ولقد ظل الحزب في مختلف تخلقاته وتدرجه ونضوجه التنظيمي يحمل في جنباته كثيرا من الأفكار والرؤى التي وإن غطى عليها في بدايات العمل الحزبي شخصيات القادة وثقة الجماهير فيهم ووعيهم بقضاياهم وتفاعلهم بها ورؤيتهم الحياتية اليومية لمن يسكنون بينهم يشاركونهم المأكل والملبس والشظف والأفراح والأتراح فخلقت أرضية من الثقة جمّلت العمل الحزبي بروح الفريق والعائلة الكبيرة والوطن المصغر ومن هنا إنطلقت الروح الإتحادية وأصبح كل ما ينحو إلى الوسط والإعتدال والحقيقة والفطرة هم الإتحاديون على مختلف مشاربهم وقبائلهم وعشائرهم ولذا لم نشهد اختلافاً ظاهراً للعيان يطفو على السطح . لم يكن هذا مفيدا تماما رغم إنه حفظ للحزب هيبته وزعامته وتماسكه حتى حين. وكان يمكن أن تثمر هذه النبتة عندما بدأ الحزب في 1968م ..... معركة التعمير والبناء والبرنامج والانتقال من حزب تحرير إلى حزب حاكم يمسك بمقاليد الحكم لأمة فتية لتنهض ويعرف كل فرد فيها ماله وما عليه.. وبعد أن دخلوا للإنتخابات هذه المرة متجردين من الغـرض والهوى الحزبي الضيق وبعد أن استطاعوا أن يؤمنوا الحاجات الأساسية في الآية الكريمة (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) لكن الأشياء لا تجرى كما يراد لها ومن كانوا يراقبون تطور وتخلف الحزب والبلد في محيطه الداخلي والخارجي وأوقفوا ذلك بمايو 1969م وسيأتي التوسع في هذا في حينه .. لكن الإشارة هنا أن أثر مايو في إيقاف التخلقات الإتحادية أدخل الوطن كله في دوامة التحرير والمقاومة من جديد وترك الفرصة لمن واتتهم الفرصة ليصعدوا وليثروا وليراجعوا حساباتهم وسعيهم القديم المتجدد للإستيلاء على تاريخ الأمة وتاريخ الأجيال وتاريخ الحزب وكان إجتثاث منابت الشورى وزعزعة الثقة في القيادة هي النبتة الشيطانية التي دخلت للديار السودانية والساحة السياسية بكامل أحزابها منذ صبيحة 25 مايو 1969م وحتى الآن . وبدأنا ندخل كحزب في زمن انتهاء عصر الرواد وظهور عدة آراء في القضية الوحدة وتم الخلط في الانصياع التنظيمي بين المسائل الثانوية والمسائل التي يسمح فيها بآراء مخالفة للقيادة ومدى نزولها للقواعد وإبتدأ تحلل المؤسسية الذي كان يمكن أن يسير في اتجاه تخلق آخر يفرز قيادة جماعية بديلة لكن الخلط المايوى السرطاني أيضاً كان لنا بالمرصاد فأصبحت لدينا عدة رئاسات وعدة قيادات بارزة ومناضلين كثر ومقررين ومكافحين و.. و.. واختلط حابل الأمر بنابله تماماً ليخلق جو الضباب المفتعل والمفبرك الذي يهدف لإخفاء الأثر والقفز إلى تسويات وترضيات تكفل مزيدا من اكتساب الأراضي والمساحات ... كان كل ذلك بعيداًعن نقاش الأصول وعن البحث العميق فيها وأصبح الجو السياسي كله ينظر للعلة التي أصابت الجسد الحزبي بحسبانها علة إتحادية فقط وبالتالي يتم تجميع أطرافها بشتى السبل والوسائل عندما تنضج الظروف وينام عنها الحراس وظللنا نرقب هذا في صمت نمد من حبال الصمت الجليل ما حسبوه ضعفا واستمراره جهلا ومارسوا به كل ما استطاعوا من تزييف للحقائق والوقائع ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الصادق صديق سلمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست