هيا بين رحى الانتباهة والمعتمد (محمد عثمان ابراهيم)

Quote: بدأت صحيفة (الانتباهة) في نشر تغطية صحفية واسعة للأوضاع في ولاية البحر الأحمر ومن حيث المبدأ فإن اهتمام الصحافة بالأوضاع في الأقاليم والأرياف والأصقاع النائية أمر محمود وجدير بالاحتذاء في زمن الدويلات الذي تعيشه بلادنا باسم الحكم الفيدرالي المشوه هذا. انفصلت الصحافة والإعلام كله عن الناس وعن الجماهير وصار آلية من آليات الدعاية التي تسيطر عليها النخبة وتستخدمها لتحقيق مآربها في السيطرة وتحقيق نزواتها في الحضور. في ظل قانون الحكم الفيدرالي الحالي انفصل المركز عن بقية الوطن فلم تعد الولايات إلا جيوباً للحكومة تدخل يدها فيها كلما احتاجت لدفع نفقاتها المتزايدة، واستحالت الأطراف إلى مواقع لطوابير طويلة من رجال السلطة الذين يحفظون هيبتها ولا يخدمون مواطنها. لم تعد أمام الجماهير من وسيلة سوى أن تهتم بهم صحيفة ما تفكر (خارج الصندوق). في مثل هذا المناخ تأتي جولة الصحيفة (الحزب) ونأمل أن تكون مقدمة لجولات أخرى تمتد إلى كسلا (ما تبقى هناك من أطلال) وإلى حلفا التي سيقضي الإسبستوس على أهلها ونحن في شغل شاغل عنهم، والقضارف حيث يشرب أهلها كدراً وطيناً وشيئاً مما عصرته معامل الكيمياء الشريرة ضمن الماء. لن تزور الانتباهة هذه المناطق لأنها ليست صحيفة حرة يشغل همها المواطن ولكن لأنها مشروع تجاري ـ سياسي يهدف للتكسب بصناعة الخصومات والترويج لها. قرأت حلقتي الأربعاء والخميس من السلسلة وهالني ما رأيت من ضعف المادة الصحفية فيهما إذ كشفتا أن التدريب الذي حصل عليه فريق المحررين والمصورين لا يتجاوز ما حصل عليه صاحب الصحيفة في معرفة الهندسة. اعتمد الفريق على تدوين مسامراته فقط في تلك الأصقاع دون عناية حتى بأسماء القرى والمدن ولو ذهب أحدهم إلى محطة السكة الحديد لعرف كيف تكتب الأسماء لكن ماذا نفعل مع مستعربي المركز الذين يلعبون بالأعجمي المحلي ويتبارون في كتابة أسماء رايس و نتنياهو وأموم ومناوي، لا خطأ في الرسم ولا لحن عند النطق! الانتباهة وزعيمها لا يخفون معاداتهم لمشروع النهضة في البحر الأحمر وهو مشروع يقف الكثيرون معه من باب المؤازرة الثقافية إن استثنينا من يرون فيه خلاصاً من ماضٍ يتفكك الآن ببطء وعهداً جديداً يتبدل فيه مستقبل الحياة نحو الأفضل. معاداة الانتباهة أمر معلوم ولكن ماذا بشأن الأعداء في ضفة الأحباء؟ كشف معتمد هيا السيد إبراهيم طاهر الحسن عبر حديثه مع الانتباهةـ بلا مواربة ـ عن خصومته مع جماهير محليته! انظر إلى بعض إفاداته التي ننقلها بتصرف “ طبيعة أهلنا في الشرق يعيشون في شكل تجمعات وكل واحد يريد أن يقيم قرية بمفرده” “ يجب أن يأتوا للمحلية أولاً... هم ذهبوا لمكتب الوالي ولكن أغلق أمامهم لأنه من المفترض أن تكون أولى خطواتهم للمحلية فهي المستوى الثالث على حسب دستور جمهورية السودان” “ أنا أبوابي مشرعة وليس لدي حرس أو تحفظات في مقابلة المواطنين والاستماع إليهم” “ نائب المنطقة مجرد معاون صحي ولأول مرة تقع عليه مثل هذه المسؤوليات”. هذه الإفادات المتعالية تتهم المواطنين بصراحة بأنهم سبب المشكلة وأن كل مواطن فيهم يريد أن يعيش في قرية لوحده وهذا افتئات وافتراء محض يفارق الحقيقة مثنى وثلاث ورباع. يتهم المعتمد مكتب الوالي بإغلاق بابه في وجه المواطنين تأديباً لهم لأنهم تجاوزوا الدستور. يا لفداحة الاتهام ومجانية الكلام! هذا حديث لا يليق بحق والٍ يشهد أهل ولايته بأنه يسعى إليهم أكثر مما يسعون إليه ويوجد بينهم كما لم يسبق لأحد من قبله في المنصب. يتباهى أهل الولاية على غيرهم بالقول إذا أردت مقابلة الوالي فانتظره إذ إنه حتماً سيمر من هنا. يتعالى المعتمد بأنه ليس لديه حراس، ومنذ متى كان للمعتمدين حراس؟ المحليات هي السلطة الأدنى في هرم الدولة وينبغي على قادتها أن يظلوا محليين في خدمة مواطنيها لا زعماء عليهم يضعون بينهم وبين أهلهم سدوداً من الكاكي والأسلحة، فإن أبى أحدهم فإن كل محلية قادرة على تقديم ألف معتمد بديل! أساء المعتمد إلى نائب المنطقة ووصفه بأنه مجرد معاون صحي وكأن عمل المعاونين الصحيين سبة ومهانة! وجه المعتمد إساءاته دون أن يبلغ صحيفة الانتباهة عن ماذا كان هو نفسه قبل (المعتمدية) ومن أي الجامعات تخرج وفي أي المراكز الكبرى نال تدريباته. يا أهل البحر الأحمر إن الخصوم (ليسوا دائماً في الضفة الأخرى) وفق عبارة الأديب عادل القصاص.