طالعتنا صحيفة الصحافة الغراء ، بتاريخ 24/10/2007م ، بمقال للدكتور الطيب زين العابدين بعنوان " مطالب الحركة الشعبية في الميزان " .. ولقد عرفنا د. الطيب كاتباً حصيفاً ، وجم النشاط ، وفي الآونة الأخيرة ، اتسمت معظم مساهماته بالموضوعية ، ودقة التحري للحقائق ، التي يعتمد عليها .. ولكنه في هذا المقال ، الذي بين أيدينا ، سقط سقطة كبيرة ، ما كنت أود لمثله ، أن يتورط في مثلها .. واني لأرجو الله أن يعينني ، على أن أضع يده ، على مبلغ الخلل في ميزانه ، الذي وزن به مطالب الحركة الشعبية . لعله حينذاك يجد في نفسه من الصدق ، وفي قلمه من الشجاعة، ما يصحح به موقفه ، ويقوم به من كبوته ، حتى يعود لكتاباته وقعها ، بين كتابات المثقفين، الأحرار ..
الخصم والحكم :
إن موطن الخلل في مقال د. الطيب هو قوله ( ولنأخذ مطالب الحركة في ضوء المعلومات التي أدلى بها نائب رئيس الجمهورية وما استطعنا الحصول عليه من بعض المتصلين بتلك القضايا ) !! فلماذا قبل د. الطيب المعلومات التي قدمها السيد نائب رئيس الجمهورية كحقائق ، قيّم على أساسها مطالب الحركة الشعبية ؟؟ هل السيد نائب رئيس الجمهورية جهة محايدة ، موثوق بها ، حتى يؤخذ تصريحه دون التشكيك فيه ؟! أليس هو الخصم في القضية المطروحة ، والذي يمثل رأي الحكومة التي رفعت لها المطالب فلم تنفذها ، ربما بإيعاز منه ، هو نفسه ، باعتبار من أوائل قادة في المؤتمر الوطني ، الذي تتهمه الحركة بالتغول على حقوقها ؟! ولم يذكر د. الطيب المصادر الأخرى ، التي اعتمد عليها ، ووصفها بأنها متصلة بتلك القضايا ، ولم تظهر في المقال أي مصادر أخرى ، غير مصدر المؤتمر الوطني الذي هو نائب الرئيس ..
ولو كان د. الطيب زين العابدين محايداً ، لأتصل بالحركة الشعبية ، بعد استماعه لخطاب السيد نائب رئيس الجمهورية ، ولعرف رأيها فيما أثاره ، أو استمع لتعليق ممثليها على الخطاب ، ثم قدم لنا في مقاله هذا ، كلا الرأيين ثم وازن بينهما ، بدلاً من أن يرتضي لنفسه ، أن يصدّق ما طرحه نائب رئيس الجمهورية ويعتبره حججاً دامغة قبل أن يعرف حقها من باطلها ..
إن د. الطيب زين العابدين ، يعرف أكثر من غيره ، بحكم علاقته بالإسلاميين ، بأن حكومة الإنقاذ ونائب رئيسها ، ظلوا يكذبون على هذا الشعب ، طوال السنوات الماضية ، منذ أن رفعوا شعار (الجهاد) ضد إخواننا الجنوبيين ، وحتى عقدوا معهم اتفاقية السلام ، ورضوا بان من كانوا بالأمس يعتبرونهم ( كفاراً) ، أصبحوا اليوم ( شركاء) في حكومة الوحدة الوطنية !! ولقد كان نائب رئيس الجمهورية، يتحدث باسم الحكومة ، في حالة الحرب ، وحالة السلم .. فهل كان أمراً جديداً، أن يدّعي - وهو يدافع عن حكومته- أنهم أعطوا الحركة كل ما تنص عليه الاتفاقية ، وأنهم التزموا بالاتفاقية تماماً ، وان الحركة هي التي لم تلتزم بالاتفاقية ، وهي التي لم تحقق التحول الديمقراطي، ولم تقم بالتنمية في الجنوب ، الى غير ذلك من الاتهامات غير المؤسسة ، التي ردت عليها الحركة في تصريحات أعضائها ، مما لم يشأ د. الطيب أن يتعرض له ، في ميزانه هذا ، الذي قبل بالحكومة خصماً وحكماً !!
11-06-2007, 02:27 AM
عبدالله عثمان
عبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192
ومع أن اعتماد د. الطيب على معلومات ، مأخوذة من تصريحات السيد نائب رئيس الجمهورية ، لا يمكن أن يبرر ، إلا أن الأسوأ منه ، هو ظنه أن هذه المعلومات صحيحة ، وهو بها ، قد عرف الإجراءات ، التي تمت في الملفات ، التي اشتكت منها الحركة ، وأصبح بذلك ، في موقف أفضل من المعارضة الشمالية ، التي تعاطفت مع الحركة ، دون أن تملك مثل معلوماته ، التي مصدرها أقوال نائب رئيس الجمهورية !! أسمعه يقول ( وجدت قرارات الحركة ومطالبها تعاطفاً من أحزاب المعارضة الشمالية ومن كثير من كتاب الأعمدة بالصحف ، ويدل التعاطف الشمالي في حد ذاته على ان تقويم المواقف لم يبن على الإقليمية أو العرقية بين الشمال والجنوب بقدر ما هو اختلاف في الرؤى السياسية مع المؤتمر الوطني وهذه محمدة تحسب لقوى المعارضة . ولكن ذلك التعاطف لم يستند على أساس موضوعي ، أو على معلومات صحيحة بالإجراءات ، التي تمت في الملفات التي اشتكت منها الحركة ...) !! هل رأيتم كيف يرى د. الطيب لنفسه فضيلة على أحزاب المعارضة ، التي يعتقد أنها أيدت الحركة ، دون معلومات صحيحة ، وهو قد أيد المؤتمر الوطني، اعتماداً على معلومات صحيحة ، مصدرها المؤتمر الوطني نفسه ؟!
أين الموضوعية ؟
يقول د. الطيب زين العابدين ( وقد قام الأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي نهار الأحد 21/10/2007م بالرد على مطالب الحركة التي تضمنتها مذكرة الفريق سلفاكير وعلقت بسببها مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية ، وكان كالعهد به مرتباً في تفكيره قوياً في حجته عفاً في لفظه مستوعباً لجوانب القضايا التي أثيرت ...) ونحن لا نوافق د. الطيب على هذا الإطراء، ولا نرى أن الممدوح يستحقه ، وهو على كل حال تقدير شخصي ، لا يهمنا كثيراً ، ولا نستقصي دوافعه .. ولكن المهم هو أن الخطاب ، جاء في الوقت الذي طرح فيه ، بعيداً عن الموضوعية ، لأنه قد صعّد الخلاف ، في حين كان المقام يحتاج إلى التهدئة .. وجاء متهوراً ومتحدياً ، مما زاد من الحدة ، واستوجب رداً مماثلاً ، ابعد الشقة بين الشريكين .. ولقد احتاج خطاب السيد نائب رئيس الجمهورية إلى تصحيح ، جاء قدر منه ، ضمناً في الخطاب الهادئ ، الذي قدمه السيد رئيس الجمهورية ، في افتتاح جلسة البرلمان ..
ولقد استغرب كثير من المراقبين ، أن يتحدث الأستاذ علي عثمان - الذي كان من الذين بذلوا جهداً مقدراً ، في إتمام ، وتوقيع الاتفاقية - بهذه الصورة المتعمدة لتصعيد الخلاف بين الشريكين .. ولعل مواقفه السابقة، في دعم السلام ، قد حسبت عليه ، من المجموعة المتطرفة ، داخل المؤتمر الوطني ، واعتبرت ضعفاً ، أو تنازلاً عن المبادئ .. وكان عليه- كردة فعل- أن يثبت لهم انه لا يقل عنهم تطرفاً ، وتصعيداً للخلاف مع الحركة الشعبية !! ومهما يكن تقدير السيد نائب رئيس الجمهورية ، ومهما تكن مسبباته ،التي دفعته لمثل ذلك الخطاب ، فانه قد جانب التوفيق ، ولم يحظ بالقبول ، على عكس ما ألمح د. الطيب في ميزانه هذا العجيب ..
11-06-2007, 02:28 AM
عبدالله عثمان
عبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192
يقول د. الطيب ( وقد وجه علي عثمان سؤالاً مشروعاً للحركة التي تسيطر على كامل السلطة في جنوب السودان وما هو النموذج الذي قدمته الحركة الشعبية في الممارسة الديمقراطية والحريات العامة والاعتراف بالآخر على مستوى جنوب السودان ؟ وما هي الخدمات والمشروعات التي قامت بها حكومة الجنوب من حصتها من عائدات النفط التي بلغت حوالي ثلاثة بلايين دولار ؟ ) .. ولعل هذا السؤال ، هو ما أعجب د. الطيب زين العابدين ، وحسبه حجة قوية، جعلته لم يتأنى في تسطير مقاله هذا !! ولو نظر د. الطيب بعقل محايد ، لرأى أنها حجة واهية ، لا تقوم الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس .. فحكومة الجنوب ، لم تضرب مواطنيها العزل بالسلاح ، كما فعلت حكومة على عثمان ، في الشمالية وفي بورتسودان .. ولم تعتقلهم دون جريرة ، ودون أن توجه إليهم تهمة ، لاحتجاجهم على تشريدهم ، كما فعلت حكومة علي عثمان مع مواطني كجبار ، وهي لم تعتقل الصحفيين ، وتسن القوانين المقيدة للحريات ، وتوقف الندوات ، والمعارض ، كما فعلت حكومة علي عثمان .. ولم تقم " بيوت الاشباح " لتعذيب المعارضين السياسيين ، كما كانت تفعل حكومة علي عثمان لسنوات !! هذا من حيث الممارسة الديمقراطية ، والحريات العامة ..
أما من حيث التنمية ، وعائدات النفط ، فإن حكومة الجنوب لم تستلم حصتها من عائدات النفط بمجرد تشكيلها ، وإنما بعد مطالبة ، و مواجهة ، وإلحاح ، وفي السنة الثانية .. وما كان لها ، ان تبدأ التنمية قبل ذلك .. وهي مع ذلك ، قامت بعزل ومحاسبة المفسدين .. أما حكومة علي عثمان ، فقد احتفلت بالعام الثامن لتصدير البترول ، وهاهي ترفع سعر البنزين ، وسعر الخبز، وتصاعد كل يوم من موجات الغلاء .. وحين رفع المراجع العام تقاريره بالفساد ، تسترت حكومة علي عثمان على المفسدين !!
لقد قامت الحركة الشعبية ، بالرد على نائب رئيس الجمهورية ، وذكرت على لسان الأستاذ باقان أموم ، بان حكومة الجنوب ، لم تستلم كل حصتها من عائدات النفط ، ولا زالت حكومة الشمال تحتجز 13 مليار من نصيب الجنوب .. وان القدر الذي تسلمته حكومة الجنوب ، وظفته في التنمية وعدد باقان المشاريع التي انحزت ، ولا زالت تنجز في هذه الفترة على قصرها .. ونحن لا نطلب من د. الطيب قبول ما قاله باقان ، ولكننا نطالبه بإبرازه ، حتى نرى كفتي الميزان ، بدلاً من هذه الأحادية المتطرفة .
11-06-2007, 02:29 AM
عبدالله عثمان
عبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192
وعن بروتوكول ابيي يقول د. الطيب طالبت المذكرة ب ( ان تتبنى الحكومة تقرير الخبراء ) إلى أن يقول ( ورفضت توصية الخبراء من قبل المؤتمر الوطني ومن قيادات المسيرية في حين قبلتها الحركة الشعبية لأنها أدخلت كل حقول البترول ضمن حدود أبيي ) .. لقد أتت الحكومة بلجنة الخبراء ، ووافقت على توليها لمهمتها ، فلماذا لم تنفذ قراراتها ؟! وإذا كانت الحكومة تأتي بالخبراء ثم ترفض قرارهم ، لأن أعضاء حزبها ، وبعض القبائل المساندة لهم ، والتي قد تكون جندت ضمن الدفاع الشعبي ، قد رفضوا هذه القرارات ، فهل ينبغي على الجهات المحايدة ان تدعم موقف الحكومة أم تدعم رأي لجنة الخبراء ؟! وإذا أصرت الحركة الشعبية ، على ضرورة إتباع توصية الخبراء ، ألا يدل هذا الموقف على العلمية ، والموضوعية ، التي ترتفع على الأهواء السياسية ؟!
ولكن الغرض في معارضة الحركة الشعبية ، جعل د. الطيب يصوّر تمسكها ، ومطالبتها ، بقرار لجنة الخبراء ، بأنه حدث لأنها أدخلت حقول البترول ضمن حدود أبيي !! لماذا لا يكون هذا هو سبب رفض المؤتمر الوطني، لقرار لجنة الخبراء، رغم صحته من الناحية الفنية ؟! ولماذا لم يذكر د. الطيب هذا الاحتمال لو كان تقييمه موضوعياً ، وميزانه غير مختل ؟!
وعن مطالبة الحركة ، في مذكرتها بانسحاب الجيش الشمالي من الجنوب ، ذكر د. الطيب ان هنالك خرق للاتفاقية من الجانبين ، ولكنه يرى ان خرق الحركة الشعبية اكبر، وان وجود جيشها يهدد الأمن ، في بعض الولايات الشمالية .. ولذلك قال ( وفي ذات الوقت فان الجيش الشعبي يوجد في جنوب كردفان وفي النيل الازرق باعداد تساوي ثلاثة اضعاف القوات المسلحة في الجنوب دون أدنى حجة أمنية أو قانونية بل هو يمارس سلطات غير قانونية يهدد بها أمن المنطقة ) !! ولكن هذا التقرير لا يمثل رأي الحركة الشعبية ، ولا رأي المؤتمر الوطني ، فمن أين أتى به د. الطيب زين العابدين ؟! جاء في الاخبار ( واكد وزير الدفاع استتباب الاوضاع الأمنية بمناطق البترول مشيراً الى انها جيدة وليست هناك أي مشكلة في تلك المناطق واضاف ان القوات المشتركة والقوات المسلحة وقوات الحركة تؤدي دورها بالتمام والكمال في تلك المناطق وقال ليس هنالك أي هجوم على هجليج وما ورد عار من الصحة تماماً مبيناً ان ما حدث من مشكلات تقع بين المواطنين وتحل وليس للحركة دور فيها ولم تعتقل شخصاً ولم تتجن على أحد ) (الرأي العام 26/10/2007م) .. لماذا يريد د. الطيب ان يكون ملكياً أكثر من الملك ؟! ولمصلحة من يطلق الشائعات ، التي تشكك في الحركة الشعبية ، وتتهمها بما لم يجرؤ المؤتمر الوطني ، نفسه ، ان يتهمها به ؟!
يقول د. الطيب ( ليس هنا ما يبرر الشكوى من بطء الإحصاء السكاني أو فشل الحكومة في تمويله لأن الاستعداد جار كما خطط له وسيبدأ ملء الاستمارات في فبراير القادم ) .. ولكن موعد التعداد أجل أكثر من مرة ، وكان قد تحدد له نوفمبر القادم فلماذا تأخر عن مواعيده ؟ وإذا كانت الحكومة قد أخرته ، لأنها تأخرت في دفع نصيبها ، وهي تدفع مبالغ طائلة ، لمسائل اقل أهمية من الإحصاء ، فمن حق الحركة الشعبية ، أن تشك في دوافع الحكومة ، لهذا التأخير، وتعتبره متعمداً .. وهذا التشكك مشروع ، وموضوعي ، إذا علمنا أن الانتخابات تعتمد على الإحصاء السليم ، والتلاعب فيها يكون أسهل ، اذا لم تكن هنالك إحصائيات دقيقة ، بعدد السكان في كل منطقة .. فإذا وعدت الحكومة ، بملء الاستمارات في فبراير القادم ، وصدق د. الطيب زين العابدين ، بكل براءة ، هذا الوعد ، فلماذا لا يعطي الحق للحركة ، ألا تصدقه ، خاصة وان الحكومة قد أسرفت في الوعود الكاذبة ؟! والحركة الشعبية كشريك في الحكم ، ومنافس في الانتخابات ، من حقها ان تهتم بموضوع الانتخابات ، وتقلق من ثم ، على تأخر الإحصاء السكاني ، الذي يفترض ان يسبقها .. ولو كان د. الطيب عضواً في المؤتمر الوطني ، لرأينا مصلحته المباشرة ، في نقد الحركة في هذه النقطة .. وذلك لأن المؤتمر الوطني ، يمكن ان يمارس كل حيله ، وكل تزوير، ليكسب الانتخابات، ويبرر ذلك بالحديث النبوي " الحرب خدعة " !! و من قادة المؤتمر الوطني، الحاضرين ، من درجوا على تزوير الانتخابات ، منذ أن كانوا طلاباً في الجامعة .. كم من السذاجة السياسية ، سيكون نصيب الحركة الشعبية ، لو لم تشك في المؤتمر الوطني ، بعد كل هذه التجارب ؟!
11-06-2007, 02:30 AM
عبدالله عثمان
عبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192
ويعترض د. الطيب ،على مطالبة الحركة الشعبية ، بإدخال السؤال عن العرق والدين ، في الإحصاء ، ويقول ( ولا ينبغي في سودان اليوم تشجيع الانتماءات العرقية أو الطائفية ومن الغريب ان يأتي طلب السؤال عن الدين من حركة تدعي العلمانية والثورية وتبشر بسودان جديد ) .. ولو كان الواقع في السودان ، غير ما نعرفه ، ويعرفه د. الطيب جيداً ، لكان حديثه هذا مقبولاً . ولكن هنالك إدعاء عريض ، من دعاة أسلمة وتعريب الجنوب ، بأن معظم المواطنين الجنوبيين مسلمين، ويتكلمون اللغة العربية !! وهنالك مبالغة عن حجم المجموعات ذات العرق العربي ، في مختلف نواحي السودان .. وهنالك قوانين إسلامية ، ما زالت تطبق في الشمال ، ويتضرر منها مواطنون جنوبيون ، ما كان ينبغي ان تطبق عليهم . وهنالك مناهج تعليم ، تحتوي على الدين الإسلامي ، تدرس في معسكرات النازحين لأطفال غير مسلمين . كل هذه المفارقات ، اقتضت المطالبة بتحديد الهوية العرقية ، والدينية ، للمواطنين السودانيين ، حتى لا يجور عليهم جائر، باسم دين أو عرق، وحتى تتأكد حرية الاعتقاد ، والمساواة بين المواطنين ، رغم اختلاف أعراقهم ، وأديانهم ، كما نص الدستور ..
وعن مطالبة الحركة بإرجاع وزرائها ، الذين طردهم ولاة سنار والجزيرة ، يقول د. الطيب (عندما قرأت هذا الطلب تذكرت المقولة المشهورة التاجر عندما يفلس يبدأ البحث في دفاتر ديونه القديمة لعل وعسى أن يسترد منها شيئاً . وعلى كل من حق الحركة أن تأخذ حصتها في السلطة كاملة في الولايتين فأما أن تعيد حكومتا الولايتين الوزيرين المعنيين أو أن تغيرهما الحركة بآخرين فالقضية لا تستحق التصعيد ولا مقاطعة الحكومة المركزية ) و د. الطيب يقصد بهذه السخرية ، أن طرد الوزراء موضوع صغير، لا أهمية له ، ولا يستحق أن يذكر في مذكرة الحركة ، وما كانت الحركة لتثيره ، لولا أنها أفلست سياسياً ، ولم يكن لديها مواضيع أهم لتثيرها .. وكل هذا التحليل خال من الصحة ، وبالغ السطحية في تقدير الوضع السياسي ، واثر التغول الذي يمارسه المؤتمر الوطني على شريكه .. فالحركة لديها مسئولين ووزراء ، يعمل تحتهم ، من هم من المؤتمر الوطني ، فلماذا لم تقم بفصلهم ، وطردهم لمجرد الخلافات السياسية ، والتضارب في وجهات النظر، ولماذا يجنح المؤتمر الوطني لطرد وزراء الحركة لأيسر خلاف ؟! إن الرسالة التي أراد المؤتمر الوطني أن يوصلها للحركة ، هي التعدي على الحركة ، وازدراء هيبتها ، بين أفرادها ، واختبار قدرتها على المقاومة .. فإذا صمتت ، وقبلت اهانة وزرائها ، استطال عليها المؤتمر الوطني ، وعمم هذه الممارسة ، في الأقاليم الأخرى !! وإذا وقفت بصلابة في وجهها ، تنازل عنها المؤتمر، واخذ يفكر في تكتيك آخر !! فهل الحل هو ما طرحه د. الطيب ، ان تختار الحركة وزراء آخرين ؟! وماذا لو أن هؤلاء الوزراء مؤهلين ، ويشكل وجودهم ، تحدياً لولاة الحركة ومراقبة لأدائهم ، أفتبعدهم الحركة ، وتأتي بالوزراء الضعاف ، الذين يريدهم المؤتمر الوطني ؟!
11-06-2007, 02:33 AM
عبدالله عثمان
عبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192
يقول د. الطيب ( وقد أشار علي عثمان إلى أن مفوضية المتابعة والتقويم " بها خمسة اعضاء يمثلون المجتمع الدولي ويترأسها مندوب حكومة النرويج " قد فرغت من كتابة تقريرها الشامل عن موقف تنفيذ الإتفاقية في مجالات اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية وكان تقريراً ايجابياً من كل النواحي وامن عليه أعضاء الحركة ..) هذا ما قاله د. الطيب زين العابدين ، ولكن الحركة قد انتقدت هذه اللجنة ، ورئيسها ، واتهمتها بعدم الحياد ، قبل هذه الأزمة وبعدها ، ولم يحدث ان قبلت ما توصلت له ، بل ان المواجهات التي جرت ، هي التي دفعت برئيس اللجنة ، لتقديم استقالته .. فهل كان د. الطيب على علم بكل هذا ، ثم أخفاه عن القراء ، ليصل لغرضه المبيت ، في تأييد تصريحات السيد نائب رئيس الجمهورية ؟! أم ان الدكتور لا يعرف كل هذا ، ويظن فعلاً ، أن هذه اللجنة محايدة ، وأنها أشادت بما تم من تطبيق الاتفاقية لأنه حق ؟! ومهما يكن من أمر، فان نقص المعلومات ، في هذه القضية الحساسة ، لا يؤهله لتقييم مطالب الحركة ، وهو يغفل اعتراضها المؤسس على أداء اللجنة ..
وفي ختام تعليقه على مطالب الحركة ، قال د. الطيب ( ولا بأس على رئيس الجمهورية ان يستجيب لبعض مطالب الحركة حتى يشجعها على العودة للحكومة ، ولو بتعين ياسر عرمان مستشاراً لرئيس الجمهورية . وأظن أن الأستاذ ياسر أكثر وحدوية ووطنية وتقديراً للمسئولية من كثير من أعضاء حكومة الوحدة الوطنية بما فيهم بعض منتسبي المؤتمر الوطني . ولكن بعض عناصر المؤتمر الوطني تصر على محاسبته بما جرى في جامعة القاهرة الفرع قبل ربع قرن من الزمان وليتذكروا قولة السيد المسيح " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر" ) .. والحق أن واجب رئيس الجمهورية ، أن يستجيب لكل مطالب الحركة ، ما دامت من صلب الاتفاقية ، وهو حين يفعل ذلك ، لا يفعله حتى يشجع الحركة للعودة للحكومة ، وإنما يفعله اعتباراً للعهود ، والمواثيق ، ولأنه ما يحقق مصلحة الوطن .. أما ما قاله د. الطيب عن الأستاذ ياسر عرمان فانه ذم بما يشبه المدح !! فهو عندما تحدث عن وطنية ياسر ووحدويته قال ( أظن) وعندما أشار إلى حادثة القاهرة الفرع ذكرها وكأنها حقيقة ، وطلب من أعضاء المؤتمر الوطني أن يغفروا لياسر، كما غفر السيد المسيح للمرأة المخطئة !!
أما نحن فإننا نعلم أن الأستاذ ياسر عرمان أكثر وطنية ، وأصدق مواقف ، من كل أعضاء المؤتمر الوطني .. كما نعلم أن حادثة ، الفرع في الثمانينات ، لم تكن خطأه ، وإنما كانت من ضمن العنف الذي أثارته عناصر الاتجاه الإسلامي ، في السبعينات والثمانيات ، في جامعة الخرطوم ، وفي جامعة القاهرة الفرع ، وان بعض أعضاء المؤتمر الوطني اليوم ، كانوا من المشاركين ، في ذلك العنف المنظم ، آنذاك ، حين عجزوا عن الصراع الفكري والسياسي ..
عقلية المثقف الشمالي:
إن نموذج د. الطيب زين العابدين ، متوفر بكثرة وسط المثقفين الشماليين ، ممن ليس لهم فكر محدد يوجه تفكيرهم وسلوكهم .. فهم يحاولون أن يكونوا ليبراليين ، ودعاة لحقوق الإنسان ، ومطالبين بالديمقراطية ، وناقدين للحكومة ، في كثير من ممارساتها ، ولكن خلف هذا الطلاء الجميل ، يقبع في داخل النفس الجلابي القديم ، المتعالي عرقياً ، وثقافياً ، ودينياً ، على أخواننا الجنوبيين . فبالرغم من معرفة د. الطيب بان المؤتمر الوطني ، يحاول الرجوع إلى عهد الإنقاذ ، حيث البطش بالشعب ، والزراية بمصالحه ، وبالرغم من أن د. الطيب نفسه ، قد قال ( ولكن المؤتمر الوطني بحسابات انتهازية ومن أجل مكاسب زائلة شاء ان يستجيب لكل مطالب وضغوط تمارس عليه من الداخل أو الخارج عدا الاستجابة لمطالب الأحزاب السياسية المشروعة التي تتمثل في قبول التعددية السياسية وأحداث التحول الديمقراطي الحقيقي وبسط الحريات العامة ورعاية حقوق الإنسان والاتفاق على قانون الأحزاب والانتخابات .... ولكنه مهما استغل الثروة والسلطة في التأثير على الناخبين فلن يستطيع ان يغير سجل الإنقاذ الطويل في الظلم و الاستغلال والفساد ) .. (الصحافة 27/10/2006م ) ..
11-06-2007, 02:36 AM
عبدالله عثمان
عبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192
ورغم هذا النقد القوي للمؤتمر الوطني ، إلا انه لم ينقده لأنه سيئ ، وإنما ليحفزه لأداء دوره المتوقع منه ، وهو أن يحشد العرب والمسلمين في شمال السودان ، ضد الهجمة ، التي يوجهها ضدهم المجتمع الدولي !! فإن لم تصدقوا أن رجلاً مثل د. الطيب ، يمكن أن يقول مثل هذا الكلام ، فأقروا ( وليس من مصلحة المؤتمر الوطني ولا مصلحة الشمال أن يقف المؤتمر الوطني وحيداً في مواجهة الحركة الشعبية التي تمثل الجنوب وتريد ان تحقق له اكبر قدر من المكاسب على حساب الشمال ولا في مواجهة فصائل التمرد في دارفور التي تتحرك على أساس قبلي وشخصي ، ولا في مواجهة المجتمع الدولي الذي يرغب في إضعاف العرب والمسلمين ويقف مع كل من يناهض المؤتمر الوطني ...وكان الموقف الاستراتيجي المتوقع من حزب يدعي التمسك بمشروع إسلامي حضاري أن يسعى جهده لتجميع المسلمين باتجاهاتهم المتعددة في أنحاء السودان المختلفة ليقفوا معه ضد الهجمة الامبريالية الغربية التي تستهدف الهوية العربية الإسلامية وتريد زحزحة قياداتها من مواقع السلطة في كل مكان )( الصحافة 27/10/2007م ) ..
إن د. الطيب يرى أن الحركة الشعبية ، تمثل الجنوب فقط ، فهو لا يعترف بالشماليين فيها ، وهي تريد أن تحقق مكاسبها على حساب الشمال، ولهذا – حسب رأيه- يجب أن يتكاتف الشماليين العرب المسلمين ، خلف المؤتمر الوطني ، ليصدوا الهجمة الداخلية الجنوبية ، والهجمة الخارجية الغربية ، التي تريد أن تطيح بالحكومة ، ضمن مخططها العام للإطاحة بالنظم العربية الإسلامية !! بهذا المفهوم العنصري ، الديني ، المتطرف ، نظر د. الطيب إلى خطاب السيد نائب رئيس الجمهورية ، فرأى علي عثمان ، في صورة المفكر المرتب ، والناصح الأمين ، وصاحب الحجة القوية الموثوق بها ، والذي يجب أن تؤخذ تصريحاته ، دون تشكك فيها، وتعتبر الميزان الذي على أساسه تقيم مذكرة الحركة الشعبية ، دون ضرورة ، للرجوع لردود الحركة ، وتعليقاتها على خطابه !!
وفي حالة د. الطيب زين العابدين ، فان هنالك عامل آخر، غير التعالي العرقي ، هو الوشائج العديدة ، التي لازالت تربط بينه وبين الحركة الإسلامية ، التي كل ما ظن انه بمثل تصريحاته الناقدة هذه ، تخلص منها ، برزت له عقابيلها ، مرة أخرى ، فأثرت على تفكيره ، وتقييمه للأمور، وكلما خطى خطوة للأمام ، شدته دون أن يشعر، إلى المقاعد الخلفية ، حيث يقبع أصدقاؤه ، القدامى ، من أمثال الأستاذ علي عثمان .
نعم هناك مثل يمني يقول(يموت الزمار واصابعه تلعب) ما يسمون انفسهم مثقفين الحركة الاسلامية ويحملون الدال العجيبة..بمحاواتهم الجادة لانقاذ الانقاذ من موتها السريرى ...اشبه بحائك الامبراطور ....... ومن حسن حظ الشعب السوداني..ان الاستقطاب الحاد في السودان الناجم من مماراسات حزب المؤتمر الوطنى الغوغائية وغير المسؤلة دفعت بكل قوى السودان الشمالي القديم في اتجاه الحركة ولا زال المؤتمر الوطني يعاوده الحنين لسنوات التيه والضلال ولكن هيهات الجذرة الامركية المقدمة(نيفاشا) وراءها عصا غليظة واذا كان د.الطيب ناصح امين كان يوجه اهل البروج من الانقاذيين الي مقولة الصحابي سهيل بن عمرو بعد ان اعتنق الاسلام بعد فتح مكة قال:اليت على نفسي اي مقام قمت فيه بجاهلية ان اقوم فيه بالاسلام) وهذا قمة التصالح مع النفس..بعد نيفاشا كان يجب ان يقتدي صحابتنا الجدد بهذا الصحابي الجليل..ونيفاشا تجب ما قبلها ولكن هيهات ............. فقط يخزل الحركة الشعبية لتبيان حجتها الاعلام الذى عجزت عن علاجه حتى الان .......... شكرا عمر القراي على هذه الاضاءة القيمة وشكرا عبدالله عثمان على النقل الامين
11-07-2007, 03:47 AM
Omer Abdalla
Omer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-02-2003
مجموع المشاركات: 3083
لم يترك الدكتور عمر القراي للدكتور الطيب زين العابدين جانبا يرقد عليه بعد مقاله هذا وقد تأكد لي ألا أمل يرجى من منتسبي الحركة الإسلامية مهما ادعوا الموضوعية وادعوا ابتعادهم عن قديمهم فالعرق دساس كما يقولون وأقل خدش على ذلك السطح المملس يظهر أصلهم القديم وميزانهم المختل ومقدرتهم الفذة على قلب الحقائق .. عمر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة