برامج تأبين المناضل الراحل نقد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 02:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-02-2012, 08:46 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
برامج تأبين المناضل الراحل نقد
                  

10-02-2012, 09:01 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: sultan)

    سلطااااان
    يااااخ نورت المنبر، ومرحبا بعودتك
                  

10-02-2012, 09:09 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: nadus2000)

    Quote: سلطااااان
    يااااخ نورت المنبر، ومرحبا بعودتك




    سلام نادوس لعلكم بألف خير

    ........................

    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-03-2012, 04:43 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: sultan)

    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    ------------------
    شكرا للزميل سلطان
                  

10-03-2012, 04:50 AM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: خالد العبيد)
                  

10-03-2012, 11:04 AM

نجلاء قرافي
<aنجلاء قرافي
تاريخ التسجيل: 08-09-2009
مجموع المشاركات: 2163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: elsharief)

    up

    thanks sultan
                  

10-08-2012, 09:08 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: نجلاء قرافي)


    ألف شكر خالد العبيد الشريف ونجلاء قرافي



    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-08-2012, 09:36 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (Re: sultan)

    الميدان 4 أكتوبر 2012

    حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد

    ** مجلة النهج 1989

    في العاصمة الخرطوم، التي تستحم بالغبار وهى على ضفاف النيل، تتكثف التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية في بؤرة واحدة.

    ‏المدينة أربعة ملايين ونصف المليون، شوارع مكسوة بالرمل، بيوت من الطين في مواجهة البنايات الشاهقة الحديثة للبنوك الإسلامية. غلا أسطوري، وبطالة واسعة، تضخم أودى بالجنيه السوداني إلى الحضيض (الدولار═ 12 جنيها في البنوك)، حرب طاحنة في الجنوب، البلاد خرجت لتوها من أزمة كبيرة كبيرة، انتفاضة ديسمبر. كانون أول الماضي- هبت الجماهير إلى الشوارع احتجاجا على رفع السكر والضروريات فانصاعت الحكومة.

    ‏الدولة شبه مفلسة، أزمة وزارية تبدأ بانسحاب الحزب الاتحادي (الميرغنى) من الوزارة وتشكيل أخرى ضيقة من حزب الآمة والجبهة السلامية. صراع حول المؤتمر الدستوري. شريعة أسلامية، أم قانون حضاري يأخذ التنوع الديني والمذهبي والاثنى بعين الاعتبار؟

    ‏إضرابات صيادلة احتجاجا على فقدان الأدوية. النقابات العمالية تطالب بحد أدنى للأجور، الجيش غاضب بسبب فقدان المؤن والاعتدة، وهو يخسر معركة وراء أخرى (سقوط مدينة الناصر). في هذا الجو الفوار المتقلب والمشحون بالاحتمالات تناضل القوى الديمقراطية من أجل دستور ديمقراطي (ضد قانون الترابي) ومن أجل السلام في الجنوب وفي سبيل حكومة موسعة أولا ثم في سبيل حكومة جديدة، تعديل قانون الانتخابات لتمثيل القوى الحديثة (في المدينة) من عمال ومثقفين، واتخاذ إجراءات عاجلة لانتشال الاقتصاد السوداني الذي حطمه المضاربون الطفيليون والبنوك الإسلامية الشرهة.

    ‏في هذا المناخ العاصف، أجرت «النهج» مقابلة مع الرفيق محمد إبراهيم نقد ‏السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني تناولت طائفة من المواضيع الفكرية و العلمية، فيما يخص الحركة الثورية عموما، وبخاصة تجربة البريسترويكا . وفي هذا الحديث يلقى الرفيق نقد أضواء كاشفة على جوانب هامة من نضالات الشيوعيين السودانيين المفعمة بالتضحيات.


    الحوار البرنامج

    النهج:

    للحزب الشيوعي السوداني نظرة خاصة إلي قضية الديمقراطية من حيث المفهوم النظري ومن حيث الممارسة العملية استنادا إلى تجاربه المديدة في ظروف بالغة التنوع. كيف تلخصون هذه النظرة، من الوجهة الفكرية والوجهة العملية، في ضوء الاستخفاف المديد الذي نراه في العالم العربي بــ الديمقراطية الليبرالية ، وفي ضوء مساعي وضع المهمات الاجتماعية قبل أو فوق الديمقراطية السياسية.

    نــقـــد:

    ‏ الحركة الوطنية السودانية في تاريخها الحديث- خلال الثلاثينات والحرب العالمية الثانية وبعدها- أميز مافي نشاطها السياسي العام هو النضال من أجل الحريات الديمقراطية والحقوق الأساسية. وأصبحت هذه القصية جذرا أساسيا في الحركة السياسية السودانية. فالحركة الوطنية نفسها تبلورت في تكوين الأحزاب والنقابات والاتحادات والمنظمات الجماهيرية للشباب والنساء، للمزارعين، للمثقفين . وبالتالي أصبح كل عائق يقف أمام تطور الحرية السياسية بمعناها العام يجد مقاومة من جانب الشعب السوداني . قد تكون الظاهرة مشتركة بين كل بلدان حركة التحرر الوطني، لكنها في السودان تتسم بطابع الاستقرارية والديمومة.
    ‏بمعنى أن الأنظمة العسكرية التي حاولت أن تنتقص من الحريات الديمقراطية ، سوا الحكم العسكري الأول بقيادة كبار الجنرالات (*)، بكل ما هو معروف عنهم من محافظة وتقليدية ورجعية، أو الحكم العسكري الثاني الذي بدأ حياته بشعارات تقدمية واشتراكية ويسارية، في الحالتين عمل الشعب على استعادة الحريات وبشكل خاص التعددية الحزبية. فالحكم العسكري الأول صادر التنظيمات الحزبية والنقابية ولم ينشىء تنظيما سياسيا من جانبه. النظام العسكري الثاني وتحت تأثير التجربة الناصرية، حاول أن ينشئ التنظيم السياسي الواحد. في الحالتين الشعب السوداني تعامل مع الواقع من موقف ثابت وتمسك باستعادته الحريات والحقوق والتعددية. وفي هذه القضية تبرز بعض الحقائق التي اعتقد أنها مهمة للتجربة السودانية، خاصة فيما يتعلق بتجربة النظام العسكري الثاني الذي جاء من موقع الشعارات (الاشتراكية) والتغيير الاجتماعي، فحاول أن يطرح شعاراته (الديمقراطية الجديدة) من موقع الهجوم والانتقاص من الديمقراطية الليبرالية، التي لاشك أن محتواها برجوازى تاريخها برجوازى واصلها برجوازى وجذرها برجوازى . أود أن أركز منا على الحقيقة الأساسية الأولى وهى أن الهجوم على الديمقراطية السياسية، بمعنى الحريات وحكم القانون والدستور والتعددية إلى آخر ما أفرزته الثورات البرجوازية. هذا الهجوم لم يكن دقيقا. أقصد لو أننا أخذنا الأمر من الناحية التاريخية فلا خلاف على محدودية الديمقراطية الليبرالية. لا خلاف على ذلك.

    النهج:

    محدوديتها من منطلق الحدودية التاريخية للتشكيلة الرأسمالية وليس من منطلق أخر.

    نــقـــد:

    بالضبط، فالهجوم على الديمقراطية الليبرالية كان ينطلق من موقعين : الموقع الأول من الطبقة العاملة والماركسية، باعتبار أن السلطة بيد البرجوازية بفعل علاقات الإنتاج القائمة في المجتمع، طبيعة ملكية وسائل الإنتاج، توزيع الثروة . .الخ، وأنه لن تحل القضية الاجتماعية إلا من خلال الثورة الاجتماعية، حيث يتبع ذلك شكل جديد من الديمقراطية، نمط جديد من الممارسة الديمقراطية. والموقع الآخر من منطلق البرجوازية الصغيرة، وهى تنتقص من الديمقراطية الليبرالية وتتحدث عن التغيير الاجتماعي، لكن في إطار مصادرة أساس الديمقراطية الذي انتزعته الجماهير بنضال مرير جدا، وبدلا من استكماله، تسعى لفرض دكتاتورية شريحة معينة من البرجوازية الصغيرة تحت شعار أنها تحقق العدالة الاجتماعية في مواجهة الديمقراطية الليبرالية التي عجزت عن تحقيق العدالة الاجتماعية. هذا النمط من الخداع عاش عليه النميرى خلال السنوات الأولى من حكمه. وهو النمط الذي جرب في بلدان عربية أخرى . اعتقد ليست لدينا أوهام أو غموض حول هذه القضية، سواء في الشكل الفلسفي أو الأيدولوجى أو الاقتصادي. لكن نعتقد أن أي تغيير اجتماعي نقدمه يجب أولا أن يحافظ ويدعم ويحمى ما اكتسبته الجماهير من حريات وحقوق أساسية وأن يستكمل ذلك بالتغييرات الاجتماعية ، الديمقراطية الاقتصادية، الديمقراطية الاجتماعية. هذه الصيغة قد تبدو مجردة، لكن بدون حلها حلا جذريا وسليما لا اعتقد أن الثورة الوطنية الديمقراطية (سواء في السودان أو في منطقتنا ) ستجد طريقا سهلا تسلكه نحو وجدان الجماهير وتعبئتها وتنظيمها واستنهاضها .، ففي ‏فترة من الفترات طرحت الأمور وكأن قضية التنمية نقيض للديمقراطية، وكأن أي حديث عن الديمقراطية يفتح الباب لنشاط الثورة المضادة في ظل الأنظمة الوطنية وقيل أن الذين ينادون بالديمقراطية والتعددية يريدون أن يكشطوا الثورة أو يسقطوا النظام الثوري . هذا ما كان النميرى يردأ صباح مساء قائلا أن كل من يطالب بحقوق أساسية أو حريات ديمقراطية يرفع راية الرجعية والرأسمالية والعودة للنظام الرأسمالي والظلم الاجتماعي.




    ...........


    الميدان 7 أكتوبر 2012

    حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (2)

    نقد :الظروف الديمقراطية دائماً الأفضل بالنسبة لتطور الوعي السياسي

    الشعب السوداني استفاد من الحريات في تطوير حركته الجماهيرية ووعيه السياسي وبناء تحالفاته وكشف المظالم الاجتماعية والسياسية

    ***إحياء ا لذكري الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نقد وفي إطار فعاليات تأبينه الميدان تعيد نشر الحوار الفكري والسياسي الذي أجرته مجلة النهج معه في مطلع عام 1989 فالي مضابط الحوار.


    في العاصمة الخرطوم، التي تستحم بالغبار وهى على ضفاف النيل، تتكثف التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية في بؤرة واحدة. المدينة أربعة ملايين ونصف المليون، شوارع مكسوة بالرمل، بيوت من الطين في مواجهة البنايات الشاهقة الحديثة للبنوك الإسلامية. غلا أسطوري، وبطالة واسعة، تضخم أودى بالجنيه السوداني إلى الحضيض (الدولار═ 12 جنيها في البنوك)، حرب طاحنة في الجنوب، البلاد خرجت لتوها من أزمة كبيرة كبيرة، انتفاضة ديسمبر. كانون أول الماضي- هبت الجماهير إلى الشوارع احتجاجا على رفع السكر والضروريات فانصاعت الحكومة. الدولة شبه مفلسة، أزمة وزارية تبدأ بانسحاب الحزب الاتحادي (الميرغنى) من الوزارة وتشكيل أخرى ضيقة من حزب الآمة والجبهة السلامية. صراع حول المؤتمر الدستوري. شريعة أسلامية، أم قانون حضاري يأخذ التنوع الديني والمذهبي والاثنى بعين الاعتبار؟ إضرابات صيادلة احتجاجا على فقدان الأدوية. النقابات العمالية تطالب بحد أدنى للأجور، الجيش غاضب بسبب فقدان المؤن والاعتدة، وهو يخسر معركة وراء أخرى (سقوط مدينة الناصر). في هذا الجو الفوار المتقلب والمشحون بالاحتمالات تناضل القوى الديمقراطية من أجل دستور ديمقراطي (ضد قانون الترابي) ومن أجل السلام في الجنوب وفي سبيل حكومة موسعة أولا ثم في سبيل حكومة جديدة، تعديل قانون الانتخابات لتمثيل القوى الحديثة (في المدينة) من عمال ومثقفين، واتخاذ إجراءات عاجلة لانتشال الاقتصاد السوداني الذي حطمه المضاربون الطفيليون والبنوك الإسلامية الشرهة. في هذا المناخ العاصف، أجرت «النهج» مقابلة مع الرفيق محمد إبراهيم نقد ‏السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني تناولت طائفة من المواضيع الفكرية و العلمية، فيما يخص الحركة الثورية عموم، وبخاصة تجربة البريسترويكا . وفي هذا الحديث يلقى الرفيق نقد اضواء كاشفة على جوانب هامة من نضالات الشيوعيين السودانيين المفعمة بالتضحيات.


    لنأخذ تجربة السودان بصورة محددة: ناضل ست سنوات ضد الحكم العسكري الأول واستعاد الحريات والتعددية الحزبية على النمط البرجوازي. ثم ناضل ست عشرة سنة في ظل نظام نميري واستعاد التعددية والحريات والحقوق على النمط الليبرالي. هذه مكاسب للشعب السوداني يجب أن لا يقلل منها أو ينتقص منها. لأن الشعب السوداني استفاد فائدة قصوى من الحريات في تطوير حركته الجماهيرية ووعيه السياسي وبناء تحالفاته وكشف المظالم الاجتماعية والسياسية، وخاصة في الريف. فعندما أتحدث عن الديمقراطية لا أعنى فقط ما يهم مجموعات المثقفين من حرية الرأي وحرية التعبير، لكنى أتحدث من زاوية حقوق الفلاح في قرية نائية في أن يتقدم للقضاة، وينشر في الصحف مظالمه ويحافظ على عاند إنتاجه برغم الاستغلال الرأسمالي وشبه الإقطاعي، عن طريق توحده في اتحاد أو نقابة أو في أي شكل من أشكال التنظيم الجماعي الذي تتيحه الديمقراطية الليبرالية. هذا في مواجهة ما جرى بناه من حكم عسكري يميني أول ثم حكم عسكري بدأ يساريا ثم أخذ يتجه نحو اليمين بذات الشعارات الخاصة بتحالف قوى الشعب العاملة و العدالة الاجتماعية و الاشتراكية.


    ‏بالتأكيد فإن الأفضل للعامل السوداني والفلاح السوداني هو النظام الديمقراطي الليبرالي . فما تحقق له من حريات وأحزاب ونقابات وانتخابات وبرلمان ‏يفتح المجال واسعا لصراعه ضد قوى الرأسمالية السودانية وشبه الإقطاع السوداني والاحتكارات الأجنبية، هذا الحلف الحاكم. فالشعب يشعر و يقتنع ذاتيا بما هو مفهوم لدينا. يقتنع بأن القوى اليمينية تضيق ذرعا بالحريات وبالنظام البرلماني الذي تحكم بواسطته، لأنها تحس يوميا أن الحريات والحقوق والتعددية والبرلمان يفتح أمام الحركة الجماهيرية مجالا أوسع لاستقلالها الذاتي عن النفوذ الطائفي والقبلي – هذان الشكلان المميزان من البنى الفوقية اللذان تحافظ بها القوى اليمينية على نفوذها . ومع كل يوم يمر تحاول الجماهير أن تنعتق من الوصاية القبلية والطائفية وتؤسس، ولو بشكل جنيني، نزعة الاستقلال هذه في طابع مؤسس، مثلا، رابطة أبناء قبيلة ما . ورابطة من هذا النوع تحمل اسما قبليا قد تبدو للمراقب متخلفة، لكنها نزعة للخروج من الإطار القبلي. فمصطلح القبيلة نفسه يأخذ شكلا جديدا، تعبيرا عن القسم الذي بدأ يعي أن مصالحه تقع خارج أطار النفوذ القبلي، لكنه يرتبط بجماهير قبيلته. وهذا نوع من التحول البطيء في القطاع التقليدي، في الاقتصاد المعيشي، وله مدلول ثوري كبير في اتساع الحركة الجماهيرية، والأشكال المستقبلية لتحالف الطبقة العاملة وجماهير الريف. فداخل هذه الرابطة تجد الطلبة والعناصر المستنيرة والعمال والموظفين والمثقفين، ولن تجد أبناء بيوتات الإدارات الأهلية، أبناء الارستقراطية القبلية. ( الإدارة الأهلية من قادة القبائل اتخذتها السلطة الاستعمارية في العشرينات أداة للحكم غير المباشر لجباية الضرائب والعشور ومنعتها سلطات إدارية وقضائية).

    ‏فالروابط تعبير عن تطور داخل القبيلة تقود الأقسام المستنيرة من أبنائها، تعبير عن استقلال ذاتي. ويدور داخل الروابط صراع : البعض يريد أن يحافظ على المظلة الطائفية من موقع الاستقلال داخلها، والبعض ينزع للخروج من تلك المظلة والاعتماد على السند القبلي. ففي دارفور(*) مثلا عشرات ‏القبائل العربية وغير العربية المرتبطة بشكل أو بآخر بطائفة الأنصار وحزب الأمة. وكان مركز حزب الأمة يحدد مرشحي الدوائر البرلمانية في ذلك الإقليم. لكن أهل الإقليم أخنوا يرفضون الترشيح من المركز، وبدأوا يقولون: نحن نختار المرشحين. وقد كان رأينا أن هذه النزعة نحو الاستقلال صحيحة جدا، وسوف تتعلم تلك الجماهير من خلال تجربتها الذاتية كيف تختار الأفضل والأحسن من بين أبنانها. وما كان لهذا الشكل من نزعة الاستقلال لدى الجماهير القبلية أن يظهر لولا وجود الحريات والأحزاب والنظام البرلماني الذي وفر المناخ المناسب لتحرك هذه الجماهير من أسفل وضيق الفئات العليا في المؤسسة الطائفية القبلية من الحريات والحقوق الأساسية، ناتج عن نزوع تلك الجماهير نحو الاستقلال.

    ‏القضية الثانية الأساسية أن كل مناضل عاقل معلم تماما أنه كلما توفرت حريات أكثر واجهت الطبقة العاملة ظروف أفضل لتطوير حركتها النقابية ووعيها السياسي حتى عندما تكون العناصر الانتهازية مسيطرة على قيادة النقابات. وكذلك الحال بالنسبة لحركة الثقافة والفكر والعاملين في الإدارة وجهاز الدولة. الظروف الديمقراطية دائماً الأفضل بالنسبة لتطور الوعي السياسي .

    ‏ثمة مسألة تبرز: هل عن طريق الديمقراطية الليبرالية والنظام البرلماني ستحل القضية الاجتماعية، تحل قضية الثورة الاجتماعية ؟أ هذا غير وارد لسببين : الأول أن القوى اليمينية الحاكمة تحاول إفراغ النظام البرلماني من أهم مقوماته التعددية حرية الرأي، توزيع السلطات التشريعية والتنفيذية و القضائية، إنها تضيق بالقضاء المستقل وتتغول على السلطة التشريعية، تضيق بالحريات وتصدر القانون بعد الآخر للحد من هذه الحريات. هذا الوضع أدى إلى أزمة.

    (**أجرت هذا الحوار مجلة النهج 1989)




    ........................
    الميدان 11 أكتوبر 2012

    حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (3)

    نقد :الظروف الديمقراطية دائماً الأفضل بالنسبة لتطور الوعي السياسي

    • لم تكن ‏الانتفاضة للتغيير الاجتماعي بقدر ما كانت لاستعادة الحريات السياسية وبعض الإصلاحات ذات الطابع السياسي العام



    ***احياءا لذكري الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نقد وفي إطار فعاليات تأبينه الميدان تعيد نشر الحوار الفكري والسياسي الذي أجرته مجلة النهج معه في مطلع عام 1989 فالي مضابط الحوار.

    في العاصمة الخرطوم، التي تستحم بالغبار وهى على ضفاف النيل، تتكثف التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية في بؤرة واحدة. المدينة أربعة ملايين ونصف المليون، شوارع مكسوة بالرمل، بيوت من الطين في مواجهة البنايات الشاهقة الحديثة للبنوك الإسلامية. غلا أسطوري، وبطالة واسعة، تضخم أودى بالجنيه السوداني إلى الحضيض (الدولار═ 12 جنيها في البنوك) ، حرب طاحنة في الجنوب، البلاد خرجت لتوها من أزمة كبيرة كبيرة، انتفاضة ديسمبر. كانون أول الماضي- هبت الجماهير إلى الشوارع احتجاجا على رفع السكر والضروريات فانصاعت الحكومة. الدولة شبه مفلسة, أزمة وزارية تبدأ بانسحاب الحزب الاتحادي (الميرغنى) من الوزارة وتشكيل أخرى ضيقة من حزب الآمة والجبهة السلامية. صراع حول المؤتمر الدستوري. شريعة أسلامية، أم قانون حضاري يأخذ التنوع الديني والمذهبي والاثنى بعين الاعتبار؟ إضرابات صيادلة احتجاجا على فقدان الأدوية. النقابات العمالية تطالب بحد أدنى للأجور، الجيش غاضب بسبب فقدان المؤن والاعتدة، وهو يخسر معركة وراء أخرى (سقوط مدينة الناصر). في هذا الجو الفوار المتقلب والمشحون بالاحتمالات تناضل القوى الديمقراطية من أجل دستور ديمقراطي (ضد قانون الترابي) ومن أجل السلام في الجنوب وفي سبيل حكومة موسعة أولا ثم في سبيل حكومة جديدة، تعديل قانون الانتخابات لتمثيل القوى الحديثة (في المدينة) من عمال ومثقفين، واتخاذ إجراءات عاجلة لانتشال الاقتصاد السوداني الذي حطمه المضاربون الطفيليون والبنوك الإسلامية الشرهة. في هذا المناخ العاصف، أجرت «النهج» مقابلة مع الرفيق محمد إبراهيم نقد ‏السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني تناولت طائفة من المواضيع الفكرية و العلمية، فيما يخص الحركة الثورية عموما، وبخاصة تجربة البريسترويكا . وفي هذا الحديث يلقى الرفيق نقد اضواء كاشفة على جوانب هامة من نضالات الشيوعيين السودانيين المفعمة بالتضحيات.


    النهج:

    ثمة مسألة تبرز: هل عن طريق الديمقراطية الليبرالية والنظام البرلماني ستحل القضية الاجتماعية ، تحل قضية الثورة الاجتماعية؟

    نقد:

    هذا غير وارد لسببين : الأول أن القوى اليمينية الحاكمة تحاول إفراغ النظام البرلماني من أهم مقوماته التعددية حرية الرأي، توزيع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إنها تضيق بالقضاء المستقل وتتغول على السلطة التشريعية ، تضيق بالحريات وتصدر القانون بعد الآخر للحد من هذه الحريات. هذا الوضع أدى إلى أزمة.

    النهج :

    ‏ حالياً

    نــقـــد:

    نعم . وهي الأزمة الثالثة . نشبت الأزمة الأولى وتسلل عنها الحكم العسكري الأول لمصلحة القوى اليمينية ورأس المال المحلى والخارجي. في الأزمة الثانية عجز النظام البرلماني ولم تعجز الجماهير عن استخدام حقوقها بفعالية فضاق بها اليمين وانفتح الباب نحو الانقلاب الثاني ، الذي كان لابد له أن يدخل من بوابة حركة الجماهير وثورة اكتوبر1964 ‏وشعارات التغيير الاجتماعي والمد الثوري في المنطقة العربية وأفريقيا. ومن هنا تقييم تجربة ذلك النظام في فترته الأولى ، ومحاولته تقديم نفسه باسم الديمقراطية الجديدة أو الديمقراطية الثورية.

    النهج:

    ‏ بالمناسبة، تعبير ´´ الديمقراطية الجديدة هو عنوان كتاب لماوتسى تونج

    نــقـــد:

    ‏ هذا التعبيرNew Democracy جاءنا من الصين ودخل على أدبياتنا الحزبية بلا دراسة وبلا تقييم وبلا عناية. وما يزال ماثلا في كثير من أدبياتنا الحزبية. وأعتقد أن موقف الحزب الشيوعي في ذلك الوقت من نظام نميرى كان يستند إلى هذا الفهم. إن أزمة النظام البرلماني لا تحل بمصادرة الديمقراطية ونظام دكتاتوري. كنا قبل الانتفاضة – مارس / ابريل1985 – نرى أن المعركة الأساسية أمام الشعب السوداني هي الإطاحة بنظام حكم الفرد . قد لا يكون تعبير حكم الفرد مصطلحا مكتملا ، لكنه يعنى الجمهورية الرئاسية التي تركز السلطات في يد رئيس الجمهورية، ونظام الحزب الواحد وسياساته الاقتصادية . ولم تكن ‏الانتفاضة للتغيير الاجتماعي بقدر ما كانت لاستعادة الحريات السياسية وبعض الإصلاحات ذات الطابع السياسي العام في إطار التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية القائمة بما فيها قطاع رأسمالية الدولة ورأسمالية القطاع الخاص والقطاع التقليدي الذي مازال يحافظ على بعض سمات الاقتصاد المعيشي (وليس كلها) الذي تكتسحه العلاقات السلعية النقدية . ولا يوجد في الوقت الحاضر أي مكان في السودان لا يتعامل مع السوق عن طريق النقد ، لا يوجد أحد في السودان إلا وينتج جزء من محصوله للسوق كي يبادله بالنقود . إذن فالقطاع التقليدي بمعنى subsistence Economy ‏لا يوجد في السودان حرفيا. بعض سمات القطاع التقليدي قائمة، لكنها لا تماثل سمات الاقتصاد المعيشي – فهذا القطاع ينهار وقسمات الانهيار تماثل ما يحصل حيثما يكون التطور الرأسمالي بطيئا وشأنها كما في بلدان العالم الثالث: تشكل حزام الفقر حول المدن ، الهجرة . .الخ، ويأخذ أحيانا شكل المجاعة وأحيانا التضخم والجفاف . أحيانا الحرب الأهلية.

    النهج:

    تقصدون عملية التراكم البدائي ولكن ليس بشكلها الكلاسيكي.

    نــقـــد:

    نعم، تراكم بدائي لكن مختلف في الشكل. مجاعة، جفاف ، تصحر وعوامل أخرى تسير في المجرى الأساسي والقانون الأساسي الذي يحكم التطور ، ويكتسب شكل نزوح إلى المدن للبحث عن منفذ ومصير.

    النهج:

    خلع المنتجين الصغار.. .

    نــقـــد:

    نعم خلعهم. لكن ليس فقط انهيار المنتج الصغير، ليس فقط الشكل الكلاسيكي. فهناك سمة ثانية فالذين ينهارون في الريف يوازيهم العادون من الخليج محملين بالمال لفتح بوتيكات ، أي نشوء أشكال أخرى من الإنتاج الصغير الخاص بالمدينة. هذا يعنى أن القوة المطرودة من الريف لا تتحول بالضرورة إلى قوى عاملة، إلى طبقة عاملة.
    النهج:
    يتحول قسم منها إلى فئات مهمشة إذن..

    نــقـــد:

    فئات مهمشة في ظل التطور الشائه. . نواصل قضية الديمقراطية. . بعد الانتفاضة أعلنا أننا نقبل التحدي بالحفاظ على الديمقراطية الليبرالية والدفاع عنها . فقد ناضل شعبنا 16 ‏عاما لاستعادة هذه الحريات ، وأي حديث عرضي عن أن هذه الحريات وهذه الديمقراطية لا تعنى شيئا ولابد من المضي قدما لديمقراطية أخرى ، فيه كثير من التقدير الخاطئ لتطور الثورة، وفيه استخفاف بما أنجزه الشعب السوداني وضحى من أجله ، وفيه نزعة لدكتاتورية شريحة أخرى من (البرجوازية الصغيرة) تسرق رصيد الانتفاضة وتسرق رصيد حركة الجماهير من أجل التغيير وتفرض قيام انقلاب. . ما هو الأفق الآن ؟ الأفق هو الصراع حول الديمقراطية والنظام البرلماني وإصلاحه ببرنامج متكامل وليس مجرد شعار. وتتلخص إجراءات الإصلاح في الأتي :

    أولا: قانون للانتخابات يوزع الدوائر الانتخابية بحيث تنال مناطق الوعي عددا أكبر من الدوائر مع المحافظة على مبدأ الديمقراطية الليبرالية في أن لكل مواطن واحد صوتا واحدا. لكن ظروف السودان وتجاربه تقتضي تخصيص دوائر للقوى الحديثة. مثقفون، عمال . . الخ. هذه القوى تحملت أعباه التغيير السياسي في معارك الاستقلال الوطني وفي ثورة أكتوبر 1964م وفي الانتفاضة، ووجودها في البرلمان يعطي النظام البرلماني فعالية أكبر إلى جانب الدفاع عن مصالح هذه القوى من داخل البرلمان.

    ‏ثانيا: الدستور الديمقراطي والقوانين المتفرعة هي والتي لا تتعارض معه، ‏بحيث لا ينتهي كل نص في الدستور بتعبير «في حدود القانون». فبعض القضايا. يجب أن لا تمس كحقوق أساسية وحريات ديمقراطية بأي ضوابط لمصلحة الفئات الحاكمة لكي تتحكم في الحقوق والحريات كما تشاء.

    ‏ثالثا: حل مشكلة القوميات وشكل الإدارة – أو الدولة المركزية- مع أوسع سلطات ممكنة في المستوى المحلي . إضافة إلى مشكلة القوميات. ففي الجنوب مثلاً تجمع قبائل وقوميات مختلفة ذات فوارق عرقية وثقافية ودينية ورواسب من الاضطهاد والتخلف، ولابد من حكم ذاتي إقليمي للجنوب. وهناك مناطق مثل جبال النوبة تسكنها تجمعات عرقية غير عربية ولابد من شكل للإدارة الذاتية لها . وكذلك الحال في شرق السودان.

    ‏رابعا: تصفية الإدارة الأهلية باعتبارها شكلا من أشكال بقايا الإقطاع وشبه الإقطاع القبلي (السودان لم يعرف الإقطاع بشكله الكلاسيكي، لا العراقي ولا المصري ولا السوري ولا الأوروبي. فالقبائل بدوية والسلطة القبلية هي الأساس.. ) نشر الديمقراطية وتوسيعها في مسائل الحكم وتصفية الإدارة الأهلية، وتوسيع قاعدة الحكم المحلي بمستوياته المختلفة: مجلس مدينة ، مجلس . . الخ. أما في المناطق المتخلفة النائية فيمكن أن تبقى الإدارة الأهلية بسلطات إدارية فقط، وتنزع عنها السلطات القضائية.




    .......................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese

    (عدل بواسطة sultan on 10-12-2012, 00:07 AM)
    (عدل بواسطة sultan on 10-12-2012, 00:09 AM)

                  

10-09-2012, 00:07 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (Re: sultan)


    يابلادى كم فيكِ حاذق
    غير إلهِك مالّم رازق
    من شعارو دخول المأزق
    يتفانى وشرفك تمام



    *الخليل

    شكرا ياسلطان وبركة بالشوفة
                  

10-11-2012, 04:07 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (Re: عمر ادريس محمد)

    Quote:

    يابلادى كم فيكِ حاذق
    غير إلهِك مالّم رازق
    من شعارو دخول المأزق
    يتفانى وشرفك تمام


    *الخليل

    شكرا ياسلطان وبركة بالشوفة


    ألف شكر العزيز عمر

    تقديري




    .............................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-11-2012, 04:23 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مناقشة (حوار حول الدولة المدنية) بمدينة بحري (Re: sultan)

    الميدان 11 أكتوبر 2012

    مناقشة (حوار حول الدولة المدنية) بمدينة بحري


    أمين مكي مدني:نقد طرح مدنية الدولة كنظام حكم ومؤسسات وحقوق

    نبيل أديب: مدنية الدولة تكمن في حيادها من السياسة والدين

    طه إبراهيم: جبهة الدستور الإسلامي تريد العودة بنا للقرن السابع

    محمد عبد القادر هلال: هي المعالم التي شادها الحزب الشيوعي في طريقه للدولة المدنية

    صدقي كبلو: نقد صاغ مفهوم جديد للدولة المدنية





    بحري: عادل كلر

    احتضن بيت الفنون ببحري مساء أمس الأول، مناقشة كتاب (حوار حول الدولة المدنية) لمحمد ابراهيم نقد، قدمها الدكتور أمين مكي مدني بتعقيب للأستاذين نبيل أديب وطه إبراهيم، ضمن فعاليات اللجنة القومية لتخليد ذكرى المناضل الوطني نقد، والتي أقامتها لجنة مدينة بحري، في ثاني أنشطتها التحضيرية للتأبين، وأوضح ممثل اللجنة التحضيرية أن فعاليات التأبين الرسمي ستنطلق في السبت العشرون من أكتوبر الجاري، بساحة الإتحاد بالديوم الشرقية لتنتقل يوم الاحد 21 أكتوبر إلى ميدان الرابطة ببحري وتختتم بجامعة الأحفاد بأم درمان في الاثنين الثاني والعشرون من أكتوبر، متخللة العديد من الأنشطة والفعاليات الإبداعية والفكرية والتوثيقية، وأدارت المناقشة الأستاذة آمال الزين التي أوضح بأن تخليد ذكرى الأستاذ نقد احتفاء بحياته التي أحب فيها هذا البلد مناضلاً ومفكراً وسياسياً ورجلاً أليفاً فاضلاً كريماً، إحتفاءاً بصفحة من تاريخ هذه البلاد المتعبة، منجزاً خلال سنوات المطاردة والعنت لقيات فكرية ثرة.

    وقال الدكتور أمين مكي مدني أن نقد معلم كبير بارع عاش حياة مشرفة لأمته وجميع أبناء شعبه، مضيفاً بأن (حوار حول الدولة المدنية) كتاب حمل كثيراً من صفات نقد من رقة ومداعبات وحديث الحياة الشخصية والعمل السري وعمل الحزب الشيوعي، بيد أن ما تناوله الكتاب حول الدولة المدنية والمجتمع المدني قبل (10) سنوات يتلمس الوطن إسقاطاته على الأوضاع الحالية، معتبراً بأن الكتاب يمثل ناقوس خطر لا سيما في ظل النظام الراهن الذي يعمل يعتمد على القمع والقهر، وأوضح بأن نقد من خلال تعليقه وتناوله لاتفاقيات السلام وجيبوتي وميشاكوس في العام 2002م يبدو وكأنه "تنبأ" حيث أعتبر [نقد] أن ميشاكوس حلبة من حلبات الصراع تحيطها عوامل داخلية وخارجية معقدة مع وجود احتمالات للعودة للصراع. ووصف خلاصة ما تم بأنه تم في غياب العقل.

    وقال مكي مدني أن نقد عندما تناول تاريخ وتطور المجتمع المدني وعلاقته مع الدولة المدنية تناول المجتمع الاشتراكي انطلاقا من أفكار هيجل لمؤسسات المجتمع المدني، مشيراً إلى أن تلميذ هيجل (ماركس) نادي بضرورة خلق منابر خاصة ومستقلة عن سلطة الحكومة، وأن غرامشي قد نادى بالمؤسسات الطوعية المدنية المستقلة عن سلطة الحكومة كالنقابات والأحزاب والمؤسسات التعليمية والثقافية، ونفى غرامشي لصفة الحياد عن المجتمع المدني حيث يعتبره ميداناً للصراع من أجل الهيمنة الفكرية والثقافية، كما تناول تجربة هاسلاف هافل بتشيكوسوفاكيا وتحالف التضامن البولندي، وأعتبر مكي مدني أن أهمية الكتاب تتأتي من خلال إسقاطه على الحياة اليومية عبر التركيز على قضيتي (التحول الديمقراطي ودور المجتمع المدني في إحقاق الدولة المدنية) ، وقال أن استمرار هينة الإنقاذ على كل مفاصل الثروة والسلطة منذ 1989 وتظافر كافة جهودها لتغييب المجتمع المدني المستقل وإقصاء القوى السياسية والأجيال الشبابية التي انتفضت مؤخراً بجانب النزاعات المسلحة التي تحمل تطلعات لحياة مدنية سياسية ذات طابع اجتماعي واقتصادي وثقافي بجنوب كردفان والنيل الأزرق وجبال النوبة، مؤكداً أن مساهمة نقد تجيء في سياق هذه الأوضاع المتردية بعد التضييق على الأحزاب ومصادرة الحريات، وقد صدرت العديد من القوانين التعسفية ومنها قانون الأمن الوطني الذي يخالف نصوص الدستور الذي حدد مهامه كجهاز استشاري يختص بجمع وتحليل المعلومات، حيث أصبح الجهاز الحاكم الحقيقي للبلاد، بممارسته للتفتيش والاحتجاز والاعتقال والتعذيب في أماكن سرية مع وجود حصانات لأفراده، بجانب قانون النقابات (نقابة المنشأ) الذي نسف التاريخ العمال والمهني للنقابات، وقانون أمن المجتمع، وقانون تنظيم العمل الطوعي لسنة 2006م الذي وضع إطاراً ضيقاً للعمل الأهلي وفرض قيوداً على المنظمات المستقلة بحيث يضعها تحت يد السلطة، مشيراً لوجود قانون عثماني (قانون العلم والخبر) الذي يطبق حاليا ًبلبنان، ويقضى بتسجيل أسماء وأعضاء المنظمة في الداخلية فقط لا غير، غير أن قانون العمل الطوعي لسنة 2006م اشترط شروطاً تعجيزية ووضع سلطات التسجيل وإلغاء التسجيل ورفضه بيد المسجل، وقال أن هنالك هجوماً كثيفاً على منظمات المجتمع المدني في الآونة الأخيرة بحجة توفيق الأوضاع مع القانون، بجانب ما تم في السابق من تعطيل لمركز الخرطوم لحقوق الإنسان و(سودو) ومركز الأمل لعلاج ضحايا التعذيب، وأضاف بأن السلطة تحاول عبر القانون أن تحصر نشاط المنظمات في العمل الخيري، مضيفاً بأن مفهوم نقد للدولة المدينة منطلق من حرية تكوين المنظمات بحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويقول [نقد] أنهم لا يهتمون كثيراً بمصطلحات كالعلمانية _ بسكر العين أو فتحها _ أو المادية بل بالديمقراطية كنظام حكم ومؤسسات، وأنهم عارضوا الدولة العلمانية عندما صادرت الحريات (على أيام عبود) وصادمو نظام نميري الذي بدأ يسارياً علمانياً، لذات السبب، وطرح نقد مقومات الدولة المدنية المتمثلة في المساواة في الأديان والمواطنة وسيادة حكم القانون والشعب مصدر السلطات وضمان الحقوق والحريات الأساسية. وقال بأن نقد أوضح بأن استغلال الدين في السياسة (كأسٌ قد شربنا منه كثيراً) ونميري أقدم على صلب وقطع الناس باسم الشريعة وجاءت الإنقاذ براية الشريعة غير أنها قامت بتجميد العقوبات الحدية دون إعلان.

    علمانية أم مدنية؟

    أوضح الأستاذ نبيل أديب بأن مصطلح الدولة المدنية مصطلح يصعب التعايش معه بسهولة لشخص تربى داخل الفكر الماركسي الذي ينظر إلى الدولة كأداة للقهر الطبقي تستخدم من قبل طبقة لقهر الطبقات الأخرى، وفقاً لرؤيته الشخصية، غير أنه قال بأن كتاب نقد حمل توضيحاً شافياً بأن الموضوع ليس موضوع مصطلحات، وأشار نبيل إلى أن الهجوم في المنطقة العربية على كلمة (علمانية) خلق حقيقة تبينها كشعار تبدو أقرب للانتحار السياسي، مضيفاً بأن نقد حدد بجلاء المقصود من الدولة المدنية، بمرتكزات أساسية، وهي أن الدولة المدنية هي التي تسمح بنشاط غير مقيد للمجتمع المدني، وهي الدولة التي تسمح بتبادل السلطة دون اللجوء إلى العنف، وإذا كان هنالك نظام ديمقراطي سيكون من الطبيعي أن تطمح التجمعات السياسية للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، وأضاف بأنه شهد العديد من الأنظمة التي أجرت انتخابات لكن السلطة لم تكن مطروحة فيها "انتخابات وخلاس". وأضاف بأنه إذا كان هنالك نظام ديمقراطي راسخ فإن الهوية لن تكون مطروحة مع صناديق الاقتراع، وأي انتخابات طرحت فيها الهوية قادت إلى حرب أهلية، وقال بأن الانتخابات الأخيرة بالبلاد أبريل 2010 كانت انتخابات لإعلان انهيار الدولة السودانية، لانها طرحت الهوية على صناديق الانتخابات لذا صوت الشمال شمالاً وصوت الجنوب جنوباً. وأعتبر أن الديمقراطية تعني الحق في المساواة والحق في الحرية، وما يحمي هذين الحقين وثيقة الحقوق، وأوضح نبيل أديب أن وثيق الحقوق في الدستور تعرِّف بأنها (القدر من الحريات التي لم يتنازل عنها المجتمع المدني) باعتبار أن المجتمع قد يتنازل عن بعض حرياته مقابل الأمن الذي توفره الدولة، على سبيل المثال، وقال بأن الدولة المدنية هي ليست التي توفر الانتخابات فحسب، بل حقوق الحصول على المعلومات والتعبير وغيرها، وأشار إلى أن نقد لفت الانتباه لموضوع (طغيان الأغلبية) باعتباره مضاداً للدولة المدنية الديمقراطية حيث قال نقد أن هنالك أشياء لا تخضع لأغلبية أو أقلية ومنها قضايا الهوية وهي ليست موضوع مساومة أو نقاش. وأورد أديب أن المفاهيم الدستورية الحديثة أصبحت تتحدث عن عدم دستورية الدستور وعدم دستور التعديلات الدستورية، حيث لا يجوز لأي أغلبية بجمعية تأسيسه أو برلمان أو حكومة أن تنتهك حقوق أي مجموعة أو فئة، كما في تجربة جنوب أفريقيا، وقد توصلنا إلى هذه النتيجة مبكراً في قضية (جوزيف قرنق وآخرون ضد حكومة السودان) وقال بأن القاضي صلاح حسن [رحمه الله] تلمس هذا المبدأ حيث قال بأن هذا الحق لا يمس.

    وأوضح بأن الدولة المدنية بمفهوم نقد دولة مواطنة لا رعايا، حيث ينتسب الفرد فيها إلى الوطن الذي يحتمل عدداً من الهويات، ولذا يبرز الاتجاه لأهمية تحييد الدولة، مشيراً لتعامل أجهزة الدولة مع مظاهرات المعارضة بأنها (غير مشروعة) معتبراً أن هذا يكشف أن أجهزة الدولة الدائمة كالشرطة بدأت تأخذ اتجاه الصراع السياسي، وأضاف بأن الدولة المدنية محايدة تجاه الأديان، موضحاً أن الدعوة لتحييد الدولة من الأديان يرمي لتحرير الدين من السلطة السياسية، لأن الدين لا يحكم والدين يخضع في الدولة الدينية للدولة، ولا يعني ذلك الحديث عن الدين الفردي، فالدين يمكن أن يكون له وجود في الحياة العامة، لكن الدولة محايدة تجاهه، مشيراً إلى التعديل الأول للدستور الأمريكي (الدولة لا تنشئ كنيسة ولا تنصر ديناً على دين أو تقمع ديناً).

    جبهة الدستور الإسلامي

    أعتبر القانوني طه إبراهيم أن مشروع بناء دولة ديمقراطية لن ينهض إلا في أعقاب قهر المشروع المضاد (الدولة الدينية)، وقال بأن الحركة الإسلامية خلقت قطيعة تامة في المجتمع بين المعسكرين، وأغلقت تماماً منافذ الحوار أو المناقشة، تمكن من إنجاز وفاق وطني أو الوصول لمنطقة وسطى، وقال بأن الحركة الإسلامية في 2011 انتخبت لجنة أسمتها (جبهة الدستور الإسلامي) ورصدت لها ميزانيات هائلة وقصر كبير من خمسة طوابق بضاحية الرياض بالخرطوم، وصاغت هذه الجبهة دستور إسلامي مناهض لكل ما دعا له لنقد في كتابه (حوار حول الدولة المدنية) بمشاركة كل أطياف الإسلاميين، وأستعرض طه إبراهيم نسخة من الدستور الإسلامي. حيث أوضح بأن هذا الدستور نص على أن الدولة السودانية دولة إسلامية وأحكام الإسلام توضح هويتها وتحدد الانتماء لها، وقديماً قسمت الشريعة العالم إلى دار إسلام ودار حرب، يحارب أهلها إلى أن يسلموا أو يدفعوا الجزية وهم صاغرون. مضيفاً بأن الجنسية يخضع لأحكام الإسلام والشريعة تحدد المواطنة للمسلمين وتعتبر غير المسلمين من المقيمين فيها أهل ذمة يخضعون لأحكام أهل الذمة، ولغي الدستور الديمقراطية تماماً حيث أعلن أ ن (الحاكمية لله) وليست للشعب، وأضاف بأن هؤلاء يتكلمون عن أنفسهم ويريدون أن يحلوا محل الله مشيراً إلى مقولة الإمام على بن أبي طالب (القرآن حمال أوجه ينطق به الرجال) وأضاف طه أن كل شخص ينطق طبقاً لمصالحه. وتناول جانب السياسة الخارجية في الدستور الإسلامي، حيث أعتمد تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب، تحدد وفقاً لعقيدة الولاء والبراء، التي نهضت في التاريخ الإسلامي عقب ارتفاع وسع المسلمين وظهور شوكتهم، بعد أن كانوا قلة في المدينة يعيشون وفق وثيقة المدينة التي اعتمدت المواطنة للمقيمين في المدينة من اليهود والأوس والخزرج. وفي جانب الحقوق والحريات ربطها الدستور بأحكام الشريعة التي تعتمد مبدأ العدالة لا المساواة، وذلك انطلاقا من عدم وجود المساواة في الشريعة بين الرجل والمرأة وبين العبد والحر وبين المسلم وغير المسلم. وفي جانب الحريات، أضاف طه إبراهيم بأن الدستور عرف الردة بأنها (كل من يروج للخروج من ملة الإسلام، وهي مسألة خطيرة لأنه تحديد الردة يقوم به ذات الأشخاص الذين وضعوا الدستور، بجانب أنهم فرضوا على أهل الكتاب في هذا الدستور دفع الجزية، وهو ما ينذر بمخاطر الحرب الأهلية، وأبدى المتحدث دهشته وهو يتعرض لوضعية غير المسلمين، انطلاقا من حديثهم بأن السودان عقب انفصال الجنوب أصبح يضم (3%) من غير المسلمين، وهم في الغالب غير أهل كتاب، وقال بأن الدستور نص على أن يقاتلوا فإما الإسلام وأما السيف!! وفيما يتصل بحرية التعبير والنشر والصحافةـ قال الدستور بأنها تكفل وفقاً للقيود الشرعية، وأوردت المادة (42) من الدستور الإسلامي: (لا يجوز لأي شخص أن يروج أو يسعى لنشر الشيوعية أو الإلحاد أو العلمانية أو اليهودية أو الأديان النصرانية أو الأديان الوثنية). وأَضاف بأن نظام الحكم المتبع في هذا الدستور هو نظام الإمامة، حيث يختار مجلس الشورى المكون من أهل الحل والعقد “الفقهاء” واحداً من بين ثلاثة مرشحين لشغل منصب إمام المسلمين الذي يقيم الدين، بشروط معلومة (مسلم، ذكر، حر، قرشي)، وأن العمل يتم عبر الشورى، وجعل مهمة المجلس التشريعي الوحيدة مراقبة ومراعاة تنفيذ الشريعة.

    عقلانية نقد

    وأشار الأستاذ طه إبراهيم إلى عظم مساهمة الأستاذ محمد إبراهيم نقد في الكتاب، حينما حاول فتح مساحة للتواصل مع جماعات الدستور الإسلامي هذه، حيث أورد الكتاب في صفحة (38) ضمن مبادئ النظام السياسي الديمقراطي التعددي "في التشريع يمكن أن تتسع إحتهاداتنا لتسع الدين والفكر الإنساني وثوابت القضاء السوداني"، معتبراً بأن محاولة جادة للتواصل ضمن محاولات آخرين لكن هذه الجماعات لا تريد التواصل وتريد إعادة المجتمع للقرن السابع الميلادي، وطمس هوية وعلم وعقل الشعب السوداني، داعياً جميع الداعين للدولة المدنية للانخراط في نضال عنيف لمقاومة هذا الشر.

    تجربة الحزب الشيوعي

    وقال الدكتور محمد عبد القادر هلال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أن المعالم التي خطها نقد في (الدولة المدنية) لا بد أن تكون هي المعالم التي شادها الحزب الشيوعي في طريقه للدولة المدنية، مضيفاً بأن هنالك معالم رئيسية في هذا الطريق حول الأسلوب الذي يحقق الفكر الذي يستند عليه الحزب الشيوعي، مشيراً لوجود تقاطعات مع أفكار كالعلمانية، والماركسية كفكر مبني على العلم، وأثر الديمقراطية الليبرالية (الديمقراطية البرجوازية) على الحركة السياسية السودانية والحزب الشيوعي فصيل أساسي فيها، وأوضح هلال أن ماهية الدولة (في إشارة لمسألة ديكتاتورية البروليتاريا، المحرر) تتضح في برنامج الجبهة المعادية للاستعمار 1954م وما دعا له برنامج الحزب في انتخابات 1953 و1958م "جمهورية برلمانية ومجلس رأس دولة"، وبالنسبة لأسلوب تحقيق الدولة قال بأن الثورة المسلحة برزت في 1953م على مشارف إتفاقية تقرير المصير للسودان بين دولتي الحكم الثنائي، كما أيد الحزب الشيوعي إنقلابي مايو 1969 ويوليو 1971 وأعتمد في أغسطس 1977 (الديمقراطية مفتاح الحل). وأضاف بأن نقد أوضح في كتابه رفض الدستور العلماني الشمولي ودعا لفصل الدين عن السياسة كما في نيروبي 1993 وأسمرا 1995.

    مناقشات وآراء

    وأعرب القائد النقابي علي عسيلات عن عدم اتفاقه مع مخاوف طه إبراهيم التي أوردها عن خطورة جبهة الدستور الإسلامي، مشيراً إلى ان السودان أختبر من قبل هذه القوانين في زمن نميري، داعياً المثقفين والمستنيرين إلى خلق أكبر قاعدة تواصل على المستوى العالمي والتوحد ضد هذه الجبهة، مشيراً لضرورة فضح تجارب الشمولية الدينية في السودان وتعريتها.

    البروفيسور كامل إبراهيم حسن أوضح بأن دفع للراحل نقد بكتابه (العلمانية والإسلام) للإطلاع عليه ومناقشته، وقال بأن نقد قال له بعد قراءة الكتاب بأنه لا يتفق مع مصطلحات مثل العلمانية والمادية وقال بأننا لا نعادي الأديان _ والحديث لنقد_ وإنما العكس الأديان جميعها السماوية وغير السماوية تظل أحد الآليات (عندما تفهم الفهم الصحيح) لتطوير وتقدم المجتمعات.

    وأتفق عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي د. صدقي كبلو مع طرحه أمين مكي مدني عن متعة الحوار بين النص والواقع في الكتاب، وقال بأن كلمة (مدنية) كثيراً ما شغلت الكثير من الحوارات داخل وخارج السودان، وكثيراً ما قال الناس بأنها غير واردة في العلوم السياسية، معتبراً بأنها مشكلة كبرى بأن يعتقد الناس أن المفاهيم قد كتبت وجفت الأقلام وطويت الصحف، وأضاف بأن نقد لو كانت مولوداً في بريطانيا أو ألمانيا لأستهلك الشباب مقولاته عن الدولة المدنية كما يرددون مقولات هابرماس و ديدرو، منتقداً عدم استيعاب هؤلاء الشباب إلى أن نقد صاغ مفهوماً جديداً، وأشار إلى أن كتاب الدولة المدنية لا يتم استيعابه بصور كاملة إلا بقراءة كتاب نقد عن الديمقراطية، حيث أن المفهومين الديمقراطية والدولة المدنية مقرونين مع بعض، ديمقراطية مع الحقوق المدنية.




    .............................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese

    (عدل بواسطة sultan on 10-11-2012, 05:08 AM)
    (عدل بواسطة sultan on 10-11-2012, 05:09 AM)
    (عدل بواسطة sultan on 10-11-2012, 05:11 AM)
    (عدل بواسطة sultan on 10-11-2012, 05:13 AM)

                  

10-11-2012, 04:29 AM

بدر الدين احمد موسى
<aبدر الدين احمد موسى
تاريخ التسجيل: 10-03-2010
مجموع المشاركات: 4858

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناقشة (حوار حول الدولة المدنية) بمدينة بحري (Re: sultan)

    لكن نقشا واحدا لموطئ الاسد!

    محمد ابراهيم نقد.
                  

10-11-2012, 05:47 AM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناقشة (حوار حول الدولة المدنية) بمدينة بحري (Re: بدر الدين احمد موسى)




    حل أزمة السودان يتمثل في دولة مدنية
    محمد ابراهيم نقد


    خلال الفترة 1990م ـ 1991م، وما بين الاعتقال والاقامة الجبرية، اصدر محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني ثلاث اوراق ارفقها باثنتين اخريين في منتصف 1994م، واعتبرت في مجموعها تدشينا لأطول مناقشة عامة من نوعها انتظمت الحزب بقرار صادر من لجنته المركزية في اغسطس 1991م، ولاتزال مستمرة حتى الان. وتتناول المناقشة جملة قضايا مهمة بالنسبة للشيوعيين السودانيين، ابتداء من مستقبل الاشتراكية ـ في ظروف الزلزال الذي تعرضت له بانهيار حائط برلين،
    واختفاء الاتحاد السوفييتي وما كان يعرف حتى مطالع تسعينيات القرن المنصرم بالمعسكر الاشتراكي ـ وانتهاء باسم الحزب نفسه في السودان. وحسب مصادر «بيان الاربعاء» فقد ساهم نقد، المختفي في قيادة العمل السري للحزب منذ ثماني سنوات، في هذه المناقشة العامة مرتين: المرة الاولى بإصداره عام 1998م ورقة بعنوان «مباديء موجهة للمناقشة العامة»، اما المرة الثانية فبهذه الورقة حول موقف الحزب من مفهوم «العلمانية»، اضافة الى تصوره لمفهوم «الدولة المدنية ـ المجتمع المدني ومنظماته».
    وقد حصل «بيان الاربعاء» على نسخة من هذه المساهمة، ونشرها فيما يلي، وذلك نظرا، من جهة، للمكانة السياسية والفكرية المتفردة التي يشغلها كاتبها بين القيادات التاريخية للحركة السياسية في السودان والمحيطين العربي والافريقي، ومن الجهة الاخرى لما يشكله موضوعها نفسه من أهمية بالنسبة للمحللين والباحثين حول مستقبل هذا الحزب، بحكم موقعه من خارطة القوى السياسية الفاعلة، وكذلك حول اجندة الصراع السياسي ومساراته ومآلاته في هذا البلد خلال المرحلة المقبلة.
    طرحنا مصطلح وتصور «الدولة المدنية» لأول مرة عام 1988م خلال المشاورات التي اجراها مجلس رأس الدولة مع الكتل البرلمانية بعد ان اقال الصادق المهدي حكومته الثانية، تمهيداً لتوسيع الائتلاف بإشراك الجبهة الاسلامية في الوزارة وفق شروطها بإجازة قوانين الشريعة خلال شهرين.
    استقبل هيئتنا البرلمانية باسفيكو لادو، عضو مجلس رأس الدولة، انذاك، بمكتبه بالقصر الجمهوري، وخلال المناقشة حول مصطلحات «دولة دينية، دولة علمانية، دستور اسلامي، دستور علماني» اكدنا للادو الحقائق التالية، لينقلها لمجلس رأس الدولة:
    ـ اننا لا نتقيد بحرفية المصطلحات، او بما اذا كان مصطلح «علمانية» بكسر العين ام بفتحها، وأننا نعطي الأسبقية للديمقراطية كحقوق وحريات وكنظام حكم ومؤسسات، وأننا نعارض الدولة العلمانية عندما تصادر الديمقراطية، مثل معارضتنا لدكتاتورية عبود، من جانب، ودخولنا، من الجانب الاخر، في صراع وصدام مع نظام مايو، سواء عندما بدأ يسارياً وعلمانياً، او عندما اعلن نميري قوانين سبتمبر عام 1983م ونصب نفسه اماما منذ ذلك الحين حتى اطاحت به الانتفاضة الشعبية في ابريل عام 1985م.
    ـ اننا لا نوافق على مشروع حكومة الوفاق، ليس رفضاً لمبدأ الوفاق، انما لكون المشروع يلتف حول شعار الانتفاضة الداعي لالغاء قوانين سبتمبر بدعوى الالتزام بقوانين بديلة تقدمها الجبهة الاسلامية لن تختلف عن تلك القوانين.
    ـ اننا نقدر حرص وجهود رأس الدولة لحل الازمة الوزارية، وتقريب وجهات النظر لنزع فتيل الاشتعال عن استقطاب «دولة علمانية، دولة دينية»، ونقترح مصطلح «دولة مدنية»، على اعتبار تعامل المجتمع السوداني في الشمال والجنوب مع القانون المدني والمعاملات المدنية، والقانون الشرعي والمحاكم الشرعية.
    لم تسفر جهود مجلس رأس الدولة عن تقارب او توافق في وجهات النظر، وشاركت الجبهة الاسلامية في الحكومة، وقدمت مشروع قانون الترابي وتداعت الأحداث حتى انقلاب يونيو 1989م.
    بعد تكوين «التجمع الوطني الديمقراطي» وتوقيع «ميثاقه» في اكتوبر 1989م، ثم انضمام الحركة الشعبية اليه عام 1990م، عقدت هيئة قيادة «التجمع» في الخارج دورة اجتماعاتها الثانية بلندن «26 يناير ـ 3 فبراير 1992م» بمشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي، حزب الامة، الحزب الشيوعي السوداني، المؤتمر السوداني الافريقي، النقابات، الحركة الشعبية، القيادة الشرعية للقوات المسلحة، وشخصيات وطنية.
    اجاز ذلك الاجتماع الدستور الانتقالي الذي يحكم به السودان، عقب الاطاحة بحكومة الجبهة الاسلامية القومية، خلال فترة انتقالية. وتقوم بمقتضى هذا الدستور هيئة تشريعية لوضع الدستور الدائم. كما أمن الاجتماع على بنود ميثاق التجمع التي تلزم الحكومة الانتقالية بعقد «المؤتمر الدستوري» لحسم قضايا «الهوية، وتحديد العلاقة بين الدين والدولة، واقتسام السلطة والثروة.. الخ».
    اشتمل الدستور الانتقالي على مواد وفقرات حول علاقة الدين والدولة والدين والسياسة تعبر عن الحد الادنى لاتفاق وجهات نظر الاطراف التي شاركت في الاجتماع، حيث تنص المادة «10» على أن: ـ تعامل الدولة معتنقي الاديان السماوية وأصحاب كريم المعتقدات الروحية دون تمييز بينهم فيما يخص حقوقهم وحرياتهم المكفولة لهم في هذا الدستور كمواطنين ولا يحق فرض اي قيود على المواطنين او مجموعات منهم على اساس العقيدة او الدين.
    ـ يهتدي المسلمون بالاسلام ويسعون للتعبير عنه.
    ـ يهتدي المسيحيون بالمسيحية ويسعون للتعبير عنه.
    ـ يحظر الاستخدام المسيء للأديان وكريم المعتقدات الروحية بقصد الاستغلال السياسي.
    في 17 ابريل عام 1993م أصدر التجمع اعلان نيروبي حول علاقة الدين بالسياسة، وقد نص على أن: ـ تعتبر المواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان جزءا لا يتجزأ من القوانين السودانية، ويبطل اي قانون يصدر مخالفاً لها ويعتبر غير دستوري.
    ـ يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيسا على حق المواطنة واحترام المعتقدات وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الذين او العرق او الجنس او الثقافة، ويبطل اي قانون يصدر مخالفاً لذلك ويعتبر غير دستوري.
    ـ لا يجوز لأي حزب سياسي ان يؤسس على أساس ديني.
    ـ تعترف الدولة وتحترم تعدد الاديان وكريم المعتقدات، وتلزم نفسها بالعمل على تحقيق التعايش والتفاعل السلمي والمساواة والتسامح بين الاديان وكريم المعتقدات، وتسمح بحرية الدعوة السلمية للاديان، وتمنع الاكراه او اي فعل او اجراء يحرص على اثارة المعتقدات الدينية والكراهية العنصرية في اي مكان او منبر او موقع في السودان.
    ـ يلتزم التجمع الوطني الديمقراطي بصيانة كرامة المرأة السودانية ويؤكد على دورها في الحركة الوطنية السودانية ويعترف لها بالحقوق والواجبات المضمنة في المواثيق والعهود الدولية بما لا يتعارض مع الأديان.
    في يونيو 1995م انعقد مؤتمر القضايا المصيرية في اسمرة، وأجاز قراراً حول الدين والسياسة في السودان على النحو الآتي: ـ اعترافا بأن العلاقة بين الدين والسياسة تؤثر مباشرة على عملية بناء الامة السودانية.
    ـ وادراكاً لحقيقة التعدد الديني والثقافي والقومي في السودان.
    ـ واعترافاً بدور الاديان السماوية وكريم المعتقدات كمصادر للقيم الروحية والاخلاقية التي تؤسس للاخوة والتعايش السلمي والعدل.
    ـ وادراكاً لفظاعة انتهاكات نظام الجبهة الاسلامية لحقوق الانسان، والابادة الجماعية والتطهير العرقي باستغلالها للدين وباسم الجهاد زوراً.
    ـ وتصميماً لاقامة سلام عادل ودائم ووحدة وطنية مؤسسة على العدل والارادة الحرة لشعب السودان.
    ـ والتزاما بمبدأ عدم استغلال الدين في السياسة.
    يقر التجمع الوطني الديمقراطي التدابير الدستورية الآتية: ـ كل المباديء والمعايير المعنية بحقوق الانسان والمضمنة في المواثيق والعهود الاقليمية والدولية لحقوق الانسان تشكل جزءاً لا يتجزأ من دستور السودان، واي قانون او مرسوم او قرار او اجراء مخالف لذلك يعتبر باطلاً وغير دستوري.
    ـ يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيساً على حق المواطنة واحترام المعتقدات والتقاليد وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين او العرق او الجنس او الثقافة، ويبطل اي قانون يصدر مخالفاً لذلك ويعتبر باطلاً وغير دستوري.
    ـ لا يجوز لاي حزب سياسي ان يؤسس على أساس ديني.
    ـ تعترف الدولة وتحترم تعدد الاديان وكريم المعتقدات وتلزم نفسها بالعمل على تحقيق التعايش والتفاعل السلمي والمساواة بين الاديان وكريم المعتقدات وتسمح بحرية الدعوة السلمية للاديان وتمنع الاكراه او اي فعل او اجراء يحرض على اثارة النعرات الدينية او الكراهية العنصرية في اي مكان او منبر او موقع في السودان.
    ـ يلتزم التجمع الوطني الديمقراطي بصيانة كرامة المرأة السودانية ويؤكد على دورها في الحركة الوطنية السودانية ويعترف لها بكل الحقوق والواجبات المضمنة في المواثيق والعهود الدولية بما لا يتعارض مع الأديان.
    ـ تؤسس البرامج الاعلامية والتعليمية والثقافية القومية على الالتزام بمواثيق وعهود حقوق الانسان الاقليمية والدولية.
    في مايو 1999م اصدر مندوبو الحزب في التجمع في الخارج ورقة بعنوان «قضايا استراتيجية» عالجت عدة قضايا، من بينها فصل الدين عن السياسة، وذلك على النحو الآتي: ـ السودان متعدد الديانات والمعتقدات، حيث توجد اغلبية مسلمة، وكذلك مسيحيون ومعتقدات افريقية، من هنا شرط التسامح والاحترام في المعتقد الديني كمقدمة للمساواة في المواطنة، حيث لا تخضع المعتقدات لمعيار وعلاقة الاغلبية والأقلية، ومن هنا ايضا شرط اقرار حقيقة ان الدين يشكل مكوناً من مكونات فكر ووجدان شعب السودان، ومن ثم رفض كل دعوة تنسخ او تستصغر دور الدين في حياة الفرد، وفي تماسك لحمة المجتمع وقيمه الروحية والأخلاقية وثقافته وحضارته.
    ـ السودان على تعدد أديانه ومعتقداته سادته روح التعايش والتسامح الديني الى ان فرض الديكتاتور نميري قوانين سبتمبر ونصب نفسه اماما جائرا على بيعة زائفة، وما تبع ذلك من ترسيخ لدولة الارهاب والفاشية تحت حكم الجبهة الاسلامية الراهن. على خلفية هذا الواقع الموضوعي، وتأسيسا عليه، تستند الديمقراطية السياسية السودانية في علاقتها بالدين على مباديء النظام السياسي المدني التعددي، والتي تشكل في الوقت نفسه فهمنا لمعنى العلمانية. فمصطلح النظام المدني اقرب لواقعنا من مصطلح النظام العلماني ذي الدلالات الاكثر ارتباطا بالتجربة الاوروبية.
    ـ مباديء النظام السياسي المدني الديمقراطي التعددي هي: المساواة في المواطنة وحرية العقيدة والضمير بصرف النظر عن المعتقد الديني.
    المساواة في الاديان.
    الشعب مصدر السلطات، ويستمد الحكم شرعيته من الدستور.
    سيادة حكم القانون، واستقلال القضاء، ومساواة المواطنين امام القانون بصرف النظر عن المعتقد او العنصر او الجنس.
    كفالة حرية البحث العلمي والفلسفي وحق الاجتهاد الديني.
    ضمان الحقوق والحريات الاساسية، السياسية، المدنية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية، وضمان حقوق الانسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية.
    الالتزام التام بما اجمعت عليه الحركة السياسية السودانية في اعلان نيروبي بالنسبة للتشريع، ووفق هذه المباديء يمكن ان تتسع الاجتهادات لكي تشمل مصادر التشريع الديني، وعطاء الفكر الانساني، وسوابق القضاء السوداني.
    في السرد التوثيقي «1»، «5» اعلاه فقرتان محوريتان هما: ـ «.. من هنا ايضا شرط اقرار حقيقة ان الدين يشكل مكوناً من مكونات فكر ووجدان شعب السودان، ومن ثم رفض كل دعوة تنسخ او تستصغر دور الدين في حياة الفرد، وفي تماسك لحمة المجتمع وقيمه الروحية والاخلاقية وثقافته وحضارته».
    ـ «.. على خلفية هذا الواقع الموضوعي وتأسيساً عليه تستند الديمقراطية السياسية السودانية في علاقتها بالدين على مباديء النظام السياسي المدني الديمقراطي التعددي، والتي تشكل في الوقت نفسه فهمنا لمعنى العلمانية، فمصطلح النظام المدني أقرب لواقعنا من مصطلح النظام العلماني ذي الدلالات الاكثر ارتباطاً بالتجربة الاوروبية».
    هكذا اكتمل تصورنا لمفهوم الدولة المدنية ومحتواه من خلال الجهد الجماعي المشترك للحركة السياسية السودانية، ومعاناتها للانعتاق من الاستقطاب العقيم المغلق «دولة دينية ـ دولة علمانية». وكانت اللحظات الفارقة في ذلك الجهد مؤتمر لندن فبراير 1992م، واعلان نيروبي ابريل 1993م، ومؤتمر القضايا المصيرية ـ اسمرا يونيو 1995م. ويمكن تلخيص وطرح العناصر والمكونات الاساسية لهذا التصور على النحو التالي: ـ لسنا ملزمين بنماذج العلمانية في انجلترا او اميركا او فرنسا، او نموذج العلمانية من فوهة البندقية في تركيا، انما نتعامل معها من حيث التعامل مع تجارب شعوب العالم، فضلا عن ان الترجمة العربية لمصطلح العلمانية ملتبسة: «بفتح العين» غيرها «بكسرها».
    ـ نركز في طرحنا لتصورنا على اسبقية الديمقراطية، وتأكيد أن العلمانية ليست بالضرورة ديمقراطية، مثال دولة ستالين، موسوليني، بيونشيه.. الخ.
    ج ـ نركز على تجربة الدولة السودانية ونماذجها الدينية او التي اقحم عليها الدين: ـ الدولة المهدية وليدة ثورة وطنية استعادت للسودان سيادته لكن مذهبية التدين، اقصت طرقا صوفية مؤثرة وقبائل ذات شوكة بسبب عدم اقتناعها بمهدية المهدي من منطلق فقهي محض وعن حمية قبلية ان تخضع لكيان قبلي اخر، دون ان تكون تلك الطرق وهاتيك القبائل موالية للتركية ابتداء.
    تجربة مايو الامامية وقوانين سبتمبر والقطع والبتر والصلب والتشهير واسلمة النظام المصرفي لاثراء الفئات الطفيلية ونسف الوحدة الوطنية والسلام المستعاد بعد حرب دامت 18 عاما بخرق اتفاقية اديس ابابا والتجريم والتكفير فيما اجاز فيه الشرع الاجتهاد كاعدام محمود محمد طه.
    تجربة الانقاذ وويلاتها الماثلة.
    لا نتخذ من قضية الجنوب تكأة او ذريعة رغم الاهمية الحاسمة لوحدة الوطن واستعادة السلام فالدولة العلمانية الفيدرالية او الكنفدرالية في الجنوب كحل مفاضلة للوحدة مع دولة دينية في الشمال، ليست ضمانة للديمقراطية في الجنوب بدليل دول افريقيا المجاورة وجامع الديكتاتورية العلمانية في كل تواصل طرحنا للدولة المدنية حتى لو انتصر اتفاق فرانكفورت في الجنوب.
    محصلة تجارب الحركة السياسية السودانية منذ الاستقلال اثبتت وباغلى التضحيات والزمن المهدر استحالة ان يفرض اتجاه فكري او سياسي واحد تصوره للدستور حتى لو توفرت له الاغلبية البرلمانية، امام معادلة الفارق القومي والاثني والديني او توفرت له السطوة العسكرية الشمولية (راجع مضابط لجنة الدستور الاولى 1957م واللجنة الثانية 1968م، ودستور نظام مايو لسنة 1973م ودستور نظام الانقاذ لسنة 1998م).
    ـ لقد شهد السودان حالتين استثنائيتين الاولى دستور ستاتلي بيكر للحكم الذاتي والاجماغ الوطني حوله كامتداد للاجماع الوطني حول الاستقلال من داخل البرلمان والثانية في ثورة اكتوبر والاجماع الوطني حول تعديل ذلك الدستور.
    ـ اما تجربة الانتفاضة 1985م فقد شابتها سلبيات تدخل المجلس العسكري الانتقالي والتفافه على ميثاق الانتفاضة الذي نص على دستور 56 المعدل 64 بتعيين لجنة لوضع دستور انتقالي انتقاها من حزبي الامة والاتحادي اضافة للقضاء العسكري كما انتقى لها ميرغني النصري من التجمع النقابي وتحايل على اختيار ممثل للجبهة الاسلامية بان اختار حافظ الشيخ الزاكي من مكتب النائب العام وكان الهدف من كل ذلك التحاليل هو ضمان النص على الشريعة في الدستور وفق تصورات الجبهة الاسلامية القومية واول ما يفصح عن (النوايا المبيتة) الاهمال المتعمد لتمثيل الجنوب في تلك اللجنة التي مارست مهامها بعيدا عن الرأي العام حتى اجيز الدستور الانتقالي في القصر بحضور المجلس العسكري ومجلس الوزراء، ثم ادخلت الجمعية التأسيسية، في وقت لاحق، تعديلات على ذلك الدستور الانتقالي، قبل ان يطيح به انقلاب الجبهة الاسلامية القومية في الثلاثين من يونيو 1989 ـ عينت حكومة الانقلاب «الانقاذ» لجنة قومية لوضع دستور دائم للبلاد، انجزت اللجنة مهمتها وسلمت المشروع للقصر، ولكنه خرج منه على سحنة غير التي دخلها بها، وقد اجازه المجلس الوطني لاحقا بهذه السحنة.
    اعد التجمع الوطني مشروعه لدستور الفترة الانتقالية في حالة انتصاره واقصاء الانقاذ ريثما تقوم بمقتضاه هيئة تشريعية لوضع الدستور الدائم «وثائق، مؤتمر لندن، فبراير 1992».
    اعلنت الانقاذ استعدادها، في حالة نجاح مساعي حل الازمة الوطنية بالتفاوض، لادخال تعديلات على دستورها دون مساس بالثوابت، وافق حزب الامة على ذلك، واقترح العمل بمسودة دستور الانقاذ التي اقرتها اللجنة القومية مع ادخال بعض التعديلات.
    اقترح التجمع الوطني وضع دستور تتفق عليه الاطراف التفاوضية، فلا هو بالدستور الانتقالي للتجمع ولا هو بالدستور الدائم للانقاذ.
    طرحت المبادرة المصرية الليبية المشتركة، من جانبها، تصورها او مقترحاتها للفترة الانتقالية ولاجراء تعديلات على دستور الانقاذ.
    هكذا نستطيع ان نرى بوضوح كيف ان قضية الدستور مازالت في قلب قضايا الصراع السياسي الاجتماعي حول حاضر ومستقبل السودان، وستظل حتى حل القضايا المصيرية، والاتفاق على الدستور الذي يقننها، لهذا علينا ان نواصل ونطور قدراتنا السياسية والفكرية في قضايا الدستور، وان نحرص على العطاء المسهم في الاجماع الوطني حول اساسيات الدستور، وكسر حاجز الاستقطاب المطلق، العقيم، والانطلاق الى فضاءات الحوار الحر، والقواسم المشتركة.
    التربية والأخلاق والقوة ثم القانون نزيد تصورنا للدولة المدنية وضوحا، وكذلك ما يميزها من العلمانية المنبثقة عن عصر الاصلاح الديني اللوثري وعصر التنوير في غرب أوروبا. إنها، مثلا، لا تصادر او تمانع تدريس مادة الدين في مناهج التعليم، مع مشروعية الاختلاف حول المنهج كيلا يتحول الى امتداد لبرنامج حزب سياسي بعينه، الجبهة الاسلامية مثلا.
    الدولة المدنية لا تتخذ موقف اللامبالاة تجاه مظاهر التفسخ والانحلال في المجتمع، ولا تسمح بأن يتحول المجتمع الى خمارة أو ماخور، أو أن ينحدر الشباب الى مهاوى الضياع. لكن اداتها لضمان ذلك ليس قانون ومحاكم وشرطة النظام العام، حسب النهج الذي يتبعه حاليا نظام الانقاذ، وانما واعز التربية ا السياسية والثقافية، واعز الدين والاخلاق ومثال القدوة الحسنة في الأسرة والمجتع، ثم من بعد ذلك، وليس قبله بأي حال، واعز القانون وعقوباته.
    لسنا ملزمين، ولا حتى مهتمين بالانشغال بالدفاع عن مجتمعات العلمانية الغربية، لكن بعض الحجج التي يسوقها دعاة الهوس الديني والتطرف والدولة الدينية، تتمادى في تشويه الواقع وانكار الحقائق. مثال ذلك الادعاء العريض حول طرد الدين من الحياة والمجتمع في الغرب، مع انهم يعلمون ان ملكة بريطانيا تحتل منصب رأس الكنيسة، مما كثر اجتراره في معرض التدليل على خطل ذلك الترويج الشائه، ويعلمون قوة ونفوذ اللوبي الكنسي في الولايات المتحدة الاميركية وصوته الراجح في انتخابات الرئاسة والكونغرس وقد نشرت مجلة نيوزويك نتاج المسح الذي جرى عام 1991م لمستوى التدين في اميركا حيث 42% من البالغين ينتمون الى كنيسة و42% يؤدون صلاة الاحد في الكنيسة، اما الاحزاب السياسية الاوروبية ذات الطابع الديني ـ مثل الديمقراطي المسيحي في ايطاليا أو المانيا ـ فقد شاركت في وضع الدستور العلماني الديمقراطي والتزمت به، وبما يتفرع عنه من تشريع في الممارسة كما يعلمون ان فرنسا بكل زخم ثورتها 1789م فصلت الدولة عن الكنيسة ثم تبنت دولتها الكنيسة حتى نالت لقب طفل الكاثوليكية المدلل، ولم يصدر تشريع الفصل إلا في العقد الاول من القرن العشرين عام 1905 بعد اكثر من قرن على الثورة، وفي المقابل لم تعترف الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية بوثيقة حقوق الانسان والمواطن الصادرة عن الثورة الفرنسية إلا في عام 1966م اي بعد 168 عاماً.
    فصل الدولة عن الكنيسة لا يعني اقصاءها عن المجتمع أو مصادرة دورها الروحي، لكن مناخ الديمقراطية اجبر الكنيسة ان تحد من غلوائها وتتصالح مع التاريخ، وتصحح بعض احكامها الجائرة، مثال لذلك ان الكنيسة قد راجعت، في عام 1920م ادانتها لجان دارك في القرن السادس عشر بالهرطقة والسحر، بل وعمدتها قديسة بعد 500 سنة، كما راجع الفاتيكان، في عام 1992، ادانته للعالم غالليلو غاليليه، وذلك على ضوء تأويل او تفسير معاصر للكتاب المقدس، اقراراً بالحقيقة العلمية القائلة بأن الارض تدور حول الشمس، كذلك اصدرت الكنيسة الكاثوليكية في فبراير عام 2000م اعتذاراً عن حرق محاكم التفتيش للعالم جوردانو برونو، وربما كان من المناسب الاشارة، ضمن هذا السياق، الى ان قائد الحركة الاسلامية التونسية راشد الغنوشي كان قد اقترح في منتصف تسعينيات القرن الماضي رد الاعتبار للفكر المعتزلي ورواده، مما يعد فكرة جديدة في الفكر السني الاشعري باطنه بالتعديلات الملحقة بمتنه، ولكن ما تراكم من تجارب وماتبعها من تطور يتجدد في الدساتير المتعاقبة يشكل رصيداً لا يستهان به، ولعل التعامل معه افضل من الازدراء العدمي، دعاة التعصب والاقصاء يهابون الحوار، ولان ديدنهم الاملاء ويسارعون لسد منافذ تجديد الفكر مهمتنا فتح منافذ الحوار لهزيمة التعصب في حلبة الصراع الفكري.
    لا ديمقراطية مستدامة مع مظالم اجتماعية وقومية مستدامة، ولا ديمقراطية مستدامة مع جماعات التطرف والارهاب، سواء من منطلقات دينية او علمانية، يمينية او يسارية.
    منذ اعلان نيروبي ابريل 1993م تواترت وجهات نظر وتصورات عدة حول الدستور والدولة، «دولة المواطنة، دولة مدنية، دستور محايد تجاه الاديان ان لا ينص الدستور على دين الدولة» وكلها محاولات جادة لحل تجاوز ازمة الدولة الدينية في وطن متعدد الاديان والمعتقدات، حيث لا تخضع المعتقدات الدينية لمعيار الاغلبية والاقلية.
    الحوار الجاد المستنير مع هذه الاجتهادات يلزمنا ان نطور طرحنا وتصورنا للدولة المدنية وعناصرها ومكوناتها «حقوق طبيعية، حقوق مدنية، مجتمع مدني، دستور مدني، دولة مدنية» من حيز الشعار او البيان السياسي الى مستوى المعالجة النظرية عمقا واتساعا، كيلا يضاف الى ركام الشعارات التي تزحم الآفاق ثم ما تلبث ان تنزلق من ذاكرة المواطنين دون ان تستقر في وجدانهم.
    تصورنا لمفهوم الدولة المدنية ليس تصوراً اكاديمياً معزولاً عن هموم المجتمع وصراعاته الماثلة، او عن مهام التغيير الاجتماعي نحو الديمقراطية والسلام والوحدة والتنمية. لهذا لابد من متابعة ودراسة التشوهات التي اضافتها شمولية الانقاذ على جهاز الدولة وصوغ منهج لاصلاحها. وفي ذات الوجهة لابد من ان نشرح ونوضح تمايز تصورنا للمجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني عن التصور الذي تطرحه المؤسسات الاميركية والاوروبية التي تمول وترعى منظمات المجتمع المدني في السودان ودول العالم الثالث، وتسعى لاستنساخها على نماذج جماعات الضغط والمصالح الخاصة (اللوبيات) في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة، دونما اعتبار لخصائص وسمات مجتمعاتنا المتخلفة.
    نستند في توضيح تصورنا الى واقع وتاريخ المجتمع السوداني وتجربة شعب السودان الذي بادر، منذ سنوات باكرة، بتأسيس وتنظيم الاندية والفرق الرياضية والمسرحية والجمعيات التعاونية والخيرية والمدارس، والصحف والنقابات والاتحادات والاحزاب ولجان الدفاع عن الحريات ولجان التضامن مع شعوب العالم، ومارس حقه في التظاهر والاعتصام والاضراب، وتوسل بزخم هذه التنظيمات، على تفاوت قدراتها ونال استقلال الوطن، ومارس بكفاءة مشهودة العصيان المدني، واسقط الدكتاتورية العسكرية الاولى والثانية، وما زال مشتبكاً في صراع مع الدكتاتورية الثالثة، لقد راكم شعب السودان كل هذا الرصيد من التجربة والمعرفة قبل ان يدخل مصطلح المجتمع المدني في التداول شفاهة او كتابة، وانجز شعب السودان تشييد هذا الهيكل المهيب من التنظيمات والمؤسسات بالتضحية، والعمل الطوعي، وتنظيم يوم العمل الطوعي، وجمع التبرعات النقدية والعينية.. الخ. وهذا تقليد يتعارض مع العمل (الطوعي) مدفوع الاجر الذي تمارسه منظمات المجتمع المدني في البلدان الرأسمالية المتقدمة.
    وتتصور المؤسسات الاميركية والاوروبية، ان منظمات المجتمع المدني تمثل البديل المستقبلي للاحزاب والنقابات والمنظمات الجماهيرية وانها تؤدي وظيفة تطويق وتلطيف الصراعات الطبقية والقومية، وحماية السلام الاجتماعي في المجتمع الرأسمالي.. الخ. وقد ساد هذا التصور خلال فترة (دولة الرفاه) التي تحملت بعد الحرب العالمية اعباء الضمانات الاجتماعية، وخدمات التعليم، والصحة، وحق العمل.. الخ. ولكن تلك التصورات بدأت تتراجع منذ نهاية السبعينيات وصعود برنامج الليبرالية الجديدة للسلطة (تاتشر في بريطانيا وريغان في اميركا)، حيث انتصر برنامج حرية السوق، وتراجع الدولة عن التزاماتها الاجتماعية، وتصفية المكاسب الاجتماعية التي حققتها النقابات، وكان من نتائج سياسات الليبرالية الجديدة ان تصاعدت حدة الصراع الاجتماعي في اوروبا واميركا، واتسعت موجة الاضطرابات وحركة الاحتجاج ضد العولمة وآلياتها ونتائجها. واذا سلمنا جدلاً بأن منظمات المجتمع المدني في اوروبا واميركا يمكن ان تلعب دور تطويق الصراع الطبقي وحماية السلام الاجتماعي، فهل تستطيع ان تلعب ذات الدور في المجتمعات المتخلفة؟ المنظمات التي نشأت في السودان خلال عقد التسعينيات وما بعدها تحت اسم منظمات المجتمع المدني، يمكن ان تقدم خدمات للمجتمع السوداني في حدود تخصصاتها واغراضها، اذا التزمت اسلوب الديمقراطية والشفافية في نشاطها، وفتحت صفوفها لكل الراغبين في المشاركة، كيما تبعد عن نفسها اتهامات وشبهات (الشللية) وكونها مجرد مشروعات (للاعاشة) او مطايا لكورسات (السفر والسياحة).. الخ.
    موقفنا واضح ومحدد ويتلخص في ان منظمات المجتمع المدني التي نشأت كامتداد للمنظمات والمؤسسات في اميركا واوروبا ليست مجالاً للصراعات الحزبية او الاستقطاب الحزبي، ولكنها ايضاً ليست بديلاً للاحزاب والنقابات والمنظمات الجماهيرية او النشاط الجماهيري السياسي والنقابي والاجتماعي والثقافي.
    من أراد ان يؤرخ لميلاد منظمات المجتمع المدني في السودان، ويستخدم المصطلح بأثر رجعي، فليبدأ بشهادة نادي الخريجين عام 1918م وهي شهادة ميلاد اصلية ليست تسنينا او بدل فاقد، ثم ميلاد جمعية الاتحاد السوداني، وصحيفة الحضارة، وجمعية اللواء الابيض والمظاهرات التي مهدت لثورة 1924م وما تلاها من تداعيات وأحداث حتى يومنا هذا. وكل من يؤرخ للمجتمع السوداني بحيدة وأمانة لابد ان يلحظ الحيوية الكامنة في كيانه، ونزوعه وقدراته في تأسيس التنظيمات، سياسية كانت ام نقابية، ثقافية ام اجتماعية او حتى لاشباع الهوايات وتطوير المواهب. واذا كان مصطلح المجتمع المدني ومنظماته قد نشأ وتبلور مع نشأة المجتمع الرأسمالي في غرب أوروبا، فإن الكيانات التقليدية السابقة للرأسمالية في السودان، قد افرزت تنظيمات تندرج في اطار منظمات المجتمع المدني، فالطوائف الدينية افرزت احزابا سياسية، والقبائل افرزت الروابط التي بادرت برفع شعار تصفية الادارة الاهلية في ثورة اكتوبر عام 1964م.
    من جهة اخرى، فإن كل من يؤرخ للمجتمع السوداني بعين فاحصة لابد ان يصل الى نتيجة مفادها ان ترسانة القوانين القمعية المتراكمة والمتوارثة منذ عهد الاستعمار، وما اضافته اليها الدكتاتوريات المتعاقبة، لم تفلح في اقتلاع تلك التنظيمات من جذورها، بل ظلت تبقى دائما في حالة كمون مؤقت ريثما تبحث عن اساليب مناسبة للنشاط والصراع، حتى تفرض وجودها، وتستعيد حريتها، وتتخطى تلك القوانين. غير انها كثيرا ما تغفل او تتناسى ضرورة المتابعة والمثابرة والاصرار على الغاء تلك القوانين واستبدالها بتشريعات تضمن حرياتها. وربما كانت هذه الظاهرة هي احدى سلبيات ثقافتنا السياسية القانونية التي ادت الى تراكم قوانين قمعية عدة في حالة (تجميد) او تسربها الى تشريعات جديدة. ام لعل المسألة برمتها ناتجة عن ان السودان لم ينعم بعد بدستور دائم! تلك معضلة يستفتى فيها رجال القانون الدستوري، ولكن واقع الحال يشير الى ان اتحاد عام نقابات عمال السودان، ظل منذ تأسيسه عام 1951م غير مسجل، ولم تعترف به الحكومات المتعاقبة الا في عام 1966م، ولكن عدم التسجيل لم يحرمه من ممارسة دوره المشهود في الحركة النقابية والسياسية.
    تصنيف الدولة (دينية ـ علمانية ـ مدنية) لايعفينا من تطوير ثقافتنا ومعرفتنا بنظرية الدولة، في حد ذاتها، كظاهرة تاريخية اجتماعية، بدلا من القناعة الكسولة بتوصيفها او تصنيفها. ولعل افضل مدخل يتناسب وقدراتنا النظرية الاولية والمتواضعة، ان نبدأ بدراسة الدولة السودانية ونشأتها وأطوار تجلياتها المتعاقبة، دون ان نحشرها قسرا في قوالب وأطوار الدولة الاوروبية الحديثة (القرون الوسطى، عصر النهضة، عصر التنوير، ثم الثورة البرجوازية).. الخ
    لا ننفي او ننسخ ما هو عام في ظاهرة الدولة في تاريخ المجتمع الانساني، لكن لكل دولة ما هو خاص تنفرد به، وواجبنا ان نستخلص تفرد وخصوصية الدولة السودانية، ولا نحولها الى مسرح تستعاد عليه مسرحية الدولة الاوروبية، مأساة كانت ام ملهاة وفق تفسير كارل ماركس للقول الشائع: التاريخ يعيد نفسه؟!

    جريدة البيان 28 أغسطس 2002
                  

10-16-2012, 04:21 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناقشة (حوار حول الدولة المدنية) بمدينة بحري (Re: elsharief)

    الميدان 16 أكتوبر 2012











    .....................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-18-2012, 09:54 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اللجنة القومية تدشن فعاليات تأبين المناضل محمد إبراهيم نقد (Re: sultan)

    الميدان 18 أكتوبر 2012

    اللجنةالقومية تدشن فعاليات تأبين المناضل محمد إبراهيم نقد



    أعلنت اللجنة الإعلامية –المنبثقة من اللجنة القومية لتأبين المناضل محمد إبراهيم نقد ان الجمعة القادمة ستشهد انطلاق فعاليات برامج التأبين صباح الجمعة القادم بمدينة الخرطوم منطقة الديم وذكرت اللجنة في مؤتمرها الصحفي الذي عقد صباح أمس بمنزل أسرة الأستاذ نقد بالخرطوم ان برامج التأبين ستبدأ يوم الجمعة19 أكتوبر الجاري بمدينة الخرطوم وقال عثمان حمور عضو اللجنة ان فكرة التأبين نبعت عقب التشييع المهيب للأستاذ نقد وتم تكوين للجنة القومية من مائة شخص يمثلون مختلف فئات الشعب وتياراته السياسية، وقال تم اختيار منطقة الديم لانطلاقة أعمال التأبين في الخرطوم لانها المنطقة التي انتخبته في العام 1986، ويشتمل برنامج الخرطوم على معارض وأيام صحية استعرضت تفاصيلها أسماء السني، وقالت فائزة نقد ان منطقة القطينة مسقط رأس المناضل نقد ستشهد نفس فعاليات التأبين، واستعرضت خنساء أحمد على برنامج مدينة الخرطوم بحري التي ستوافق الذكرى الـ48 لذكرى ثورة أكتوبر وقالت: سيكون طابع البرامج ثقافيا يشتمل على عرض جوانب من العطاء الفكري للأستاذ نقد، وتحدث عضو اللجنة الحارث التوم عن فعاليات اليوم الختامي بجامعة الأحفاد والذي يشتمل على كرنفالات ومعرض للكتاب يضم قائمة مؤلفات الأستاذ نقد الستة والتي ستباع بسعر التكلفة للجمهور وقال ان معرض الكتاب سيكشف المساهمات الفكرية للأستاذ نقد، يذكر ان برنامج التأبين سيستمر لمدة ثلاثة أيام 20-22 أكتوبر الجاري بمشاركة واسعة من الداخل إضافة لوفود ممثلة لأحزاب شيوعية.







    .....................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-18-2012, 11:44 PM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللجنة القومية تدشن فعاليات تأبين المناضل محمد إبراهيم نقد (Re: sultan)

    سيكون مردود هذا الاحتفاء عظيما للحزب واصدقاء الحزب
    الديم والقطينة حظيت بالقدح الاعلى في ايام التكريم والوفاء
    لما لهما من مكانة في قلب الراحل المقيم
                  

10-19-2012, 06:04 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللجنة القومية تدشن فعاليات تأبين المناضل محمد إبراهيم نقد (Re: خالد العبيد)

    Quote:
    سيكون مردود هذا الاحتفاء عظيما للحزب واصدقاء الحزب
    الديم والقطينة حظيت بالقدح الاعلى في ايام التكريم والوفاء
    لما لهما من مكانة في قلب الراحل المقيم


    شكرا خالد العبيد


    ......................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-19-2012, 06:06 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللجنة القومية تدشن فعاليات تأبين المناضل محمد إبراهيم نقد (Re: sultan)

    >>>>>>>>>>>>>>>

    (عدل بواسطة sultan on 10-19-2012, 06:07 PM)

                  

10-19-2012, 07:23 AM

غادة مكى محمد
<aغادة مكى محمد
تاريخ التسجيل: 11-08-2009
مجموع المشاركات: 858

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: sultan)

    ***
                  

10-19-2012, 06:08 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برامج تأبين المناضل الراحل نقد (Re: غادة مكى محمد)
                  

10-19-2012, 06:21 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مناقشة حوارية محمد إبراهيم نقد مع حسين مروة حول النزعات المادية (Re: sultan)

    الميدان 18/10/2012

    مناقشة حوارية محمد إبراهيم نقد مع حسين مروة حول النزعات المادية




    محمد عثمان مكي: نُقد قدم نقد متسامح ويحترم اتجاهات الفلسفة الإسلامية

    محمد علي جادين: الكتاب نقلة للمنهج الجدلي من الجمود والكسل

    صدقي كبلو: نُقد حاول فك الارتباط بين الآيديولوجيا والعلم وهي قضية مهمة لدارسي الفلسفة والناشطين السياسيين


    أم درمان: عادل كلر

    استضاف مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأم درمان مساء الاثنين الماضي ندوة اللجنة القومية لتأبين المناضل الوطني محمد إبراهيم نقد والتي خصصت لمناقشة كتاب الراحل (حوار حول النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية مع حسين مروة)، والذي ناقشه أستاذ الفلسفة محمد عثمان مكي وعقب عليه الكاتب والسياسي محمد علي جادين والاقتصادي والسياسي د. صدقي كبلو، أدار الندوة وقدم لها الناقد د. مصطفى الصاوي.

    تأملات على التأملات

    أوضح محمد عثمان مكي بأن ما خطه نقد في كتابه ليس نقداً أو استعراضا لكتاب مروة بل كانت تأملات فكرية وفلسفية عقب قراءته لكتاب مروة، مشيراً إلى كتابة لينين لتأملاته الفكرية والفلسفية في (دفاتر فلسفية)، وأعتبر بأن مقدمة الكتاب التي كتبها محمود أمين العالم كانت أقرب للمجاملة نظراً للطابع النقدي الذي يلف معظم كتابات الرجل علاوة على وجود روح الاستعلاء المصري فيها. وأورد مكي بأن علاقته مع الراحل نقد كانت ذات خصوصية، بدأت إبان دراسته بالمرحلة الثانوية عندما كلفه الحزب الشيوعي بالانخراط في حلقة خدمة المختفين، وخلال تلك الفترة تعرف على شاب قصير القامة قدم تواً من بلغاريا، وأسندت له مهام العمل الثقافي بالحزب حيث كان يشرف على إصدار مجلة (الوعي) التي تعتبر من أرقى المجلات الفكرية التي كانت تصدر بسنوات الخمسينيات والستينيات، مضيفاً بأن علاقته بنقد تميَّزت من تلك الفترة.

    وأستطرد مكي في نقده لكتاب حسين مروة بالقول باستنكار تناوله لـ(نزعات) قائلاً بأن الفلسفة العربية الإسلامية كل متكامل لعبت أدواراً مهمة بمناهجها المثالية والمادية معاً، معتبراً أن الحديث عن (نزعات) أدخل مروة في حرج مما أضطره للإكثار من الحديث حول التصوف، عازياً حب اليساريين للتصوف إلى أسباب سياسية كالعمل ضد الطغيان (السهروردي، الحلاج، محمود محمد طه) بينما التصوف في جوهره مثالي وتهويمي، وأعتبر أن ما كتبه نقد عن التصوف ذو علاقة وثيقة بالفلسفة المثالية الأوروبية الألمانية، مشيراً إلى أن التصوف ليس نتاجاً إسلامياً، إضافة لوجود نزعات تصوف في الفلسفة الألمانية (كانط وهيجل)، بيد أن مكي حذر من أن الدعوة لفلسفة عربية إسلامية بصورة قومية أو وطنية قد يقود إلى الفاشية، وأضاف بأن نقد تعرض كذلك إلى أشكال ما قبل المعرفة العلمية في حضارات حمير وغيرها، وأوضح بأن الإنسان قدم أشكال فلسفية مختلفة لكنه وصل إلى العلم في مراحل تاريخية متأخرة، لافتاً إلى أن الفراعنة قد بنوا الأهرامات وحنَّطوا ملوكهم لكنهم لم يخلفوا نظريات هندسية في المعمار أو معادلات علمية في الكيمياء.

    احترام الفكر الإسلامي

    وتطرق إلى تناول نقد لمسألة الأرض في الشرق ونظم ملكيتها، وقال بأن ماركس وأنجلز اكتشفا خمسة تشكيلات لعلاقات الإنتاج لكنها خاصة بأوروبا، وأن نقد عاتب مروة على عدم تعمقه في مسألة الأرض بالشرق، حيث أشار إلى الخلط الذي وقع فيه ماركس وأنجلز في الربط بين حالة العرب في الجاهلية وفترة الحكم العثماني، ومحاولات لينين البحث عن بن خلدون والاستفادة منه. ولفت إلى نقد (الأستاذ نقد) لعبد الرحمن بدوي بصورة متسامحة عبر فيه عن احترامه للوجودية المصرية ووضعية زكي نجيب محمود. مضيفاً بعمق التأملات التي أوردها نقد حول الآيديولوجيا والديالكتيك، مورداً فيها تعريف ألتوسير"الآيديولوجيا ليست علماً"، وقال محمد عثمان مكي بأن نظرية المثقف العضوي (غرامشي) قد تم إبتذالها وقال: (المثقف الحركي أردأ أنواع المثقفين لأن يسخر المعرفة لخدمة أهداف حركته) وأن المثقف العضوي أكبر من هذه الطريقة.

    نقد فكري سياسي

    أكَّد محمد علي جادين بأن سيقدم ملاحظاته من زاوية فكرية سياسية، معتبراً أن كتاب نقد غني بالمحاورات الفلسفية بلغة علمية ودقيقة ومكثفة، معتبراً بأن نقد كالراحل محمد المحجوب الأديب الذي سرقته السياسة وهكذا نقد مشروع مفكر كبير شغلته السياسة والعمل الحزبي، وقال أن كتاب مروة صدر بداية الثمانينيات ووجد اهتماما كبيراً لكونه دراسة لتطور الثقافة العربية الإسلامية، وظهر في فترة شهدت كتابات كثيرة ناقشت الفكر العربي وتطوره لـ(طيب تيزيني، والجابري) وأضاف بأن كتاب النزعات المادية جاء في إطار مراجعات فكرية وسياسية ضمن قوى التحرر القومي عقب هزيمة 1967 ومنها الحزب الشيوعي اللبناني وشملت قضايا أساسية: المصالحة مع التيار القومي في المشرق، توجه الحزب الشيوعي اللبناني للتعبير عن تيار تعريب الماركسية (تيار إلياس مرقص ويس الحافظ)، نقد السياسة السوفيتية في المنطقة العربية. وقال جادين أن هذه المراجعة فرضت على الشيوعي اللبناني الارتباط بالواقع العربي وتاريخه والفكر العربي الإسلامي وتاريخ تطوره. ونقد أهتم بهذا الكتاب من واقع اهتمام المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني بإجراء مراجعات لخط الحزب السابق والمراجعات التي تمت بالمنطقة العربية، كذلك يجيء اهتمام نقد بهذا الكتاب لأسباب سودانية محلية وعالمية، ومنها التراجع الذي بدأ خلال السبعينيات والثمانينات في موقف الإتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي الأمر الذي خلق نوع من الأزمة في الفكرة الماركسية، بجانب عامل تراجع الحزب الشيوعي بعد انقلاب يوليو 1971 ومن النواحي الفكرية فقد بدأ العالم منذ منتصف السبعينيات يزيد من اهتمامه بالديمقراطية والتعددية السياسية، والكتاب جاء إجابة على كثير من التساؤلات التي فرضتها هذه الظروف.

    تشريح المنهج الجدل

    وقال جادين أن الكتاب وجه رسائل كثيرة إلى الفلسفة العربية الإسلامية، حيث أشار إلى تمايزها عن باقي الفلسفات، مع تفاعلها في ذات الوقت مع المساهمات الفلسفية في المحيط الإقليمي والدولي (الفارسية، الرومانية القديمة)، وقال بأن الفلاسفة العرب لم يكتفوا بمجرد نقل أرسطو إلى العربية بل أضافوا إلى فلسفته. وتابع بالقول بأن نقد أبدى انفتاحا وتسامحاً مع كل المدارس الفلسفية العربية بمختلف اتجاهاتها دون تكفير أو رجعية وهي إشارة جديدة في الفكر الماركسي تحسب لصالح محمد إبراهيم نقد، بيد أن أهم جانب في الإشارات التي أوردها نقده للمنهج الماركسي، ونقد المادية التاريخية، حيث أشار نقد إلى خضوع حسين مروة لأساتذته السوفيت وفق قالب المادية التاريخية للتشكيلات الخمسة وتابعها الآسيوي (نط الإنتاج الآسيوي)، ولم يستفد من احتمال وجود تشكيلة اقتصادية جديدة من خلال دراسته للواقع العربي والأفريقي.

    كما تطرق نقد إلى أهمية انتشال المنهج الجدل من الجمود والكسل، انطلاقا من حقيقة أن المركز الفكري (الاتحاد السوفيتي) كان مركزاً للجمود والكسل وضعف الهمة، وأشار جادين إلى أن نقد المدرسة السوفيتية بصورة قوية لم يتم إلا بعد انهيار المعسكر الاشتراكي. وأعتبر أن تساؤل نقد عن نشوء مصطلح المادية التاريخية والمادية الجدلية وفتحهما أمام التطور وإعادة البناء، أجابت عليه كتابات نقد اللاحقة بعد 1993 كالوثيقة التي كتبها لفتح المناقشة العامة التي حوت ديمقراطية وتسامح واحترام للرأي الآخر، ووثيقة (موجهات لكتابة البرنامج) التي طورت وجددت في أدبيات الحزب الشيوعي.

    الآيديولوجيا والعلم

    صوَّب د. صدقي كبلو مناقشته نحو آخر عنوانين وردا في كتاب نقد عن الآيديولوجيا والجدل كتعريب للديالكتيك، وأعتبر أن أهمية موضوع الآيديولوجيا تكمن في أن محمد إبراهيم نقد في سياحته لتعريف المفهوم حاول بصورة جادة فك الإرتباط بين الآيديولوجيا والعلم وهي قضية مهمة لدارسي الفلسفة وناشطي العمل السياسي؛ مشيراً إلى أن نقد ابان أن الإشكالية بدأت مع لينين عندما حاول الربط بين الماركسية والطبقة العاملة والتي تم الخلط فيها بين (النظرية) و(الآيديولوجيا)، وقال كبلو بعدم وجود نظرية ماركسية واحدة، بل هناك عدداً من النظريات الماركسية ومنها النظرية الماركسية السودانية التي تعرَّف بـ(كيفية إستعمال الشيوعيون السودانيون المنهج الماركسي في دراسة الواقع). وتابع بالقول بأن ما أثاره نقد حول الجدل والديالكتيك حول استعمال التعابير والخوف العربي من فك المفاهيم أو نقل تعابير إلى اللغة العربية كـ(استخدام مفردة الجدل مقابل الديالكتيك) وهو ما يعرض الناس لمخاطر ضيق المفردة عن المفهوم. وأضاف بأن السؤال الأساسي في كتاب الراحل نقد هو كيف نتناول التراث وكيف نتعامل مع المنهج، وأشار إلى دراسة نقد لمسألة الأرض وعكوفه على قراءة وثائق تمليك الأرض وأكتشف نموذج إقطاع بقبيلة الفور، لكن نقد لم يذهب لدراسة هذه الوثائق وفق نموذج مسبق، وأعتبر أن جميع النقد الذي وجهه نقد لحسين مروة في الكتاب كان يتلخص في محاولة مروة النظر إلى الفلسفة العربية وفق منظور مسبق. وصوب حديث محمد عثمان مكي عن الدعوة لقيام فلسفة عربية إسلامية، قائلاً بأن نقد أعترف بوجود فلسفة عربية إسلامية ولم يدعو لقيامها، وأنه أعتبر أن عبد الرحمن بدوي وزكي نجيب محمود جزء من الفلسفة العربية المعاصرة، وأنه أعترف كذلك بتطور وإضافة الفلاسفة العرب إلى التراث الفلسفي عندما تحدث عن أن الفكر العربي شهد مراحل تطور من النقل إلى الوعي الفلسفي، وقال كبلو أن مشاكل استعمال المنهج الماركسي تعود إلى الأشخاص الذين يستعملون هذا المنهج، ورغماً عن الجمود الذي لازم مركز الفكر الاشتراكي السوفيتي فإنه لم يؤثر على جميع الماركسيين في العالم، مشيراً إلى مناقشات الشيوعيون السودانيين بالسجون والمعتقلات للكتب التي كان يصدر الاتحاد السوفيتي عن العالم الثالث، وخلافات الحزب الشيوعي مع السوفيت حول موقفهم من الحكم العسكري الأول (ديكتاتورية عبود) وموقفهم من ديكتاتورية مايو، والموقف غير معلن للحزب الشيوعي السوداني من غزو السوفيت لتشيكوسلوفاكيا، وأوضح بأن الحزب الشيوعي لديه إشراقات في هذا الجانب منذ موقفه من اتفاقية فبراير 1953 ومعارضتها ثم تصحيح ونقد الموقف، ومنذها قرر الحزب (عدم النقل بالمسطرة) بحسب تعبير كبلو الذي أضاف بأن نقد تعرض لجغرافية المنطقة العربية انطلاقا من كونها ذات تأثير على سبل عيش الناس، وأنها أحدى المعطيات المادية لتكوين المنطقة.

    مناقشات ومداخلات الحضور

    وقال البروفيسور كامل إبراهيم حسن أن تعريف المصطلح وإعادة تعريفه عند نقد قد أستوقفه مشيراً إلى أن الشيوعي العراقي رشيد خيون قد أعجب بتفضيل نقد لمصطلح (العقلانية) عوضاً عن (المادية)، وأضاف بأن الكثيرين يعتقدون أن (النص) يفسر الواقع والحقيقة أن الواقع هو الذي يفسر النص، مضيفاً بوجود فرق بين (التعابير) و(المفاهيم) حيث الأول ثابت والثاني متغير، وأوضح بأن نقد تعرض لكل هذه المشاكل دون الخوض أو الاحترام الزائد للتراث الديني.

    ونفى الدكتور الوليد آدم مادبو وجود قطيعة بين المادية التاريخية والروحية التاريخية مشيراً إلى كتابات المفكر طه عبد الرحمن في هذا الجانب، وأضاف بأن نقطة الالتقاء بين الماركسية والصوفية هي الإنسانية، حيث تسعى الاثنتان لإكرام الإنسان من خلال توفير الشروط المادية اللازمة لإكرامه وعبر السمو الروحي لدي الصوفية، مشيراً إلى أن نقد في هذا الجانب سابق لعصره، وقال أننا نقدنا الاشتراكية في وقت كنا أحوج ما نكون فيه إليها وعجزنا عن إصلاحها وتطويرها، وقال الأستاذ متوكل على محمدين أن تأثير أرسطو في أوروبا كان كبيراً، غير أنهم لم يتعرضوا لأبن رشد، وأضاف بأن نظرية النقل والعقل أثرت في أوروبا، باعتبار أن العقل يمثل الفلسفة والنقل يمثل القرآن والحديث، وذكر بن رشد أن النقل لا يتعارض مع الفلسفة وعليه يمكن تأويل النص إذا تعارض مع العقل، وقال بوجود أنماط من التفكير، كالأسطوري والعلمي والغائي. وقال الأستاذ محجوب إسناوي أن قيمة كتاب نقد تؤكد حيوية قيمة النهج الديالكتيكي، باعتباره منهجاً علمياً وحواريا ومفتوحاً على المناهج الأخرى، وهو الذي يعضد كون الماركسية نظرية مفتوحة، وأضاف بأن الكتاب ربط التراث بالحاضر الراهن للفلسفة العربية الإسلامية وأفكار الإسلام السياسي والوعي الشعبي السائد.

    وقالت الأستاذة فايزة إبراهيم نقد أن مقدمة محمود أمين العالم للكتاب قسمت الجاهلية إلى مراحل وكل مرحلة تحتوي على فلسفة، وأضافت بعدم وعدم وجود مجتمع بدون فلسفة، وانتقدت محمد عثمان مكي في إشاراته لمجاملة العالم في المقدمة، متسائلة عن نوع المجاملة وأسبابها، مشيرة إلى أن العلم لا يخضع للعموميات ولذلك فإن وصف أمة كاملة كالمصريين بالتعالي غير موفق، على أساس أن الجوانب العلمية والفكرية والفلسفية تستوجب التدقيق، وقالت رانيا موسى الطاهر أن أسهام نقد في جانب الصوفية والتأمل يجعله خارج إطار السياسيين التقليديين، وأن إضافة نقد للماركسية تبتعد بالحزب الشيوعي عن الستالينية والجمود وتؤكد أهمية دراسة الواقع، وقال الاقتصادي كمال عبد الكريم ميرغني أن الكتاب عميق وأتي برسائل عديدة، وقال بأن نقد غاص في تاريخ الفلسفة العربية الإسلامية أكثر من مروة، إذ لم يبحث ماركس وأنجلز حول الشرق والتشكيلات عن مسألة ملكية الأرض، مشيراً لوجود مآثر هندسية كسد مأرب تجاهلها المستشرقون، مؤكداً أهمية بحث جذور الحضارات، انطلاقا من الفلسفة التي تعتبر أم العلوم وأن المقدس لا يجب أن يعزل الناس عن الدراسة، بل يحتوي على تمجيد للمركزية الأوروبية التي تحتقر الواقع القديم عبر ما يكتبه المستشرقون.







    .............
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-19-2012, 07:16 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناقشة حوارية محمد إبراهيم نقد مع حسين مروة حول النزعات المادية (Re: sultan)

    غداً يا أصدقاء بداية فعاليات تأبين الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نقد
    كان حريصاً علي مستقبل وطننا وبنيه ولطالما نشد سعادة هذا الشعب ، ما تواني لحظةً عن الإقدام
    متحدياً لعالع الرصاص وحمامات الدماء التي سبح فيها رفاق أعزاء أتو الوطن بقلب سليم .
    محمد إبراهيم نقد بعض من تراث هذا الوطن ، ركن أصيل من حضارة شعبنا البطل ،
    فأكرموه بحضوركم صحابي .


    ـــــــــــــ
    شكراً سلطان ونورت المنبر
                  

10-20-2012, 07:35 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناقشة حوارية محمد إبراهيم نقد مع حسين مروة حول النزعات المادية (Re: خضر حسين خليل)

    Quote:
    غداً يا أصدقاء بداية فعاليات تأبين الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نقد
    كان حريصاً علي مستقبل وطننا وبنيه ولطالما نشد سعادة هذا الشعب ، ما تواني لحظةً عن الإقدام
    متحدياً لعالع الرصاص وحمامات الدماء التي سبح فيها رفاق أعزاء أتو الوطن بقلب سليم.

    محمد إبراهيم نقد بعض من تراث هذا الوطن ، ركن أصيل من حضارة شعبنا البطل ،
    فأكرموه بحضوركم صحابي.




    ألف شكر خضر

    تقديري




    .............................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-20-2012, 09:04 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (4) و(5) و(6) (Re: sultan)

    الميدان 14 أكتوبر 2012

    حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد(4)

    ** مجلة النهج 1989

    نقد :الظروف الديمقراطية دائماً الأفضل بالنسبة لتطور الوعي السياسي

    احياءا لذكري الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نقد وفي إطار فعاليات تأبينه الميدان تعيد نشر الحوار الفكري والسياسي الذي أجرته مجلة النهج معه في مطلع عام 1989 فالي مضابط الحوار.

    في العاصمة الخرطوم، التي تستحم بالغبار وهى على ضفاف النيل، تتكثف التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية في بؤرة واحدة. المدينة أربعة ملايين ونصف المليون، شوارع مكسوة بالرمل، بيوت من الطين في مواجهة البنايات الشاهقة الحديثة للبنوك الإسلامية. غلا أسطوري، وبطالة واسعة، تضخم أودى بالجنيه السوداني إلى الحضيض (الدولار═ 12 جنيها في البنوك)، حرب طاحنة في الجنوب، البلاد خرجت لتوها من أزمة كبيرة كبيرة، انتفاضة ديسمبر. كانون أول الماضي- هبت الجماهير إلى الشوارع احتجاجا على رفع السكر والضروريات فانصاعت الحكومة. الدولة شبه مفلسة، أزمة وزارية تبدأ بانسحاب الحزب الاتحادي (الميرغنى) من الوزارة وتشكيل أخرى ضيقة من حزب الآمة والجبهة السلامية. صراع حول المؤتمر الدستوري. شريعة أسلامية، أم قانون حضاري يأخذ التنوع الديني والمذهبي والاثنى بعين الاعتبار؟ إضرابات صيادلة احتجاجا على فقدان الأدوية. النقابات العمالية تطالب بحد أدنى للأجور، الجيش غاضب بسبب فقدان المؤن والاعتدة، وهو يخسر معركة وراء أخرى (سقوط مدينة الناصر). في هذا الجو الفوار المتقلب والمشحون بالاحتمالات تناضل القوى الديمقراطية من أجل دستور ديمقراطي (ضد قانون الترابي) ومن أجل السلام في الجنوب وفي سبيل حكومة موسعة أولا ثم في سبيل حكومة جديدة، تعديل قانون الانتخابات لتمثيل القوى الحديثة (في المدينة) من عمال ومثقفين، واتخاذ إجراءات عاجلة لانتشال الاقتصاد السوداني الذي حطمه المضاربون الطفيليون والبنوك الإسلامية الشرهة. في هذا المناخ العاصف، أجرت «النهج» مقابلة مع الرفيق محمد إبراهيم نقد ‏السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني تناولت طائفة من المواضيع الفكرية و العلمية، فيما يخص الحركة الثورية عموما، وبخاصة تجربة البريسترويكا. وفي هذا الحديث يلقى الرفيق نقد اضواء كاشفة على جوانب هامة من نضالات الشيوعيين السودانيين المفعمة بالتضحيات.

    النهج

    برنامج للإصلاح الديمقراطي يتضمن إبعادا اجتماعية كبيرة ولا يقتصر على البنية المؤسساتية للبرلمانية

    نقد

    أعود لقضية الدستور. أول دستور في السودان كان دستورا علمانيا ، لكنها ليست العلمانية الأنكلوساكسونية ، ليست العلمانية اللاتينية. لأن الدستور ينص على أن الإسلام دين الدولة. ومازلنا نرى أن السودان، بحكم تمدد قومياته وأعراقه وثقافاته، يحتاج إلى دستور ديمقراطي - وهذا تعبير أصدق من تعبير العلمانية واللاعلمانية، دستور ديمقراطي لا يفرق بين المواطنين بسبب الدين أو العرق. فالعلمانية لها مدلول لا ينطبق كليا على ظروف السودان، حيث العلمانية تفصل نهائيا بين الدين والدولة.

    لكن عندما ينص الدستور أن الإسلام دين الدولة فالدستور لا يعود علمانيا. نحن مع أن يكون الإسلام مصدرا من مصادر التشريع، ليس فقط في الأحوال الشخصية وليس في هذا تنازل للقوى اليمينية بل أدراك لواقع السودان وتركيبته، أدراك لتراثه الروحي والوجداني، أدراك لقضية الأصالة والاستمرار في التطور السياسي. هذه القضايا مجتمعة تشكل محور صراع سياسي واقتصادي واجتماعي حول الديمقراطية. القوى اليمينية تضيق بكل هذا، وتركز معركتها في قضية الدستور الإسلامي والدولة الدينية - تختزل كل هذه العملية في هذا الجانب. وهي لم تبدأ بهذا الشعار وإنما انتهت إليه عندما لمست أن النضال من أجل الديمقراطية ومن أجل حماية النظام الديمقراطي والبرلماني
    بدأ يلامس الآفاق الخاصة بالتغيير الاجتماعي، بالثورة الاجتماعية ، فبدأت ترفع شعار الدستور الإسلامي والدولة الدينية.

    النهج

    هل تعتبر أن ذلك واحد من أسباب انعطاف الصادق المهدى من فكرة الدولة الحديثة إلي الدولة الإسلامية؟

    نقد

    الصادق من يومه ينادى بالإسلام وبدستور الإسلام.

    النهج

    قرأنا تأويلاته السياسية للإسلام وقضية الحدود. إنها تتقاطع مع فهم الإخوان. الصادق يحاول أن يستخدم الإرث الإسلامي، علم الكلام، حتى الفقه، بتأويلات مغايرة. يعنى يحاربهم بنفس السلاح على نفس الصعيد باستنتاجات مغايرة، يبدو فعلا أن لديه انعطافا بهذا الشكل أو ذاك.

    نقد

    هذا الصراع الخاص بالديمقراطية الليبرالية في السودان، جزء من الصراع الاجتماعي، جزء من صراع الثورة، القوى الشعبية تناضل لاستعادة الحريات كيما تبنى تحالفاتها، تبنى تنظيماتها، يزداد وعيها، تكتسب من تجربتها الذاتية دروسا جديدة. والقوى اليمينية تحاول أن تحد من هذا الاندفاع، وتفرض أشكالا مختلفة لمصادرة الديمقراطية والحريات، إما عن طريق دكتاتورية مدنية ، كأن لفرض الدولة الدينية والدستور الإسلامي، وتحد من الحريات وتصادرها برغم الشكل البرلماني الموجود، أو أن تأتى المؤسسة العسكرية لمصلحة نفس النادي، نادي القوى الاجتماعية الذي حكم السودان من الاستقلال حتى اليوم . وليس هذا اكتشافا نظريا جديدا. وليس تطبيقا خلاقا للماركسية، وليس ادعاء بعبقرية .لكنه قراءة للواقع السوداني باسترشاد ماركسي حسب قدراتنا، حسب الاجتهاد الذي ترونه فيما لو تجولتم في وسط الناس. إنه لا يخلو من جانب براغماتى. لكن البرغماتية أداة من أدوات المعرفة ، ليست خطأ كلها، فيها جوانب عملية صحيحة.

    لكن إذا تحولت إلي نظرية كاملة للمعرفة يصبح أمرها شيئا آخر. هذه واحدة من الخصائص المهمة بالنسبة لنا.

    تلك واحدة - أما الثانية فإن الثورة الاجتماعية ذات المضمون الوطني الديمقراطي في السودان كانت قضية الديمقراطية السياسية ومازالت بالنسبة لها إحدى القضايا المركزية. فالثورة الوطنية الديمقراطية في السودان حسمت مسألة ثانية مهمة جدا، هي مسألة التعددية. ولولا هذا الوعي بأهمية التعددية، لولا الممارسة الطويلة للتعددية الحزبية في السودان ، لاستطاع نظام نميرى آن يبقى كما يشاء على أساس الحزب الواحد. وقد أدرك الحز ب الشيوعي هذه الحقيقة من أول يوم . كان موقفه الاعتراض على هذا الشكل من أشكال ممارسة الثورة الاجتماعية ( شكل الحزب الواحد ومصادرة الديمقراطية) . نحن لم نرفض الشعارات التقدمية التي رفعها نميرى، فهي شعاراتنا. لكنها كانت سائرة في طريق مقفول توصلت إليه التجربة الناصرية وتوقفت عنه في يونيه ١٩٧٦، وليس بموت عبد الناصر. كان السقف النهائي للتجربة يونيو ١٩٦٧.

    النهج

    التعددية جذرها ليبرالي . أليس كذلك؟

    نقد

    نحن نعتقد أن الثورة الوطنية الديمقراطية وتطورها صوب الاشتراكية في السودان سيكون مرتبطا بالتعددية، وليس بالطبقة الواحدة حتى لو كانت الطبقة العاملة، ليس بالحزب الواحد حتى لو كان الحزب الشيوعي. ولا أجد أي حرج في أن أقول : ليس على غرار الوجود الشكلي للأحزاب كما يحدث في بعض بلدان الديمقراطيات الشعبية أو في الصين. هذا وجود شكلي لأحزاب متحالفة مع الحزب الحاكم . في السودان لن يكون الآمر بهذه الصورة. ستكون هناك جبهة الأحزاب، والحزب الشيوعي سيكون ضمن هذه الأحزاب. آما بقية الأحزاب فلا ندرى. هناك أحزاب قد تنمو وهناك أحزاب قد تتراجع. هناك أحزاب قد تحدث داخلها تغيرات.

    التعددية سمة من سمات تطور الثورة الوطنية الديمقراطية السودانية، وستكون ملازمة لها، وفي تقديري حتى في الاشتراكية.

    قضية هامة أخرى حسمتها الحركة السياسية للشعب السوداني منذ الحرب العالية الثانية وحتى اليوم: قضية أداة التغيير. فشكل الانتفاضة
    والإضراب السياسي أصبح مرتبطا تاريخيا بجماهير الشعب ، في شكل تعبئتها ، في شكل زحفها ، في شكل وحدتها ، في شكل تصديها للقضايا القائمة. هذا الشكل لا يختلف في فعاليته عن أي شكل أخر لتطور الثورات في بلدان أخرى. هذه القضايا الثلاث، الديمقراطية- التعددية -الانتفاضة. هي خلاصة أساسية في تطور الثورة السودانية.

    لذلك إذا جاء انقلاب يميني، سيكون حدثا مؤقتا، محطة انتكاسة. وإذا جاء انقلاب يساري (مهما كانت يساريته) سيكون محطة إجهاض لتطور الثورة ، وبعدها يتحرك قطار الثورة إلى الأمام.

    هذا المسائل أصبحت بالنسبة لنا قناعات، ليست قناعات تعصب، بل قناعات جدلية في تطور الحركة السياسية في السودان. لنأخذ مثلا أحداث ٢٦ ديسمبر الماضي ١٩٨٨ في السودان . صحيح أن المسألة كانت تتعلق بزيادات في الأسعار، لكن تحرك الشعب السوداني في مظاهرات وإضرابات حول شعار واحد، ضد إلغاء الزيادات ، ونجح. كانت انتفاضة بكل معنى الكلمة، ليوم واحد ولقضية واحدة. إغفال هذه الحقيقة الموضوعية من تراث الشعب السوداني ونضاله يؤدى إلي كثير من الزعزعة.

    في إطار الفكر السياسي في السودان نبحث عن شكل الديمقراطية الجديدة شكل الديمقراطية التي تنبثق عن الانتفاضة المنتصرة. نعود لتجربة ثورة أكتوبر ١٩٦٤ وانتفاضة ابريل ١٩٨٥. فالمواثيق التي التفت حولها الجماهير أو البرنامج السياسي لثورة أكتوبر وانتفاضة ابريل، كانت تحمل إصلاحات ذات طابع اقتصادي ومؤثر، وكان يمكن أن تساعد في تطور ونهوض حركة الجماهير لإحداث تغييرات ثورية ذات طابع اقتصادي واجتماعي. كما طرح ذلك البرنامج السياسي مؤشرات عامة لنمط جديد في ممارسة الديمقراطية مثل معاقبة الذين اعتدوا على الديمقراطية وصادروا الحرية ونهبوا أموال الشعب، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات ووضع دستور ديمقراطي وقانون للانتخابات يعطى وزنا أكبر لمناطق الوعي والقوى الحديثة في النظام البرلماني، م بعض الإصلاحات في جهازا لدولة وحل جهاز الأمن. . . الخ.

    (ننشر هذا الجزء من الحوار بتصرف )





    ........................
    الميدان 16 أكتوبر 2012

    حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (5)

    نقد:الظروف الديمقراطية دائماًالأفضل بالنسبة لتطور الوعي السياسي

    ***احياءا لذكري الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نقد وفي إطار فعاليات تأبينه الميدان تعيد نشر الحوار الفكري والسياسي الذي أجرته مجلة النهج معه في مطلع عام 1989 بتصرف فالي مضابط الحوار.

    في العاصمة الخرطوم، التي تستحم بالغبار وهى على ضفاف النيل، تتكثف التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية في بؤرة واحدة. المدينة أربعة ملايين ونصف المليون، شوارع مكسوة بالرمل، بيوت من الطين في مواجهة البنايات الشاهقة الحديثة للبنوك الإسلامية. غلا أسطوري، وبطالة واسعة، تضخم أودى بالجنيه السوداني إلى الحضيض (الدولار═ 12 جنيها في البنوك)، حرب طاحنة في الجنوب، البلاد خرجت لتوها من أزمة كبيرة كبيرة، انتفاضة ديسمبر. كانون أول الماضي- هبت الجماهير إلى الشوارع احتجاجا على رفع السكر والضروريات فانصاعت الحكومة. الدولة شبه مفلسة، أزمة وزارية تبدأ بانسحاب الحزب الاتحادي (الميرغنى) من الوزارة وتشكيل أخرى ضيقة من حزب الآمة والجبهة السلامية. صراع حول المؤتمر الدستوري. شريعة أسلامية، أم قانون حضاري يأخذ التنوع الديني والمذهبي والاثنى بعين الاعتبار؟ إضرابات صيادلة احتجاجا على فقدان الأدوية. النقابات العمالية تطالب بحد أدنى للأجور، الجيش غاضب بسبب فقدان المؤن والاعتدة، في هذا المناخ العاصف، أجرت «النهج» مقابلة مع الرفيق محمد إبراهيم نقد ‏السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني تناولت طائفة من المواضيع الفكرية و العلمية، فيما يخص الحركة الثورية عموما، وفي هذا الحديث يلقى الرفيق نقد أضواء كاشفة على جوانب هامة من نضالات الشيوعيين السودانيين المفعمة بالتضحيات.

    لكن يبقى السؤال: هل كلما جاء نظام عسكري، تتوحد قوى العارفة وسيكون بينها بالضرورة قوى الأحزاب اليمينية، ثم تطيح بالنظام العسكري لتعيد النظام البرلماني كي تحكم من جديد القوى التقليدية ؟ نعتقد أن هذا ليس شرطا لازما، بل يتوقف على توازن القوى في اللحظة المعنية وقدرات الحركة الثورية نفسها، والوضع الإقليمي والوضع الدولي المحيط بالسودان. ولكن لا يجوز تثبيط الهمم بالقول: لماذا نناضل من أجل الديمقراطية إذا كانت ستعيد للحكم القوى التقليدية ؟ هذا التثبيط ليس عفويا، إنما خلفه القوى التي تريد أن تحكم بانقلاب عسكري – يميني أو يساري.

    ‏ونحن نفضح هذا النمط من التفكير ونحاول أن نلهم الجماهير كي تدافع عن مكتسباتها الديمقراطية. فالجماهير ستلجأ للانتفاضة حتى في ظل حكومة برلمانية إذا اقتنعت في لحظة معينة إنها لا تستطيع أن تعيش في ظل تلك الحكومة أكثر مما عاشت وتود التغيير. وأحداث 26ديسمبر نذير بذلك. فدفاعنا عن الديمقراطية والحرية السياسية ليس دفاعا عن حكم القوى التقليدية بل دفاع عن مكتسبات الجماهير.

    النهج

    التطور الرأسمالي في السودان، بدأ من القطاع الأجنبي الدخيل الآتي من الخارج، أي رأسمالية وافدة، إلى جانب التطور التقليدي، نعنى النمو العفوي للرأسمالية من داخل المجتمع نفسه، والشكل الثالث الذي يتم عبر التدخل الكثيف للدولة، ليس من ناحية التشريعات والقسر ما فوق الاقتصادي، وإنما دخولها المباشر كرب عمل منتج، كرأسمال جماعي. نحاول أن نرى خصائص التطور الرأسمالي في السودان، ودور الدولة فيه، كيف ترون ذلك؟ إلى أى مدى نمت فئات طفيلية غير منتجة، وإلى أى مدى يمكن في الواقع العملي. إحداث تمايز بين البرجوازية المنتجة والبرجوازية غير المنتجة، في ضوء تجربتكم في السودان ؟ وإلى أي مدى يمكن الاستمرار في الدعوة إلى تدخل الدولة كرأسمالي جماعي منتج في إطار مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية؟

    ‏‏ نــقـــد

    كل الخصائص تكمن في الخلفية التاريخية، ويمكن إيجازها في ما يلي:

    - دخلت الإدارة البريطانية السودان كإدارة ثنائية بريطانية مصرية وبدأت تضع الأسس لقطاع الإنتاج الحديث الرأسمالي: بعض الورش، العمل المأجور، كانت هناك بعض الحرف لكنها تعرضت للدمار شأن كل بلد دخلته الدوائر الاستعمارية. دخول الإدارة البريطانية منا يختلف عنه في الهند، حيث دخلت الشركات أولا ثم جاءت الإدارة. هكذا أصبحت كل المنشآت التي تقام ملكا للدولة وعندما نال السودان استقلاله ظلت تلك المنشأت ملكا للدولة السكة الحديد، الطيران، النقل النهري، ورش الصيانة، الخدمات . لم تكن في السودان صناعة تذكر . وكانت البنوك أجنبية تعمل في التجارة الخارجية. وتمتلك الدولة أيضا اكبر المشاريع الزراعية لإنتاج القطن مثل مشروع الجزيرة المروى بالانسياب من الخزان، من السد. كان المشروع شراكة بين شركة بريطانية والإدارة البريطانية بعقد زمني، انتهى عام1950م ‏وآلت ملكيته للحكومة. ربما اختلف الوضع لو امتد العقد حتى اندلاع الحرب الكورية وارتفاع أسعار الخامات الزراعية – القطن ومن هنا أصبحت الدولة أكبر مخدم، وما زالت.

    - قامت الإدارة البريطانية بمسح وتسجيل الأراضي، التي تملكها القبائل والعشائر والأسر، وما عداها أصبح ملكا للدولة، مع حق الدولة في نزع الأراضي للصالح العام، أو تأجيرها إيجارا اسميا إذا كانت صالحة للاستثمار الزراعي -10 قروش للفدان سنويا. وبهذا قامت الإدارة البريطانية بدور البرجوازية لمصلحة رأس المال في الأرض، أشبه بدور ثورة كرومويل في بريطانيا.

    - عززت الإدارة البريطانية الفئات المساندة لها: بيوتات الإدارة الأهلية، زعماء الطوائف، كبار الموظفين، فأعطتهم رخصا لمشاريع زراعية خاصة على النيل لإنتاج القطن . وكانت هذه الفئة أقوى فئات الرأسمالية السودانية لكنها تراجعت لتدهور أسعار القطن، ووصول النميرى للسلطة.

    - تظل الرأسمالية التجارية أوسع الفئات، والوعاء الكبير الذي خرجت منه فئاتها الأخرى للزراعة والعقار وغيرها، دون أن تنفصل عنها.

    - ‏ يكمل القطاع الزراعي، قطاع ثروة حيوانية كبير في السودان، تنشط فيه فئة تجارية نشطة للاستهلاك الداخلي والتصدير.

    - ‏كانت في السودان قبل الحكم العسكري الأول بعض الورش والصناعات الخفيفة كالمياه الغازية والثلج والصابون وغيرها في القطاع الخاص. ثم قامت خلال الحكم العسكري بنوك متخصصة: بنك زراعي، بنك صناعي، عقاري، فاتسع نشاط الفئات الرأسمالية، زراعية، صناعية، عقارية. وحدث توسع في الصناعة في القطاع الخاص حتى تفوق على القطاع العام من حيث حجم الاستثمار والإنتاج وعدد العمال. لكن الدولة أنشأت صناعات إستراتيجية كالسكر والأسمنت والغزل والنسيج ومدابغ الجلود . . .الخ.

    واتسعت الرأسمالية العقارية، وتلك التي تضارب في الأراضي، كما ساعدها أن مجالس الحكومة المحلية راحت تبيع الأراضي والعقارات الحكومية للقطاع الخاص لتغطية عجز موازناتها من هذا الدخل غير المتكرر، وتعقد المزادات لبيع الأراضي السكنية والمتاجر والأسواق. فارتفعت أسعار الأرض وثروة الرأسمالية العقارية والمضاربة في الأرض والعقار، رغم أن السكن في السودان ليس مشكلة لاتساع مساحته، لكن المشكلة هي خدمات الإسكان والسكان.
    - ‏ قام الحكم العسكري الثاني بتأميم البنوك، ثم تراجع عنه كسياسة، فظلت البنوك المؤممة ملكا للدولة، وسمح لبنوك أجنبية أن تفتح فروعا لها في السودان، ثم تجمعت مجموعات التجار التي كانت أموالها مودعة في بنوك الدولة وأنشأت بنوكا خاصة بها ومارست النشاط المصرفي . وهى ليست رأسمالية مالية.





    .......................
    الميدان 18 أكتوبر 2012

    حوار سياسي فكري مع الراحل المناضل نقد (6)

    نقد:الظروف الديمقراطية دائماً الأفضل بالنسبة لتطور الوعي السياسي

    ***احياءا لذكري الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نقد وفي إطار فعاليات تأبينه الميدان تعيد نشر الحوار الفكري والسياسي الذي أجرته مجلة النهج معه في مطلع عام 1989 بتصرف فالي مضابط الحوار.



    في العاصمة الخرطوم، التي تستحم بالغبار وهى على ضفاف النيل، تتكثف التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية في بؤرة واحدة. المدينة أربعة ملايين ونصف المليون، شوارع مكسوة بالرمل، بيوت من الطين في مواجهة البنايات الشاهقة الحديثة للبنوك الإسلامية. غلا أسطوري، وبطالة واسعة، تضخم أودى بالجنيه السوداني إلى الحضيض (الدولار═ 12 جنيها في البنوك)، حرب طاحنة في الجنوب، البلاد خرجت لتوها من أزمة كبيرة كبيرة، انتفاضة ديسمبر. كانون أول الماضي- هبت الجماهير إلى الشوارع احتجاجا على رفع السكر والضروريات فانصاعت الحكومة. الدولة شبه مفلسة، أزمة وزارية تبدأ بانسحاب الحزب الاتحادي (الميرغنى) من الوزارة وتشكيل أخرى ضيقة من حزب الآمة والجبهة السلامية. صراع حول المؤتمر الدستوري. شريعة أسلامية، أم قانون حضاري يأخذ التنوع الديني والمذهبي والاثنى بعين الاعتبار؟ إضرابات صيادلة احتجاجا على فقدان الأدوية. النقابات العمالية تطالب بحد أدنى للأجور، الجيش غاضب بسبب فقدان المؤن والاعتدة، في هذا المناخ العاصف، أجرت «النهج» مقابلة مع الرفيق محمد إبراهيم نقد ‏السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني تناولت طائفة من المواضيع الفكرية و العلمية، فيما يخص الحركة الثورية عموما، وفي هذا الحديث يلقى الرفيق نقد أضواء كاشفة على جوانب هامة من نضالات الشيوعيين السودانيين المفعمة بالتضحيات.


    إلى أى مدى نمت فئات طفيلية غير منتجة، وإلى أى مدى يمكن في الواقع العملي. إحداث تمايز بين البرجوازية المنتجة والبرجوازية غير المنتجة، في ضوء تجربتكم في السودان ؟ وإلى أى مدى يمكن الاستمرار في الدعوة إلى تدخل الدولة كرأسمالي جماعي منتج في إطار مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ؟
    وعندما أعلن النميرى تبنيه للفكر الإسلامي ونظام الحكم الإسلامي، قامت في السبعينات مصارف إسلامية بامتيازات لم تتوفر للبنوك الأخرى في القطاعين: تصدير الأرباح بالعملة الصعبة، إعفاء من الضرائب، إعفاء من رقابة ‏البنك المركزي . ثم فرض النميرى أسلمة كل الجهاز المصرفي، العام والخاص والأجنبي. فتوفرت إمكانات مالية هائلة للنشاط الطفيلي، حيث تسهيلات البنوك قصيرة الأجل، وهى في الواقع بيوتات تجارية للتسليف وليست مصارف بالمعنى الكامل . فنشطت حركة المضاربة بالسلع التموينية والمحاصيل عن طريق التخزين. فضلا عن أن تسهيلات المصارف الإسلامية تتم وفق أسس سياسية: الانتماء للاتجاه الإسلامي أو بالتوصية منه وليس وفق الضمانات المعروفة. وقد ترك هذا النشاط ‏أثره السلبي على بقية البنوك خاصة بنوك الدولة. وهكذا جرت رسملة أتباع الاتجاه الإسلامي في حزب الجبهة القومية الإسلامية – من الذي يفتح كشكا للصحف أو السندوتشات إلى الذي يصدر محاصيل إلي الذي يستورد مواد تموينية، وغير ذلك من النشاط الطفيلي.

    ونتيجة لهذه الممارسات المصرفية، اتسع النشاط الطفيلي، وتدهورت الصناعة التي باتت تعمل بمتوسط 20% إلى 25% من طاقتها لفقدان التمويل.

    - ‏ سمة أخيرة لتطور الرأسمالية فئ السودان أن الجيل الثالث من أبنائها ويدير أعمالها اليوم جيل متعلم متفتح مستنير من بيروقراطي جهاز الدولة ممن كانوا مديري بنوك ومديري مصالح . فكل من يحال للمعاش أو يطرد من الخدمة (وقد طردهم نميرى بالعشرات) لا يذهب لمنزله، بل ينشئ شركة للتصدير والاستيراد أو يحصل على توكيل لبيوتات أجنبية، إلى جانب فئة البيروقراطية الرأسمالية المدنية والعسكرية التي أصبحت ذات وزن كبير ومؤثر لارتباطها بجهاز الدولة و معرفتها بالسوق العالمي والتجربة والخيال. وهناك انخراط بيوتات شبه الإقطاع القبلي والطائفي في النشاط الرأسمالي بكل قطاعاته. وهناك فئة رأسمالية إقليمية قوامها المتعلمون والمستنيرون من أبناء قبائل وقوميات مناطق السودان المختلفة، بدءوا كلسان حال لمظالم أهلهم، ودخلوا الحركة السياسية ولامسوا الجهاز ‏التشريعي والتنفيذي، ومنه أنشأوا قاعدتهم الاقتصادية، وتبنوا شعار الحكم اللامركزى وتوسيع صلاحياته، وكلما زادت الملاحية زادت القدرة على إصدار القرار الاقتصادي . وهناك الفئة الرأسمالية من أبناء القبائل والقوميات الجنوبية ¬وتتكون هذه الفئة من الذين احتلوا مناصب سياسية أو تنفيذية في جهاز الدولة، وبدأوا نشاطهم الرأسمالي كمستهلكين – استهلاك البذخ – من المرتبات والامتيازات والرشاوى التي يتلقونها من الأحزاب الشمالية الكبيرة أو من الخزينة العامة مباشرة. فأسسوا الشركات ودخلوا في شراكات مع الرأسمالية الشمالية. في حين كان الرأسمالي التجاري المنحدر من السلالات العربية الإسلامية هو الذي يتولى النشاط التجاري في تلك الناطق المتخلفة، ومن هنا العداء حيال التبادل غير المتكافئ لهؤلاء، التجار مع الفلاحين والرعاة الذين ينظرون إلى هذا التاجر العربي المستغل الذي كان يتعامل مع أجدادهم في تجارة الرقيق . وبذا يزداد العداء القومي.

    اتسعت صفوف الرأسمالية السودانية اتساعا كبيرا وتنوعت علاقاتها الدولية تنوعا كبيرا، وبرغم الأزمة والضائقة مازالت أمامها مساحة للحركة. كما أن اكتشاف البترول سيعطيها مجالا أرحب، وهو بترول بكميات تجارية لكنه معطل نتيجة العمليات العسكرية.

    النهج

    في الجنوب

    نــقـــد

    في الجنوب وفي الغرب . ومازالت عملية الاكتشاف جارية للرأسمالية السودانية إذن احتياطي من الزمن واحتياطي من الإمكانيات، بفضل اكتشاف البترول والمصارف. فإذا توقفت الحرب في الجنوب، فسوف يحدث نهوض غير اعتيادي على يد الرأسمالية السودانية. ولكن ليس قبل أنتهاء الحرب.

    النهج

    أي دور ترونه للقطاع الخاص في برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية في ضوء حديثكم عن دور أساس للدولة، وفي ضوء ميل رؤوس الأموال المحلية للنشاط الطفيلي

    نــقـــد

    ما معنى الثورة الوطنية الديمقراطية؟ معناها أن فيها طابعا وطنيا أي استكمال السيادة الوطنية والاستقلال الوطني – تخليص البلاد من أشكال الاستعمار القديم الكولونيالى الذي كان موجودا بجيوشه، ومن تغلغل الاستعمار الحديث الذي يأتي بطريق غير مباشر مستفيدا من بقايا الاستعمار القديم التي لم تتم تصفيتها، ومستفيدا من القوى الاجتماعية ذات المصلحة في إرث بقايا الاستعمار القديم وفي الارتباط بالاستعمار الحديث. وبهذا فالثورة الوطنية الديمقراطية واسعة تتسع لكل الوطنيين، لكل من هو مع سيادة الوطن، وأن نعترف بأنه وطني، وعدم قصر الوطنية على الشيوعيين والديمقراطيين.

    ‏أما الشق الديمقراطي في الثورة- ولا ينبغي بالطبع فصل الجانب الوطني عن الديمقراطي، إذ لا يمكن تحقيق هذا دون ذاك أو هذا قبل ذاك – فهو أن تحقق إصلاحات اقتصادية اجتماعية سياسية تمهيدا لتحقيق أهداف التغيير الاجتماعي الديمقراطي، بمعنى أن الأسبقية تكون لتصفية كل الأشكال شبه الإقطاعية أو الإقطاعية المتبقية . وأود أن أكون واضحا في هذه ‏المسألة. فعندما أقول إقطاع فهذا يختلف عن الإقطاع في مصر م العراق وأوربا، الإقطاع في البلدان التي توجد بها أزمة أرض- إذ ليس في السودان أزمة أرض. الأرض واسعة. المشكلة هي الاستثمار لري ألأراضي أو تحضيرها للزراعة المطرية. أما في مناطق الري فإن المشكلة هي توزيع أراضي المرعى للقبائل و العشانر ودور الإدارة الأهلية في ذلك وسيطرتها على أحسن المراعى.

    ‏في جنوب السودان الاقتصاد الطبيعي معطل بسبب الحرب الأهلية بين 1955 و1972 وبين 1983 وحتى اليوم فهناك القبائل والتجمعات القومية النيلية ¬شلك، دينكا، نوير – وأراضى المرعى والزراعة وتوزيعها العرفي بين القبائل. وفوق الكيان القبلى تقوم مجموعة المكوك والسلاطين . والكجور وهى الشكل المتبقي من التركيبة القبلية الأفريقية القديمة.

    ‏تصفية هذه الأشكال القديمة يقع ضمن شعار تصفية الإدارة الأهلية التي منحها الاستعمار البريطاني سلطات إدارية وقضائية، وكلفها بجمع الضرائب مقابل جزء منها، فجمعت لنفسها ثروة كبيرة وثروة حيوانية وأخصب المراعى، وانتقلت بهذه الثروة للنشاط الرأسمالي في الشركات والمصارف . . الخ.

    ‏على أن تصفية هذا النوع من العلامات السابقة للرأسمالية لن تتم كما تمت في الثورة الفرنسية. بشكلها الكلاسيكي، أو بمثلما فعل عبد الناصر بالإقطاعيين الذين كانوا حول الملك فاروق في مصر. ففي ظروف السودان نتحدث عن شبه الإقطاع - Semi-Feudalism ‏- ولم تتوصل إلي المصطلح الأقرب البديل.

    ‏أما الإصلاح الزراعي فلا يمكن اختزاله في برنامج واحد في ظروف السودان نسبة لتعدد وتنوع علاقات الإنتاج في مشاريع رأسمالية للدولة لإنتاج القطن، والزراعة الرأسمالية الشاسعة في المناطق المطرية، والزراعة على ضفاف النيل . . الخ .، ولا يمكن إدخالها في قالب واحد يناسب الكتاب الماركسي الكلاسيكي . المطلوب هو الاقتراب من هذه الخصائص بالدراسة. وهناك مجهود في هذا الاتجاه وأمام هذه المهمة يجب أن لا يتوقع الشيوعيون ولا الديمقراطيون التمتع بالراحة الذهنية.






    ----------------------------
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-20-2012, 11:46 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
البرنامج الختامي- جامعة الأحفاد – الساعة 5-11 مساء يوم 22 أكتوبر (Re: sultan)
                  

10-21-2012, 00:00 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ولما نمشي الحزن سيرة ... الديم هذا المساء ....! (Re: sultan)
                  

10-21-2012, 02:31 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ولما نمشي الحزن سيرة ... الديم هذا المساء ....! (Re: sultan)


    نقد
    ذهنٌ كغيمةٍ واسعة طافية
    غروبٌ مثل رحيل صديق قديم
    ينحني فوق أيديهما المتعانقة عن بعد
    جوادانا يصهلان لبعضهما
    بينما نحن نفترق
    *إزرا باوند
                  

10-21-2012, 02:35 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ولما نمشي الحزن سيرة ... الديم هذا المساء ....! (Re: sultan)


    Quote: انجرفت أكثر فى النشاط السياسي في السجانة، في مرة وانا بالجامعة جاءني بوليس سري وكان يرتدي جلباباً وقال لي بصوت منخفض: سعادتو بابكر الديب داير يقابلك في مكتبه ضروري، فذهبت اليه، قال لي: (انت دفعت توفيق ولدي في حلفا وانا بعرف عمك محمد علي نقد انا داير احذرك.. اي نشاط ليك في الجامعة نحنا ما عندنا مشكلة معاك فيهو.. لكن ان تقوم بنقل نشاطك لداخل المدينة وللسجانة تحديداً دا ما حنسكت عليهو).. لم ارد على حديثه.. وكانت تلك اول ملامسة لي مع الاجهزة الامنية، كانت ملامسة ناعمة وان لم تخل من خشونة التهديد، ومن السجانة اخرجنا عشرات المظاهرات… اذكر جيداً في تلك الفترة تمت الاطاحة بالملك فاروق في مصر من قبل ثوار ثورة يوليو وكان هذا الحدث موضوع نقاش بيننا وجدال لفترة طويلة.

    المصدر:
    http://www.google.com/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=...gr5TU8m5JzKw&cad=rja
                  

10-22-2012, 00:40 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كيف حاصر الجمود أطروحات ماركس وأنجلز عن الاشتراكية؟ (Re: عمر ادريس محمد)

    كيف حاصر الجمود أطروحات ماركس وأنجلز عن الاشتراكية؟

    محمد إبراهيم نقد

    الحوار المتمدن-العدد: 233 – 29/8/2002

    المحور: أبحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


    1- كيف حاصر الجمود أطروحات ماركس وأنجلز عن الاشتراكية؟

    كرس الجمود تصوراً خاطئاً، فحواه أن الماركسية حولت الاشتراكية إلى نظرية علمية شاملة مكتملة. وأن التجربة السوفيتية تجسيد لتلك النظرية – أي النموذج الذي يتمحور حوله أي تطور لاحق للنظرية، ومركز الإشعاع الذي يضيء الدروب للتجارب التالية.

    تأثرنا بذلك الجمود، وأخذنا ببعض مسلماته. إسهامنا في انتقاده وتبديد غشاوته إسهام في التحرر من إساره – أو بالمصطلح الدارج: التحرر من إرث الستالينية. إذ أن ستالين هو الذي دشن ذلك الجمود بمصطلح الماركسية اللينينية، الذي اتخذه غطاء ايدولوجياً لتصوره الجامد للاشتراكية حتى غدا المصطلح نفسه أداة من أدوات الجمود والنصوصية والتأويل والتبرير. ومع ذلك فالتحرر من إسار الجمود والصراع ضده في كافة أشكاله التقليدية أو المستحدثة ليس عملية فرز شكلية تستبعد الستالينية "والعودة للأصول" – أي لأفكار ماركس وانجلز أو لينين، واعتبارها النظرية العلمية الشاملة والمكتملة للاشتراكية "والكلمة الأخيرة" في كتابها. هذا جمود في ثوب جديد. الانعتاق من قيد الجمود يعني الدراسة الناقدة للفكر الاشتراكي منذ نشأته – قبل الماركسية وما عاصرها وما تلاها من إسهام مفكرين كثر، كان أبرزهم لينين كمفكر وقائد ثورة ورجل دولة، وما تسهم به مدارس اشتراكية معاصرة متعددة المشارب والرؤى.

    العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة – يظل مشرع الأبواب والمسارب على كل جديد في ممارسة وتجارب وتفكير وتطلعات الإنسان: يرسي علماء ومفكرون مناهجه وأسسه وقواعده، ثم يتجاوز التطور استنتاجاتهم. وقد يصبح بعضها قديماً عائقاً للتطور. ثم يأتي بعدهم أو في تزامن مع عصرهم – علماء يستخدمون مناهج العلم في انتقاء وتجاوز ما تقادم ويصوغون الجديد الذي أفرزه التطور – دون انتقاص أو نفي عدمي لإسهام الرواد. فكل رائد في مجال العلم محكوم بظروفه وعصره. وشأن كل علم طبيعي أو اجتماعي، لا تسير عملية التطور في خط مستقيم صاعد. لقد عرف تاريخ العلوم، وحاضرها أيضاً، أزمات ركود وجمود وأحياناً رجعة إلى ما قبل العلم ومناهجه.

    تحصر هذه الورقة وظيفتها في إماطة اللثام عن ذلك التطور الخاطئ، وما تناسل عنه من نظريات واستراتيجيات جامدة، لم تتوقف عند ادعاء أن الاشتراكية نظرية علمية شاملة مكتملة، بل وتعدت إلى اعتبارها تصميماً صارم الأطر والقسمات لا ينقصه سوى التطبيق – مع هامش لتمايز بلد عن آخر في التطبيق.

    فشل التجربة السوفيتية تعالجه ورقة أخرى، ولا يدخل في موضوعنا إلا عرضاً. الورقة تتحرك في الساحة العامة لتقييم إسهام ماركس وانجلز ولينين في صوغ نظرية علمية للاشتراكية، وحدود ذلك الإسهام نظرياً وتاريخياً، وتأكيد حقيقة أولية موضوعية وبسيطة عتم عليها وصادرها الجمود، هي أن هناك علماء ومفكرين وقادة اشتراكيين أسهموا في بلورة الفكر الاشتراكي والانتقال به نحو النظرية العلمية. ولم ينكر أو يجمد ماركس أو انجلز أو لينين – حتى في حالات الاختلاف – عطاء أولئك المفكرين والقادة. الجمود حصرها في "الماركسية اللينينية" مسقطاً انجلز وعشرات المفكرين، ورافعاً لينين إلى مصاف ماركس. ثم توسع في مساحة المصطلح، فأتت صيغة: تعاليم ماركس – انجلز – لينين – ستالين، ثم أضيفت أفكار ماوتسي تونق بعد انتصار الثورة الصينية ثم بدأ تقليص الساحة و"مقص الرقيب" بعد المؤتمر العشرين للحزب السوفيتي عام 1956. وما كان للحذف والتقليص انعتاقاً من الجمود، كان اختلافاً في الدرجة، في المقدار لا في الماهية والنوع … وحتى بعد البروسترويكا ما كان متاحاً أو ميسوراً مجرد طرح التقييم الموضوعي لمكانة ماركس ومكانة لينين في الفكر الاشتراكي سواء مع الشيوعيين السوفييت. (كانت قناعتهم الراسخة أن لينين هو قائد ومهندس الثورة ومؤسس روسيا الحديثة ودولة الاتحاد السوفيتي العظمى. وأنه كان مدركاً لظروف روسيا واختط لها برنامجاً خاصاً أصيلاً تنتقل به بالتدريج نحو الاشتراكية، يختلف عن برنامج ماركس. ولو أن الحزب تقيد بذلك البرنامج لكان بالإمكان تفادي المآسي والخسائر التي تسبب فيها برنامج ستالين). وقد تفسر هذه الحالة النفسية التي تضفى على لينين مسحة من قداسة إحجام وتردد المافيا وغلاة المعادين للاشتراكية في روسيا اليوم عن المساس بلينين رغم هجومهم الكاسح وعلى طول الجبهة وفي عمقها، على سجل تاريخ الحقبة السوفيتية1.

    ظاهرة مماثلة أو مقاربة في الصين، حيث النقد لسياسات القفزة الكبرى والثورة الثقافية يطال كائناً من كان، ولا يقترب من ماوتسي تونق الذي بادر بطرح وقيادة تلك السياسات … على أن هذا يدخل في باب التاريخ السياسي للفكر الاشتراكي والتجربة الاشتراكية في روسيا المتخلفة والصين الأكثر تخلفاً، ولا يمس جوهر ما نحن بصدده في وظيفة الورقة وموضوع السمنار.

    نبتدر مداولات السمنار بفقرات موجزة تكشف النقاب عن كيف حاصر الجمود أطروحة ماركس وانجلز حول صوغ نظرية علمية للاشتراكية. ثم صبها الجمود في قوالب ومواصفات مغلقة، تم حصرها في التجربة السوفيتية.
    الفقرة الأولى:

    في أول عمل مشترك لهما – (كتاب الأيدولوجيا الألمانية 1848) وهما يقتربان من استيضاح نظرتهما للتاريخ والمجتمع، أي المفهوم المادي للتاريخ أو التفسير المادي للتاريخ – طرح ماركس وأنجلز أطروحة صوغ نظرية علمية للاشتراكية، كناتج عن دراستهما الناقدة لمجمل عطاء الفكر الاشتراكي السابق والمعاصر لهما.

    ولم يدعيا طوال حياتهما ونضالهما المشترك أنهما صاغا نظرية علمية شاملة مكتملة ونهائية للاشتراكية. لم يدعيا أنهما صاغا نظرية كونية الأبعاد سرمدية المدى. وبعد أربعة أعوام من كتابهما المشترك الأول، توليا بتكليف من مؤتمر عصبة الشيوعيين صوغ المبادئ التي توحد حولها المؤتمر في (البيان الشيوعي) عام 1848، فأكدا في إحدى فقراته: الاستنتاجات والخلاصات التي يتوصل إليها الشيوعيون لا تستند بأي حال على أفكار أو مبادئ اخترعها أو اكتشفها هذا أو ذاك من دعاة الإصلاح الكوني الشامل، إنما يعبرون، وبصورة عامة لا اكثر، عن علاقات ماثلة، نابعة من صراع طبقي دائر فعلاً، ومن حركة تاريخية متواصلة تحت أبصارنا. وتقيدا بهذا المنهج العلمي الناقد حتى تجاه (البيان الشيوعي) نفسه، فلم يعتبراه إنجيلاً للاشتراكية أو الشيوعية، بل أعلنا في مقدمات طبعاته المتلاحقة أن بعض أساسياته تخطاها الزمن، وانه تمكن إعادة صياغة البيان كله بطريقة مختلفة لو صيغ في فترة لاحقة.

    وعندما احتدم الصراع في الحركة الاشتراكية الألمانية والحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، طالب أحد قادة ذلك الحزب – ف. لاسال – في ستينات القرن الماضي بوضع برنامج تفصيلي للمستقبل الاشتراكي. اعترض ماركس وأسس اعتراضه على سببين: الأول – العلم كفيل بإنجاز هذه المهمة في المستقبل استناداً إلى الواقع الملموس والمعطيات الملموسة، والثاني – إن وضع برنامج تفصيلي سيدفع الفكر الاشتراكي للانزلاق في مأزق مفكري الاشتراكية الخيالية. وواصل انجلز ذات الفكرة وذات الموقف في الصراع ضد مجموعة من الاشتراكيين الفرنسيين – في سبعينات القرن الماضي – الذين حاولوا تسخير بعض أفكاره وأفكار ماركس ومنهجهما لتشييد تصاميم جامدة وقطعية عن الاشتراكية، فتوجه إليهم بقوله: "لكن عما سيحدث بعد الثورة الاجتماعية، فإن ماركس لا يقدم في هذا العدد سوى تلميحات معتمة غائمة. وكرر انجلز ذات الفكرة في مقدمته للجزء الثالث من رأس المال: "قد يتوقع المرء في مؤلفات ماركس تعريفات جاهزة مفصلة حسب الطلب، قابلة للتطبيق مرة وإلى الأبد". ثم شرح استحالة ذلك بحسب منهج الديالكتيك الذي ينتهجانه هو وماركس. وأضاف في ذات الفقرة: إدراك الأشياء وعلاقاتها المتبادلة، كأشياء متغيرة وليست ثوابت مكتملة، يعني أن تصوراتها الذهنية، أي الأفكار المعبرة عنها خاضعة هي الأخرى للتغير والتحول، وليست مكبسلة في تعريفات جامدة، وأنها تتطور خلال تشكلها التاريخي أو المنطقي. وتجاه أولئك الاشتراكيين الفرنسيين وتخريجاتهم الجامدة، كانت قولة ماركس الشهيرة: "كل ما أعرفه أنني لست ماركسياً!

    الفقرة الثانية: أحيط كتاب انجلز (الاشتراكية الخيالية والاشتراكية العلمية) بهالة من التهويل والتأويل. حتى غدا وكأنه السفر الشامل الكامل للنظرية العلمية الاشتراكية. وصفته آخر الطبعات السوفيتية (دار التقدم – موسكو – 1948 – الطبعة العربية) بأنه كتاب عبقري يحتفظ بأهميته الثابتة بوصفه كنزاً لا ينضب له معين للنظرية الماركسية!! مع أن ماركس الذي أسهم مع انجلز في وضع بعض فصول الكتاب، وصفه بأنه مدخل للاشتراكية العلمية. وقال عنه انجلز أنه عرض للسمات الأساسية للاشتراكية العلمية. وكان الكتاب قد صدر أصلاً كفصل من فصول كتاب انجلز (ضد دوهرنق).

    كيف طرح انجلز نظرية علمية للاشتراكية في كتابه؟ أول ما يلفت النظر، أن انجلز حدد وحصر إسهام ماركس، الذي مايزه عن علماء عصره، في اكتشافين، الأول: المفهوم المادي للتاريخ، والثاني: فائض القيمة بوصفه سر أسرار الإنتاج الرأسمالي. ثم أضاف انه بفضل هذين الاكتشافين أصبحت الاشتراكية علماً. أو توفرت المقومات لتصبح نظرية علمية2. لم يكتف انجلز بإضفاء طابع العلم على الاشتراكية بفضل إسهام ماركس، إنما طرح مهمتين تفصحان عن أن ذلك الطابع العلمي كان مازال في بداياته أو معالمه الأولية – المهمة الأولى: "تنحصر الآن وقبل كل شيء في مواصلة تطوير هذا العلم في كل تفاصيله وعلاقاته المتبادلة، والمهمة الثانية: إن مهمة الاشتراكية العلمية هي التعبير النظري عن حركة تغيير المجتمع الرأسمالي، ودراسة الظروف التاريخية لذلك التغيير.

    وعليه فالاشتراكية ذات الطابع العلمي ليست وصفة جاهزة للتطبيق، وعلى الذين يقتنعون بها أو يسترشدون بها أن يتحملوا واجب وعبء تطوير كل تفاصيلها وعلاقتها المتبادلة، وبمعنى آخر، استخدامها كمنهج لدراسة ومعرفة المجتمع الرأسمالي والتعبير النظري عن حركة تغييره ودراسة الظروف التاريخية لذلك التغيير ومن ثم صوغ المستقبل الاشتراكي.

    أبرز هذا الجانب المنهجي العلمي في كتاب أنجلز عن الاشتراكية، وربما في كل أعمال ماركس، يكتسب أهمية خاصة في دحض الجمود الذي صور الماركسية والاشتراكية العلمية كما لو كانتا مذهباً فلسفياً شاملاً وكونياً، ومن ثم مغلقاً ومكتفياً بذاته، مثل مذهب هيجل الفلسفي ومذاهب غيره من الفلاسفة الكلاسيكيين، برغم جهد ماركس وانجلز في شرح وتوضيح لماذا كان مذهب هيجل آخر مذاهب الفلسفة الكلاسيكية ونهايتها. وفي مقدمته لكتابه (ضد دهرنق) الذي كان كتاب (الاشتراكية) أحد فصوله، ذكر أنجلز أنه اضطر لتبويب كتابه في ثلاثة فصول هي الفلسفة والاقتصاد السياسي والاشتراكية – ليسهل عليه التعامل مع كتاب دهرنق الذي حملت فصوله ذات العناوين – وليس لوضع مذهب مقابل مذهب، أي فلسفة شاملة مقابل فلسفة شاملة. ومن جانب آخر، فإن الكتيب الذي أصدره لينين بعنوان (المصادر الثلاثة والمكونات الثلاثة للماركسية)، كانت وظيفته الشرح والتبسيط لمن يريدون معرفة أوليات الماركسية، ويتضح ذلك من قول لينين نفسه: لم يترك لنا ماركس وانجلز كتاباً أو مؤلفاً شرحا فيه بالكامل منظومة آرائهما في الطبيعة والمجتمع والتفكير، ولا غرابة في ذلك، إذ لم يحدث قط أن اعتبرا أن النظرية التي وضعاها نظرية مكتملة بصورة نهائية. فالماركسية ليست رسماً تخطيطياً ملزماً للجميع، ليست جملة من الاستنتاجات التي لا تحتمل الخطأ، إنها هي طريقة وأسلوب لإدراك كل ما هو موجود في حركته وتغيره.

    الفقرة الثالثة: كان لينين أكثر وضوحاً عندما أعلن إبان ثورة اكتوبر 1917: نحن لا ندعي أن ماركس والماركسيين يعرفون الطريق إلى الاشتراكية في أدق تفاصيله. نحن نعرف الوجهة العامة وحسب.

    ثم أعلن بعد الثورة: لقد تغير تصورنا للاشتراكية تغيراً جذرياً بعد الثورة.

    كان لينين مدركاً لتخلف روسيا اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وهشاشة قاعدتها الرأسمالية بالمقارنة مع دول غرب أوربا الرأسمالية – انجلترا وفرنسا وألمانيا الخ – ولهذا راهن على أن يؤدي اندلاع الثورة في روسيا – بوصفها أضعف الحلقات في سلسلة الدول الرأسمالية وتتمتع بحركة ثورية اشتراكية نشطة – إلى اشتعال الثورة في بلدان غرب أوربا تباعاً، أو على الأقل في ألمانيا، كشرط لانتقال روسيا للاشتراكية بما تقدمه لها ألمانيا الاشتراكية من دعم ومساندة في التمويل والتصنيع والعلوم والتكنولوجيا والخبرة والخبراء – ومن جانب آخر كانت فكرة علاقة التكامل بين ثورة روسيا والثورة الاشتراكية في غرب أوربا مكان اهتمام ومناقشة منذ العقود الأخيرة للقرن التاسع عشر بين الاشتراكيين والحلقات الماركسية في روسيا وبين ماركس وانجلز، وفي اجتماعات الأممية الثانية، كما تبين رسائل ماكس وانجلز إلى صحف ومفكرين اشتراكيين روس في نوفمبر 1877 وأبريل 1885، وظلت مكان مناقشة في الأممية الثانية حتى عشية الحرب العالمية الأولى. وكان هناك اتفاق عام أن ثورة روسيا البرجوازية الديمقراطية وشيكة، وأن البرجوازية الروسية عاجزة عن قيادتها، ولابد أن تلعب الطبقة العاملة الروسية الدور القيادي فيها في تحالف مع الفلاحين. لكن ثورية روسيا لا تستطيع بمفردها الانتقال للإشتراكية إلا إذا تزامنت معها ثورات اشتراكية في غرب أوربا – هذا ما توضحه على الأقل الرسائل المتبادلة بين لينين وكاوتسكي في تلك الفترة، قبل أن يتفاقم الخلاف داخل الأممية الثانية حول شعار إدانة الحرب العالمية الأولى بوصفها حرباً لمصلحة الامبريالية، وواجب تحويلها إلى حروب أهلية ضد الحكومات الامبريالية على جانبي جبهة القتال تتمخض عنها ثورات اشتراكية في انجلترا وفرنسا وألمانيا والنمسا الخ. ونتج عن الخلاف الانقسام والقطيعة والعداء في الحركة الاشتراكية الأوربية، الذي تعرفنا عليه في كتاب لينين حول كاوتسكي.

    عندما أدرك لينين أن رهانه كان خاطئاً، فلم تندلع الثورة في غرب أوربا، بل وفشلت بوادر الثورة في ألمانيا والمجر، وتعرضت روسيا للحرب الأهلية وحرب التدخل والحصار، طرح برنامج (السياسة الاقتصادية الجديدة) التي اعتمدت على تعدد القطاعات الاقتصادية – اقتصاد مختلط – قطاع دولة – قطاع خاص – قطاع انتاج متوسط وصغير – قطاع تعاوني – امتيازات وضمانات لرأس المال الأجنبي، ومبدأ الطوعية في التحاق الفلاحين بالتعاونيات، والحافز المادي للعاملين لرفع الانتاجية، واستقلال نقابات العمال وحقها في الإضراب وغير ذلك من السياسات والإجراءات التي كانت الأدبيات السوفيتية تجملها تحت عنوان (برنامج لينين للتحولات الاشتراكية في روسيا) كنظام اجتماعي يستند إلى شبكة من التعاونيات المسيرة ذاتياً، أو نظام اجتماعي لمنتجين تعاونيين أحرار متحضرين. وكان وصول روسيا المتخلفة لذلك النظام يتطلب حقبة تاريخية كاملة. من تبسيط الأمور اعتبار موت لينين المبكر – وعجزه حتى عن ممارسة دوره القيادي منذ محاولة اغتياله برصاصة مسمومة – السبب الرئيسي في التعقيدات اللاحقة للتجربة السوفيتية، وإن كان القضاء عليه هدفاً مشتركاً لأعدائه داخل روسيا وخارجها (من بين الأقوال المأثورة عن تشرشل – وكان من ألد خصوم الثورة السوفيتية وأكثرهم إصراراً على حرب التدخل للقضاء عليها – قال: كان ميلاد لينين كارثة على روسيا السوفيتية).

    التقويم الناقد للتجربة الاشتراكية السوفيتية يشمل بالضرورة برنامج وسياسات لينين وتصوره للاشتراكية، كمدخل لابد منه للتقييم الناقد لما آلت إليه التجربة بعد وفاته، أو ما يطلق عليه فترة الستالينية. وهذا ما تناولته ورقة أخرى في السمنار.

    خلاصة:

    مقاصدنا من هذا السمنار وما يليه من سمنارات لا تنحصر في الدراسة الناقدة لماضي الفكر الاشتراكي على ضوء التجارب الاشتراكية، بل تتجاوزه نحو امتلاك معرفة أفضل بحاضره وإضافة معرفة جديدة لتشكيل مستقبله وتجديد رؤاه وآفاقه، بترقية مناهجه وآلياته وإشكالياته، بما يؤهله لاستيعاب معطيات العلم ومستجدات العصر.

    وفي أوجه المقاصد ذاتها نعالج أزمة الجمود في الماركسية، بوصفها أحد الروافد النظرية للفكر الاشتراكي – ولا يغير من هذه القناعة كون أحزاب الاشتراكية الديمقراطية في غرب أوربا، ومن انتمى إلى محفلها الدولي من القارات الأخرى، قد أسقطت من الماركسية من مصادرها النظرية بقرار من أحد مؤتمراتها في الخمسينات تحت وطأة الحرب الباردة.

    ولا نضيف جديداً حين نعيد ونؤكد العلاقة العضوية الوثيقة بين الفكر الاشتراكي وحركة العاملين والدفاع عن مصالح العاملين والكادحين والمسحوقين في النضال السياسي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومن أجل أن يتحرر الإنسان من الاستغلال والعوز والحاجة والاستلاب، وأن ما يحقق ذاته وإنسانيته، إنتاجاً وإبداعاً ومسئولية تضامنية عن مصير المجتمع الإنساني.

    نواصل ونرتقي بدراستنا في الفكر الاشتراكي عبر آلية السمنارات (دون إلغاء أو استبعاد آلية أخرى كالبحث والمقالة)، ونشرع في إعداد أوراق تعالج قضيتين:

    1- مستقبل التجربة الاشتراكية في الصين وكوريا الديمقراطية وفيتنام وكوبا: ندرس ونبحث بما هو متاح لنا – دراسة موضوعية صارمة، لا تحد من موضوعيتها رغبات ذاتية آيدولوجية أو استنتاجات متعجلة – مع حقنا في التحفظ الناقد على ما تنشره الوثائق الرسمية لتلك الأحزاب والحكومات.

    2- المنطلقات النظرية للتحولات الاشتراكية التي تطرحها الأحزاب والجماعات والمدارس الفكرية – أحزاب اشتراكية وأحزاب شيوعية وجماعات اليسار الجديد الخ – في بلدان الرأسمالية المتطورة: في غرب أوربا واليابان والولايات المتحدة وبعض الدول الآسيوية وفي أمريكا اللاتينية، وبعدها تنتقل لقضايا أخرى.

    مايو 1997م

    هوامش:

    1- ما زالت حكومة يلتسن عاجزة عن نقل جثمان لينين المحنط في الميدان الأحمر خوفاً من غضب الرأي العام الروسي – وفي أوساط الرأي العام الغاضب أقسام مستنيرة لا توافق على تحنيط لينين، لكنها ترى في هجوم حكومة يلتسن على لينين هجوماً على استقلال وسيادة روسيا.

    2- المفهوم المادي للتاريخ لم يحتكر اكتشافه ماركس – بل اعترف ماركس وانجلز أن العالم الأمريكي ل.هـ.مورقان (1818-1881) توصل لذلك المفهوم بصورة مستقلة من خلال دراساته للمجتمعات القديمة وعلوم الآثار والأجناس. وقد اعتمد على نتائج دراساته واستنتاجاته انجلز في وضع كتاب (أصل العائلة). وقبل ماركس ومورقان بأربعة قرون توصل ابن خلدون في مقدمته للعناصر العلمية الأولية للتفسير المادي للتاريخ … وفائض القيمة كمقولة في علم الاقتصاد السياسي أخذها ماركس عن علماء الاقتصاد السابقين له. وبصفة خاصة ال Physiocrats وتابع تطورها لدى آدم سميث ثم ريكاردو وبقية علماء الاقتصاد. وأوضح ماركس أين اختلف مع أولئك العلماء في مصدر فائض القيمة وتراكم رأس المال والاستغلال الرأسمالي للعاملين.


    أكتوبر 2000


    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=587


    ...............................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  

10-22-2012, 08:49 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أغنية لـ محمد إبراهيم نقد (Re: sultan)



    أغنية لـ محمد إبراهيم نقد

    هيْت
    خيْت
    كيْت
    شِبراً.. شِبراً
    شارع.. شارع
    بَيْتاً.. بيتْ
    السودان الوطن الواحد والمتعدد، كم حَبّيتْ
    كُلُّ كنوزهم كانت تحلم تاخد مننا ودملين
    تحت الأرض القالت ابيت
    شذا أزهارى
    وطمى انهارى
    فلذة كبدى
    أشرف وأنبل مَنْ خبيت
    عين المُخبِر ترمِش، ترمِش
    كم ضاراكَ اللـُّطف الثوري
    بين الناس العاديين
    أبسط ماتتمنى حمامة، وطِفلِ رضيع
    وعامل مصنع
    فول بالجبنة، وحبَّة زيت
    تلك العِمَّة، وجلَّابيتَّك، ومحضر سابق
    طابِق يسابق
    آخر طابق
    حقَّ الشُفعة، ورُتبْ الدُفعة
    ماتحسَّرتَ، ولا اتمنيت
    تشهد ليكْ بالدِّقة
    أزقَّة
    ماتأخَّرتَ وماأستنيتْ
    إخْتِفَى.. إخْتِفَى
    بالهنا والشِفى
    مبروك يامحمد
    مَهْدَكْ ولَحْدَكْ
    مابيناتُم إلا الخير
    فرحت.. فرحت
    نفس اللحظة الفيها بكيت
    شُفَّع كِبْرو
    وبِقو سُكان
    شمسِ بتطلع
    تمسك منك طرف الخيت
    هيت
    خيت
    كيت
    السودان الوطن الواحد والمتعدد
    كم حبيت


    شعر محجوب شريف 4/2012


    .......................................
    المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
    يقيني بان أسوار الظلم مهما علت لن تقف في طريق إرادة الشرفاء
    السودان لكل السودانيين
    Sudan for all the Sudanese
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de