دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: وفي المقابل قالت مديرة مركز الاستاذ محمود محمد طه الثقافي الدكتورة اسماء محمود محمد طه في حديثها مع سيتيزن أمس (كم مرة) سمعنا مثل هذه التصريحات وقد وافتنا بها ذات الصحف مرارا وتكرارا ولكن للأسف لم نري في واقعنا اليومي أي اثر لها، وتابعت(أتمنى أن يتم الوفاء بذلك)وذكرت اسماء الي ان الايام القليلة القادمة تشهد الذكرى 29 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، ورددت(سنرى مدى مصداقية ما ورد وقد منعت جميع الصحف في العام الماضي من نشر أي موضوع سلبا أو إيجابا عن الأستاذ محمود، كما منع مركز الأستاذ محمود محمد طه من الإحتفال بذكراه التى تقام كل سنة فى 18 يناير من كل عام) وأوضحت ان "الديمقراطية" كمفهوم وممارسة لا يستطيع الوفاء بها إلا من كان ديمقراطيا قناعة، وإيمانا. وما هكذا الدكتاتوريات، عسكرية كانت ام مدنية |
صحيفة الخرطوم صحفيون الحكومة غير ملتزمة بالدستور
الخرطوم:حسين سعد 13 يناير 2014
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لاستشهاد شهيد الفكر والإنسانية الأستاذ محمود محمد طه تلاميذ وتلميذات الأستاذ محمود محمد طه يقيمون احتفالاً بمنطقة واشنطن دي سي الكبرى تحت شعار
الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن الحادي والعشرين
يشتمل الاحتفال على وقفة إجلال وتقدير لشهيد الفكر والإنسانية الأستاذ محمود معرض إنشاد بقيادة المنشد عبدالكريم على موسى " كرومة"
ندوة بعنوان الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن الحادي و العشرين يقدمها/ أزهري بلول
قراءة لكتاب الإسلام ديمقراطي اشتراكي للأستاذ/ خالد الحاج عبد المحمود تقديم الأستاذ الصحفي/ صلاح شعيب الزمان: السبت 25 يناير 2014 من الساعة 6 مساء وحتى الساعة 10 مساء المكان Mason District Governmental Center 6507 Columbia Pike Annandale, VA, USA 22003-2029
الإحتفال بالذكرى التاسعة والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود محم...شنطون -25 يناير 2014
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
أضواء على كلمة الأستاذ محمود أمام المحكمة (1) د. محمد محمد الأمين عبد الرازق
تمر في الثامن عشر من يناير الجاري، الذكرى 29 لوقفة الأستاذ محمود التاريخية ضد سلطة مايو، وبهذه المناسبة العظيمة سنحاول إلقاء بعض الضوء على كلمته في مواجهة المحكمة المهزلة، بهدف توضيح البعد الفكري في تلك الكلمة بشيء من التفصيل.. وقد بدأت المواجهة في الأساس من جانب الجمهوريين في إطار التوعية العامة التي كانوا، ولا زالوا، يقومون بها لتصحيح مسار البلاد حتى لا تتورط في السياسات الخاطئة بوحي من الهوس الديني.. وقد خرجت العديد من الكتب في هذا الاتجاه، مثل: بنك فيصل الإسلامي، التكامل، الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلى السلطة.. فردت السلطة على هذا النقد الفكري بأن اعتقلت الأستاذ محمود و62 من تلاميذه، وكان ذلك في النصف الأول من عام 1983م، وامتد الاعتقال السياسي حتى 19/12/1984م حين أفرج عنهم جميعا.. وفي أثناء فترة الاعتقال ولغت السلطة حتى أخمص قدميها في الهوس الديني، فأصدرت قوانين سبتمبر 83، مدعية بأنها إنما تطبق شرع الله، لجلب التأييد الشعبي ومن ثم تأمين السلطة ضد حملة الاحتواء التي كانت تسير على أشدها من جماعة الأخوان المسلمين باسم تطبيق شرع الله.. فكأن سلطة مايو، ظنت أنها بسنها قوانين سبتمبر، قد فوتت على الأخوان المسلمين فرصة ضربها من الداخل، بحجة عدم تطبيق شرع الله.. ما إن وصل الأستاذ محمود إلى منزله حتى صرح لتلاميذه: نحن ما خرجنا لنرتاح، ثم واصل في اجتماع أمسية نفس اليوم: (نحن أخرجنا من المعتقلات لمؤامرة.. نحن خرجنا في وقت يتعرض فيه الشعب للإذلال وللجوع، الجوع بصورة محزنة.. ونحن عبر تاريخنا عرفنا بأننا لا نصمت عن قولة الحق، وكل من يحتاج أن يقال ليهو في نفسه شيء قلناه ليهو!! ومايو تعرف الأمر دا عننا!! ولذلك أخرجتنا من المعتقلات لنتكلم، لتسوقنا مرة أخرى ليس لمعتقلات أمن الدولة، وإنما لمحاكم ناس المكاشفي!! لكن نحن ما بنصمت!! نميري شعر بالسلطة تتزلزل تحت أقدامه فأنشأ هذه المحاكم ليرهب بها الناس ليستمر في الحكم.. وإذا لم تكسر هيبة هذه المحاكم لن يسقط نميري!! وإذا كسرت هيبتها، سقطت هيبته هو، وعورض وأسقط!! نحن سنواجه هذه المحاكم ونكسر هيبتها!! فإذا المواطنين البسيطين، زي الواثق صباح الخير، لاقوا من المحاكم دي ما لاقوا فأصحاب القضية أولى !!)) انتهى.. وعلى الفور، كونت لجنة مركزية من عشرة من قيادات الجمهوريين برئاسة الأستاذ سعيد الطيب شايب، فأصدرت اللجنة منشور "هذا أو الطوفان" في 25/12/1984م.. وبعد توزيع المنشور في الشارع العام، أعيد الأستاذ ومجموعة من تلاميذه ليس إلى معتقلات أمن الدولة، وإنما إلى حراسات الشرطة ببلاغات جنائية تمهيدا لتقديمهم للمحاكم.. وفي يومية التحري، قال الأستاذ محمود للمتحري، أنه المسئول الأول عن كل ما يدور حول حركة الجمهوريين في داخل السودان وخارجه، وفي رد على نقد المنشور لقوانين سبتمبر، وهل هو رفض للشريعة، قال: (إذا في إنسان قال قوانين سبتمبر مخالفة للشريعة، لا يتهم بأنه ضد الشريعة وإنما يفهم أنه ضد قوانين معينة، بل هو يدافع عن الشريعة!! ويمكن أن يسأل عن برهانه على قوله بمخالفة تلك القوانين للشريعة!! ولكننا نقول إن الشريعة الإسلامية، على تمامها وكمالها، حين طبقها المعصوم في القرن السابع، لا تملك حلا لمشاكل المجتمع المعاصر، فالحل في السنة وليس في الشريعة!!) انتهى.. وبهذا التحري، فتح البلاغ ورفعت القضية إلى المحكمة، وكان المستند الوحيد هو المنشور مضافا إليه رد الأستاذ على المتحري.. رفض الأستاذ محمود التعاون مع المحكمة لأسباب أجملها في كلمته أمام المحكمة: (أنا أعلنت رأيي مرارا في قوانين سبتمبر 83، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام.. أكثر من ذلك، فإنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ونفرت عنه.. يضاف إلى ذلك، أنها وضعت، واستغلت، لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله.. ثم إنها هددت وحدة البلاد.. هذا من حيث التنظير.. وأما من حيث التطبيق، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا، وضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لإضاعة الحقوق، وتشويه الإسلام، وإذلال الشعب، وإهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين.. ومن أجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب، وإهانة الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين) .. انتهى.. وبالنظر بدقة إلى هذه الكلمة، نلاحظ أنها اشتملت على أربعة محاور : 1/ مخالفة الشريعة وتشويهها، تشويه الإسلام وتنفير الناس عنه ثم تهديد وحدة البلاد.. 2/ الهدف من وضعها ليس هو إقامة الدين وإنما هو إرهاب المعارضة بالقهر والإذلال من أجل حماية السلطة وتثبيتها.. 3/ عدم التأهيل لدى القضاة.. 4/ انتهاك حرمة استقلال القضاء من السلطة.. أولا: المحور الأول: جاء في منشور "هذا أو الطوفان" حول مخالفة الشريعة والإسلام ما يلي: (فهذه القوانين مخالفة للشريعة، ومخالفة للدين، ومن ذلك أنها أباحت قطع يد السارق من المال العام، مع أنه في الشريعة، يعزر ولا يحد لقيام شبهة مشاركته في هذا المال.. بل إن هذه القوانين الجائرة أضافت إلى الحد عقوبة السجن، وعقوبة الغرامة، مما يخالف حكمة هذه الشريعة ونصوصها.. هذه القوانين قد أذلت هذا الشعب، وأهانته، فلم يجد على يديها سوى السيف، والسوط، وهو شعب حقيق بكل صور الإكرام، والإعزاز.. ثم إن تشاريع الحدود والقصاص لا تقوم إلا على أرضية من التربية الفردية ومن العدالة الاجتماعية، وهي أرضية غير محققة اليوم )..انتهى.. إن الشريعة في الأساس ليست قوانين عقوبات وحسب، وإنما هي معالجة متكاملة لجميع قضايا المجتمع، فمجرد إظهار الشريعة بأنها عقوبات فيه تشويه للشريعة وفيه إظهار للإسلام بمظهر القصور، ويضاف إلى ذلك أن الشريعة على تمامها وكمالها ليست الكلمة الأخيرة في الإسلام، وإنما هي طرف الدين الذي لامس أرض الناس في القرن السابع.. ففي مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع، لا بد من تطوير الشريعة لتستوعب المستجدات التي أحدثها الزمن.. وإنما يكون التطوير من الشريعة إلى السنة، فالإسلام موعود بأنه سيعود بالسنة، فقد ورد في الحديث: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء!! قالوا: من الغرباء يا رسول الله!!؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها).. فبعث الإسلام في عصرنا الحالي إنما يعتمد على السنة وليس الشريعة، وقد كانت الشريعة في وقتها حكيمة في القمة وقدمت الحلول الناجعة لمشاكل مجتمعها، لكن بمرور الزمن تطور المجتمع البشري وتعقدت مشاكله بصورة لا يمكن أن تعالجها الشريعة، وإنما المعالجات الحقيقية في السنة.. ولذلك فإن أي محاولة لإقحام تلك الشريعة بكل تفاصيلها في المجتمع المعاصر لا تعدو أن تكون تشويها للشريعة وتشويها للإسلام نفسه.. وبوحي من هذا التشويه، وإظهار الإسلام بمظهر العجز والقصور، ينفر الناس عن الدين ويبحثون عن حلول في فلسفات أخريات ترفض الدين جملة كالعلمانية فيكون حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
أضواء على كلمة الأستاذ محمود أمام المحكمة (2) د. محمد محمد الأمين عبد الرازق انتهينا في الحلقة الأولي بتقرير حقيقة في غاية الأهمية، وهي أن الدين سيعود بإحياء السنة حسب البشارة النبوية في حديث الغرباء، وليس بالشريعة.. وقلنا إن الشريعة هي طرف الدين الذي لامس أرض الناس في القرن السابع، ولذلك تحتاج إلى تطوير نحو السنة النبوية فيما يختص بالسياسة والاقتصاد والاجتماع، أي الجوانب المتأثرة بتحولات المجتمع مع الزمن.. والسنة هي عمل النبي في خاصة نفسه، وما الرسالة الثانية إلا بعث هذه السنة لتكون شريعة عامة تنظم المجتمع، ففي السياسة الحكم الدستوري، وفي الاقتصاد النظام الاشتراكي وفي الاجتماع محو الفوارق الطبقية التي تقف حائلا دون التزاوج بين الناس.. والناحية، التي نحب أن نركز عليها، في هذه الحلقة وردت في كلمة الأستاذ أمام المحكمة في قوله عن قوانين سبتمبر "أنها هددت وحدة البلاد".. والسؤال هو لماذا هددت تلك القوانين وحدة البلاد!!؟؟ ورد في منشور "هذا أو الطوفان" حول هذه النقطة: (إن هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد، وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب وذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب.. إن من خطل الرأي أن يزعم أحد أن المسيحي لا يضار بتطبيق الشريعة، ذلك بأن المسلم في هذه الشريعة وصي على غير المسلم، بموجب آية السيف، وآية الجزية، فحقوقهما غير متساوية .. أما المواطن، اليوم، فلا يكفي أن تكون له حرية العبادة وحدها، وإنما من حقه أن يتمتع بسائر حقوق المواطنة، وعلى قدم المساواة، مع كافة المواطنين الآخرين.. إن للمواطنين في الجنوب حقا في بلادهم لا تكفله لهم الشريعة، وإنما يكفله لهم الإسلام في مستوى أصول القرآن ( السنة ( .. لذلك فنحن نطالب بالآتي :-
1/ نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983م، لتشويهها الإسلام، ولإذلالها الشعب، ولتهديدها الوحدة الوطنية..
2/ نطالب بحقن الدماء في الجنوب، واللجوء إلى الحل السياسي والسلمي، بدل الحل العسكري.. ذلك واجب وطني يتوجب على السلطة، كما يتوجب على الجنوبيين من حاملي السلاح، فلا بد من الاعتراف الشجاع بأن للجنوب مشكلة، ثم لا بد من السعي الجاد لحلها ..
3/ نطالب بإتاحة كل فرص التوعية، والتربية، لهذا الشعب، حتى ينبعث فيه الإسلام في مستوى السنة (أصول القرآن) فإن الوقت هو وقت السنة، لا الشريعة (فروع القرآن).. قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا، كما بدأ، فطوبى للغرباء قالوا: من الغرباء يا رسول الله ؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها).. بهذا المستوى من البعث الإسلامي تتحقق لهذا الشعب عزته، وكرامته، ثم إن في هذا البعث يكمن الحل الحضاري لمشكلة الجنوب، ولمشكلة الشمال، معا.. أما الهوس الديني، والتفكير الديني المتخلف، فهما لا يورثان هذا الشعب إلا الفتنة الدينية، والحرب الأهلية.. هذه نصيحتنا خالصة، مبرأة، نسديها، في عيد الميلاد، وعيد الاستقلال، ونرجو أن يوطئ لها الله تعالي أكناف القبول، وأن يجنب البلاد الفتنة، ويحفظ استقلالها ووحدتها وأمنها.. وعلي الله قصد السبيل.) انتهى.. إذن المواجهة لم تكن موجهة لقوانين سبتمبر وحدها، وإنما كانت من أجل تصحيح التفكير الديني المتخلف الذي يزج بالشريعة السلفية في المجتمع المعاصر، فيشوهها ويشوه الإسلام، وقد أشرنا إلى أقوال الأستاذ محمود للتحري خاصة قوله: "ولكننا نقول إن الشريعة الإسلامية على تمامها وكمالها حين طبقها المعصوم في القرن السابع لا تملك حلا لمشاكل المجتمع المعاصر، فالحل في السنة وليس في الشريعة!!" وقد زجت الإنقاذ بفكرة تطبيق الشريعة عام 1990م، وكانت تداعيات هذه التجربة اشتعال الحرب الأهلية في الجنوب وتصعيدها لدرجة المطالبة بانفصال الجنوب، وبالفعل تحقق الانفصال عام 2011م والسبب الأساسي هو الفهم المتخلف للإسلام، وبذلك انفرط عقد الوحدة الوطنية كما تنبأ المنشور.. إذن لا بد من أن نؤسس لفكرة تطوير الشريعة، ونبين سند الحكم الدستوري الذي يساوي بين الناس في حقوق المواطنة ولا يفرق بينهم بسبب العقيدة أو الجنس أو اللون ومن ثم يتسنى لنا الحديث عن عودة الوحدة بين الشمال والجنوب على أساس متين من ديننا الحنيف.. فما هو السند لمفهوم الدستور من القرآن!!؟؟ لقد ارسي الإسلام المبادئ الدستورية, عندما قرر في أصل أصوله المسئولية الفردية إمام الله.. والمحاسبة يوم يقوم الحساب قائمة في مواجهة الإفراد بصورة حاسمة. قال تعالى: (ونرثه ما يقول ويأتينا فردا) وقال:(إن كل من في السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا, لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) وقال: (كل نفس بما كسبت رهينة) وقال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).. وقال في توكيد ذلك : (ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ ولو كان ذا قربى).. ولما كانت المسئولية الفردية والمحاسبة بهذه الدقة وهذا الشمول, فقد جاء القرآن عندما بدأت الدعوة الإسلامية في مكة بسلسلة من الآيات تقرر بقوة مبادئ الحقوق الأساسية, من حق الحياة وحق الحرية في التصرف لأنه لا يمكن أن يحاسب الإنسان بهذه الدقة ثم لا يعطى حق حرية التصرف كاملة.. اقرأ إن شئت هذه المبادئ في مجموع الآيات المكية التالية, كأمثلة: (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين) (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).. والاختلاف الأساسي بين القرآن المكي والقرآن المدني, هو هذه المسئولية الفردية.. فكل آية تعتبر الناس مسئولين مسئولية فردية وتخاطبهم على هذا الأساس فهي مكية وان نزلت في المدينة, وأي آية تفرض وصاية على الناس حتى لو كانت هذه الوصاية من النبي الكريم فهي مدنية, فالاختلاف بين المكي والمدني لا يؤسس على مكان وزمان النزول وحسب.. إذن، المبادئ الدستورية في المساواة أمام القانون والحرية في التصرف أو حرية الرأي والاعتقاد ثابتة, بنصوص القران المكي وهو قرآن الأصول.. وهذه الحقوق سميت أساسية لأنها لا تعطى ولا تسلب في شرعة العدل, فهي هبة من الله لخلقه، فكل إنسان يولد حي ويولد حر وله مطلق الحق في التصرف بشرط ألا يتعدى على حقوق الآخرين فإذا تعدى تصادر حريته وفق قانون دستوري.. والقانون الدستوري يهدف إلى حماية الإفراد وحماية المجتمع من تغول الأفراد على حقوقه، وبعبارة أخرى هو الذي يوفق في سياق واحد بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة.. هذا هو السند للحكم الدستوري من أصول القرآن, وعندما نزلت هذه الأصول على ارض الواقع في القرن السابع, واستمرت ثلاثة عشر عاما اتضح بالتجربة العملية أن المسئولية الفردية غائبة تماما وان الناس قصر محتاجون إلى مرحلة وصاية لترشدهم حتى يبلغوا مستوى المسئولية.. فهم حين احتمل النبي الكريم كل أذاهم وتعذيبهم للمسلمين لم يتوقفوا وإنما دبروا مكيدة لقتل النبي نفسه والتخلص منه, أي مصادرة حقه الأساسي في الحرية الذي كفل له الإسلام، ولهم، ونهاه عن السيطرة عليهم كما أسلفنا.. ومن هنا نسخت جميع آيات الحريات ومن ثم نسخ الدستور، وأذن للنبي بالهجرة من مكة إلى المدينة وقررت الوصاية بطائفة من الآيات الفرعية المدنية الناسخة لآيات الأصول: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير, الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله) إلى أن نزلت سورة (براءة) وجاء فيها (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم).. والسبب في هذا التحول الكبير هو حكم الوقت, فلم يكن المجتمع مهيئا لإقامة حكم الدستور، ولذلك فرضت وصاية النبي الكريم على المجتمع كله ووصاية المسلمين على المشركين ووصاية الرجال على النساء.. وهذه التشريعات المعروفة بالشريعة السلفية كما أسلفنا، كانت حكيمة كل الحكمة فقد رفعت مستوى المجتمع من الجاهلية حيث وأد البنات إلى نور الإسلام في المستوى الذي يطيقونه عن طريق السيف، ولكنها استعملت السيف كمبضع الطبيب لا كمدية الجزار فاستأصلت أمراض مزمنة كعادة وأد البنات.. وبذلك حفظت الحق الأساسي من خلال إيقاف انتهاك حقوق الطفل المتمثل في تلك العادة، ثم حفزت الناس للالتزام بحكم القانون على حساب قانون الغابة الذي كان سائدا، فالعيب كما قلنا، ليس فيها هي- أعني الشريعة- وإنما العيب في العقول التي تحاول إقحامها في زمان غير زمانها وفى مكان غير مكانها.. إذن الرسالة الثانية ما هي إلا بعث لأصول القرآن المدخرة للمستقبل، وهذا الفهم تفردت به الدعوة الإسلامية الجديدة، وتمت الدعوة إليها تحت قيادة الأستاذ محمود منذ عام 1951م، وليس هناك فرصة للخروج من النفق المظلم الذي ظلت البلاد متورطة فيه في جميع مراحل الحكم الوطني إلا بفكرة تطوير التشريع الإسلامي ببعث آيات الأصول ونسخ الشريعة السلفية..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
أضواء على كلمة الأستاذ محمود أمام المحكمة (3-3) د. محمد محمد الأمين عبد الرازق لقد تناولنا فيما مضى من حديث وبشيء من التفصيل المعاني التي تدور حولها كلمة الأستاذ محمود، موضوع هذا البحث، وقد بينا بالأدلة القرآنية كيف أن الشريعة السلفية مرحلية وأن عودة الدين مرهونة بإحياء السنة النبوية في مستوى تربية الفرد ثم على مستوى التشريع الجماعي، وأوضحنا مخالفة قوانين سبتمبر للشريعة ومدى التشويه الذي أفرزته تلك القوانين للشريعة نفسها وللإسلام إضافة إلى تنفير الناس عنه ثم تهديد وحدة البلاد، وكان ذلك في إطار حديثنا عن المحور الأول في كلمة الأستاذ.. ولقد اشتملت الكلمة على ثلاث محاور أخرى هي: 2/ الهدف من وضعها ليس هو إقامة الدين وإنما هو إرهاب المعارضة بالقهر والإذلال من أجل حماية السلطة وتثبيتها.. 3/ عدم التأهيل لدى القضاة.. 4/ انتهاك حرمة استقلال القضاء من السلطة.. وهذه المحاور الثلاثة، لا تحتاج إلى مجهود كبير في إثباتها، فنميري استولى على السلطة بانقلاب عسكري ضد مجموعة الأحزاب الطائفية والأخوان المسلمين، وقد كانت تلك المجموعة تعمل على إجازة دستور إسلامي جاهل يلتحف قداسة الإسلام، وقد ناهضه الأستاذ محمود وسماه الدستور الإسلامي المزيف مثلما سمى قوانين سبتمبر بهذا الاسم، وبقيام الانقلاب انتهت تلك المحاولة ودخلت البلاد في حكم عسكري.. وبمعاونة بعض المثقفين تمكنت مايو من إنجاز مشروعات في التنمية الاقتصادية كربط أطراف البلاد بشوارع مسفلتة بالرغم من عدة محاولات عسكرية للإطاحة بها.. لكن المؤسف أن مايو وقعت في أخريات أيامها في نفس الخطأ الذي قضت عليه عند قيامها، فولغت في الهوس الديني وأعلنت تطبيق شرع الله من أجل أن تستمر في السلطة، بأن تقطع الطريق على جماعة الأخوان المسلمين التي كانت تحتوى مايو من الداخل بقوة تحت ستار تطبيق الشريعة.. وقد كان نميري يظن أن إعلان الشريعة سيجلب له تأييد عامة الشعب فيطيل بقاءه في السلطة، ولم يكن هدفه بأي حال من الأحوال هو إقامة الدين في الأرض.. وفي خطبه كان يتوعد معارضيه بالعقوبات الحدية لإرهابهم حتى لا يجهروا بالنقد الموضوعي فينكشف على حقيقته ومن ثم يفقد السلطة، وقد وصل الحال به أن يتوعد معارضيه بالملاحقة حتى لو اقتضى الأمر مخالفة الشريعة التي يدعيها، فقال في إحدى خطبه: نحاكمهم بالقانون البطال.. ندخل البيوت ونفتش من يشرب ومن يزني، في الخفاء...الخ، وهو يقصد "بالقانون البطال" قانون أمن الدولة إذ أن الالتزام بآداب الشريعة، حسب تصوره هو، سيعطي ثغرات للمعارضة!! فالقضية كلها صراع سياسي حول السلطة لا علاقة له بالتدين الحقيقي مطلقا، سواء كان ذلك من جانب نميري أو من جانب الأخوان المسلمين.. والحاكم العسكري، أصلا طالب سلطة وهو باستمرار يعمل كل ما في وسعه من أجل الاستمرار في السلطة، فالنفس البشرية تستلذ بالسلطة بأكثر مما تستلذ بأي شهوة أخرى.. وقديما قال الشاعر: يقولون إن سعدا شكت الجن قلبه وما علموا أن سعدا لم يبايع أبابكر لقد صبرت عن لذة العيش أنفس وما صبرت عن لذة النهي والأمر وقال الفيلسوف أرسطو: السلطة تفسد عقول الحكام حتى لو كانوا أفضل الناس!! وتكون الفتنة أوسع ويستطير شرها إذا وجد الحاكم فئة من الناس تزين له باطله وتمد له في غفلته كما حدث من بعض أدعياء التصوف في أخريات مايو.. أما محوري عدم تأهيل القضاة، وتنكر محاكم مايو لحرمة القضاء المستقل، فأيضا لن نحتاج لبذل مجهود في توضيحهما، فقد أغنتنا المحكمة العليا عن ذلك عندما أبطلت عام 1986م جميع الأحكام التي صدرت في حق الأستاذ محمود والجمهوريين، في القضية المشهورة التي رفعتها الأستاذة أسماء محمود والأستاذ عبد اللطيف عمر حسب الله، ونكتفي بإيراد طرفا من الحيثيات التي ساقتها في تبيين هذين المحورين: ( أما ما ترتب على ذلك من أحكام بالإعدام فقد ألغيت في مواجهة جميع المحكوم عليهم فيما عدا والد المدعية الأولى.. ورغم ما شابتها من مخالفات للقانون والدستور، فقد أصبحت حقائق فى ذمة التاريخ، تقع المسئولية عليها سياسية فى المقام الاول )!! وحول تهمة الردة جاء في الحيثيات : ( ولعلنا لا نكون فى حاجة الى الاستطراد كثيراً فى وصف هذا الحكم فقد تجاوز كل قيم العدالة سواء ما كان منها موروثا ومتعارفاُ عليه، أو ما حرصت قوانين الإجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة، أو انطوى عليه دستور 1973م" الملغى " رغم ما يحيط به من جدل.. ففى المقام الاول أخطأت محكمة الاستئناف فيما ذهبت إليه من أن المادة 3 من قانون أصول الاحكام لسنة 1983م كانت تتيح لها أو لأى محكمة أخرى توجيه تهمة الردة ).. هذا وقد أوضحت المحكمة سبب الخطأ وهو أن المادة 70 من الدستور " الملغى " تنص على ( لا يعاقب شخص على جريمة ما إذا الم يكن هناك قانون يعاقب عليها قبل ارتكاب تلك الجريمة ).. وحول هذه النقطة قالت المحكمة : ( ومؤدى ذلك أنه ما لم يكن هناك قانون يجرم الفعل وقت ارتكابه فإنه لا مجال لاعتبار الفعل جريمة، والقانون هنا هو التشريع رئيسياً كان أو فرعياً )!! وتواصل المحكمة العليا: ( على أن محكمة الاستئناف لم تكن عابئة، فيما يبدو، بدستور أو قانون، إذ أنها جعلت من إجراءات التأييد التى ظلت تمارسها المحاكم المختصة فى سماحة وأناة، وبغرض مراجعة الأحكام مراجعة دقيقة وشاملة، محاكمة جديدة قامت عليها المحكمة بدور الخصم والحكم مما حجبها، حتى بفرض صحة توجيه تهمة جديدة فى هذه المرحلة فى أن تعيد الاجراءات مرة أخرى لمحكمة أول درجة لإعلان المحاكمة بموجب التهمة الجديدة، وذلك فيما تقضى به المادة 238 هـ من القانون، أو أن تتجه إلى سماع المحكوم عليهم بنفسها وفاء بواجبها فى ذلك بموجب المادة 242 من القانون ذاته )!! وتواصل ايضا : ( ومهما يكن من أمر النصوص القانونية فإن سماع المتهم قبل إدانته مبدأ أزلى لم يعد فى حاجة الى نص صريح بل تأخذ به كافة المجتمعات الانسانية على اختلاف عناصرها وأديانها، باعتباره قاعدة مقدمة من قواعد العدالة الطبيعية ).. وحول بيان نميرى عند التصديق على الحكم جاء فى الحيثيات : ( هذا ما كان من أمر ما تم باسم القضاء، أما ما صدر من رئيس الجمهورية السابق عند التصديق على الأحكام فإنه يكفي لوصفه أن نقرر: أنه مجرد من أي سند في القوانين والأعراف، ولا نرى سبباً للاستطراد فيه بأكثر من ذلك لما فيه من تغول على السلطات القضائية، فقد كاد أن يعصف بها كلها !!).. انتهى.. في الختام نحب أن نؤكد بصورة حاسمة، أن أي محاولة لتطبيق الشريعة السلفية في واقعنا المعاصر من غير تطوير، على النحو الذي أسسته الدعوة الإسلامية الجديدة، لن تقدم إلا تشويها للشريعة وللإسلام.. ولذلك نحن ندعو شباب هذه البلاد لأن يقبلوا على دراسة هذه الدعوة من مصادرها الأساسية على خلفية تجربة الإنقاذ في الحكم التي فتتت وحدة البلاد، وأذاقت الشعب جميع مرارات الحكم الشمولي من إقصاء وفصل تعسفي وتشريد للشرفاء ثم الضرب بالرصاص على من يتظاهرون من أجل حريتهم وكرامتهم.. ونقول للذين نفرتهم التجربة من الدين، فاستبدلوه بالعلمانية، نقول لهم: العلمانية كفلسفة خاطئة إضافة إلى أنها تتناقض مع محبة الشعب للدين، ولذلك فإنكم بصنيعكم هذا قد تركتم ميدان الدين خاليا للهوس الديني ليتمكن أكثر، وفي هذا الاتجاه خيانة للشعب وهروب من الميدان، فحال السودان لن ينصلح بالعلمانية وإنما بالفهم المستنير للإسلام..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
غربا باتجاه الشرق
[email protected] الجزء الأول: وددت لو أنه كان بوسعي أن أقف الى جانب حبيبنا السفير خالد موسى في شأن الخلاف الناشب حول موقفنا كسودانيين من التصريحات الاخيرة المثيرة للجدل التي أدلى بها مؤخراً الصحافي المصري الضخم محمد حسنين هيكل. وكان هيكل قد تناول بلادنا على نحو أثار حفيظة البعض في حديث أدلى به للإعلامية لميس الحديدي صاحبة البرنامج الذائع (هنا العاصمة) بقناة سي بي سي المصرية.
ولكنني بعد إجالة الفكر وإنعام النظر وجدت نفسي مضطراً للاصطفاف وراء حبيبنا الآخر الكاتب الصحفي عثمان ميرغني. إذ حمدت لعثمان أنه تجاوز منطق رد الفعل تجاه افادات هيكل الى ما هو اكثر شمولاً وأعمق بعداً في امر العلاقة مع مصر، فأتانا في شأنها برأىٍ مائز اتصف بالشجاعة والاصالة.
السفير خالد موسى مثقف من طراز رفيع، كما انه كاتب مبين، لكلماته سطوة ولحروفه رنين، كلما قرأت له ازددت به اعجابا. أما عثمان فإن سموق قامته في ميدان الصحافة مما يستغني عن البيان. نسأل الله ان يجعل عطاءه فيها ذخراً لآخرته، أما في الدنيا فيكفيه أنه (يلهف) في مؤخرة كل شهر سبعة عشر مليون جنيه مقابل اعمدته التي لا يتجاوز عدد كلماتها أحيانا الثلاثمائة كلمة!
عندما فرغت من مطالعة مرافعة الاستاذ خالد موسى المطولة، التي بلغ عدد كلماتها ثلاثة آلاف ومائة وستون كلمة، والتي افرغ فيها وسعه ذمّاً لهيكل وتسفيهاً له وتكسيراً لعظامه، كان اول ما خطر ببالي أن استعلم عما اذا كان خالد قد بدأ حياته الفكرية في الاصل ضمن جماعة الاخوان الجمهوريين، ثم (تطور) بعد ذلك فانتقل الى جماعة الاخوان المسلمين، بمسمياتها السودانية الترابية المختلفة!
وكنت ولزمن طويل أحتار في سر بُغض الجمهوريين لمصر ورموزها واندفاعهم في الكيد لها والتشكيك في سياساتها. والاحباب الجمهوريون يتميزون في غالب امرهم بالهدوء الرصين والترفق الرزين والتثبت المنهجي، الا في أمر مصر، فاذا جاء ذكرها ركبت رؤوسهم مردة الجن. وهو ذات الشئ الذي لحظته في سيرة خالد، عند مقارنتي لمرافعته اللاطمة ضد هيكل بسائر كتاباته الاخرى.
ولكن عماهة الجهل انقشعت وانبلج السر الذي استخفي عني زمناً طويلاً في شأن (عقدة) مصر عند الجمهوريين، بعد أن توغلت في قراءة كتاب (محمود محمد طه والمثقفون) لحبيبنا الاستاذ عبد الله الفكي البشير. إذ استبان لي كيف ان مرشد الجمهوريين الاستاذ محمود كان قد بادر مصر بعداءٍ مرير مستطير، فسفّه ثورتها، وعنّف قائدها جمال عبد الناصر ######ّف أعماله منذ اول يوم له في السلطة في مقتبل خمسينات القرن المنصرم، وقال عن مصر وسياساتها ما قاله وما لم يقله مالك في الخمر. ثم ان الاحباب الجمهوريون يتهمون مصر بالتآمر عليهم، ويعتقدون أنها كانت وراء محاكم الردة وغيرها من الممارسات الكيدية التي استهدفت التنكيل بهم والقضاء على مذهبهم.
وقد استشففت استشفافاً من مطالعتي لكتاب صاحبي عبد الله الفكي البشير ان الاستاذ محمود كان يحس بالمرارة تجاه جامعة ام درمان الاسلامية، فبادرها بالعداء وحاربها وسعي الى اغلاقها، لا لشئ الا لاكتظاظها بالاساتذة المصريين، مثل رائد علم الاجتماع الدكتور على عبد الواحد وافي وغيره من علماء المحروسة الذين لم يستأنسوا بالفكرة الجمهورية فقعدوا لها كل مرصد.
وقد حاولت ذات يوم، إبان غفلتي وجهلي بالاسباب الحقيقية لموجدة الجمهوريين على مصر، أن أخفف من غلواء حبيبنا الدكتور النور حمد، القيادي الجمهوري وزوج ابنة الاستاذ محمود، الذي رأيته وقد سدر في الزراية بمصر في متون سلسلة كان قد نشرها بعنوان (كيف أقصى الملتوون المستقيمين). فبعثت له برابط اليكتروني لأغنية على اليوتيوب للمبدعة السودانية نسرين هندي، تؤدي فيها ببراعة نادرة ومثيرة للدهشة اغنية (بتونس بيك) للفنانة الراحلة وردة. ولا أعرف من السودانيات من أدت اغنية مصرية على ذلك النحو من الاتقان والروعة. ولكن الدكتور النور رد عليّ قائلا انه استمع الى الاغنية بصوت نسرين، ثم قرر ان يضعها، أى نسرين، على رأس قائمة المُستلبين والمستلبات من عملاء مصر وعميلاتها في السودان!
ولهذا كله فقد خيّل اليّ عندما قرأت مرافعة السفير خالد موسى في مواجهة هيكل، أنها لو كانت قد خلت من اسم خالد ككاتب لها، وحملت بدلا عنه اسم الدكتور النور حمد، أو أيا من احبابنا الجمهوريين، لكان الامر متسقاً تماماً! قاتل الله الاستطراد. ما دخل نسرين والجمهوريين بما نحن فيه؟! ما الذي أتي بنا الى حلة حمد ونحن نريد حلة خوجلي؟ ولكن لا بأس، والخير في ما اختاره الله. ولو نسأ الله في الآجال وأنعم علينا بنعمة العافية، فستجدنا – أعزك الله - مرابطين في هذه الزاوية أيام الأحد والثلاثاء والخميس، لنواصل حوارنا وكوارنا حول هيكل وافاداته، وحول غيره من القضايا!
الجزء الثاني: مثلما يعاني بعضنا من نسب الكوليسترول العالية في الدم، كذلك تنتشر بين بعض المتعلمين السودانيين ظاهرة اضطرابية مشابهة وهي هورمونات (الوطنية السودانية) الفائضة عن الحاجة. ومثلما ينصح الأطباء أهل الكولسترول الزائد بالمشي والرياضة، فإن المصابين بهورمونات الوطنية الزائدة يحسون بحاجة الى نوع مشابه من النشاط يخفف عنهم تبريح النشاط الهورموني المضطرب غير المرغوب فيه!
الروشتة الوحيدة المتاحة للتخفيف والتصريف عند هؤلاء فيما يبدو هي شتيمة مصر. في اى لحظة يحسون فيها الحاجة الى اثبات الوطنية وحب السودان ترى الواحد منهم وقد هب في خفة النمر ورشاقته وقفز فوق حائط مصر القصير، مفتعلاً الحمية لشرف السودان وعرضه المستباح، فيشتم المحروسة، شعباً ورموزاً وحكومة، شتماً منكراً. ثم يحس بعد ذلك بشئ من الراحة!
ولكن حبيبنا الكاتب المتميز عثمان ميرغني يحمد ربه ويشكر فضله، إذ عافاه الله من هذا الداء. كتب عثمان:"لو ظهرت مجرد تلميحات لاسم السودان في فيلم او مشهد تلفزيوني مصري عابر فإن ذلك يكفي لإثارة موجة عارمة من الغضب الكاسح .. ولكن غضبنا غضب سلبي عاطل"!
حتى الآن، بحسب متابعتي، فإن عثمان هو الكاتب الصحفي الوحيد الذي امتلك الجرأة ليرفع صوته ويقول بغير كثير حذر أنه لا يجد بأساً في العبارة التى صدرت مؤخراً عن الاستاذ محمد حسنين هيكل في برنامج لميس الحديدي بقناة سي بي سي وجاء فيها: " السودان ليس الا مجرد جغرافيا". وأنه لم ير فيها ما يستحق مهرجانات العويل والمناحات المنصوبة. ودعا المتعلمين السودانيين للتعامل مع كل رأى يُطرح في مصر بشأن بلادنا بدرجة من الوعي والموضوعية والثقة بالنفس. ثم خلع عثمان ملابسه وقفز في النهر، غير هياب ولا وجل، فكتب رأياً جوهره هو ان هيكل ربما كان محقاً في نهاية المطاف، وأن السودان كبلد ربما لم يكن في حقيقة الأمر سوى (جغرافيا) فقط لا غير!
وأنا آخذ على السفير الاستاذ خالد موسى أنه ركب مركب الشطط فابتدر مرافعته الرائعة – وهي كذلك فعلاً - بهجمة مروّعة على شخص الاستاذ محمد حسنين هيكل كاد ان يجرده في معمعانها من كل قيمة، قبل ان يلج الى موضوع الخلاف. وقد ذكرني ذلك بحالة مشابهة. كنت في عهد كتابتي الراتبة في صحيفة (ظلال) في صدر التسعينيات قد حملت على الصديق الاستاذ حسين خوجلي الذي كان قد هجم هجمةً حانقة على الهندي البريطاني سلمان رشدي، صاحب الآيات الشيطانية، وقال عنه انه كاتب فاشل لا وزن له ولا قيمة. وكان من رأيي أن سلمان رشدي يستحق التقريع والتأديب، بل والضرب بالأحذية القديمة، لجرأته على مقام رسولنا الأعظم. ولكن تجريده على ذلك النحو ووصفه بأنه بغير وزن ولا قيمة فيه افتئات على الحقيقة ومفارقة لروح الموضوعية. لأن رشدي الذي تخرج في كيمبردج، فخر جامعات بريطانيا، كان له آنذاك اسم وصيت، بل انه كان قد حصل على جائزة بوكر العالمية عن كتابه الشهير "أطفال منتصف الليل"، فضلاً عن جوائز أدبية سامية اخرى.
ولذلك كله لم يعجبني احتفاء السفير خالد موسى في صدر مرافعته بكتاب (في تفكيك هيكل) للاستاذ الجامعي العراقي سيار الجميل الذي عدّ هيكل (متطفلاً على التاريخ السياسي). وأنه (مجرد صحفي وليس مؤرخاً سياسياً، مؤكداً أنه لن يقبل به طالباً في فصله لأنه لايملك المؤهلات العلمية الكافية)!
من هو سيار الجميل؟ هل سمع احدكم باسمه من قبل؟ سيرته الذاتية المنشورة على الشبكة تقول انه عمل استاذاً بجامعات عربية مثل الموصل والمستنصرية والزقازيق. عموماً فإن افادته بأن هيكل لن يُقبل في فصله الجامعي افادة صحيحة تماماً. ليس للأسباب التي ساقها، بل لأن الرجل ليس مؤهلاً بحسب الشروط المعتمدة للالتحاق بأى جامعة. هل تعلم، أعزك الله، ان هيكل ليست لديه شهادة جامعية، بل انه لا يحمل حتي الشهادة الثانوية العامة؟! محمد حسنين هيكل، صدق او لا تصدق، يحمل فقط شهادة تجارية متوسطة حصل عليها من مدرسة في مدينة الاسكندرية!
ولكن هيكل، الذي يحلو له ان يصف نفسه بأنه مجرد (جورنالجي)، يظل هو الكاتب الصحفي النجم الذي ظلت مؤلفاته تحتل مكاناً علياً في مكتبات النخب السياسية في العالم لأربعة عقود من الزمان، والذي ترجمت كتبه الى اثنين وثلاثين لغة. وهو الذي قال عنه وزير الخارجية البريطاني الأشهر انتوني ناتنغ لبرنامج (صور شخصية) في البي بي سي في ديسمبر 1987: "عندما كان هيكل قرب القمة كان الكل يهتمون بما يعرفه، وعندما ابتعد عن القمة تحول اهتمام الكل الى ما يفكر فيه".
ونحن ايضا نهتم بما يعرفه وما يفكر فيه هذا الهرم السياسي والثقافي المصري، وبما يقوله عنا وعن بلادنا. وينبغي أن ننظر فيه باهتمام رزين .. وثقة بالنفس!
نقلاً عن صحيفة (الرأى العام)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: محمود محمد طه..عطر الذكرى.. و عبقرية الذاكرة 01-16-2014 10:20 PM
ما زال الزمان يستدير و يكمل دورته.. و تكتمل اقماره.. لنقف فى محراب صاحب الذكرى العطرة.. ذلك الرجل الذى تجتمع فيه كل طباع الانسان السودانى الشامخ من عزة و اباء و كبرياء للنفس .. محمود ذلك الذى ما زال حاضرا بقوة فى ذاكرة الشعب السودانى.. و برغم مرور العقود الثلاثة منذ ان امتدت يد الخسة و الفدر و النذالة لتنال منه.. فالسودانيين لا ينسون من عاش مثلهم .. و هنا تكمن العبقرية فى ذاكرة الشعب السودانى حيث لا ينسى من ضحى من اجلهم .. من اجل عزهم .. و من اجل حريتهم .. و من اجل كرامتهم .. فى الوقت الذى ينسون فيه من طعنهم من الخلف ارضاء لغرور حاكم ظالم ظن انه امام عصره و فريد زمانه .. او هكذا صور له اولئك المنافقين الدجالين عندما نصبوه اميرا للمؤمنين..؟؟ ما ميز استشهاد محمود محمد طه ليس لانه قدم روحه على مذبح الشهادة فقط .. بل كانت روحه فداءا لقضايا امته الاسلامية جميعا و صدق من قال فى حقه : ( ان محمود كان منذورا لامته و وطنه و كان اوفى الرجال فى زمن عز فيه الرجال الرجال فكرا و قولا و واقعا معاشا ) فقد جسد محمود نموذجه الفكرى فى حياته .. فكرا و قولا و سلوكا و نهجا.. و تجسد ذلك المشهد عندما ازيح القناع عن وجهه .. و انهمرت اشعة الشمس الساطعة على طلعته البهية المشرقة و على راسه الاشيب.. كان قد بدا فى ثبات و شموخ الجبل الاشم .. لم يلبث ان اتجه نحو الشرق و راسه مرفوع كانه يتطلع الى الافق مثلما كان يخرج من باب داره الى حلقة الذكر و يتطلع فى وجوه الاخوان و فى افق السماء .. و ابتسم تلك الابتسامة الشهيرة التى خلدت فى الذاكرة السودانية تلك الابتسامة التى وصفتها وكالات الانباء بانها ابتسامة سخرية و رثاء من الذين حكموا عليه .. ابتسامة دلت على عدم اكتراث و عدم مبالاة بالموت ..؟؟ استطاع طه ان يحافظ على اصالة فكره .. و التصاقه بارض السودان التى انجبته .. و بهموم ابناء وطنه.. فخلده الناس فى قلوبهم حيا .. و فى ذاكرتهم شهيدا.. فقد كانت عبقرية طه تكمن فى ولائه المطلق لوطنه و لابناء وطنه الذى راى فيه محمود جذور الشجرة الاصلى الذى سيوحد الامة الاسلامية فكريا.. و سيقودها للمستقبل المدخر لها .. الم يقل محمود عن الشعب السودانى : ( ان الله قد قد قيض لهذا الشعب من كريم السجايا و اصايل الطباع ما يؤهله لقيادة القافلة البشرية.. ) فقد احب الشهيد محمود وطنه السودان و ابناء وطنه و اخلص من اجل قضاياهم اخلاص منقطع النظير و كان ذلك منذ زمن الاستعمار الانجليزى .. و قدم فى نهاية الطريق دمه و روحه ثمنا لمواقفه.. كان يؤمن ان تحرير الانسان لا يكون الا بتحرير النفوس من الخوف .. .. و لن يتم ذلك الا بالفكر الحر .. اى ان يفكر الانسان كما يريد .. و بالقول الحر كما يفكر الانسان .. و التصرف الحر كما يقول الانسان .. و من ثم المواجهة مع مغتصبى حريات الناس .. و له فى ذلك الكثير من الكتب و المحاضرات التى تدعو الى تطهير النفوس من ادران و ادناس الدنيا و اطماعها لقد خلد الشعب السودانى محمود محمد طه فى ذاكرته .. لانهم كانوا خالدين فى وجدان محمود و فى ذاكرته و فى مواقفه كزعيم وطنى ينظر الى بنى وطنه من منظار المصلحة العامة و هنا تكمن العبقرية فى ذكراه حيث استعصت على النسيان لان الزعامات الحقيقية هى التى تخلد فى ذاكرة الناس .. و فى عقول الناس .. فهى تمس وجدان الناس دائما و ابدا..؟؟ كان اول من تبنى فكرة الحكم الولائى و قدم لذلك فى السفر الاول المسمى باسس دستور السودان.. و اول من دعا الى عمل منظومة اخلاقية تعمل على منع الفساد قبل وقوعه لانه كان يعلم ان الفساد ان استشرى فى المجتمع و الدولة سيكون من عوامل الانهيار.. و كان يدعو الى ايجاد اقتصاد وطنى يحمى السودان من التبعية من خلال الاعتمادعلى الموارد الذاتية.. و الاعتماد على الانسان السودانى المعطاء و كانت مراهنته فى ذلك على جيل الشباب من خلال رؤية وطنية شاملة فالشباب عنده هم عتاد الحاضر و بناة المستقبل.. كانت المسؤلية العامة عنده شانها شان العبادات..؟؟ نقف اليوم فى ذكراه و فكره .. حيث لا ضريح يزار.. فقد اخفوا جسده الطاهر ..ولكن حقيقة الامر انهم هم من توارى خلف جدار الخسة و النذالة والخوف و النسيان .. متسربلين باثواب النذالة و الجبن.. و ستظل دماؤه الطاهرة تطاردهم اينما حلوا.. ؟؟ ستظل ذكرى محمود ماثلة فينا جيلا بعد جيل.. و دهرا بعد دهر .. اما اولئك الجبناء الذين تامروا عليه و على تغييبه من المشهد السودانى .. ففى اللحظة التى التف فيها الحبل على عنقه الطاهرة .. اختفوا هم من المشهد .. فانكر الترابى ان يكون له دور فى تلك الجريمة ( جريمة الحكم بالردة ) التى كان عرابها.. بل و بدا شامتا و هو يدلى بتصريحات الصحفية .. ؟؟ الادهى من ذلك فقد انكر الترابى بعد عشرين عاما من جريمته ان يكون هنالك حدا للردة ..؟؟ و ذلك بعد ان تم اتهام الترابى نفسه بالردة عن الاسلام ؟؟ و ابو قرون تخلى عن قرونه و صاح قائلا : الجمهوريين ديل جماعة صوفية ..؟؟ ومحمود محمد طه رجل عارف بالله ..؟؟ و حاكمه نميرى لان نميرى كان يبحث عن كبش فداء فكان محمود وحده فى الساحة.. و نسى ابو القرون المذكرة التى كتبها الى امير المؤمنين انذاك والتى وجدت فى ديوان النائب العام و التى كتبها بيده محرضا نميرى على الشهيد قائلا فيها : ( ان الاستاذ محمود و تلاميذه الجمهوريين قد منحونا فرصة تاريخية لمحاكمتهم ..)..؟؟ و تدور الدوائرعليه ايضا فتتم محاكمة ابو قرون نفسه فى زمن الانقاذ بتهمة الردة الا ان عدم استقامة المنهج عنده .. ؟؟ و الخوف من حبل المشنقة ..؟؟ و حب الحياة .. جعلته يتراجع عن اقواله بعد ان تمت استتابته من قبل مجموعة من العلماء ..؟؟ ستظل دماء محمود تضى الطريق للاجيال .. طريق العزة و الشرف.. و ستظل لهيب النيران .. نيران الخسة و النذالة تلفح وجوه الذين لم يراعوا الا و لا ذمة فى دينهم .. و لا فى وطنهم .. و لا فى فطرتهم الانسانية .. ولا فى امتهم فسلام عليك كلما اشرقت شمس فى سماء السودان.. و سلام عليك كلما سفك دم انسان فى ارض هذا الوطن .. و سلام عليك كلما خرج علينا ناطق عسكرى قائلا : قتلنا مائة من المتمردين و فقدت قواتنا عشرين قتيلا و انت ترد عليه بان السودان قد فقد مائة و عشرون من ابنائه..؟؟ سلام عليك و انت تعاتب تلميذك الذى قتل نملة قائلا له له : لماذا قتلتها ..؟؟ لماذا قتلت النملة ؟؟ و عند ما اجاب على سؤالك قتلتها لانها قامت بعضى .. فقلت له بانها عضتك و لم تقتلك و بامكانك ان تقتص منها و تقوم بعضها فقط و ليس قتلها ..؟؟ اى مدرسة هذه التى تخرجت منها ايها الرجل .. انها مدرسة النبى محمد ( ص ) ..؟؟ رحماك و انت تتالم لموت نملة و نحن نرى طوفان الدماء البشرية تسيل على ثرى الوطن باسم الدين و باسم شريعة الله ..؟؟ نسال الله ان يرفع غضبه و سخطه عنا فى هذا الوطن .. و ان يهدينا الى الطريق المستقيم .. طريق محمد ( .. و ان يجلى عنا هذا الطوفان.. من المشاكل الاقتصادية .. و السياسية .. و الاجتماعية .. التى احاطت بنا من كل صوب..؟؟
حمد مدنى [email protected] |
http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-44523.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: وابتسم الاستاذ محمود فى وجه الموت 01-16-2014 12:29 PM
ما أحوجنا فى هذه الايام ان نسترجع ذكرى رجال من قادتنا من الذين ضحوا بارواحهم ثباتا على المبدأ وتضحيه من أجل الوطن ونحن فى أيام يتوارى فيها القاده حتى عن اتخاذ موقف او الثبات على مبدأ ماأحوجنا لاستعادة سيرة رجال فى قامة محمد أحمد الريح الذى رفض الاستسلام وظل يقاتل حتى ضرب المبنى الذى كان بداخله فانهار عليه المبنى ولم ينهار الرجل. ومثل شباب الحركه الاسلاميه حسن ورفاقه فى دار الهاتف الذين قاتلوا فى دار الهاتف وهم جوعى فاستمروا فى المقاومه رغم حصارهم وقذفهم بالدانات ولم يستسلموا الابعد ان نفذت ذخيرتهم … وعبد الخالق محجوب الذى تهندم للموت وكانه ذاهب لعرس. وفاروق حمد الله الذى فتح صدره للرصاص وقال الراجل بيضربوا بقدام… وبابكر النور الذى ظل يهتف وهو يضرب بالرصاص عاش كفاح الشعب السودانى … ورجال الانصار الذين قاتلوا فى شرف فى 76… واولادنا السمر فى الجبهه الشرقيه الذين ضحوا من أجلنا ولانعرف حتى اسماؤهم انه الشعب السودانى سيستعيد يوما سيرته الاولى وسيتجاوز قادته الأقزام ويزيل كل هذا العبث الطافى. ومحمود من القاده النادرين الذين عاشوا ماأمنوا به لم يكن فكرهم فى جانب وحياتهم فى جانب آخر…ولو كان قادتنا من أمثال محمود لارتفع صوتهم فى احداث ميدان المهندسين فمحمود كان منزله من الطين فى الحاره الأولى الثورة لم يكن له قصر فى الاسكندريه او شقه فاخره فى القاهره تجعله يختبىء ويفقد صوته عندما تقتطع مصر جزء من وطنه حلايب وشلاتين أو يتوارى عن الانظار عندما يغتال المصريون اطفالنا ويكشفون عورات نساؤنا فى القاهره ….لم يشبع محمود فى الطعام فقد كان نباتيا واختلف مع الذين نادوا على التركيز على افكار الرجل وليس اعدامه وماقيمة الفكر اذا لم يصمد صاحبه ويقبل التضحيات فى سبيله وهل كان الفكر سيلقى كل هذا الزخم ويصمد اذا انهار صاحبه وتاب فى مواجهة الموت … وهل كان الجمهوريين من تلامذته سيرفعون صوتهم اذا انكسر معلمهم …. واين الاب فيليب غبوش الذى هدده نميرى بالاعدام فقال كما ورد على لسانه (قلت ياود يافيلب احسن تلعب بوليتيكا) فلعب الاب فليب بوليتيكا وتاب على روؤس الاشهاد فكسب حياته وضاع فكره .. ويبقى اننى ليس جمهوريا ورايت الاستاذ محمود لاول مره فى ساحة المحكمه كانت الساحه السياسيه فى عام 85 مائجه بعد أحداث اضراب القضاه فى83 وخروج نميرى من هذه المواجهه مهزوما واعلانه بعدها لقوانيين سبتمبر فى محاوله منه لتشتيت الانظار عن تراجعه ومن ناحيه اخرى كان نميرى مرعوبا من الثوره الايرانيه التى اطاحت بالشاه رغم حماية امريكا له فارعب نميرى المد الاسلامى واراد ان يلتف عليه ويتقدم هذا المد …واصدر الاستاذ محمود محمد طه منشور هذا …. او الطوفان وقد ذكر الاستاذ فى هذا المنشور ان قوانيين سبتمبر جاءت فشوهت الاسلام فى نظر الاذكياء من شعبنا وأساءت لسمعة البلاد فهذه القوانين مخالفه للشريعه ومخالفه للدين وفى فقره اخرى: ان هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد وقسمت هذا الشعب فى الشمال والجنوب وذلك بما اثارته من حساسيه دينيه كانت من العوامل الاساسيه التى ادت لتفاقم حرب الجنوب وطالب الاستاذ بالغاء قوانيين سبتمبر وحقن الدماء فى الجنوب واللجؤ للحل السياسى والسلمى. تم القبض على الاستاذ محمود وتقديمه لاحدى محاكم العداله الناجزه وقاضيها المهلاوى وهو شاب صغير السن كان قاضيا بالمحاكم الشرعيه وهو قريب النيل ابوقرون مستشار رئيس الجمهوريه وأحد مهندسى قوانيين سبتمبر وكان المهلاوى يعوزه الإلمام بقانون الاجراءت الجنائيه وقانون الجنايات وهذا مايفسر ارتباكه فى ذلك اليوم عندما مثل امامه الاستاذ محمود الذى احضر لمجمع المحاكم بامدرمان ومعه مجموعه مدججه بالسلاح احاطت بالمحكمه … كان الاستاذ يرتدى الزى الوطنى وفى الصفوف الاماميه كان المحامين الوطنيين الذين اعتدنا رؤيتهم فى مثل هذه المحاكمات السياسيه متطوعين مصطفى عبد القادر فارس هذه الحلبات (شفاه الله) وامين مكى مدنى والشامى والمشاوى وعلى السيد وآخرين استمع المهلاوى ومن ربكته نسى ان يحلف المتحرى مع انه الشاهد الوحيد وارتجل الاستاذ كلمته الخالده التى ردد فى بدايتها رايه فى قوانيين سبتمبر كما جاء فى المنشور واضاف: أما من حيث التطبيق فان القضاة الذين يتولون المحاكمه تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا اخلاقيا عن ان يمتنعوا عن ان يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطه التنفيذيه تستعملهم لاضاعة الحقوق واذلال الشعب وتشويه الاسلام واهانة الفكر والمفكرين واذلال المعارضين السياسين ولذلك فانى غير مستعد للتعاون مع أى محكمه تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت ان تكون اداه من ادوات اذلال الشعب واهانة الفكر الحر والتمثيل بالمعارضين السياسيين (وماأشبه الليله بالبارحه ياأستاذ) وشكر الاستاذ المحاميين الوطنيين للتطوع عن الدفاع عن الجمهوريين واضاف ان الجمهوريين سيتولون مباشرة قضاياهم بانفسهم واصدر المهلاوى حكما باعدام الاستاذ محمود فحين يسود الرعب والوهن ويبطىء الشهود والقضاء والزمن ينفلت القاتل والمقتول يدفع الثمن أيدت محكمة استئناف العداله الناجزه الحكم وايده نميرى الذى قال انه بحث فى كل كتب الفقه فلم يجد للاستاذ مخرجا وهذا لا يعقل فكيف رجع نميرى فى ايام معدوده كل كتب الفقه ونميرى لا تمكنه مؤهلاته العقليه من قراءة كتاب المطالعه الاوليه بدون ان يخطىء عشرات الاخطاء. جاء يوم 18/1/1985م يوم التنفيذ تقاطر المئات نحو بحرى واغلبهم كان يعتقد ان الاعدام لن يتم لاسباب شتى وبعضهم بين مصدق ومكذب لكل هذه المهزله ان يعدم بشر لاصداره منشورا .. اوقفت العربات للقادمين من الغرب عند خط السكه حديد وساروا على الاقدام متجهين نحو سجن كوبر …. دخلت ساحة الاعدام بسجن كوبر وهى ساحة واسعه فى مساحة ملعب كرة قدم ووجدت مجموعه من الناس جلست على الارض فى الجانب الشرقى وفى الجانب الشرقى كانت منصة الاعدام تنتصب عاليه فى الجانب الجنوبى منها صفت كراسى تحت المنصه مباشره فى الصف الاول مولانا فؤاد الامين رئيس القضاء والمكاشفى طه الكباشى رئيس محكمة استئناف ما أطلق عليه المحاكم الناجزه وبجواره الاستاذ عوض الجيد مستشار رئيس الجمهوريه ومولانا النيل ابو قرون مستشار رئيس الجمهوريه وبجوارهم مولانا محمد الحافظ قاضى جنايات بحرى ومولانا عادل عبد المحمود وجلست فى الصف الاول وكنت اقرب الى المنصه وفى الصفوف الخلفيه ضباط شرطه وسجون… وعلى الحائط الغربى وعلى مسافه من المنصه اصطف الجمهوريين المحكوم عليهم بالاعدام كانوا يلبسون ملابس السجن ذقونهم غير حليقه يبدوا عليهم التشتت وكانوا مقيدين …رجال الامن منتشرين والشرطه باسلحتها منتشره فى المكان …كان هناك رجل طويل القامه بصوره ملفته اسمر اللون يحمل شنطه فى يده يقف خلف المنصه مباشره ونفس هذا الرجل رايته فى المحاكمه … المكاشفى كان يتحرك متوترا ويتبسم حتى والسن الذهبيه تلمع فى فمه . احضر الاستاذ محمود محمد طه يرتدى زى السجن مقيد الرجلين مغطى الوجه بغطأ احمر… اقتيد حتى سلم المنصه حاول السجانان الممسكان به مساعدته فى الصعود الى المنصه ولكنه لم يعتمد عليهم تقدمهم وبدأ يتحسس السلالم بقدمه ويطلع درجه بعد درجه انتصب الاستاذ محمود واقفا فوق المنصه وهو مغطى بالغطأ الاحمر … تلى مدير السجن من مكرفون مضمون الحكم وتلى أمر التنفيذ ….الاستاذ محمود ذو 76 سنه واقف منتصب .. حبل المشنقه يتدلى بجواره …قرىء عليه أمر تنفيذ الاعدام عليه ويمسك المكاشفى بالميكرفون ليسمع الاستاذ آخر كلمات فى هذه الدنيا فيسب الاستاذ محمود ويشير اليه فى كلمته بهذا المرتد الذى يقف امامكم .. وتستمر الكلمه زمن والمكاشفى يزبد ويرقى .. يطلب السجان من الاستاذ محمود ان يستدير يمينا .. ويستدير الاستاذ ويواجهنا تماما يتم كشف الغطاء عن وجه الاستاذ .. يبتسم الاستاذ وهو يواجه القضاة الذين حكموا باعدامه ابتسامه صافيه وعريضه وغير مصنوعه .. وجهه يشع طمأنينة لم أرها فى وجه من قبل …قسماته مسترخيه وكانه نائم …كان يشوبه هدوء غريب …غريب ..ليس فيه ذرة اضطراب وكأن الذى سوف يعدم بعد ثوانى ليس هو … والتفت الى الجالسين جوارى لارى الاضراب يسودهم جميعا .. فؤاد يتزحزح فى كرسيه وكاد يقع ..عوض الجيد يكتب حرف نون على قلبه عدة مرات .. والنيل يحتمى بمسبحته فى ربكه (النيل تعرض لاتهام بالرده فى عهد الانقاذ وتاب) كان الخوف والرعب قد لفهم جميعا والاستاذ مقيد لاحول له ولاقوه …ولكنه الظلم جعلهم يرتجفون وجعل المظلوم الذى سيعدم بعد لحظات يبتسم !!التف الحبل حول عنق الاستاذ محمود كان مازال واقفا شامخا (قيل ان الشيخ الترابى حضر مره قطع يد سارق فاغمى عليه) وسحب المربع الخشبى الذى يقف عليه الاستاذ وتدلى جسده (وكذب من قال انه استدبر القبله) هتف الرجل طويل القامه الواقف خلف المنصه .. سقط هبل .. سقط هبل ردد معه بعض الفغوغاء الهتاف .ويحضرنى صلاح عبد الصبور فى ماساة الحلاج صفونا .. صفا .. صفا الاجهر صوتا الاول والاطول وضعوه فى الصف الاول ذو الصوت الخافت والمتوانى وضعوه فى الصف الثانى أعطوا كل منا دينار من ذهب قانى براقا لم تمسسه كف قالوا صيحوا زنديق كافر صحنا زنديق كافر قالوا صيحوا : فاليقتل انا نحمل دمه فى رقبتنا صحنا:فاليقتل ان نحمل دمه فى رقبتنا كان هناك من هتف من بين الجمهور شبه لكم .. شبه لكم تم القبض عليه وتم ضربه اما رئيس القضاء اوقفهم مولانا محمد الحافظ (عرفت من الاستاذ بشير بكار الدبلوماسى السابق انه هو الذى هتف) خرج الحضور من القضاة عن طريق سجن كوبر….وعندما مروا بزنزانات المعتقلين السياسيين كان ه########م يشق عنان السماء محمود شهيد لعهد جديد … لن ترتاح ياسفاح … مليون شهيد لعهد جديد … لم يغطى على هذا الهتاف حتى أزير الطائره التى يقودها فيصل مدنى وحملت جثمان الشهيد لترمى به فى وادى الحمار (وهذا حسب ماتسرب لاحقا) وكان محمود شهيد لعهد جديد .. وسقطت مايو بعد 76 يوما من اعدام الاستاذ هادئا كان آوان الموت وعاديا تماما وتماما كالذى يمشى بخطو مطمئن كى يناما وكشمس عبرتها لحظة كف غمامه لوح بابتسامه قال مع السلامه ثم ارتمى وتسامى وتسامى……وتسامى • اعيد نشر هذا المقال بمناسبة ذكرى اغتيال الاستاذ محمود محمد طه التى تمر علينا فى هذه الايام
|
http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-44511.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: هل يخرج الجمهوريون من إسار شخصية الأستاذ الشهيد إلي رحاب فكره ؟ 01-15-2014 11:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
في الأنباء أن الإخوان الجمهوريين بصدد تكوين حزب سياسي .. وهذا لعمري خبر يفرح المتابعين للشأن السوداني .. ذلك ان الفطرة الدينية عند السودانيين .. جعلتهم منذ بواكير العهد الوطني ..يصطفون خلف كل من رفع الشعارات الدينية ..فكان اكتساح التيارات المرتبطة بالبيوت الدينية لكل الانتخابات .. وحثي التيارات التي حاولت التمرد علي الطائفية.. ما كان في مقدورها أن ترفع شعارا لا يدعو إلي الدين الإسلامي مرتكزا أساسيا للدستور .. لكن السودانيين بعد ما يقارب الستين عاما من الاستقلال .. قد جربوا كل التيارات الدينية .. بداية بحكم الأحزاب الطائفية ومرورا بنظام الجبهة الإسلامية الحالي .. ويكاد السواد الأعظم منهم قد وصل إلي قناعة تامة بأن رفع الشعار الإسلامي ما هو إلا وسيلة رخيصة للوصول إلي كراسي الحكم .. لكنهم كذلك – في غالبيتهم العظمي – لم يصل بهم الأمر إلي استبعاد دينهم من الحكم والسياسة .. وان كانت هنالك تيارات مقدرة قد رفعت شعار الدستور العلماني مثل الأحزاب اليسارية والجبهة الثورية .. وقد وصل كل المتابعين للشأن السياسي قناعة بان الصراع في المرحلة القادمة .. سيكون بين التيارين الديني والعلماني ..حني إذا تمت الإطاحة بالنظام .. عليه يبقي من الأهمية بمكان .. وجود تيار ديني مختلف عما هو موجود .. يكون وسيطا بين التيارين .. لا ليكون هو التيار السائد بالضرورة .. ولكن لتقديم فكر مختلف تتحسب له بقية التيارات الاسلاموية بل وتدخل مفاهيمه في أدبياتها .. وتزداد الأهمية إذا علمنا أن الفشل لهذه التيارات .. ليس ظاهرة سودانية فقط .. بل كل المحيط العربي والإسلامي خاصة بعد تجارب دول الربيع العربي كما في مصر وتونس وان اختلف الوضع بينهما .. وما يحدث علي الأرض السورية يمثل الاختبار الأكبر لكل التيارات السياسة الموجودة علي الساحة العربية والإسلامية .. كون الحالة السورية شاملة لكل التيارات الاسلاموية والسلفية الجهادية والشيعية في مواجهة او التحالف مع التيارات العلمانية . وكما لا يغيب عن الجميع . فان الحزب الجمهوري ليس جديدا علي الساحة السودانية ولا الفكرة بغريبة علي الأرض السودانية .. لكن الظروف التي مر بها الحزب بعد المحاكمة الاغتيال لصاحب فكرها الشهيد .. جعلته ينحصر في دائرة رموز محدودة .. ظلوا قابضين علي جمرة فكرهم .. ووفيين لأستاذهم الشهيد وفكره . وعندما نقول بانفكاك الجمهوريين عن إسار شخصية صاحب الفكرة .. لا نعني مطلقا الحديث عن سجاياه الشخصية ..ولكن نتحدث عما قال به في خصوص تعبده .. ذلك ان معظم السهام التي كانت تصوب صوب الجمهوريين كانت تتحاشي الفكرة في تجلياتها السياسية والاجتماعية والقيمية .. وتذهب مباشرة الي ما قال به في خصوص صلاته وتطعن مباشرة في ايمانه .. بل وكان من المناوئين لكلامه في هذا حتي الصوفية الذين كان هو الاقرب الي فكرهم دون ان يقول مجايليه منهم ما قال به ..وكان الجمهوريون يبذلون جهدا كبيرا لتبيانه والدفاع عنه.. لكننا نري الآن ان هنالك واقعاً مختلفا في ظل عدم وجود عضو آخر في الحزب يقول بما قال به عن نفسه . حيث ينصب الحديث عن الفكرة ووسائل الدعوة وأساليبها .. ومقارعة الآخرين بالحجة .. واري ان هذا سيكون له أثره خاصة اذا عرفنا ان هنالك شخصيات مهمة من الكتاب والمفكرين السودانيين يبدون احتراما واضحا للفكرة وتحمُل الجمهوريين عناء تبنيها .. فقد رثى العلامة عبد الله الطيب الاستاذ في قصيدة استهجنها عليه حسين خوجلي وقتها في جريدته ألوان .. وكان الدكتور منصورخالد يحتج بآرائه في مواجهة الإخوان المسلمين ونجد ان الدكتور حيدر ابراهيم لا يخفي احترامه وغيرهم كثيرون .. ويكاد يتبني الكثيرون نبوءته عن الاخوان المسلمين ويتمنون تحققها ..فهل ينطلق الإخوان الجمهوريون في رحاب الفكرة ؟ أرجو ذلك .
|
http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-44486.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: من أسرار إبتسامة الشهيد محمود محمد طه! طوبى للغرباء ... طوبى للحزانى الذين يتألمون نيابة عنا ... ويموتون فداء لنا ولكى نعيش احرارا سعداء مرفوعى الروؤس دون ظلم أو ضيم أو قهر أو ذل أو إضطهاد. فى مثل هذه الأيام من عام 1985 (جلس) الرجل (شامخا) أمام أحد القضاة المتأمرين المنتمين لجماعة (الهوس) الدينى الذين لا يستحقون الإحترام وخاطبه قائلا: ((أنا أعلنت رأيي مرارا فى قوانين سبتمبر1983م من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام .. أكثر من ذلك فإنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ونفرت عنه ... يضاف الى ذلك أنها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه الى الإستكانة عن طريق إذلاله ثم إنها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير ... وأما من حيث التطبيق فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب وتشويه الإسلام وإهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين ... ومن أجل لذلك فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال للشعب وإهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسيين)) . · امدرمان السابع من يناير 1985 والشهيد الأستاذ/ محمود محمد طه، قائل تلك الكلمات المضئيات مفكر (إنسانى) لأنه كان يعمل من اجل إسعاد بنى الإنسان أينما كانوا بغض النظر عن معتقداتهم وأجناسهم وأوطانهم .. وهو مفكر (إسلامى) لأنه عمل من أجل تنقية الإسلام ومما لحق به من شوائب وتقديمه بصورة عصرية متحضره من (قرءانه) وسنته ومراجعه وعلى نحو تتقبله إنسانية هدا الزمان والا تنفر منه وتعتبره دينا يدعو للتمييز بين الناس واضطهادهم وإذلالهم ويحرض على القتل وسفك الدماء وإجبار من لا يعتنقونه بدفع (الجزيه) صاغرين من أجل نجاتهم، كما صورته ودعت الى ذلك جماعات (الهوس الدينى) الإرهابيه المتطرفه .. والرجل اعترف فى (شجاعة) بوجود تلك (التشريعات) التى دعت لذلك كله خلال زمن (سابق) ربما املتها كثير من (الضرورات) المقدره ولم ينافق أو يداهن أو ينفى ما كان سائدا خلال ذلك الزمان كما يفعل كثير من (المسلمين) اليوم فينفرون عن الأسلام أكثر مما يرغبون فيه .. بل قالها فى شجاعة متناهية كذلك وبجرأة (عالم) مدرك ومحقق لما يقول أن تلك (التشريعات) التى كانت صالحه فى وقتها، لا تناسب انسانية هدا العصر ولم يكتف بذلك بل قدم البديل العلمى والعملى الدى يفيد انسان هذا العصر ويخرجه من الظلمات الى النور ويتناسب مع انسانيته فى العديد من ندواته ومقالاته وكتبه وفى مقدمتها كتابه الذى اثار كثير من الجدل: (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لأنسانية القرن العشرين). متكئا على فهم يقول أن (الكمال) فى (التطور) لا فى حالة الجمود والثبات ولتوكيد تلك المسأله قال رب العزه عن نفسه: (كل يوم هو فى شأن). والملاحظ لأطروحات ومنهج غالبية المتشدقين (بالأسلام) اليوم دون علم من جماعات (الهوس الدينى) و(الأسلام السياسى) أنها تفتقد لروح (الوطنيه) والأعتزاز بالوطن، وكأنهم ما سمعوا بحديث الرسول (ص) عن مكه الذى قال فيه: "إِنَّكِ لأَحَبُّ بِلادِ اللَّهِ إِلَيَّ ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ". وهذا ذاته نهج المفكر الأسلامى السودانى الشهيد (محمود محمد طه) الذى كان يحب وطنه لدرجة لا توصف ويعتز بشعبه كثيرا فهو القائل فى احد كتبه: ((ولا يهولنك كون السودان جاهلا خاملا فان الله قد حفظ علي أهله من أصائل الشمائل ما سيجعله نقطة التقاء الأرض بأسباب السماء)). والحديث النبوى الذى يتحدث عن مكانة (السودان) وشعبه عند (رب العزة) صراحة وما هو مدخر له فى المستقبل سمعته لأول مره على لسان أحد تلاميذه فى احد أركان النقاش ثم ذهبت بعد ذلك (للأستمتاع) به من مصادره – ولا زلت أفعل - لا للتأكد من صحته، فهم أعنى – تلاميذ الشهيد- كما عرفتهم لا يعرفون الكذب .. ونص الحديث يقول: "عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما نزلت : (فيومئذ وقعت الواقعة) ذكر فيها (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين)، قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال : فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزل : (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) ، ألا وإن من آدم إلي ثلة ، وأمتي ثلة ، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له". ثم سمعت بعد ذلك من فم الشهيد (محمود) كفاحا قوله: (حب السودان من حب الله) .. ولا زالت تلك الكلمات الخمس ترن داخل اذنى وتزيد من دهشتى وحيرتى كما حيرتنى وأدهشتنى لاحقا (ابتسامته) على مقصلة الفداء فى ذلك الموقف الرهيب الذى تشيب له روؤس الولدان صبيحة يوم الجمعه 18/1/1985 داخل سجن كوبر، تلك (الأبتسامه) التى تحمل الكثير من الأسرار والمعانى خاصة بالنسبة لى وأظن كل من تأملها بعمق وصدق خرج برؤى وتوقعات وخيالات لا تحصى ولا تعد. وحالة ثبات و(أستقامة) العالم الزاهد التقى الورع المدرك لحقيقة الموت والمتصالح معه فى مثل ذلك الموقف تختلف دون شك عن حالة ثبات وشجاعة يبديها حاكم (ديكتاتور) قاتل وسافك دماء مهما تشابه الموقفان وحالة الثبات والتجلد (مظهريا) فى تلك اللحظه، وهى تشبه المقارنه غير الصحيحه بين شك (الجاهل) وشك (العالم)، فشك الأول (جهل) وادعاء وشك الثانى (علم) ومعرفة وحالة يقين وأطمئنان! الشاهد فى الأمر أنى لا استطيع أن ادعى احاطتى الكامله (بسر) ابتسامة الشهيد الأنسان المفكر (محمود محمد طه)، فى ذلك اليوم، فهى ابتسامة كلما كشفت عن اسرارها تظل مجهوله ومحيره بصورة أكبر وتحمل فى داخلها اسرار جديده لم تكتشف بعد. سئل (الشاويش) الأمى البسيط الذى كان يحرس (الشهيد) فى سجن (كوبر) لو قابلت (محمود) مرة أخرى فمادا تقول له: أجاب بعد أن قال لسائله كيف الاقيه وقد ذهب لملاقاة ربه، ثم واصل (بعامية) سودانية تصرفت فيها: " كان لأقيته سوف أساله من أين أتيت بكل هذه الرجوله"؟ أما طبيب (السجن) الذى فحصه ليلة (التنفيذ) فقد أكد أن أى محكوم بالأعدام عادة يرتفع ضغطه فى مثل تلك الليله الا (محمود) فقد كان ضغطه طبيعيا للغايه. ولى كل حال فأنى أحاول من خلال احساسى وشعورى (فقط)، لا (العلم) أن تخيل القليل جدا من (سر) تلك (الأبتسامه) التى ظلت تشغل بالى وتحيرنى لأكثر من ربع قرن من الزمان كمحب وعاشق للرجل وفكره ومواقفه المبدئيه وشجاعته فى البوح بكلمة الحق. فكما قال على بن ابى طالب: (تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ). فالشهيد (محمود) تكلم عن (الهجرة بين طبقات العقول) مستعرضا حالة النفس البشريه من بداياتها وسيرها فى ترقيها وتطورها وكدحها نحو ربها كما جاء فى الآيه: (يأ ايها الأنسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه). وقال فى هدا الجانب: "درجات النفوس هي طبقات العقل الباطن .. وهي النفس الأمارة، والنفس اللوامة، والنفس الملهمة، والنفس المطمئنة، والنفس الراضية، والنفس المرضية، والنفس الكاملة" ... واضاف : "الهجرة الداخلية هي ، في الحقيقة، هجرة من النفس السفلى الى النفس العليا". فهل ابتسم (محمود) لأنه كان مدركا لحظتها – دون ادعاء - أنه قد عبر فى هجرته، مراقى النفس مطمئنه وراضيه ومرضيه وكاد أن يصل (للكامله) وأنه ملاق ربه بعد ثوان قلائل ولذلك كان فرحا ومسرورا بذلك اللقاء القريب .. لكنه وعلى الرغم من مهابة الموقف وجلاله لم يظهر ذلك الفرح الا كما تفعل النفوس الكبيره، عبر عنه (بابتسامة) تواضع و(أستقامه) لكنها لم تعكس زهوا وخيلاء وتحد لخالق أو مخلوق؟ وكأنه فى تلك اللحظه جسد نصائحه لتلاميذه بأعمال (الفكر) فى كل امر وفى كل لحظة مهما كانت، فكان فكره حاضرا فى لحظة يتوقف فيها الزمان وتشرئب فيها الأعناق ويزداد خفقان القلوب وتنحبس الأنفاس ويزيغ البصر .. وهو فى ذلك الموقف ما زاغ بصره ولا طغى! أم كان (سر) تلك الأبتسامه يا ترى فى ذلك الموضع بسبب معرفة الشهيد الأكيده لحقيقة (الموت) وتصالحه معه وتوصيل تلك المعرفه لتلاميذه ثم تأكيد تلك المعرفه عمليا على (المقصله)؟ ففكرة (الموت) عند الشهيد الاستاد محمود محمد طه مبنيه على ما ذكره فى كتابه (أسئله وأجوبه) التى تقول: ((الموت الحسي ليس، في حقيقته، كما نظنه نحن الآن، وإنما هو ميلاد في حيز غير الحيز الذي نألفه نحن، مثله في ذلك، مثل ميلاد الطفل في عالمنا هذا، فإنه قد جاء من حيز قد عاش فيه مدة، وألفه، واطمأن إليه، ولم يخطر بباله حيز غيره، ولو خير لكره الخروج عنه إلى عالمنا هذا كما يكره أحدنا أن يموت الآن .. نحن أيضا عندما نموت سنجد أنفسنا في عالم خير من عالمنا هذا .. الموت بمعنى الفناء ليس هناك .. فبالموت يغير الحي قشرته فقط - يخرج من صدفته التي ظلت تكنه ردحا من الزمن - وهو يكره مفارقتها لجهله بخير منها - فالإنسان لا يموت، وإنما يتخلص من القوقعة كما يتخلص أحدنا من الملابس البالية .. وتبرير الإسلام للموت أنه سير إلى الله - سير من البعد إلى القرب - وهذا لجميع الناس .. "يأيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا، فملاقيه" ومن ملاقاة الله الموت ، لأن به رفع الحجاب : " لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك، فبصرك، اليوم، حديد")). · أنتهى حديث الأستاذ/ محمود عن فكرة الموت. ولذلك حينما وصلت المواجهة مع (الهوس الدينى) المتآمر والمستغل (لجهل) جعفر نميرى (رحمه الله) الى نهايتها تحدث الشهيد فى مساء يوم الجمعه 4/1/ 1985 الى تلاميذه حديث مودع ومفارق وملمح وهو يدرك فظنتهم للتهيؤ الى ما هو قادم لخصه فيما عرف بحديث الفداء قال فيه: ((لزمن اضطرنا لنوقف الحديث الكلام القيل طيب جدا .. أفتكر مؤتمرنا دا لابد أن يؤرخ تحول عملى فى موقف الجمهوريين .. زي ماقلنا قبل كده: الناس سمعوا مننا كثير الكلمة المقروءة والمكتوبة، نحن عشنا زمن كثير فى مجالات عاطفية .. الإنشاد والقرآن والألحان الطيبة.. وجاء الوقت لتجسيد معارفنا وان نضع انفسنا فى المحك ونسمو فى مدارج العبودية سمو جديد.. الصوفية سلفنا ونحن خلفهم.. كانوا بيفدوا الناس، الوباء يقع يأخذ الشيخ الكبير، الصوفى الكبير وينتهى الوباء..دى صورة غيركم ما يعقلها كثير.. الجدرى فى قرية التبيب تذكروها؟ كان فى كرنتينه فى القرية لا خروج ولا دخول.. الشيخ الرفيع ود الشيخ البشير اخو الشيخ السمانى مات بالجدرى فى القرية .. شيخ مصطفى خال خديجه بت الشريف، هو صديقنا وبزورنا كثير قال: حصلت وفاة ومشيت أعزى.. مر على الشيخ الرفيع، ( اخو الشيخ السماني ، شيخ المقاديم الهسع بيعطروا ليكم حلقات الذكر ديل ) .. قال لى بمشى معاك .. قال: مشينا سوى إيدو فى إيدى كان فيها سخانة شديدة.. وصلنا محل الفاتحة واحد قال ليهو يا الشيخ! المرض دا ما كمَّل الناس؟؟ الشيخ الرفيع قال: المرض بنتهى، لكن بشيل ليهو زولاً طيب .. قمنا من المجلس وصلنا البيت والسخانة كانت الجدرى! ومات الشيخ الرفيع ووقف الجدرى.. السيد الحسن أيضا مات بوباء وانتهى الوباء.. وفى سنة 1915م الشيخ طه مات فى رفاعة بالسحائى، وكان مستطير بصورة كبيرة وما عندو علاج وما كان بينجى منو زول، الما يموت يتركو بى عاهة.. مات الشيخ طه والمرض انتهى.. الحكاية دى عند الصوفية مضطردة ومتواترة، العلمانيين تصعب عليهم .. انتو هسع لابد تفدوا الشعب السودانى من الذل والمهانة الواقعة عليهو والجلد.. واحد من الأخوان لاحظ قال: القيمة من المسيرة أن تشاهدوا الجلد الواقع.. واحدة من الأخوات قالت :العسكرى شاب والمجلود شيخ كبير والقاضى واقف يستمتع.. وهى مسالة أحقاد وضغائن ونفوس ملتوية تتولى أمور الناس.. قد تجلدوا.. ما تنتظروا تسيروا فى المسيرة وتحصل معجزة تنجيكم.. هى بتحصل لكن ماتنتظروها.. خلو الله يجربكم ما تجربوا الله.. تعملوا الواجب العليكم، تنجلدوا ترضوا بالمهانة.. ومن هنا المحك البيهو بتكونوا قادة للشعب العملاق.. ويكون فى ذهنكم قول الله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) وآية ثانية (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىand#1648; يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىand#1648; نَصْرُ اللَّهِ and#1751; أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ). ما أحب أن تصابوا بخيبة أمل من العقبات ألبتلاقيكم فى الطريق .. ويكون مؤكد الأمر النحن بنواجهو محتاجين ليهو فى الداخل .. كل أمر يساق ليكم يقويكم وهو عناية من الله ولطف.. ولكن الناس يسوقوا أمرهم بالجد، وكل واحد يدخل فى مصالحة ورضا بالله .. تواجهوا أمركم لتفدوا شعبكم وبعضكم بعض لترتقوا درجات فى واجبكم وعبادتكم .. أمركم قريب ومعنيين بيهو .. انتم محفوظين .. لكن ماتفتكروا الطريق مفروش أمامكم بالورود.. استعدوا فى قيامكم بالواجب المباشر تكونوا دائمى النعمة وموضع نظر الله وعنايتو .. ثقوا بيهو .. ان شاء الله أمركم قريب والله إدخركم للأمر دا.. وانتم اليوم الغرباء بصورة كبيرة، كل المجتمع السودانى فى كفة والجمهوريين فى كفة، الجمهوريين مطلوبين، الناس الطالبنكم فداية ليكم، وظلماتكم نور .. أنتم موضع عناية، تقبلوا العناية، وسيروا راضيين بالله، بالصورة دى يكون ختام مؤتمرنا)). · أنتهى حديث (الفداء). ولابد من التطرق فى هذا المقام الى التعريف المدهش الذى جاء به (الشهيد) عن الأنسان الحر والذى قال فيه، الأنسان الحر هو الفرد الذى : " يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول ، ثم يتحمل نتيجة فكره وقوله وعمله" ، وأضيف هنا بأنه بفضل تجويد العبادة والصعود في مدارج العبودية يرتفع الفرد من هذه البداية الي أن "يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يفول ، ثم لا تكون عاقبة فكره وقوله وعمله إلا خيرا وبرا بالأحياء والأشياء". · أنتهى حديث الشهيد عن تعريف (الأنسان الحر). ولذلك كان يطالب تلاميذه بكف اذاهم عن الأخرين حتى فى (الخواطر) بل كان يطالبهم بتحمل أذى الآخرين مهما كان حجمه. وكان يردد قول أخوانه (المتصوفه) : ((حب البكرهك كان حبيت البحبك ما سويت حاجه)). أم هل يا ترى سر (الأبتسامه) تلك، هى المعرفة الحقيقيه بالإسلام والمجسده فى اللحم والدم لا قولا فقط باللسان والتى يجهلها الكثيرون ثم معرفة (بالحقيقه) المحمديه فى مقاماتها الثلاث كما عرفها الشاب اليمنى (اويس القرنى) الذى أوصى النبى (ص) صحابته ومن بينهم (عمر بن الخطاب) إذا التقوه أن يطلبوا منه (الدعاء) وكما هو (متصور) لم ير (أويس) النبى (ص)، فحينما التقوه وعرفوه من بعض العلامات التى وصفها لهم (الرسول) وطلبوا منه الدعاء، سألهم أن كانوا قد رأوا الرسول (ص) فلما اجابوا بنعم قال لهم: ((والله لم ترونه الا كما يرى السيف داخل غمده)). أم يا ترى سر (الأبتسامه) معرفته الأكيده بمعنى الحديث القدسى العميق: (مَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ..) الى آخر الحديث وما تجاوزه من معنى عجز عن ادراكه الكثيرون! أم يا ترى (ابتسامته) تعود الى (تأويله) للقرءان لا الأكتفاء بما ورد فى (التفاسير)، فهذا ليس زمان تفسير (ابن كثير) وكرته الأرضيه الجالسه على ظهر حوت جالس على قرن ثور! وفى الـتأويل حل لكثير من المشاكل لذلك دعى النبى (ص) لأبن عمه العباس بأن: "يفقه الله فى الدين وأن يعلمه التأويل". فمن خلال التأويل قال الشهيد (محمود) أن كل كلمه ترد فى القرآن وتتحدث عن (الماء) مثلا مقصود بها المعنى الظاهرى بداية، لكن فى الحقيقه مقصود بها (العلم) مثل الآيه: "أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها". ومثل آية يرددها الكثيرون: "وجعلنا من الماء كل شيء حي." فهل لأنسان حياة (حقيقيه) خاصة فى عالم اليوم بغير (العلم)؟ .. ومن خلال التأويل لا التفسير قال الشهيد (محمود) أن (المسيح) القادم والذى تنتظره البشرية كلها فى مختلف الأديان والمذاهب لن (يكسر) الصليب بمعنى أن يمنع المسيحيين من عباداتهم أو مقاتلتهم وأنما (بفك) التعارض والأختلاف بين الأديان، فكيف يفعل المسيح القادم ذلك وهو آت من أجل أن تملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا .. وهو آت لكى يعم الخير والأمن والسلام حتى يلعب الطفل مع الحيه فلا تؤإذ يه ويرتع الإذ ئب مع الحمل فلا يأكله؟ ام يا ترى تلك الأبتسامه (المحيره) سببها ما يعرفه عن (حقيقة) نفسه وما ظل يعمل له من اجل اسعاد البشريه وتمتعهم بحرياتهم وانسانيتهم وانعتاقهم من قيود الذل والعبوديه لآخر لحظه من حياته، فإذ ا به يسمع بأذنيه وهو على (المقصله) من يسبونه ويشتمونه ويسئيون اليه ويرمونه بكل صفة قبيحة وذميمه وكأنه حينما ابتسم فى تلك اللحظه ناجى ربه قائلا: (اللهم اغفر لقومى فأنهم لا يعلمون). ومن عجب قالوا أن (محمود) أدعى (النبؤة) وأنه يتحدث عن رساله جديده حينما أخرج كتابه (الأسلام برسالته الأولى لا يصلح لأنسانية القرن العشرين)، فى جرأة عالم وعارف يرى (الكمال) فى التطور لا فى الثبات مستشهدا بقول رب العزه عن نفسه (كل يوم هو فى شأن) ولذلك فهو (كامل) ولا يمكن ادراكه (فالثابت) يمكن أن تدركه مهما بعد وسما. وما قصده (محمود) هو العوده الى فهم مستنبط من (القرآن) نسخ، لكنه اصبح بفضل الله والتطور مناسبا لأنسانية اليوم ولتطلعاتها للحريه وللعدالة والمساواة وللديمقراطيه، مبينا أن (النسخ) من ضمن تعريفاته (الإرجاء) لا الشطب والألغاء بصورة نهائيه وقد نصت الآيه على ذلك صراحة حيث جاء فيها (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا and#1751; أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىand#1648; كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). حيث لا يعقل أن تنسخ (نهائيا) آيات تدعو للتسامح مثل: (فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) وآية مثل :(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) بآيات مثل (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ and#1754; فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ and#1754; إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). قيل انها (نسخت) 114 آية تحدثت عن (التسامح) أو تنسخ بمثل آية أخرى يستخدمها كثير من المسلمين الآن للدعوه بأخذ الجزيه من المسيحيين (صاغرين) وهى التى تقول (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ). فهل كان ذنب (الرجل) أنه عمل (بعلم) ومعرفه لتقديم اسلام يدعو للحب والسلام والموده ومن قرآنه وسنته ومراجعه وقد جاء فى الآيه "وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ". وما جاء به (الشهيد) هو أحسن ما انزل الينا من ربنا وما ورد فى القرآن. وعن (سر) تلك الأبتسامه وتقديره للمرأة قال فى باب (وصيته للرجال) ما يلى: · وصيتى للرجال ((علموا: أن الصورة التي تعرض نفسها دائماً على الأذهان، عند الحديث عن حقـوق المرأة، تلك الصورة التي تجعل الرجل والمرأة ضدين، لبعضهما البعض، يتنازعان حقا بينهما، في خصومة، ولـدد، فإذا كسب أحدهما خسر الآخـر، هـذه الصـورة شائهة، وخاطئـة.. إن قضية المرأة ليست ضد الرجل، وإنما هي ضد الجهل، والتخلف، والظلم المـوروث.. وهي، من ثـم، قضية الرجل والمرأة معاً.. ولتعلموا: أن صراعنا دائما إنما هو ضد النقص، ابتغاء الكمال.. والكمال إنما هو حظ الرجـل، وحظ المـرأة في آن معاً.. فإن الفرد الكامل، إنما هو الابن الشرعي للمجتمع الكامل.. وهو، أكثر من هذا، الابن الشرعي للمرأة الكاملة.. يقول العارفون: إن الصلاح ((امرأة)).. ويريدون بذلك أن يقولوا: أن المرأة الصالحة إذا تزوجها الرجل الصالح، أو تزوجها الرجل الطيب، كريم الأخلاق، سخي اليـد، حسن الدين، فإنها تنجب ابنا صالحا.. ولكن الرجل الصالح إذا تزوج امرأة مرذولة، دنيئة النشأة، رقيقة الدين، كزة النفس، فإنـه لا ينجب إلا أبناء فاسدين، رقيقي الدين، سيئي الخلق.. وذلك أمر مفهوم، ومقدر، وأسبابه واضحة)). · وأضاف: - أعينوا النساء على الخروج من مرحلة القصور، ليستأهلن حقهن الكامل في المسئولية، حتى تنهض المرأة، وتتصرف كإنسان، لا كأنثى. - غاروا على النساء .. ولا يكن مصدر غيرتكم الشعور بالامتلاك، كما هي الحالة الحاضرة .. ولكن غاروا على الطهر، وعلى العفة، وعلى التصون، لدى جميع النساء.. وسيكون من دوافع مثل هذه الغيرة أن تعفوا، أنتم أنفسكم، فإنه وارد فى الحديث :((عفوا تعف نساؤكم)). - تسلطوا على النساء!! ولكن لا يكن تسلطكم عليهن عن طريق الوصاية، ولا عن طريق القـوة، ولا عن طريق الاستعلاء - استعلاء الذي ينظر من أعلى إلى أدنى- ولكن تسلطوا عليهن عن طريـق الحب .. أحبوهن، وتعلقوا بالمكارم، والشمائل، والرجولة، التي تجعلكم محبوبين لديهن.. فإن المـرأة إذا أحبـت بذلـت حياتـها فـداء لمن تحـب.. فليكـن هـذا طريقكم إلى ((استغلالهن)).
· انتهى حديث الأستاذ عن وصيته للرجال فى تعاملهم مع المرأة. وطالما كان المقام ، مقام (اسرار) أختتم بحديث الشهيد عن القرآن وعن محمد (ص) وعن السرين المقترنين. · حيث جاء فى أحد كتبه : ((أمران مقترنان: القرآن، وحياة محمد، هما السر في أمرين مقترنين: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" لا يستقيم الأخيران إلا بالأولين)). وفى موضع آخر قال: ((أمران مقترنان، ليس وراءهما مبتغى لمبتغ، وليس دونهما بلاغ لطالب: القرآن، وحياة محمد .. أما القرآن فهو مفتاح الخلود .. وأما حياة محمد فهي مفتاح القرآن .. فمن قلد محمدا، تقليدا واعيا، فهم مغاليق القرآن .. ومن فهم مغاليق القرآن حرر عقله، وقلبه، من أسر الأوهام .. ومن كان حر العقل، والقلب، دخل الخلود من أبوابه السبعة) .. وأبواب الخلود السبعة هي مراتب النفوس السبعة، التى تنتهي بالنفس الكاملة، حيث الحياة الكاملة، التى تحدثنا عنها.. فحياة محمد عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم، هي سبيلنا الى تحقيق حياتنا الكاملة، عن طريق العلم بالله، والتأدب بأدب العبودية)). (أعظـــــم الشـــــهـــداء)
ثابت علــى المــــــبدأ رهيب فى بسمتك تتحـــدى لما القناع من هيبتك أنزاح طرفك لا رمش لا أرتد ......................................... مكتوف الأيادى واقف عديل ما أنهد مجنزر، فى هيبة تقدل شامخ فى السماء الممتد بى صمتك حاكمــت الجهـــل والحاكمـــوك بالــردة
................................ (أستاذ (العصـور سيرتك نقية وعطره للأحــرار منار وخــلدت أروع ذكــرى حوضك صافى مافيهو مــوية عكــــــره أخجـلــت القــدام أهــل المديح والشكـره وأهديت الزمان (اسمى) وأعظم (فكره) .................................. ترياق للنفوس من نشأتك، ولى آخر الأيام افنيت العمـــر تبنى وتجدد وتنشرالأســـلام بالفهم الصحيح والدعــوه والاعلام أدواتك حروفك وسـلاحــك الأقـــلام نظــراتك معــانــى وحكم وكــــلام فى صمتك عميق ما بهمك الأعدام وفى حزنك تأمــــل ساكـن معـاك دوام همـــك صـــلاح الكون والـدنيا تبقى سلام ......................... أتباعــك (رجــال) ثابـتـين دوام قـــــدام طاهرين الأيادى صادقين لسان وكرام حافظين الوصية دائما صيام وقيام لو الموت (شريعتك) كان لاقوه فى (الاحرام) ........................ منو القبلك شهد بى روعتو الأعداء مـنـــو المشى للشنـق) وفــى بســـمه أتحدى منو المشت النجوم فى دربو تستهدى منو النزلت شمــــوس العـــــزة تتلقى ثم أنزوت خلف السحاب عشان اكتب سطر، اهداء قليل لو قلنا فى وصفك عظيم أو قلنا أنك أعظم الشهـــــــداء
تاج السر حسين |
http://transdemocracy.blogspot.com/2014/01/blog-post_17.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: د.أحمد الحسين)
|
شكرا يا كبير(نا)
Quote: الغسيل القضائي للفساد .. بقلم: د.أمل الكردفاني /المحامي طباعة
الخميس, 02 كانون2/يناير 2014 12:49
هناك مبدأ قانوني وهو ما يسمى بعدم جواز محاكمة المتهم عن جرم مرتين ، أو ما يطلق عليه في الفقه الأنجلو أميريكي بالخطر المزدوج duple jeopardy وهو خطر لأنه لو ترك للسلطة أن تحاكم وتعاقب الإنسان بالرغم من أنه نال محاكمة عادلة من قبل وتم التوصل إلى البراءة ؛ لظل الإنسان في حالة خطر مستمر على حريته ونفسه وجسده وماله . لذلك فإن المشرع يقوم بغلق هذا الباب بمجرد وصول الحكم إلى مرحلته النهائية ، حيث ينال قوة الأمر المقضي. فلا يجوز محاكمة الإنسان مرة أخرى. ونسبة لأنني محامٍ ومن ثم فإنه يمتنع عليَّ أخلاقياً ومهنياً أن أكشف أسرار القضايا التي تمر علي أو حتى على زملائي ؛ إلا أنني في الواقع قد بلغت حداً من القلق تجاه وضع المؤسسات العدلية في الدولة ، فالمحاكمات التي مرت عليَّ تبدو مخيفة جداً وهي تمارس نوعاً من الإستخفاف بكل المبادئ القانونية التي درستها وتعلمتها من الفقه والقضاء الوطني (القديم) والمقارن حول العالم. إنني أكاد أجزم بأن ما يحدث داخل المؤسسات من قضايا تجاه بعض الفاسدين إنما المقصود منها ليس العدل بقدر ما المقصود منها تحصين هؤلاء المفسدين من أن يحاكموا مرة أخرى وفقاً للمبدأ المشار إليه أعلاه إذا تغير النظام المسيطر. فما رأيته وسمعته لتشيب له الولدان وإنه (والله على كل كلمة أقولها شهيد وهو خير الشاهدين) لخزي ليس لنا كشعب بل حتى لهذه المجموعة المسيطرة ، إنه خزي لهؤلاء المجرمين في الآخرة وقد نسوا الله فأنساهم أنفسهم. ما يحدث يا سادة ؛ هو عملية غسيل قضائي كامل للفساد ، بمعنى: إدخال الفساد والمفسدين إلى المحاكمات ، ثم إخراجهم بالبراءة ومن ثم فلا يجوز مرة أخرى إعادة محاكمة المفسدين . فهل بلغ حال العدالة والحق عندنا كل هذا البؤس؟؟؟ أن يتم إستخدام كافة الوسائل ومؤسسات الدولة لغسل وتبييض الفساد ؟؟؟ هل بلغ بالإخوة المحامين الحد الذي أصبحوا فيه (من شظف العيش) يقبلون التنازل عن كل مبادئ القانون وأولياته وبديهياته منساقين إلى فوضى المؤسسات العدلية دون أن ينبسوا ببنت شفه ودون أدنى اعتراض بل وحتى دون أضعف الإيمان ؟؟؟ إنني أبشركم يا سادة .. إنني أبشر هذا الشعب السوداني .. لقد إنتهت العدالة في الدولة ، بل وأقول بملء فمي : لقد انهارت مؤسسات العدل في الدولة وهي بشرى ، فقد أضحى الإنذار بالحق والعدل من ترف القول ، ومحل سخرية واستخفاف من الناس ، وأضحى من ينادي بالحق والعدل كمثل أنبياء الله حين يستخف بهم الجاهلون من الفاسقين كقوم نوح ولوط وشعيب وغيرهم، ولبئسما بشرتم به . ولبئس ما اشتروا به أنفسهم ، ولبئس ما ستبوء به هذه البلد من غضب على غضب . ما يحدث مخيف ، أن يترك أولياء العدل جوهر القضايا وينصرفوا إلى قضايا أخرى لا تمت إلى قضية الفساد الماثلة أمامهم بصلة؛ فهم ؛ إما يعلمون أو لا يعلمون : فإن كانوا يعلمون فهم يتواطئون مع الفساد ، ومن ثم فهم ليسوا أهلاً للولاية . وإن كانوا لا يعلمون فهذه وربِّ الكعبة لهي الطامة الكبرى ، وهم أيضاً ليسوا بأهل للولاية. فليتخيروا أيا من الشرين. مالذي يحدث ؟؟ دعونا من الدين والإيمان بالله واليوم الآخر ، ولكن هل إنعدم الضمير وانعدمت أخلاقيات المهنة ؟ بل والأخلاق بمفهومها الواسع؟؟ هل طال بنا الأمد فتحولت الفوضى وانعدام الأمانة والإستخفاف بالحق والعدل إلى طبع في مؤسسات من المفترض عليها أنها ترفع الميزان ، الذي أنزله الله يوم خلق الأرض ورفع عنها السماء ؟؟؟ مالذي يحدث في مؤسسات العدل ؟؟؟ من هؤلاء الذين يستأسدون كراسي العدالة وهم أبعد ما يكونون عنها ؟؟؟ من أين أتى هؤلاء ؟؟؟ وكيف ؟؟ وأين الناس ؟ وأين الشعب ؟؟؟ وأين القانونيون ؟؟ وأين القضاة الأفاضل العدول ؟؟ وأين المحامون الأوفياء لمهنتهم ؟؟ هل إنهار الإنسان في هذا البلد إلى درجة أضحى يخاف فيها من أن يقدرون عليه رزقه ؟؟؟ أولا يعلمون بأن الله هو الذي يبسط الرزق لعباده ويقدر؟؟ أيخشون الناس ولا يخشون الله ؟؟؟ فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون قولاً ؟؟
نظرة قانونية لمستقبل قضايا الفساد : لم أعد أرجو إنتهاء هذه الدائرة الخبيثة التي أوقعنا فيها القدر بأن سلط علينا من لا يخاف الله ولا يرحمنا ، والله يفعل ما يريد ، ولكنني إذا كنت متفائلاً ، فسوف أحاول أن أجد حلاً قانونياً لإعادة محاكمة المفسدين بمحاكمات حقيقية نزيهة ، حينما يسقط النظام الفاسد. نعم إن مبدأ عدم جواز محاكمة المتهم مرتين هو مبدأ راسخ ، ومع ذلك فهناك شروط واستثناءات لهذا المبدأ : فيجب أولاً أن تكون المحاكمات حقيقية وليست صورية ، كما يجب ألا تكون سلطة الإتهام قد أخفت أدلة وبينات أو تواطأت عليها . وبما أن هذين الشرطين جوهريين ، فإننا إذن؛ سنستطيع إعادة هذه المحاكمات من جديد . وتقف أمامنا في قضايا الفساد مشاكل أخرى عديدة . منها ضعف القانون ، وقصوره المتعمد في ألا يعالج كل الفروض الإجرامية التي يمكن تصورها عن الفساد ، بالإضافة إلى أن هناك تدخلات ذات صبغة قانونية يمكن الإستناد لها في قانونية الفساد ، كالمراسيم الرئاسية والتي قد تفتح الباب على مصراعيه أمام الفساد والمفسدين ، بالتأكيد سيتذرع هؤلاء بأنهم إنما مارسوا أعمالهم من خلال مراسيم قانونية ، ومع ذلك فإن علينا حينئذٍ أن نرفض هذه المزاعم ، وذلك لعدم شرعية هذه المراسيم ، ليس لأن النظام جاء عبر إنقلاب عسكري وغير ذلك من لغو ، ولكن لأن سن القانون سواء عبر البرلمان أو عبر التفويض الصادر إلى رئاسة الجمهورية يجب أن تتحقق فيه متطلبات الشرعية الشكلية والموضوعية . وهذا ما اتجه إليه القضاء الألماني بعد انقضاء النازية ، حيث أعاد المحاكمات رغم أن من قاموا بهذه الجرائم استندوا إلى تشريعات هتلر الإجرامية. وقد أرسى القضاء الأعلى الألماني مبادئ عديدة يمكننا أن نعود فنستهدي بها لإعادة هذه المحاكمات . وحين يتم إستخدام العدالة ومؤسساتها لإقتراف الجرائم ، فإن أول صفة عنها تنهار وهي العدالة نفسها مما لا يجعلها قادرة على أن تمثل صفتها وتفتقر بالتالي إلى قوتها الذاتية في إضفاء الحجية وقوة الأمر المقضي به. ولنا في نموذج ما قضي به حول فساد محاكمة الأستاذ محمود محمد طه سنداً لا يستهان به أيضاً. إن علينا ان نجرف هؤلاء المفسدين فليسوا هم منا ولا نحن منهم ، بل هم قوم لا خِلاق لهم . وأتمنى أن يهدي الله هذا الشعب ليتجاوز مناكفاته ومشاكساته ومحاسداته حتى تستقر الدولة ويستقر الشعب وتستقر العدالة ، متجهين في يوم – أحلم به- إلى دولة القانون والمؤسسات .. دولة الحق والعدل والحرية . وكان الله من وراء القصد والله المستعان د.أمل الكردفاني /المحامي
[email protected] //////// |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: الجزولي سعيد (1925-1994): وجه القمر سافر .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم طباعة
الخميس, 02 كانون2/يناير 2014 22:08
سألت مرة: هل نشأت خلال النضال ضد الاستعمار حركة وطنية واحدة أم حركات وطنية؟ بمعنى آخر: هل كانت حركة مؤتمر الخريجين هي الحركة الوطنية المعرفة بالألف واللام وما عداها توابع، أم أنه نشأت (في وقت واحد أو متفاوت) حركات وطنية أخرى ربما كان بعضها أهم من حركة الخريجين ؟ ومثل هذا السؤال مما تسأله مدرسة دراسات ما بعد الاستعمار لكسر السردية الرائجة للحركة الوطنية عندنا التي تقصرها على حركة مؤتمر الخريجين وما عداها نجوم تدور في فلكها. ونبهت إلى من سأل هذا السؤال مرة وهو المؤرخ الجنوبي لازاروس ليك ماووت الذي احتج أن تلك السردية إما أهملت الحركة الوطنية الجنوبية إما خونتها بوصف الصفوة الجنوبية "ولاد كنائس". وأميز من سأل هذا السؤال مؤخراً عبد الله الفكي البشير في كتابه "محمود محمد طه والمثقفون". فمن رأيه أن سردية الحركة الوطنية لخريجي غردون زورت التاريخ بتغييب الحركة الجمهورية من كتابها. خطر لي السؤال مجدداً وأنا أقرأ كتاباً عجيباً هو "المناضل الجزولي سعيد: سيرة عامل سوداني (2013) حرره الشفيع الجزولي سعيد. فبقدر ما تقرأ كتاب الحركة الوطنية لن تجد ذكراً مخصصاً (بل مفتونا) بمدرسة الصنائع في عطبرة كالحال مع كلية غردون ومؤتمر خريجيها (1938). ستجد في سردية الحركة الوطنية المألوفة ذكراً للحركة النقابية بعطبرة وموكب 1947 الذي فرض على الإنجليز الاعتراف يهيئة شؤون العمال التي صارت نقابة عمال السكة الحديد لاحقاً. ولكن ستجد أن هذا النضال العمالي مجرد فقرة ملحقة بنضال الخريجين. يكشف كتاب الشفيع عن أبيه عن منزلة مدرسة الصنائع بعطبرة (التابعة للسكة الحديد) في استنهاض عمال السكة الحديد في خط الحركة النقابية والوطنية. ويسترد لخريجيها حق أن تكون لهم سيرة أو مذكرات توطنهم في أسرة وعشيرة وقرى أو بلدات ونوازع وزمالة واطلاعات ومعارف وأشواق جعلت منهم القادة العماليين الذين نمر على أسمائهم النقابية عجلى. دخل الجزولي مدرسة الصنائع في 1942 بعد تخرجه من مدرسة دنقلا الأولية. وكان بالمدرسة ( وموقعها بجهة المدرسة الثانوية الحكومية على شاطيء النيل الآن) قسمان: ثانوي وأوسط. ويأتي للقسم الثانوي خريجو المدراس الوسطى. وعاصر منهم الجزولى أيقونات الحركة النقابية والشيوعية الشفيع أحمد الشيخ وقاسم أمين وأبراهيم زكريا. وأضيف من عندي أخي محمد على إبراهيم ومحمد محمد خير. وزامل الجزولي في القسم الأوسط كل من على محمد بشير والحاج عبد الرحمن وأرباب العربي. وليس من هؤلاء من لم يكن نقابياً فمؤسساً للحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو 1946) فالحزب الشيوعي. وكان المتفرغ الرسمي الأول والثاني للعمل الشيوعي قبل أستاذنا عبد الخالق محجوب منهم وهما إبراهيم زكريا والجزولي سعيد. وستجد سردية التاريخ الوطني تقيم "ظاظا" لإضراب طلاب كلية غردون في 1931 ويخمل عندها ذكر إضراب القسم الثانوي لمدرسة الصنائع ولهم نفس الاحتجاج حول أجورهم بعد التخرج. بل لعل أظلم من ظلم الوطنية العمالية هو فريق من الشيوعيين كان لا يعتقد بوجود طبقة عاملة سودانية أصلاً ليكون لها حزب شيوعي. وهو الرأي الذي تبناه عوض عبد الرازق وجماعة المنشفيك في صراعهم مع أستاذنا عبد الخالق محجوب في آخر الأربعينات. وظلت الفكرة تطل برأسها وبقوة في الآونة الأخيرة بعد كساد الماركسية ذاتها. ومن أهم من يروج لها حالياً الدكتور فاروق محمد إبراهيم. وتكرر تساؤلي للمنكرين في الطبقة العاملة: كيف أذنتم لمؤتمر الخريجين يكون على رأس طبقة برجوازية صغيرة لا يتجاوز عددها المئات وحرمتم طبقة بلغت 10 ألف في عطبرة وحدها من حزب لها، أي حزب؟ لم تكن الماركسية فكرة قاصية عن ذهن هؤلاء العمال كما قد نتصور. ولا أعرف نظرية سلست إلى وجدان هؤلاء العمال كما سلست الماركسية. كانت كأنها فكرة آن أوانها. فقبل أن تبلغهم الماركسة كان الجزولي ويعض زملائه كونوا جماعة للرحلات والقراءة والأخشوشان لحرب الإنجليز. ثم جاء هاشم السعيد منقولاً من بورتسودان وسكن ميز ناس الجزولي. وحمل معه كتباً ماركسية حصل عليها من حامد حمداي الذي جاء بها من مصر. وصارت أسرة الميز ماركسية في لمح البصر. ومن الجهة الأخرى سعى مصطفى السيد القيادي الطلابي بكلية الخرطوم الجامعية إلى دار خريجي الصنائع وتقرب إلى الشفيع فحوله إلى الماركسية بلا جهد. ونقل الشفيع "العدوى" إلى قاسم وزكريا ومحمد علي ومحمد محمد خير. هكذا ببساطة وبسلاسة. وتكونت أول حلقتين لحستو في عطبرة من ذلك النفر الذي كان على الهبّار الثوري. ولا أدري لمَ عسَّر شيوعيون سابقون ولاحقون وغيرهم قيام حزب شيوعي بين عمال السودان بينما المسألة، كما رأينا، يسر. سيأتي يوم شكر رفيقنا الشفيع الجزولي على توافره على تحرير هذا الكتاب المنير عن والده وسلفنا الصالح. وآمل أن كتابه قراءً خارج الشيوعيين ليقفوا على نبل الجزولي: فتى دنقلاوي من الخنّاق مشى أيضاً في السكة الخطرة من أجل كادحي السودان.
[email protected] //////////
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: بمنطق الغٌلاة لقد رٌفعت عن الشعب الصلاة .. بقلم: عباس خضر طباعة
الجمعة, 17 كانون2/يناير 2014 07:52
وفي الحقيقة هذا ليس منطق الفيلسوف العلامة النابغة الأستاذ محمود محمد طه فهو ليس من الغلاة ولا كان من علماء السلاطين ، وهو عالم لا جارى وفيلسوف لا يبارى فله من المنطق حكمة الفيلسوف البارع وفهم العالم العارف ومنطقه يبذ الآخرين والعالمين ومن الذكاء الثاقب وحنكة الواثق الغالب.
في السودان يوجد الكثير من أصناف وألوان وأشكال الغٌلاة في كل شيء فيمكن وبكل بساطة أن تصنف في أي مهنة أو وظيفة أو فئة أو جماعة حتى من جماعات المزارعين والترابلة ومن الخفير للوزير والموظف الصغير للمدير ومن الطيانة للزَبَالة من يجنحوا للمبالغة والمغالاة في الإسلوب والطبع والمجاملة والإنتحال والإنتعال وتركيب مكنة ليست أصلاً لذات البودي وبلا مٌبالاة لدرجة إنك يمكن أن تصف كل الشعب بالمٌغالي الطيب أو الطيب المغالي والأمثلة معروفة وكثيرة فقد صارت طبع من كثرة التطبع. ويمكنك أن تنادي أي شخص بــ يا ريس أو يامعلم وبـــــ يا دكتور ويا شيخنا ويا مولانا أو يا حاج أو ياعم صارت عمك وفي كل هذه الحالات قد يكون الشخص بعيداً كل البٌعد عن أي من هذه الألقاب ولا تناسبه البتة فهو لادكتور ولا معلم أو أستاذ ولاشيخ ولاعمك ولا حاج ولم يفكر حتى في حياته أن يحج وكل العساكر بمكنة وزير داخلية والتربالي وزير زراعة والممرض هو الدكتور الأساسي للمستشفى أو المستوصف وخفير الشركة أو البنك بمثابة المدير وإن عجبك ،أما المهندس والمحامي والطبيب والزراعي والصيدلي والبيطري وقاري القرآن وإمام المسجد وحافظ الأحاديث.... فكلهم موسوعات وعباقرة وأذكياء في كل شيء بدءاً من عمله ومن أنتم إلى النانو أتٌم ... فأي واحد منهم هو الكٌل في الكٌل هو المؤسسة وأي حاجة زي الفٌل وأي معضلة أو مشكلة أو مسألة سهلة ويمكن حلها ولو كانت إنتاج سلالات من تلقيح أنثى الأنوفليس مع ذبابة التسي تسي لإنتاج لقاح لمرضي العمى والملاريا وإستئصالهما للأبد فهم لها،أما الفتاوي فحدث ولاحرج لذلك سأكون اليوم إنشاءالله من المفتيين بلا حرج من هذه الفتوى لأني واحد من هذا الشعب الفضل الذي كله عباقرة والجندي هو نفسه يحل محل اللواء .
لهذا أقول كان يجب بمنطق العبادة والتعبد والعناء وإزدياد الكرب والشقاء أن يعتكف الشعب في كهوف منزوية منعزلة للصلاة ويزيد من التهجد الليلي والبكاء والترتيل والدعاء ليزيل الله عنه إلى أعدائه السقم والألم والبلاء لكن لقد حدث في السودان شيء رهيب ولم يك في الحٌسبان ولافي الأحلام.
لقد حكمت هذا الشعب جماعة منه ومنفصمة عنه فهي منه وليست منه مسلمين وليسوا بمسلمين مثله فهم كمثل الذي يحمل أسفارا يذيعونها ويرددونها ويتصايحون ويعلنون ويلحنون ويتناغمون ويشوشون بها ولايعملون بأي منها يتحدثون عن المشروع الحضاري وينسونه ويملأون الأرض هتافاً نأكل مما نزرع فيبيعونها ويحطمون حتى المشاريع المنتجة ونلبس مما نصنع فيدمرون المحالج ومصانع النسيج وسنحرر نحن بلادنا فيفصل الجنوب وسنفوق العالم أجمع فتصير أفشل دولة في العالم وأما في حديثهم عن الإسلام والشريعة فالحديث ذو سنون وليس شجون، فلقد أمطرت الإنقاذ شعارات وأناشيد لاأول لها ولا آخر بدءاً بالمشروع الحضاري الورقي الذي تمزق وملأت الفضاء صياحاً بكتاحة ذات شعاع إسلامي من نور وكلاماً كالبلور فأمطرت لؤلؤاً ونرجسا وورداً كلاماً والنتيجة سخاماً ولهيباً وسموماً في الهواء على رأس الشعب الفضل وتعاكست أفعالها المأساوية مع أقوالها الوردية وتضاربت كل أعمالها مع أقوالها، أعمال سمجة خطيرة رهيبة مغلفة بطيات سٌلوفان دينية حبيبة ، أعمال حتى شارون مع الفلسطينيين وصبرا وشاتيلا لم ينافس مجازر هؤلاء: قتل الضباط في قصر الضيافة والتشريد للصالح العام والتعذيب في بيوت الأشباح الحروب الدامية في الجنوب بدعاوي الجهاد الإسلامي قتل المتظاهرين في المدن بورسودان نيالا كجبار وأمري و الجنينة وجبل مرة وهجليج وكرشولا والخرطوم وكادقلي وكاودا ..... وقتل الطلبة وجلد وإغتصاب الفتيات والنساء والأطفال وإبادة جماعية في دارفور وقصف ج. كردفان والنيل الأزرق وأبيي..... وتوالت الحروب الداخلية والكوارث منذ89م:
فقد تكابروا وقرروا أن يصلي الشعب أو قالوا أنهم سيصلون ويرفعون العلم الإسلامي وراية الجهاد في نمولي وجوبا وبور وبانتيو ورفع لواء الإسلام عالياً خفاقاً هناك في جبل لادو وإنهم سمعوا الشجر والقردة تهلل وتكبر معهم وشموا رائحة المسك فلا هم صلوا ولا الشعب صلى وتم فصل الجنوب ، وقبل سنة89م الكبيسة كانت الصلاة ساهلة جداً في هذه المناطق والمدن وفي كل أنحاء الجنوب.
ثم بعد ذلك صاروا يرددون إنهم سوف يصلون في هجليج ومعلوم إن الصلاة عماد الدين وركنه المتين ويسأل العبد وحده عنها وليس قبيلته ولا دولته مسئولة عنها وثوابها بيد الخالق فإن صلحت صلح الدين كله وسائر العبادات وإن فسدت فسدت سائر العبادات الأخرى.
ولم يصلي أحد هناك تحت شجر اللآلوب في هجليج.
ثم حولوا أنظارهم منذ سنين لمساجد وأرض كاودا للصلاة هناك ولم يحدث حتى اليوم ذلك. فوضح جلياً إن الإنقاذ تلعب بالدين وتثير زوابع إعلامية دينية وفشلت كل أهداف الكيزان لإقامة فرض واحد بصورة سليمة وفشلت الإنقاذ دنيا ودين وطربقت الدين ولم تطبقه بل ضعضعته وجاطت أمور دينها بدنياها وزاد الكرب على الشعب.
ومن زاد كربه حتى فات حده إنقلب لي ضده لذا قررنا نيابة عن الشعب الفضل الفتوى الآتية:ـ *ــ أن ترفع عنه الصلاة في أي بقعة يتجه إليها نظر وحكم الإنقاذ دموياً ومناطق عملياته الحربية الداخلية التي يقوم بها هؤلاء الكيزان بل وتحرم عليه. *ــ وعليه فقد قرر الشعب كذلك أن يؤدي صلواته القادمة فقط في القصر ومسجد السٌلطان ومسجد علماء السٌلطان. والله أكبر ولله الحمد تهليل..تكبير..والنصر للشعب ،وما النصر إلا من عندالله. [email protected] ///////
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: انتزاع الحقوق من براثن الشمولية الدينية: إعلان عن حركة مطلوبة عاجلاً .. بقلم: شمس الدين ضوالبيت طباعة
الأربعاء, 15 كانون2/يناير 2014 18:39
السودانيون ليسو بحاجة الى شهادة جديدة من أحد ليؤكد لهم كريم خلقهم, أونبل محتدهم, وأصيل صفاتهم, وهي صفات ترسخت ثمرة لتلاقح وتمازج بشري تاريخي وحضاري جرى على هذه البقعة من الأرض المسماة السودان عبر آلاف السنين, وزهرة تنوع ثقافي أورثهم بنزوعه الكامن للمشاركة عشقاً للحرية وأرضية إجتماعية ديمقراطية في طبيعتها. إذ تفرد وتميز السودانيون من بين الشعوب بهذه السمات في كل مكان دفعتهم إليه ظروف بلادهم الاقتصادية أو السياسية, أو سعوا إليه بحر إرادتهم رغبة في الاستزادة بعلم أوإكتساب تجربة. وهم تفردوا وتميزوا بهذه الصفات كسودانيين. لا بأعراقهم أو قبائلهم السودانية, ولا بأصولهم الجهوية شرقاً أو غرباً, شمالاً أو جنوباً, وإنما كسودانيين وحسب, سودانيون الذي يجمع بينهم, قبل حدودهم الجغرافية, هو هذه الصفات والسمات الشخصية. حتى الحروب الأهلية التي دارت على أرض السودان, والصراعات والنزاعات الكثيرة, والتمردات والثورات السياسية التي سبق بها الشعب السوداني شعوب المنطقة العربية الافريقية, منذ الثورة المهدية 1881م, حتى هذه الحروب والثورات والتمردات, برغم من ما خلفته من آلام ومعاناة, لا تعبر في مجملها وجوهرها إلا عن هذه التميز والتفرد, لأنها كانت في عميق منطلقاتها إما دفعاً لظلم, أو ثورة لكرامة أو رغبة في عيش كريم في ظل مواطنة متساوية. فهي إذاً انعكاس لدينامية المجتمع السوداني وحيويته, ولعزة نفس وإباء شعوبه. وإذا كانت هذه النزاعات قد تطاولت وأمتد بها الزمن, وإذا كانت نتائجها قد تفاقمت حتى أصبحت تهدد كيان الدولة والمجتمع, فليس ذلك إلا مؤشر على رفعة التطلعات وسموها في مواجهة عظم التحديات والعقبات التي تقف أمام هذه التطلعات, في إقامة نظام حكم يحقق الاستقلال السياسي والرفاه الاقتصادي والنهوض الثقافي والاجتماعي, ويقوم على التنمية الشاملة العادلة والمتوازنة القابلة للاستدامة. ومهما يكن من أمر, فإن كانت تراكمات هذه النضالات الكثيرة والمتواصلة لم تفرز حتى الآن إلا آلاماً ودماء ومعاناة هائلة, فإن مآلاتها ستكون حتماً, ولو بعد حين قريب, طفرة سياسية نوعية تستجيب لتطلعات السودانيين في نظام سياسي يطابق سماتهم الشخصية ويستجيب استجابة وافية لخصائص بلادهم الاجتماعية. لقد تركزت أسباب النزاعات والثورات والتمردات في السودان حول قضايا: الهوية والتنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة؛ والفقر والتنمية غير المتوازنة؛ والتنافس على الموارد الطبيعية, بالإضافة إلى أشكال مختلفة من الاستبداد وتشظي البنى والمؤسسات الاجتماعية, والموروثات السالبة للحقبتين الاستعماريتين التركية والبريطانية. وإذا أعدنا النظر لهذه القضايا والمشاكل سنجد أنها مسائل ومشاكل ملازمة لمعظم المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة, وسنجد أن الغالبية العظمى من هذه المجتمعات لا زالت تكابد مع هذه القضايا, دون حلول مستدامة. بعضها ينكرها, أو لم يفطن إليها, بينما تومض نيرانها تحت السطح, والبعض الآخر استسلم لتداعياتها المهلكة, وآخرون أغفلوا عن إدراك مسبباتها فظلوا يتخبطون يمنة ويساراً في مواجهتها. في السودان لم يقترب الأداء السياسي والاقتصادي في الحقبة الوطنية, بعد الاستقلال, من معالجة هذه القضايا, ولم يقدم الكثير للإجابة على أسئلة الحرب والسلام والهوية, وحسن إدارة التنوع والتنمية. وعجزت الحكومات الوطنية المتعاقبة عن إقامة نظام حكم يكفل الحريات ويحقق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية, ويقوم على المشاركة والتراضي والشرعية. ولم تستطع بالتالي تعزيز الاستقلال السياسي الذي حصل عليه الوطن, باستقلال اقتصادي ونهوض ثقافي واجتماعي يكفل سلاماً اجتماعياً قابلاً للاستدامة, لأنها فشلت فشلاً كاملاً في إطلاق الطاقات البشرية والمجتمعية الكامنة للسودانيين, من أجل إحداث التغيير, وتوفير الاستقرار السياسي والاجتماعي الضروري لاستثمار الموارد الطبيعية الهائلة لبلادهم. ويعود هذا الفشل في إطلاق طاقات السودانيين إلى أن التكوينات السياسية التي تولت حكم البلاد لم تكن أحزاباً بالمعنى المعروف, قامت على أسس فكرية جامعة وملهمة للمجتمع أو جزء معتبر منه, وإنما كانت تحالفات طائفية وقبلية في الأساس, انضوى تحت لوائها بعض المتعلمين والمثقفين اختصاراً للطريق إلى عامة الناس. بينما طبيعة الأحزاب أنها مواعين تنظيمية هدفها حشد الطاقات حول رؤى فكرية تعبر عن ضرورات اجتماعية. ذلك هو النموذج الذي أعطته الثورة المهدية في نهايات القرن التاسع عشر, لما يمكن أن يطلقه الإيمان بفكرة من طاقات هائلة, حيث تمكنت جماهير البسطاء من السودانيين الذين آمنوا بنداء الحرية والعدالة الاجتماعية الذي أطلقته المهدية, من أن يهزموا أكبر امبراطورية عرفها تاريخ البشرية, وينتزعوا من براثنها حريتهم ووحدة وطنهم السليب, قبل ما يقارب القرن ونصف..! ولم تقدم الأحزاب الجديدة, اليسارية والإسلامية جديداً في هذا المسألة, لأن نشأتها وبرامجها لم تكن مرتبطة بواقع المجتمع السوداني منذ البداية, وإنما سعت لسودنتها في مسيرتها اللاحقة, ولكنها حملت معها –برغم ذلك- سمات الغربة هذه في صلب منظومتها الفكرية, ولم تستطع هي الأخرى, بالتالي, إطلاق طاقات السودانيين أو أغلبيتهم بالفكرة الدافعة الجامعة والملهمة, النابعة من أوساطهم. لأن كل منظومة فكرية أو بناء تنظيمي ليس مغروساً عميقاً في تراث الأمة لن يكون قادراً على قيادتها أو تغيير حياتها إلى الأرقى. وفقاً التكوينات السياسية التقليدية والأحزاب العقائدية الجديدة تلخصت أزمة الأمة السودانية, وتحددت -وبالتالي طرائق الخروج منها- في تيارين رئيسين عريضين, تقاسما فئات المثقفين والمتعلمين, وتعددت وتدرجت في إطارهما ظلال المواقف السياسية: يذهب التيار الأول إلى أن الأزمة ناتجة عن سيطرة وتحكم طبقات وفئات اجتماعية على كامل البلاد, سياسياً واقتصادياً واجتماعياً, في ظل مركزية وهيمنة الثقافة العربية الإسلامية, التي تتخذ تجلياتها أشكالاً إثنية وعرقية. وهذا التيار يتبنى مفاهيم اليسار العام الذي يعتمد التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية منهجاً للتحليل, ومدخلاً للحلول. ويشمل هذا التيار الأول الحزب الشيوعي السوداني, وأحزاب وتنظيمات اليسار والقوى الحديثة, والأحزاب القومية العربية, وأحزاب القوى الحديثة, والفئات الليبرالية في الأحزاب التقليدية, والحركة الشعبية لتحرير السودان, وإلى حد كبير الحركات المسلحة الدارفورية, ومدارس المركز والهامش المختلفة. وكما سبقت الإشارة يرى هذا التيار -يميناً ويساراً- أن الصراع في السودان هو صراع طبقي له تجليات ثقافية تتمثل في هيمنة الثقافة العربية الإسلامية, ويذهب جناح اليسار فيه إلى أن حسم الصراع في مستواه الطبقي, بالاستيلاء على السلطة, وإعادة توزيع الثروة, والقيام بعمليات تنموية, سيؤدي تلقائياً إلى سقوط التجليات الثقافية, ويحسم قضايا الهوية وإدارة التنوع, والعلاقة بين الدين والدولة, والفقر .. إلخ هذه المتوالية. وكان هذا التيار في النظر إلى الأمور هو الغالب في عهد الحكم العسكري الأول ومعظم فترة الحكم العسكري الثاني, وعقب ثورة اكتوبر وانتفاضة ابريل, وتمت في عهده معظم الانجازات التنموية المادية في الحقبة الوطنية, وذلك على مستوى البنية التحتية والطاقات الانتاجية والخدمية. ولكن كما هو معلوم لم يستطع هذا التيار إيجاد حلول مستدامة لأي من القضايا التي سبق ذكرها, وظلت كما هي أو تفاقمت صراعات الهوية وإدارة التنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة؛ ومشاكل الفقر والتنمية غير المتوازنة. ولم تتوقف الحرب بين الشمال والجنوب لفترة, إلا لتعود أكثر أواراً وشدة. ولحق الفشل أيضاً أداء المكونات السياسية الجديدة لهذا التيار وعلى رأسها الحركة الشعبية لتحرير السودان, سواء في فترة شراكتها في حكم السودان الكبير او عندما انفردت بحكم جنوب السودان. وكانت أكبر علامات الفشل, وأوضحها في تبيان خطأ منهج هذا التيار, وأخطرها على مسقبل السودان أن البنية الايديولوجية العربية الإسلامية, التي أعتبرها التيار إحدي تجليات الصراع الطبقي الدائر في السودان, و تنبأ بانهيارها أو انحسارها على الأقل تحت وطأة انجازاته التنموية, حتى وإن كانت محدودة- أن هذه البنية العربية الإسلامية تكرست وقويت, وتمكنت في آخر الأمر من اكتساح الدولة واجتياح أو إضعاف ما تحقق من منجزات مادية ومعنوية, بما فيها معسكر الحداثة والتقدم ذاته, الذي يمثله هذا التيار الأول. ولن يكون صعباً تفسير الأسباب التي قادت لفشل هذا التيار, فهي, أولا, أن مفهوم (الطبقة) الاجتماعية المرتبط بمفهوم التشكيلة الاقتصادية, وبالمجتمعات الصناعية الغربية, والذي يشكل العمود الفقري لتحليل هذا التيار للأزمة, لا وجود له في المجتمعات ما قبل الرأسمالية, مثل المجتمع السوداني. صحيح أن هناك تفاوتات اقتصادية ولكنها لا تصلح للتحليل للمجتمعي, لضعف تكوينها وهشاشة تماسكها, الذي لا يجعل أثرها محدوداً, فحسب, بل يشير أيضاً إلى تابعيتها لمحددات أخري. ويرتبط بهذا الذي سبق, ثانياً, أن المجتمعات التي تقوم على الانتماء لطبقة, هي مرحلة في تطور المجتمعات تسبقها مرحلتان, اولاهما مرحلة المجتمع الذي يقوم على الإنتماء الأسري القبلي والإثني, أي على روابط الدم, والثانية مرحلة المجتمع الذي يقوم على الإنتماء الديني والثقافي. وهي المرحلة التي تشمل المجتمع السوداني حالياً. في هذه المرحلة الثانية -مرحلة الانتماء الديني والثقافي- فإن إشكاليات الهوية والتنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة, وقضايا الحرية والديمقراطية.. إلخ, هي إشكاليات فكرية ثقافية محض, بمعنى أن الأساب الجذرية للنزاعات المرتبطة بها تجد أسسها ومبررات وجودها في المكونات الفكرية والثقافية للمجتمع المعني, وفي حالة السودان فإن هذه المكونات هي مكونات دينية مغروسة في عقائد الناس وذهنياتهم, وتتمتع, حتى في إطار الربط الجدلي بين الفكر والواقع باستقلال نسبي يميل إلى أن يكون كاملاً, أي أنها مستقلة عن واقعها الاجتماعي, لا يتحكم فيها, وإنما تتحكم فيه. وبالتالي فإن الصراع في السودان ليس صراعاً طبقياً له تجليات ثقافية سلبية على مستوى الهوية وإدارة التنوع, كما يذهب التيار الأول لتحليل الأزمة السودانية, وإنما هو صراع ثقافي له تجليات تنموية وتفاوتات اقتصادية سالبة. هذا ما يتعلق بالتيار الأول وأطروحاته. أما التيار الثاني فهو التيار الذي يتبنى الرؤية الدينية ويرى أن أزمة المجتمع والدولة السودانية تعود لابتعادها عن الدين, وأن ذلك هو سبب تخلف السودان وبقية البلدان الإسلامية, فرضه عليها الاستعمار لتغريبها عن معتقداتها, وإبعادها عن مصدر قوتها وعزها الحضاري, وأن الرجوع إلى الدين يكمن في تطبيق الشريعة, فبها وحدها يستطيع السودانيون والمسلمون عامة تحقيق استقلالهم والعودة لسابق مجدهم. وقد نظم هذا التيار, منذ منتصف الخمسينات, حملات راتبة للدعوة للدستور الإسلامي, وذلك إلى أن فرض نميري ’الحدود الشرعية‘ في 1983م, وأكملت الحركة الإسلامية مشروع هذا التيار بتطبيقها الكامل للشريعة على مدى السنوات الخمس وعشرين الماضية. لقد ساهمت الفترات الطويلة التي تولى فيها هذا التيار الحكم في السودان, ليس فقط في الكشف عن الفشل الذريع والكارثي,لأطروحاته, وإنما ساهمت أيضاً وبصورة حاسمة في الكشف عن طبيعة الأزمة وأسبابها الجذرية العميقة. ويضم هذا التيار الأحزاب التقليدية الكبيرة التي تدعو بحكم نشأتها الدينية إلى الدستور الإسلامي, كما هو الحال مع الحزب الإتحادي الديمقراطي, أو الصحوة الإسلامية في حزب الأمة. كذلك دعت وعملت الحركة الإسلامية, بأفرعها الكثيرة, حديثة النشأة نسبياً, وبصورة حاسمة, على أسلمة الدولة والمجتمع عن طريق تطبيق الشريعة, والتأصيل الإسلامي, والتمكين للإسلاميين, والجهاد ضد من يثور على حكمها من المسلمين وغير المسلمين. وكان لفترة تولي الحركة الإسلامية للحكم في السودان -على وجه التحديد- الإسهام الأكبر في التعريف بطبيعة التحديات والعقبات التي واجهت وتواجه نضالات مجموعات سودانية كثيرة من أجل حقوقها المشروعة في إقامة نظام حكم يحقق الاستقلال السياسي والرفاه الاقتصادي والنهوض الثقافي والاجتماعي للجميع. إذ شكلت مكونات سياسات الحركة الإسلامية أثناء فترة حكمها النقيض الكامل لأهداف نضالات وتطلعات هذه المجموعات. هذا في الوقت الذي عبرت فيه هذه السياسات عن الصياغة النظرية العالمة والواعية بذاتها لمفهوم وعناصر المركزية الثقافية الإثنية العربية الإسلامية في السودان المتعدد الأعراق والثقافات. والمعني بهذه المركزية الثقافية والإثنية هي نظرة اجتماعية ترى أن المجموعة العربية الإسلامية في السودان, تختص بميزات معينة على مساكنيها من المجموعات الأخرى, وأنها مركز الأشياء كافة التي يجب أن تقاس باقي المكونات عليها. فإذ ظلت هذه المركزية هي السمة البارزة في الحياة السياسية والاجتماعية, منذ ما قبل استقلال السودان, إلا أنها كانت مركزية ثقافية وإثنية تقليدية, غير واعية بذاتها, غير منظر لها أو معبر عنها, في الوثائق السياسية السودانية, بصورة مباشرة. بل كانت تتراجع حتى في الفترات الديمقراطية, بما تتيحه هذه من حريات نسبية وحملات انتخابية وفرص أوسع للمشاركة السياسية, تفسح مجالات أوسع وأقوى للتعبير عن التنوع الثقافي والتعددية في الحياة السياسية. ولكن مع وصول الحركة لإسلامية وتوابعها السلفية الأخرى إلى السلطة فُصّلت عناصر ومكونات هذه المركزية, وأودعت في القوانين والدساتير والسياسات العامة للدولة. في هذا الإطار استخدمت الحركة الإسلامية آلياتها (التأصيلية والتمكينية والجهادية) لتطرح, على سبيل المثال, صوراً من مفاهيم الشورى, وطاعة أولي الأمر, وأهل الحل والعقد مقابلاً للديمقراطية, وأشكالاً من مفاهيم أهل الذمة والولاء والبراء والجزية والجهاد للتعامل مع الأخر غير المسلم, ومفاهيم القوامة, والحجاب, وبيت الطاعة, والتكامل الأسري, في مكان المساواة النوعية, ومفاهيم الابتلاء, والصدقة,والتكافل عبر الزكاة لمواجهة قضايا الفقر والتنمية والعدالة الاجتماعية, ومفاهيم ما هو معلوم من الدين بالضرورة والتكفير والردة والرمي بالخروج من الملة, فى مقابل حرية التعبير والنشر والضمير, وفقه البيوع, وربا الجاهلية (الذي لا علاقة له بالفوائد البنكية), للاقتصاد والتجارة والخدمات المصرفية ....الخ. المنظومة المفاهيمية السلفية, هذا بالإضافة إلى إضفائها على الدين بعداً عنصريا كامنأ في صيغته السلفية, هو الانتماء العربي مما أدى إلى تكريس التراتبيات والانقسامات الاجتماعية والعنصرية. لهذه الأسباب, فإنه في ذات الوقت الذي أخذت فيه سياسات المركزية الثقافية العالمة لنظام الحركة الإسلامية طريقها للتنفيذ, مجللة هذه المرة بسلطان الدولة وقوة أجهزتها التنفيذية, في المراسيم الدستورية أولاً, ثم في دستوري 1998 و 2005, وفي قوانين مثل القانون الجنائي, وقانون المعاملات المصرفية, وقانون الأحوال الشخصية, وقانون الصحافة والمطبوعات, وقوانين الأجهزة النظامية.. إلخ - في ذات هذا الوقت بدأت النزاعات والثورات والتمردات في السودان حول قضايا الهوية والتنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة؛ والفقر والتنمية غير المتوازنة؛ والتنافس على الموارد الطبيعية, تتفاقم وتتخذ أشكالاً من الشراسة غير مسبوقة ولم تشهدها البلاد من قبل, انتهت إلى اشتعال اربع حروب أهلية إضافية -في شرق السودان, وفي دارفور, وفي النل الأزرق وجنوب كردفان- وانفصال جنوب السودان, ودمار هائل للطاقت الانتاجية الزراعية والصناعية, وتهتك النسيج الاجتماعي بعنف الدولة ضد مواطنيها, وبالفساد, والهجرات الجماعية, والعنصرية, والحروب والنزاعات القبلية وقمع وبشاعة الأجهزة الأمنية, وبجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في مناطق العمليات العسكرية. ومن ثمّ يتضح جلياً ما كان مخفياً من جذور الصراع وأسبابه, ويتبين أن العراقل والمطبات والتحديات الضخمة التي وقفت أمام نضالات السودانيين من أجل العدالة والحرية والسلام, لم تكن عوائق طبقية لأن نشوء الطبقات لم يكتمل في المجتمعات ما قبل الرأسمالية, ومنها المجتمع السوداني, كما سبق القول, وليس بسبب عدم تطبيق الشريعة فقد طبقها أكفأ فصائل التيار الديني لربع قرن, ولم ينتج عن تطبيقها إلا هذا الدمار العظيم – وإنما كانت العراقل والمطبات بنية ثقافية عميقة تناهض وتعادي التطلعات الحقوقية المشروعة. أفرزت هذه البنية الثقافية العميقة منظومة دينية سلفية شمولية كاملة, تلتقي في إتفاقهاعلى المكونات الدينية السلفية التي سبقت الإشارة إليها, والعمل على تطبيقها, كما سعت إلى ذلك الحركة الإسلامية في السودان. والمعني بالمنظومة هنا: تيار فكري, ومنهج لتحليل الأزمة وطرح الحلول, ومؤسسات دينية وتعليمية وإعلامية, وتقاليد ثقافية, وأحزاب سياسية, وتنظيمات مجتمعية, وشبكات مصالح, وارتباطات إقليمية..إلخ, تناصر وتدعم بعضها البعض لتكريس وترسيخ عناصر ومكونات تلك البنية الثقافية العميقة. وعلى الرغم من كون هذه العناصر والمكونات قدمت في صيغتها القرآنية النقية الأولى إجابات صحيحة ومتقدمة لأسئلة ومشكلات مجتمعها وعصرها, إلا أنها وبحكم خصوصية السياق الاجتماعي التاريخي الذي أخذت منه, لا تعالج قضايا المجتمعات المعاصرة ولا تجيب على أسئلتها الحاضرة. ذلك أن الله تعالى أنزل القرآن"محكماً ومتشابه", "شرعة ومنهاجاً", "كتاباً وحكمة", "وسائل وغايات", "فروعاً متحركة وأصولاً ثابتة نسبياً". وكل ما ورد من أحكام تشكل في مجملها ما يُعرف بالشريعة هي إجابات تاريخية على أسئلة عصرها, وتطبيق لـ"المنهاج", وتنزيل للحكمة على واقع وظروف ذلك الوقت, ولا يمكن بحال أن تجيب على أسئلة وإشكالات واقع تفصلها عنه ألف وأربعمائة عام من السنين. من ذلك يتضح أن التناقض المركزي في المجتمع السوداني هو, إذاً, تناقض بين حركة مجتمعية سودانية ذات قيم حقوقية (هي من صميم الإسلام بسبب طابعها المرتبط بالكرامة الإنسانية), من جانب, ومنظومة دينية سلفية شمولية تعادي وتناهض, بإسم الإسلام, الحصول على تلك الحقوق, من الجانب الآخر. وتملك هذه المنظومة قدرة هائلة على التعبئة والحشد والتجييش, لأنها استطاعت, لأسباب وعوامل تاريخية, وعبر العديد من الوساائل, من أن تلحق فكرها ومرجعياتها الفقهية, ومؤسساتها ومصالحها -برغم كونها منتجات بشرية عادية قابلة للخطأ والصواب- استطاعت أن تلحقها بذروة المشروعية والسيادة المودعة في الاعتقاد الديني, والمغروسة عميقاً في المرجعية الروحية العليا لكل إنسان مؤمن. ويكشف تتبع تاريخ الحركة السياسية والنضالات الحقوقية في السودان, أن هذه المنظومة, التي تطورت وقويت عبر مراحل بدأت بالغزو التركي المصري 1821, وتواصلت بدخول فكر الإخوان المسلمين إلى السودان في أريعينات القرن الماضي, ثم وصول الجماعات السلفية مع الفورة النفطية في السبعينات, وحتى استيلاء الحركة الإسلامية على الحكم أواخر الثمانينات, يكشف تتبع التاريخ أن هذه المنظومة كانت تتصدى بحملة سياسية واجتماعية مناوئة في كل مرة ظهرت فيها بقوة مطالب حقوقية لجماعات سودانية. فقادت أول حملة للمطالبة بالدستور الإسلامي منتصف الخمسينات في أعقاب مطالبة الحركة السياسية الجنوبية بالفيدرالية للأقاليم الجنوبية ضمن مفاوضات الاستقلال؛ وقادت الحملة الثانية الكبري للمطالبة بالدستور الإسلامي بعد منتصف الستينات في أعقاب توصيات لجنة الإثني عشر المنبثقة عن مؤتمر المائدة المستديرة, والتي نصت على قدر أوسع من الاستقلالية وحقوق المواطنة لجنوب السودان؛ وناوأت إتفاقية أديس أبابا منذ الوقيع عليها عام 1972, وتمكنت من دفع نميري لتطبيق الشريعة وإعدام الأستاذ محمود محمد طه بعد أن ألغى الإتفاقية عام 1983؛ واستبَقت نتائج إتفاق الميرغني قرنق الذي أبرم 1988, بالانقلاب على الحكومة الديمقراطية المنتخبة 1989, والتطبيق الكامل للشريعة عام 1991؛ ثم أعلنت أن السودان أصبح خالصاً لـ"لشريعة" واللغة العربية, في خطاب رئيس الجمهورية في القضارف, عشية انفصال الجنوب. وهي تراوغ وتناور حالياً للإبقاء على هيمنتها, بعد أن أنهكتها رزايا خطلها وخطاياها, في مواجهة المطالب الحقوقية والديمقراطية المشروعة -النافية لها- من جموع السودانيين, لا سيما شعوب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. ويعود جزء من أسباب حالة "الاستعصاء" وتطاول آماد النزاعات التي تميز الأزمة السودانية إلى هذا الطابع الديني للمنظومة المناهضة للحقوق, وإلى قدرتها على التعبئة والحشد والتجييش, وإلى الدعم الذي وجدته وتجده من رأي عام سلفي إقليمي مدعوم من قبل الدولة العربية والإسلامية. ولكنه يعود في ذات الوقت إلى قوة الحركة الحقوقية التي تنغرس قيمها عميقاً أيضاً في تركيبة الذات البشرية وأصول الكرامة الإنسانية, مدعومة بتراث النضالات المتواصلة لمجموعات سودانية عديدة من أجل نيل حقوقها المشروعة, وبتداعيات العولمة, وصعود الحركة العالمية لحقوق الإنسان, والإرث الإنساني لنضالات الشعوب على نطاق العالم. ولكن جزءاً آخراً من أسباب حالة الاستعصاء يعود إلى إخفاق الفكر السياسي السوداني عن تبين هذا التناقض المركزى في الصراعات السودانية, وأنه بين الحركة الحقوقية المشروعة للسودانيين, من جانب, والمنظومة الدينية السلفية الشمولية من الجانب الثاني. وأن هذا التناقض المركزي هو الذي قاد إلى تفجر إشكالات الهوية, والوحدة الوطنية, والحروب الأهلية, وهو التحدي الذي يواجه ثقافة الديمقراطية والمساواة النوعية والسلام وحقوق الإنسان, والسبب في الاستعصاء الدستوري لقضية العلاقة بين الدين والدولة والسياسة. وقد تحولت هذه الأخيرة – العلاقة بين الدين والدولة والسياسة- لتكون القضية المركزية في الأزمة السياسية ,والعنصر الذي يلخص استعصاءها وتجتمع فيه نقائضها. لقد تكرر في ما سبق أن الفكر السياسي انقسم في هذا الأمر إلى تيارين ينكر أحدهما أهمية العامل الثقافي ابتداءاً, ويصنفه تابعا للطبقة, بينما يتبنى التيار الثاني مكونات وعناصر هذا العامل الثقافي ويتماهى معها. ولكن هناك إستثناء كبير وبالغ الأهمية هو الفكر الجمهوري, الذي ابتدر -برغم بعض إشكالات المنهج- أكبر حركة فكرية للإصلاح الديني في التاريخ الإسلامي الحديث والمعاصر, استهدفت, على وجه التحديد, المنظومة الدينية السلفية الشمولية المذكورة في السودان, بعد أن شخصها الفكر الجمهوري على أنها العامل الرئيسي في التحديات السلبية التي تواجه الأمة السودانية, وذلك من قبل أن تتكالب علي هذا الفكر قوى المنظومة السلفية الشمولية المحلية والإقليمية فتغتال رائده, وتخنق قواعده, وتقضي على تنظيمه, وتسلب السودان بالتالي أحدى دلائل عظمته, وعلامات ريادته. لذلك فإنه على الرغم من امتلاء الساحة بتكوينات سياسية كثيرة: من أحزاب تاريخية (طائفية), وأخري عقائدية (ماركسية ويسارية ودينية), وحركات مسلحة, ثم مشتقات هذه التكوينات السياسية وأفرعها الكثيرة, إلا أن الساحة لا زالت تفتقر إلى تنظيم موحد لحركة حقوق سودانية مدنية ديمقراطية حديثة, لا تعبر عنها -بهذا التوصيف- أي من التكوينات السياسية الحالية... ويجب أن يكون أول مرتكزات هذه الحركة وعيها ووضوح فكرها, بأن النقيض المركزي للحركة التاريخية للحقوق المدنية الديمقراطية في السودان, والجذر التحتي للأزمة السودانية, هو المنظومة الدينية السلفية الشمولية, وبالتالي يكون هدف الحركة تفكيك هذه المنظومة, وزحزحتها, بغرض تجاوزها وتخطيها. فمكونات هذه المنظومة, برغم ما خلعته على نفسها من قداسة, لا تعبر عن الإسلام, ولا تعكس مفاهيم أخلاقية, بل قناعات "إيمانية" ومصلحية هشة, لا يدعمها علم ولا منطق عقلاني, ولا قواعد التاريخ, ثم أكدت تجربة الحركة الإسلامية في الحكم في السودان فقدانها لأي صلاحية في الإجابة على أسئلة المجتمع المعاصر. ولذلك فإن استهداف هذه المنظومة ليس بأي حال استهداف للإسلام أو العروبة في السودان, وليس إنكاراً لأدوارهما الأخرى بالغة الأهمية في التاريخ والمجتمع السوداني, بل على العكس من ذلك هو تطهير لهما من العناصر الهدامة, النابذة والمقصية للآخرين المنسوبة إليهما, وتعبير عن قناعة راسخة بأن كل مسعى للتغيير لا ينطلق من تراث أصيل للأمة السودانية, مكتوب عليه الفشل حتى قبل أن يبدأ. وسيكون من مرتكزات الحركة الحقوقية أنها لا تتصور أن تأسيس الدولة العلمانية, التي تعتمد المساواة النوعية, والمواطنة الشاملة والديمقراطية وحقوق الإنسان يتوقف على وضع منظومة قوانين وتشريعات وتطبيقها بحسم وصرامة, على أهمية هذا الأمر, وإنما يتطلب أيضاً إجماع عليها من المجتمع أو القسم الأكثر منه, من طريق الاختيار الحر, وأن ذلك لن يحدث ما لم تُزال عن الطريق المعوقات والعراقل التي تشكلها المنظومة الدينية الشمولية, وما لم تسود مكانها ثقافة سياسية تحتضن هذه القيم والمعاني الحديثة للدولة وتنميها, وأن ذلك لا يكون أيضاً إلا بدفع حركة الإصلاح الديني, وتشجيع الإرتقاء الثقافي, وإتاحة مساحات الخلق والإبداع, وتوسيع آفاق الحريات, والدفاع عنها. ينبغي أن يكون من مرتكزات هذه الحركة أيضاً اعتماد علاقة بين الدين والدولة والسياسة, لا تستتبع الدين للدولة, ولكنها لا تقصيه كذلك, وتقوم هذه العلاقة على خمس مبادئ ريئسية: أولاً, التسليم بحق كل حركة سياسية في أن تستلهم من الدين والتراث الديني القيم المؤسسة لمشروعها السياسي, من دون أن تضفي –هي والآخرون- علي هذا الاستلهام قداسة دينية, بل يظل اجتهاداً فكرياً وسياسياً, يقبل التخطئة والدحض, وينطق بإسم الجهة المستلهمة, لا بإسم الدين؛ ثانيا, التشديد على الطابع المدني غير الديني للتنظيمات الحزبية؛ ثالثاُ, أحترام الطابع المدني للدولة, وعدم الاستقواء بأجهزتها, أو بميزان القوى الانتخابية أو بأي وسيلة أخرى لتغيير هويتها المدنية؛ رابعاً, احترام النظام الديمقراطي, منظومة وإجراءات, وعدم المساس بالقواعد التي يقوم عليها؛ خامساً, لا يشمل الحق في استلهام الدين والتراث الديني أي تشريعات تنتهك حقوقاً إنسانية لآخرين. والحركة المطلوبة عاجلاً لا بد أن تكون حركة حقوقية, لأن نضالات الشعب السوداني من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة النوعية هي جزء من حركة الحقوق العالمية, لا سيما في ظل العولمة وحركة المعلوماتية, وذيوع الاتصالاتية, وتلاشي الحدود. إذ لا تنفصل نضالات السودانيين الحقوقية, بالتالي, عن نضالات شعوب العالم الأخرى, التي أصبحت تتجه نحو درجات أعلى من الرفاه الاقتصادي, والاجتماعي والديمقراطية, كما تتضمنها حقوق الإنسان بأجيالها الثلاثة: المدنية والسياسية؛ والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ والبيئية, ولذلك فهي حركة تعمل وسط السودانيين ومعهم, من أجل غرس واستنبات هذه الحقوق في التربة السودانية -غير الممهدة لها حالياً- بالتغيير, وبالقوانين, ولكن أيضاً بالإصلاح الديني, وبالارتقاء الثقافي, كما سبق؛ وأن تكون هذه الحركة مدنية بجذورها الشعبية, وبرأسمالها الأخلاقي, وطابعها السلمي, والمتحضر الذي يشكل الأساس لدولة علمانية محايدة تجاه الأديان؛ ترتكز في نظام حكمها على التعددية والتنوع, كأساس حيوي, لا تكتمل بدونه الوحدة الوطنية, ولا يمكن بغيره الوصول إلى السلام المستدام. وأن تكون حركة ديمقراطية لا يقتصر فهمها للديمقراطية على شكلانية خارجية, وإنما على قناعة راسخة بأن الديمقراطية أسلوب حياة, ومنظومة كاملة, قائمة على شمول المشاركة والحرية. وتحتكم الحركة لقيم الديمقراطية في تأسيسها وممارساتها, وتعمل على أن تنداح منها إلى محيطها في الدولة والمجتمع؛ وهي حركة حديثة تسعى لغرس قيم التقدم, والتنمية, والتطور. والحداثة في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ حركة قادرة بفكرها وبرامجها على الاحتفاء بتنوع السودان الثر, وعلى الاستجابة لحاجات مجتمعه المتجددة؛ وإطلاق طاقات مواطنيه التي تكبلها حالياً قيود الشمولية الدينية السلفية (بإسم الإسلام). إذ لم يفتقر السودان إلى الموارد البشرية ولا المادية. كما أن تقنيات التنمية والبناء, والسياسات الفنية للتقدم والرفاه الاقتصادي مبذولة في المكتبات العلمية والجامعات, وفي تجارب مجتمعات كثيرة على امتداد العالم, ما ينقص السودان هو "الرؤية والإرادة" التي ظلت حبيسة ورهينة لمفاهيم المنظومة الدينية السلفية الشمولية. وبالطبع ينبغي أن تكون حركة سودانية أصيلة, لأنها تقوم على الإرث النضالي السوداني من أجل الحقوق. تجمع ما تفرق من جهود عاشقي السودان ومحبيه, في قطاعات مجتمعه الحديثة من الشباب, والنساء, ومناضلي الهامش, والقوى المهنية الحديثة, والديمقراطيين والمثقفين الثوريين.. وتضرب بجذورها الفكرية في المجتمع المدني السوداني الحديث, الذي ظل يحفر الصخر نضالاً من أجل الحقوق, وفي المجتمع الأهلي السوداني الذي ظل يعبر عن أشكال من هذه الحقوق عبر تقلبات القرون, وفي تراث وثقافات شعوبه التي تشكل كل واحدة منها مخزوناً معرفياً, وطريقة مبدعة ومتفردة للحياة. وهي مطلوبة بصورة عاجلة... لأنه يبدو أن ساعة النصر اقتربت...!!
[email protected]
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: مسيرة الاستقلال والإنقاذ لن تتوقف .. بقلم: م. أُبي عزالدين عوض طباعة
الثلاثاء, 31 كانون1/ديسمبر 2013 19:44
في تلك الأيام من شتاء 55\1956 ، كانت بداية الإستقلال.. وبداية العهد الوطني.. و تمت مغادرة أقدام الإستعمار القذرة لأرض السودان.. جاؤوا من أوروبا معقل الديقراطية و الحرية، ليغتالوا أحلامنا في دول العالم الثالث، انتشروا كالديدان والحشرات المفترسة في أرجاء العالم، ذهبوا لأمريكا اللاتينية و أبادوا أعراقا بأكملها و غيروا لسانها إلى الإسبانية، ذهبوا لفييتنام وللهند و آسيا واستعبدوا الأهالي واستخدموهم في بناء طرقات أوروبا وأمريكا، ذهبوا لأفريقيا و نهبوا ما نهبوا، وذبحوا من ذبحوا، ومسحوا اللغات الإفريقية و العربية في أفريقيا وحولوا لسانها للفرنسية، وذهبوا لشمال أمريكا و قهروا الهنود الحمر وحولوا البلاد للإنجليزية ! واستوطنوا هناك ، وقاموا بتوريث جينات الإفتراس الدولي والإستعمار والإستعلاء لأبنائهم و أحفادهم، عبر تربيتهم جيلا وراء جيل.. ليبدأوا مسيرة استعمارية حديثة أخرى لاتترك اليابان ولا فييتنام ولا العراق، ولا السودان مرة أخرى و ثالثة..
تغيرت أجسادهم و قواتهم وبزاتهم العسكرية و بقيت أشكالهم وأخلاقهم متوارثة ، ولبسوا البدلات و الكرفتات، و بقيت نفس الروح الإستعمارية تسكن هذه الأجساد الوزارية و الرئاسية، وتشكلت المحاكم و مجالس الأمن و حقوق الإنسان وعصبة الأمم، بل هي عصابة الأمم ، ليتم دسترة التدخل والإستعمار الجديد و شرعنة الهيمنة على دول العالم الثالث، بإسم المجتمع الدولي.
وفي السودان ، تخلصنا من الإستعمار الأول قبل مطلع العام 1956، واحتفلنا و لا زلنا بزوال هؤلاء الغرباء عن قارة أفريقيا، بفضل نساء السودان اللواتي قمن بإنجاب و تربية الرجال الذين قادوا مسيرة الإستقلال. حتى شهد لهم التاريخ، ولازالت كتب تشرشل والوثائق و الرسومات موجودة تصفق بتقليب صفحاتها لرجال السودان الأوائل.
كان هذا هو الإستقلال الهيكلي و ربما النفسي، وضربة البداية لاستقلالات أخرى لم تسهم فيها كثير من الحكومات المتعاقبة بالشئ الذي يستحق الذكر و التمجيد و الرفعة، مثلما فعلت آخرها.
ورغم النهضة الواضحة في حال البلاد و العباد، فلا زلنا –حتى يومنا هذا- نبحث عن الإستقلال الإقتصادي في بلادنا، وقامت حكومة 89 بإطلاق شرارته عندما رفعت شعار (فلنأكل مما نزرع و لنلبس مما نصنع) ، وطالما كنا نأكل ونلبس من صنع الآخرين - ليس رفاهية – وإنما قهرا، وإنما رغما عنا و لعدم وجود المنتج السوداني القادر على إرضائنا ، فنحنا لا زلنا مستعمرين منهم.. مزقنا عدة فواتير للإستيراد، ومزقنا فاتورة القمح ولم يمزقها غيرنا، ولكننا أعدناها مرة أخرى لظروف العالم، في انتظار تمزيقها مرة جديدة كي تتواصل مسيرة الإستقلال.. و قد كنا حتى نهاية الثمانينات لا نعرف للإقتصاد سوى مشاريع متواضعة نضخمها في خيالنا، ومعدودة على أصابع اليد، في قطن و نسيج و صمغ و زيوت وجزيرة، وكنا لا نعرف لميزانية الإقتصاد سوى إرسال المراسيل للكويت و السعودية و أمريكا و غيرها استجداءا للمعونة، حتى أن شارع الخرطوم بحري الشهير، يخلِد تخليدا بإسمه هذه الذكريات السيئة الموروثة من حكومات سبقت !! وحين كان السودان كله ينتظر بشوق شنط الأهل المغتربين في الصيف، بنفس انتظار الحكومة بشوق لباخرة بورتسودان ! حين كانت صرفة البنزين هي أربعة جالونات للمركبات العامة ، وحين كان وقود الدولة يكفيها ما لا يزيد على سبعة أيام ! وحين كنا نستجدي بعض عيدان ثقاب من بيت الجيران لإشعال جرائد كانون الفحم ومعه سبارس البرنجي! وحين كانت أصوات مولدات الكهرباء (الجنريترات) تزعج ليل السودان حتى أخرستها الإنقاذ و إخوان الجاز، فنحن حتى ذاك العهد لم نكن قد نلنا كامل استقلالنا بعد !
وحين كنا نشتري كل دوائنا ودواء أطفالنا حتى أبسط الأدوية من الدول الأخرى إذا توفر المال الربوي المقترض أيام الشظف و المجاعات، أما إذا لم يتوفر فكانت بواخر المعونات و الإغاثة تنتظر وفودنا وسفراءنا لمد "اليد السفلى" لأسيادنا خارج الحدود، وكانت منظمات العون والتنصير والإستعمار "بواجهاتها الإنسانية" تنتظر بفارغ الصبر تكرار (المجاعات الشهيرة) التي نتجت عن سياسات الحكومات السابقة، حتى تلج ولو من سم الخياط لتعطي الدواء والإنجيل، شفاءا لنا وهداية لنا ! ونحن نضحك و نرقص بالعكاز ونغني: وطني.. وطني.. وطن الجدود.. لابد تسود ! وإن أجدادنا أشرف من رحلات الأشراف، وأعز من تلك الإستجداءات التي جلبها لنا السادة .
وإذا كنا ننتظر بواخر القمح و المؤونة والمعونة لنأكل فنحن بعيدون جدا عن الإستقلال، ومما يثير تلك الذكريات الصعبة هو بقاء شارع الخرطوم بحري بإسم شارع المعونة ! وهذه التسمية هي من بقايا الذل و الإستعمار الذي امتد حتى عهد الحكومة السابقة التي حكمت أواسط و أواخر الثمانينات !
وإن من لديه شك أو تآكلت ذاكرته بتقدمه في العمر أو يحاول أن يخدع الرأي العام ليقول أعيدونا حيث كنا، فليراجع الصحف السودانية في الفترة ما بين 1985 -1989 ليرى فيها العجب العجاب، وسيحمد الله سرا على ما صار إليه الحال، وإن اغتر و كابر جهرا فله العذر، فلا يمكن لأي تابع للمعارضة أن يتواضع و يعترف بالتقدم المطرد الذي حدث منذ قيام ثورة الإنقاذ التي تمشي و تهرول وتكبو ثم تعاود، وإلا فما جدوى معارضته أساسا إن لم يجد ما يعارضه أويكذب بشأنه ؟ وما هي الأسس التي سيرتكز عليها في استقطاب المريدين؟ وأي حديث سيجتذب به المواطنين ؟ وهل هناك من معارض يتمنى (صادقا) استقرار البلاد ورفاهية شعبها طيلة ربع قرن الماضية ؟ أم كانوا يعملون ضد الإستقرار وضد الإستقلال، كيلا يرضى الشعب عن حاكميه ؟
ولا زلنا نبحث عن استكمال شئ من الإستقلال العسكري أو الحربي، فقد اكتفينا مؤخرا فقط من بعض ما كنا نستورده، وأصبح أبناؤنا ينتجون ما يكفينا لحماية أرض الوطن من جيرانهم، "رغم أن فضاءنا لازالت تنقصه بعض الشهب" ! ذلك بعد أن كان الحال في أواخر الثمانينات لا يخفى على أحد، لدرجة أن رئيس الوزراء وقتها يعلن أن القوات المسلحة السودانية انسحبت من بعض الأراضي لعدم قدرتها على حمايتها !! ولدرجة عدم وجود الملابس العسكرية البسيطة و المهمات لقواتنا المسلحة، وليست مذكرة الجيش ببعيدة عن الأذهان. أين نحن من كل ذلك ؟ إن عدم وجود قوات كافية و ذخائر كافية و أسلحة تحمي البلد، هو أمر لا يستحق أن نذكر عهده الذليل حين كنا نستجدي كل ما احتجنا إليه، فكيف نستطيع صنع قرارنا دون إملاءات من الدول التي تعطينا الذخيرة ؟ وكيف نقول أننا نلنا استقلالنا بعد ذلك ؟
وخطونا خطوة كبيرة نحو الإستقلال الأكاديمي، بعد أن تم نشر العلم في أرجاء الولايات، تيسيرا للعائلات التي لا تستطيع السفر للمركز أو إرسال أبنائها و بناتها لخارج البلاد، وذلك باستثناء البحث العلمي الذي لا زال متخلفا لدينا وغير مجد مثل أغلب الدول العربية، وبات تحصيل العلم في السودان أمرا يسيرا للجميع، ولا حاجة ماسة لعناء إرسال أبنائنا للهند و مصر و المجر و سوريا و روسيا ! وبارتفاع المستوى الثقافي و الوعي بين الأبناء في شتى الولايات والأصقاع، أثبتت ثورة التعليم العالي أن العاطل المتعلم أفضل من العاطل الجاهل..
أما في المجال الأمني والمخابراتي ، فكانت تأتي عناوين و مينشيتات رئيسية كبيرة في الصحف من مثل: ((تفاقم الأوضاع الأمنية)) في البلاد ! فرغم أن هذا العمل في كثير من أحواله هو عمل مشترك بين عدة دول ، ولكن الإستقلال الذي حدث ، هو عدم حاجتنا للهرولة نحو أجهزة المخابرات القريبة و الغريبة للحصول على المعلومات التي نريدها لنعرف ما يدور لدينا داخل بلادنا ! فقد كان هذا الديدن في الثمانينات مثل الأب الذي يسأل جيرانه عن أين ذهبت ابنته ! فتخيلوا أن المعلومات الأمنية لهذا الوطن كانت تعتمد على جهد ومصادر دول الجوار و غيرها ! وأصبح الآن الجهاز السوداني مشهودا له، لدرجة تصنيفه قبل سنوات في المرتبة الثانية بعد المخابرات المصرية في أفريقيا وربما المنطقة، وأصبح يعمل بطريقة علمية في السنين الأخيرة، وليس "بالشمارات والإجتهادات الفردية وتحليلات الملهمين من الله وتفلتات الألسن المخمورة في الإندايات". وأصبحنا لا نحتاج لمعلومات الأجهزة الغربية، بل هم الآن أصبحوا يحتاجون لنا ويتوسلونا بإرسال طائراتهم الخاصة، ونحن الذين نمدهم بالمعلومات إن أردنا !
أما في السياسة، فحدث ولا حرج عن ذلك، أين نحن الآن من تلك العهود التي كنا لا نستطيع اتخاذ قرارنا السياسي فيها إلا بالرجوع لإخواننا في السعودية و مصر وليبيا، وباستصحاب رضاهم - في عملية صنع القرار.. بل حتى بالرجوع للروس و الأمريكان بحسب تحالفات المرحلة وتقلبات الهوى السياسي على مستوى النخب التي أدمنت الفشل! ولم نكن نستطيع إلقاء خطاب ثوري ورجولي مثل خطابات البشير المنيرة هذه في المواقف الحالكة.. ورغم أن الزعماء الخالدين في ذاكرة الحركة الوطنية مثل إسماعيل الأزهري و إخوانه قاموا بتسلم الراية من المستعمرين و إهدائها للوطن، قام الذين جاءوا بعدهم بالنكوص حتى آخر الثمانينات ! وقاموا بتسليم القرار السياسي للدول الأقوى عسكريا و الأنفع لهم اقتصاديا والأرحم بهم اجتماعيا !! وبقي الشعب ينتظر خطابات السادة والبروليتارية و "السندكالية النقابية، والتي كان الأصح تسميتها بالسندكاتية" لتشرح له الأمور بصورة تذهب بعقل المواطن إلى غياهب الجب، لا تحس معها بالتواصل الروحي بين الحاكم و المحكوم كما نرى الآن في لقاءات تواصلية لا يخلو يوم منها..
ومن يريد أن يعرف حال السياسة الداخلية حين كان النواب يغيبون عن الجمعية التأسيسية، استهتارا بها و بالديمقراطية و بالشعب و بالوطن، فليراجع خطابات الشريف الهندي فيها، حيث كان وجوده وقتها يغطي على غياب بقية الأعضاء، حين كان يعترف بوجود الفساد و المحسوبية و يقول: "في فساد، نقول مافي... في محسوبية، نقول مافي... في تأخر في الإقتصاد، نقول مافي... في ضيق في المعيشة، نقول مافي..." ، ويواصل حتى يصف حكومته بأنها كالمريض ال######## الذي يخفي مرضه ويخاف الإطلاع عليه!
ويلخص ويكشف الشريف الهندي – رحمه الله – حال حكومته و قادتها، بقوله عام 1987: "نحن غير جديرون بالحكم الديمقراطي".. "نحن غير جديرون بالحكم الديمقرطي".
إنما هي صفحات في تاريخ الوطن السياسي والإقتصادي و الأمني، على الناس أن يتذكروها. وقد تم الإستقلال السياسي، حين قلنا (لا)، وحين قلنا أننا نريد أن نصنع دولتنا الحضارية، بأفكارنا و بسواعدنا وبتخطيطنا الذي يناسب الدين و القومية التي ننتمي إليها. نلنا استقلالنا السياسي حين خرجنا عن بيت الطاعة، ورفضنا إملاء السياسات الأمريكية و الأوروبية علينا وعلى دول العالم الثالث، و صمدنا حتى أصبحت دول العالم الثالث تنظر إلينا كمثال يمكنهم أن يحذوا حذوه، ما أرعب دول التصدير والمصانع الرأسمالية في الغرب! فبدأت ضرباتهم الجوية وحصاراتهم الإقتصادية..
نلنا استقلالنا السياسي الحقيقي حين تمت عملية الخـُـلع دون حاجة للمحاكم الدولية ! والتي تحاول جاهدة إعادة السودان لبيت الطاعة الأبيض.
حصلنا على استقلالنا السياسي حين رسمنا سياستنا التي لا تتوافق مع الجبابرة الذين يمتلكون السلاح النووي وسلاح التهديدات الدولية! والتي ليس شرطا أن ترضخ لرغبات و سياسات أشقائنا حاكمي دول الجوار، والتي تنبع من مصالحنا الوطنية الإستراتيجية. فلو كانت الحكومة التي قادت هذا الإستقلال السياسي الحقيقي تفكر في نفسها فقط وفي مصلحة قادتها فقط، لارتضت بالتكتيك أن تعيش الدور والمرحلة، وأن تكون عميلة للغرب وتكسب الثمن، أو لارتضت أن تدور في فلك الدول حاملة سلاح الدمار الشامل مثل أمريكا وبريطانيا، وتكفي المؤمنين شر القتال!
أما لو كان الرجال الذين جلبوا لنا الإستقلال السياسي أوائل التسعينات لا يهمهم سوى مصلحتهم الشخصية و أنفسهم، لاختاروا التحالفات التكتيكية ذات الربح السريع، وما كان سيتم حصارهم و محاربتهم إعلاميا و نفسيا و عسكريا و اقتصاديا و سياسيا ! ولكن الرجال الذين يفكرون لما بعد ذهابهم من الدنيا، ويخططون لأربعين أو سبعين عاما قادمة تتجاوز أعمارهم الإفتراضية، اختاروا أن يخططوا للأجيال القادمة، وكي تعرف الأجيال التي سترث السودان بعد سنين أو عقود أن الرموز الوطنية لم تتوقف ولم تمت بموت الأزهري و أصحابه، ولكن ها هو عهد الإستقلال يتجدد، فهم امتداد للوطنية الواعية الراشدة، التي ترسم الخمسية و العشرية و ربع القرنية، لمن سيخلفهم حين يكون الثرى غطاءهم، والمولى خصيمهم.
إن الإستقلال ليس قطعة قماش ملونة يتم تسلمها وتعليقها على السواري، وليس الإستقلال هو خروج العساكر الإنجليزية و الأسكتلندية أو الفرنسية والإيطالية عن أراضي أفريقيا، ورجوعهم لقواعدهم العسكرية الأوروبية لإرسال الأوامر عبر وسائل الإعلام و السفراء والمنظمات المسماة بالإنسانية والخيرية ! وليس الإستقلال هو أن نذهب للدول التي استعمرتنا لنستجدي منهم المال و الغذاء و السلاح الذي ندافع به عن أبناء بلدنا !
إنما الإستقلال الحقيقي و الذي بدأه إخوان عبدالفضيل الماظ وعلي عبداللطيف وعبيد حاج الأمين وعثمان دقنة و ودحبوبة وعلي دينار و محمود محمد طه وحزبه الجمهوري الذي كان أول من جاهر من الأحزاب مناديا بالإستقلال، و الإمام المهدي و السيد علي الميرغني و اسماعيل الأزهري (حفيد مفتي الشريعة الإسلامية في السودان)، ورجال اللواء الأبيض والسيدات الوطنيات والإسلاميين الذين كانوا يزرعون الوعي الإسلامي المقاوم خفية ً وسط شرائح المجتمع البسيط و المثقف مثل أقرانهم في كل الدول المستعمَرة، وكل من أسهم وأسهمت في الحركة الوطنية وغادر الدنيا ممن علمناهم أو أخفاهم عنا التاريخ والتوثيق، ثم قام بتفعيله مجددا في العهد الحديث، حملة اللواء الأخضر من إخوان البشير و الزبير وعلي عثمان و الترابي و نافع و الجاز وغيرهم من صناديد المشروع الحضاري الذي يعلو و يهبط ويعلو كموج الإيمان.
إن الإستقلال هو التفرد بالقرار في إطار الوطن، (هو أن نستجيب للمتغيرات دون أن نتغير نحن)، وأن نضع الدول الأخرى في الحسبان دون أن نستخدم أجندتهم، وألا نرهب من عصاهم ولا نطمع في جزرتهم ! وإنما الإستقلال الحقيقي والذي هو مسيرة بدأت ثم خمدت ثم رجعت، هو عندما يكون لنا عصانا، ولنا جزرتنا. ولنا كلمتنا التي يسمعها العالم، سواءا امتلكنا من القوة ما استطعنا أو لازلنا في مسار امتلاكها بأنواعها، حينها يكون لنا استقلالنا، فيصبح وقتها لهذه القصيدة مغزى صادق ولهذه الأغنية معنى حقيقي، غير الطرب و اللهو والعرض، ويحق لنا الغناء سويا بفخر: أنا سوداني أنا.. أنا سوداني أنا..
م. أُبي عزالدين عوض – يناير 2004 – دولة الإمارات [email protected]
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: فى ذكرى الاستقلال: جسارة الأستاذ محمود محمد طه أمام الإنجليز. بقلم: د. محمد الأمين عبدالرازق
الثلاثاء, 31 كانون1/ديسمبر 2013 19:49
تعقيب على الأستاذ عوض محمد الهدي
(1)
د. محمد محمد الامين عبدالرازق
[email protected]
كتب الأخ عوض محمد الهدي مقالا من حلقتين بصحيفة الحرة بتاريخ 26 و 27 ديسمبر 2013م، تعرض فيه لنشأة الحزب الجمهوري ومقاومة الأستاذ محمود للاستعمار داخل السجن في يونيو 1946م.. وقد اعتمد في توثيقه على موقع الفكرة الجمهورية على الانترنت (alfikra.org) لكنه لم يكن دقيقا في النقل، فهو ينتقي ما يريد من النص ويستقطع ما لا يريد، فمثلا، كتب هو في تعريفه بالأستاذ: (بدأ الأستاذ تعليمه بالخلوة غير أن عمته كانت حريصة على إلحاقه وإخوته بالمدارس النظامية) بينما النص الأصلي على صفحة الموقع يقول: (بدأ الأستاذ محمود تعليمه في الخلوة كما كان يفعل أترابه في ذلك الزمان، حيث يحفظون جزءا من القرآن الكريم، ويتعلمون شيئا من قواعد اللغة العربية غير أن عمته كانت حريصة ..الخ) قد يظن القارئ أن الأخ عوض الهدي، لم يقصد شيئا من هذا الاستقطاع سوى الاختصار في الكلمات بهدف التلخيص لأنه يكتب في مساحة محدودة بالصحيفة، ولكن قرائن الأحوال تعطي مؤشرا إلى أنه تعمد ألا ينسب للأستاذ أنه تعلم القرآن بالخلوة، فقد جاء في مقاله الثاني : (ولكن الأستاذ محمود في تلك الفترة، كان في ذلك الوقت بعيدا عن جو التصوف، بعيدا عن الدين وبعيدا عن الأحزاب الطائفية!! وكان قد قال في مقاله الأول: وحتى ذلك الوقت كانت دعوته سياسية بحتة ولم يتطرق لموضوع بعث الإسلام من جديد!!) فما دام الأخ عوض أورد ذكر الخلوة فمفهوم ضمنيا أن منهج الخلوة هو تحفيظ وتعليم القرآن واللغة العربية، وليس هناك أي قيمة من محاولته العجيبة دفع الأستاذ محمود بعيدا عن كل ما يتعلق بالدين بهذه الطريقة المتحاملة غير الموضوعية.. فالحزب الجمهوري منذ نشأته عام 1945م أسس دعوته على الإسلام، وباستمرار كانت دعوته تتطور بإتباع منهج النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .. جاء في "السفر الأول" الذي صدر في نفس عام 45 ما يلي: (نحن اليوم بسبيل حركة وطنية تسير بالبلاد في شحوب أصيل حياة العلم، هذه المدبرة، إلى فجر حياة جديدة على هدى من الدين الإسلامي) انتهى.. إذن يمكن للأستاذ عوض أن يناقش بموضوعية أفكار الأستاذ المطروحة من الإسلام، والتي لغرابتها عارضها الكثير من المسلمين، وأن لا يتعمد أن يبخس الناس أشياءهم بالطعن في شخصياتهم بغير حق.. وقد ورطته النظرة المغرضة في خلط للمعلومات التاريخية فوقع في أخطاء ظاهرة، فمثلا هو قال: "ومن هنا فكر الإنجليز في إقامة حزب لا ينتمي إلى طائفة دينية، وقد شكل هذا الحزب من زعماء العشائر ومن الموظفين والمتعلمين السودانيين وأغلبهم من الجنوبيين.." وقال: "وللحزب الجمهوري الاشتراكي قصة طريفة سرية حيث كون الأستاذ محمود حزبا أنشأه في الأصل الإنجليز!!" وقد أشار الأخ عوض إلى رسائل ضبطت بين إبراهيم بدري رئيس الحزب ونيكولسن أحد كبار الموظفين الإنجليز عام 1954، ثم خلص إلى نتيجة: "وهو نفس العام الذي انتخب فيه الأستاذ محمود رئيسا للحزب!!" انتهى.. وهنا يظهر الخلط بين الحزب الجمهوري برئاسة الأستاذ محمود والحزب الجمهوري الاشتراكي برئاسة السيد إبراهيم بدري!! وتصحيح هذه الخلط، هو أن الحزب الجمهوري نشأ عام 1945م برئاسة الأستاذ محمود، أما الحزب الجمهوري الاشتراكي فنشأ بإيعاز من الإنجليز عام 1951م، وتكون من الفئات التي أشار إليها الأخ عوض في مقاله وكان هدف الإنجليز أن يكون الحزب ترياقا مضادا لحزب الأمة لأن الأخير لم يكن مضمونا كحليف مستقبلي للإنجليز، وقد نشأ هذا الحزب بإمكانيات كبيرة وأسس صحيفة الوطن ودار..الخ.. وإضافة لهذين الحزبين المتشابهين في الاسم كان هناك الحزب الجمهوري الاستقلالي ونشأ كرد فعل لفصل أزهري لثلاثة من وزرائه عام 1955م، وهم: ميرغني حمزة، خالد بابكر وأحمد جلي.. تحدث الأخ عوض الهدي عن حقيقة أن الأستاذ محمود أول سجين سياسي، وأشار باختصار قصة هذا السجن، ولكنه قال: " ولكن المفاجأة هنا خروجه من السجن رغم أنه لم يمض التعهد ولم يمض على دخوله السجن عاما، فقد خرج من السجن بعد خمسين يوما بصدور عفو عام من الحاكم العام البريطاني في مسرحية سيئة الإخراج_ ودعك من تبريرات الجمهوريين التي قالها تلاميذه من أنه أطلق سراحه نسبة لمقاومته لقوانين السجن.. ولماذا كف عن المقاومة والنضال ضد الإنجليز بعد خروجه؟" انتهى.. فكأن الأخ عوض يرى أن الإنجليز أخرجوا الأستاذ محمود من السجن بمسرحية سيئة الإخراج حسب تعبيره، وفحواها أنهم يمهدوا لأن ينشئوا حزبا موال لهم يكون الأستاذ محمود رئيسه، ولذلك أخرجوه، فهو هنا بتحدث وفي ذهنه الحزب الجمهوري الاشتراكي!! ودليله هو أن الأستاذ محمود لم يواصل النضال ضد الإنجليز بعد خروجه من السجن انسجاما مع خطة الإنجليز المزعومة هذه!! خلط للأحداث و"لت" و"عجن" لتشكيلها بصورة معاكسة تماما للواقع!! يا ترى !! هل ما سمع الأخ عوض بثورة رفاعة عام 1946م!!؟؟ على كل، نصحح: لقد خرج الأستاذ محمود من السجن بعد خمسين يوما، ولم يكمل العام بسبب نضاله داخل السجن، فأخرج في يوليو 1946م، وبعد خروجه ذهب إلى أهله في رفاعة، وفي أغسطس من نفس العام قاد ثورة رفاعة المشهورة ضد الإنجليز، وأعاده الإنجليز إلى السجن لعامين حتى أكتوبر عام 1948م.. فلماذا إذن قال الأخ عوض الهدي بأن الأستاذ محمود لم يواصل النضال بعد خروجه من السجن!! أنا لا أصدق أن الأخ عوض الهدي لم يسمع بثورة رفاعة، لكن الغرض في نفسه حجبه عن الحقائق التاريخية فخلطها خلط "الكمونية" بالبلدي.. على كل حال، ولمصلحة الجيل الجديد سأورد فيما يلي قصة الصراع الأسطوري مع الإنجليز الذي قام به الحزب الجمهوري في الأربعينات.. نشأ الحزب الجمهوري في أكتوبر 1945م ، وكانت البداية في اجتماع تحت شجرة بالمقرن ضم عشرة من المثقفين الوطنيين، تلاقت أفكارهم وهم يتدارسون قضايا الحركة الوطنية.. وهؤلاء الرجال هم: محمود محمد طه، أمين مصطفي التني ، منصور عبد الحميد، إبراهيم المغربي ، محمود الأزهري، أحمد محمد خير، إسماعيل محمد بخيت ، صالح عبد القادر ، عبد القادر المرضي وحسن طه.. وفي الاجتماع الثاني بمنزل الأستاذ محمود بالموردة في يوم 30/10/1945م ، انتخب المكتب السياسي للحزب كما يلي: محمود محمد طه رئيساً ، إبراهيم المغربي نائباً للرئيس ، عبد القادر المرضي سكرتيراً ، احمد محمد خير أمينا للصندوق وعضوية بقية المجتمعين.. وفيما بعد انضم للحزب أمين محمد صديق وتولي السكرتارية ومحمد فضل الصديق وآخرين.. من المبادئ التي اتفق عليها وشكلت برنامج الحزب السياسي: 1/ الجلاء التام للانجليز والمصرين علي السواء ، والعمل علي تحقيق ذلك بالصراع المباشر، حتي يتحقق استقلال السودان إذ أن الحرية حق للشعوب تنتزعه انتزاعاً وليس منحة من أحد.. 2/ اعتماد النظام الجمهوري كنظام حكم للسودان.. وكان هذا أمراً غريباً في حينه، بل يعتبر شاذاً وذلك لأن كل الأحزاب السودانية كانت ترى أن النظام الملكي هو الذي يناسب السودان، وأن الشعب السوداني غير مؤهل للنظام الجمهوري.. 3/ واجب المرحلة المباشر والأساسي هو سد فراغ الحماس الوطني، فقد نعى الحزب علي الأحزاب الأخرى لجوءها لأسلوب المذكرات والمؤتمرات، وعدم التوجه للشعب لإثارة حماسه وشحذ حسه الوطني.. انطلاقاً من هذه المبادئ، اتجه الحزب إلي إصدار المنشورات والكتيبات، والخطابة في المساجد والأماكن العامة ودور السينما والمقاهي، يندد بالاستعمار ويكشف أساليبه ، ويطالب بالجلاء التام.. كان كل ذلك يتم في وضوح شامل، وعمل مكشوف يستهدف في الشعب حسه الوطني وعاطفته الدينية لإثارته وتحريكه ضد المستعمر.. وكان الجمهوريون ينتقدون الأحزاب التقليدية، ويحاولون تحريكها بالاتصال المباشر من أجل تصعيد العمل الوطني.. في عام 1946م أصدر المجلس الاستشاري لشمال السودان قانون منع الخفاض الفرعوني .. فأخرج الحزب الجمهوري منشوراً بإمضاء رئيسه يهاجم فيه المجلس الاستشاري ويوضح فيه رأيه في القانون وفي موضوع الخفاض.. قال الأستاذ محمود لطلاب معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم وهو يلخص المنشور: ( إن لكل أمة عادات حسنة وعادات سيئة، وعادة الخفاض الفرعوني عادة سيئة .. لكن العادات السيئة في الشعوب لا تحارب بالقوانين، وإنما تحارب بالتنوير والتعليم والإقناع .. الانجليز لم يكن غرضهم من إصدار القانون كرامة المرأة ، وهم في الحقيقة فتحوا لها سوق النخاسة وكل الأبواب التي لا تكون بها كريمة.. فغرض الانجليز الحقيقي من إثارة موضوع الخفاض، وقد أثير ذلك في البرلمان البريطاني، أن يقولوا للعالم في رد علي حركتنا الوطنية ، أن السودانيين لا يزالون همجيين يمارسون عادات متخلفة كهذه ولذلك فإنهم لم يبلغوا الرشاد الذي يؤهلهم لحكم أنفسهم، ليستمروا في البقاء بالبلاد).. هذا هو ملخص محتوي المنشور .. وبالفعل كان المنشور مثيراً وأحدث رد فعل مباشر من جانب الانجليز ، فأرسلوا الخطابين التاليين إلي الأستاذ محمود: 1/ الخطاب الأول: مكتب التحريات الجنائية 36هـ/م ت ج ص.ب 288 الخرطوم في 24/3/1946م محمود محمد طه .. تاجر .. امدرمان السيد المحترم: بموجب هذا مطلوب حضورك بمكتب التحريات الجنائية الساعة التاسعة يوم 25/3/1946م للإجابة علي أسئلة تتعلق بمنشورات يعتقد أنها صدرت عن الجمهوريين .. أرجوا التكرم بالتوقيع لاستلام هذا الخطاب .. المخلص ج.أ.س يرايس ملاحظ مكتب التحريات الجنائية 2/ الخطاب الثاني: ( ورقة تكليف بالحضور للإدلاء بمعلومات تتعلق باحتمال الإخلال بالسلام) (انظر المادتين 81 و84).. إلي محمود محمد طه، مقاول امدرمان: بما انه قد تبين لي بمعلومات موثوق بها أنك قد أصدرت منشوراً يعتقد أنه من المحتمل أن يثير الشعور بالكراهية ضد الحكومة، ويؤدي إلي الإخلال بالسلام أو إلي إزعاج الطمأنينة العامة.. فأنت بموجب هذا مطلوب حضورك شخصياً للمثول أمام محكمة الجنايات في يوم 2/6/1946م الثامنة صباحاً لتوقع علي كفالة مالية قيمتها خمسون جنيهاً، وأيضاً لتوقع علي كفالة بواسطة ضامن واحد بمبلغ خمسون جنيهاً علي أن تحفظ السلام وتمتنع لمدة سنتين عن القيام بالأعمال غير المشروعة والتي من المحتمل أن تخل بالطمأنينة العامة، أو تبين السبب الذي يمنعك عن التوقيع علي هذه الكفالة وهذا الضمان.. و.س. ماكدوال قاضي جنايات الخرطوم 29/5/1946م يلاحظ في الخطابين أن الانجليز تعمدوا تجاهل مخاطبة الأستاذ محمود بوصفه رئيساً لحزب سياسي، وهو اتجاه لعدم الاعتراف بالأحزاب التي تخرج علي الخط المهادن للانجليز.. هذا وقد شغلت أنباء مواجهة الجمهوريين للانجليز صفحات الصحف في تلك الأيام، وهذا نموذج: (الرأي العام -3/6/1946م: مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر ماكدوال متهماً من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع علي صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيهاً لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة، ولا يوزع منشورات أو يودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك .. ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع مفضلاً السجن، وقد اقتيد لتوه إلي سجن كوبر) انتهى.. تفاصيل الصراع الذي أسس حق السجن السياسي في الحلقة الثانية..
تعقيب على الأستاذ عوض محمد الهدي
فى ذكرى الاستقلال : جسارة الأستاذ محمود محمد طه أمام الإنجليز
(2)
د. محمد محمد الامين عبدالرازق [email protected]
انتهينا في الحلقة الأولى، إلى أن المحكمة حكمت على الأستاذ محمود بأن يوقع صك بكفالة خمسين جنيها لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة، ولا يوزع منشورات أو يودع السجن فرفض الأستاذ التوقيع واختار السجن.. وفي داخل السجن اشتعلت المواجهة مع الانجليز ، فقد حكي السيد نصر الدين السيد أحداث دخول الأستاذ محمود للسجن في اللحظات الأولى ، عندما التقي بوفد الجمهوريين المتحرك بالجنوب ، وهو كان يشرف علي انتخابات مجلس الشعب الأخير في نهايات مايو ، قال: اقتيد الأستاذ محمود إلي السجن بواسطة أثنين من الضباط السودانيين، وعندما وصلوا مكتب التسجيل أطلق الأستاذ يديه بقوة وانتزع دفتر التسجيل!! ثم رفض القيام للضباط الانجليز على عينك يا تاجر!! والغريب أن أحد الضباط المصريين احتج علي عدم قيام الأستاذ محمود له رغم علمه بعدم قيامه للضباط الإنجليز، فرد عليه الأستاذ أمام الزنزانة: ( أنا لو كان بقيف للزيك البجيبني هنا شنو!!؟؟).. ويواصل السيد نصر الدين، الذي كان ضابطاً برتبة ملازم آنذاك: رفض الأستاذ محمود أن يلبس زي المساجين ، فكلف الانجليز أحد الضباط السودانيين بأن يلبسه إياه بالقوة، لكن الضابط قال للأستاذ محمود بعد أن وضح له المهمة المكلف بها إنه لن ينفذها حتى لو يقلع الكاكي ويذهب إلي منزله !! فنظر إليه الأستاذ ملياً ثم قال له: اذهب وقل لهم قال سيلبسه غداً بعد نهاية يوم العمل، وعلق السيد نصر الدين : الغريب أن الانجليز فرحوا لهذا الرأي!! قال الأستاذ محمود لطلاب الدراسات الأفريقية حول هذه الأحداث: عندما دخلت السجن قررت لابد من أن أحدث حاجة في داخل السجن، وهي المخالفة لتعاليم السجن، وقوانين السجن وأوامر السجن.. وضباط السجن كانوا اثنين من الانجليز قلت لهم : أنا ماعندي معاكم أنتو حاجه شخصية .. الحكومة مابتعترف بالمسجون السياسي ، لكن دا سجن سياسي بطبيعة حاله، كونها ما بتعترف بيهو دا مابغير الحقيقة دى ، ويبقي حقكم تعرفوها وتحترموها.. إذا كان أنا مسجون سياسي وأنا بقول للحاكم العام أنت تخرج من البلد لا يمكن أن أطيع أوامركم وانتو موظفين صغار وإنجليز!! وفعلاً فهموها بالصورة دى فلمن يمروا أنا ما بقوم ليهم ودى كانت بتقتضي أن أعاقب بزنزانه .. في الزنزانة أنا بصوم ما يسمي بالصيام الصمدي عند الصوفية.. الجمهوريون في الخارج يرفعوا المسألة بأني مضرب عن الطعام لسوء المعاملة بالسجن) .. أنتهى استمرت هذه المواجهة داخل السجن طيلة شهر يونيو ، ومما جاء في الصحف عن ذلك هذا البيان: الرأي العام 26/6/1946م بيان رسمي من مكتب السكرتير الإداري عن رئيس الحزب الجمهوري: ( أظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثاً بخصوص محمود محمد طه الذي هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحري نتيجة لرفضه أن يمضي كفالة المحافظة علي الأمن .. وهذه البيانات قد احتوت علي معلومات غير دقيقة ، والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود أن يشتغل وهذا يخالف قوانين السجن ، فلم يعمل له أي شئ في اليوم الأول، أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام بالزنزانة والأكل الناشف .. ولو أنه رفض أيضاً أن يقف عند الكلام مع ضابط السجن فإن العقوبة التي نالها الآن لم تعط له لهذه المخالفة لنظام السجن ، وبهذه المناسبة يجب أن يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم يجب أن يقفوا إلي ضابط السجن إنجليزياً كان أو سودانياً) انتهي.. كان هناك اتصال بين الأستاذ محمود وأعضاء حزبه بالخارج للتنسيق في العمل داخل وخارج السجن وكان الأستاذ محمود يرفض أن يكون مجرماً كما أشار هو، ويعتبر نفسه سجين سياسي ويجب أن يعامل معاملة السياسيين .. هذا نموذج للخطابات التي كان يتم تبادلها مع الجمهوريين بالخارج وكان ينقل هذه الخطابات بعض الضباط السودانيين الشرفاء الذين يقفون مع الوطنيين وهم في الخدمة: (أخي أمين : تحية لك ولإخوانك وشوقاً وبعد.. فهذا الجواب اتجاه موفق ما في ذلك شك والله أسأل أن يسدد الخطأ والخطى.. إدارة السجن مضطربة جداً لتحركاتكم وأصبح الحكمدار يحاول التودد بكل سبيل.. معاملتهم لي فيها كثير من الحذر الشديد، وقد أخبرني أنه جاء في عمل شئ ينقذ الموقف لأني مصر علي ألا أقف لمدير الخرطوم وخلافه فسألني: أتعتقد أنك بوقوفك مع المساجين عند زيارة المدير تجعل من نفسك مجرماً معهم؟ فقلت: ذلك حق ولكنه ليس كل الحق.. فإني بوصفي رئيس حزب سياسي يناضل من أجل بلاده سيحط من الجهاد الوطني إن رضيت أن أقف لأي رجل إجلالاً له.. قال : ذلك معقول.. ثم فكر وقال: إنه يريد أن يجعل لي مقاماً خاصاً في السجن لأقيم فيه وذلك لئلا تسري الروح هذه في باقي المساجين.. فهم لا يرون أن يعترفوا للمسجون السياسي بأي حق.. إن الحكومة الآن تقبض علي الجمر وتود بكل سبيل أن لو أمضي لها التعهد لتخرج من الحرج ببقية الكرامة لأنها تشعر أن ما ارتكبت من خطأ سيحيي الجهاد الوطني ويضعفها هي في نظر المجاهدين.. ومن المحقق أن الحكومة لا تريد أن تعترف بمكانة للسياسي السوداني، ولا للأحزاب السودانية.. وفرصة وجودي هنا ستخدم هذه النقطة بالذات خدمة لا حد لها، إذا استغل استغلالاً حسناً.. فأنا سأضغط علي إدارة السجن، فلا أقبل أي معاملة أقل من معاملة المسجون السياسي، وأن أقيم في مكان مميز وأن توفر لي وسائل الراحة والقراءة والكتابة، وألا ألبس ملابس السجن وألا أقيد إلا في الحدود التي تكفل للحكومة عدم نشر آرائي السياسية مثلاً، وان أحترم من رجال البوليس والإدارة في كل هذه الحدود.. وهذه أشياء تؤذي الحكومة أبلغ الإيذاء.. فأري أن تطالبوا أنتم بها في الخارج ، وبعدها تطالبوا بإطلاق سراحي.. فإنه من غير المعقول أن تطلق الحكومة يدها في أعدائها كيف تري؟ وحيث ترى.. ذلك بأن رجال السياسة السودانيين هم عتاد البلاد ومسلكهم أعداء للحكومة وحرب عليها.. ويمكنكم أن تحتجوا أكثر من هذا بأن تذكروا بأن الحكومة تستعين علي أعدائها رجال السياسة الوطنية بالجراثيم.. فإنها قد أدخلتني في زنزانة يسكن فيها مرضي السل، وكان بالقرب مني مريضان في الطور الأخير من المرض وقد منعت الماء في ليلة، فاضطررت لأخذ ماء الوضوء منهم ومن أزيارهم .. وقد كانا يحضران ويتحدثان معي جزءاً من الوقت ، ويقفان عند باب الاوضة بكل حسن نية وهما طليقان يقفان في كل مكان بالحوش من غير مراقبة مثلاً .. كل هذه أشياء تستطيعون أن تكبروها وتهللوا بها وتوجهوها إلي صدر الحكومة.. وستطلق سراحي يوم أصبح متعباً لهم في الداخل وأنتم في الخارج.. وإني بعون الله وتوفيقه لن أمكث طويلاً هنا، ولكني سوف أخرج يوم أخرج والنضال الوطني مركز جداً بفضل مجهودكم في الخارج ومجهودي في الداخل) انتهى .... من مذكرات امين محمد صديق .. من وحي هذا الصراع استشار الحاكم العام السيد الدرديري محمد عثمان الذي كان زميلاً للأستاذ محمود بكلية غردون ، فقال له الدرديري إنه يعرف الأستاذ محمود منذ الصبا فهو لا يتنازل عن رأي يراه الحق حتي لو أدي ذلك إلي موته .. فأصدر الحاكم العام قراراً بإطلاق سراح الأستاذ محمود دون قيد أو شرط بعد خمسين يوماً فقط فلم يكمل العام المقرر في الحكم الأساسي .. وذلك بسبب الأثر الذي تركته المواجهة داخل وخارج السجن.. نشر الخبر في الصحف فانهالت البرقيات والرسائل علي مكتب الحزب الجمهوري بالتهنئة لهذا النضال المشرف للسودانيين ، وإليك نماذج من تلك البرقيات: * سكرتير الحزب الجمهوري - امدرمان كان سجن الرئيس درساً قيماً لشباب الجيل في الإيمان والروح وقد سررنا لخروجه لا شفقة عليه ولكن ليواصل الجهاد الوطني.. حسن بابكر القضارف 24/7/1946م * محمود محمد طه – الحزب الجمهوري – أمدرمان تأكل النار الصدأ واللمما وبها يسمو كريم الذهب ويرى الحر العذاب المؤلما لذة في الحق ياللعجب ياسجيناً قدره قد عظما وسما حتى جثا في السحب أحمد محمد عثمان – عطبره 29/7/1946م * الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري – أمدرمان أعضاء جبهة المؤتمر الوطني بالأبيض يرون في خروجك من السجن آية واضحة للإيمان بالوطنية الصادقة ويعدون جهادكم رمزاً للكرامة السودانية، فبقلوب مفعمة بالغبطة يشاركون إخوانهم الجمهوريين السرور بعودتكم لميدان الجهاد. السكرتارية 24/7/1946م * أمين صديق ، البوستة الخرطوم للرئيس دخلته رجلاً وغادرته بطلاً وضربته مثلاً علي عبد الرحمن – الابيض 27/7/1946م * سكرتير الحزب الجمهوري – الخرطوم إن جميع أعضاء الجبهة الوطنية بسنجة مستبشرون بالإفراج عن رئيس حزبكم العظيم وهم جميعاً يبتهلون إلي الله أن يسدد خطاكم ويتمنون للرئيس العافية وحسن الجهاد.. سكرتير عام الجبهة الوطنية- سنجة 2/8/1946م * محمود محمد طه أمدرمان عرفنا فيك المثل الأعلى منذ عهد الطلب، فسرنا أن يعرف القاصي والداني هذا القلب الكبير. صديق الشيخ – كوستي 30/7/1946م *محمود محمد طه – أمدرمان أوفيت كرامة السودان وإبائه حقهما – فلتعش رمزاً صادقاً للوطنية الخالصة- لك تقديرنا وإعجابنا. اتحاد طلبة كردفان- الأبيض 23/7/1946م * محمود محمد طه – أمدرمان لقد سجلت بعزمك القوى وإيمانك الصادق فخراً للأجيال فالنعش مرفوع الرأس – لك مني التهاني. الطيب حسن / عطبره 24/7/1946م لم يتوقف الصراع مع الانجليز بنهاية هذا السجن الأول ، فقد ذهب الأستاذ محمود إلي رفاعة بعد إطلاق سراحه ، في أغسطس 1946م ، وقاد ثورة رفاعة ضد الانجليز عندما اعتقلوا امرأة خفضت بنتها بموجب قانون منع الخفاض .. وثار الجمهور خلفه إلي سجن الحصاحيصا وأخرج المرأة بالقوة .. نتيجة لهذا حكم عليه مرة أخرى بالسجن لعامين كاملين قضاهما بين مدني وكوبر ، وسار نفس السيرة فاضطر الانجليز إلي وضعه في غرفة خاصة تفادياً للحرج الذي يحدثه بمواجهته الصارمة .. فكان هذا الوضع اعترافا بحق السجن السياسي، وقد شكل النواة التي انبنى عليها وأسس حق السجن السياسي لمن يعمل بالسياسة من السودانيين .. وبهذا النضال، كان الأستاذ محمود أول سجين سياسي في الحركة الوطنية بعد مؤتمر الخريجين، وهو كما رأينا قد انتزع هذا الحق انتزاعا بقوة عزيمته وإصراره على الحق مهما كلفه من ثمن..
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
في الذكري التاسعة والعشرين لرحيل شهيد الفكر الأستاذ محمود أدرج أدناه ما جاء في مقال سابق لي في هذا المنبر عن الأستاذ الشهيد والذي حمل السودان وعزّة أهله بين جوانحه علي الدوام ولم يساوم فيهما أبداً مقدماً في سبيل ذلك الفداء الأعظم.
Quote: "....وجاء فبراير1985 وقد أكتملت حلقات مؤامرة القرن في التغوّل علي "حق الحياة" لحادي النهج الديقراطي الحر المسالم في الحوار – ألأستاذ محمود محمد طه. كان ألأستاذ محمود مفكراً عصرياً موسوعي المعارف، متسقا مع نفسه وفكره، والذي طرحه علي الملأ بسلام ومحبة، بعيدا عن التهريج. وحين حاربه المرجفون تصدي لهم بشجاعة نادرة، رواها إرثٌ قرويٌ بسيط، ورعتها فحولة فكريّة، أرعبتهم جميعا. أبتسم لهم - ربما اشفاقا عليهم - وهو مُقْدِمٌ، بثبات، علي حبل المشنقة. أنه رجل حقّ علينا جميعا الاحتفاء بالإرث الذي خلّفه لنا، تاركين الحكم علي ما جاء به للأجيال والتاريخ. وقد وصفه د. منصور خالد حين قال: "كان محمود محموداً في كل شئ. كان ذا عطاء فكريٍ جم، اتفق معه الناس أم اختلفوا. وكان عامر القلب، متوقد العقل، كثير النوافل. وكان حيّياً متواضعاً، لا يحسب أن رأيه هو الأول والأخير، بل كان يهوى السجال الذكي ويدعو الناس له. وكان سمحاً لا يضّغنّ حقداً على أحد، وزاهداً يجد العفو حتى في المال القليل الذي اكتسبه بعرق جبينه وهو يمسح الفلوات. لقاء الرأي النصيح الذي أدلى به الرجل، اُتُّهِم بالردة، وأصدَر ضده قاضي مشحون القلب بالحنق، ومحتشد العقل بالجهل، حكماً بالإعدام احتوى على جرعات كبيرة من ابتذال الدين." ولعلك عزيزي القارئ قرأت المرثيّة التي كتبها فيه البروفسير عبدالله الطيّب الذي عدّه من الشهداء. وجدير بالذكر أنّ هذا الحكم الجائر تمّ أبطاله فيما بعد بواسطة المحكمة العليا، في نوفمبر 1986، والتي برأت القضاء السوداني منه ومن قصوره المريع.
وفي كلمته التاريخية، من داخل المحكمة، عن رأيه الرافض لقوانين سبتمبر 1983 أشار ألأستاذ محمود، فيما أشار اليه، الي أنّ هذه القوانين "وُضِعَت وأستُغِّلت لإرهاب الشعب وسوقه للاستكانة عن طريق إذلاله ثم أنّها هدّدت وحدة البلاد". وقد كان، فقد أنشطر الوطن الواحد شطرين وبقي ما بقي منه، تحت ظلال السيوف الآن، مهدّداً بمزيد من الانشطار. لقد كان فقد رجل بهذه البصيرة النافذة هو بمثابة فقد أمّة. فقد أثبت لنا عمليا، بعد فوات الأوان، عمى بصيرتنا السياسيّة!"
|
وأختمه بالمقتبس أدناه من قول الأستاذ عبدالله الشقليني في هذا الخيط:
Quote: "....في يوم الجمعة الكُبرى صعد الشهيد ( محمود ) عتبات الوجود قبل الذهاب ثابتاً لرحلة العبور إلى دُنيا غير التي نحيا . كان فَرِحاً يتبسم . قَتَلتهُ انزووا في ظلمة الكسوف الأكبر . رحلت عنهم الكرامة ومعرفة الحق. فالدُنيا نعيم لمن يتصالح مع نفسه وجحيم لمن يكتشِف لاحقاً أن الخسران المُبين هو أن تستل سيفك في وجه أعزل. كان المُعلِم شجرة في كل ورقة من أوراقها بُرعُم يُزهِر قنديلَ بِشر . نقيٌ هو ملائكي المَسلَك : ناصِحٌ وناصِعٌ وصبوح" |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: BALLAH EL BAKRY)
|
شكرا والتحية لكم يا عزيزنا بلة البكري وأنتم تحتفلون بذكرى الإنسان وتحتفلون بالحرية فهنيئا لكم
Quote: في ذكرى الشهيد محمود محمد طه .. بقلم : بدرالدين حسن علي طباعة
الجمعة, 17 كانون2/يناير 2014 22:19
تمر اليوم 18 يناير 2014 الذكرى ال " 29 " للجريمة البشعة بشنق أستاذ الأجيال محمود محمد طه ، وبإمكاني أن أكتب عشرات المقالات عنه رغم أنني لست جمهوريا ولكني أقولها بالفم المليان " أني أحبه " لا بل هو مثلي الأعلى . لن أكتب مقالا ساذجا لا يليق بالمناسبة ، ولن أردد كلمات طنانة قيلت وكثر ترديدها ، ولكني فقط أعيد نشر ما كتبه البعض وظل محفورا في ذاكرتي ، وأعيد نشر بعض الوثائق الهامة في التاريخ السوداني . يقول عبدالله عثمان من جامعة أوهايو " يتباهى مثقفونا وطلاب جامعاتنا بمعرفتهم لبول سارتر، كارل ماركس، آدم سميث وحتى أحمد ديدات وعمر خالد وطارق السويدان ولا أحد من هؤلاء يملك حلا لمشاكلنا بينما تراهم يجهلون جل ما قام به الأستاذ محمود من دور فى النهضة الدينية والثقافية والإجتماعية فقد كتب وحاضر الأستاذ محمود عن "الدين والتنمية الإجتماعية"، "الماركسية فى الميزان"، "الإسلام والفنون"، "تطوير شريعة الأحوال الشخصية"، "مشكلة الشرق الأوسط"، "الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين"، "التكامل"، "الخفاض الفرعونى" ... وغير ذلك كثير.. أسس وعاش مبدأ "ساووا السودانيين فى الفقر الى أن يتساووا فى الغنى" فعاش فى الجالوص وأكتفى بـ "أم شعيفة" وهو بعد من اوائل المهندسين السودانيين ... يتحدث مثقفونا الان عن "البوستكولنياليزم" وهم فى كامل هندامهم الغربى يمتطون فاره سيارته بينما أكتفى هو بثوب "الساكوبيس" ولو كان ثمة ثوب أرخص للبس ... عاش وأشاع بين الناس شعاره الخالد "الحرية لنا ولسوانا " . لا زلت إلى اليوم أحتفظ بذلك المنشور التاريخي الذي صدر بإسم الأخوان الجمهوريين والذي يقول : الأخوان الجمهوريون
(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .. واعلموا أن الله شديد العقاب) صــدق الله العظيم
غايتان شريفتان وقفنا ، نحن الجمهوريين ، حياتنا ، حرصا عليهما ، وصونا لهما ، وهما الإسلام والسودان .. فقدمنا الإسلام في المستوى العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة ، وسعينا لنرعى ما حفظ الله تعالى على هذا الشعب ، من كرايم الأخلاق ، وأصايل الطباع ، ما يجعله وعاء صالحا يحمل الإسلام إلي كافة البشرية المعاصرة ، التي لا مفازة لها ، ولا عزة ، إلا في هذا الدين العظيم ..
وجاءت قوانين سبتمبر 1983 ، فشوهت الإسلام في نظر الأذكياء من شعبنا ، وفي نظر العالم ، وأساءت إلى سمعة البلاد .. فهذه القوانين مخالفة للشريعة ، ومخالفة للدين ، ومن ذلك أنها أباحت قطع يد السارق من المال العام ، مع أنه في الشريعة ، يعزر ولا يحد لقيام شبهة مشاركته في هذا المال .. بل إن هذه القوانين الجائرة أضافت إلى الحد عقوبة السجن ، وعقوبة الغرامة ، مما يخالف حكمة هذه الشريعة ونصوصها .. هذه القوانين قد أذلت هذا الشعب ، وأهانته ، فلم يجد على يديها سوى السيف ، والسوط ، وهو شعب حقيق بكل صور الإكرام ، والإعزاز .. ثم إن تشاريع الحدود والقصاص لا تقوم إلا على أرضية من التربية الفردية ومن العدالة الاجتماعية ، وهي أرضية غير محققة اليوم ..
إن هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد ، وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب و ذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب .. إن من خطل الرأي أن يزعم أحد أن المسيحي لا يضار بتطبيق الشريعة .. ذلك بأن المسلم في هذه الشريعة وصي على غير المسلم ، بموجب آية السيف ، وآية الجزية .. فحقوقهما غير متساوية .. أما المواطن ، اليوم ، فلا يكفي أن تكون له حرية العبادة وحدها ، وإنما من حقه أن يتمتع بسائر حقوق المواطنة ، وعلي قدم المساواة ، مع كافة المواطنين الآخرين .. إن للمواطنين في الجنوب حقا في بلادهم لا تكفله لهم الشريعة ، وإنما يكفله لهم الإسلام في مستوى أصول القرآن ( السنة ) .. لذلك فنحن نطالب بالآتي :-
1- نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ، لتشويهها الإسلام ، ولإذلالها الشعب ، ولتهديدها الوحدة الوطنية..
2- نطالب بحقن الدماء في الجنوب ، واللجوء إلى الحل السياسي والسلمي ، بدل الحل العسكري. ذلك واجب وطني يتوجب على السلطة ، كما يتوجب على الجنوبيين من حاملي السلاح. فلا بد من الاعتراف الشجاع بأن للجنوب مشكلة ، ثم لا بد من السعي الجاد لحلها ..
3- نطالب بإتاحة كل فرص التوعية ، والتربية ، لهذا الشعب ، حتى ينبعث فيه الإسلام في مستوى السنة (أصول القرآن) فإن الوقت هو وقت السنة ، لا الشريعة (فروع القرآن) .. قال النبي الكريم صلي الله عليه وسلم : (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا ، كما بدأ ، فطوبى للغرباء قالوا: من الغرباء يا رسول الله ؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها). بهذا المستوى من البعث الإسلامى تتحقق لهذا الشعب عزته ، وكرامته ، ثم إن في هذا البعث يكمن الحل الحضاري لمشكلة الجنوب ، ولمشكلة الشمال ، معا … أما الهوس الديني ، والتفكير الديني المتخلف ، فهما لا يورثان هذا الشعب إلا الفتنة الدينية ، والحرب الأهلية .. هذه نصيحتنا خالصة ، مبرأة ، نسديها ، في عيد الميلاد ، وعيد الاستقلال ، ونرجو أن يوطئ لها الله تعالي أكناف القبول ، وأن يجنب البلاد الفتنة ، ويحفظ استقلالها ووحدتها وأمنها .. وعلي الله قصد السبيل.
أم درمان 25 ديسمبر 1984م 2 ربيع الثاني 1405هـ الأخـــــوان الجمهوريون
[email protected]
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
فى حجيرته ( أو " الغاسلة " كما أسماها شيخ ابراهيم يوسف )
وذكرت أياماً..! وكنت بقربكم أحيا وأغرف من روائعكم وأملأ راحتى ألقاً وأسرح فى خمائلكم وأشرق بالرضى صبا وكان الله فى القلب أضعت الروح والقلبا وكان القلب مشكاة فلا شرقاً... ولا غرباً وكنت أتيه فى روض وكانت مهجتى ترقى وزاملتى ... مطوعة وتطوى ... الدرب والدربا وكان السيد الأعلى رقيقاً ... رائعاً... سلسا يمهد دربنا أهلاً يقدم نفسه سهلا وكان السيد الأعلى منابع رحمة تترى على العباد تملأهم فيغدو بعدهم قربا وأدخل فى " حجيرته " حزيناً ... دامعاً ... أرقا يحط يداً على كتفى يزيل الهم والكربا ويمنع عنى الغم إذا ما جيئت مضطربا ويجلسنى على نور فيرقص داخلى طربا يسآئلنى عن الأهل وكان الأهل والصحبا وأخرج من " حجيرته " ويكسونى الرضى ثوبا ومأخوذاً بهيبته تضئ سريرتى مددا له الأشواق أرفعها وطاب مديحه رطبا وطاب مديحه ذكراً وطابت ذكرة عطره ويكفينى به حسباً ويكفى فكره نسبا ويكفى حوضه دارا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: في ذكرى الأستاذ محمود محمد طه النور حمد
يصادف اليوم السبت، الثامن عشر من يناير 2014، الذكرى التاسعة والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه. تسعة وعشرون عامًا بالتمام والكمال فصلت بيننا وبين تلك الحادثة الأليمة، التي لم تشهد الأزمنة الحديثة لها مثيلاً قط؛ أعني أن يُحكم على انسانٍ بالموت بسبب فكره واجتهاده، ويساق إلى الموت والناس قيامٌ ينظرون. أكثر من ذلك، يجيء بعضُ الناس إلى ساحة الإعدام للتكبير والتهليل وتبادل التهاني. هكذا قيض الله لنا نحن السودانيين لحظةً غريبةً شاذةً على السياق المعاصر، ليطفح فيها ما كان مغطىً من قبل. أخرجت تلك اللحظة الفارقة في تاريخنا الديني والفكري والسياسي سوءات بنيتنا العقلية والوجدانية، وفضحت من بيننا كلَّ من انمسخت فطرته وتشوه وجدانه.
فهل كانت، يا تُرى، مجرد لوثةٍ عقليةٍ عارضة أصابت من ارتكبوا ذلك الجرم الشنيع، أم كانت انعكاسًا لخللٍ قديمٍ سبق أن أصاب مجمل بنيتنا العقلية والنفسية والوجدانية، فتجسد في تلك الصورة البشعة مهتبلاً ذلك الظرف الشاذ؟ وأعني بـ "الظرف الشاذ"؛ تلك الحالة الغوغائية القرووسطية، التي سيطرت في الفترة الزمنية الممتدة بين سبتمبر 1983 ويناير 1985، باسم الاسلام، وباسم التمكين له في الأرض. ودعونا فقط ننظر أين نحن من كل ذلك الآن!.
باعتلائه منصة المشنقة بذلك الإباء والشمم والشموخ المستمد من يقينٍ ورضًا لا تتناوشه الظنون بالله، وباثباته رجله في مستنقع الموت ـــــ بتعبير أبي تمامٍ وهو يرثي الطوسي ـــــ فتح الأستاذ محمود محمد طه الجرح القديم المتقيح في نفس كل سوداني وسودانية، بل وفي نفس كل مسلمٍ ومسلمة، ممن علموا بالحدث ولم يهزهم كما ينبغي، فسال الصديد المنكتم تحت القشرة ايذانًا ببدء البرء. وبين يناير 1985 ويناير 2014 حدث برؤٌ كثير في النفوس، ولكن البلاد أصابها خرابٌ عظيم، هو بعضٌ من الطوفان الذي أنذرنا به الأستاذ محمود.
نشأ التصوف السوداني نشأةً سودانيةً صميمة في سلطنة الفونج 1504 – 1821. ولو قدر للتصوف السناري أن يستمر حتى القرن العشرين، دون أن يصيبه الوهن والتزييف الذي أصابه بسبب الغزو الخديوي المصري التركي، لجاءت أفكار الأستاذ محمود، حين جاءت، تعميقًا لقيمه، وتحديثًا لها، ولأصبحت تتويجًا طبيعيًا له. لو جرت الأمور على تلك الصورة لربما كُنّا قد احتفظنا بتنوعنا وتعايشنا، وقبولنا لبعضنا، رغم اختلاف العقائد والثقافات، دونما مشكلة، ولربما بقي قطرنا موحدًا. تحققت بيننا الوحدة الوطنية، ولما سقطنا في هذه الدوامة الفظيعة من الاحتراب، الذي لا ينطفيء أواره في جهة، إلا ليشتعل في جهةٍ أخرى. وأخيرًا، لما أصبح كيان الدولة نفسه لدينا مهددًا بالصورة المفزعة التي تبدو واضحةً للعيان الآن.
ما لم ننتبه له نحن السودانيين، أن الغزو الخديوي المصري هو الذي أتانا بالمؤسسة الدينية الرسمية المشرقية، العثمانية المنشأ. فعبر مدارسه الفقهية المؤتمِرة والمهتدية بنزوات الحكام، احتل وعينا تراث الإمبراطوريات الإسلامية المتصل منذ العصر العباسي. وهو تراثٌ إمبراطوريٌّ سلطويٌّ، تم فيه اختراع فرية تكفير المتصوفة وإهدار دمهم وقتلهم. وقف الحلاج إلى جانب الضعفاء والمقهورين فاستهدفه الحكام بسلاح التكفير وتم قتله وصلبه. ومنذ تلك اللحظة في التاريخ فشا سلاح التكفير، فأصبح المسلمون يتراشقون به يمنة ويسرة كلما خارت العقول وفشلت في استخدام النهج القرآني عالي النسق: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين". ولو أردنا أن نعرض إلى العشوائية التي تم بها استخدام سلاح التكفير منذ الفتنة الكبرى وإلى يومنا هذا، لامكننا كتابة مجلدات. فقد بلغت العشوائية والغرض درجة كفّر بها الخصوم أبا حنيفة!.
تسعة وعشرون عامًا مرت على استشهاد الأستاذ محمود محمد طه، وبدأ كثيرون يصحون، واحدًا تلو الآخر. انفضحت كل الشعارات الزائفة، واتضحت لكثيرين ممن أرغوا وأزبدوا وهم يعارضون، سذاجة رؤاهم، ومحدودية عقولهم، وتواضع معارفهم. وأهم من ذلك، انفضحت أمام ناظريهم كأجلى ما يكون الافتضاح، بنياتهم الأخلاقية الهشة. واتضح لهم، وضوح ضوء النهار في ظهيرة الصيف، أن ما كانوا يظنونه دينًا، لم يكن، في حقيقة الأمر، سوى طريقٍ لا يقود إلا إلى الانغراسٍ حتى الخواصر في وحل الدنيا. استوى في هذا الانغراس في وحل الدنيا الإسلاميون الحركيون المتعجلون، وبعض المتصوفة الذين طال العهد بينهم وبين تراث أجدادهم فنسوه. فلقد حولت الخديوية كثيرًا من المتصوفة إلى فقهاء، ووضعتهم في جيبها، فأصبحوا نصراء للسلطان في حين كان آباؤهم السناريون سندًا للمستضعفين. وللتدليل على رخاوة الفقه المدرسي الحشوي وضعف بنيته الأخلاقية، يكفي أن ننظر اليوم كيف باعد الأزهر بين نفسه وجماعة الإخوان المسلمين، عندما أصبحت السلطات الحاكمة ضدهم!.
كل الذين عارضوا الأستاذ محمود محمد طه انشغلوا بما لم يصبروا على فهمه من فكره وطرحه. وفي غمرة المعارضة الجاهلة حينًا، والمغرضة حينًا آخر، غاب عن أعينهم النموذج الأخلاقي السامق الذي ضربه. لقد كان الأستاذ مشغولا بجذور المشاكل، ولذلك أولى قضية البناء الأخلاقي للدعاة اهتمامه الأكبر، وهذا ما أهمله الترابي، وتعالى عليه، وسفهه في صلفٍ وعجلةٍ قاتلة. وهكذا كان حصاد الهشيم الذي نراه اليوم. (صحيفة الرأي العام، 18 يناير 2014 |
الأستاذ محمود محمد طه: والنور حمد محتفل به (نقلا عن الرأي العام 18 يناير 2014)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: من يان كامبرت إلي الاستاذ محمود محمد طه عادل عثمان عوض جبريل لندن ايسلنجتون
.
[email protected]
الان ارى النهار يبزع و تنبسط الحواجز الحديدة العاليه . يالهي، اجعل موتي خفيفاً ، وان اخطأت ذات مرة ،كما يخطأ كل من يواجه الموت ،فأغفر لي، لكن امنحني نعمة الموت كما ينبغي لرجل ان يسير مرفوع الهامه الى فصيلة الاعدام .
تعتبر قصيدة يان كامبرت(1902-1943) قصيدة لثمانية عشر محكوم بالاعدام من اشهر أشعار المقاومة في الادب الهولندي و التي كتبها خلال فترة سجنه في معتقل ألماني نازي أثناء الحرب العالمية الثانية حيث قضي نحبه في المعتقل تأثرت الحركة الادبية و الثقافية الهولندية كثيرا بالحرب حيث سجن العديد من المثقفين و المبدعين و توفي الشاعر الكبير مارسمان غرقا اثناء محاولته الفرار الي بريطانيا أما الشاعر أدغار دوبيرن فمات منتحرا عند سماعه إجتياح القوات النازية لهولندة يان كامبرت يهدي بكل حب و عرفان الاستاذ محمود محمد طه هذه القصيدة و يضع علي قبره أجمل ورود هولندة
قصيدة لثمانية عشر محكوم بالاعدام
يان كامبرت Jan Campert (1902-1943)
حجرة طولها مترين وعرضها بالكاد مثل طولها لكن تلك الحفرة التي حفرت في مكان ما ما زلت اجهله ضيقة وقصيرة حيث مرقدي الاخير مع رفاق نكبتي نبات سوية بلا هوية : كنا ثمانية عشر شخصاً على قيد الحياة لكن بعد حين لن نرى غروب الشمس . اييييه من عذوبة نور بلادي اييييه من سواحل هولنده الحره التي امست فريسة للعدو ، كيف يتسنى لي ان انعم بالهدوء ؟ حتى لو كنت صادقا ووفيا ما الذي بوسعك ان تقوم به في هذه المحنة ؟ امنح ولدك وزوجتك قبلة وانطلق الى النضال من اجل قضية سامية. لن أتجاهل الخطر الذي يحيق بي ولا الغضب والالم الذي احتبسه في داخلي، قلبي هو حافزي ومرشدي لا اقوى ان اكبح نفسي ،ولا حتى الموت، اعلم علم اليقبن ان من واجبي ان اكرّم بلدي فالحرية طريقها شاق كيلا اشعر ان كرامتي مهدده حينما ينوي ذلك الهمجي اغتصابها . لنمنع قصف المدفع القاتل ، كيلا تمسي هولنده الرقيقه الوديعه سجينة طائر شرس ، قبل ان يتبجح الالمان بخطاباتهم انهم وضعوا امتي في طوق ، وقبل ان ينهبوها جزء جزء كأي لص مبتذل. عازف ناي برلين يعزف بمزاجه ليستدعي الفئران الاوروبيه ، لكن رجال الحق رفضوا عرضه... سأفارق الحياة يوما ما، ولن ارى رفاقي ولن اقاسمهم الخبز والحليب لتحفظ ذاكرتك بوفاء ثمانية عشر رفيقاً واجهوا الموت ولا تنسى تلك التضحية بأصرارهم وموتهم ، نحيا اليوم ولدينا وطن وشعب : سنواصل كل يوم ، والى الابد وستمضي كل غمامة ، وكل محنة . الان ارى النهار يبزع و تنبسط الحواجز الحديدة العاليه . يالهي، اجعل موتي خفيفاً ، وان اخطأت ذات مرة ،كما يخطأ كل من يواجه الموت ،فأغفر لي، لكن امنحني نعمة الموت كما ينبغي لرجل ان يسير مرفوع الهامه الى فصيلة الاعدام .
|
عادل عثمان عوض جبريل من يان كامبرت إلي الاستاذ محمود محمد طه عادل عثمان عوض جبريل لندن ايسلنجتون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: ++ تبسم الاستاذ محمود على الصليب لا ن الله قد رد عليه قائلا : (ما ودعك ربك وما قلى ** وللاخرة خير لك من الاولى ** +++ لن يبعث الاستاذ محمود الا بعد موت اخر جمهورى ،، وخير لهم ان يموتوا قبل ان يموتوا !! فرحتان : الحزب الجمهورى من جديد بقيادة اسماء محمود ،، وكتاب عبدالله الفكى البشير ،، الاستاذ محمود والمثقفون .
فى هذا المقال احتفل (بطريقتى) بالذكرى السنوية لاعدام وصلب الشهيد محمود محمد طه الذى اعدمه المعتوه جعفر نميرى فى زمن اللوثة العقلية ،، التى ما تزال مستمرة والتى تكرست بمجيء الانقاذ ،، والتى مثلا جعلت تغيير الراى جريمة يعاقب عليها بالاعدام تحت لافتة ( حد الردة) ،، علما بانه لا توجد دولة واحدة فى الغالم العربى او الاسلامى تعترف بحقوق الانسان توجد فيها جريمة الردة . فى هذا المقال سوف اربط بين حالة المسيح الناصرى على الصليب ،، وبين حالة الاستاذ محمود / المسيح الامدرمانى / المهدية الحارة الاولى منزل and#1634;and#1636;and#1634; وهوعلى الصليب ايضا في ضحى 18 يناير 1985،، لانه معلوم فى ادبيات الفكرة الجمهورية ان هناك تشابها كبيرا يشبه التطابق على الاقل من حيث النصوص الدينية فى الربط بين المسيح الاسرائيلى/ الناصرى وبين المسيح المحمدى / الامدرمانى .(الاستاذ محمود) ,, وللامانة ,, لم يقل الاستاذ انه المسيح ,, ولم يقل انه الاصيل الواحد وكل ما اكتبه هنا يمثل قناعاتى الشخصية ,, وانا مسؤول عنها ,, وعودة الى مسالة الشبه بين المسيح الناصرى ابن داود وبين المسيح الامدرمانى ,, وفى هذا الصدد يقول كتاب المسيح للاخوان الجمهوريين :- بما معناه ،(، ولكن جلية الامر فيها ان الايات التى تتحدث عن المسيح انما تتحدث عن المسيح الاسراييلى وعن المسيح المحمدى فى نفس الوقت ،، فالمسيح المحمدى هو الذى سيرفع،، ) ،، وشاهدنا من هذا كله ان هناك ربطا وثيقا بين مصير المسيح الناصرى ،، والمسيح / السودانى / الامدرمانى ،، بل يمتد التشابه الى حالة انكار تلاميذهما لهما فى وقت المحاكمة والصلب ،، ومن عجائب الامورالالاهية فى المسائل الدينية ،، انه فى عشية تقديم الاستاذ وتلاميذه الاربعة للصلب ،، قال رجال الدين المسيحى فى اوروبا ،، اذا تراجع تلاميذ الاستاذ الربعة ،، وانكروه ،، يكون امرهم هذا امر دين ،، اما اذا تعنتوا ،، ولم ينكروه ،، يكون هذا امر بطولات دنيوية لا علاقة لها بالدين ،، طبعا ،، هذا قياسا على قولة السيد المسيح لتلميذه بطرس ستنكرنى ثلاث مرات قبل صياح الديك . ونسبة لان امر الاستاذ محمود هو امر دين فقد انكره تلاميذه (بمعنى تراجعوا عن الفكرة في مهزلة الاستتابة) اسوة بتلاميذ المسيح الناصرى .
في المقتطف التالى اقدم للقراء الاهانة الفظيعة والشماتة التى لقيها السيد المسيح -- والتى قادته ليسال ربه : لماذا تركتنى ؟ والنص ناطق عن نفسه في هذا الشان ,, اقتبسه من انجيل متى الاصحاح 27
27: 37 و جعلوا فوق راسه علته مكتوبة هذا هو يسوع ملك اليهود 27: 38 حينئذ صلب معه لصان واحد عن اليمين و واحد عن اليسار 27: 39 و كان المجتازون يجدفون عليه و هم يهزون رؤوسهم 27: 40 قائلين يا ناقض الهيكل و بانيه في ثلاثة ايام خلص نفسك ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب 27: 41 و كذلك رؤساء الكهنة ايضا و هم يستهزئون مع الكتبة و الشيوخ قالوا 27: 42 خلص اخرين و اما نفسه فما يقدر ان يخلصها ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الان عن الصليب فنؤمن به 27: 43 قد اتكل على الله فلينقذه الان ان اراده لانه قال انا ابن الله 27: 44 و بذلك ايضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه 27: 45 و من الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الارض الى الساعة التاسعة 27: 46 و نحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني 27: 47 فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا 27: 48 و للوقت ركض واحد منهم و اخذ اسفنجة و ملاها خلا و جعلها على قصبة و سقاه 27: 49 و اما الباقون فقالوا اترك لنرى هل ياتي ايليا يخلصه 27: 50 فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم و اسلم الروح 27: 51 و اذا حجاب الهيكل قد انشق الى اثنين من فوق الى اسفل و الارض تزلزلت و الصخور تشققت 27: 52 و القبور تفتحت و قام كثير من اجساد القديسين الراقدين 27: 53 و خرجوا من القبور بعد قيامته و دخلوا المدينة المقدسة و ظهروا لكثيرين 27: 54 و اما قائد المئة و الذين معه يحرسون يسوع فلما راوا الزلزلة و ما كان خافوا جدا و قالوا حقا كان هذا ابن الله 27: 55 و كانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد و هن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه 27: 56 و بينهن مريم المجدلية و مريم ام يعقوب و يوسي و ام ابني زبدي انتهى الاقتباس من الكتاب المقدس .
والسؤال الذى اطرحه الان -- هل قال الشهيد محمود على الصليب -- ربى لماذا تركتنى ؟ ان لم تكن الاجابة -- نعم -- فهو ليس المسيح -- وليس رسولا ,, فحالة الياس تصيب الرسل (حتى اذا استياس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا --) لقد تعرض الاستاذ الشهيد للياس مرتين من قبل الاولى عام 1968 ايام محنة الدستور الاسلامى -- هنا تصرف الاستاذ تصرفا انتحاريا على طريقة -- وذا النون اذ ذهب مغاضبا -- تجسد التصرف الانتحارى في كتاب ( الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين ) -- هذا العنوان كان غير موفقا -- لانه ببساطة يعنى للمسلم العادى الذى يفهم ان الاسلام رسالة واحدة خالدة -- يعنى (الاسلام لا يصلح) -- ومشكلة الاستاذ محمود هى انه ليس حواليه من ينصحه -- لانه في ثقافة الجمهوريين لا يجوز الاعتراض ( ولو في الخاطر) -- من اى جمهورى -- على ما يقوله او يفعله الاستاذ .
حالة الياس الثانية هى عندما اصدر الاستاذ (منشور هذا او الطوفان في 25 ديسمبر 1984 ) -- كان مصدر الياس هو ان النميرى بدا يطبق الشريعة -- الرسالة الاولى بالفهم الجمهورى -- في حين ان عقيدة الاستاذ هى ان شمس الرسالة الاولى قد غربت -- من هنا جاء الاحباط -- وحالة الياس -- فكان منشور هذا او الطوفان عملا انتحاريا بالمعنى الفلسفى الادبى الكبير ,, ولا اعنى انتحار الجبناء وعاجزى الراى والحالات المريضة نفسيا ,, وانما اعنى اختيار الموت طوعا ,, فهو هتاف : لن نعيش في ظل هذه القوانين ,, الموت افضل لنا من العيش في ظل هذه القوانين ,, باطن الارض ,, او السماء ,, افضل لنا من العيش في ظل هذه القوانين ,, الاخرة خير لنا من هذه الاولى .
ابتسم الاستاذ محمود على الصليب لان الله رد عليه : ما ودعك ربك وما قلى !!
من حقنا ان نقول ان سورة الضحى ,, كانما نزلت لاول مرة يوم 18 يناير 1985 ومفصلة على ذلك اليوم ,, فحين قال الاستاذ على الصليب : رب لماذا تركتنى ؟!! ردت عليه البشارة الربانية في الحال : ( والضحى ,, والليل اذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى * ولا الاخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى) اقسم الله باللحظة الحاضرة ,, ضحى الجمعة 18 يناير 1985 ,, والليل اذا سجى ,, المعنى ظلام دولة الهوس الدينى ,, ما ودعك ربك وما قلى ,, هنا مناط القسم ,, اكد الرب انه بجانبه ,, وانه يسمع ويرى ,, وان الاخرة خير له من الاولى ,, وبشره (بموعظتة الموت,, اعلى درجات الحياة) ,, فجاءه الشفاء من الموت ,, والفرح من داخله : (يا ايها الذين امنوا قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * قل بفضل من الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون *)
بهذا الفيض من الفرح الداخلى تبسم الاستاذ في وجوه الشامتين ,, والمشفقين ,, الفاعل واحد في الوجود ,, وقد الهم الله الراحل المقيم بشير بكار بقولة التوحيد امام المنصة ,, فهتف : وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) فوصلت الرسالة للحضور ,, بلاغ من الله .
لن يبعث الاستاذ محمود الا بعد موت اخر جمهورى -- خير لهم ان يموتوا قبل ان يموتوا !! فرحتان : الاولى الحزب الجمهورى من جديد : قرات في الاخبار -- وشاهدت صورة الاستاذة اسماء محمود محمد طه وهى تتحدث عن تكوين الحزب الجمهورى مرة اخرى -- بالقطع هذه خطوة كبيره تخرج فكر الاستاذ محمود من (اعتقال الجمهوريين له ) الى باحات الحرية . اقول : ان اعدى اعداء الفكرة الجمهورية هى الذهنية الجمهورية بمقاس ذهنية استاذ خالد الحاج عبد المحمود .. سامحه الله ... فهم الذين احتكروا الفكرة ومنعوا الناس من تناوها ونقدها .. ونفروا الناس من مجرد الاقتراب منها وذلك من خلال عنف اللسان الجمهورى وابسط كلمة يمكن ان تسمعها منهم هى اتهام الناس بالكذب ,, وعدم الاخلاق ورقة الدين ...الخ
الفرحة الثانية هي صدور كتاب الاستاذ محمود والمثقفون -- من تاليف الاستاذ عبد الله الفكى البشير ,, فالكتاب بالنسبة لى هو بعث واحياء لفكر وسيرة الاستاذ محمود بعد ان تم اغتيال اسم الاستاذ ومحو فكرته وسيرته بواسطة الجمهوريين انفسهم ,من ذاكرة الاجيال الحديثة, وذلك حين امتنعوا عن تحمل مسؤولية النهوض بالفكرة ,, والمسؤولية تقع على عاتق الجميع دون تحديد لمستوى القيادة ,, وانتهز هذه السانحة لاثبت لمجموعة الخط العام واذكر منهم د معتصم عبد الله وعصام خضر ,, على ريادتهم في تحريك مشروع الاستاذ .
لقد لعب الجمهوريون الناشطون بالمواقع الاليكترونية ,, لعبوا دورا سلبيا خطيرا تجاه الاستاذ محمود والفكرة الجمهورية وذلك من خلال عنف اللسان الواصل لدرجة الوقاحة ,, الامر الذى نفر الناس عن تناول اسم الاستاذ بالخير او بالشر ,, والغريب في الامر لم يرحب الجمهوريون من ناشطى المواقع الاليكترونية بمراجعات الاخوان المسلمين حول الاستاذ والفكرة الجمهورية واضرب مثالا بمراجعات الاستاذ عبد المحمود الكرنكى ,, فقد اعتبرها الجمهوريون نوعا من (الكيشة دقه واعتذر له) , وكان يمكن ان نسمع ونقرا مراجعات من عناصر قيادية بالحركة الاسلامية ,, لن تبرئ ذمة الحركة الاسلامية من دم الاستاذ محمود ,, و لكنها ستفيد في تاصيل ادانة هذه المرحلة الظلامية في تاريخ السودان وتعميق ثقافة الاعتذار. لقد حقق الاخ عبد الله البشير هذا الانجاز البحثى عن فكر الاستاذ والتهميش الذى تعرض له مشروع الاستاذ محمود من قبل المثقفين ,, لان الاخ عبد الله لم يكن جمهوريا ,, فالجمهوريون الذين تربوا في بيوت الاخوان ,, هم مجموعة من مغسولى الدماغ ,, تم تصميهم على مفهوم ان الفكرة الجمهورية هى كل شئ ,, وانها جامعة مانعة ,, وتم قتل روح المبادرة لديهم . ما كان بالامكان ان يتضمن كتاب الاخ عبد الله البشير اى نقد او كلام سلبى عن الاستاذ محمود وذلك لان الذهنية الجمهورىة المحيطة بالاخ عبد الله البشير لا تسمح بذلك ,, ولم يقبل النقد من قبل د النور حمد رقم تاريخه ومصاهرته للاستاذ ,, فالمجتمع الجمهورى يضيق بالراى الاخر تماما ,, لم يستطع عبد الله الفكى ان يقول ان الاستاذ يتحمل ولو (الشئ اليسير,, بشكل او باخر) مما لحقه من تهميش ,, وتجنب من المثقفين ,, لسبب واضح هو ان الاستاذ والجمهوريين فنانين في صناعة الاعداء ,, فالجمهوريون في عداء مع ايران والسعودية ورابطة العالم الاسلامى والازهر والجامعة الاسلامية والقضاء الشرعى ,, فالمثقف الذى يتعرض للاستاذ دون ان يدين فكره يصنف بشكل او باخر بانه شخص محسوب على الفكرة وبالتالى قد لا يستطيع العمل في السعودية ,, بالتالى صار المثقفون ( وبدون تنسيق او تامر- كما جاء بالكتاب - ) يتجنبون ذكر اسم الاستاذ ,, فالفكرة الجمهورية لديها طرف من المشكلة .وهذا الكلام الذى اقوله ليس غائبا عن الاخ عبد الله الفكى ولكن المجتمع الجمهورى الذى حوله لا يتحمل ولا يقبل منه اى قدر من النقد بمعنى الكلام السلبى . فالمجتمع الجمهورى لم يحتف بكتابات د حيدر ابراهيم و د محمد احمد محمود عن الاستاذ لمجرد ان هذه الكتابات قد تضمنت نقدا (سلبيا) لافكار الاستاذ محمود .
كتاب الاخ عبد الله الفكى يبشر باجيال قادمة متحررة تماما من نفوذ الجمهوريين ,, تستطيع ان تبدع وتكتب عن الفكرة الجمهورية بحياد ,, وترى الايجابى والسلبى ,, وتقدم عملا نقديا متكاملا ,, وتبعث سيرة واسم الاستاذ الاستاذ محمود الذى قتله تلاميذه قبل غيرهم ,, من المثقفين ,, الفكرة الجمهورية اليوم تحولت الى تراث انسانى ,, ملك للانسانية ,, وتقع على الانسانية مسؤولية المحافظة عليها وصيانتها وتطويرها ,, على الجمهوريين ان يرفعوا وصايتهم عنها ,, واقول لهم : موتوا قبل ان تموتوا . ابوبكر القاضى كاردف 17 يناير 2014
|
ابوبكر القاضي - بريطانيا هل قال الاستاذ محمود على الصليب ربى لماذا تركتنى؟ بلى !!/ابوبكر القاضى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
كتب الأستاذ الصحفي عبدالله الشيخ
Quote: " فإنْ شِئتَ أنْ تحيا سَعيداً، فَمُتْ بهِ شَهيداً، وإلاّ فالغرامُ لَهُ أهْل"..!
نشرت يوم 18 يناير 2014
خط الاستواء
عبد الله الشيخ
ترصَّدَ السلفيون لاغتيال الاستاذ محمود محمد طه، لأنه حذَّر من مخاطر الهوس الديني، ولأنه رائد الفكرة " الغريبة " فى تطوير التشريع.. الآن حصحص الحق،، لقد استشرى التطرف ، وغادر الأمن شوارع العالم بعبوات ناسفة وسيارات مفخخة تتوعد الابرياء.. وإذا أراد اهل الشرق أن يكونوا " شيئاً مذكوراً " فى التاريخ المعاصر، فلا مناص من الفكرة الجمهورية ، لأنها المحاولة الوحيدة الجادة، التى دونها دخول "دينهم" الى المتحف..!
قدَّم الأستاذ محمود محمد طه لفكرة تطوير التشريع الاسلامي قائلاً: " الاسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين".. ورأى أن حل التناقض القائم بين الواقع التاريخي والنص المقدس، يكمن في الانتقال من نص إلى آخر داخل القرآن، وذلك بتحكيم آيات الاصول بدلاً عن آيات الفروع، أي تطبيق الآيات التي نسخت بعد الهجرة، وأرجئت حتى يحين وقتها، وأن موعدها الآن قد أزف،، وعليها يجب ان يقوم التشريع الجديد..
تورط الاخوان المسلمون فى دم الاستاذ لأنه دعا الى "الانتقال من نص خدم غرضه حتى استنفده إلى نص كان مدخراً يومئذ إلى ان يحين حينه ".. فتطوير التشريع فى الفكرة الجمهورية ، ليس قفزاً عبر الفضاء ولا هو بالرأي الفج، وإنما هو انتقال من نص إلى نص..
و فكرة التطوير التى قدمها الاستاذ محمود هي ثمرة طيبة للتجربة الصوفية..ان تجربة التصوف السوداني وصلت الناس بعد مخاض طويل، إلى حل من القرآن الكريم يضع حداً لتخلف المسلمين أولاً، ويوقف التطرف الذي يحيق بالعالم جراء التعانف العقدي والعرقي والسياسي.. ففي محك التعامل مع النص، قدمت تجربة التصوف السودانية في كل حقبة تاريخية فهماً متطوراً.. مثلاً، قوله تعإلى: "يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين".. هذه الآية فُهمت في عهد الفونج بأنها " مقاتلة غير المسلمين من الأحباش والشلك ".. وفسرها الامام المهدي بأنها " تحريض للربوع السودانية ضد الاتراك ".. أما تأويل هذه الآية عند الاستاذ محمود ، ففي معنى " مجاهدة الحواس لتتخلق بأخلاق الله "..
عليه، فقد تطور الفكر الصوفي من نقد النص، إلى محاولة تجديد فهمه.. إلى تطويره..
فى عهد الفونج ، كان ابرز مشايخ التصوف هو الشيخ الهميم، وقد فشل أهل الظاهر في تطبيق نصوص الشريعة على حالته، إذ أنه من وجهة النظر الفقهية "خالف كتاب الله وسنة رسوله .. وبدلاً عن حده، فقد أوقع الولي – الهميم – حالة " العطب " على القاضي دشين، بالدعوة عليه حتى "انفسخ جلده".. ولقد اتهم الهميم حينها الفقهاء بمحدودية الرؤية وقصر النظر،، وردد هذه الأبيات:-
"فان كنت يا قاضى قرأت مذاهبا ــــــ فلم تدر يا قاضى رموز مذاهبنا
فمذهبكم نصلح به بعض ديننا ـــــ ومذهبنا يعجم عليكم إذا قلنا "...
معنى ذلك، أن الفقه عند الصوفية هو بعض دين، لذا، فالتمسك الجامد بالنص الفقهي كان فى عهد الفونج، حالة يضيق منها حتى العوام، وتستفز النسوة في مد ألسنتهن بتعيير الفقهاء.. ومثال لذلك ما اورده قلم ود ضيف الله فى الطبقات على لسان ابنة الشيخ دفع الله ابو ادريس: "يا يابا ناس ولد عبد الصادق ملكوا الفنج والعرب.. انت ومحمد اخوي بلا قال المصنف قال المصنف ما سمعنالكم شِي".. وعندما جاء المهدي فى القرن التاسع عشر، سار على نهج أسلافه الصوفية في نقد العقل الفقهي، واتخذ خطوة جريئة بإيقاف العمل بالمذاهب الفقهية الأربعة، واتهمها بأنها "المسؤولة عن إقامة السد في وجه منابع العرفان" .. ومال المهدي على التصوف فألغى التطرق وفرض رؤيته للشريعة بتحكيم المنشور المهدوي..
إذا كان صوفية السودان الأوائل قد فضحوا قصور مذهب الفقه، فان المهدي، على سلفيته، قد ازاح المذاهب واتهمها بالقصور عن تلبية حاجيات عصره.. ولو كانت نصوص المذاهب، وهي ما ينادي به الفقهاء الآن، إذا كانت هي طريق الخلاص فما الذي يجعل الامام المهدي يلغي مراجعها الأصيلة..؟
هكذا كان المهدي، أكثر تقدمية من الأخوان المسلمين، الذين تنحصر مواقفهم بين الترويج لآراء الدكتور حسن الترابي بميزان البعد أو القرب من نصوص المذاهب الموروثة.. والمعلوم أن مؤلفات الترابي في عناوينها "تجديد أصول الفقه، تجديد الدين"، وفي جوهرها المشايع للاسشتراق، على ثوريتها، تنتكس في بيعة النميري إماماً للشريعة ، و حيث لا يجد سبيلاً لنشرها في الناس الا بسلطة انقلابية قاهرة..!
و هنالك موقف متناقض، يتبناه بعض ذوي السمت الديني من غير الاخوان، ويشايعهم فيه بعض اهل " الثقافة ".. فهؤلاء يستميتون فى الدفاع عن مهدوية المهدي الذي أوقف العمل بالمذاهب الاربعة، وفى نفس الوقت يرفضون دعوة الاستاذ محمود الى " استبدال النصوص المدنية بالمكية "..!
و هناك من هو أسوأ حالاً من هؤلاء وأولئك.. كان الاستاذ محمود قبل ابتسامته الحية ، يردد كثيراً ، قول ابن الفارض:ـــ
" وعن مذهبي، لما استحبوا العمى على الهدى ـــــــ حسـدا من عـنـد أنفـسهم ضلــوا
فهــم في الســـرى لم يبـرحــوا من مــكانهم ـــــــــ وما ظعنوا في الســير عنه وقد كلوا "..! |
http://www.altaghyeer.info/ar/2013/columns/2689/
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: الكلمة الجريئة لا يمكن ان تصدر الا من شخص صادق وشجاع،ويعلم ان الجهر بها علنا في زمن العقول الخاملة والخربة،تقود الي المشنقة ،لانها لا تتحمل النقد والحوار،لاعتيادها علي الطاعة العمياء وتجميد النقد والحوار،هذا ما قاد الاستاذ المناضل محمود محمد طه الي السجن والمشنقة،قتلوه لانهم فشلوا في الحوار معه،فكرهم المتجمد وقف عقبة التعاطي معه،وما كان الا ان يلفقوا ضده جريمة الارتداد والكفر،ويضغطوا عليه باعلان التوبة.ان محمود كان يدرك خطهم،رافضا الابتزاز الديني،ومدركا ان مدرسة تطبيق الشريعة الاسلامية،الهدف منها الاذلال وتكسير اجنحة الشعوب السودانية،ولان الشريعة تطبيقها يحتاج الي مراحل طويلة،لم يصلها السودانيين بعد،وليست الشريعة المستهدفة للفقراء والبسطاء،قطع الايادي والارجل والجلد.ان الحركة الاسلامية بقيادة الترابي في فترة حكم امير المؤمنين جعفر نميري،كما اطلقوا عليه زورا وزيفا. لقد مات الاستاذ الجمهوري محمود،وهو يعلم انه يقدم نفسه فداء للسودانيين،وتنبأ بفترة عصيبة يمر بها السودان في زمن حكم الحركة الجبهة الاسلامية،وما قاله كان واقعا تعيشه البلاد،لربع قرن من حكمه الديني العنصري والبغيض،وهي تجربه يعيشها السودانيين.وجاء الانقلاب الاسلامي بمشروع حضاري اسلامي يريد ان يغير المعادلة السياسية الداخلية والاقليمية،وفتح الحديقة الخلفية الجنوبية للسودان،لنشر الاسلام في مداخل افريقيا الجنوبية ونشر فكر ديني وهمي وشريعة اسلامية كجيفة نتنة،تعافها النفس البشرية السوية.واغلقوا منافذ الحوار وفتحوا طرقات للحرب الدينية في الجنوب ومناطق اخري،وبشروا بالشهادة الا لهية وفردوس مفقود وجنان خيالية تحيط بها نساء حور العين،فعراب الانقلاب ومنفذه لايريدون النساء في الفردوس الاعلي،بل خدعوا الشباب وزجوا بهم في مهالك التكتيكات السياسية الدينية.كان الاولي لها ان تحارب الفقر والعوز،اذا كان مشروعها ديني،لكن الزيف والخداع،هو عنوان الاسلامويين والتمسك بقشور الاشياء،بدلا من البحث حول الحلول الناجعة والجريئة.مات محمود من اجل كلمة يؤمن بها،ومات شباب الا نقاذ من اجل مشروع لا يعرفونه،اخذتهم الغيرة العمياء،وجنة كبارهم ليسوا مقتنعين بها،ادخلوهم في الدوامة السماوية،بابدية البقاء والمتعة،وبقوا علي كراسي السلطة والقصور،وشراء الفلل وتحويل اموال السودان الي الخارج.شهداء الانقاذ خدعوا بكذبة المشروع وراحوا ضحاياء الغش الديني،واما محمود محمد طه مات شهيدا بفكره الحر. [email protected]
|
الشهيد محمود محمد طه وشهداء البشير ، ما الفرق ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: بعد 29 عاما علي اعدامه : الاستاذ /محمود لغز التاريخ و الحياة في السودان 01-19-2014 11:46 AM ما انضر وجهك ...ما اجمل الانسان فيك...ما أطيب ذكر الله(سبحانه) و رسوله(ص) في فيك لا اقول انك عبدت الله ليلة اعدامك قدر عبادة الخلق بعد محمد(ص) ادركت كم كنت فرحا يوم اعدامك لانك ستلاقي من احببت و كان فيك انسان كامل بين اللاهوت و الناسوت.... حب الله لنبيه المسيح كان ابتلاء الصلب....فرفعه(ما قتلوه و ما صلبوه) وانت يا اجمل و انبل من خلق في ارض كوش كنت و ستظل في صلب التاريخ....صاحب تلك الابتسامة ليس لمن شدوا حبل شنقك ....و لكن لمن برأك و هو حتما ملاقيك...كانت امسية شتوية باردة عشية رحيل الاستاذ من سافل الوجود الي عاليه...احد تلاميذه علي مقربة من مقهي النشاط يتحدث عن مصير الاستاذ و افاعي التطرف و الجهل يسألون بغباء هل سيموت محمود غدا؟منهم من ضرب الاخوة الجمهوريين بعنف بعد اركان النقاش بعد مل شل عقلهم نور الحقيقة و من كذب و قصف و قال قول لا تعرف هل هو من است او من فم....العالم الآن ليس بدونك....فما قلته نعيشه....صعود التطرف و نهايته المفجعة....ذهاب الشيوعية.... وما يجري في الشرق الاوسط...كل المحاججات التي كان الفكر الجمهوري طرفا فيها انتصر فيها و اقام الحجة و هم كانوا يتحسسون البندقية و يشدون الحبل و يطلقون عبارات التكفير و ارتد الامر عليهم وبالا في الدنيا و الآخرة علمها عند مليك مقتدر....تبقي ذكراك كل لحظة كأنك لم تذهب....و ما قلته ها هو ساطعا وسط الكذب و النفاق و شرائع سرقة الروح و المال ....لقد كان اغني من كل اثرياء العالم و هو في قمة زهده و لا يملك فائض....في حلته البيضاء البسيطة و بشر وجهه المضيء...كان اليقين الذي تجرع الحق و عاشه ...اشجع من ولدت حواء كما قال جلاده المأمور بشنقه....الفكر الجمهوري يظل هو الفكر السمح الطيب...و يظل هو المخرج من ازمة السودان و فتنته التي اقامها الشياطين الذين اغتصبوا السلطة و المال و قالوا انا نقيم شرع الله....انتشر الفساد و المرض الروحي و العنف و المحسوبية و مزقت البلاد. هل ادرك الاستاذ/ محمود ما يريده له الله و هل للقائم عقلهم علي الفكرة ذات الجرأة الفكرية التي امتاز بها الاستاذ و تجعلهم يعبرون بالبشرية من وحل الضياع الروحي و المادي باختراقات فكرية تشعل شمعة الحياة في ظلام الحضارة البشرية التي تتهاوي الي افاق الاشراق و النور....ان الحامل المادي للفكرة يموت ....لكن الفكرة لا تموت...لا نقدسه لكن لم يخطيء الاستاذ يوما في موقف فكري او سياسي ارتبطت عنده السياسة بالفكر المحض و هو دبارة السير في طريق محمد(ص)و التمثل به الي حد الاطلاق...و ما يهم هو كيف كان للاستاذ ان يقرأ حقيقة ما يجري في نفسه و في السودان و العالم....و برفضه التعامل مع الجهلة الذين قضوا باعدامه رغم عدم كرهه لهم...رغم معرفته لمصير جسده؟ نقل رسالة لنا ندرك كل يوم تفاصيل جديدة فيها...و تتسع كل يوم المشاهدة لفكره و الذين لم يولدوا عند اعدامه يعرفون اليوم ما كان يقول و يفعل...كل عام و لحظة ستتسع امواج فكره و ما يقول هنا و هناك..و القتلة جهلة التاريخ سيظلون في نوبات الجنون و الضلال و البعد عن جوهر الدين.... عثمان أحمد عثمان [email protected] |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
من الراكوبة نقلا عن صحيفة الميدان كتبت مديحة عبدالله رئيس تحرير صحيفة الميدان
Quote: الاستأذ محمود محمد طه …شكرا 01-19-2014 07:09 AM
29 عاما مضت على اغتيال شهيد الفكر والمبادئ الاستأذ محمود محمد طه , الأيادى التى اغتالته هى ذاتها التى قبضت على مفاصل الثروة والسلطة فى السودان وعبرالانقلاب على نظام ديمقراطى , وسارت على نهج القتل للخصوم وزاحتهم من الطريق بالعنف والقمع , خسر السودان كثيرا بوصول الاسلام السياسى الى سدة الحكم , لكنه اكتسب خبرة منيعة ووعى لن يتراجع بكذب وضلال كل من يتحدث باسم الدين ويعطى نفسه الحق فى خلافة الله على الارض , كل تجارب الاسلام السياسى فى العالم العربى وفى افريقيا لم تقدم حتى الان تجربة مغايرة تعكس ولو قليلا من الصديق او الاتساق بين الفكر والممارسة .
الاستأذ محمود محمد طه بعينه الفاصحة وذهنه المتقد وجسارته غير المحدودة كشف عن طبيعة الاتجاه الاسلامى وليس ذلك وحسب بل قدم قراء ة لحاضر ومستقبل السودان فى حالة هيمنة الاتجاه الاسلامى على مقاليد السودان , وتكاد قراءاته تنطبق على واقع السودان تماما , ويكاد مستقبل الاتجاه الاسلامى الذى تنبأ به ينطبق على واقع هذا الاتجاه الذى ربط مصيره بمصير السودان .
واجبنا أن نعمل لحماية السودان من الانهيار وأن نسعى لتعزيز قيم الديمقراطية والاستنارة وحرية التفكير , ذلك هو الطريق الوحيد الذى يحفظ إرث الاستاذ وإرث الاستنارة فى السودان الذى ساهم فيه قادة سياسيين ونقابيين ورجال ونساء فى مجالات اكاديمية وبحثية وفكرية , لقد خاب سعى الذين سعوا لاسكات صوت الاستاذ محمود لان تاريخه ومساهماته ظلت مثل المنارة تهدى السبيل عندما يشتد الظلام وهنا نحن نفعل وعيننا على المستقبل بيقين لايفتر ان المستقبل للفكر الحر والجسارة التى جسدها الاستاذ محمود , استاذنا محمود شكرا وعاشت ذكراك .
الميدان
|
http://www.sudaneseonline.com/articles-action ... -44618.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: يناير الجاري يوافق مشهد اعدام محمود محمد طه .. (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا)..
:قل هذا سبيلي ومن اتبعني : مقارعات فكرية
تحت مظلة الآية الكريمة اعلاه ، نفتح باباً واسعاً للنقاش حول افكار ومباديء زعيم الحزب الجمهوري الراحل محمود محمد طه حتى لحظة اعدامه الذي يوافقه 18 من الشهر الجاري، فمن كان لديه علم فليخرجه لنا، وإلا فليصمت، ولا مزايدة ولا التفاف حول الآية المقدسة إلا من كان يعلم ظاهراً من الحياة الدنيا، وذلك هو الضلال البعيد.
الفاتح محمد الأمين
الاستاذ عبد الله الفكي :
الطرف الأغر: نود الوقوف معك عند واحدة من أهم القضايا، التي تناولتها في كتابك: (محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف، وتزوير التاريخ)، وهي قضية الخفاض الفرعوني التي قادت لثورة رفاعة في سبتمبر 1946م. لقد أحدثت قضية الخفاض الفرعوني، ولاتزال، جدلاً واسعاً ومستمراً. ولأهمية هذه القضية، وفي سبيل تنوير الرأي العام عن موقف الأستاذ محمود محمد طه، طرح «الطرف الأغر» على مؤلف الكتاب العديد من التساؤلات على رأسها: ما هي قصة ثورة رفاعة؟ ومن هم قادتها؟ وما هو السبب الأساسي لقيام الثورة عام 1946م؟ متي صدر قانون الخفاض الفرعوني؟ وما هي الجهة التي أصدرته؟ ما هو موقف الأستاذ محمود من قانون الخفاض الفرعوني؟ وما هو موقفه من الخفاض الفرعوني في حد ذاته؟ كيف تمت محاكمة الأستاذ محمود؟ ومن هو القاضي الذي حاكمة؟
فأجاب المؤلف عبدالله الفكي البشير عن هذه التساؤلات قائلاً:
ظل موضوع، ثورة رفاعة- الخفاض الفرعوني، من أكثر الموضوعات الجدلية في سيرة ومسيرة الأستاذ محمود النضالية، التي غشيها مثقفو السودان، على قلة تناولهم للقضايا الأخرى في مشروع الأستاذ محمود. لقد اتسم تناول المثقفين لثورة رفاعة/ الخفاض الفرعوني، بعلتين أساسيتين، العلة الأولى: أن المعلومات التاريخية عن الثورة لم تكن دقيقة ومغلوطة عند بعضهم، ومن الطبيعي أن تختل نتائج الدراسة التي لا تقف على المعلومات وحقائق التاريخ في مظانها، ولهذا لم يتعاطَ هذا الفريق مع ثورة رفاعة على أساس أنها ثورة ضد المستعمر البريطاني. لقد صور الاستعمار ثورة رفاعة بأنها ثورة ضد عادة منع الخفاض الفرعوني، فجاز ذلك على جل المثقفين، بينما الأمر لم يكن كذلك. أما العلة الثانية التي عانت منها الدراسات والمقالات التي تناولت ثورة رفاعة: فهي المنهج الذي استخدم من قبل الدارسين في دراسة ثورة رفاعة/ الخفاض الفرعوني. وقد فصلت ذلك في كتابي.
إنشاء المجلس الاستشاري لشمال السودان وانطلاق ثورة رفاعة
وعن قيام ثورة رفاعة يقول عبدالله الفكي البشير: قامت ثورة رفاعة في سبتمبر 1946م، بقيادة الأستاذ محمود على إثر قانون الخفاض الفرعوني، الذي أصدره المجلس الاستشاري لشمال السودان في ديسمبر 1945م، ذلك المجلس الذي أنشأته الإدارة الاستعمارية في عام 1943م. وقد هدف إنشاء المجلس إلى التحايل على نيل الاستقلال، وتقسيم الوطن، وشق الصف الوطني، وتشويه صورة الأمة السودانية. وقد كتب الأستاذ أحمد خير في كتابه: كفاح جيل: تاريخ حركة الخريجين وتطورها في السودان، قائلاً: (أصدرت (الإدارة الاستعمارية) في سبتمبر 1943م قانوناً بإنشاء المجلس الاستشاري لشمال السودان... ولد المجلس الاستشاري ضعيفاً في روحه،... والواقع أن المجلس لم يمثل الأمة التي أسس ليقوم على شؤونها أو بعض شؤونها لا في أقليته أو في أكثريته. ولم يحاول أن يعبر عن مشاعرها في أي صورة من الصور). وعن القوانين التي أصدرها المجلس، يقول أحمد خير المحامي: «فالمسألتان اللتان عرضت فكرتاهما عليه- قانون الخفاض، ولوائح تعاطي الخمور – صدر فيها عن رأي جاء دليلاً قاطعاً على فقدان حرية الرأي في رحابه. فمن السخرية أن يوافق أعضاؤه على قانون يعلمون علم اليقين أنهم أنفسهم سيخالفونه، لتعارضه مع تقاليد لم تفقد حتى الآن احترامها في نفوس الكثرة الغالبة). هذه كانت رؤية الأستاذ أحمد خير عن القانون وعن مدى تعارضه مع التقاليد.
تصدى الأستاذ محمود مقاوماً لقيام المجلس الاستشاري لشمال السودان، ورأي في قيامه تقسيماً للبلاد، وعارض كل القوانين التي صدرت من ذلك المجلس. لقد أوضح الأستاذ محمود ق موقفه منذ البداية عن قانون الخفاض الفرعوني، مبيناً أن الحزب الجمهوري استغل قضية الخفاض الفرعوني ووظفها ليثير الشعب، وفي هذا فإنه لا يدافع عن الخفاض الفرعوني، يقول الأستاذ محمود: «مواجهة الاستعمار استغلينا فيها قضية الخفاض الفرعوني اللي شرّع ليهو المجلس التشريعي، وأخرج سفر بقانونه. هاجمنا السفر دا في منشور، فكان سجن. السفر لمن طبق في الحادث بتاع رفاعة المشهور، هاجمناه فكان سجن آخر، ستة وأربعين. ناس كتيرين يقولوا الحزب الجمهوري بدافع عن الخفاض الفرعوني، لكن دي لغفلة، ظهرت في الصحف في أيام أخيرة). ففي يوم ديسمبر 1945م حينما صدر قانون الخفاض الفرعوني، أصدر الأستاذ محمود رئيس الحزب الجمهوري في يوم 10 ديسمبر 1945م بياناً بعنوان: «بيان الحزب الجمهوري عن مشروع قانون الخفاض الفرعوني»، قال فيه: (لا نريد بكتابنا هذا أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني ولا نريد أن نتعرض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السودان والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم الى يومنا هذا ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة وأساليب خاصه وسنناً خاصة سنتها حكومة السودان أو قل ابتدعتها إرغاماً). ثم تساءل الأستاذ محمود في بيانه بشأن قانون الخفاض الفرعوني، تحت عنوان جانبي: «لماذا أثيرت مسألة الخفاض الفرعوني»، قائلاً: «للسائل أن يسأل لماذا أثارت الحكومة مسألة الخفاض الفرعوني؟ وله أن يسأل لماذا أثيرت في هذا الوقت بالذات – وله أن يسأل أيضا لماذا أثيرت في البرلمان الإنجليزي- ولماذا تبودلت الرسائل في شأنها...؟، ولماذا لجأت الحكومة إلى القانون لإبطالها؟ ولماذا كانت هذه الصرامة في القانون؟) ثم تحدث الأستاذ محمود عن الاجابات على هذه الأسئلة وأوضح قائلاً: «نعم للسائل أن يسأل هذه الأسئلة وله أن يقتنع بأي رد يقال له إذا كان على جانب من البساطة والسذاجة وضيق الأفق، ولكن الذين علمتهم التجارب أن يستشفوا الحقائق الكافية وراء كل حركة تقوم بها حكومة السودان، لن يجدوا ما يبرر قبولهم للرد القائل بأن المسألة قد أثيرت إشفاقاً بالمرأة، لانهم لا يجدون أثراً لمثل هذا الإشفاق في مدى الخمسين عاماً التي مكثتها حكومة السودان، وتقصيرها ظاهر ملموس في ناحيه المرأة التعليمية والاجتماعية والصحية). ثم تناول الأستاذ محمود ادعاء المستعمر الشفقة على المرأة والسعي لتطوير حياتها وتحديثها، وكان الأستاذ محمود يرى أن التطوير والتحديث والتوعية لا تتم بالقانون وإنما بالتعليم. يقول الأستاذ محمود في بيانه الذي نحن بصدده: (أما من الناحية التعليمية فالحكومة قد تجاهلتها وأسقطتها من حسابها ردحاً من الزمان ولم تتبرع في تعليمها الا مؤخراً ولأنها لما بدأت تعليمها ضيعته لدرجة مخجلة مزرية وحصرته في التعليم الأولى وفي معهد واحد آخر يرتفع قليلاً في مستواه على مستوى المدارس الأولية، اضطرت لإنشائه للحصول على حفنة من المعلمات ليقمن بمهمة التدريس في تلك المدارس، ولأنها حين وضعت البرنامج لهذا القدر من التعليم، لم تراع فيه ما يجب مراعاته في تعليم بنت مسلمة في قطر إسلامي ولم تعدها لتدبير بيت منتظر وتعهد طفولة مرتقبة وسياسة زوج لا يمكن أن يربطه بوكر الزوجية سوى خلق قويم. وأما من الناحية الصحية فلأنها لم توفر طبيباً سودانياً واحداً من أطبائها للتخصص في أمراض النساء وعلى كثرتها- ولم تلتفت أقل التفات، وعدم اهتمام الحكومة بناحية التعليم والصحة والبقاء هو ما يدعو الحذر للجزم بأن المسألة لم تثر إشفاقاً بالمرأة). أوضح الأستاذ محمود في البيان الذي أصدره بشأن قانون الخفاض الفرعوني في ديسمبر 1945م، قبل حدوث ثورة رفاعة، أن العادات الموروثة منذ أمد بعيد لا تحارب بالقانون وبالبوليس، وإنما بالتعليم والتنوير والتوعية. وليس بالإعلان عن القانون ثم تطبيقه فوراً على أناس لم يسمعوا به، دعك من شرحه لهم وتنويرهم به. قال الأستاذ محمود: (لاشك أن مجرد التفكير في الإلتجاء الى القانون للقضاء على عادة مستأصلة في النفوس، استئصال الخفاض الفرعوني، دليل قاطع على أن حكومة السودان، إما أن يكون قد رسخ في ذهنها، أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ وعقيدة، أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي أن السودانيين قوم متعنتون وان تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الهمجية، هو التعنت الذي وقف في سبيلنا وشل أيدينا عن استثمار الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والاستفادة من مياه الدندر والرهد والأتبرا والتوسع في التعليم).
وفي الواقع إذا ما وقفنا على مصادر المعلومات في مظانها بدار الوثائق القومية السودانية، نجد أن الكثير من طلائع المتعلمين وقتئذ، موقفهم مشابهاً لموقف الأستاذ محمود، كما ورد عند أحمد خير في، وكما عبرت عنه صحيفة الرأي العام في افتتاحيتها في يوم الأربعاء 16 أكتوبر 1946م، تحت عنوان: «دعوى لا نقرها»، قائلة: (إن عادة الخفاض، كعادة رسخت أقدامها في بلادنا قروناً وآماداً طويلة، لا يمكن أن تزيل آثارها أو تزحزح اعتقادات النساء فيها أمثال هذه الزيارات (في إشارة لزيارات بعثات الدايات) العابرة الخاطفة. والدعاية المثمرة، هي تعليم مستمر منتظم، بحملات تعليمية ذات برامج منظمة ثابتة تعالج هذه المشكلة في كل جهات السودان في سلسلة من الدعاية المنظمة المثمرة، وتستمر هذه الجهود السنين الطوال حتى نستطيع أن نقول أن الحكومة قد قطعت شوطاً كبيراً في ميدان الدعاية). ولكن قد تغيرت هذه المواقف إثر تطورات الأحداث في اتجاه المواجهة والمقاومة للمستعمر.
وحتى نقف على الحقائق والمعلومات في مظانها بحيل القارىء إلى التحقيق الصحفي الذي نشرته صحيفة الرأي العام، في 25 سبتمبر 1946م،
تحقيق صحفى (لمندوب الراي العام الخاص) عن حوادث رفاعة»، صحيفة الرأي العام، العدد: 451، بتاريخ 25 سبتمبر 1946م، الخرطوم.
نص تحقيق صحيفة الرأي العام عن حوادث رفاعة عام 1946م
ثورة رفاعة: أصل السبب
(المنين الحاكم) امرأه من ساكنات رفاعة مات عنها زوجها منذ شهرين تاركا لها أطفالاً منهم بنت فى السادسة من عمرها. وفى حوالى أول سبتمبر الحالي أجرت المرأة لبنتها المذكورة عملية الخفاض الفرعونى منساقة مع عادة تناهت في القدم هنا في السودان وقد وصل خبر خفاض البنت إلى المساعد الطبي برفاعة الذي أبلغه بدوره إلى مفتش مركز رفاعة المستر ديك فاستدعى المرأة وحكم عليها بأربعة شهور سجناً لمخالفتها قانون منع الخفاض الفرعوني وكان ذلك في يوم 7/9/1946م.
استياء الجمهور
وعندما علم الجمهور محاكمة المرأة استاء لها كل الاستياء وارسل تلغرافات الى المفتش ممضاة (أهالي رفاعة) يحتج فيها على هذا العمل الفريد في نوعه فى تاريخ البلاد ويطلب من المفتش أن يسمح لأربعة من ممثلي الأحزاب لمقابلته غداً 8/9/1946م للتفاوض معه في هذا الموضوع الدقيق. وفى التاسعة من صباح اليوم المذكور ذهب الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهورى وحسين كرقلى رئيس لجنة المؤتمر الفرعية وعبدالله لطفى مندوب حزب الأمة فقابلوا المفتش وتناقشوا معه فى الأمر وقال لهم أنه يقبل ضماناً يطلق بموجبه سراح المرأة نهاراً على أن تعود الى السجن ليلاً ولكنهم عرفوه أنها إمرأة مسكينة وزوجها مات قريبا وأنها لم تكمل عدة الحبس الشرعي وأنها ذات أطفال لا كافل لهم سواها. وعندئذ قال لهم المفتش انه سيطلق سراحها بضامنين فتقدم محمد المكي ومحمد حامد للضمانة فأمضياها وانصرف الناس والمرأة .
إعادة قبض المرأة
وفى يوم الخميس 19?\?9?\?1946م أمر المفتش بالقبض على المرأة مره أخرى واودعت السجن برفاعة ولم يعلم الجمهور في نفس اليوم بخبر إعادة قبض المرأة ولكن النبأ انتشر في اليوم التالي الذي هو الجمعة وتذاكر الناس أمر هذه المرأة في المسجد عقب الصلاة فذهب فريق منهم يقدر بثلاثمائة الى المركز وطلبوا من نائب المأمور قاسم أفندي محمد الامين أن يطلق سراح المرأة ويسجنهم جميعا بدلاً عنها فتناول نائب المأمور التلفون وتكلم مع المفتش الذي كان بالحصاحيصا آنذاك وبعد قليل قال لهم أن المفتش أمر بإطلاق المرأة وسجن الضامنين مكانها ولكن الجمهور رفض وقال إما أن نسجن جميعا وإما أن نطلق جميعا.
وازاء هذا الإصرار جاء الأمر من المفتش بإطلاقهم جميعا وعلى ذلك تفرق الجمهور .
القبض مرة ثالثة
وفى الساعة الثانية عشرة من ليل الجمعة ذهب العمدة محمد عبدالله أبوسن ومعه أحد الخفراء الى منزل المرأة ونادى أخاها ( محجوب حاكم) الذى يشتغل بوليسا في مركز رفاعة وأمره أن يخرج المرأة ليحتفظ بها العمدة في منزله وأخرج المرأة وهي في ثياب النوم، رداء دون إزار، واخذها العمدة والخفير الى حيث أعد لها مركبا ينقلها الى الحصاحيصا ومنها الى مدنى .
غضب الجمهور
ولما علم الجمهور بأخذ المرأة ليلاً غضب غضباً شديداً وقدر أن المرأة لابد أن تكون في الحصاحيصا ولذلك اتجه كل من سمع بالخبر، صوب الحصاحيصا.
وقد استطاع بعضهم في الصباح الباكر أن يعبر النهر ليقابل المفتش فى الحصاحيصا وتوالى بعد ذلك تدفق الجمهور نحو النهر ولكنه وجد أن المراكب ممنوعة من العبور فذهب أفراده إلى رفاعة واحضروا مراكب عبروا عليها وقد لقيت طلائعهم الفئة التي عبرت أولا وقابلت المفتش وعرفتهم انها لم تصل الى نتيجة فاتجهوا جميعاً صوب مركز الحصاحيصا لمقابلة المفتش ولكنهم وجدوا بابه موصداً فاخذوا يقرعونه دون أن يفتح لهم ولما يئسوا أخذوا يقرعون النوافذ والأبواب بالعصي.
وفى تلك الاثناء حضر المستر هوكسويرث نائب مدير الجزيرة وأبدى تذمره من هذا العمل وقال إنه لن يستمع ما لم ينسحب الجمهور وفعلاً انسحب الجمهور وخف منهم نحو عشرة أشخاص لمقابلته، ولكنه أخذ يطيل معهم الحديث، وقبل أن ينتهوا الى نتيجة ما، حضرت قوة من بوليس ودمدني مسلحة بالبنادق والسياط والدرق، وأخذت في تفريق الجمهور، وكان عددهم نحو ثمانين بوليساً ولكن الجمهور أقتحم نطاق البوليس وأستطاع بعض أفراده أن يقابلوا المستر هوكسويرث مرة اخرى، وقد قال لهم أن المرأة ستسجن فى مدني ولما سمعوا ذلك ثار ثائرهم وأخذوا يحطمون الابواب والنوافذ بالعصي والحجارة وأصاب حجر زجاج عربية المفتش فحطمه ولما رأى المستر هوكسويرث هذا الأمر قال لهم انه أمر بفك المرأة. وفعلا حضرت بعد وقت قليل عربة من مدني تقل المرأة فأخذها الجمهور وانصرف بها.
وصول قوات الجيش
ومضى يوم السبت باكمله هادئاً وكذلك صبيحة يوم الأحد ولكن في حوالي الساعة الثانية عشرة وصلت رفاعة ست عربات محملة بالجيش أخذت تطوف بالطرقات والسوق بقيادة بكباشي بريطاني وضابطين سودانيين ولما رأى الناس هذه القوة تجمعوا يدفعهم الفضول لاستطلاع غرضها وكان بعضهم يظن أنها جاءت لاعتقال المرأة وفعلاً ذهب فريق منهم للاطمئنان على المرأة فوجدوها في منزلها وقد انفصلت عربتان صوب الديم وكان معهما عمدة رفاعة وبعد قليل احضرتا الأستاذ محمود محمد طه.
وقد اتجه الناس صوب المركز لمعرفة شىء عن ذلك ولكنهم وجدوا الجنود قد سبقوهم إلى المركز وأنشؤوا استحكامات ووضعوا مدفعين رشاشين في أعلى بناية المركز واحتشد صفان من الجند أمام المركز ووضعوا أربعة من رجال البوليس المدني في الطريق.
ولما بلغ الجمهور موقف رجال البوليس انسحب الأخيرون إلى حيث تقف قوات الجيش ويظهر أن انسحاب البوليس أوحى إلى رجال الجيش أن الجمهور يريد الهجوم عليهم فأطلقوا طلقتين في الهواء ثم أطلقوا بعدها أسلحتهم فى الهواء.
فوقف الجمهور فى مكانه وأخذ بعض الناس يهدأون بعضهم واثناء ذلك انفرط إسماعيل على العشرابى وهو صبى في العاشرة من عمره وتقدم إلى القوة فقبض عليه ولما رأي بعض الشبان ذلك تحفز ثلاثة من الشبان الذين تجاوزت أعمارهم العشرين وتقدموا صوب القوة فاطلق الجند الرصاص فى الارض فوقف الشبان مكانهم ولكن الجندي أخذ يضرب بالرصاص فكسرت رجل البدرى عبدالرحمن واخترق الرصاص عضلة ساق عطية عبد السيد وأصيب اثنان في أرجلهما وهما حسن العمرابي والجيلي عباس كما أصيب أحد الناس فى عينه وآخر بخدش بسيط، واخذ الجمهور جرحاه وانسحب وكان ذلك فى الواحدة والنصف بعد الظهر ولم يعالج هؤلاء حتى السادسة مساء حيث جاءت عربة فأخذتهم إلى حيث ضمدت جراحهم في المرفق الطبي للقوة وسيق بعضهم إلى أبى عشر للعلاج وقد أنصرف الناس في الثانية والربع.
المعتقلون
وقد تم اعتقال بعض الناس من رفاعة والحصاحيصا منهم الأستاذ محمود محمد طه وشقيقه مختار محمد طه فوضعوا في سجون رفاعة والحصاحيصا ومدني. ولم يقع بعد ذلك شىء. وما زالت الحالة الآن هادئة وتعسكر القوات خارج رفاعة ومنع الخروج من المدينة إلا بتصريح. (انتهى نص التحقيق الصحفي). هذا هو نص التحقيق الصحفي الذي جاء عن ثورة رفاعة في صحيفة الرأي العام السودانية، دون تدخل مني في النص، سوى إضافتي لمقولة الكاتبة سارة ضيف الله في صدر التحقيق.
في الحلقة القادمة نقف عند المحكمة الكبرى التي عقدت لمحاكمة قائد ثورة رفاعة. متناولين ما جرى في المحكمة، وقاضي المحكمة، والمرافعة التي قدمها الأستاذ محمود بنفسه أمام المحكمة، رافضاً تدخل المحامين للدفاع عنه. إلى جانب موقف الأكاديميا من قضية الخفاض الفرعوني/ ثورة رفاعة.
http://akhbarelyoumsd.net/news/index.ph ... andItemid=92 |
نقلا عن أخبار اليوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا)..
تداعيات مظاهرات رفاعة (1946 م ) محمود محمد طه يرفض الدفاع عنه
بواسطة محامين بما فيهم أحمد خير وزيادة أرباب ومبارك زروق !
:قل هذا سبيلي ومن اتبعني : مقارعات فكرية
تحت مظلة الآية الكريمة اعلاه ، نفتح باباً واسعاً للنقاش حول افكار ومباديء زعيم الحزب الجمهوري
الراحل محمود محمد طه حتى لحظة اعدامه الذي يوافقه 18 من الشهر الجاري، فمن كان لديه علم فليخرجه لنا، وإلا فليصمت، ولا مزايدة ولا التفاف حول الآية المقدسة إلا من كان يعلم ظاهراً من الحياة الدنيا، وذلك هو الضلال البعيد
الطرف الاغر /الفاتح محمد الأمين
ثورة رفاعة والخطاب الاعلامي للمستعمر
يقول الأستاذ عبدالله البشير: إن ثورة رفاعة خضعت للخطاب الاعلامي للإدارة الاستعمارية، في نعتها وتصويرها. فقد نعتت الإدارة الاستعمارية ثورة رفاعة، وصورتها بما يحقق مصالح الاستعمار في تضليل الرأي العام وتغييب الحقائق. فإذا ما تتبعنا صحيفة الرأي العام في شهري سبتمبر وأكتوبر من عام 1946م، فإننا نجد أن الحديث بدأ عن ثورة رفاعة، بنعتها وتوصيفها بأنها: (احتجاجات في رفاعة) ثم تبع ذلك نعت: (حوادث رفاعة) ثم (الاضرابات في رفاعة) ثم (مأساة رفاعة). والملاحظ أن كل هذه النعوت والتسميات والتوصيفات إيجابية في اتجاه الثورة والدعوة للتحرير، واستغلال القضية واستثمارها في سبيل المقاومة للمستعمر ومواجهته كما كان يرى الأستاذ محمود. لم يستمر الحال كذلك، ففي صباح يوم 7 أكتوبر 1946م أصدرت الإدارة الاستعمارية بياناً، نُشر في صحيفة الرأي العام، فجاء بوسم ونعت جديد لثورة رفاعة، فقد وصف البيان ثورة رفاعة ووسمها بـ (الشغب في رفاعة). ومنذ ذلك اليوم أصبح نعت ثورة رفاعة وتوصيفها في الاعلام والصحف هو (الشغب في رفاعة). هذا الأمر القى بظلاله ليس على الأحداث وقتئذ، وإنما على الدراسات حتى تاريخ يوم الناس هذا. إن ثورة رفاعة، لم تكن كما صورها المستعمر، وجاز على بعض المثقفين وجل المؤرخين. فقد كانت ثورة حقيقة. استدعت الإدارة الاستعمارية في سبيل قمعها، قوة ضخمة من البوليس والجيش ليس من مراكز مديني رفاعة والحصاحيصا فحسب؛ وإنما جاءت قوة كبيرة من مدينة مدني، وقوة أكبر من البوليس والجيش من العاصمة الخرطوم.
جماهير رفاعة وقائد لا يخذل
ويضيف الأستاذ عبدالله البشير قائلاً: لجأت جماهير رفاعة إلى الأستاذ محمود محمد طه الذي قاد الثورة بجسارة وشدة مراس ومن خلفه الجماهير. فبعد مواجهات واسعة مع قوة البوليس والجيش، في مدينتي رفاعة والحصاحيصا، اختار المفتش بعض الشباب للقبض عليهم، وليس كل الثوار والأبطال. فقد أوردت صحيفة الرأي العام في يوم 28 سبتمبر 1946م أنه يوجد الآن عشرة تحت الحراسة في رفا عة، علاوة على محمود محمد طه، ثم بلغ عدد المقبوض عليه 12 شخصاً. تحدث الأستاذ محمود مفسراً الاختيار الذي تم للمعتقلين، قائلاً: (12 كلهم اختارهم من الشبان الصغار ... اتجنب أن يذكر الشياب في كشفه عشان الناس يقولوا أنهم كلهم أحداث وصغار ومنفعلين ولذلك هم أقرب الى الشغب منهم الى الاحتجاج الرشيد.. تمت الاعتقالات.. بعدين بدت محاكمات).
تابعت صحيفة الرأي العام محاكمات ثوار رفاعة، فنشرت في 12 أكتوبر 1946م خبر محاكمة لستة عشر من المناضلين، قائلة: (صدرت أحكام بالسجن بمدد تتراوح بين شهر وسنة على كل من عباس المكي وعوض القريض وأحمد الأمين ومحمد إلياس والزبير جاد الرب وعبدالعال حسن وأحمد عثمان وحمد النيل هاشم وعلي مالك ومحمد الحاج علي وبابكر وقيع الله وعبدالله حامد الشيخ وحسن أحمودي، ومنصور رجب وعبدون عجيب، وحكم على صبي بالجلد). وفي يوم 19 أكتوبر 1946م نشرت الصحيفة خبراً عن تفاصيل محاكمة ثلاثة من أعضاء الحزب الجمهوري، من ثوار رفاعة، كما تضمن الخبر احالة قائد الثورة، الأستاذ محمود محمد طه إلى محكمة كبرى بمدني. تقول الصحيفة: (أصدرت محكمة الجنايات حكمها على بعض أعضاء الحزب الجمهوري المتهمين تحت المادة (105) وكانت الأحكام كالآتي: عثمان عمر العتباني 3 شهور سجناً، سعد صالح عبدالقادر شهر سجناً، ذو النون جبارة شهر سجناً، وكانت المحكمة برئاسة أستانلي بيكر وعضوية محمد أفندي... مفتش الخرطوم بحري والعمدة... أما الأستاذ محمود محمد طه فقد أحيل إلى محكمة كبرى بمدني).
قائد ثورة وطنية أمام محكمة استعمارية برئاسة القاضي السوداني «أبورنات»!
وعن محاكمة الأستاذ محمود يقول عبدالله البشير: لقد تابعت صحيفة الرأي العام تفاصيل محاكمات قائد ثورة رفاعة الأستاذ محمود. كانت المحاكمة تتم في محكمة كبرى بمدني. وقبل المحاكمة حضر من الخرطوم عدد من المحامين للدفاع عن الأستاذ محمود، منهم: الأستاذ أحمد خير المحامي والأستاذ زيادة أرباب، والأستاذ مبارك زروق (1914م-1965م) وآخرون. رفض الأستاذ محمود مبدأ أن يدافع عنه أحد، أو أن يقف في وجه المحكمة نيابة عنه أي محامي، وقدم الشكر للذين جاءوا للدفاع عنه، وأوضح لهم أن تلك القضية سياسية وسوف يتولى الدفاع عن نفسه بنفسه. عقدت المحاكمة برئاسة القاضي محمد أحمد مصطفى أبورنات (1902م-1979م). وقف الأستاذ محمود أمام المحكمة الكبرى مدافعاً عن الابرياء وعن الوطن وعن الحق والحقيقة، فقدم مرافعة جاءت في أكثر من ألفي كلمة (يمكن الاطلاع على المرافعة كاملة في الكتاب)، قال الأستاذ محمود في مرافعته: (أهالي رفاعة جميعهم أبرياء.. وزملائي الذين سجنوا أبرياء وأنا برىء والمسألة في الحقيقة سلسلة أخطاء من الإدارة من أولها إلى آخرها.. كلما أخطأت الإدارة مرة، وتمسك الناس بحقهم اعتبرته مساساً بهيبتها، فاستعلت وأخذتها العزة بالإثم فقفزت في خطأ آخر هو في زعمها يعيد لها هيبتها في نفوس الناس.. وما علمت أن اجتماع الأخطاء، لا ينتج منه ولا صواب واحد. الوضع الصحيح المجمل لهذه المسألة هو أن الإدارة قد ضربت أهالي رفاعة فصاحوا من ألم الضرب بصوت خفيض، ثم ضربتهم فصاحوا، ثم ضربتهم فصاحوا، فاستاءت من أن يصيح المضروب المتألم، فقدمتنا للمحكمة فكانت هذه المحكمة.. ولو كنا نملك ما تملك لقدمناها نحن لهذه المحكمة، ولكنا لا نملك جيشاً ولا بوليساً ولا سجوناً ولا قيوداً، ولو ترك القطا ليلاً لنام).
أصدرت المحكمة حكمها ونشرته صحيفة الرأى العام في يوم 17 أكتوبر 1946م قائلة: (حكمت محكمة كبرى بود مدني برئاسة القاضي أبو رنات بسنتين سجناً على الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري بتهمة إثارة الشغب في رفاعة كما حكم عليه بوضعه تحت المراقبة لمدة سنة أخرى بعد اتمام مدة سجنه). نطق أبورنات رئيس المحكمة بالحكم، وفي واقع الأمر كان الحكم معداً وجاهزاً سلفاً. ولم يكن أبورنات في هذه المحاكمة، سوى أداة استعمارية، تم توجيهها وتوظيفها واستخدامها ضد ثائر وطني. ولنا الحق في التساؤل عن قبوله محاكمة الأستاذ محمود حين رفض آخرون معرضاً بذلك نفسة ليتهم بأنه أداة استعمارية. إن قبول تولي رئاسة المحكمة في ظل حكم استعماري قد يعني التبني لوجهة نظر المستعمر. ونستطيع أن نفهم موقف أبورنات من قبول تولي محاكم ة الأستاذ محمود، بصورة أفضل عندما نقرأه مقروناً بدراسة التاريخ اللاحق لأبي رنات وسجل أدائه وهو رئيس للقضاء منذ السودنة وأثناء فترة الحكم العسكري الأول (1958م-1964م) وحتى تطهيره كرئيس للقضاء عندما قامت ثورة أكتوبر عام 1964م. (راجع كتاب البروفيسور عبدالله علي إبراهيم: ربيع ثورة أكتوبر 1964م).
ثورة رفاعة وقضية الخفاض الفرعوني والدراسات الأكاديمية
وعن موقف الدراسات الأكاديمية من قضية الخفاض الفرعوني وثورة رفاعة، يقول الأستاذ عبدالله الفكي البشير: بعض الدراسات جاء منفصلاً عن الإرشيف، ومنقطعاً عن مصادر المعلومات ومظانها، ومن الطبيعي أن تختل نتائج هذا النوع من الدراسات. أما البعض الآخر فقد اختلفت نتائجه مع اختلاف المنهج المستخدم. فالدراسات التي استخدمت المناهج البحثية التي تعبر عن حقبة الحداثة، نظرت لثورة رفاعة، باعتبار سببها الخفاض الفرعوني، هي عمل ضد الحداثة، وضد تحرير المرأة، وقد فصل الكتاب في هذا النوع وقدم نماذج منها. أما النوع الثاني: فهي الدراسات التي استخدمت المناهج البحثية التي تتصل بتفكيك خطاب المعرفة الاستعمارية وتتصل بحقبة ما بعد الحداثة Postmodernism ، أكثر من اتصالها بحقبة الحداثة. فهي دراسات استخدمت منهج مدرسة دراسات ما بعد الاستعمار (ما بعد الكولونيالية) Post-Colonialism، ونتائج هذا النوع من الدراسات جاءت متفقةً مع الأستاذ محمود تماماً في مواقفه بشأن ثورة رفاعة وفي أرائه بشأن قانون الخفاض الفرعوني. كما أتفق هذا النوع من الدراسات مع الأستاذ محمود في تفسيره للغرض السياسي لمسألة الخفاض الفرعوني، واتفقت مع ما قال به من تقويم وفي نظرته للكيفية التي يجب أن تحارب بها عادة الخفاض الفرعوني. هذا النوع من الدراسات كان أكثر عدداً من النوع الأول، وقد قام بها علماء وعالمات ودارسات ودارسون سودانيون وغربيون. منهم على سبيل المثال لا الحصر: الدكتورة أسماء محمد عبدالحليم، والدكتورة رقية مصطفى أبو شرف، والبروفيسور عبدالله علي إبراهيم، والبروفيسور ستيف هوارد، والأستاذة ألن قرونبوم، والدكتورة جينس بودي.لقد أشار البروفيسور مدثر عبدالرحيم في كتابه: الإمبرالية والقومية في السودان دراسة للتطور الدستوري والسياسي 1899م-1956م، وهو يتحدث عن ردة الفعل لصدور قانون الخفاض الفرعوني، لما حدث في رفاعة قائلاً: «ووقع على الأقل في بلدة واحدة وهي رفاعة اصطدام خطير بين المتظاهرين والشرطة). وأضاف قائلاً: كما ذكر ميرغني حمزة في المجلس (الاستشاري لشمال السودان) صار الختان الفرعوني يمارس بصورة شاملة حتى على البنات في الثانية أو الثالثة من أعمارهن حالما عرف أن ذلك التشريع قيد الدرس، وبلغ الذروة بعد أن وافق المجلس على القرار). وتحدث مدثر عبدالرحيم ومشيراً لرأي السيد علي الميرغني كما ورد آنفاً.
أيضاً رأت هذه الدراسات أن دعوة الإدارة الاستعمارية إلى محاربة الخفاض الفرعوني بالطريقة التي تمت بها ما هي إلا دعوة استعمارية تفسر في اطار المعرفة الاستعمارية وفي اطار تحقيق الأغراض وخدمة السياسات والمصالح الاستعمارية. ماذا قدم المستعمر لرفاهية المرأة وتحريرها حتى يتلهف إلى تطبيق قانون الخفاض الفرعوني؟ وكيف للقانون أن يعلن وينفذ ويطبق قبل وضع الترتيبات اللازمة من الخطط الصحية والتنويرية والتعريفية لعامة الناس؟. إن قانون الخفاض الفرعوني يفسر في اطار الآثار الاستعمارية. من هذه الدراسة دراسة للدكتور أسماء محمد عبدالحليم، والتي قالت فيها: (إن غرض المستعمر كان هو تحقير الناس وإعادة تشكيل حياتهم وهو لم يكن شريكاً في تقاسيم تلك الحياة). ومن الدراسات أيضاً، دراسة للبروفيسور ستيف هوارد ودراسات للدكتورة رقية مصطفي أبو شرف عن ثورة رفاعة وقضية الخفاض الفرعوني وهي تدرس شؤون المرأة والحداثة والآثار الاستعمارية في السودان الشمالي. خلصت رقية أبو شرف بدورها إلى اتفاقها مع موقف الأستاذ محمود و آرائه بشأن ثورة رفاعة والخفاض الفرعوني. وأكدت رقية أبو شرف على صحة مواقفه. ومن الدراسات المهمة التي أشارت إلى قضية الخفاض الفرعوني دراسة جينس بودي. ودراسة البروفيسور عبدالله علي إبراهيم التي نشرت باللغة الإنجليزية عام 2008م بعنوان: Keep These Women Quiet:” Colonial Modernity, Nationalism, and the Female Barbarous Custom، وترجمة العنوان على النحو التالي: «يا نسوان كفى: الحداثة الاستعمارية، والقومية، وختان النساء البربري». خلص بروفيسور عبدالله في دراسته إلى اتفاق تام مع موقف الأستاذ محمود وأقواله بشأن ثورة رفاعة وقضية الخفاض الفرعوني.
نواصل حوارنا مع الأستاذ عبدالله الفكي البشير في الحلقات القادمة عن قضايا عديدة وموضوعات مختلفة تناولها في كتابه: محمود محمد طه والمثقفون. |
نقلا عن أخبار اليوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: سلام يا.. وطن
حيدر احمد خيرالله
الاستاذ محمود يتساءل : متي عرف هؤلاء رجولة الرجال وعزة الاحرار وصمود أصحاب الافكار ..
في حديث الفداء ... غايتان شريفتان أوقفنا نحن الجمهوريين حياتنا عليهما :الاسلام والسودان ...
استطراد للمشاهد كلها
المشهد القديم يتجدد وتتمدد مساحات الهوس الديني .. يعد المسرح في 18/11/1968م .. ويقف أستاذي علي الخشبة .. مؤمناً وعارفاً وواثقاً وفداء
محكمة الردة الاولي
يوم الاثنين 27/شعبان1388هـ الموافق 18/11/1968م قد دخل التاريخ .. اذ انه ارخ لبدية تحول حاسم , وجذري في مجري الفكر والسياسة والاجتماع وفي مجري الدين في بلادنا.
ففي هذا اليوم انعقدت ما سميت بالمحكمة الشرعية العليا لتنظر في دعوى الردة المرفوضة ضد الاستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري من الشيخين: الامين داؤود محمد وحسين محمد زكي وقد طلب المدعيان من المحكمة الاتي:
(أ) اعلان ردة محمود محمد طه بما يثبت عليه الادلة.
(ب) حل حزبه وخطورته علي المجتمع الاسلامي.
(ج) مصادرة كتبه وإغلاق دار حزبه.
(د) اصدار بيان للجمهور يوضح راي العلماء في معتقدات المدعى عليه.
(هـ) تطليق زوجته المسلمه منه.
(و) لا يسمح له او لأي من اتباعه بالتحدث بإسم الدين او تفسير اّيات القران.
(ز) مؤاخذة من يعتنق مذهبه بعد هذا الاعلان وفصله ان كان موظفاً ومحاربته ان كان غير موظف وتطليق زوجته المسلمه منه.
(ح) الصفح لمن تاب واناب وعاد الي حظيرة الاسلام من متبعيه او من يعتنقون مبداه ولقد استمتعت المحكمة بخطابي المدعيين ولاقوال شهودهما لمدة ثلاث ساعات , ثم رفعت الجلسة لمدة ثلث ساعه , وعند انعقادها للمره الثانية قرأ القاضي حيثيات الحكم التي جاء فيها ان المحكمة , وبعد السماع لإدعاء المدعيين , وسماع الشهود تأكد لديها ان المدعي عليه قد ارتد عن الاسلام وعليه فإن المحكمة تحكم بردة محمود محمد طه عن الاسلام غيابياً.
كانت هذه المؤامره الاولي من قوى الظلام في تاريخ هذا البلد المنكوب وفي اليوم التالي للمحكمة المهزله اصدر الاستاذ محمود محمد طه بيانه الصادر يوم 19/11/1968م والذي نشرته صحيفة السودان الجديد وكان بعنوان.
مهزلة القضاة الشرعيين
اوردت صحيفة السودان الجديد الصادرة اليوم بالعنوان الكبير عبارة (المحكمة الشرعية تصدر اول حكم من نوعه في السودان في ردة محمود محمد طه وامره بالتوبة عن جميع اقواله)..اقرأوا مرة ثانية وامره بالتوبة عن جميع اقواله.. هل سمع الناس هواناً كهذا الهوان؟ هل اهينت رجولة الرجال وامتهنت حرية الاحرار وانطمرت عقول ذوي الافكار في القرن العشرين وفي سوداننا الحبيب بمثل هذا العبث الذي يتورط فيه القضاة الشرعيون .
ولكن لا بأس فان من جهل عزيز لا يعزه !! ومتي عرف القضاة الشرعيون رجولة الرجال وعزة الاحرار وصمود اصحاب الافكار؟؟ ان القضاة الشرعيين لا يعرفون حقيقة انفسهم وقد يكون من مصلحتهم ومصلحة هذا البلد الذي نعزه ومن مصلحة الدعوى التي نفديها ان نتطوع نحن فنوظف اقلامنا ومنابرنا لكشف هذه الحقيقة لشعبنا العزيز علي ما هي عليه.
والان فاني بكل كرامة ارفض هذه المهانة التي لا تليق بي ولا يمكن ان توجه الي ولا يمكن ان تعنيني بحال .. فقد كنت اول واصلب من قاوم الارهاب الاستعماري في هذه البلاد .. وقد فعلت ذلك حين كان القضاة الشرعيون يلعقون جزم الانجليز وحين كانوا في المناسبات التي يزهو فيها الاستعماريون يشاركونهم زهوهم ويتزينون بالجبب المزركشة التي سماها لهم الاستعمار كسوة الشرف وتوهموها هم كذلك فرفلوا فيها واختالوا بها وما علموا انها كسوة عدم الشرف ولكن هل ينتظر منهم ان يعلموا؟؟ سنحاول تعليمهم والايام بيننا اما امركم لي بالتوبة عن جميع اقوالي فانكم اذل واخس من ان تطمعوا في واما اعلانكم .. ردتي عن الاسلام فما اعلنتم به غير جهلكم الشنيع بالاسلام وسيري الشعب ذلك مفصلاً في حينه؟؟
اذا فاسمعوا انكم اخر من يتحدث عن الاسلام فقد افنيتم شبابكم في التمسح باعتاب السلطه من الحكام الانجليز والحكام العسكريين فاريحوا الاسلام واريحوا الناس من هذه الغثاثة .
امدرمان / محمود محمد طه
في 19/11/1968م
عندما رفعت الستار :
المكان : الثورة الحارة الاولي المنزل ((242)) المالك المعلم الشهيد محمود محمد طه .. منزل بسيط ومتواضع من الجالوص .. والصالون الطويل والاكثر بساطة ؟ مفروش بالبروش علي الارض وستة اسرة من الحديد وعدد من الكراسي الحديدية منجدة بالبلاستيك ؟
الزمان : سبتمبر 1984م والرئيس المخلوع جعفر نميري يقذف قبل عام بأخر اوراقه التي تمثلت في قوانين سبتمبر 83 في بداية اول تشويه للاسلام , واعلاناً حقيقياً لدولة الهوس الديني التي مسخت الاسلام وامتهنت الانسان واهدرت قدسية الفكر والمفكرين .. والازمات تتفاقم يوما اثر يوم وتاخذ برقاب بعضها لتجتمع وتاخذ برقبة شعبنا وترجه رجاً .. الفتي الامرد يجلد الشيخ العجوز والجلاد ينظر .. لا الرجل آمن ولا المرآة امنة لا العاجز ولا العجوز , وسدنة السلطة يتوجونه اماماً ويبايعونه ويجبرون الشعب علي هذه المبايعة .. اكتظت السجون بالمعارضين السياسيين .. وبعد ان تمت طبخة جماعة الاسلام السياسي داخل المطبخ المايوي لتصفية الاستاذ محمود محمد طه .. اخرج تلاميذه الجمهوريون من معتقلهم قال الاستاذ مخاطباً تلاميذه صبيحة 19/12/1984م بعد اعتقال دام عاماً ونصف العام.
(اننا لم نخرج من المعتقل لنرتاح وانما لنواجه الظلم الذي يمارس باسم الاسلام ) انتهي .. لم يكن هذا حديثاً عابراً ؟ ولا هو حماس متحمس لكنه موقف الاستاذ محمود الذي ظل منذ الاربعينات مكافحاً ومناضلاً ضد الظلم والطغيان وامتهان كرامة الانسان .. ولم يكن لديه وقتاً للراحه وكون لجنة مهمتها كتابة بيان يواجه نظام الامام نميري ويفضحه, واجتمع التلاميذ والحيرة تضرب اطنابها فيهم , ولم يكتبوا شيئاً تتصرم الايام , ولم يكتبوا المنشور .. وكان يري الظلم فيؤرقه . ويتحرق للفداء شوقاً وفرحاً بالله .. تلك كانت قامته برغم علمه التام بما كان يحيكه نميري وسدنته ضده , وبرغم علمه باطلاق سراحه المريب الذي كان سعياً حسيساً لتحويل الاستاذ وتلاميذه من معتقلين سياسيين الي مجرمين جنائياً ، لهذا لم يرهب الاستاذ ولم يثنيه عن ان يكون الفداء الكبير والاخير .. لاهل السودان .. فكتبوا المنشور قرأه مع اللجنة وتناول قلماً وغير عنوان المنشور ولم يلزم به احد غيرهم ان كانوا لا يتحملون .. انها ساعة العراك الحقيقي والتي بدات بمنشور..
هذا او الطوفان!
( غايتان شريفتان وقفنا نحن الجمهورين حياتنا حرصاً عليها وصونا لها وهما الاسلام والسودان .. فقدمنا الاسلام في المستوي العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة .. وسعينا لنرعي ما حفظ الله تعالي علي هذا الشعب من كريم الاخلاق واصايل الطباع ما يجعله وعاء صالحاً يحمل الاسلام لكافة البشرية المعاصرة التي لا مفازة لها ولا عزة الا في هذا الدين العظيم.
وجاءت قوانين سبتمبر 1983م فشوهت الاسلام في نظر الاذكياء من شعبنا وفي نظر العالم واسآءت الي سمعة البلاد .. فهذه القوانين مخالفة للشريعة ومخالفة للدين ومن ذلك اباحت قطع يد السارق من المال العام مع انه في الشريعة يعزر ولا يحد لقيام شبهة مشاركته في هذا المال بل ان هذه القوانين الجائره اضافت الي الحد عقوبة السجن .. هذه القوانين قد اذلت الشعب واهانته فلم يجد علي يديها سوى السيف والسوط وهو شعب حقيق بكل صور الاكرام و الاعزاز ثم ان تشاريع الحدود والقصاص لا تقوم الا علي ارضية من التربية الفردية ومن العدالة الاجتماعية وهي ارضية غير محققة اليوم .
ان هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد وقسمت هذ الشعب في الشمال والجنوب وذلك بما اثارته من حساسية دينيه كانت من العوامل الاساسية التي ادت الي تفاقم مشكلة الجنوب ان من خطل الراي ان يزعم احد ان المسيحي لا يضار بتتطبيق الشريعة ذلك بان المسلم في هذه الشريهة وصي علي غير المسلم بموجب آية الجزية , وآية السيف ..فحقوقهما غير متساوية اما المواطن اليوم فلا يكفي ان تكون له حرية العباده وحدها انما من حقه ان يتمتع بسائر حقوق المواطنه وعلي قدم المساواة مع كافة المواطنين في الجنوب حقاً في بلادهم لا تكفله لهم الشريعه انما يكفله لهم الاسلام في مستوي اصول القرآن (السنه) ولذلك فنحن نطالب بما يلي:
1/نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر1983لتشويهها الإسلام ولإذلالها الشعب ولتهديدها الوحدة الوطنية .
2/ نطالب بحقن الدماء فى الجنوب واللجوء الى الحل السياسي والسلمي بدل الحل العسكري وذلك واجب وطني يتوجب على السلطة كما يتوجب على الجنوبيين من حاملي السلاح ، فلابد من الإعتراف الشجاع بان للجنوب مشكلة ، ثم لابد من السعي الجاد لحلها .
3/ نطالب بإتاحة كل فرص للتوعية والتربية لهذا الشعب حتى ينبعث فيه الاسلام على مستوى السنة ( أصول القرآن ) فان الوقت هو وقت السنة لا الشريعة ( فروع القران) قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ( بدأ الاسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، قالوا من الغرباء يارسول الله ؟ قال : الذين يحيون سنتي بعد إندثارها ) بهذا المستوى من البعث الإسلامى تتحقق لهذا الشعب عزته وكرامته ، ثم ان فى هذا البعث يكمن الحل الحضاري لمشكلة الجنوب ومشكلة الشمال معاً .. اما الهوس الدينى والتفكير الديني المتخلف فهما لايورثان هذا الشعب الا الفتنة الدينية والحرب الأهلية ، هذه نصيحتنا خالصة مبرأة نهديها فى عيد الميلاد وعيد الاستقلال ونرجو ان يوطئ لها الله اكناف القبول وان يجنب البلاد الفتنة ويحفظ استقلالها ووحدتها وامنها..
وعلى الله قصد السبيل
الإخوان الجمهوريين 25/12/1984
المشهد الثانى : حديث الفداء
تزامن صدور منشور : هذا .. او الطوفان ، وراس السنة ، وقبله بايام قلائل الحديث الذى كان يعد فيه الأستاذ تلاميذه للحدث الجلل فى حياتهم الخاصة والفداء الكبير لأهل السودان مطابقاً بين قوله وفعله عبر مسيرته الذاخرة بالحب والسلام .. مبرزاً قيمة جديدة فى الدعوة للإسلام فكان :
حديث الفداء
حديث الاستاذ فى ختام المؤتمر الذى اقيم بمناسبة عيد الإستقلال فى يوم الجمعة الموافق 4/1/1984 قال:الاستاذ [ الزمن إضطرنا نقفل الحديث لكن كثير من الاخوان والاخوات عندهم إنطباعات ليقولوها ، الحديث القيل طيب جداً ، افتكر مؤتمرنا لابد يؤرخ تحول عملي فى موقف الجمهوريين ، زي ماقلنا قبل كدة ـ الناس سمعوا مننا كتير ، الكلمة المقروءة والمكتوبة لكن عشنا زمن كتير فى مجالات عاطفية ، الإنشاد والقران والالحان الطيبة .. جاء الوقت لتجسيد معارفنا وأن نضع أنفسنا فى المحك ونسمو فى مدارج العبودية سمواً جديداً .. الصوفية سلفنا ونحن خلفهم وورثتهم كانوا بيفدوا الناس .. الوباء يقع .. يأخذ الشيخ الكبير الصوفي الكبير .. وينتهي الوباء ـ دي صورة غيركم مايعقلها كثير .. الجدري فى قرية التبيب ، تذكروه كان فى كرنتينة فى القرية ، لا خروج ولا دخول ، الشيخ الرفيع ود الشيخ البشير أخو الشيخ السمانى مات بالجدري فى القرية .. شيخ مصطفى خال خديجة بت الشريف هو صديقنا وبزورنا كثير .. قال : حصلت وفية ومشيت أعزي مرَّ علي الشيخ الرفيع قال لي: بمشي معاك .. قال : مشينا سوا إيدي فى إيدوا كان فيها سخانة شديدة ، وصلنا محل الفاتحة .. واحد قال ليهو : الشيخ ؟ المرض ده ماكمّل الناس ..الشيخ الرفيع قال : المرض بينتهي لكنو بشيل ليهو زولاً طيب .. قمنا من المجلس ، وصلنا البيت والسخانة كانت الجدري . السيد الحسن مات بوباء .. والوباء انتهى .. وفى سنة 15الشيخ طه مات بالسحائي .. وكان مستطير بصورة كبيرة وماعندو علاج وماكان بنجو منو زول .. المابموت بتركه بعاهة .. مات الشيخ طه والمرض انتهى ..الحكاية دي عند الصوفية مضطردة ومتواترة .. العلمانيين تصعب عليهم .. إنتو هسع لابد تفدوا الشعب السودانى من الذل والمهانة الواقعة عليهم والجلد .. واحد من الاخوان لاحظ قال : القيمة من المسيرة ان تشاهدوا الجلد الواقع .. واحدة من الاخوات قالت : ( العسكري شاب والمجلود شيخ كبير والقاضي واقف يستمتع ) هى مسألة أحقاد وضغائن ونفوس ملتوية تتولى امورالناس .. قد تُجلدوا ماتنتظروا .. تسيرو فى المسيرة وتحصل معجزة تنجيكم ، وهي بتحصل لكن ماتنتظروها .. خلو الله يجربكم ماتجربوا الله .. تعملوا الواجب العليكم تنجلدوا ترضوا بالمهانة .. من هنا المحك البيهو بتكونوا قادة للشعب العملاق .. يكون فى ذهنكم قول الله (أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) وآية ثانية ( أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولمّا يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراءوزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) ماأحب ان تصابوا بخيبة أمل من العقبات البتلاقيكم فى الطريق .. يكون مؤكد الامر النحنا بنواجهوا بنحتاج ليهو فى الداخل ..كل أمريساق ليكم يقويكم هو عناية من الله وملطف ..لكن الناس يسوقوا امرهم بالجد وكل واحد يدخل في مصالحة ورضا بالله .. تواجهوا امركم ده لتفدوا شعبكم وبعضكم بعض لترتقوا درجات فى واجبكم وعبادتكم .. ومعنيين بيهو انتم : محفوظون .. ولكن ماتفتكرواالطريق امامكم مفروش ورود.. إستعدوا فى قيامكم بالواجب المباشر تكونوا دايمين النعمة وموضع نظر الله وعنايتوا .. ثقوا بيهو ..انشاء الله امركم قريب والله إدخركم للامر دا .. وانتم اليوم الغرباء بصورة كبيرة .. كل المجتمع السودانى فى كفة والجمهوريين فى كفة .. الجمهوريين مطلوبين .. الناس الطالبنكم فداية ليكم .. ظلماتكم نور ..انتم موضع عناية .. تقبلوا العناية .. سيروا راضين بالله ..بالصورة دي يكون ختام مؤتمرنا ..
الجمعة 4/1/1985
مشهد ما بعد المنشور
ان سبق الاصرار اغتيال الاستاذ الشهيد قد اثبتته الوثائق التي تكشف التآمر الجنائي والتنقيذ المستعجل له , وذلك من منطلق الخصومه السياسية الجانحة , والكيد الحزبي المبتذل , فقد استهدف الاستاذ محمود ادعياء التصوف , والاخوان المسلمين وارباب الهوس الديني ونظام مايو وهم يمارسون الاستغلال السئ للدين لاغراض السياسة فاستهدف النظام وسدنته التصفية الجسدية حلاً , ثم هذه القضيه قد حولها الي مجرد تصفية حسابات حزبية قاموا بها باسلوبهم الدموي مستغلين تعطش نميري للتشفي ومسستغلين قضائه الذي كان يحركه لارهاب الشعب واسكات صوت الاعتراض السياسي . ولإكمال السيناريو القذر صيغ لنميري قانون الهيئه القضائية ليعطيه الحق في تنصيب القضاة من الذين ينفذون له كافة مخططاته الاجراميه . فعلى القصر تدبير التآمر , وديوان النائب العام يوجه الاتهام والقضاء يصدر الحكم المبيت والقصر يؤيده واصابع الاخوان المسلمين تتشابك مع اركان التآمر الاخرى من مواقعهم الادارية في القصر والديوان والقضاء .. وباسمائهم وانتماءاتهم المعروفة هم اصحاب مصلحة حزبية ضيقة في الاستغلال السياسي لتلك القوانين التي ما فتئ الاستاذ محمود يكشف زيفها ويثبت مفارقتها للاسلام والشريعة .. وشعبنا قد ادرك بحسه الذكي وفطرته السليمه ان هنالك تآمر جنائياً وراء إغتيال الاستاذ محمود حتي اصبح هذا الراي الآن راياً عاماً وقوياً .. وقد عبر هذا الشعب وقتها بصمته الحزين حيال هذه الجريمة السياسية النكراء التي هزت ضمير الامة وضمير العالم ومرغت سمعة القضاء السوداني في الوحل.
المشهد الاخير:
لم يكن نظام نميري ليحتمل مواجهة الاستاذ الجسورة في مستوي هذا .. او الطوفان فاخذ النظام ذلك المنشور كأداة للمحكمة الجائرة .. ومضي الاستاذ في مواجهة قضاة التجريم , ومواجهة نميري في اخر معاقلة التي احتمي بها – معاقل الهوس الديني – فوضع محاكم التفتيش , والسلطة التنفيذية المستبدة في موضعها وذلك باعلانه امام المحكمة مقاطعتها بكلمات قوية وموقف تام وهو يقول (انا اعلنت رأيي مراراً في قوانين سبتمبر 1983 من انها مخالفة للشريعة وللاسلام . اكثر من ذلك فانها شوهت الشريعة وشوهت الاسلام , ونفرت عنه .. يضاف الي ذلك انها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه الي الاستكانه عن طريق اذلاله , ثم إنها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير , واما من ناحية التطبيق فان القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنياً , وضعفوا اخلاقياً عن ان يمتنعوا عن ان يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق واذلال الشعب وتشويه الاسلام واهانة الفكر والمفكرين واذلال المعارضين السياسين ومن اجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع اي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستغل , ورضيت ان تكون اداة من ادوات اذلال الشعب وإهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسين)إنتهي.
وسقطت مايو .. وكان الفداء الكبير .. وفي فدائه قال لاصحابه القلة انتم في حل من العهد .. فاستمروا معه .. ولا مجال غير ان تستمروا .. فمآل الانسانية هو .. ولأن اصحابه عبر الازمنة قلة كانت الكثرة سيوفاً للشر وشهوداً صامتين رعاديد وسلطات بائسة ..وفداؤها يتجدد في ضمائر لا تبذل الدم هدراً .. أستاذي المعلم الشهيد .. صاحب الصحب القلة ..والكثرة النادمة .. ومغير وجه التاريخ ..سلام عليك فى عليائك ..
نشر هذا المقال بصحيفة الحرية 18/1/2001
الجريدة السبت 18/يناير 2014 |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: كتب الدكتور حسن موسى المصدر: منبر الحوار الديمقراطي، سودان للجميع (سودان فورأول) http://##################/forum/viewtopic ... 0364f0a886
كتب حسن موسى قائلاً:
سيرة الأستاذ
قبل أسابيع تلقيت كتاب الصديق عبد الله الفكي البشير المعنون "محمود محمد طه و المثقفون.قراءة في المواقف وتزوير التاريخ " [ دار رؤية 2013]. و أنا أقول "الصديق" رغم أني لم ألتق بعبد الله إلا في نصوصه المنشورة في الأسافير،[ و قد لا نلتقي ! ] لكني من نفر يؤمنون بأن" صاحب صاحبك " قمين بصحبتك في نهاية التحليل. وعبد الله صاحب لبعض الاصحاب الجمهوريين الذين اعزّهم، فضلا عن كون عنايته الظاهرة بالتعبير تقرّبني منه رغم تحفظاتي المحتملة على محتوى بعض مكاتيبه في الشأن العام، و العرجاء مصيرها مراحها. الكتاب يلفت النظر أولا بضخامته ، [ 1278 صفحة ! ]، و لا عجب ، فهو كتاب أراد له مؤلفه التوثيق لسيرة مفكر من أهم رواد الحداثة الفكرية في السودان ـ وقيل في المجتمع الإسلامي المعاصر قاطبة ـ وهي سيرة عقود طويلة من المواقف و المكاتيب والحكاوي التي لاتنفك تنسج حول الأستاذ محمود شبكة فريدة في نوعها من علاقات الفكر الحي الخلاق. لكن الكتاب يلفت النظر ثانيا بعنوان طويل ذي ثلاثة مصاريع: مصراع أول فلسفي: يقدم محمودا كـ " صاحب الفهم الجديد للإسلام" ، و مصراع متوسط تاريخي إجتماعي يقدم محمودا في علاقته مع فئة المثقفين " محمود محمد طه و المثقفون". ومصراع ثالث سجالي [ ترجم: " سياسي "] " قراءة في المواقف و تزوير التاريخ ".. و عجز العنوان ينطوي على إتهام صريح موجه لفئة غميسة يسميها المؤلف بـ "المثقفين السودانيين" أو " الأكاديميا السودانية" و يأخذ عليها معاداة أو تزوير أو إهمال قيمة المساهمة الفكرية للأستاذ محمود في فضاء الحركة الفكرية و السياسية في السودان. و حقيقة ضايقني أسلوب العنوان كونه يضفي على سيرة الأستاذ محمود صفة الضحية المغلوبة على أمرها بينما الرجل في مشهد الحركة الفكرية السودانية عملاق متمرد أنفق عمره في عقلنة الخروج منهجا ساميا لبلوغ إنسانية ود ابن آدم الغلـّب الهدّاي. لكن وزن الكتاب على يدي صرفني عن التفكير في أسلوب العنوان، فأخذت أقلب الصفحات على عجل وأقرأ متقافزا بين المقاطع والفصول والهوامش والأسماء والملاحق ولم اشعر بالساعات تمر.
و من يومها والكتاب يرافقني بين المرسم والمكتب كما الكنز السحري. أفتحه عفو الخاطر واقرأ وأتجمّل وأسوح فرحا في شعاب هذا البستان العامر بأنواع الفواكه المفهومية العالية المقام. هذا الصباح، بعد جولة عشوائية سريعة ، وبّخت نفسي وقلت: يوما ما، لا بد لي من أن أفتح الكتاب من الصفحة الأولى وأتابع القراءة بطريقة كرونولوجية مدرسية من المقدمة [ المقدمات! ] حتى الخاتمة .
شكرا يا " صديق " على هذا الجهد الكبير.
والشكر موصول لذلك " الصديق المجهول" الذي أرسل لي الكتاب من إنجلترا وخربش اسمه [ بأسلوب " كتابة الدكاترة " ] فلم أجد لهويته سبيلا فعزّيت نفسي بإحالة المسألة لميل الجمهوريين لقهر "حظ النفس".
سأعود |
نقلا عن سودانفورأول
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: سلام للأعزاء.. مازلت سعيدا بقراءتي الفوضوية المتقافزة بين الصفحات و لا عجب فأنا أقرأ بلا نية مسبقة ـ قل بدون خطة محددة بخلاف خطة الفراش الذي يطير من وردة لوردة و هيهات ـ و هذا يكفيني [ برضو هيهات]في هذه المرحلة ، مرحلة الإستكشاف العشوائي لشعاب هذه القارة المفهومية الواسعة التي اسمها محمود محمد طه. من حين لآخر كانت بعض موضوعات الكتاب تردني للنظر في موقع " الفكرة" http://www.alfikra.org/index.php و أظنني وجدت في "المساسقة" بين الكتاب و الموقع الألكتروني علاقة تكاملية بين المسندين و بين المنهجين. فالكتاب بطابعه السجالي ينطوي على بعض التشويق الذي يحفز القارئ على متابعة الكاتب في شعاب هذا البحث الطويل المركب و تحسس التحولات في الأسلوب الذي يدبر عليه معالجاته. لكن الموقع الإلكتروني بأسلوبه التوثيقي الغني تقنيا [ نص و صورة و صوت و فيديو] يبسط سيرة الأستاذ بروح يشوبها حياد المسجل الذي لا يبالي بشواغل المساجلين فيطرح الوثائق و يتركهاتتساند و تتصارع و هي تحدث عن تاريخ الرجل و الفكرة. طبعا ميزة الكتاب على الموقع الإلكتروني تبقى في كون المسند الورقي ما زال يتمتع بكفاءة توصيلية عالية ، بالذات في مثل ظروف السودان التي تنكمش المظلة الإلكترونية فيه لبقاع محدودة فضلا عن تأثر المسند الإلكتروني بتقلبات السياسة الرسمية للسلطات القابضة على وسيلة الإتصال الرقمي .و قد افتقدت في الكتاب حضور التصاوير الفتوغرافية ، سيما و أن الحركة الجمهورية، تمثل ، بين الحركات السياسية و الإجتماعية في السودان ، كأكثرها عناية بوسائل التوثيق الفتوغرافي. أرجو أن تتيسر للمؤلف في طبعات الكتاب القادمة فرص تضمين الكتاب مجموعة الوثائق الأيقونوغرافية [ الصور الفتوغرافية و الرسومات و ربما الخرائط الجغرافية التي تعين القارئ [السوداني وغير السوداني] على موضعة تطور الحركة ضمن التاريخ و الجغرافيا السودانية ]. و من صور الوثائق القليلة المستنسخة في جزء الملاحق يرى القارئ صفحات من صحيفة " الجمهورية"، لسان الحزب الجمهوري و عليها شعار الحركة " الحرية لنا و لسوانا"[ 1954]،و تلك الوثيقة " الوصية" المعنونة بـ "الملحق رقم 23". و على قلتها فهي وثائق جبارة تحكي لمن ينظر فيها الجوانب الغنية في تاريخ الحركة و أهلها بما تعجز عنه وسيلة الأدب المكتوب،أعني الجوانب المسكوت عنها في الأدب النصوصي إما بسبب الغفلة أو بسبب الحشمة السودانية لأولاد البلد الذين يعفون عن وصف أحوال الجسد تحسبا من عواقب " النظرة الثانية" المهلكة، أو حتى بسبب ضيق منهج الباحث الذي يصون البحث عن التشتت في تيه التعبير الجسدي. كل هذه التصاوير التي تراكمت على طول تاريخ الحركة الجمهورية تحكي سيرة موازية فالتة عن طائلة الكلمات . سيرة شفرتها التعبيرية مودعة في النحو الذي تنضبط عليه الأجساد الماثلة في إطار الصورة و في الفضاء المادي الذي يتقاسمه الأشخاص مع تصانيف الأشياء و الأحياء و نوعية علاقاتها و طبيعة حركتها و سكونها. أعرف أن مبحث الصورة الجسدية ظل أرضا غير مطروقة في تقليدنا الأدبي الحديث رغم أن أدبنا الشعبي عامر بمآثر جبارة في موضوع العلاقة بالجسد .لكن حركة الجمهوريين ضمت العشرات من الباحثين و الفنانين و الشعراء الذين ضلعوا بصورة أو بأخرى في التعبير الجمالي لأحوال الجسد، و بينهم اشخاص قمينون بالتأني عند ميراث التصاوير الجمهورية و فرز موياته و تحليل مكوناته و اتجاهاته. غايتو يا عبد الله قالوا " البتبلبل بعوم " ،فكمّل جميلك و أحمل ملف التصاوير و طف على الجمهوريين و الجمهوريات و من لف لفهم و استنطقهم في سيرة الملابسات و الظروف التي تشهد عنها التصاوير الجمهورية. من يدري؟ فربما عاد علينا مبحث التصاوير بفتوحات غير مسبوقة تنفع السودانيين و غير السودانيين في عقلنة ظواهر هذه القارة المظلمة الجديدة: قارة التصاوير السياسية المعاصرة و الأجر على الله. |
نقلا عن سودانفورأول
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
الكُرّاسة المحموديّة- الذكرى 29 ابراهيم جعفر - نقلا عن سودانفوراول
Quote: الكُرّاسة المحموديّة
مشيت لسريرك ...
" هديّةٌ صغيرةٌ إلى الشّهيد النبيل الأستاذ محمود محمد طه في ذكراه السّنويّة الأولى ". *** كان في النهر اضّطرامٌ بالأسى. وكان جناح جبرائيل (الظّلمانيّ والنّورانيّ) يتفتّحُ في لحظةِ ظلامِ المواردِ .. آنذاكَ رحلتَ يا غمامةً من الوجدِ و" مشيت لسريركْ/ يِسُوقَكْ شوق الواجد/ في مُزناتُو الخدرَه / يِدَوِّر بيك مرجيحة الرّب .. " .. تفيضُ نفسي بالحزن الرّحمانيِّ وأشتاقُ إلى أن أكونَ ذاتَكَ الجّديدة التي وُلِدَتْ من بينَ دفَّتَيّ المصحفِ؛ من التَّبَطُّنِ في كلمةِ " قُلْ" التي هي ذاتُ فعلِ "كُنْ" .. كنتَ تدعونا لحياةٍ عميقةٍ وعريضةٍ هي حياة الفكر والشِّعور وأُسحرُ (أنا) بأنداءٍ من تلكَ الحياةِ تُباغِتُنِي بالتَّقَطُّرِ الهادئ حيناً والهادر حيناً فليتَ "دارُ ريّا" ساقت البسطَ والسّرورَ إلينا..
قُلتَ أنتَ للحقِّ مقالَ الشّهيد العارف أبي حسين منصور الحلاّج قديماً :- بيني وبينُكَ إنِّي يُنازعُنِي فارفَعْ بإنّيْكَ إنِّي من البينِ فكان ذلكَ الرّفعُ لكَ إلى بحبوحةِ الرِّبوبيّةِ، إلى سكينةِ الأُنسِ المتفتِّحةِ كالموجِ والمطمئنّةِ بلطائفِ نعناعِ المعاني ... فشربتَ " كأسَ الرُّضوانِ النّورانيَّ " وذهبَ عنّا الزّبدِيُّون الظّلمانيُّون ولكن لم يذهب عنّا الأذى بعدَ ونُعافى .. فالكثافةُ وغلظةُ الرُّوح السّبتمبريّة ما تزالُ تُؤجّلُ ميلادَ اللّطافة، ولو بمقدارٍ، في النّفوس؛ ميلاد الفرد – الحريّة وليس الفرد – الخبز؛ ليس فرد "اللّذّة اليوميّة والمسرّات الصّغيرة" .. وأعني، بلغةِ الوجدِ، ميلاد الطّفل اللّطافة في قمّةِ فعلِ الشِّعورِ إذ يُغنّي : " ترنّموا ترنّموا نُرَدُّ للطّفولةِ/ من رامَ دربَ العودةِ/ الحبُّ دربَ العودةِ/ الله ربَّ الرّحمةِ/ خُلاصةُ المحبّةِ – إنشادٌ عرفانيٌّ .. "
لا يُنكِرُكَ إلاّ الغافلون يا شهيدنا الأستاذ محمود محمد طه ويا شقيقَ روحي المسمومةَ بالظّلامِ و المُدنفةَ، في ذاتِ الحين، بأشواقٍ ومواجدٍ خبرتُها عيانيّاً أُتمتِمُ بها خافتاً ومسكيناً آناً من الزّمانِ و أهمسُ : خُذني إلى حضنِكَ ياالله!
نَمْ، فقد كنتَ (فداءَنا) الرّوحيَّ عن الزّبديّين المتسلِّطين فلكياً 16 عاماً ووقتٌ لا يُقاس بحكم التخريب الشِّعوريِّ الذي هو قبل الاقتصاديِّ، بل هو التّخريب بالأصالة، وقد راحوا (حقّاً) بفعلِ الطِّيبةِ الصّافي الذي أقدمتَ عليهِ في 18 يناير 1985 ولكن حذراً : فنحنُ ما نزالُ : (عشباً حتَّنْ هادي اللّيلة يقاوم شرَّ الزّبديّين) وهذا من حقِّ تديُّني الفرديِّ عليَّ الآنَ أن أكونه، بل هو عندي من حقِّ أيِّ مُتديِّنٍ حرٍّ و(فردانيٍّ) أن يكونه.
يناير 1986. إبراهيم جعفر.
رحيْلَكْ غنوه و كاس رضوان نورَانِي*...
تقديم:- " و أنتم حينئذ كثيرٌ و لكّنّكُمْ غثاءٌ كغَثَاء السّيل.. ".. الإهداء:- إلى الشهيد النّبيل الأستاذ محمود محمد طه الذي اغتاله شر الزّبَدِيّين ببشاعةٍ مُطْلَقَة ". ******* هذا وقْتٌ يفجعنا فيه غثَاء الزّبَدِيّينَ و لكن... بَلْقَى حمامةْ حُزْنَكْ تاكُلْ شر الزّبَدِيِّين مشيت لسريرك يِسُوقَكْ شوق الواجِدْ في مُزْنَاتُو الخَدْرَه يدَوّر بيك مرجيحة الرّبْ تسوسِنْ رُوحَكْ و ماكا حزين و ما هامِّيْكْ لي فقدَنا لي طَلّة ياسمِيْنْ قَوْلَكْ نَالَكْ يفُوح بي الطِّيْبَه خِيَّانَكْ ما حيفُوتُوا مَحَلَّكْ مِسْك الخير الخَيْرَه يضُوع من ارْدَانَكْ طيبْة الموجَه رقص اللّيل في عيُونَكْ رحمه غِشَانَا صَفَاكَا يقينْ رضْوان نديان في ملامْحَكْ و انتَ بتَمْشِي مَقَامَكْ كان رشَّانا رذاذ وصلاً ربّانِي حلفْنا نقَطِّر ندى حُرْقَتْنَا مَحَنّه و ندخُلْ جُوَّه الرّعْشَه و نحيا السّر الوشُّو الغابه نخلِّي ضلام الرُّوحُمْ عسعَسْ فِيْنَا و سمّم غَرْسِ جمالنا و طيبة روحنا طيور اقداس الغضب اتوَلَدَتْ, سِكْرَتْ, و شَفّتْ في ألوانْ من رُوحِكْ واجْدَه و بيها الشَّوق وَدََّانا بْنَعْشَمْ نَلْقَى مَقَامَكْ رحيْلَكْ غُنْيَه و كاس رُضوان نوراني بِيَسْقِي النّاس الحزن الدّامع و صافِي بِيَسْقِي النّاس الغَضَبْ الخير الرّايِعْ و دَافِي حُزْنَكْ فينا و حُزْنَنا عاشِقْ تجرح رُوحو الطّيبه يغنّي تجرح رُوحو الطّيبه يِبْقَى الموجَه يصلِّي و يشْرَبْ مويَةْ رُوْحَكْ حُزْنِ شَفِيفْ العشب يتفَتَّتْ فيهو موسيقى العُشْبْ يْتْفَتَّتْ فينا موسيقى العُشْب يتفَتَّت قَدْرَ الدّنيا موسيقى و القى حمامة حُزْنَكْ تاكُل شرّ الْزّبَدِيِّينْ و العُشْبِ يقاوِم شرّ الزَّبَدِيِّين ما كُلّنا عُشْبَاً حَتَّنْ هادِي اللّيله بقاوِمْ شرّ الزّبَدِيِّين كُلَّنا عُشْبَاً حتّن هادِي اللّيله بِقاوِمْ شرّ الزَّبَدِيِّينْ
18 يناير-21 مايّو 1985. إبراهيم جعفر.
* من مسودّة مجموعتي الشعرية المسمّاة كمانات الأغاني.
محمود...
محمود بصَلّي مع النّجوم مرّاتْ يَعَايِنْ من شَبَابِيْكْ الغِيُومْ يلَمْلِمْ النَّدْ و الطّرِيْقَه يمَدِّدْ الشَّوْقْ لي التِّخُومْ ولَمَّنْ حماماتَ الْمَغَارِبْ يَهْدِلَنْ: حيْ يا قَيٌومْ! يشربْ الشّايْ في الحَدِيْقَه والزّمانْ عاشِقْ يرُومْ طينةْ انْسَانْ في الحَرِيْقَه تْرٌوقْ وتِذَّارَفْ علُومْ *** محمٌودْ ينَازِلْ في الضَّرِيْمْ بَسْ غَشْوَه من بَرْد اليَقِيْنْ تخَدِّرٌو وكاس النّدِيْمْ يَلْفَاهٌو بي الوَعْدَ الْقَدِيْمْ
الجمعة 20\2\2004 الأحد 22\2\2004
|
من رام درب العودة/الحب درب العودة/الله رب الرحمة/ خلاصة المحبة. هكذا جاء في الإنشاد العرفاني وطولبنا بالترنّم، هناك في أفق المطلق المفتوح، عسانا نُردُّ إلى الطفولة، بمعنى ردنا إلى الجمال، فحسب. أرفع الكراسة هذي، مجدداً، إلى العارف الشهيد الأستاذ محمود محمد طه في ذكرى غيابه (وما هو بغائبٍ!) الثامنة والعشرين، سيما وأن "جُمعته" تلك قد وقعت، اليوم، على خطوِ ذاتها نفسه في هذا العام وفي الثامن عشر من يَنَايرهِ! غير أنه لأنه ما يزال الزبد السياسي والإجتماعي السوداني العتيقَ الفجيعةُ لم يذهب جُفاءَاً بعد أقولُ ربما ليس لنا، الآنَ، بالمتاح لنا من النَّفَسْ/النَّفْسْ في هذا الزمان وهذا المكان، إلا الرجاء بأن نكن، في الشعور وفي الفعل الحقِّ، وليس "الذهن" البارد المنطقي فحسب،على قدر ما نقدر عليه مما جاء في ختم "قرآن" قصيدتي المسماة "رحيلك غنوة وكاس رضوان نوراني" الذي هاتفنا، بجهرةٍ شعريةٍ، متوهجة فيما أرجو، بأن نكن "كلنا عشباً حتى هدي الليلة بقاوم شر الزبديّين". وفي ما قلت الآن ما يُكفي، كما آمل، فالسَّلامٌ، السَّلامُ السَّلامْ لغصين النّدى العرفاني الذي غاب عنَّا، وما غابْ! http://##################/forum/viewtopic.php?t=2191andsid=866df...f92c9748af8c06fd3aa9
إبراهيم جعفر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عماد موسى محمد)
|
العمدة كيف حالك ياخ.. انا ح اجاوب ليك علي سوالك ده:
Quote: أيها الجمهوريون: هل كان محمود محمد طه يصلي مثلنا ؟؟ |
الاستاذ/ بيصلي زي ما بيصلوا الانبياء.. لكن زي الصلاة البي تخلي الناس تشحد عشان تبني الجوامع وتأكل وتشرب .. وتجعل النقص مستمر في الاخلاق والمروءة والشهامة والشجاعة و تخلي الزول ينافق الحكام، ويأكل الربا والحرام دي لومك بي زي دي ما صلاها ولا حيصليها!! السؤال الاصلي: انتو قاعدين تصلوا زي صلاة النبي ؟ لك محبتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: جمال المنصوري)
|
Quote: الوصية التي أرهقتني مِن أمري عُسراً!
فتحي الضَّـو [email protected] بسم الله الرحمن الرحيم 1- هذه وصيتى ووكيلى على تنفيذها زوجتى بعد الله 2- تسدد الديون أعلاه وإذا لم يعرف يوسف الحلوانى وبائع الفحم والحلاق يصدق بما لهم على الفقراء باسمهم والتسديد من نصيبى من مال السلوم 3- ينظر في ما على من حساب من شركائى بمقتضى فواتير من عبد الكريم عبد الرحمن (حساب خصوصى باسمى) فيسدد وهو حوالى //36ج// 4- ينظر في استجرار المكتب من شراكة السلوم وما يخصنى منه يدفع وابراهيم الاسد مسئول عن الارشاد الى ذلك 5- يعطى شيخ لطفى مبلغ //300 ج// تعويضاً له عما صرف على وعلى اولادى 6- تعطى الربجود مبلغ //50 ج// 7- ما يبقى يكون لزوجتى واولادى وزوجتى هى خليفتى عليهم بعد الله 8- لا يفرش على ولا يتصدق ولا اكفن في جديد ولا يناح على ولا تجعل على قبرى أى علامة ويباشر غسلى زوجتى محمود محمد طه السبت 13 شعبان 1370 موافق 19 مايو 1951 تظهير طبق الأصل (2) هذه هي الوصية التي أرهقتني من أمري عسراً. اطَّلعت عليها مؤخراً في ثنايا كتاب جمع فأوعى، شدّ وثاقه وجمع وثائقه، الأستاذ عبد الله الفكي البشير وصدر أواخر شهور العام المنصرم في نحو ما ناهز الألف وثلاثمائة صفحة، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً في مضمار التأليف. وبما أننا نتنسم نفحات الذكرى التاسعة والعشرين لاغتيال شهيد الفكر الإنساني الأستاذ محمود محمد طه، أستطيع أن أقول إن هذا الإصدار الضخم - حساً ومعنىً – قد زاد المناسبة سمواً وزانها وفاءً وأكسبها جلالاً. هو كتاب إذا رأيته أعجبك عنوانه، وإذا قرأته وقعت أسير بيانه. سطَّر كل شاردة وواردة متصلة بحياة الأستاذ الوافرة بالعطاء والزاخرة بالمعرفة والمليئة بالمواقف المتفردة، بل وامتدَّ التوثيق لكل ما يتصل بفكره عرضاً وتحليلاً وتسجيلاً لما كَتب وكُتب عنه، الأمر الذي يمكن أن يوفَّر جهداً كبيراً ووقتاً ثميناً، يدخرهما دائماً أي باحث ومطلع ومهتم بمثل هذه الأعمال العظيمة. أصدقكم القول إن هذا الكتاب يفرض عليك هيبة غير مصطنعة وأنت تنظر إليه من قبل أن تمتد له يداك وتجوس في سطوره عيناك. ولا أقول ذلك نظراً لكبر حجمه، وإنما لكبر حجم من تناول سيرته. ونحن نعلم وأنتم تعلمون أن الأولى نسبية والثاني حتمية لمن شاء لعقله شقاءً ولقلبه طمأنينة أو كما قال أبو الطيب المتنبي (ذو العقل يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم). ولعمري أن تلك غاية أصبحت أندر من لبن العصفور، فقد بتنا نعيش في زمن تسيَّد فيه المتنطعون وكاد الجهل أن يتوج ملكاً على العباد! (3) سنترك الأستاذ عبد الله الفكي البشير وكتابه في حصن مكين، ولكن قبل أن أغادره أقول بلا مراء إنني تمنيت لو كنت كاتبه، لا سيَّما، وقد زاد من رغائبي أن الكاتب وأنا لم تكتحل عيوننا برؤية الأستاذ يمشي بين الناس بشراً سوياً. بيد أن أستاذ الفكي تدارك تلك النقيصة بشرف الانتماء للفكرة الجمهورية، أما أنا فقد بقيت في سرب الذين هم في جهلهم يعمهون. كذلك لن أغادر كتابه هذا دون الإشارة إلى أن الوثيقة المنشورة أعلاه اصطدتها وعيني تزاور صفحاته ذات اليمين وذات الشمال. حينها شعرت - برغم تقادم سنينها - أن الأرض مادت من تحت قدمي. وقد هاج كياني وماج واضطرب، لدرجة كدت أن أقول لأبنائي زملوني ودثروني. لكن أبنائي أنفسهم لاحظوا حيرتي وشرود ذهني وإطالة نظري في اللا شيء. هم بداهةً لم يدركوا سر انجذابي وأنا – بالطبع - لم تحل عقدة في لساني لأقول لهم قولاً ينزل الطمأنينة في قلوبهم. فما الذي يمكن أن يقوله شخص مثلي وهو لا يقوى على اختصار السنين في ثوانٍ؟ كيف يتسنى لمثلنا أن يحتفظ برباطة جأشه وهو يقرأ وثيقة كهذه ولا يسأم من تكاليف الحياة وطولها كما سئم منها لبيد بن ربيعة العامري. عندئذٍ لم يكن ثمة مناص أمامي، غير تلفحي بالصمت ريثما يهدأ روعي. ومع ذلك بين الوالد وما ولد حاصرتني أسئلة كيوم الحشر. فأدبرت عنهم والأشفاق يكاد ينبجس دمعاً من عيونهم، وتركوني تائهاً أتأمل وثيقة أورثتني من أمري عسراً، وعجبت من أن العظماء مهما تطاولت سنين غيابهم إلا أنهم يشعرونك بأنهم ما غابوا عن دنياك إلا لأخذ سنة من النوم، وأن جلاديهم ومعذبيهم وقاتليهم يمضون لكهوف النسيان كما تمضي السابلة في الطرقات، لكن التاريخ يصنعه الأخيار كما يصنعه الأشرار أيضاً، وفي ذلك حكمة لكل ذي لبّ ألقى السمع وهو شهيد! (4) نعود للذكرى وشؤونها والوصية وشجونها، لنستخلص منهما عبراً ومعانَي سامقة، لتعيننا في هجير الحياة الحارق ونحن نبحث عن خلاص من الطواغيت وشياطين الإنس. ولا شك عندي أن القراء سيمضون في طريق التأمل في نصوصها والتفكر في حياة كاتبها، بأكثر مما فعلت واستنتجت النقاط المختصرة التالية: أولاً: بنظرة عجلى لا تخطئها العين، تنضح الوثيقة بشجاعة صارت فيما بعد جزءاً أصيلاً وخصلة متفردة من خصائل الأستاذ محمود محمد طه، لازمته منذ بواكير حياته وهو يخوض غمار الفكرة الجمهورية وحتى آخر لحظة من رحيله عن الدنيا. والشجاعة كما يُعرّفها اللغويون هي الجرأة والإقدام، وبهذا المعنى تؤكد أن الأستاذ محمود استبطن مصيره وهو يشق طريقاً وعراً وشائكاً، بل معروفة مآلاته في التاريخ الإنساني. فهو الطريق الذي سلكه من قبل رسل وأنبياء وعلماء ومفكرون وسياسيون من أصحاب المبادئ السامية والنبيلة، وقد تعرضوا في مسيرتهم تلك لصنوف من التعذيب والتنكيل والتقتيل، وأدناه السخرية والازدراء والتخذيل. في عام 309 هجرية أُخرج الحسين بن منصور الحلاج من سجنه، فجلد وقطعت يداه ورجلاه، وشوه، وصلب، وجزّ رأسه، ثم أُحرقت جثته. وفي سنة 124 هجرية خطب خالد القسري والي الكوفة خطبة العيد وكان الجعد بن درهم يرسف في الأغلال أسفل المنبر، فقال: أيها الناس ضحوا يقبل الله ضحاياكم فإني مضحٍ بالجعد بن درهم، وبالفعل نزل من المنبر وذبحه ذبح الشاة. ومثلهما عانى الإمام أحمد بن حنبل وهو يعذب من خليفة إلى آخر بدءاً بالمأمون ومروراً بالمعتصم والواثق وانتهاءً بالمتوكل، فقد أذاقوه الويل والثبور وعظائم الأمور، أما سعيد بن جبير فقد قتله الحجاج بن يوسف الثقفي بتشفٍ يحسده عليه غلاة الساديين. وقبلهم عزف سقراط عن الهروب والنفاذ بجلده وهو يعلم أن الموت بالسم الزعاف جاءه يجرجر ويلاته. وأمام جبروت كهنة الكنيسة الكاثوليكية أُخرص جاليلو عن الكلام المباح فمات كمداً. وعلى الرغم من أنه بقي في غياهب السجن لنحو ما يربو على الثلاثة عقود زمنية، يأتي نيلسون مانديلا الذي رحل عن دنيانا بالأمس نموذجاً لمن هزم جلاديه وهم صاغرون! (5) ثانياً: إن استدلالنا بالوصية على شجاعة الأستاذ محمود يأتي أولاً من زاوية أنها كُتِبت - وفق المنظور الزمني - في أعقاب تأسيس الحزب الجمهوري (1945) الذي توسل به مناهضة الاستعمار بالمواجهة والصدام المباشر، مما حدا بالمستعمر إيداعه السجن مرتين قبل نهاية الأربعينيات، ليصبح بذلك أول سجين سياسي سوداني. ثانياً، ظل غير عابئ بما حاق به في السجن ومعاناته، بدليل أن الوصية جاءت وفق منظورها الزمني أيضاً في بواكير نشر فكرته الجمهورية (أواخر العام 1951)، واستمر بعدئذ في طرح رؤاه العقدية والفكرية والثقافية والسياسية بصبر ومجالدة لأكثر من ثلاثة عقود زمنية، كانت الشجاعة المذكورة زادها الذي لا ينضب. ثمَّ توجها بوسام لا يعرف الصدأ وهو يتمسك بمبادئه ولا يحيد عنها قيد أنملة، ففي ظل ظروف بات فيها الموت ينشر أشرعته السوداء في كل مكان، صعد لمنصة الإعدام كصديق يريد أن يلتقي صديقه بعد طول غياب. وعندما تفاقمت تلك المشاعر التي استنطقت الصخر العصيا، بلغت سنامها بتلك الابتسامة الغامضة في لحظة تاريخية تتقاطع تماماً مع معانيها، ولذا برغم اجتهاد المجتهدين لن يستطيع أي كائن أن يسبر غورها ولو تنزلت عليه غيثاً من السماء. ويقيني أن صاحبها هو الوحيد الذي سينزع عنها اللغز في يوم يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه! (6) ثالثاً: لعل الزهد والبساطة والتعفف هو الفسيلة الأخرى التي تطالعها في شجرة الوصية بما لا تستطيع أي عين نكرانه إلا من رمدٍ. فالزهد أصلاً هو ما ميز حياة الأستاذ فيما بعد. لقد كان زاهداً حد الاخشوشان في ملبسه ومأكله ومشربه ومسكنه. وهو الذي كان بمقدوره إن لم يعش ترفاً فعلى الأقل أخذ نصيبه من الدنيا بكده وعرقه وفق وظيفته الأصلية النادرة كمهندس في ذاك الزمان. أو فيما بعد وقد تحلق حوله تلاميذ يسدون عين الشمس. يقيني لم يكن الزهد الذي اتبعه الأستاذ محمود محض تظاهر بقدر ما هو دروس ألقاها علينا ونحن عنها غافلون. ولا أدري كيف استطاع العيش للعقد السابع من عمره بذاك الطعام الذي لم تتوفر فيه العناصر الغذائية الكاملة المعروفة؟ ولا أدري كيف غالب شهوات النفس وهو يحصرها في ملبسٍ واحد لا شريك له؟ المفارقة التي لن يستطيع المرء سبر غورها، أن تلك كانت حياة الضحية الذي وصم بالردة وسلوكياته تنم عن هذا الخُلق العظيم، ما بال الجلاد الذي ادّعى المنافحة عن الإسلام يلبس الحرير والسندس والإستبرق وقومه عراة؟ كيف له أن يأكل من الطعام أطايبه وشعبه جائع؟ حتّام يسكن قصوراً بُنيت من دم فقراء يكدحون كدحاً في الدنيا إلى أن يلاقوا ربهم. لقد مضى الأستاذ محمود إلى رحاب ربه وترك لنا من خلفه ثروة تضم »ثوب وعراقي وسروال وطاقية ومركوب وأبريق وسجادة« هي كل ما شاهدت في غرفة الجالوص القابعة في الثورة الحارة الأولى. ولا نملك إلا أن نقول من أراد أن يرى رجلاً كان أكله القديد فليتأمل في حياة محمود محمد طه، ومن » سرّه أن ينظر إلى زُهْدِ عيسى بن مريم فلينظر إلى محمود محمد طه«. والأخيرة هذه قالها الرسول الكريم في أبي ذرّ.. فتأمل! (7) قال سقراط فيما قال (ينبغي على الإنسان أن يفهم نفسه قبل أن يفهم العالم حوله) أما أبو ذر المذكور أعلاه فهو أبو ذر الغفاري، ولا شك - يا قارئي الكريم - أنك قرأت عنه أنه نُفي أو هُجَّر إلى الربذة مغاضباً سيدنا عثمان بن عفان بسبب ما آل إليه حال الخلافة فيما اعتبره تبذراً وإسرافاً. ولما أدركته الوفاة بكت زوجته أم ذرّ، فقال لها ما يبكيك؟ فقالت: ما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاةٍ من الأرض، وليس عندي ثوب يسعك كفناً لي ولا لك. أما أنا يا عزيزي القارئ فعلاوة على ما قرأت عن أبي ذر وزهده، فقد حدثني عمنا الراحل يونس الدسوقي، وكان مثقفاً موسوعياً، ذرب اللسان عذب الكلام، عندما يتحدث يملك شغاف قلوب سامعيه بصوته الذي يعلو حيناً وينخفض أحياناً وفق مقتضيات السرد. وكان عم يونس - كما يحلو لنا أن نناديه - صديقاً للأستاذ محمود، وبالرغم من اختلاف مشاربهما الفكرية إلا أنهما تحابا في الله على حد تعبيره. ذلك كان إبان عمل الأستاذ كمهندس ري في المشاريع بمدينة كوستي في منتصف الخمسينات. حدثنا عم يونس ذات يوم وكنا رهط من أصدقائه حديثاً شفيفاً عن الأستاذ في تلك الفترة، وما يهمنا منه فيما نحن بصدده، قال إنه كان يحضر إلى كوستي من عمله بالمشاريع عند نهاية كل شهر حاملاً معه مرتبه الشهري، فيضعه في سلة صغيرة تحت منضدة تتوسط غرفته، وما أن يسمع الناس بمجيئه فيتدافع نحوه أصحاب الحاجات، ويشرحون أحوالهم الدنيوية طلباً للمساعدة، فكان يوجههم نحو تلك السلة ويطلب من السائل أن يأخذ ما يكفيه، ويستمر على هذا المنوال إلى أن تفرغ السلة من المبالغ التي ضمتها، فيستدبر الأستاذ كوستي عائداً لمكان عمله، ويتكرر الموقف في الشهر الذي يليه.. وهكذا دواليك! (8) عندما نتأمل هذه القيم ندرك تماماً لماذا تآمرت خفافيش الظلام على قتله. والناظر لحال الذين طغوا في البلاد اليوم وأكثروا فيها الفساد يدرك تماماً ما كان أمامهم إلا أن يفعلوا فعلتهم الشنعاء تلك. ذلك لأن حياة الأستاذ محمود بذلك النمط الذي ذكرنا تتضاد تماماً مع الصورة التي نراها أمامنا الآن. فقد قتلوه كي يخلو لهم الجو ليبيضوا ويفرخوا فيه بضاعتهم الكاسدة تلك، قتلوه لكي يتمكنوا من نشر أكاذيبهم وأباطيلهم وضلالتهم، فهم يعلمون أنهم ما كانوا سيفعلون لو أن الأستاذ محمود بقامته الفكرية الفارعة، وقدرته الفذة على المجادلة بالتي هي أحسن وفق المنهج الربَّاني، وحكمته التي تميز الخبيث من الطيب، وقدرته في الثبات على المبدأ، أنه بتلك الصفات الوحيد القادر على دحض أكاذيبهم وهزيمة ترهاتهم. لو كان بيننا لما تمددت سنواتهم لنحو ربع قرن. إنني أنعي إليك يا سيدي تقاعسنا عن بلوغ الغايات النبيلة، أرثي إليك حالنا ونحن صم بكم عُمي عن إرث تركته لنا في فضائل الأخلاق، من شجاعة وزهد وبساطة وحلم وحكمة، أشكو إليك جُبننا وقد عجزنا أن نقول مثلك كلمة حق في وجه سلطان جائر! يريدون أن يطفئوا سيرتك يا سيدي وكأنهم لا يعلمون أن فرعها ثابت وأصلها في السماء، يريدون أن يطمسوا ذكراك يا شهيد الأمة، وفي ذكراك انطوى السر العظيم لو تأملوا وكانوا يفقهون! آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وإن طال السفر!!
|
الأستاذ محمود محمد طه: "الوصية التي أرهقتني من أمري عسرا" ( ...ال لأستاذ فتحي الضو)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: كلمة التغيير: بعد 29 عاما على استشهاد الاستاذ محمود محمد طه: لا ل" حد الردة"!
نشرت يوم 18 يناير 2014
تمر اليوم الثامن عشر من يناير 2014م الذكرى التاسعة والعشرون لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، مؤسس الحزب الجمهوري(عام 1945) وصاحب( الفكرة الجمهورية) التي قدمت طرحا جديدا للإسلام.
فتم في مثل هذا اليوم تنفيذ حكم الإعدام الجائر، الذي صدر عن محاكمة هزلية كانت بحق تجسيدا للعبث بالعدالة وتبديد هيبة ووقار القضاء ناهيك عن استقلاليته ومهنيته، فقد اعتقل الاستاذ بتهمة اثارة الكراهية ضد الدولة بسبب معارضته لقوانين سبتمبر التي أصدرها الدكتاتور الراحل جعفر نميري بعد ان نصب نفسه إماما للمسلمين وراعيا لتطبيق الشريعة الإسلامية، وبدلا من ان تتم المحاكمة على أساس التهمة الأصلية تبدل الاتهام الى الردة! وقد كان الاستاذ محقا في عدم الاعتراف بالمحكمة وعدم التعاون معها ووصف قضاتها بالوصف الذي يستحقونه( ضعف التأهيل الفني والأخلاقي والخضوع للسلطة التنفيذية).
إن استدعاء هذه الذكرى الأليمة لا بد ان يتم في سياق التفكير الجدي في مستقبل حرية الضمير وحرية الفكر والرأي في المجتمعات المسلمة، لأنها قضية مركزية في نهضة المجتمعات، لا سيما ان الأفكار المتخلفة التي أوصلت الشهيد محمود محمد طه إلى حبل المشنقة ما زالت مستشرية وبشكل مخيف سواء في المجتمع السوداني أو غيره من المجتمعات العربية والإسلامية. فإذا كنا نتطلع لبناء مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ومنها حرية ضميره وفكره، فإننا حتما نحتاج لمشاريع فكرية وثقافية تتصدى بحزم واقتدار للتفسيرات الجامدة والمتخلفة للدين، التي ما تزال الى يومنا هذا تصدر فتاوى التكفير وتدعو لتطبيق حد الردة على من تعتبرهم كفارا حسب فهمها القاصر للإسلام الذي تفترض انه الفهم المعياري الصحيح والوحيد للإسلام. ان التصدي لمثل هذه الأفكار مهم لتجريدها من المشروعية الدينية وتعرية استغلالها للدين في تصفية الخصومات السياسية، فالإصرار على "حد الردة" ظاهره الدين وباطنه"السياسة"! وعلى مر التاريخ الإسلامي تم استغلال موضوع الردة في قتل المعارضين للسلطة السياسية وتبرير قتلهم للجمهور بمبررات دينية لكسب التعاطف "السياسي"، لذلك ليس غريبا ان نجد المادة 26 من القانون الجنائي السوداني في عهد الإنقاذ(التي احترفت استغلال الدين في السياسة) تنص على الآتي( (1) يعد مرتكباً جريمة الردة كل مسلم يروج للخروج من ملة الاسلام او يجاهر بالخروج عنها بقول صريح او بفعل قاطع الدلالة. (2) يستتاب من يرتكب جريمة الردة ويمهل مدة تقررها المحكمة فاذا اصر على ردته ولم يكن حديث عهد بالاسلام ، يعاقب بالإعدام .(3) تسقط عقوبة الردة متى عدل المرتد قبل التنفيذ)
ان تطبيق مثل هذه المادة يحتاج الى "محاكم تفتيش" تفتش في ضمائر المسلمين وتحدد ما إذا كانت أقوالهم أو أفعالهم خروجا عن الإسلام أو لا! ومثل هذه الأحكام مفصلة خصيصا لمواجهة الخصوم او المنافسين السياسيين، لذلك لا بد من تصدي حاسم من قبل نشطاء حقوق الإنسان والأدباء والمفكرين والفنانين والمثقفين لقضية (حرية الضمير) بحشد الرأي العام ضدها على أسس فكرية، وهو ما يتطلب تكثيف النشاط التنويري بمختلف الوسائل، لأن مجرد التغيير السياسي لا يكفي لحماية (حرية الضمير والفكر)، فقد صدر حكم بالردة على الجمهوريين من المحكمة الشرعية عام 1968م وقد كان النظام السياسي ديمقراطيا! والى يومنا هذا عندما تثار قضية الشهيد محمود محمد طه ينصرف النقاش في كثير من الأوساط الى جدل فقهي تقليدي حول إسلامية أو عدم إسلامية أفكاره! في حين ان محور النقاش يجب ان يكون هل هناك مشروعية لإعدام إنسان بسبب أفكاره ومعتقداته أم لا؟ ان بذور العدوان على حرية الضمير والفكر كامنة في ثقافة المجتمع، ولا بد من التصدي لذلك في طريق تأسيسنا لديمقراطية حقيقية،هناك نشطاء حقوقيون نظموا حملات لمناهضة مواد بعينها في القانون الجنائي مثل المادة(149) التي تخلط بين جريمتي الاغتصاب والزنا، والمادة(152) عن الزي الفاضح، وفي هذا اليوم ندعو الى تنظيم حملة واسعة ضد المادة (126) من القانون الجنائي، لحشد الرأي العام السوداني ضد محاكمة اي إنسان بحجة "الردة".
|
http://www.altaghyeer.info/ar/2013/editorial/2685/
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عماد موسى محمد)
|
Quote: في ذكرى إغتياله التاسعة والعشرين: الأستاذ محمود محمد طه , مضاء الفكر والعزيمة
نشرت يوم 19 يناير 2014
خالد فضل
تمر هذه الأيام الذكرى 29 على إغتيال المفكر الإسلامي الكبير الشيخ محمود محمد طه , الذي تم إغتياله في يوم 18يناير 1985 , بعد محاكمة مهزلة لطخت جبين القضاء السوداني,
إذ تمت محاكمة الفكر بالردة , ونفذ الحكم على شيخ جاوز السادسة والسبعين من العمر شنقا وسط ابتهاج واحتفالات من سدنة سلطة مايو المبادة التي كانت في تلك الأيام تستند على تأييد جماعات الإسلام السياسي , ولا غرو أن تم تحوير التهمة التي أعتقل الأستاذ وصحبه بموجبها من إثارة الفوضى أو مناهضة النظام الى الردة, وعوضا عن المحاكمة وإصدار الحكم بموجب قوانين جهاز الأمن وأحكام الطوارئ التي كانت سائدة ساعتئذ , تم إصدار الأحكام من القاضي المكاشفي طه الكباشي بموجب قوانين تفتيش الضمير ولوائح المكارثية التي سادت بلادنا على أخريات عهد مايو , وما تزال.
لقد شكلت تلك الواقعة تحديا ما تزال آثاره ماثلة بل تفاقمت عندما آل أمر البلد كلها لتلك الجماعة القاصرة فكريا وأخلاقيا , غير المؤهلة أدائيا ودينيا ,فقد صدم الناس لحادثة الإعدام تلك , وصدم الناس كذلك أن تجد تلك الواقعة من ينفذها بدم بارد وإظهار الفرحة والإبتهاج لدرجة التهليل والتكبير مما شكل صدمة قاسية لأصحاب الضمائر الحية في كل أصقاع الدنيا وهزت الشعور الإنساني بصورة فظيعة , بيد أنها من جانب آخر قد أشرت الى حجم التردي الذي أنحدرت اليه الجماعات الإسلامية والتي تنتمي الى الإسلام شعارا وبينها وتعاليمه السمحة بعد المشرق عن المغرب. فقصارى ما بذله الأستاذ محمود من جهد كان يصب في خانة فهم مستنير وعصري للدين الإسلامي ومقاصده التي لا تخرج في عمومها عن العدالة والحرية والمساواة وغيرها من القيم الإنسانية النبيلة التي تشكل عصب الدعوات الإصلاحية وجوهر الأديان السماوى منها والوضعي, كما أن الطريق الذي أختطه الأستاذ وسار عليه حتى صعوده الباذخ الى حبل المشنقة قد ألهم دعاة التغيير معاني التضحية والثبات على المبدأ , وقد كان لنهجه السلمي في الدعوة لما يراه صحيحا أثر أقوى في نيل إحترام من يخالفه الرأي قبل مؤيديه, والى الأستاذ وتلامذته من أعضاء الحزب الجمهوري يعود الفضل في إفتراع لغة الحوار بالتي هي أحسن , وفي جامعة الخرطوم كان الأخوان الجمهوريون أول من إبتدر أركان النقاش التي صارت سنة حميدة في الوسط الجامعي قبل أن تهضلم أجواء بلادنا وتتلبد سمواتها بفحيح أفاعي جماعات الهوس الديني المسيطرة منذ ربع القرن , فتحول كل إرث التسامح الى عنف مادي ولفظي فج يصدر من أعلى قمة الحكم الى أدنى مستويات منسوبي السلطة , بل صار العنف اللغة الوحيدة التي يستخدمها تيارات الإسلام السياسي , وصار سلوكهم اليومي والمعتاد مما قاد الى سيادة العنف في حياة السودانيين بصورة غير مسبوقة وأصبح أي سوداني يرى ألا خير من أي حوار سلمي لإنتزاع الحقوق المشروعة , فقدآلت الدولة السودانية برمتها الى التيار الذي وقف خلف وساند السفاح الراحل جعفر النميري لإرتكاب جريمته البشعة تلك وهو يختلق لها المبررات الدينية ويستغل المشاعر الإسلامية ويدغدغ الأفكار الساذجة التي لا ترى في الإسلام الا شعائره, ولا تعرف من الدين الا ما يصدره
سلطان الزمان, وهي آفة لازمت الدين الإسلامي منذ فجر دعوته مع الأسف , فقد ظل الفكر محاربا ودعوات الرشد مؤودة من ابن رشد الى محمود,.
لقد إمتاز الفكر الإسلامي للإستاذ محمود بالإستنارة والعقلانية وأجتهد في تنزيل دعوات الله المتكررة في القرآن الكريم لإعمال العقل والتدبر والتفكير, وكان جزاء إجتهاده ذاك الإعدام بوساطة سلطة متقحمة على الدين وجماعة مستغلة للإسلام في تحقيق غايات دنيئة لا تمت لصفاء الدين بصلة ولا تعبر عن مقاصده التي لا تتعدى سعادة الإنسانية ورفاهها وجعل حياتها أفضل وتحقيق غاية الله من خلق البشر وجعلهم يقطنون الأرض لعمارتها ليتم التفاوت بينهم حسب كسب عقولهم وليس عبر إلغاء العقل وإدعاء التدين كما هو سائد في بلادنا وفي معظم بلدان المسلمين التي ابتليت بمثل تلك الجماعات الإرهابية .
لقد قدم الأستاذ محمود نفسه فداء الفكرة الناصعة التي أوقف عمره من أجلها لا يبغي سلطة أو صولة ولا يرغب في جاه أو سلطان , بل عاش ما آمن به وما رآه حقا وصدقا وهو في فهمه للدين الإسلامي يعد من أقرب الدعاة إذ إتسم سلوكه بمطابقة أقواله وربى صحبه على نهجه فكانوا غير , يقابلون الإساءة بالإحسان والغلظة بالتسامح والعنف بالكلمة الهادئة الرصينة , كما رباهم معلمهم على أن الدين المعاملة والخلق العظيم فكانوا يتمثلون قيم الدين في سلوكهم , وهذا الأمر أوغر صدور من يصدرون في الدين عن طريق السمسرة ويعتبرونه تجارة رابحة واستثمار مضمون طالما ظل في خانة العواطف لا يتجاوزها الي لب العقول وهذا هو بالضبط أحد أهم إسهامات الفكر الجمهوري والأستاذ محمود مما جعله حاضرا بقوة ورغم البطش الدموي والجريمة النكراء في حق الشهيد محمود والفكر بصورة عامة الا أن بذرة الوعي ما تزال متقدة وستؤتي أكلها , فقد إنكشف زيف دعاة الإسلام السياسي المتاجرين به , وانفضح سلوك الهمج من جماعات الإرهاب باسم الإسلام والغد سيكون للعقل وللفكر وللعقلانية والتأمل والتدبر وغيرها من ممارسات لم يحض القرآن علي فعل شئ أكثر من حضه عليها . ولتظل مأثرة الأستاذ محمود حاضرة تعبر عن مضاء الفكر والعزيمة. |
http://www.altaghyeer.info/ar/2013/articles_opeds/2699/
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: هلموا الى إفيائه فهو جنة - (أحتفالات العالم بالذكرى 2014) (Re: عبدالله عثمان)
|
شكرا يا أمير يا بدر على رفع البوست... رفعكم الله مكانا عليا
Quote: انتزاع الحقوق من براثن الشمولية الدينية..إعلان عن حركة مطلوبة عاجلاً!!
نشرت يوم 15 يناير 2014 شمس الدين ضوالبيت السودانيون ليسو بحاجة الى شهادة جديدة من أحد ليؤكد لهم كريم خلقهم, أونبل محتدهم, وأصيل صفاتهم, وهي صفات ترسخت ثمرة لتلاقح وتمازج بشري تاريخي وحضاري جرى على هذه البقعة من الأرض المسماة السودان عبر آلاف السنين,
وزهرة تنوع ثقافي أورثهم بنزوعه الكامن للمشاركة عشقاً للحرية وأرضية إجتماعية ديمقراطية في طبيعتها. إذ تفرد وتميز السودانيون من بين الشعوب بهذه السمات في كل مكان دفعتهم إليه ظروف بلادهم الاقتصادية أو السياسية, أو سعوا إليه بحر إرادتهم رغبة في الاستزادة بعلم أوإكتساب تجربة. وهم تفردوا وتميزوا بهذه الصفات كسودانيين. لا بأعراقهم أو قبائلهم السودانية, ولا بأصولهم الجهوية شرقاً أو غرباً, شمالاً أو جنوباً, وإنما كسودانيين وحسب, سودانيون الذي يجمع بينهم, قبل حدودهم الجغرافية, هو هذه الصفات والسمات الشخصية. حتى الحروب الأهلية التي دارت على أرض السودان, والصراعات والنزاعات الكثيرة, والتمردات والثورات السياسية التي سبق بها الشعب السوداني شعوب المنطقة العربية الافريقية, منذ الثورة المهدية 1881م, حتى هذه الحروب والثورات والتمردات, برغم من ما خلفته من آلام ومعاناة, لا تعبر في مجملها وجوهرها إلا عن هذه التميز والتفرد, لأنها كانت في عميق منطلقاتها إما دفعاً لظلم, أو ثورة لكرامة أو رغبة في عيش كريم في ظل مواطنة متساوية. فهي إذاً انعكاس لدينامية المجتمع السوداني وحيويته, ولعزة نفس وإباء شعوبه.
وإذا كانت هذه النزاعات قد تطاولت وأمتد بها الزمن, وإذا كانت نتائجها قد تفاقمت حتى أصبحت تهدد كيان الدولة والمجتمع, فليس ذلك إلا مؤشر على رفعة التطلعات وسموها في مواجهة عظم التحديات والعقبات التي تقف أمام هذه التطلعات, في إقامة نظام حكم يحقق الاستقلال السياسي والرفاه الاقتصادي والنهوض الثقافي والاجتماعي, ويقوم على التنمية الشاملة العادلة والمتوازنة القابلة للاستدامة. ومهما يكن من أمر, فإن كانت تراكمات هذه النضالات الكثيرة والمتواصلة لم تفرز حتى الآن إلا آلاماً ودماء ومعاناة هائلة, فإن مآلاتها ستكون حتماً, ولو بعد حين قريب, طفرة سياسية نوعية تستجيب لتطلعات السودانيين في نظام سياسي يطابق سماتهم الشخصية ويستجيب أستجابة وافية لخصائص بلادهم الاجتماعية. لقد تركزت أسباب النزاعات والثورات والتمردات في السودان حول قضايا: الهوية والتنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة؛ والفقر والتنمية غير المتوازنة؛ والتنافس على الموارد الطبيعية, بالإضافة إلى أشكال مختلفة من الاستبداد وتشظي البنى والمؤسسات الاجتماعية, والموروثات السالبة للحقبتين الاستعماريتين التركية والبريطانية. وإذا أعدنا النظر لهذه القضايا والمشاكل سنجد أنها مسائل ومشاكل ملازمة لمعظم المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة, وسنجد أن الغالبية العظمى من هذه المجتمعات لا زالت تكابد مع هذه القضايا, دون حلول مستدامة. بعضها ينكرها, أو لم يفطن إليها, بينما تومض نيرانها تحت السطح, والبعض الآخر استسلم لتداعياتها المهلكة, وآخرون أغفلوا عن إدراك مسبباتها فظلوا يتخبطون يمنة ويساراً في مواجهتها.
في السودان لم يقترب الأداء السياسي والاقتصادي في الحقبة الوطنية, بعد الاستقلال, من معالجة هذه القضايا, ولم يقدم الكثير للإجابة على أسئلة الحرب والسلام والهوية, وحسن إدارة التنوع والتنمية. وعجزت الحكومات الوطنية المتعاقبة عن إقامة نظام حكم يكفل الحريات ويحقق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية, ويقوم على المشاركة والتراضي والشرعية. ولم تستطع بالتالي تعزيز الاستقلال السياسي الذي حصل عليه الوطن, باستقلال اقتصادي ونهوض ثقافي واجتماعي يكفل سلاماً اجتماعياً قابلاً للاستدامة, لأنها فشلت فشلاً كاملاً في إطلاق الطاقات البشرية والمجتمعية الكامنة للسودانيين, من أجل إحداث التغيير, وتوفير الاستقرار السياسي والاجتماعي الضروري لاستثمار الموارد الطبيعية الهائلة لبلادهم. ويعود هذا الفشل في إطلاق طاقات السودانيين إلى أن التكوينات السياسية التي تولت حكم البلاد لم تكن أحزاباً بالمعنى المعروف, قامت على أسس فكرية جامعة وملهمة للمجتمع أو جزء معتبر منه, وإنما كانت تحالفات طائفية وقبلية في الأساس, انضوى تحت لوائها بعض المتعلمين والمثقفين اختصاراً للطريق إلى عامة الناس. بينما طبيعة الأحزاب أنها مواعين تنظيمية هدفها حشد الطاقات حول رؤى فكرية تعبر عن ضرورات اجتماعية. ذلك هو النموذج الذي أعطته الثورة المهدية في نهايات القرن التاسع عشر, لما يمكن أن يطلقه الإيمان بفكرة من طاقات هائلة, حيث تمكنت جماهير البسطاء من السودانيين الذين آمنوا بنداء الحرية والعدالة الاجتماعية الذي أطلقته المهدية, من أن يهزموا أكبر امبراطورية عرفها تاريخ البشرية, وينتزعوا من براثنها حريتهم ووحدة وطنهم السليب, قبل ما يقارب القرن ونصف..!
ولم تقدم الأحزاب الجديدة, اليسارية والإسلامية جديداً في هذا المسألة, لأن نشأتها وبرامجها لم تكن مرتبطة بواقع المجتمع السوداني منذ البداية, وإنما سعت لسودنتها في مسيرتها اللاحقة, ولكنها حملت معها –برغم ذلك- سمات الغربة هذه في صلب منظومتها الفكرية, ولم تستطع هي الأخرى, بالتالي, إطلاق طاقات السودانيين أو أغلبيتهم بالفكرة الدافعة الجامعة والملهمة, النابعة من أوساطهم. لأن كل منظومة فكرية أو بناء تنظيمي ليس مغروساً عميقاً في تراث الأمة لن يكون قادراً على قيادتها أو تغيير حياتها إلى الأرقى. وفقاً التكوينات السياسية التقليدية والأحزاب العقائدية الجديدة تلخصت أزمة الأمة السودانية, وتحددت -وباالتالي طرائق الخروج منها- في تيارين رئيسين عريضين, تقاسما فئات المثقفين والمتعلمين, وتعددت وتدرجت في إطارهما ظلال المواقف السياسية: يذهب التيار الأول إلى أن الأزمة ناتجة عن سيطرة وتحكم طبقات وفئات اجتماعية على كامل البلاد, سياسياً واقتصادياً واجتماعياً, في ظل مركزية وهيمنة الثقافة العربية الإسلامية, التي تتخذ تجلياتها أشكالاً إثنية وعرقية. وهذا التيار يتبنى مفاهيم اليسار العام الذي يعتمد التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية منهجاً للتحليل, ومدخلاً للحلول. ويشمل هذا التيار الأول الحزب الشيوعي السوداني, وأحزاب وتنظيمات اليسار والقوى الحديثة, والأحزاب القومية العربية, وأحزاب القوى الحديثة, والفئات الليبرالية في الأحزاب التقليدية, والحركة الشعبية لتحرير السودان, وإلى حد كبير الحركات المسلحة الدارفورية, ومدارس المركز والهامش المختلفة. وكما سبقت الإشارة يرى هذا التيار -يميناً ويساراً- أن الصراع في السودان هو صراع طبقي له تجليات ثقافية تتمثل في هيمنة الثقافة العربية الإسلامية, وويذهب جناح اليسار فيه إلى أن حسم الصراع في مستواه الطبقي, بالاستيلاء على السلطة, وإعادة توزيع الثروة, والقيام بعمليات تنموية, سيؤدي تلقائياً إلى سقوط التجليات الثقافية, ويحسم قضايا الهوية وإدارة التنوع, والعلاقة بين الدين والدولة, والفقر .. إلخ هذه المتوالية. وكان هذا التيار في النظر إلى الأمور هو الغالب في عهد الحكم العسكري الأول ومعظم فترة الحكم العسكري الثاني, وعقب ثورة اكتوبر وانتفاضة ابريل, وتمت في عهده معظم الانجازات التنموية المادية في الحقبة الوطنية, وذلك على مستوى البنية التحتية والطاقات الانتاجية والخدمية.
ولكن كما هو معلوم لم يستطع هذا التيار إيجاد حلول مستدامة لأي من القضايا التي سبق ذكرها, وظلت كما هي أو تفاقمت صراعات الهوية وإدارة التنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة؛ ومشاكل الفقر والتنمية غير المتوازنة. ولم تتوقف الحرب بين الشمال والجنوب لفترة, إلا لتعود أكثر أواراً وشدة. ولحق الفشل أيضاً أداء المكونات السياسية الجديدة لهذا التيار وعلى رأسها الحركة الشعبية لتحرير السودان, سواء في فترة شراكتها في حكم السودان الكبير او عندما انفردت بحكم جنوب السودان. وكانت أكبر علامات الفشل, وأوضحها في تبيان خطأ منهج هذا التيار, وأخطرها على مسقبل السودان أن البنية الايديولوجية العربية الإسلامية, التي أعتبرها التيار إحدي تجليات الصراع الطبقي الدائر في السودان, و تنبأ بانهيارها أو انحسارها على الأقل تحت وطأة انجازاته التنموية, حتى وإن كانت محدودة- أن هذه البنية العربية الإسلامية تكرست وقويت, وتمكنت في آخر الأمر من اكتساح الدولة واجتياح أو إضعاف ما تحقق من منجزات مادية ومعنوية, بما فيها معسكر الحداثة والتقدم ذاته, الذي يمثله هذا التيار الأول. ولن يكون صعباً تفسير الأسباب التي قادت لفشل هذا التيار, فهي, أولا, أن مفهوم (الطبقة) الاجتماعية المرتبط بمفهوم التشكيلة الاقتصادية, وبالمجتمعات الصناعية الغربية, والذي يشكل العمود الفقري لتحليل هذا التيار للأزمة, لا وجود له في المجتمعات ما قبل الرأسمالية, مثل المجتمع السوداني. صحيح أن هناك تفاوتات اقتصادية ولكنها لا تصلح للتحليل للمجتمعي, لضعف تكوينها وهشاشة تماسكها, الذي لا يجعل أثرها محدوداً, فحسب, بل يشير أيضاً إلى تابعيتها لمحددات أخري. ويرتبط بهذا الذي سبق, ثانياً, أن المجتمعات التي تقوم على الانتماء لطبقة, هي مرحلة في تطور المجتمعات تسبقها مرحلتان, اولاهما مرحلة المجتمع الذي يقوم على الإنتماء الأسري القبلي والإثني, أي على روابط الدم, والثانية مرحلة المجتمع الذي يقوم على الإنتماء الديني والثقافي. وهي المرحلة التي تشمل المجتمع السوداني حالياً.
في هذه المرحلة الثانية -مرحلة الانتماء الديني والثقافي- فإن إشكاليات الهوية والتنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة, وقضايا الحرية والديمقراطية.. إلخ, هي إشكاليات فكرية ثقافية محض, بمعنى أن الأساب الجذرية للنزاعات المرتبطة بها تجد أسسها ومبررات وجودها في المكونات الفكرية والثقافية للمجتمع المعني, وفي حالة السودان فإن هذه المكونات هي مكونات دينية مغروسة في عقائد الناس وذهنياتهم, وتتمتع, حتى في إطار الربط الجدلي بين الفكر والواقع باستقلال نسبي يميل إلى أن يكون كاملاً, أي أنها مستقلة عن واقعها الاجتماعي, لا يتحكم فيها, وإنما تتحكم فيه. وبالتالي فإن الصراع في السودان ليس صراعاً طبقياً له تجليات ثقافية سلبية على مستوى الهوية وإدارة التنوع, كما يذهب التيار الأول لتحليل الأزمة السودانية, وإنما هو صراع ثقافي له تجليات تنموية وتفاوتات اقتصادية سالبة. هذا ما يتعلق بالتيار الأول وأطروحاته. أما التيار الثاني فهو التيار الذي يتبنى الرؤية الدينية ويرى أن أزمة المجتمع والدولة السودانية تعود لابتعادها عن الدين, وأن ذلك هو سبب تخلف السودان وبقية البلدان الإسلامية, فرضه عليها الاستعمار لتغريبها عن معتقداتها, وإبعادها عن مصدر قوتها وعزها الحضاري, وأن الرجوع إلى الدين يكمن في تطبيق الشريعة, فبها وحدها يستطيع السودانيون والمسلمون عامة تحقيق استقلالهم والعودة لسابق مجدهم. وقد نظم هذا التيار, منذ منتصف الخمسينات, حملات راتبة للدعوة للدستور الإسلامي, وذلك إلى أن فرض نميري ’الحدود الشرعية‘ في 1983م, وأكملت الحركة الإسلامية مشروع هذا التيار بتطبيقها الكامل للشريعة على مدى السنوات الخمس وعشرين الماضية.
لقد ساهمت الفترات الطويلة التي تولى فيها هذا التيار الحكم في السودان, ليس فقط في الكشف عن الفشل الذريع والكارثي,لأطروحاته, وإنما ساهمت أيضاً وبصورة حاسمة في الكشف عن طبيعة الأزمة وأسبابها الجذرية العميقة. ويضم هذا التيار الأحزاب التقليدية الكبيرة التي تدعو بحكم نشأتها الدينية إلى الدستور الإسلامي, كما هو الحال مع الحزب الإتحادي الديمقراطي, أو الصحوة الإسلامية في حزب الأمة. كذلك دعت وعملت الحركة الإسلامية, بأفرعها الكثيرة, حديثة النشأة نسبياً, وبصورة حاسمة, على أسلمة الدولة والمجتمع عن طريق تطبيق الشريعة, والتأصيل الإسلامي, والتمكين للإسلاميين, والجهاد ضد من يثور على حكمها من المسلمين وغير المسلمين. وكان لفترة تولي الحركة الإسلامية للحكم في السودان -على وجه التحديد- الإسهام الأكبر في التعريف بطبيعة التحديات والعقبات التي واجهت وتواجه نضالات مجموعات سودانية كثيرة من أجل حقوقها المشروعة في إقامة نظام حكم يحقق الاستقلال السياسي والرفاه الاقتصادي والنهوض الثقافي والاجتماعي للجميع. إذ شكلت مكونات سياسات الحركة الإسلامية أثناء فترة حكمها النقيض الكامل لأهداف نضالات وتطلعات هذه المجموعات. هذا في الوقت الذي عبرت فيه هذه السياسات عن الصياغة النظرية العالمة والواعية بذاتها لمفهوم وعناصر المركزية الثقافية الإثنية العربية الإسلامية في السودان المتعدد الأعراق والثقافات. والمعني بهذه المركزية الثقافية والإثنية هي نظرة اجتماعية ترى أن المجموعة العربية الإسلامية في السودان, تختص بميزات معينة على مساكنيها من المجموعات الأخرى, وأنها مركز الأشياء كافة التي يجب أن تقاس باقي المكونات عليها.
فإذ ظلت هذه المركزية هي السمة البارزة في الحياة السياسية والاجتماعية, منذ ما قبل استقلال السودان, إلا أنها كانت مركزية ثقافية وإثنية تقليدية, غير واعية بذاتها, غير منظر لها أو معبر عنها, في الوثائق السياسية السودانية, بصورة مباشرة. بل كانت تتراجع حتى في الفترات الديمقراطية, بما تتيحه هذه من حريات نسبية وحملات انتخابية وفرص أوسع للمشاركة السياسية, تفسح مجالات أوسع وأقوى للتعبير عن التنوع الثقافي والتعددية في الحياة السياسية. ولكن مع وصول الحركة لإسلامية وتوابعها السلفية الأخرى إلى السلطة فُصّلت عناصر ومكونات هذه المركزية, وأودعت في القوانين والدساتير والسياسات العامة للدولة.
في هذا الإطار استخدمت الحركة الإسلامية آلياتها (التأصيلية والتمكينية والجهادية) لتطرح, على سبيل المثال, صوراً من مفاهيم الشورى, وطاعة أولي الأمر, وأهل الحل والعقد مقابلاً للديمقراطية, وأشكالاً من مفاهيم أهل الذمة والولاء والبراء والجزية والجهاد للتعامل مع الأخر غير المسلم, ومفاهيم القوامة, والحجاب, وبيت الطاعة, والتكامل الأسري, في مكان المساواة النوعية, ومفاهيم الابتلاء, والصدقة,والتكافل عبر الزكاة لمواجهة قضايا الفقر والتنمية والعدالة الاجتماعية, ومفاهيم ما هو معلوم من الدين بالضرورة والتكفير والردة والرمي بالخروج من الملة, فى مقابل حرية التعبير والنشر والضمير, وفقه البيوع, وربا الجاهلية (الذي لا علاقة له بالفوائد البنكية), للاقتصاد والتجارة والخدمات المصرفية ....الخ. المنظومة المفاهيمية السلفية, هذا بالإضافة إلى إضفائها على الدين بعداً عنصريا كامنأ في صيغته السلفية, هو الانتماء العربي مما أدى إلى تكريس التراتبيات والانقسامات الاجتماعية والعنصرية.
لهذه الأسباب, فإنه في ذات الوقت الذي أخذت فيه سياسات المركزية الثقافية العالمة لنظام الحركة الإسلامية طريقها للتنفيذ, مجللة هذه المرة بسلطان الدولة وقوة أجهزتها التنفيذية, في المراسيم الدستورية أولاً, ثم في دستوري 1998 و 2005, وفي قوانين مثل القانون الجنائي, وقانون المعاملات المصرفية, وقانون الأحوال الشخصية, وقانون الصحافة والمطبوعات, وقوانين الأجهزة النظامية.. إلخ - في ذات هذا الوقت بدأت النزاعات والثورات والتمردات في السودان حول قضايا الهوية والتنوع الثقافي والعرقي والديني؛ والعلاقة بين الدين والدولة؛ والفقر والتنمية غير المتوازنة؛ والتنافس على الموارد الطبيعية, تتفاقم وتتخذ أشكالاً من الشراسة غير مسبوقة ولم تشهدها البلاد من قبل, انتهت إلى اشتعال اربع حروب أهلية إضافية -في شرق السودان, وفي دارفور, وفي النل الأزرق وجنوب كردفان- وانفصال جنوب السودان, ودمار هائل للطاقت الانتاجية الزراعية والصناعية, وتهتك النسيج الاجتماعي بعنف الدولة ضد مواطنيها, وبالفساد, والهجرات الجماعية, والعنصرية, والحروب والنزاعات القبلية وقمع وبشاعة الأجهزة الأمنية, وبجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في مناطق العمليات العسكرية.
ومن ثمّ يتضح جلياً ما كان مخفياً من جذور الصراع وأسبابه, ويتبين أن العراقل والمطبات والتحديات الضخمة التي وقفت أمام نضالات السودانيين من أجل العدالة والحرية والسلام, لم تكن عوائق طبقية لأن نشوء الطبقات لم يكتمل في المجتمعات ما قبل الرأسمالية, ومنها المجتمع السوداني, كما سبق القول, وليس بسبب عدم تطبيق الشريعة فقد طبقها أكفأ فصائل التيار الديني لربع قرن, ولم ينتج عن تطبيقها إلا هذا الدمار العظيم – وإنما كانت العراقل والمطبات بنية ثقافية عميقة تناهض وتعادي التطلعات الحقوقية المشروعة.
أفرزت هذه البنية الثقافية العميقة منظومة دينية سلفية شمولية كاملة, تلتقي في إتفاقهاعلى المكونات الدينية السلفية التي سبقت الإشارة إليها, والعمل على تطبيقها, كما سعت إلى ذلك الحركة الإسلامية في السودان. والمعني بالمنظومة هنا: تيار فكري, ومنهج لتحليل الأزمة وطرح الحلول, ومؤسسات دينية وتعليمية وإعلامية, وتقاليد ثقافية, وأحزاب سياسية, وتنظيمات مجتمعية, وشبكات مصالح, وارتباطات إقليمية..إلخ, تناصر وتدعم بعضها البعض لتكريس وترسيخ عناصر ومكونات تلك البنية الثقافية العميقة. وعلى الرغم من كون هذه العناصر والمكونات قدمت في صيغتها القرآنية النقية الأولى إجابات صحيحة ومتقدمة لأسئلة ومشكلات مجتمعها وعصرها, إلا أنها وبحكم خصوصية السياق الاجتماعي التاريخي الذي أخذت منه, لا تعالج قضايا المجتمعات المعاصرة ولا تجيب على أسئلتها الحاضرة. ذلك أن الله تعالى أنزل القرآن"محكماً ومتشابه", "شرعة ومنهاجاً", "كتاباً وحكمة", "وسائل وغايات", "فروعاً متحركة وأصولاً ثابتة نسبياً". وكل ما ورد من أحكام تشكل في مجملها ما يُعرف بالشريعة هي إجابات تاريخية على أسئلة عصرها, وتطبيق لـ"المنهاج", وتنزيل للحكمة على واقع وظروف ذلك الوقت, ولا يمكن بحال أن تجيب على أسئلة وإشكالات واقع تفصلها عنه ألف وأربعمائة عام من السنين. من ذلك يتضح أن التناقض المركزي في المجتمع السوداني هو, إذاً, تناقض بين حركة مجتمعية سودانية ذات قيم حقوقية (هي من صميم الإسلام بسبب طابعها المرتبط بالكرامة الإنسانية), من جانب, ومنظومة دينية سلفية شمولية تعادي وتناهض, بإسم الإسلام, الحصول على تلك الحقوق, من الجانب الآخر. وتملك هذه المنظومة قدرة هائلة على التعبئة والحشد والتجييش, لأنها استطاعت, لأسباب وعوامل تاريخية, وعبر العديد من الوساائل, من أن تلحق فكرها ومرجعياتها الفقهية, ومؤسساتها ومصالحها -برغم كونها منتجات بشرية عادية قابلة للخطأ والصواب- استطاعت أن تلحقها بذروة المشروعية والسيادة المودعة في الاعتقاد الديني, والمغروسة عميقاً في المرجعية الروحية العليا لكل إنسان مؤمن. ويكشف تتبع تاريخ الحركة السياسية والنضالات الحقوقية في السودان, أن هذه المنظومة, التي تطورت وقويت عبر مراحل بدأت بالغزو التركي المصري 1821, وتواصلت بدخول فكر الإخوان المسلمين إلى السودان في أريعينات القرن الماضي, ثم وصول الجماعات السلفية مع الفورة النفطية في السبعينات, وحتى استيلاء الحركة الإسلامية على الحكم أواخر الثمانينات, يكشف تتبع التاريخ أن هذه المنظومة كانت تتصدى بحملة سياسية واجتماعية مناوئة في كل مرة ظهرت فيها بقوة مطالب حقوقية لجماعات سودانية. فقادت أول حملة للمطالبة بالدستور الإسلامي منتصف الخمسينات في أعقاب مطالبة الحركة السياسية الجنوبية بالفيدرالية للأقاليم الجنوبية ضمن مفاوضات الاستقلال؛ وقادت الحملة الثانية الكبري للمطالبة بالدستور الإسلامي بعد منتصف الستينات في أعقاب توصيات لجنة الإثني عشر المنبثقة عن مؤتمر المائدة المستديرة, والتي نصت على قدر أوسع من الاستقلالية وحقوق المواطنة لجنوب السودان؛ وناوأت إتفاقية أديس أبابا منذ الوقيع عليها عام 1972, وتمكنت من دفع نميري لتطبيق الشريعة وإعدام الأستاذ محمود محمد طه بعد أن ألغى الإتفاقية عام 1983؛ واستبَقت نتائج إتفاق الميرغني قرنق الذي أبرم 1988, بالانقلاب على الحكومة الديمقراطية المنتخبة 1989, والتطبيق الكامل للشريعة عام 1991؛ ثم أعلنت أن السودان أصبح خالصاً لـ"لشريعة" واللغة العربية, في خطاب رئيس الجمهورية في القضارف, عشية انفصال الجنوب. وهي تراوغ وتناور حالياً للإبقاء على هيمنتها, بعد أن أنهكتها رزايا خطلها وخطاياها, في مواجهة المطالب الحقوقية والديمقراطية المشروعة -النافية لها- من جموع السودانيين, لا سيما شعوب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. ويعود جزء من أسباب حالة "الاستعصاء" وتطاول آماد النزاعات التي تميز الأزمة السودانية إلى هذا الطابع الديني للمنظومة المناهضة للحقوق, وإلى قدرتها على التعبئة والحشد والتجييش, وإلى الدعم الذي وجدته وتجده من رأي عام سلفي إقليمي مدعوم من قبل الدولة العربية والإسلامية. ولكنه يعود في ذات الوقت إلى قوة الحركة الحقوقية التي تنغرس قيمها عميقاً أيضاً في تركيبة الذات البشرية وأصول الكرامة الإنسانية, مدعومة بتراث النضالات المتواصلة لمجموعات سودانية عديدة من أجل نيل حقوقها المشروعة, وبتداعيات العولمة, وصعود الحركة العالمية لحقوق الإنسان, والإرث الإنساني لنضالات الشعوب على نطاق العالم. ولكن جزءاً آخراً من أسباب حالة الاستعصاء يعود إلى إخفاق الفكر السياسي السوداني عن تبين هذا التناقض المركزى في الصراعات السودانية, وأنه بين الحركة الحقوقية المشروعة للسودانيين, من جانب, والمنظومة الدينية السلفية الشمولية من الجانب الثاني. وأن هذا التناقض المركزي هو الذي قاد إلى تفجر إشكالات الهوية, والوحدة الوطنية, والحروب الأهلية, وهو التحدي الذي يواجه ثقافة الديمقراطية والمساواة النوعية والسلام وحقوق الإنسان, والسبب في الاستعصاء الدستوري لقضية العلاقة بين الدين والدولة والسياسة. وقد تحولت هذه الأخيرة – العلاقة بين الدين والدولة والسياسة- لتكون القضية المركزية في الأزمة السياسية ,والعنصر الذي يلخص استعصاءها وتجتمع فيه نقائضها.
لقد تكرر في ما سبق أن الفكر السياسي انقسم في هذا الأمر إلى تيارين ينكر أحدهما أهمية العامل الثقافي ابتداءاً, ويصنفه تابعا للطبقة, بينما يتبنى التيار الثاني مكونات وعناصر هذا العامل الثقافي ويتماهى معها. ولكن هناك إستثناء كبير وبالغ الأهمية هو الفكر الجمهوري, الذي ابتدر -برغم بعض إشكالات المنهج- أكبر حركة فكرية للإصلاح الديني في التاريخ الإسلامي الحديث والمعاصر, استهدفت, على وجه التحديد, المنظومة الدينية السلفية الشمولية المذكورة في السودان, بعد أن شخصها الفكر الجمهوري على أنها العامل الرئيسي في التحديات السلبية التي تواجه الأمة السودانية, وذلك من قبل أن تتكالب علي هذا الفكر قوى المنظومة السلفية الشمولية المحلية والإقليمية فتغتال رائده, وتخنق قواعده, وتقضي على تنظيمه, وتسلب السودان بالتالي أحدى دلائل عظمته, وعلامات ريادته. لذلك فإنه على الرغم من امتلاء الساحة بتكوينات سياسية كثيرة: من أحزاب تاريخية (طائفية), وأخري عقائدية (ماركسية ويسارية ودينية), وحركات مسلحة, ثم مشتقات هذه التكوينات السياسية وأفرعها الكثيرة, إلا أن الساحة لا زالت تفتقر إلى تنظيم موحد لحركة حقوق سودانية مدنية ديمقراطية حديثة, لا تعبر عنها -بهذا التوصيف- أي من التكوينات السياسية الحالية... ويجب أن يكون أول مرتكزات هذه الحركة وعيها ووضوح فكرها, بأن النقيض المركزي للحركة التاريخية للحقوق المدنية الديمقراطية في السودان, والجذر التحتي للأزمة السودانية, هو المنظومة الدينية السلفية الشمولية, وبالتالي يكون هدف الحركة تفكيك هذه المنظومة, وزحزحتها, بغرض تجاوزها وتخطيها. فمكونات هذه المنظومة, برغم ما خلعته على نفسها من قداسة, لا تعبر عن الإسلام, ولا تعكس مفاهيم أخلاقية, بل قناعات "إيمانية" ومصلحية هشة, لا يدعمها علم ولا منطق عقلاني, ولا قواعد التاريخ, ثم أكدت تجربة الحركة الإسلامية في الحكم في السودان فقدانها لأي صلاحية في الإجابة على أسئلة المجتمع المعاصر. ولذلك فإن استهداف هذه المنظومة ليس بأي حال استهداف للإسلام أو العروبة في السودان, وليس إنكاراً لأدوارهما الأخرى بالغة الأهمية في التاريخ والمجتمع السوداني, بل على العكس من ذلك هو تطهير لهما من العناصر الهدامة, النابذة والمقصية للآخرين المنسوبة إليهما, وتعبير عن قناعة راسخة بأن كل مسعى للتغيير لا ينطلق من تراث أصيل للأمة السودانية, مكتوب عليه الفشل حتى قبل أن يبدأ.
وسيكون من مرتكزات الحركة الحقوقية أنها لا تتصور أن تأسيس الدولة العلمانية, التي تعتمد المساواة النوعية, والمواطنة الشاملة والديمقراطية وحقوق الإنسان يتوقف على وضع منظومة قوانين وتشريعات وتطبيقها بحسم وصرامة, على أهمية هذا الأمر, وإنما يتطلب أيضاً إجماع عليها من المجتمع أو القسم الأكثر منه, من طريق الاختيار الحر, وأن ذلك لن يحدث ما لم تُزال عن الطريق المعوقات والعراقل التي تشكلها المنظومة الدينية الشمولية, وما لم تسود مكانها ثقافة سياسية تحتضن هذه القيم والمعاني الحديثة للدولة وتنميها, وأن ذلك لا يكون أيضاً إلا بدفع حركة الإصلاح الديني, وتشجيع الإرتقاء الثقافي, وإتاحة مساحات الخلق والإبداع, وتوسيع آفاق الحريات, والدفاع عنها. ينبغي أن يكون من مرتكزات هذه الحركة أيضاً اعتماد علاقة بين الدين والدولة والسياسة, لا تستتبع الدين للدولة, ولكنها لا تقصيه كذلك, وتقوم هذه العلاقة على خمس مبادئ ريئسية: أولاً, التسليم بحق كل حركة سياسية في أن تستلهم من الدين والتراث الديني القيم المؤسسة لمشروعها السياسي, من دون أن تضفي –هي والآخرون- علي هذا الاستلهام قداسة دينية, بل يظل اجتهاداً فكرياً وسياسياً, يقبل التخطئة والدحض, وينطق بإسم الجهة المستلهمة, لا بإسم الدين؛ ثانيا, التشديد على الطابع المدني غير الديني للتنظيمات الحزبية؛ ثالثاُ, أحترام الطابع المدني للدولة, وعدم الاستقواء بأجهزتها, أو بميزان القوى الانتخابية أو بأي وسيلة أخرى لتغيير هويتها المدنية؛ رابعاً, احترام النظام الديمقراطي, منظومة وإجراءات, وعدم المساس بالقواعد التي يقوم عليها؛ خامساً, لا يشمل الحق في استلهام الدين والتراث الديني أي تشريعات تنتهك حقوقاً إنسانية لآخرين.[1]
والحركة المطلوبة عاجلاً لا بد أن تكون حركة حقوقية, لأن نضالات الشعب السوداني من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة النوعية هي جزء من حركة الحقوق العالمية, لا سيما في ظل العولمة وحركة المعلوماتية, وذيوع الاتصالاتية, وتلاشي الحدود. إذ لا تنفصل نضالات السودانيين الحقوقية, بالتالي, عن نضالات شعوب العالم الأخرى, التي أصبحت تتجه نحو درجات أعلى من الرفاه الاقتصادي, والاجتماعي والديمقراطية, كما تتضمنها حقوق الإنسان بأجيالها الثلاثة: المدنية والسياسية؛ والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ والبيئية, ولذلك فهي حركة تعمل وسط السودانيين ومعهم, من أجل غرس واستنبات هذه الحقوق في التربة السودانية -غير الممهدة لها حالياً- بالتغيير, وبالقوانين, ولكن أيضاً بالإصلاح الديني, وبالارتقاء الثقافي, كما سبق؛
وأن تكون هذه الحركة مدنية بجذورها الشعبية, وبرأسمالها الأخلاقي, وطابعها السلمي, والمتحضر الذي يشكل الأساس لدولة علمانية محايدة تجاه الأديان؛ ترتكز في نظام حكمها على التعددية والتنوع, كأساس حيوي, لا تكتمل بدونه الوحدة الوطنية, ولا يمكن بغيره الوصول إلى السلام المستدام.
وأن تكون حركة ديمقراطية لا يقتصر فهمها للديمقراطية على شكلانية خارجية, وإنما على قناعة راسخة بأن الديمقراطية أسلوب حياة, ومنظومة كاملة, قائمة على شمول المشاركة والحرية. وتحتكم الحركة لقيم الديمقراطية في تأسيسها وممارساتها, وتعمل على أن تنداح منها إلى محيطها في الدولة والمجتمع؛
وهي حركة حديثة تسعى لغرس قيم التقدم, والتنمية, والتطور. والحداثة في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ حركة قادرة بفكرها وبرامجها على الاحتفاء بتنوع السودان الثر, وعلى الاستجابة لحاجات مجتمعه المتجددة؛ وإطلاق طاقات مواطنيه التي تكبلها حالياً قيود الشمولية الدينية السلفية (بإسم الإسلام). إذ لم يفتقر السودان إلى الموارد البشرية ولا المادية. كما أن تقنيات التنمية والبناء, والسياسات الفنية للتقدم والرفاه الاقتصادي مبذولة في المكتبات العلمية والجامعات, وفي تجارب مجتمعات كثيرة على امتداد العالم, ما ينقص السودان هو "الرؤية والإرادة" التي ظلت حبيسة ورهينة لمفاهيم المنظومة الدينية السلفية الشمولية.
وبالطبع ينبغي أن تكون حركة سودانية أصيلة, لأنها تقوم على الإرث النضالي السوداني من أجل الحقوق. تجمع ما تفرق من جهود عاشقي السودان ومحبيه, في قطاعات مجتمعه الحديثة من الشباب, والنساء, ومناضلي الهامش, والقوى المهنية الحديثة, والديمقراطيين والمثقفين الثوريين.. وتضرب بجذورها الفكرية في المجتمع المدني السوداني الحديث, الذي ظل يحفر الصخر نضالاً من أجل الحقوق, وفي المجتمع الأهلي السوداني الذي ظل يعبر عن أشكال من هذه الحقوق عبر تقلبات القرون, وفي تراث وثقافات شعوبه التي تشكل كل واحدة منها مخزوناً معرفياً, وطريقة مبدعة ومتفردة للحياة.
وهي مطلوبة بصورة عاجلة... لأنه يبدو أن ساعة النصر اقتربت...!!
|
http://www.altaghyeer.info/ar/2013/articles_opeds/2651/
| |
|
|
|
|
|
|
|