌ مجنونةٌ وهي أن يفرض للصفة التي سقطتْ من جُراب ذاكرته بالحرف (س) ولكن سُرعان ما عاد إلى غَيِّهِ مُستدرِكاً بعبرةِ السقطة الأولى وما كان له أن يلدغ من الجحر ذاتِه مرَّتين ولا ينبغي .. عدل مُرغماً عن فكرةِ البحث عن صفة يستعيض بها عن الاسم المفقود ..قرَّر أن يبحث عن جذور ذاته وهو يقنع نفسه ببعض همهماتٍ في غَسَق السكون ظنَّها فلسفةً تضرب بقيمةِ الإسم عرض الحائط تحديداً المكتوب عليه : (ممنوع التبوُّل هنــا يا حمـــار )!وأنَّ القيمة الحقَّة تكمن في المُسمَّى لا في اسمه الذي يُمكن أن يكون (س) أو (ص) أو أية مصيبة زمان ! كينونة الشخص هي البؤرة التي يشعُّ منها معنى إنسانيَّته ..هي الجسر الذي يربطه بالآخر ..هي صومعة (الأنا) المتصالحة مع (مسيد) الآخرين ..! ما ضرَّني لو أنَّني سرتُ بين الناس ..أمشي في الأسواق ..آكل الطعام ..اتزوَّج النساء واضرِبُ في أرضِ الله أنَّى شئتُ بلا اسم ..سُحقاً ..فليقطع اللهُ دابرَ الذين يعيِّرونني بأني نسيت إسمي أو هيمان أو ساهم أو حيران !
    الآن وقد أزِفَ الخروج من قوقعة نسيان الاسم – قال لنفسه – بصوتٍ غليظٍ كأزيز الوَحَل وهو يمُدُّ يده نحو أشياءه - وإنْ شئتَ خزانة ذاكرته - المبعثرة ..! الاختلال في تقدير المسافات بين الكفِّ وما يتناوله ..العينان ُمحْمرَّتان مصْغرَّتان متورِّمتان ..الشفتان يابستان كخدود الصحارى ..الحلق جافٌ كرياح الصقيع ..إحساسٌ غامضٌ وشاحب القسمات يرتسم على الوجه المجعد ..رغبةٌ جارفةٌ في البكاء المرير.. الضحك الهستيري ..في الثرثرة الصاخبة .. الصمت العقيم ..في النوم العميق ..الأكل الملهوف ..في الخروج على الملأ ..استمراء الخلوة .. الاستمرار في البحث عن الإسم الضائع ..لا استبداله ..أبداً ..صرف النظر عنه نهائيَّاً !
    فيم هذا الجهد الذي أبذله – حدَّث نفسه- لا أرى ضرورةً للمْلمة أشلاء الذاكرة وجمع أوصالها المبعثرة ..لا أريد شئياً غير الخروج من خلوتي للدخول فيها ..ها قد صدق القائل إنَّ الآخرين هم الجحيم ! إذن داوني بالتي كانت هي الداء ..!
    تمدَّد على أريكة ذكرياته المنهكة ..توسّد ذراع خدره اللذيذ ..ترحَّم على الزمن وكلِّ أوقاته المُضاعة وواجباته المؤجَّلة دوماً إلى الغد وإن شئتَ الدقَّة إلى غير مُسمَّى ! زفر دُخان أيامه الهباء ..عرَج إلى تلَّة أوهامه ..أطلق لحية عُزلته في فضاءٍ رحيب ..اعشوْشبتْ الأرض ..الشقشقات ..الصفير ..النقيق ..الصياح ..الثُغاء ..نهيــم الفيَلة الذي يلتهم كلَّ الأصوات المجاورة ..أناخ منهنَّ فيلاً ضخماً .. امتطاه .. تخذ طريقه في خيال الغاب سرَبــا .. طار به السماء ..تبودلت الأشياء .. فرَّختْ أغنيات الجنيَّات .. غرَّدت النوق العصافير ..نهقتْ الأرانب ..ماءتْ اللبوءات ..زمجرت الأغنام ..فاحت أزاهر التُرَّهات ..تبرَّجت السماء ..ارْتَدت البمبي ..تبدَّتْ قتنتُها ..قالت هيت لك ..غازلت قدماه الخُطى على قارعة السرير ..عابث سبَّابتُه أرنبة أنفِه كأنَّه يضع شولةً منقوطةً لاستئناف العبثيَّة اللا متناهية !!


    الوفاق – الخميس – 14/2/2013م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de