في الرد على مقال: إسقاط المؤتمر الوطني الآن خطأ إستراتيجي ، وطعن لخاصرة الوطن، بقلم: حلمي فارس
كاتب المقال يريد أن يتاجر بالإستراتيجية كديدن الإسلامويين في المتاجرة بكل شيء من الدين للسلام للحرب والجهاد والآن جاء دور المتاجرة بالفنون والعلوم والإدارة. لكن سنكون لهم بالمرصاد نكشف زيفهم. ونبين خطل مواقفهم الركيكة:
فالكاتب يريد أن يثبت (كسر رقبة) أن إسقاط نظام الكيزان هو خطأ إستراتيجي دون أن يبين لنا أي منهج في التحليل الاستراتجي قد اتبع ليجعل النتائج تلحس كوعها هكذا..
وأنا أقول (كسر رقبة) لأنو ما ممكن تحكم بكون إسقاط المؤتمر الوطني خطأ استراتيجي بدون ما نعمل تحليل استراتيجي للوضع.
أهم أدوات التحليل إستراتيجي هي تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات والمعروف باسم SWOT Analysis اختصاراً لكلمات Strengths , Weaknesses, Opportunities and Threats.
ويقسم هذا التحليل البيئة المراد تحليلها إلى:
أ- بيئة داخلية تمثل العوامل التي يمكن السيطرة عليها،
ب- وبيئة خارجية تمثل العوامل التي لا يمكن السيطرة عليها.
ويتناول في البيئة الداخلية نقاط القوة Strengths وهي العوامل الداخلية التي تؤثر إيجاباً ونقا الضعف Weaknesses وهي العوامل الداخلية التي تؤثر سلباً.
أما بالنسبة للبيئة الخارجية، التي لا يمكن السيطرة عليها، ففيها نوعين من العوامل وهي الفرصً Opportunities التي يمكن أن تستغل والمهددات Threats
الآن إذا طبقنا هذا التحليل على معطيات الواقع الراهن في السودان، سنجد بإختصار أن عوامل القوة التي عددها كاتب المقال هي في الواقع عوامل ضعف للجبهة الداخلية للبلد، فقوة الحزب الحاكم الواحد تعكس بجلاء غياب التعددية الحزبية، وغياب عوامل (الحكم الرشيد) وهي سيادة القانون والمشاركة والشفافية والمساءلة. فهو حزب سطا على السلطة بطريقة غير شرعية ثم استفرد بالسلطة (تنفيذية، تشريعية وقضائية) والثروة والإعلام
وغياب (الحكم الرشيد) يتجلى في غياب عناصره وهي سيادة القانون والمشاركة والشفافية والمساءلة:
1- سيادة القانون (تستلزم توفير حماية متساوية لحقوق الأفراد والجماعات، إضافة إلى تطبيق عقوبات متساوية وفقا للقانون. فسيادة القانون فوق سلطة الحكومات وهي تحمي المواطنين من التصرفات الاعتباطية، وتضمن معاملة جميع المواطنين بالتساوي وخضوعهم للقانون بدلا من خضوعهم لنزوات الأقوياء وأصحاب النفوذ. ويجب أن يحمي القانون الجماعات الضعيفة الهشة من الاستغلال والأذى. وعلى الحكومات أن تنشئ المؤسسات وتضع الأطر اللازمة للحفاظ على القانون والنظام، وأن تنشئ البنية التحتية الأساسية، وتوفر الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم للجميع، وخصوصا للفقراء)1
2- والمشاركة (التي تقوم على حرية التنظيم وحرية التعبير)
3- والشفافية (فالشفافية تسمح لأصحاب المصلحة والجهات المعنية بجمع المعلومات التي قد تكون حاسمة في الكشف عن التصرفات الفاسدة وفي حماية مصالحهم. وتمتلك الأنظمة الشفافة إجراءات واضحة لعملية اتخاذ القرارات الحكومية، وقنوات اتصال مفتوحة بين أصحاب المصلحة والمسئولين الحكوميين، كما تجعل مقدارا واسعا من المعلومات في متناول الجميع
4- والمساءلة (مطلب بأن يوضح المسئولون الرسميون لأصحاب المصلحة كيف يتصرفون بصلاحياتهم وكيف يؤدون واجباتهم، وأن يردوا على الانتقادات الموجهة لهم أو يجيبوا على التساؤلات بشأن المهام المطلوبة منهم، وأن يتقبلوا (بعض) المسؤولية عن تقصيرهم أو عدم كفاءتهم أو مخادعتهم. ويمكن لآليات وضع المسئولين في موضع المساءلة أن تكون مشتركة بين الأجهزة المختلفة التابعة للسلطات الحكومية الثلاث؛ ويمكن أن تكون داخل المؤسسة الواحدة كما هو الحال بين المدراء والمرؤوسين؛ كما يمكن أن تتجاوز المؤسسة المعنية إلى خارجها مثلا عندما يتوجب على مؤسسة ما وعلى العاملين فيها أن يجيب مباشرة على تساؤلات عملائهم أو تساؤلات أصحاب المصلحة في تلك المؤسسة. ويمكن لآليات المساءلة أن تتناول قضايا مثل من هم الذين يحتلون المناصب وطبيعة القرارات التي يتخذونها)
طيب نتجاوز السياق التاريخي للمقال في يوليو المنصرم ... ونمشي مباشرةً لمنهج التحليل الاستراتيجي ... الذي يجعل إسقاط المؤتمر الوطني "ضرورة" و "إستراتيجية"؟
وهل "الآن" أو التوقيت جزء من منهج التحليل الإستراتيجي؟
(لأنني بصراحة اعجبت بعنوان البوست ومباشرته ... ثم فوجئت بموضوعه المنحصر في الهجوم على كاتب المقال وليس على المقال ذاته!)
السؤال:
هل هنالك جدوى وضرورة استراتيجية في اجندة "إسقاط النظام" التي ينادي بها البعض بناءًا على نقدهم للمؤتمر الوطني دون طرح رؤية واضحة لنزع فتيل الأزمة؟
وما هي جدوى اجندة التنازل عن التبادل السلمي للسلطة واستبدالها بمشروع "إسقاط النظام"؟
ماهي حسابات الربح والخسارة بالنسبة للشعب السوداني حينها (ونحن نرى الخسارات الآن قبل "إسقاط النظام" ... فلا داعي لترديدها على اسماعنا!)؟
... المهم .....
12-11-2012, 02:22 AM
محمد حيدر المشرف محمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20357
أتفق معك وأضيف فى مقاربة أبعد للمسألة .. لا سيما وقد تناولت أنت التفاصيل ..
لا توجد استراتيجية لا تخدم رؤية محددة تنزلت عنها هذه الاستراتيجية .. فماهى الرؤية التى يخدمها إستمرار المؤتمر الوطنى فى الحكم ؟!! ومطلقا لا تشكل المخاوف عمادا لرؤية خلاقه او حتى غير خلاقه .. فمخاطبة المخاوف لا يلجأ اليها أصحاب الرؤي الا فى أطر تحليلية نحو الرؤي .. ولكن أن تكون المخاوف هى الرؤية .. فذلك من دجل الأمور .. ولا تعدو المخاوف فى هذا الاطار أكثر من كونها سمسم الكاذبين الوفير باستلاف التعبير عن البرغوثى .. أو مدخلا مناسبا لتزييف الوعى .. بالاضافة لكونها حالة تسلل مكشوفة لدغدغة مشاعر الجمهور واستلابها بالخوف ..
هذا من ناحية .. من ناحية أخرى .. "لا صلة لها بذلك المدعى" لابد من تحليل هذه المخاوف جيدا فى الطريق نحو "سودان شمالى واحد ديمقراطى وللجميع" وأهمها على الإطلاق إيجاد الارضية المناسبة لبناء دولة المؤسسات ما بعد الانقاذ .. وتلك الارضية يدخل فى تفاصيلها عاملين مهمين
1/الامن الداخلى بمتعلقاته جميعها وحتى ابعاده الاقتصادية 2/الخارطة السياسية والقانونية للدولة ..
وهذان العاملان لا سبيل لادراكهما دون الانخراط فى حوار عميق وحقيقي بين القوى والفعاليات السياسية .. وبشقيها المدنى والعسكرى.. وهو الحوار المفقود الآن فى معادلات الواقع السياسي الآنى
هى رؤوس أقلام هنا وهناك .. وكما ذكرت لك مقاربة من بعيد تحياتى ..
12-11-2012, 03:18 AM
تبارك شيخ الدين جبريل تبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936
أؤمن على كلام المشرّف بضرورة إيجاد أرضيات بناء دولة المؤسسات والإتفاق عليها أولاً قبل استراتيجية "إسقاط النظام" ... وعلى ضرورة إيجاد هذا الحوار المفقود (الذي تحاول الجبهة الثورية ابتزاز وطنيتنا للإتفاق على رؤاها بلا حوار ورأي معتبر وذو وزن في طاولة الحوار ... فتكون مهمتنا قاصرة على "الإنحياز للمواطن" بالمداهنة و "رفع التمام"!)
Quote: فماهى الرؤية التى يخدمها إستمرار المؤتمر الوطنى فى الحكم ؟!!
استمرار المؤتمر الوطني في الحكم لا يخدم رؤية محددة ... وهو ما يتم التعبير عنه - تهذيبًا - بمصطلح "الوضع الراهن" بدلاً عن نعته بوصف "المشكلة" ...
نحن هنا لسنا بصدد تبرير "المشكلة" وقبول "الوضع الراهن" ... بل بصدد تفسير "الوضع الراهن" وتحليل "المشكلة" في سبيل إيجاد حل موضوعي ...
شخصيًا ... أهتم جدًا باجتثاث ممارسة الإقصاء من أصولها وعدم النزوع لاستراتيجية "إسقاط النظام" بدوافع إقصائية الغرض منها "الإنتقام" من المؤتمر الوطني ...
لأن الإقصائية تنسف المساواه - كما هو واضح من الإقصائية التي يمارسها المؤتمر الوطني - ونزعة الإنتقام تنسف الشفافية ومبدأ المحاسبة التي هي من ضرورات العدل في الدولة المؤسسية التي نصبو إليها ...
وأهتم أيضًا بعدم الإنجرار مع المؤتمر الوطني في تراجعه القهقري عن مستحقات اتفاقية السلام الشامل وسعيه الحثيث لتبرير فاشيّته المفضوحة ... فإن أرادوا التآمر على مبدأ التداول السلمي للسلطة فمهمتنا أن نقطع عليهم الطريق وأن نصر على المبدأ ... لأننا لو فرطنا في التداول السلمي للسلطة فهم أقل الناس حرصًا عليه ... وسيتخذون إقصائيتنا ذريعةً لتأليب الجماهير بمختلف الملل والنحل بغرض صوملة الوضع الذي لا يخدم مصلحتهم ... وقد زرعوا من الفتن العنصرية والطائفية ما يكفي لتفجير الموقف إن ووجهوا بالعنف كوسيلة لانتزاع السلطة ... لدينا في السودان أجيال تربت على أنها تخدم دولة الله في الأرض بالجهاد ضد الشيطان والعلمانية وغلف الألسنة وسود السحنات ... وهذه الأجيال ستنزع للعنف المضاد إن رأت انتزاع السلطة عنوةً واقتدارًا بواسطة الشيطان والعلمانية وغلف الألسنة وسود السحنات ...
فعدم الإقصائية والتداول السلمي للسلطة هما أصعب شرطين لهذا "الوضع الراهن" الذي ينضح بإفلاس الحكم وإخفاقه ... فأين المخرج وكيف السبيل إليه؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Elawad Eltayeb
تبارك شيخ الدين جبريل
محمد حيدر المشرف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست