وردة في محراب الاستاذ محمود محمد طه: عبدالسلام الأثيوبي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 03:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله عثمان(عبدالله عثمان)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-23-2009, 08:02 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وردة في محراب الاستاذ محمود محمد طه: عبدالسلام الأثيوبي


    صلاح ابوزيد مونتري كالفورنيا

    (عبد السلام) إثيوبي لاجئ قدم إلى السودان في بداية الثمانيات [ومعظم اللاجئين يتخذون أسماء جديدة بعد دخولهم السودان وتكون قريبة من الأسماء السودانية]، وعاش في إحدى مدن الشرق التي اشتهرت بهم، ساقه القدر وعبر مكاتب معتمدية اللاجئين، حيث اعتاد اللاجئون الوقوف أمام المكتب أمامهم خياران، الترحيل إلى معسكرات اللاجئين السيئة، بظروفها الغير إنسانية، أو الخيار الثاني هو الانتظار بالقرب من المساجد حيث كانوا يقدمون أنفسهم للمصلين حين خروجهم بعد الصلاة، فقد درج أثرياء تلك المدينة إيواء بعض الشباب الذكور، في منازلهم أو توفير سكن خاص بهم مع بعض اللاجئين، وهو تقليد حميد.
    اما (عبد السلام) صديقنا، الذي اقترب من باب احد المساجد وساقه حظه إلى رجل فاضل وأب سوداني حكيم، قدّم نفسه إليه وهو يتحدث بعربية يمنية محدودة، لأنه ينحدر من أقاليم إثيوبيا التي عرفت اليمن، والمدرسين اليمنيين، وإقليمهم تواجدت فيه أقلية إثيوبية مسلمة. لكن (عبد السلام ) نفسه لم يكن مسلما، مضى (عبد السلام) مع هذا الأب السوداني، الذي أخذه لأبنائه معلنا لهم انه سوف يقيم في بيت الضيوف (الخلوة) وطلب منهم محاولة التعرف عليه والتكلم معه باللغة الإنجليزية التي يجيدها.
    كنا حينها في نهاية المرحلة الثانوية، وبإنجليزية تلك المرحلة والكثير من العربية المكسرة ، تعرفنا على قصته، (فعبد السلام) طالب في المرحلة الجامعية، لم يكملها، لأنه انضم لتنظيم طلابي، لمصادمة نظام منقستو، لأنهم أحسوا بالظلم الممارس تجاه إقليمهم، بالرغم من الاتجاه الاشتراكي لتنظيمهم الثوري، خرجوا لمعارضة النظام الشيوعي في بلادهم، و عرفت كذلك إن (عبد السلام) ترك السلاح والغابة وقدم إلى السودان، عبر رحلة شاقة جدا سيرا على الأقدام و لأيام طويلة، لأنه اختلف مع قيادة التنظيم الطلابي، في (التكتيك) .
    كان على (عبد السلام) أن يهيئ نفسة للحياة في تلك المدينة، التي أسست ثوابت تفرقة في التعامل مع الاثيوبين، كمناداتهم بكلمة حبشي لأنها ارتبطت في ذاكرة السودانيين بالصفات الذميمة وفق الأحاديث الدينية التي تسب الحبش
    (كالحبشي اذا جاع سرق وإذا شبع زنى) ، و لامكان - في ثقافة الاستعراب التخيرية المنحازة- للأحاديث التي تمجد النجاشي و فضله على المهاجرين!!! فعقلية الاضطهاد تتخير مقولاتها بلا خجل.
    كان على (عبد السلام) أن يعد نفسه لمثل هذا المجتمع العدائي، المجتمع الذي يدير و يتربح من تجارة (الدعارة) و الخمور البلدية ، ويعلق كل الفساد في شماعة الوافدين (الحبش)، كانت البلدية تتكسّب، ورجال الأعمال الذين يؤجرون البيوت ويديرون هذة التجارة الرائجة، يكسبون والشباب الذين يعملون في مكاتب اللاجئين يستغلون حاجة اللاجئين ورغبتهم للسفر إلى العاصمة، يستغلونهم لدفع المال مقابل استخراج الرخص ليتمكنوا من ركوب باصات السفريات، هذا إذا قدر لهم الانفلات من عساكر التفتيش في نقاط العبور ، فقد كان بعضهم لا يعترف بهذة التراخيص، خاصة إذا كانت المسافرة فتاة من اللاجئين.
    سوق العمل كذلك كان يتيح المهن الشاقة ذات العائد الضعيف جدا، وكنت أتخيل حينها، أن (عبد السلام) و بلغته وتعليمه النصف جامعي سوف تنفتح أمامه فرص أحسن، وذلك حسب عقلية ذلك العمر، ماكنت امتلك مقدرة التبصر في حقيقة ذلك المجتمع العرْقي، الذي لا يحب النظر في عين الإثيوبي حتى لا يرى عورة حقيقته، تهربا من سلالته الحقيقية وتاريخه،
    رغم كل ذلك فقد كان ذلك الأب عطوفا وإنسانيا مع (عبد السلام) فكان يعامله معاملة راقية، ولم يقم بتشغيله ليقوم بأعباء منزلية أو يستفد منه في أداء مهام خدمية خاصة به أو بأسرته، فقد أصر أن يعامله كضيف مكرّم معزّز، لم يسئ له في يوم من الأيام، ومن يتعامل مع (عبد السلام) يعرف أخلاقه النبيلة، وكيف كان ينادي زوجة ذلك الرجل الذي آواه (يُمّه) و( أبوي) تخرج حقيقية، ولا أنسى كيف كان يمد يديه ليأخذ طعامه، يمد يديه بالطريقة الإثيوبية التي تحمل معنى الوفاء والمحبة والشكر[2] لا انسي كيف كان يقف أمام (أمه) السودانية الجديدة وهو يتحدث معها بكل أدب واحترام وتهذيب أصيل، لقد اتيحت لي فرصة التعرّف عليه عن قرب رغم فارق السن . كان يهتم بالكتب التي أطالعها، دائم التساؤل عن محتواها، وكنت أميل للبحث في كتب السلف ككثير من أبناء الأقاليم المظلومة بحثا عن إجابة في الدين عن الظلم الاجتماعي وتقاسيم المدن في العهد المايوي، ما أثار انتباهي انه دأب على الذهاب إلى مسجد المدينة، لم يطلب منه احد أن يفعل ذلك، ولم يخبر هو شخص إنما كان يمشي إلى المسجد دون أن يحس به الناس، وقد يكون بحثا عن الدين أو خلافه، ما أثار انتباهه أني كنت مولعا بحوار الجمهوريين في الأسواق وكتبهم و اقضي الساعات الطويلة في مطالعتها استعدادا لملاقاتهم في المساء، ومن غير أن يحس به أحد أخذ عبد السلام يهتم بهذة الكتب وبتصفحها وأصبح يغشى أركان الجمهوريين في السوق يوميا يريد أن يعرف ما يدور فيها، قمت بتحذيره من أفكارهم ومن اركانهم ، و أصبحت مهمتي حمايته من الزنادقة حسب ماكنت أراه حينها، ولكن بمرور الزمن لاحظت انه يداوم على حضور حلقات النقاش في السوق، وحاولت أن أبعده عنها لكنه رفض أن يستجيب ، بل أصبح يحضر معه كتب الجمهوريين، كتب عن الصلاة وكيفية الصلاة، و صار يحاورني حوارا صعبا، و لحظت انه كان معجبا بهم وفي طريقتهم في النقاش، فساورني شك فقد يكون هنالك شخص من هؤلاء الزنادقة متخصص في غزو عقول اللاجئين!!
    ذهبت معه إلى ركن من حلقاتهم، ودهشني انه كان ، يقف في الصفوف الخلفية ولا يعيره أي شخص اهتمام بل لاحظت أن الجمهوريين الواقفين في الركن لا يعرفونه و لا يعرفون اسمه حتى أو جنسيته، أضف الى ذلك أن (عبد السلام) كان صموتا مهذب قليل الكلام مع الآخرين، يتابع بعينين مدربتين على الغابات و ترصد الموت المباغت، -لاحظت هذا عندما كان يتابع الأخبار من المذياع الصغير الذي كان دائما يحمله معه، يتابع بعقلية ثاقبة، الأخبار قبل شروق الشمس، حتى أنني اعرف قدوم الصباح بصوت الراديوو اللغة الإثيوبية المميزة-.
    كان (عبد السلام) يحضر الأركان ولا يسأل ولا يشارك طبعا تهيبا من نبرة المعارضين وأنصار السنة وغيرهم الذين كان يغيظهم منظر هذة الأركان المختلفة، ورغم ذلك لم يهدأ لي بال، حتى أنني استجوبته بطريقة بوليسية، عما إذا كان يعرف منازل الجمهوريين وسألته عن أسماء دون أن اذكر له ماهية أصحابها، كل يوم وبطريقة غير مباشرة، اذكر له اسما لواحد من الجمهوريين، وكان يجيب بالنفي!!! وكنت أعجب ما الذي شده إليهم وهو لا يجالسهم وهم لا يعرفونه ؟؟ و حذرته من التعرف ببعض الأسماء (وهي أسماء بعض الجمهوريين) بحجة أنهم غرباء جاؤا من مناطق أخرى!!
    وحسبت أن المسألة مسألة وقت فسوف ينسى عاجلا أم آجلا. والغريب انه لم يكن يرتاد قلب المدينة النابض، حتى ينشغل وينسى.
    لاانسى طيلة حياتي حينما باغتنى احد الأيام - وكان ساعتها يعلمني كيف احفظ نشيد ثوري إثيوبي بلغة الامهرا-، حين سألني عن معنى ( الإنسان الكامل) ؟؟! وصعقت حين أتضح لي انه كان يمتحنني وما كان يبحث عن إجابة، لأنه واصل حديثه يحاورني بلسان حال الجمهوريين؟؟ وأحسست انه مأسوف عليه لأنه فارق أهل السنة والجماعة، و أصبح يحضر كتبهم بصور منتظمة إلى البيت ويقضي فيها الساعات الطويلة دون مساعدتي.
    ورغم ذلك عمدت لإبعاده كل ما تحينت لي الفرصة.
    أصبح (عبد السلام) صديقا لأركان الجمهوريين دون الانضمام إليهم بصورة
    رسمية فقد كان لا يزال متهيبا من ذلك المجتمع الذي يزفه فيه الأطفال كلما استفردوا به متصايحين (حبشي حبشي قرناتي) والتي لا اعرف معناها حتى الآن ؟؟

    خرجت من تلك المدينة لمواصلة دراسة الجامعة وتركته يعمل في مزرعة في أطراف المدينة، غفير و مزارع في نفس الوقت يبتدئ يومه قبل بزوغ الفجر يحمل على كتفة ويحفر و يعرق ويجهد، إلى أن قدّم مع جموع اللاجئين للهجرة لأمريكا حيث تم نقلهم في مجموعات في أوائل التسعينات.
    التقيته في الخرطوم صدفة (بعد عدة سنوات من الانقطاع) وهو يعد أوراقة في مكتب المعتمدية استعدادا للهجرة لأمريكا، جلست معه في كافتريا ابوجنزير وأضحكني بانبهاره بكثافة العربات في الشوارع و كثرة الناس في قلب العاصمة وأبدى اندهاشه بكل ذلك.
    فتح عينيه مستغربا حين علم رأيي في قوانين سبتمبر والحدود والإسلام السياسي !! وحدثته عن الديمقراطية والحرية و فصل الدين عن الدولة!!
    حقيقة، لم يتسنى لي في تلك الجلسة معرفة ما بقي معه من ذكرى تلك المدينة وأركان الجمهوريين وهو ينوي مغادرة السودان، كان مشغولا ومتعبا، ربما من الرحلة القاسية في سبيل الهجرة إلى أمريكا، ربما انه طوى تلك الصفحة، من كتاب مدن الشرق الغامضة؟؟
    لاحقا عرفت انه استقر في(فيرجينيا) وكان يراسل الأسرة التي استضافته.



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de