نص : نداء الإصلاح والنهضة تحت شعار (الانفتاح , الحوار , الشراكة)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 08:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-13-2013, 09:48 PM

أبو عبيدة البصاص
<aأبو عبيدة البصاص
تاريخ التسجيل: 09-29-2006
مجموع المشاركات: 4127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نص : نداء الإصلاح والنهضة تحت شعار (الانفتاح , الحوار , الشراكة)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين ونصلي ونسلم على سيدنا محمد
    أفضل الخلق أجمعين
    يقول تعالى: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {هود/88}.
    نداء الإصلاح والنهضة
    ديباجة
    الانفتاح , الحوار , الشراكة
    الإخوة والأخوات في الوطن: انه ومع التسليم بالانجازات وعلى مختلف الأصعدة الوطنية, تلك التي حققتها الحقب والحكومات الوطنية منذ فجر الإستقلال وحتى اليوم, ولما كانت هي إنجازات لا تخطئها العين, إلا إن هذه المنجزات لا تتناسب وإمكانيات السودان البشرية وموارده الطبيعية, مما جعل مواقع الخلل والقصور في الحياة العامة تبدو ظاهرة للعيان, الأمر الذي يقتضي مخاطبتها برؤية إصلاحية, أساسها إرساء دعائم الفكر وثقافة الحوار والتواصل واستلهام فقه المناصحة والنقد الذاتي والمراجعات لضمان ضرورة تصويب مسيرة الوطن, وبناء معاني التوافق الوطني. وهي جملة الدواعي التي تُوجب على الجميع, ضرورة "التداعي" و"التوافق" على مشروع إصلاحي عام وشامل وعميق وعاجل, تنتهي مقاصده إلى إصلاح لأحوال السودان الراهنة في مجموعها, برؤية متكاملة وبمرجعية متجاوزة للواقع.
    على ألا يكون ذلك الإصلاح إصلاحاً جزئياً همته الإبقاء علي أوضاع الوطن الراهنة مع تعديل طفيف أو تبديل ثانوي في أوضاعه المتأزمة, التي تعيشها البلاد ولا تزال, وهي الأوضاع التي تهدد تماسكها ووحدتها ومستقبلها, ونسيجها الثقافي والاجتماعي, وبنيتها الأخلاقية والفكرية وهويتها الخاصة, فضلاً عن ثرواتها الاقتصادية ومواردها الطبيعية. وبالنتيجة يبدو الضعف الفكري ظاهراً, وتتدهور أحوال نظم التربية والتعليم والأسرة, وتظهر مهددات الهوية الثقافية والنسand#1740;ج الاجتماعي, وتتفشي ظاهرة الجريمة وتتغلغل القيم المادية والأنانية وتستشري القبلand#1740;ة والعنصرand#1740;ة بعيداً عن الانتماء الوطني العام، وترتفع معدلات الفقر والبطالة والهجرة والنزوح, ويتحول السودان -سلة غذاء العالم- لمستورد لأساسand#1740;ات غذائه, فعلى امتداد حقب الحكومات الوطنية المتعاقبة يظهر سوء السياسات الاقتصادية, وضعف التنمand#1740;ة وغand#1740;اب العدالة الاجتماعية مع تفاقم حدة ذلك في الآونة الأخيرة.
    وفي السياسة تظهر إشكالية العلاقة بين الدولة والمجتمع وغand#1740;اب مبادئ التداول السلمي للسلطة, والحوار المجتمعي الواسع, مما أدي إلي حضور ثقافة الحرب والكراهية والإقصاء بين مختلف النخب الفكرية والتيارات السياسية, كما ازدادت تحديات علاقات السودان الخارجية في محيطه الأفريقي والعربي والإسلامي, لتظهر مخاطر التدوand#1740;ل لقضاand#1740;ا السودان واتجاهه نحو التشتت وفقدان مزand#1740;د من أجزاءه, وغياب الميثاق الوطني العام.
    وإذا كانت درجات المسؤولية تتوزع وتتفاوت بين النخب والأنظمة الوطنية ما بعد الاستقلال, في تعميق المشكلات المشار إليها أو نحوها, إلا إن هذه التحديات تطرح نفسها اليوم كما لم تُطرح من قبل, مما حدا بثلة "المجاهدين" باعتبارهم احد مكونات الضمير الوطني الحي في هذه البلاد, إلى السعي إلى إقامة ميزان الحق سواء بسواء لعموم فكرة الجهاد في الإسلام, ومن هنا فقد تداعي نفر كريم, من المجاهدين والإسلاميين وأخيار من أهل السودان غير المنتمين حزبياً, وعكفوا طيلة شهور ماضية, على مناقشات وحوارات معمقة عن أحوال بلادهم آلامها وآمالها, يحركهم صادق الانتماء الوطني وابتغاء الجزاء الإلهي, ورؤية بلادهم بين مصاف الأمم المتقدمة, متوسلين لذلك باللقاءات الجامعة , والجلسات الحوارية , والمنتديات الفكرية, واللقاءات التفاكرية, والاستكتاب المتخصص, فضلاً عن الحوارات الإعلامية المفتوحة على صفحات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي , والتي تجاوز جملة المشاركين فيها ما يربوا على الخمسة آلاف مشارك , وقد دارت محاورتهم حول ضرورة إطلاق "نداء" إصلاحي يكون منطلقاً لمشروع أهلي قومي للإصلاح والنهضة. يبدأ بالعمل الإصلاحي الجاد ,كيفما كانت كثافة التحديات الراهنة, فكان النداءُ نداءاً مفتوحاً للجميع.
    وهو النداء الذي نرجو أن يسهم في مراحل لاحقة في بلورة شراكة مجتمعية متكاملة, لها رؤية عامة وشاملة لحل قضايا البلاد وأزماتها, وهو يأتي كرؤية ابتدائية تعبر عن ملامح أولية قابلة للتطوير والتجويد باستمرار , أما وجه أهميته فيظهر في كونه إعلان عن إرادة في بناء مشروع إصلاحي وطني عام وشامل وعميق وعاجل, يتطور شراكةً بين دعاة الإصلاح والنهضة في مقبل الأيام, فهو بهذا ليس خطاباً خاتماً لمسيرة المبادرة المباركة, بيد انه حلقة من حلقات استمراريتها, نتطلع ليكون ضافياً في عرضه لكافة مشاكل وقضايا الوطن وهموم المواطن.
    فقد جاءت البداية بتوضيح "المشتركات" العامة, بين المبادرين والتي تعبر في مجموعها عن روح مبادرتهم ومقاصدها وأبعادها, أساسها الدعوة إلى تجديد الفكر وتحسين طرائق التفكير, أما في الشأن السياسي فتظهر أولوية وجود دستور يتوافق عليه الجميع يحدد طبيعة نظام الحكم , بما يخلص البلاد من أمراض: الهيمنة والإقصائية والجهوية والعنصرية والعمالة لأعداء الوطن. وفي الثقافة ينتهج النداء بناء الهوية الثقافية الجامعة لأهل السودان, وثرائها بالفكرة والرؤية وتبني منهج الحوار الثقافي وقبول الآخر. وفي المجتمع تظهر أولوية بناء الميثاق الاجتماعي الجامع, الذي يعمد إلى توطيد علاقات المجتمع بالتواصل وكريم الأخلاق والأعراف والاستقامة في السلوك, وان يكون المجتمع قائم على التوازن والتكافؤ في الفرص والأدوار بين كافة مكوناته. وفي الاقتصاد تأتي أولوية إقامة سياسات التنمية الاقتصادية في القطاعات الزراعية والرعوية والصناعية والنقل والتعدين ونحوها من أوجه النشاط الاقتصادي, متلازمة مع فكرة العدالة الاجتماعية في إعادة توزيع الثروة المنتجة بمعايير عادلة, وبإتاحة الفرص في العيش الكريم والتعليم والصحة وسائر الخدمات العامة. وفي مجال الأمن القومي تظهر أولوية الحل السلمي لمهددات الأمن القومي, المتمثلة في حل مشكلة الوطن في دار فور وجنوب كردفان والنيل الأزرق, وتضميد الجراحات الوطنية فيها, وتغليب الحلول الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. أما في مجال القضاء فتظهر أولوية تحقيق العدالة الجزائية واستقلال القضاء وفرض سيادة القانون على الجميع. أما فيما يتعلق بخاص صف الحركة الإسلامية, فان المبادرين يؤمنون بضرورة إصلاح أحوال حركة الإسلام في السودان, بما يفضي إلى وحدتها. لكونهم المعنيين أكثر من غيرهم بضرورة مراجعة تجربة حكمهم في السودان وتجاوز الأخطاء والإخفاقات والانحرافات التي صاحبت مشروعهم السياسي في فترة الإنقاذ.
    وفي هذا النداء نود أن نؤكد على جملة المنطلقات التالية. أولاً: التزامنا بدورنا إلى جانب إخواننا في القوات المسلحة, في حماية مقدرات البلاد من كيد أعدائها, وفي سبيل ذلك فقد قدم المجاهدون من قبل ومن بعد مجاهدات كبيرة شهد لهم بها الأعداء قبل الأصدقاء, وشهدت لهم بها المعارك من كتيبة الأهوال إلى خالد بن الوليد بما يضيق المجال عن ذكره, فضلاً عن ارتال الشهداء الذين نفاخر بهم, أولئك الذين رووا تراب هذا البلد الطاهر, كما نؤكد التزامنا بوحدة صف المجاهدين وتأكيد عمق التواصل بين مكوناتهم, مهما تفرقت بإخوانهم في قيادة الحركة الإسلامية سبل السياسة ومنزلقاتها.
    ثانياً: إن المجاهدين يمدون أياديهم بيضاء من غير سوء إلى سائر إخوانهم من أبناء هذا الشعب السوداني الكريم, بمختلف مكوناته وشعوبه ومجتمعاته وقبائله وتياراته الدينية والسياسية والوطنية, دعوة بالحسنى مجادلة من غير إكراه, والتواصل والتحاور مع كل القطاعات والتيارات الفكرand#1740;ة والاجتماعية والاقتصادية والسand#1740;اسand#1740;ة في الساحة السودانية بغية بناء مشروع للتراضي الوطني العام.
    وفي ذلك فإن هذا النداء موجه إلى كل أفراد الشعب السوداني وأطيافه من مثقفي الوطن ومفكريه ونخبه المتعلمة ومهاجريه, وعشائره وطوائفه وتياراته الفكرية والسياسية والثقافية والدينية ومؤسساته الأهلية وأحزابه وطرقه المتصوفة, ومنظماته المدنية, وإعلامييه, ورياضييه, وسائر قطاعاته من مزارعين ورعاة وحرفيين ومهنيين وشباب وطلاب ونساء, تحدوه روح الانفتاح والايجابية والحوار والحجة والدعوة إلى الشراكة في صياغة الرؤى والتماس الحلول وبناء السياسات والمعالم للمشروع الإصلاحي, هدفها الأخير الإسهام في رفد الحياة العامة السودانية برؤية إصلاحية متكاملة لأهم الجوانب والمجالات الحياتية, لما لذلك من أثر ناجز على مستقبل النهضة التي ننشدها لبلادنا السودان.
    والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.





    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين ونصلي ونسلم على سيدنا محمد
    أفضل الخلق أجمعين
    يقول تعالى: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {هود/88}.

    نداء الإصلاح والنهضة
    وثيقة مجالات النداء

    تعني هذه الوثيقة بشرح أولي أكثر تفسيراً للمشتركات التي أشار إليها النداء في ديباجته, على النحو التالي:
    أولاً: مجال الإصلاح الفكري: يعالج هذا المجال الإشكالية الفكرية التي أصابت المجتمع السوداني كغيره من المجتمعات المجاورة لعوامل حضاريه, والتي كانت نتيجتها التخلف الفكري, وباعتبار إن سائر المشكلات الدينية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية ونحوها, هي في الأساس مشكلات فكرية, فانه لن يستقيم المسعى السياسي أو التخطيط الاقتصادي أو البناء الاجتماعي...الخ، في سياق الإصلاح المجتمعي الشامل، إلا بإصلاح البني الفكرية للفرد والمجتمع, مما يتطلب تجديد المنظورات والتصورات النهائية للحياة، وذلك بتوضيح الرؤية والمناهج والمقاصد النهائية, أما الاعتماد على الشعارات والأشواق وتزكية الشخصيات، فإنها تعني تناسخ المجهودات والبقاء في دائرة التخلف دون إمكانية حقيقية للخروج عليها. وهو الإشكال الذي يجعل من مسألة تجديد الفكر, أمر يأخذ أولوية قصوى في سلم أولويات مشروع الإصلاح والنهضة المنشود, ودونه تصبح رؤية الإصلاح وبرامج النهضة حلماً غامضاً يصعب الإمساك بها, وقد تتحول مبادراتها وأفكارها الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ونحوها, إلى نشاطات ثانوية وتتحول تجلياتها اليومية إلى تيارات هامشية ذاهلة عن الواقع وغائبة عن التاريخ, وعاجزة عن الإجابة على تساؤلات العصر، وبالنتيجة تتحول إلى كارثة على المجتمع السوداني, فلا بد إذن من تجديد المنظومة الفكرية التي يعمد من خلالها الفرد السوداني في بناء التصورات وتوليد الأحكام وتوضيح القيم بعد أن عادت منظومته الموروثة في عاداته وتقاليده مجرد منظومة جامدة قديمة المعاني والقيم، لا تتجاوب مكوناتها مع معطيات الواقع المعاصر المعقد كلياً، بعد أن فقدت صلتها بالحاضر وأصبحت غير قادرة على استيعاب مستجداته الراهنة. وهو ما يتطلب الأتي:
    أولاً: الانطلاق ابتداءً من المرجعية الإسلامية، كمرجعية عليا لمشروع الإصلاح المنشود في السودان بوصفها تقدم دائماً وباستمرار إمكانية متجددة من الهداية والحقيقة، بما يوجه المستجدات والمتغيرات المجتمعية في الواقع الظرفي السوداني في صورة المتجددة, لكونها المصدر الخالد والمطلق في التوجيه والهداية, فالمرجعية الإسلامية تقدم نفسها كمشروع للحياة، بما يمد الفرد السوداني بمنظومة القيم العليا في الحياة الإنسانية, كالحرية والعدالة وقضاء الحقوق ورفع الظلم, والمساواة, والكرامة الإنسانية, فضلاً عن قدرتها على تفسير الوجود وتحديد السلوك الراشد وشرح السنن والقوانين الاجتماعية التي تحكم تحديات الحياة. فتضع الفرد السوداني تحت طائلة المسئولية الأخلاقية, وترشيد النزوع الإنساني نحو الاعتدال والاستقامة وعدم التعدي والحب الجامح للخير وأعماله, مطلاً على معاني الجمال والعزة والكرامة وسائر المعاني الفاضلة في إصلاح الحياة السودانية.
    ثانياً: إن التأسيس المرجعي, يتضمن بالضرورة الاهتداء بالعقل والخبرة الإنسانية, باعتباره فاعلية إنسانية, لها القدرة على التقدير الجيد للقيمة الموضعية للأشياء، فيكون البحث من خلالها على فهم أصول الإصلاح المجتمعي التي تؤسس الظواهر الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والقانونية المختلفة في المجتمع، والتي تمكن من الوصول إلى النهضة المنشودة، بواسطة إقرار الطرق العقلية الراشدة في المبادئ وفي الأساليب التي تقرب من الحقيقة ، ومن ثم تقرير ذلك الفهم في سياقات علمية عقلانية تمتلك صفة الموضوعية والنسبية المناسبة لأحوال المجتمع السوداني المتداخلة. وبهذا يكون مفهوم الإصلاح، هو ذلك الاجتهاد العقلي الصحيح المنظم والسليم للأفكار الموضوعية؛ من أجل الكشف عن الحقائق المجتمعية المجهولة، أو البرهنة عليها ومن ثم إصلاحها واعمارها.
    ثالثاً: ضرورة انطلاق البنية الفكرية لمشروع الإصلاح من النظرة التكاملية, بوصفها نظرة مزودة برؤية: ثقافية وأخلاقية وروحية ومعرفية, قابلة للتجدد والتطور, وقادرة على البناء والبقاء والتجدد والتجاوز لسائر التحديات والمؤثرات, وما يترتب على ذلك من معرفة الأهداف العامة والرؤى الإستراتجية والغايات الكبرى للمجتمع السوداني التي يجب أن توضح بالاتفاق بين الجميع, بهدف تقوية الدوافع الروحية التي تدفع بالفرد السوداني إلى ساحات العمل بهمة ونشاط من أجل سعادته وسعادة مجتمعه. فيكون تفعيل المكون الروحي والمادي للفرد والمجتمع السوداني وفق منهج تكاملي غير انفصالي, بدراسة العوامل الروحية التي تشكيل الوجدان في صورته الكلية, بالاستفادة من أدوات البناء الروحي والمادي للإنسان السوداني في تفاعله مع قيم الإسلام وايجابيات الحداثة في تأكيد حرية الذات الإنسانية بما يضمن تطوير الدافع الأسمى للفرد في المجتمع.
    رابعاً: العمل على تنقيح التراث الفكري الإسلامي، وتجديده بفهم قراني، والسعي لاكتشاف المنهجيات القادرة على تحريك المفهوم التكاملي في الواقع السوداني, لتصبح المنهجيات والأدوات المأمولة قادرة على تزويد مشروع الإصلاح بالرؤية الإصلاحية الملائمة للواقع الزمانى والمكانى، وذلك بتمحيص التراث ومعالجته علمياً وعملياً، فلا يتحول إلى مجرد إسقاط لآراء فردية أو جماعية أو مذهبية، فتتجسد المقاصد الإسلامية في الأنفس والأفاق نهضةً بالحياة السودانية وصلاحاً في الأرض, ومن ذلك أيضاً ضرورة دراسة المنتوج الفكري لحركات الإصلاح المعاصرة في العالم من حولنا كفعل تاريخي وكفعل إصلاحي تراكمي.
    خامساً: ضرورة أن يكون النظام التربوي والتعليمي في السودان, نظاما متكاملاً مبنياً على أسس علمية متجددة ومرنة ومتجاوزة للنظامين التقليدي والحديث, لكون الأول ذو نظرة تجريدية جدلية والثاني ذو نزعة وضعية مادية, مما يستوجب إصلاح نظام التعليم بتجديد نظرية المعرفة ذاتها, بإعادة تعريف العلم ووظائفه ودوره وحدوده, وهو الأمر الذي يتعلق بالأساس ويتوقف على طبيعة مصادر المعرفة, وفي ذلك فنحن ننادي باتجاه تكاملي يعمد إلى توحيد قضايا العلم والدين والعقل والتطبيق والآليات في سياق تعليمي شامل وراشد وتخصصي، يؤسس على هدي الوحي وخبرة العقل الإنساني يتصل بواسطة منهجه في البحث إلى الإلمام والإدراك بالقضايا الغيبية, كما يجيب عل المشكلات العلمية الطبيعية, فضلاً عن الإشكالات الإنسانية في آن واحد. ويكون التركيز فيه بالضرورة على إيجاد منهج تربوي وتوعوي تدريبي يركز على إثراء الجوانب التطبيقية بحيث يمكن القائمين على الإصلاح من تنزيل معانيه في هيئة برامج وأنشطة ومؤسسات سهلة التعريف ومقبولة اجتماعياً وفاعلة وظيفياً.
    ثانياً: مجال الإصلاح الثقافي. تظهر أوجه الإشكال في هذا المجال من إن النخب السودانية, المتنافسة على ريادة الحياة الثقافية للمجتمع السوداني والساعية لقيادة ركب الدولة, لم تفلح بالقدر اللازم على توضيح ملامح مشروع ثقافي يمكن من الإجابة على سؤال الهوية والتنوع والتباين الثقافي والأثني في السودان والعمل على تجانسه وتكامله, بالقدر الذي ينمى الشعور والانتماء بين الهويات الاثنية والثقافية المتمايزة, والتي تتوزع بينها نظرات نمطية بين الداعي إلى الهوية العروبية أو الأفرقانية أو السودانوية ونحوها, وكان نتاج ذلك عدم الاتفاق على الهوية الجامعة, فظهرت وبصورة حادة تجاذبات الهويات المحلية الفرعية, متمثلة فى اختلال العلاقة بين الأكثرية والأقليات وإشكالية المركز والأطراف, وأزاد الإشكال لدي الفرد السوداني وهو يواجه متطلبات التنمية الاقتصادية, أما إذا ما وضعنا في الاعتبار انتشار هويات العولمة المدعومة بأسباب التقدم الحضاري للحضارة الغربية، فان الحياة الثقافية السودانية وأسئلة الهوية فيها, تزداد تعقيداً على تعقيد, فكان أن أفضت ردات فعل العولمة الثقافية, إلى تزكية النزوع الأعمى نحو التمسك بالثقافة المحلية -العادات والتقاليد- كيفما كانت, كقشه يتمسك بها الفرد منا خوفاً من الغرق في بحر العولمة الثقافية العميق. وبالنتيجة ينعكس كل ذلك سلباً على مسارات تبلور الهوية والثقافة السودانية, مما جعلها عملية متشعبة المشارب والمجالات لا ينحصر إشكالها في نظم العبادة والتربية والأسرة والتعليم والإعلام والاتصال والآداب والفنون والرياضة, وإنما تتعداها إلى جميع مجالات الحياة، حتى لم يبق قطاع من قطاعات المجتمع إلا ويواجه أشكال ثقافي ما.
    وفي ذلك فان نداء الإصلاح والنهضة, يقترح الرؤى التالية, أولاً: الرهان وفي المقام الأول على الحل الثقافي للمشكل السوداني, وهو أمر يتطلب التنظير لمشروع ثقافي مقنع وفعال وشامل, نابع من طبيعة الحياة السودانية, بالبحث في القواسم الثقافية الكبرى التي تجمع بين السودانيين, وفي ذلك فنحن نري أن أهم مقوم مشترك في الثقافية السودانية ومكون لهويتها, هو انبثاقها عن قيم الإسلام وكريم العادات والتقاليد الاجتماعية, بوصف الإسلام هو العامل الثقافي الأكثر عمومية واشتراكاً بين المجتمعات الثقافية السودانية, وباعتباره وعلى مستوي أصله الإلهي ثقافة موحدة وعالمية وإنسانية وكلية قادرة على تجاوز حالة الانقسام بين المجتمعات الإنسانية كيفما كانت, وباعتبار إن منهج الإصلاح الثقافي, على ضوء هدي الإسلام, إصلاح متكامل يعنى بالجسم والروح والعقل والإرادة وإنماء حس المسؤولية, ويقصد إلى الخير والإحسان, فضلاً عن كونه معبراً عن قيم ومبادئ إنسانية هادية، وبذلك ينشأ الإنسان السوداني سوياً قوى الصلة بالله، محققاً لرسالته في الحياة.
    ثانياً: ضرورة أن يكون محور المشروع الثقافي, هو الإنسان بوصفه المخلوق المكرم، بما يعني إن مشروع الإصلاح الثقافي, لا بد وان يعين في إطار رؤية متكاملة, وتكون إستراتجية إشاعته وتجديده بتجديد عناصر الثقافة فيه, وإثراءه بالتواصل الثقافي الحر, برفع مستوى التعليم والإعلام والتوجيه والإرشاد, والاهتمام بالدور الثقافي للأسرة والمجتمع وسائر وسائط الوعي الثقافي, التي يستفيد منها الجميع في المجتمع. فيكون المجتمع المثقف الذي يشارك فيه جميع الناس من خلال نظم التزكية الأخلاقية والضبط الاجتماعي, فضلا عن القضاء بوصفه الجهة التي تحمي الثقافة بإلزام القانون إن لزم الأمر. ومن هنا الدعوة إلى ضرورة التكامل والتلازم بين دور الأخلاق والمجتمع والقضاء.
    ثالثاً: ضرورة إشاعة أجواء الحرية الثقافية المسئولة, كعامل مساعد لتفاعل مكونات التعدد الثقافي في السودان, ولحاجة البلاد لإسهامات أوسع وأرحب لمكوناته الثقافية بلا احتكار اثني أو نخبوي أو مذهبي أو ديني منغلق، فعندما تكون فرص التعبير الثقافي متكافئة بين الجميع, فان أجواء الحرية الثقافية كأداة وآلية تجعل الفرد يشعر بأهمية الانتماء الثقافي الراشد، وانه صاحب الحق في التجدد الثقافي، وان الثقافة العامة السائدة خادمة له وجاءت باختياره، وان مساحات الحوار الثقافي وتداول الرأي لها حرية متاحة, ابتداء من الفرد إلى المجتمع, رجاء أن يؤدى ذلك إلى مناخ ثقافي محفز للشعور بالانتماء للثقافة الجامعة ورؤيتها النهائية, وللابتكار والإصلاح والنهضة الشاملة، مما يفرز مناخاً يصنع الفرد المبدع والمجتمع القائد، عندما يشحذ همم الأفراد ويحرضهم على الإبداع وتحمل المسئولية وحب العمل واحترام الوقت ومحبة المعرفة، والسعي للاكتشاف وابتكار وتجريب الحلول الجديدة, فلا تقتل روح المبادرة وانطلاقة الفكر فيه, فيعمل الجميع على النهوض بالوطن وبناء مستقبله، والأصل في ذلك إن عمليات التفاعل الثقافي يجب أن تتم بوسائل وأساليب حرة ومنفتحة وبعيدة عن الإكراه أو استغلال الإنسان، بما لا يؤدي إلى إضعاف ثقافة ومعاني الكرامة الإنسانية.
    رابعاً: الرهان الكبير على الآداب والفنون والرياضة في بناء الثقافة السودانية الجامعة, بوصفها تصوير لرسالة المجتمع بعد البحث عن عناصرها، فعندما يعرض الفنان إلى غرض من الأغراض الفنية، سواء تعلق بأحوال الإنسان، أو جمال الكون، أو القصص، أو عرض لعمل تشكيلي، أو واقعة وجدانية، أو وصف عاطفي، أو حوار ونحوه من الأجناس والأغراض الفنية، فإنه إنما يرمي من وراء كل ذلك إلى إبراز إحدى الدلالات "الثقافية" الموجهة للمجتمع والحاملة لرسالته وقيمه الفاضلة، فإذا ما استخدم الفنان التصوير أو التشخيص أو الـتشبيه أو المسرح أو الدراما أو الحكاية أو القصة أو الجدال أو الأغنية أو الرياضة ونحو ذلك من ضروب الثقافة، فإن جميع ذلك، إنما هو لأجل التعبير عن قيم المجتمع الثقافية وتجسيدها، بوصفها القاعدة الكبرى التي تتوق إليها سائر أساليب الفنون في السياق الثقافي السوداني.
    خامساً: التأكيد على الإعلام كركيزة أساسية من ركائز نشر الثقافة الكلية للمجتمع، وهو طريق مهم لبناء الإنسان السوداني، ولذلك فالمطلوب هو كفالة حرية وسائل الإعلام، وحرية التعبير وحق الاتصال للجماهير، وضرورة استماع السلطة السياسية لكل صاحب رأي، دون قمع أو قهر أو تكميم للأفواه، وحرمان الإنسان من استخدام حقه في التعبير، والاجتهاد في الرأي، بمختلف الطرق والوسائل المشروعة, ونظرًا لأن وسائل الإعلام هي أقوى قنوات الاتصال تأثيرًا، وأوسعها انتشارًا، فإن هذه الوسائل تحمل مسؤولية مضاعفة، فتكون مصونة بقيم الصدق مع النفس ومع الآخرين, وتتمثل في تقديم النصح للحاكم والمحكوم، وإتاحة الفرصة للجميع لاستخدام حقهم المشروع في التعبير, وفي ذلك فان ملكية وسائل الإعلام يجب أن تكون مكفولة بالفعل للأفراد والمؤسسات والحكومات، دون أن يهيمن عليها أصحاب النفوذ الاقتصادي والسلطان السياسي. ثالثاً: مجال الإصلاح الاجتماعي. يعالج هذا المجال جملة الإشكالات الاجتماعية, مثل: أوضاع المرأة والشباب والطفل وتفشي الجريمة وأهمها إشكالية عدم وجود ولاء اجتماعي أعلى يشد الأفراد في المجتمع السوداني, كمظهر من مظاهر غياب المشروع الثقافي المشترك, فمع ضعف الولاء "القومي" العام, فانه توجد ولاءات تحتية كثيرة ومتناقضة, كالولاءات الاثنية والقبلية والطائفية والشخصية والفئوية الضيقة, ووجه الإشكال يظهر في أن النظام الاجتماعي السوداني, لم يستطع أن يثبت لنفسه فكرة الولاء القومي, كما انه بالمقابل لم يستطع أن يؤسس ولاءً بديلاً له يجعل الفرد العادي يحس بأنه يعبر عن خصوصية ولائه الاجتماعي, ولا هو حافظ على إرثه وولائه التاريخي الديني الأصيل وعمل على تجديده, فظل الفرد السوداني يشعر بأن محددات ولائه الخاص محدودة في حدود ولاء سياسي يراد له أن يكون قومياً, بينما انتماؤه التاريخي والقيمي والثقافي العام يتجاوز تلك الحدود, ومن ثم وجد الفرد السوداني نفسه إنساناً موزع الولاء تتنازعه ولاءات متشاكسة, وبالنتيجة أصبح متناقض في ولائه الاجتماعي.
    وهكذا تظهر وبإلحاح شديد مشكلة الولاء وتوزعه في المجتمع السوداني,كمشكلة تهدد بقاء السودان وتماسكه الاجتماعي, وهي المشكلة التي وطنها الاستعمار, من خلال محاولته بناء الولاء القومي في المجتمعات السودانية كأساس اجتماعي جديد, يقوم على معني رابطة القومية غير المتوافرة في السودان, فوقع الفرد السوداني ما بعد الدولة القومية, في حالة التناقض وبات عليه إن يحل انتمائه لقوميته الجديدة "قيد التشكل" محل الانتماء لمجتمعه التاريخي القديم، كفضاء ثقافي وقيمي وسياسي بديل لذلك الذي كان يعيش فيه ما قبل فترة الاستعمار, فأدى ذلك إلى خلق ازدواجية الولاء في المجتمع. وعندها – ولعامل غياب المشروع الثقافي المشترك- ازداد تشتت الفرد السوداني في انتمائه داخل عرقيته أو عصبيته أو قبيلته أو اثنيته أو شعوبيته، وبين ولاءه للقومية الوافدة عليه, وبالنتيجة أدى ذلك إلى عدم قدرته على الاندماج في المؤسسات الاجتماعية والسياسية الحديثة بالدرجة الكافية، الأمر الذي زاد من ضعف مشاعر الانتماء للمجتمع الكبير.
    وفي ذلك فان الرؤى المقترحة, تكمن أولاً: في ضرورة بروز المشروع الثقافي المشترك, بغية بناء مجتمع واسع, بوصفه مجتمعاً يوجه الولاء الفردي إلى ولاء عام, أي ولاء لله سبحانه, فإذا كانت قيم الإسلام هي الثقافة المشاعة في السودان, وكان الإسلام ولا يزال هو العامل الثقافي الأكثر اشتراكاً بين اغلب أهل السودان, فانه يجب أن يوظف بطريقة فعالة كميثاق اجتماعي لتوحيدهم, وهذا هو غاية الإستراتيجية الاجتماعية المنشودة في هذه "النداء" الإصلاحي, بحيث تعيد تجديد معاني الميثاق والعقد الاجتماعي, وتحوله من كونه عاملاً مشتركاً إلى كونه عاملاً موحداً بين شعوب ومجتمعات السودان, بوصفه العنصر الأكثر عمومية وجاذبية من بين العناصر الوحدوية الاخري مثل: اللغة والعرق والمصالح والمصير المشترك, مما يؤهله لخلق شروط ومتطلبات الولاء المشترك الموحد للسودانيين, مرتكزاً وبصورة أساسية على تمازج العنصرين العربي والأفريقي كمكونين اجتماعيين يستوعب تنوعهما ويتجاوز خلافاتهما إلى معاني الأمة السودانية الواحدة, فالبعد الديني موجود بالفعل في جميع تشكلات المجتمعات المحلية في السودان, انطلاقاً من البجة بشرق السودان، والنوبة بشمال السودان وجنوب كردفان، والعنصر العربي في أواسط وشمال وغرب وشرق السودان ولدي الفور، والزغاوة، والمساليت، فضلاً عن قبائل الانقسنة في جنوب شرق السودان, وليس أدل على ذلك من إن بعضاً من هذه المجموعات السكانية قد أنشأت ممالك إسلامية، كمملكتي الفور والفونج مثلاً, وهما اللتان تمتلكان إلى الآن تراثاً ثقافياً إسلامياً عريقاً.
    ثانياً: ضرورة إثراء التداخل والتواصل الاجتماعي والتصاهر الأسري بين السودانيين, الذي كان ولا يزال ممتداً في بلاد السودان, ألا انه لم تتكامل مقوماته بسبب فراغ الرؤية الثقافية الجامعة, فضلاً عن ضعف أدوات التواصل والاتصال وانتشار عوامل الجهل والأمية والتنافس والصراع والعصبيات المفرقة, إلى أن وصل الأمر إلى اتهام المجموعات الطرفية في أطراف السودان للمجموعات المتوسطة في سكني السودان, بتركيز التنمية في مناطقها بوسط البلاد على حساب المجموعات الأخرى في الأطراف, وهو الاتهام الذي يحمل قدراً من المبررات الوجيهة، فبالرغم من مسئولية الاستعمار عن ذلك, فان المسؤولية تعود وبالأساس إلى حقب الحكم الوطني المتعاقبة – العسكرية منها والمدنية - ما بعد الاستقلال, والذي كان من الأفضل له, بل من الأوجب عليه أخلاقياً, أن يباشر مشروعات الازدهار الثقافي والتواصل الاجتماعي والنماء الاقتصادي والعدل السياسي ذات الطابع العام في مناطق السودان المختلفة.
    ثالثاً: محاربة ظاهرة تفشي الجريمة في المجتمع, بشاهد كثرة حوادث القتل, والسرقة, والنهب, بتكاثر أعداد الأطفال مجهولي الأبوين, وانتشار تعاطي المخدرات, وضعف الترابط الأسري وكثرة المشردين, فضلاً عن مواجهة الجرائم الأخلاقية في الكذب والخيانة, ومرد ذلك في الأساس يرجع إلى ضعف في النظام الأخلاقي, بسبب "الميل" عن الفطرة الإنسانية السوية, فيكون اهتمام "النداء" ببناء الأخلاق الفردية والاجتماعية وبناء الأسرة, ونشر ثقافة الضبط الاجتماعي, وإلا اختلت الموازين الأخلاقية والاجتماعية, وعندها يعجز كل قانون عن التأثير في أفعال الناس, ومن هنا الدعوة كذلك إلى نظام القضاء والقانوني الحاكم بين الناس في الحقوق المعتدي عليها.
    رابعاً: إن المرأة السودانية برغم ظروفها الحالية وبرغم ما يفرضه عليها المجتمع من قيود, إلا انه يلاحظ انه وباستثناء بعض الجيوب الاجتماعية الممانعة لإعطاء المرأة السودانية الحقوق التي أعطاها الله تعالى, فان المرأة السودانية قد "نهضت" بالفعل في الكثير من المجتمعات السودانية, وتقدمت على مثيلاتها في بعض الدول العربية والإفريقية, بفعل الدعوات الإصلاحية التي أطلقها إصلاحيون أو دعاة الحداثة من مختلف الاتجاهات وفي الكثير من النخب الفكرية والسياسية السودانية, إلا إن دورها ما زال دون المأمول, ولذلك فان "النداء" في شان المرأة السودانية معني بتوضيح مسارات "التعبير" لا "التحرير" التي يمكن للمرأة والرجل أن يسلكاها معاً نهضةً في سائر مجالات الحياة, فتكون الدعوة إلى تفعيل دور المرأة باعتبارها نصف المجتمع حتى يتسنى لها طرح نفسها باعتبارها قادرة على المشاركة في سائر مناحي الحياة، جنباً إلى جنب مع شقيقها الرجل بلا استثناء في وظائف الحياة العامة, فلا تنحرف بها الفلسفات المادية السائدة في اتجاهات العولمة.
    خامساً: ضرورة الاهتمام بدور الشباب على اعتبار أنهم يمثلون غالب مجموع السكان من خلال بناء ثقتهم بنفسهم وتوعيتهم بمسؤوليتهم المطلوبة تجاه واقع ومستقبل أمتهم، بما ينعكس على سلوكياتهم الايجابية لتكون مكانة اعتزاز ونموذج للشباب في المجتمعات الأخرى, ومن ثم مشاركتهم الفاعلة في التنمية وفق آليات جديدة تستوعب طاقاتهم وتوحد جهودهم من أجل قضاياهم وقضايا أمتهم. فضلا عن الاهتمام بالطفل، وذوى الاحتياجات الخاصة.
    سادساً: يلاحظ ضعف دور منظمات المجتمع المدني وعدم وجود إستراتيجيات واضحة تعمل على تفعيل قيم وثقافات التطوع التي يتحلى بها المجتمع السوداني, وقد اقتصر النشاط الطوعي على عدد محدود من المنظمات بما لا يتناسب مع الدور الريادي الذي ينبغي أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدني, وهنا دعوة "النداء" إلى دعم وتشجيع وتحفيز وتمكين العمل الطوعي الأهلي في مختلف المجالات باعتباره أداة مهمة لبناء المجتمع والدولة, باعتباره يساعد في تزكية وتنمية روح التعاون والتراحم في المجتمع, وذلك عبر تنمية وتأهيل وإعادة توجيه منظمات العمل الطوعي العاملة في مجال الخدمة الاجتماعية للعمل بكفاءة وإخلاص وأمانة مع الاستفادة من تطور منظومات العمل التطوعي على المستوى العالمي والاستفادة من الحكمة فيها بما لا يتعارض مع قيمنا والتزاماتنا الأخلاقية والدينية.
    رابعاً: مجال الإصلاح السياسي. تظهر إشكالية هذا المجال في هشاشة الدولة والنظام السياسي في السودان وتأثيره السالب على علاقات النسيج الاجتماعي السوداني, إذ يلاحظ أن النظام السياسي وتبعاً لأيدلوجيات النخب المتعاقبة عليه, قد وجد نفسه في كثير من الأحوال في مواجهة مباشرة مع القيم والثقافة الاجتماعية للمجتمع السوداني, مما دفعه وبمرور الأيام والأعوام, إلى أن يتحول إلى أداة سلطوية تعمل على الهيمنة الكلية والشاملة على الحياة, بل وانتهت إلى مؤسسة منتجة للعنف ومحتكرة له ومتسلطة في النهاية على المجتمع في أحوال كثيرة، فتتعقد الأوضاع الاجتماعية أكثر ما تتبسط, وإزاء هذه الأوضاع المعقدة فان ما يحدث هو إن الدولة الناشئة "تحت التأسيس", تبدأ في الاهتمام ببناء جهازها الأمني والعسكري، بدعوى بقائها وضرورات حفظ الأمن والنظام ومواجهة القوة العسكرية المتربصة في الخارج والمتمردة في الداخل، ولكن الجهاز الأمني والعسكري المتجدد بدل أن يكون درعاً واقياً للمجتمع، يتحول إلى قوة حماية لمؤسسات النظام السياسي المختلقة في مواجهة مجتمعها، التي هي بصدد حمايته, ويحرمها من ثم من الحرية والإرادة والإبداع, فتبدأ الكثير من القوي الاجتماعية في الشعور باتساع المسافة بينها وبين النخب الحاكمة, فينتهي الحال إلى فقدان النظام السياسي نفسه للشرعية في نظر الكثير من القوي الاجتماعية, وتغيب عندئذ فكرة الثوابت الوطنية العامة فتتحول علاقاتها إلى صراع مدمر لا يبقي ولا يزر, فيكون النظام السياسي وصراع السلطة عليه, احد أهم العوامل التي تعمل على تفكك الدولة السودانية, إن لم تكن العامل الرئيس.
    وفي ذلك فإننا نري الأتي. أولاً: إن النظام السياسي ومهما كان مبرره الهام في الحاجة إلى الأمن والسلام وتسهيل الخدمات العامة في المجتمع ضرورياً, إلا إنه لا ينبغي أن يستطيل ليستحوذ على الفضاء الحياة العامة, بحيث يكون هناك نوع من التوازن بين النظام السياسي وقوي المجتمع, فيكون توزيع الأدوار سبيلاً لكبح سيطرة النظام السياسي على المجتمع، فيكون له مجاله الخاص. فلا يعمد النظام لإتباع سياسة السيطرة الشاملة، فينتهي من حيث يدري ولا يدري للقضاء على المؤسسات الاجتماعية الوسيطة، وبالنتيجة يصير الفرد فرداً معزولا ًمعرضاً مباشرة لهيمنة الدولة وإكراهاتها وإغراءاتها, فيتمزق نسيجه الاجتماعي, أو يقع في ردة الفعل برفض مؤسسة الدولة من أساسها، بالدعوة إلى القطيعة معها، فيتعمق الصراع السياسي ويتمزق النسيج الاجتماعي معه، ومن ثم تتعطل وظيفة النظام السياسي وظيفة المجتمع معاً, ولذلك تكون الدعوة إلى تكييف نظام الحكم في الدولة بالنظام الرئاسي المختلط والمقيد بقيود الدستور والمؤكد عليها بالرقابة التشريعية والسياسية والتنفيذية للسلطة التشريعية إزاء السلطة التنفيذية, بما يضمن تقدم المجتمع على الدولة –المجتمع القائد- في أدواره الاجتماعية, فتنتهي المؤسسات الأهلية إلى إدارة شئون المجتمع، ليكون للفرد دوره، وللمسجد دوره، وللمدرسة دورها وللمنظمات والمؤسسات المدنية والحرفية دورها وللسوق دوره وللنادي دوره.
    ثانياً: ضرورة تعزيز ثقافة الحوار لا ثقافة الكراهية, بين مكونات المجتمع السوداني الاثنية والعرقية والثقافية, بوصفها تقوم بدور هام وبدرجة عالية من الكفاءة والفعالية في تأدية وظيفة السياسية في المبادرة والتصدي لدرء الخلافات وتصفية النزاعات ومعالجة الصراعات، فهي وظيفة مطلوبة ومرغوبة باستمرار, بل ويزيد الإلحاح في طلبها مع تزايد وتكثف احتدام التنافس علي الثروة والسلطة في السودان، المتلازم مع التدهور الذي أصاب المجتمع السوداني على أكثر من وجه من أوجه حياته العامة, كما تزداد الحاجة للثقافة الحوارية لاسيما في سياق ضعف الثقة والاحترام المتبادل بين الدولة والكثير من الأفراد والشرائح والفئات والجماعات في المجتمع السوداني، بسب انحيازات النخب غير المبررة وعدم جديتها وعجزها المستمر عن معالجة قضايا وأوضاع الحياة, بالطريقة الفعالة التي تنتهي إلى تجاوز النزاعات والخلافات المتجددة.
    ثالثاً: إننا نري انه وحتى ينمو الشعور والانتماء الوطني بين المجتمعات الاثنية والعرقية والدينية المتباينة التي تسكن السودان, كما في حالة دارفور وجنوبي كردفان والنيل الأزرق, فانه لا بد من تغليب أولوية الحلول الثقافية والاجتماعية والسياسية, المعنية باستراتجيات التكامل والتمازج الثقافي والاجتماعي, والبحث عن القواسم الثقافية المشتركة, بدلاً من الرهان على الحلول الأمنية والعسكرية واللجوء إلى استخدام العنف والقوة, والتي أدت إلى إضعاف ثقافة ومعاني الوحدة وانعدمت الثقة أو تكاد بين المجموعات والاثنيات المختلفة, ويكون ذلك برفع تدنى مستوى التنمية والتعليم والوعي الثقافي والمشاركة السياسية وإقامة العدالة الانتقالية.
    رابعاً: تأكيد الدعوة إلى ضرورة التوصل لعقد سياسي عام "دستور", مبني على فكرة الحكم الاتحادي الرئاسي المختلط , والقائم على مبادئ الحكم المقيد وتجدد الانتخاب والمساءلة, والتداول السلمي للسلطة, وإنفاذ منظومته القيمية والأخلاقية في الحرية والاستقامة والعدالة والمشاركة السياسية واحترام حقوق الناس وحرماتهم, لاسيما حق المرأة والشباب في المشاركة الايجابية, بما يقرر حدود الولاية العامة وطبيعة وظيفتها, بالمقاربة مع حدود القوي والنظم الاجتماعية الأخرى, فيعترف لها بالوجود المتباين في الخصائص: الثقافية والسياسية والاجتماعية، والعرقية, بما يجسد فكرة مبدأ الحوار والتثاقف السياسي ويفتح الأبواب أمام فرص تكامل وتضامن الأدوار والوظائف المتبادلة بين مؤسسة النظام السياسي ووظائف غيره من النظم والفئات الاجتماعية والأهلية الفاعلة في الحياة السياسية.
    خامساً: تأكيد الدعوة على مبدأ حق الشعب في الاستفتاء على ماهية الدستور ونظام الحكم الملائم لأحوال السودان, وهو ما يعني إجازته استفاءً, وسائر القوانين السياسية الملازمة له: كقانون الانتخابات وقانون الإعلام والأمن والأحزاب, من خلال جمعية تأسيسية للدستور, بما يضمن حضور لسائر الطيف السياسي السوداني, لاحتمال أن يكون هو الدستور "الدائم", وما يترتب عليه بعداً من انتخابات عامة تجديداً للمشروعية السياسية للنخبة الحاكمة, وتجديد الدماء والروح وكسر حالة الانفراد بالسلطة لفترات طويلة, فيكون احترام مبدأ الاحتكام إلى مبدأ الرضا الشعبي وتحقق إرادة الأمة, والمبني بدوره على معاني العدالة وتكافؤ الفرص والشفافية والنزاهة, وفك الارتباط بين النخب الحاكمة وإمكانات الدولة, ورمزيتها السياسية.
    سادساً: التأكيد على إصلاح الخدمة المدنية التي أصابها ما أصابها من تدهور جراء سياسة الهيمنة والتمكين, فتاتي الحاجة إلى ضرورة إصلاحها, بوضع وتفعيل أسس ومعايير تقييم الأداء للمؤسسات المختلفة بما يحقق تطوير الأداء, ووضع وتطوير نظم توفير وتحليل المعلومات, فضلاً عن تحقيق قيم الشفافية ونشر قيم الفضيلة والعفة والطهر والالتزام بالمسؤولية في خدمة العامة بعيداً من المحسوبية والمحاباة وان تقوم الخدمة المدنية علي الكفاءة والاستقامة والخبرة في تولي سائر المناصب العامة بدلاً من الولاء وذوي القربة, فلا يكون التعيين للمناصب المختلفة في مؤسسة الخدمة العامة مراعياً للاعتبارات غير المهنية لما يجلبه هذا السلوك من غبن ومظالم, فضلاً عن ضرورة إنهاء التوظيف السياسي للبنيات الاجتماعية الوسيطة "القبيلة", في السلطة السياسية للدولة, وفك الارتباط بينهما, كونه يضعف النسيج الاجتماعي, كما تظهر أهمية سن قانون يشرح ويحدد طبيعة ونطاق الوظيفة الحكومية العامة, فعلى سبيل المثال يجب أن تقتصر وظيفة الحكم المحلي مثلاً على الوظيفة الخدمية وحدها, دون الوظائف السياسية والأمنية, ليقل الاحتقان نوعاً ما إزاء مؤسسة الدولة, فلا تتحول إلى حلبة للصراع بين الأطراف المتنافسة على السلطة.
    سابعاً: ضرورة إقامة العلاقات الخارجية, وفق رؤية إستراتيجية, في التعامل مع المحيط الخارجي, بما يحقق مصالح الوطن في الكرامة والاستقلال والأمن والنهضة, باعتماد سياسة الانفتاح والتواصل مع جميع الكيانات الدولية على قاعدة المصالح المشتركة القائمة على الاحترام المتبادل, دونما انغلاق أو عزلة سالبة او استلاب او تبعية, اتقاء للتوترات والصراعات والوصول إلى تسويات عادلة لجميع الأزمات مع المجتمع الدولي, كما يجب أن تسعى العلاقات الخارجية لتوطيد قاعدة التعاون الاقتصادي المشترك في صور الاتصال والتبادل التجاري أو التنسيق الكامل عبر مشاريع اقتصادية كبرى تُراعى فيها المصلحة الوطنية. فضلا عن دعم وتشجيع العلاقات الشعبية عبر التواصل المباشر والتنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني المحلي ورصيفاته في العالم ,عبر المؤتمرات وبرامج التبادل المشترك في كل القطاعات والاهتمامات, ولكي نتمكن من تحقيق الأهداف العليا للسياسة الخارجية لابد من انتهاج العمل المؤسسي القائم على الدراسة الواعية والتحليل الدقيق تبادلاً للمعارف والأفكار والحوار الايجابي.
    خامساً: مجال إصلاح الأمن القومي: تظهر أهمية هذا المجال في كونه مفهوم واسع يضيق ويتسع بحسب المكونات الداخلية والمؤثرات الخارجية وحسب المصالح والعلاقات الخارجية للسودان, بيد انه يشمل ثلاثة أبعاد متداخلة هي البعد الأمني العسكري والاقتصادي والاجتماعي. وفي هذا السياق فان النداء الإصلاحي يقدم الرؤى التالية:
    أولاً: توجيه الأولوية الوطنية القصوى لمعالجة مشكلة البلاد في دار فور وجنوب كردفان والنيل الأزرق, وذلك بمخاطبه الأسباب الحقيقية لمسببات تلك الحروب الأهلية: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بما يكفل إنهاءها, بالعمل على تحقيق التواصل الثقافي والاجتماعي بين المجتمعات السودانية, والتوافق على ميثاق وطني عام يقوم على مبادئ ثابتة وقومية وكلية تخاطب مصلحة البلاد العليا بما يحفظ وحدتها, وكذا اعتماد برامج التنمية المتوازنة والمستدامة بين أصقاع السودان, بما يحقق الحقوق العادلة بين المواطنين في توزيع الثروة والسلطة, من خلال نماذج للتنمية تضمن الكفاءة الإنتاجية والعدالة الاجتماعية, واعتماد مبدأ الحق المتساوي بين سائر المواطنين في الحقوق والواجبات السياسية بما يضمن الممارسة السياسية الحرة بين الجميع.
    ثانياً: العمل على تعزيز روح التضامن الاجتماعي, فبما تمثله النزاعات والصراعات من مهدد اجتماعي ناتج عن تأثيرات الحروب الأهلية الداخلية, وما خلقته من مجتمعات كاملة من النازحين المتواجدين في أطراف المدن وفى معسكرات النزوح, وهم الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية وخدمية سيئة, مما يتوجب على طيف المجتمع السوداني التكافل والتضامن معهم ومساعدتهم بإعمال روح الإخاء الديني والوطني, وان لا يتركوا نهباً لمخططات القوي الكبرى بواسطة منظمات الإغاثة ذات الأهداف الاستعمارية المفضوحة. ولتنتفي مبررات التدخل الخارجي في الشأن السوداني تحت مظلة العون الإنساني الساعي إلى تدويل قضايا الداخلية وتأثيرها الضارة على مسار عملية المصالحات, فضلاً عن انتفاء حجة تواجد قوات أجنبية كبيرة على الأراضي السودانية.
    ثالثاً: العمل على معالجة ظاهرة انتشار السلاح في بعض المناطق نتيجة للحروب والنزاعات المستمرة فيها, لعوامل قديمة ومتجددة, وما افرزه هذا الواقع المؤلم من تصدع كبير في تماسك النسيج الاجتماعي وانقسام اخطر بين مكونات المجتمع, بل وأصبح الاقتتال الداخلي مهدداً بطمس الهوية الثقافية وقطع العلاقات والوشائج الاجتماعية المشتركة بين مكونات المجتمعات المحلية في تلك المناطق, مما يوجب العمل على احتكار السلاح في يد القوات النظامية كالجيش والشرطة والقوات الأمنية فحسب, لكونها تسخره في عمليات حفظ الأمن والسلام وتحقيق الخير العام في المجتمع, لما كانت هي المؤسسات الرسمية التي تعمل بموجب القانون والدستور.
    رابعاً: إن التهديد الأمني لا يقتصر على النزاعات الداخلية بل يمتد ليشمل النزاعات الحدودية مع بعض دول الجوار, وهو ما يمثل تحدى كبير للأمن القومي السوداني وذلك بما يشكله من خرق فاضح لسيادة السودان على أرضه, ومحاولة السيطرة على الموارد والمقدرات الوطنية, وعلى عمليات التهجير والنزوح الناتجة عن النزاعات الحدودية, ومن هنا دعوة النداء إلى بناء قدرات القوات المسلحة القادرة على دحر الأعداء, فضلاً عن بناء التحالفات الإستراتجية ومناطق النفوذ السياسية والعسكرية على المستويين الإقليمي والعالمي, بما يحفظ المصالح الوطنية العليا ويردع كيد المتربصين بالوطن.
    خامساً: تعتبر نيفاشا ومتعلقاتها ومترتباتها مثل قطاع الشمال ومناطق البروتوكول الثلاث, من أهم المحاور الأمنية التي تحتاج لرؤية إستراتجية لكيفية التعامل معها بما يحفظ للسودان مصالحه ووحدته وأمنه, وبما يعالج الآثار السالبة لهذه الاتفاقية, مع الوضع في الاعتبار إمكانية تحول الصراع مع دولة الجنوب من حالة الصراع المستمر حول قضايا تعارض المصالح وخلافات الحدود والنفط والحريات الأربع إلى تعاون استراتيجي بناء.
    سادساً: أهمية تقوية منظومة السودان الدفاعية والعسكرية وجعل الأولوية شراء منظومة متطورة لكافة الوحدات القوات البرية والجوية والبحرية, فضلاً عن الاهتمام بقوات الدفاع الشعبي ورعايتها.
    سابعاً: ضرورة معالجة حركة اللجوء إلى السودان من دول الجوار بداعي الحروب والمجاعات والمشكلات الاقتصادية, مما جعل أعداداً كبيرة من اللاجئين يدخلون البلاد من الدول المجاورة , نتيجة لطويل شريطه الحدودي, إذ يعتبر السودان من اكبر الدول المستضيفة للاجئين، وما يجلبه هؤلاء من مشكلات أخلاقية واجتماعية واقتصادية وصحية ونحوها, الأمر الذي يهدد الأمن القومي فضلاً عن ما يشكلونه من ضغط متزايد على الخدمات الفقيرة أصلاً, فتكون الدعوة إلى معالجة أوضاعهم بما يضمن كرامتهم الإنسانية التي منحها إياهم الله تعالى.
    سادساً: مجال الإصلاح الاقتصادي. وتظهر تحديات هذا المجال, في التدهور العام للاقتصاد السوداني منذ الاستقلال, بسبب غياب النموذج الإنمائي المنتج والأخلاقي, الذي يحقق الكفاءة الإنتاجية ويتيح فرص العمل, كما يحقق العدالة الاجتماعية في آن واحد, بمعني أن ابتعاد وضع السياسات الاقتصادية علي هذه المتلازمة هو العامل الكامن وراء ضعف البرامج الإنمائية في السودان، الأمر الذي أدى إلى ضعف الثروة العامة، ومن ثم الاعتماد على الاستدانة من النظام المصرفي في تمويل عجز الموازنات, مما أدى بدوره إلى تصاعد معدلات التضخم وما ترتب عليه من تراجع في الاستثمارات, فيما فاقم الأمر سوء استغلال الموارد المتمثلة في الأرض وموارد المياه والغابات والمراعي بالإضافة إلى العنصر البشرى.
    وقد تسبب غياب النموذج الاقتصادي, في الإنتاج والتداول والتوزيع, في حضور ظواهر اجتماعية مثل الفقر والبطالة, مع وجود ظواهر أخري اجتماعية وأخلاقية وسياسية, مما أدي إلى افتقار السكان واضطرار أعداد كبيرة منهم للنزوح للمدن. وارتفاع معدلات العطالة الموسمية والدائمة, والتزاحم على الأنشطة الاقتصادية الهامشية ذات الدخول المتدنية, وكذلك ظاهرة النزوح والتسول والتشرد والهجرة إلى الخارج,بالإضافة إلى الضغط المتزايد على الخدمات العامة وتدهور البيئة الصحية والتعليمية العامة, وبالنتيجة تزايد حدة الفقر واتساع نطاقه, وكما نعلم فان الفقراء لا حيلة لهم على مواجهة ظروف الفقر المتمثلة في فقدانهم لرأس المال وللعلوم والمعارف والخبرات والمهارات, وهم الذين يفتقرون إلى ما يكفي من الغذاء والتعليم والرعاية الصحية.
    وفي ذلك فان نداء الإصلاح الاقتصادي يري الأتي, أولاً : أهمية معالجة المشكلة الاقتصادية معالجة جذرية تضع في الاعتبار ضرورة اعتماد سياسات اقتصادية متلازمة شاملة وعادلة في مجال التنمية الاقتصادية يكون على رأس أولوياتها تلازم برامج الكفاءة الاقتصادية، مع فكرة العدالة الاجتماعية, وذلك بالتوزيع العادل للفرص الاقتصادية والاجتماعية المتاحة بين الأفراد، وإعادة توزيع الدخل القومي بما يضع في الاعتبار الشرائح الفقيرة والمعدمة من أبناء الشعب, إذ لا يكفي الاعتماد على مبدأ تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية, تكون معزولة عن معاني سياسات العدالة الاجتماعية بين عامة جمهور الناس من الفقراء.
    ثانياً: لابد من إصلاحات حقيقية في بنية وهيكلية الاقتصاد السوداني بالتوسع في مجال الزراعة بشقيها: "النباتي والحيواني" وزيادة معدلات التصنيع الزراعي والحيواني، والذي يمثل المدخل الصحيح لتوفير الضرورات اليومية وتخفيف المعاناة على المواطن بصورة فعلية, حيث تمثل نفقات الغذاء جل دخل الأسر محدودة الدخل بالإضافة إلى ذلك فان الإنتاج الزراعي سيوفر قدرا كبيراً من فرص العمل, فضلاً عن توفير مدخرات النقد الأجنبي لمواجهة متطلبات الصرف على الاقتصاد العام, وفي ذلك تظهر أهمية أعادة تأهيل المشاريع التنموية القومية الكبرى, المتمثلة في المشاريع الزراعية المطرية والمروية وعلى رأسها مشروع الجزيرة, والصمغ العربي, وتوفير الطاقة اللازمة للإنتاج وإعادة تأهيل مراكز البحوث الزراعية والمصانع المصاحبة, وكذلك إعادة تأهيل قطاع النقل البرى, وعلى رأسه السكة حديد والنقل البحري والنهري والجوى, لتصدير إنتاج هذه المشاريع, مع الأخذ في الاعتبار تكامل المشاريع اقتصادياً, بما يعظم العائد المادي المباشر وغير المباشر.
    ثالثاً: الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمعدنية, فالبلاد ما زالت تذخر بالثروات المعدنية, فبالرغم من انفصال الجنوب فان البلاد ما زالت غنية بالنفط, والذي لم تتجاوز نسبة الاستكشاف فيه نسبة كبيرة من المخزون المحتمل, بالإضافة للذهب والمعادن الأخرى التي يكمن استغلالها وتصنيعها محلياً، وذلك باستقطاب ودعم الاستثمارات الداخلية والخارجية مع تحسين البيئة الاستثمارية للمستثمرين مع المحافظة التامة على حقوق البلاد من الضياع.
    رابعاً: تطوير ونشر ثقافة الاستثمار والشراكات الصغيرة والمتوسطة, بتطوير أكثر لمظلة التمويل المصرفي بصورته الصحيحة والشرعية, لكافة الشرائح, خاصة في المجلات الزراعية " النباتي والحيواني" المستند على الضمانات والأصول الحقيقية مع ضمان وكفالة وإتاحة الفرص المتساوية والخيارات لكل فرد لتحقيق أهدافه وفقاً لإمكاناته, وكذا تطوير برامج التمويل الأصغر للمشاريع الإنتاجية الصغيرة, من إيرادات الملكية العامة لا الخاصة, والتي يلاحظ عليها إنها لم تستطع أن تقدم ما يكفى من حلول واقعية تساهم في إخراج المجتمع من دائرة الفقر إلى سعة الرزق والكفاية, بما يسهم إيجاباً في إصلاح ثقافة النمط الاستهلاكي ليكون أكثر رشداً.
    خامساً: تحديد أولويات الإنفاق الحكومي في كافة نواحيه, وإعادة "هيكلة الدولة" في نظمها السياسية والإدارية العليا قبل الصغرى, ومحاربة ظاهرة التجنيب وإحكام ولاية وزارة المالية على المال العام, فيما يتعلق بالإيرادات والنفقات وترشيد الصرف على الأجهزة النظامية كافة, والحكومات الولائية والمحلية وإيكال الأمور لأهلها من ذوي التخصصات والخبرات والقدرات الفعالة في المجالات القيادية والإدارية والتنفيذية والتشغيلية مع إحكام الرقابة وتفعيل مبدأ المحاسبة وإقامة العدل بسيادة القانون دون محاباة أو تمييز، وفتح مجال الحريات للصحافة والإعلام كأحد أدوات الرقابة الشعبية المهمة.
    سادساً: إتباع المنهجية العلمية, والتخطيط السليم في توفير وإدارة الخدمات الاجتماعية, المتمثلة في التعليم على جميع مستوياته, وكذا الرعاية الصحية والبيئية وإعطائها أولوية في تخصيص الموارد والسياسات الاقتصادية ,حيث تشكل هذه الخدمات في مجموعها المدخل السليم والفعال لزيادة الإنتاج والإنتاجية, بوصفها ذات صلة بالإنسان محور التنمية ووسيلة الإصلاح وغايته في آن واحد. أما مشروعات ديوان الزكاة فتعاني مشكلات, بحيث أن مصارفها لا توازي حجم المتوقع من مقاصد مشروعاتها, وبالمقابل ظلت مشكلات المجتمع من فقر وبطالة ونزوح في تفاقم مستمر, لم تعالجها مصارف الزكاة بالتكامل مع السياسات الاقتصادية الاخري العليا. أما مؤسسات الضمان الاجتماعي, فيلاحظ عليها تدن واضح في أدائها بعد أن عكفت على استثمار أموال التقاعد في مقابل زهيد لكل معاشي, وبالنتيجة وجود واقع مأساوي وسط هذه الشريحة من أبناء الشعب تلك التي أفنت عمرها في خدمة الوطن, أما تجربة التأمين الصحي فعلى الرغم من النجاحات التي حققتها فإنها مازالت غير قادرة على تثبيت أرجلها, وقد صار عدد كبير من الأمراض والأدوية خارج مظلة التأمين.
    سابعاً: توطيد قاعدة التعاون الاقتصادي والتجاري, المشترك في صور الاتصال والتبادل التجاري, والتنسيق الكامل عبر مشاريع اقتصادية كبرى مع دول الجوار العربي والأفريقي والاسلامى والدول الصناعية الكبرى, بما يوفر قاعدة الدعم المالي والتقني على أن تراعى فيها المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى.
    سابعاً: مجال الإصلاح القضائي والقانوني. يتناول هذا المجال إشكال الإصلاح القانوني, فإذا كان الإصلاح الثقافي والاجتماعي, قادر على تنمية الوازع الأخلاقي الفردي والجماعي الذي يزرعه الإيمان ويرعاه الضبط الاجتماعي, إلا أن الفرد سيكون معرضاً وبشكل دائم لابتلاء الانحراف والجريمة والنزوع نحو انتهاك الحقوق الشخصية بطرفيها المادي والمعنوي. ولذلك تجئ أهمية فكرة الجزاء في النظام القضائي والقانوني باعتباره يشكل الضمانة القانونية الأخيرة في إنجاح مشروع الإصلاح, بيد إن هذا الدور المهم للنظام القضائي يتطلب وجود نظام قانوني – هو في حد ذاته- صالح وعادل وقوي وفاعل ومحترم, لكونه الأساس الإلزامي الحاكم على العلاقات المجتمعية, وبه ينتظم الميثاق والعقد الاجتماعي العام في المجتمع، مما يمهد طريق النهضة والتطور, بيد إن إصلاح النظام القانوني غاية لا يمكن تحقيقها ما لم يتوفر لها إيمان راسخ يدفع بقوة لتحقيق المبادئ الهادية والحاكمة له في استقلال القضاء ودستورية القوانين وسيادة القانون والمساواة أمامه ونحو ذلك من المبادئ والقيم التي أقرتها الشريعة الإسلامية والتجارب الإنسانية, ومن هنا يكون الإصلاح القانوني, هماً حاضراً في الرؤية المتكاملة لـــ"نداء" الإصلاح والنهضة. وهو أمر يتطلب الأتي :
    أولاً: إن العدالة المطلقة في الإسلام مبدأ أساسى من مبادئ نظام الحكم، وأساس كل علاقة إنسانية سواء بين الأصدقاء أو الأعداء؛ لأن العدل قوام العالمين في الدنيا والآخرة، فبالعدل قامت السموات والأرض، والعدل أساس الحكم الراشد والمجتمع الفاضل، وأما الظلم فهو طريق خراب المجتمعات وزوال الدول.
    ثانياً: التأكيد على استقلال القضاء, بان تكون النظرة الاستقلالية تجاه السلطة القضائية, نظرة نهائية لا لبس ولا غموض ولا جدال حولها, باعتبارها الأساس الذي يقوم عليه النظام القانوني, إذ هي الضابط للعلاقات والميثاق الاجتماعي بما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق ويحدد الواجبات, وبوصفها الفيصل عند تنازع الاختصاصات والعاصم من تنازع السلطات مع بعضها البعض, ولذا فإن استقلال القضاء مبدأ لا محيص عنه للمحافظة على الحقوق وتحقيق العدل المفضي للاستقرار ولتعزيز الثقة المجتمعية بين الأفراد والجماعات والمؤسسات في المجتمع.
    ثالثاً: إن إصلاح السلطة القضائية, يتطلب إجرائياً إعادة مجلس القضاء العالي, كمجلس منتخب, يتم اختيار أعضاءه من داخل هيئة ناخبين, هم أعضاء سلك السلطة القضائية من القضاة والمستشارين ونحوهم، تعزيزا لمبدأ استقلاليته السلطة القضائية التي ينتقصها مبدأ التعيين من قبل السلطة التنفيذية أو حتى التشريعية. فيكون له صلاحيات حراسة مبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في الدستور, كما له حق التدخل من تلقاء نفسه في المسائل التي تمس انتهاك مبادئ الدستور وحقوق المواطنين, فضلاً عن منحه سلطة اختيار وعزل رئيس القضاء والقضاة والوكلاء ومحاسبتهم, ونحوها من موضوعات ترتقي بالسلطة القضائية وتجعلها قادرة على التصدي لتجاوزات السلطتين التنفيذية والتشريعية, وفقاً لنظم قانونية تحقق العدالة. مع الحرص على ضمان درجة عالية من الشفافية والنزاهة, بعيداً عن مؤثرات الاستقطاب السياسي ونحو ذلك من مؤثرات سالبة.
    رابعاً: الدعوة إلى إدخال نظام قضاء الصلح في التنظيم القضائي السوداني, واعتباره نظاماً من نظم القضاء العادي وسابق عليه، باعتبار أن قضاء الصلح يعمل على نشر السلم الاجتماعي, لأنه يتجاوز أسباب الخصومة ويؤلف بين القلوب المتنافرة ويضع حداً لما تتركه الخصومات من شقاق بين أفراد المجتمع, ويشكل مجلس قضاء الصلح برئاسة أحد وكلاء النيابة العامة ويعقد جلساته في مقر المحكمة المختصة بالنظر في النزاع، وإذا لم يتم الصلح في أجل يُقدر, تحال الدعوي إلي المحكمة المختصة بالخصومة للنظر فيها. ويغطي قضاء الصلح مناحي مختلفة من موضوعات التقاضي,كما في المعاملات المالية والسياسية والاجتماعية ونحوها, وذلك فيما عدا الدعاوى التي لا يعتبر فيها الصلح كما يمكن أن يشرحها القانون.
    خامساً: الإسراع في تشكيل لجان متخصصة للنظر في القوانين السارية والتوصية بما تحتاجه من تعديل أو إلغاء, باعتبار أن هذه القوانين صدرت في فترات سابقة تختلف في ظروفها عن الوقت الحالي, بما من شأنه الإعلاء من قيم الحق, وكرامة الإنسان وصون الحقوق والحرمات الفردية والجماعية للناس, على سبيل المثال: التشريعات الاجتماعية في الضمان والمعاش والتامين الاجتماعي, وقانون الأحوال الشخصية, وقانون الأراضي, والقانون الجنائي, وقانون الأمن الوطني, وقانون الصحافة والمطبوعات, والنظام العام, وقانون المشتريات, وقانون الحكم المحلي, وقانون المصنفات الأدبية والفنية, وقانون تسجيل الجمعيات الثقافية, ونحوها من قوانين محل نظر واستدراك.
    سادساً: الاهتمام بإصلاح نظام المرافعة القضائية, لضمان حقوق الأفراد الشخصية، بربط نظام المرافعة القضائية بقيم الشريعة, لأنها مصدر كل الأحكام القضائية العادلة التي يجب أن يتعامل بها القاضي مع المدعي والمدعى عليه والشهود, فيصبح القضاء, باباً من أبواب العبادة, فتكون الدعوة إلى إصلاح نظام المحاماة في السودان, باعتباره جزءاً مهماً من أجزاء النظام القانوني, بتحفيزهم لتبني القضايا التي تحقق القيم الإنسانية الفاضلة للمجتمع تلك التي تعبر عن معاني العدالة والكرامة والحرية وصون الحقوق.
    سابعاً: زيادة التوعية العامة, ورفع الثقافة الحقوقية للمواطن بواجباته وحقوقه القانونية التي يكفلها له الدستور والقانون, عبر وسائل الإعلام والمناهج الدراسية والمنابر العامة, وتكوين وتفعيل الجمعيات والمنظمات المعنية بتقديم العون القانوني والدفاع عن الضعفاء, وتبني القضايا العامة وحض المجتمع بدعمها مالياً حتى تتوفر لها الاستقلالية التي تمنع تغول الجهات الداعمة , واستخدامها لأجندتها بحيث يكون ولاءها للدستور والوطن والمجتمع .
    الخاتمة: وهكذا تظهر وبفضل الله الملامح العامة للنداء في تناوله لرؤية مشروع الإصلاح والنهضة المنشودة, ولان دعوة الإصلاح دعوة شاملة, لا يمكن احتواؤها في عدد محدود من الأفكار والصفحات, فان مبادرة الإصلاح نفسها تتحول إلى "نداء" لأبناء الوطن وبناته للقيام بهكذا شراكة عامة, ولبلورته حتى يتحول إلى "مشروع" متكامل للإصلاح والنهضة العامة والشاملة, إلى واقع ملموس في حياتنا السودانية, وهو نظر يحتاج إلى عمل فكري ضخم, فلا بد وان تشارك فيه نخب وأفراد وجماعات كثر, وهو ما ندعو إليه أنفسنا وكل حادب من أبناء هذه البلاد للانخراط فيه وبشكل عاجل, يوجهنا في ذلك التجرد والصدق والمجاهدة والمصابرة والانفتاح, والحق المشترك في بناء الوطن.










    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين ونصلي ونسلم على سيدنا محمد
    أفضل الخلق أجمعين
    يقول تعالى: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {هود/88}.
    نداء الإصلاح والنهضة
    نداء إصلاح الحركة الإسلامية

    يتناول هذا النداء إشكالات الحركة الإسلامية السودانية الراهنة, التي يُلاحظ فيها شيوع الكثير من الأزمات الفكرية والتنظيمية والسياسية العميقة في مجتمعها، خاصة مع تباين المدارس الفكرية المختلفة داخل الحركة مما اوجد نوعاً من الاضطراب في المبادئ والمفاهيم المرجعية, فضلاً عن الاختلاف على تجربة الحكم الراهنة نظراً وممارسة, مما شكل واقع الأزمات المركب الذي يعيشه الإسلاميون وهي الأزمات التي تتعمق باستمرار، هنا وهناك, فيما يُعاد إنتاج أبعاد أخرى منها، بعد أن تتبدل مظاهرها وتتغير صورها، وأشكالها وأساليب تعبيرها فحسب, دون أن تتغير مضامينها الحقيقية. ولربما كان لتنامي الخطاب التعبوي، وطغيان النزعة الأيديولوجية على أدبيات الحركة الإسلامية المعاصرة، وانخراط عدة أجيال من أبنائها في مفاهيمها وشعاراتها السياسية اليومية، بالغ الأثر في انحسار الجهد المعرفي والعلمي الرصين الذي يواكب المكاسب الهامة للصحوة الإسلامية التي تعم السودان، إذ إننا لا نجد ثمة نظرية متكاملة في أيما مجال من مجالات الحياة يمكن الإشارة إليها بالبنان, بل تلاحظ السمة المميزة التي تسم العمل الحركي ، تأثره بالنزعات الاحتجاجية العاطفية التي يغلب عليها أسلوب النقد المضاد والمقولات الدعائية والتحيزات الشخصية, مما نتج عنه أن قطاعاً واسعاً من أجيال الحركة لا تزال لم تتبصر محيطها بعمق، بل ولا تريد دراسة مشكلاتها من منظور أصيل, وبالنتيجة نجد أنّ المشكل لا يزال قائما بعمق, باعتبار ظهوره في مناحي متعدّدة من فضاءات الفكر الإسلامي الحركي، وبالنظر لما يثيره من عوائق تاريخيّة وثقافيّة واجتماعية وسياسية وأصوليّة، مما يجعل المرحلة الراهنة التي يمرّ بها الفكر الحركي الإسلامي يمثّل إرهاصاً ثانياً لولادة مشروع إسلامي حركي متجدد.
    وفي هذا السياق انتهت المناقشات التي دارت حول الإشكال أعلاه إلى خيارات ثلاثة.
    1. الأول : وهو خيار الوحدة والإصلاح, كخيار فاضل, بالقياس لروح المبادرة ومرجعيتها, بما يعني العمل على وحدة مكونات الحركة, من خلال العمل على توحيد الحركة الإسلامية, بشقيها الشعبي والوطني, وعودة الصفاء والود بين أعضائها علي أن يكون ذلك في جسم واحد ينتظم فيه كل أعضائها من السابقين من أعضاء الحركة الإسلامية, ويتم تجاوز كل المرارات التي حدثت في السنين السابقة . ويكون ذلك من جهة الشروع في بناء تيار ضاغط, يصحح المسار بعضوية من أطراف الحركة الإسلامية في فصائلها وأطيافها تكون مهمته التأثير علي طرفي الحركة الإسلامية في محاولة لإصلاح وتقويم الاعوجاج الذي اعتري مسيرة حركة الإسلام في السودان حكومة ومعارضة.
    2. الثاني: وهو خيار مفضول, يعمد إلى إنشاء حركة إسلامية جديدة, ليأسه من إمكانية نجاح خيار الوحدة والإصلاح, ومنتهاه أن تقوم حركة إسلامية جديدة بقيادة جديدة وبرؤية جديدة ودستور جديد, وان ينتظم فيها كل أعضاء الحركة الإسلامية بشقيها الشعبي والوطني, والذين اصُطلح عليهم بأهل الرصيف أولئك الذين لم يميلوا لواحد من أجنحة الخلاف, وان ينضم إليهم أهل القبلة من الجماعات الإسلامية في السودان.
    3. الخيار الثالث: وهو الخيار الواقعي القائل بالإذعان إلى الأمر الواقع, وهو ما يعني الإبقاء على ما كان, وتنتهي فكرته, في أن تظل الأوضاع علي ما هي عليه اليوم, وان تقدم الحركة الإسلامية في الدولة نموذج المسؤولية والعفة والطهارة في الحكم, في الوقت الذي تقدم فيه الحركة الإسلامية المعارضة, نموذج المعارضة المسئولة والوطنية, وهو ما يعني أن يبقي كل عضو في ما هو عليه, وان يمارس دوره في الإصلاح والدعوة فيما يليه من ابتلاءات.
    وما بين هذه الخيارات صعبة الجمع والتوفيق, انتهت المناقشات إلى ضرورة العمل أولا على تعافي البيئة حول الحركة في مستوياها الفكرية والسياسية والتنظيمية, كـ"مطلوبات" ضرورية حتى تثمر الخيار الفاضل خيراً بناءً على "خارطة طريق" توضح معالم مستقبل حركة الإسلام في السودان, وذلك من خلال العمل على تحقيق المطلوبات التالية.
    1 تجديد فكر الحركة, من جهة مبادئها ومقاصدها الفكرية والمنهجية ورؤاها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فضلاً عن أطرها التنظيمية, بما يمكنها من تجاوز أزمتها الحالية.
    2 شرط إصلاح شأن الحركة الإسلامية التنظيمي, مما اعتراها من ضعف وغياب للفكرة وتعطل لأجهزتها وغياب لمؤسساتها وتعطيل للشورى, وتجميد لصف كادرها وذلك بتجديد دورها في المجتمع وتجديد قيادتها ويكون ذلك بعودة الحركة إلى مبادئها التي قامت عليها .
    3 إشاعة حياة الشورى والديمقراطية في الحياة السياسية العامة, بما يتيح للحركة التعافي من فتنها وأمراضها, ولما يتيح لها التوحد والإصلاح والنهوض في جو عام معافى, بعيداً عن إكراهات السلطة وإغراءاتها.
    4 النظر إلى الحركة الإسلامية كمكوّن من مكونات المجتمع السوداني, وليست وصية عليه كما هي ليست حكراً لأشخاص أو فئة, وإنما هي حركة جامعة لكل أهل السودان تسعى لوحدتهم ونمائهم وتطورهم وتستمسك بالإسلام هاديا لمشروعها وبرامجها.
    5 تحريض الواقفين على الرصيف أن يأخذوا أماكنهم في الصف الحركي العامل حتى لا يتركوا الفرصة للمتسلقين والمندسين الذين يفرقون ولا يجمعون وتهمهم المصالح لا القيم والذين قدموا نموذجاً شائهاً في الحياة العامة.
    6 الاهتمام بشروط بناء الشخصية الحركية, في الفكر والتزكية والخبرة العملية, وإعلاء قيم الدين ومنظومته الأخلاقية.
    7 فتح أبواب النقاش وتشجيعها ورعايتها بين طيف العمل الإسلامي بين أهل القبلة في البلاد, من خلال الحوار والبرامج المشتركة واللقاءات والتفاعل عبر الوسائط الإعلامية الحديثة ونحوها, حتى تتم المراجعات الضرورية في أفكار تلك الحركات والتيارات والجماعات وتنقيتها من المدخلات الفكرية المشوهة تلك التي تتسرب إليها.
    وما تهدف إليه هذه المطلوبات, هو إمكانية تطوير تجارب العمل الإسلامي الراهنة إلى ما يكفل لها أن تتكامل للتحول إلى حالة "وحدة" إسلامية: تنظيمية وحركية كاملة بين المكونات والجماعات والحركات, كونها ضماناً لنهضة عامة وشاملة لأحوال السودان في مجموعها, باستئناف الكثير من الأفكار والتجارب السياسية والتنظيمية, التي كتب لها النجاح, وتجاوز تلك التجارب التي لم يحالفها التوفيق.
                  

02-13-2013, 10:00 PM

أبو عبيدة البصاص
<aأبو عبيدة البصاص
تاريخ التسجيل: 09-29-2006
مجموع المشاركات: 4127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص : نداء الإصلاح والنهضة تحت شعار (الانفتاح , الحوار , الشراكة) (Re: أبو عبيدة البصاص)

    مذكرة السائحون الاخيره هل ..............................

    القول لكم
                  

02-14-2013, 04:31 PM

أبو عبيدة البصاص
<aأبو عبيدة البصاص
تاريخ التسجيل: 09-29-2006
مجموع المشاركات: 4127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص : نداء الإصلاح والنهضة تحت شعار (الانفتاح , الحوار , الشراكة) (Re: أبو عبيدة البصاص)

    اب
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de