دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
تداخلات
|
قصة ـــــ تداخلات ــــــــ يحيي فضل الله ـــــــــــــــــــ في عينيه ركضت هواجس ، معالم لا تحد ، خربشات عميقة بين الذاكرة والرؤية ، حدق في كل الناس ، التف بهم ، تداخل مع نبضاتهم ، امتص معهم لحظات الانتظار ، اختنق مثلهم بضوضاء المحطة و لم يقل شيئا لمن داس علي اصابع رجليه بنعلين ثقيلين ، كان واقعيا ، ليس هناك مفر من ان تكون رجلاه جزء لايتجزء من ارضية ممر الدرجة الثانية الممتازة ، حاول ان يجلس انها الممتازة ، عدل عن الفكرة لان تكوينه الجسماني لا يسمح له بالجلوس ، حاول ان يمتص انفعالاته بان يقرأ شيئا من الشعر ، رن جرس المحطة . ـ انت يا خي القطر ده حقك ـ ـ ما قلنا مافي طريقة ، الله ـ ـ الطريقة بعرفا براي ، بس انت اتحرك من الباب ـ ـ والله ما في طريقة ، شوف العربية التانية ـ ـ ما في زمن ، انت ما سامع الجرس ؟ ـ ـ ....................... ـ ـ احسن تتحرك من الباب بالحسنة ـ ـ ......................... ـ ـ خلي عندك دم في وشك ـ ـ يعني داير تعمل شنو ؟ ـ اختلطت الاجساد علي الباب ، غابت الاسلحة البيضاء ودخلت السن في اللحم ، عراك في مساحة ضيقة ، تدخل المطيباتية وانتصر القادم الجديد بينما الآخر يصدر انينا ويصرخ ـ راجل كبير تعضي بي سنونك ـ رن الجرس للمرة الثانية . ـ ـ ـ ـ الدرجة الثانية ............... العرق علي كل جبين ، صرخات الباعة ، ضجيج المزدحمين داخل العربة ، اقدام تبحث عن موضع بين العفش المتناثر في كل مكان. ـ يا اخوانا الناس القاعدين في الشباك ما يرحمونا شوية ـ ـ هبوبك يا الله ـ والكل في انتظار نسمة تهب عند تحرك القطار . سقطت شنطة حديدية ثقيلة علي عجوز كانت تقف بقرب احد المقاعد آملة في فعل المروءة ، صرخت وانفجرت ثائرة ـ الله يلعن سفر الزمن ده ويلعن ناس الزمن ده ، ناس ما فيها رحمة ، لا يعاينو لي صغير ولا لي كبير ، غير الكترة ما عندهم شئ ، ناس مسافرة ، ناس راجعه ، ناس مسافرة ـ و تنفست الصعداء وقالت ـ الله يهون القواسي ـ ـ معليش يا حبوبه ـ قالها شاب كان يجلس وعلي فخذيه جهاز تسجيل ، تحسست هي أثار سقوط الشنطة علي يدها و انفعلت ـ احسن تمسك شنطتك عليك وتمسك لسانك كمان ، عندك نفس تقول لي حبوبه والله مساخر ، ما تعاين لي والله اقوم عليك الا اخليك تتململ فوق جمرا حي ، عليكم الله شوفوا محن الزمن ده ـ آثر الشاب السلامة بعد ان رأي في عينيها عنفا يرغب ان يضع لنفسه موضعا . ـ ما تتكلم تاني ، افتح خشمك تاني عشان احشي ليك تراب ، يا خايب الرجال يا ما مربي ـ التفت الشاب الي الناحية الاخري و تحدث الي جاره . ــ ــ ــ ــ رن الجرس للمرة الثانية انها السابعة ، لاشئ سوي الضجةالمختلطة بالسكون المميت ، السابعة مساء ، كانت هذه اللحظة حتي البارحة القريبة مليئة بالعبق ، لحظة لها انسيابها دون ادني متاعب سوي ذلك العبء الحميم الذي يتسرب بين الانفاس المخترقة لاضواء النيون الخافتة ،حركة الكافتيريا تنبض بالحياة ، يكون هو قد فرغ من احتساء الشاي بتمهل مفتعل رغبة منه في سجن الزمن داخل نشوته و داخل تلك التفاصيل التي تعامل بها ـ رحاب ـ اناملها ، لابد ان الانامل لهاالقدرة علي الحديث ، بل حتي علي الصراخ من خلال اللون الذي طليت به الاظافر ـ ،، ايديك ما محتاجة لي منكير ايديك محتاجة لي ايديا ،، ـ ,, انت ليه مصر علي القصيدة دي بالذات ؟ ،، ـ ,, بس اللون الاحمر ، اسمعي البيت ده بس ، بس ، لاحظي بس دي اعتراضية كيف ، بس اللون الاحمر ، لون حارتنا وكل بيوتا ،، ـ ,, انا افتكر ده اعتراض علي الزينة عند المرأة ،، ـ ,, لا ، ده اصرار علي الزينة ، لكن ياتو زينة ، اسمحي لي اسميهاالزينة التلقائية مش الارتفشيل ،، ـ ,, يعني هسه انت معترض علي المنكير العاملة انا ؟ ,, ـ ,, معترض شنو ؟ انا منحاز لي اللون ده بالذات ,, ـ ,, انا بفتكر انو صارخ ,, ـ ,, ميزتو انو صارخ ، درجات البنفسجي كلها جميلة ,, ـ ,, هيي ، الساعة سبعة و ربع ، انا ماشة الداخلية ,, ـ ماشة تنومي يعني ؟ ، ما نقعد شوية ,, ـ انت ناسي ولاشنو ؟ ، مفروض احضر لي سمنار بكره و ما عملت حاجة غير جمع المعلومات ,, ـ ,, لا ،كده معليش ,, ـ ,, عندك حق الفول ,, ـ ,, لا ، ماخلاص حاتعشي في الداخلية ,, ـ ,, خلاص ، هاك اشتري سيجاير ,, ـ,, ياخوانا ، التوليت ما بختوا فيهو عفش ,, ارتدت خيالاته ، اختناق ، عدل وضع رجليه ، اليسري تنملت ، احس بانه مجبر علي سفر لم يحن اوانه بعد ، يرغب في التدخين ، تحسس السيجارة التي قبعت داخل جيبه ، تلفت حوله ، لكز احدهم في رجله ، نظر الاخر اليه من فوق ، ـ,, سفه ، ممكن سفه ؟ ,, ـ ,, ابدا ما بستعمل يا ظريف ,, ........... دوت صفارة القطار صليل الحديد حين يحتك بالحديد ، الحركة لها فعلها في الناس فالارتياح دب في النفوس ، بدأ اهتزاز القطار يتزايد بينما اختلطت اصوات الناس و افكارهم بايقاع منسجم مع سيمفونية المعادن الناتجة من حركة القطار ، التقت عينان لاحت فيهما معالم مدينة يتناثر فيها الخلق من احياء يصطخبون واموات يمشون عليها من زمن يأتي و لا يأتي ، مدينة تغلغلت فيها مدارات الانتباه المزمن وارتحالات القلق المميت و جرثومة النزلات المعوية ،التقت هذه العينان بعينين جنح فيهما الهدوء و لونت الرغبة فيهما الدفءوالخصوبة ، اصلحت هي ثوبها ، لاحظ هو تنفسها حين نظر الي صدرها الناهد ، ابتسم ، شكل عينيه بحديث مذاب ، حرك فمه بحركة تقول بدون صوت ـ ،، نازلين وين يا سكره ،، احس بكف ثقيلة علي كتفه ، رجل ناهز العقد الرابع ، نظر اليه بخبث و قال ـ ،، ذوقك جميل ،، ـ ، دهش ،ماتت علي لسانه الكلمات ، احس بالخوف ـ ،، الحلوين نازلين كوستي ،، ـ ، ضحك الرجل امتد الحديث بينها ، كان الرجل ثرثارا لايخلو من ظرافة و طرافة ، حكي عن مغامراته ، دون كيشوت في عقلية دون جوان ، اخرج الرجل من جيبه مجموعة من الصور لفتيات اينع الحسن فيهن واختلف و كانت هناك صورة عليها ختم لشفائف حمراء . ............ تك .. تك .. تك ضربات حادة و متقطعة ـ ،، التذاكر يا جماعة ،، ـ تململ الركاب ، حاول بعضهم الهروب فنجح و فشل البعض فتكاثرت علي جيب الكمساري النقود و قلت علي ايدي الركاب الايصالات الصفراء ـ ايصالات الغرامة ـ ـ ،، انتي يا حاجه تذكرتك ،، ـ ـ ،، تذكرة شنو ؟ ،، ـ ـ ،، الله يا حاجه ، انتـي مش راكبه في القطر ده ؟ ،، ـ ،، آجي يا اخواتي ، هسه انت شايفني قاعده في مقعد ؟،، ـ ـ ،، في مقعد ، في الواطه ، طايره ،ياحاجه المهم تذكرتك ، تذكرتك ،، ـ ـ ،، هـي ، كدي ،، ـ ـ، ماشه وين حاجه ؟ ،، ـ،، ودعشانا ،، ـ ـ ،، طيب ودعشانا ، تدفعي حكاية ...... ،، ـ ـ ،، لا بتدفع و ما عندي ،، ـ ـ ،، ده كلام شنو يا حاجه ؟،، ـ ـ ،، ياهو كلامي و ما بزح من هنا شبر ،، ـ صمت الكمساري هنيهة ، نظر اليها بيأس ثم تحرك للأخرين متخطيا غابة السيقان علي الممر . .......... الحصاحيصا أرق لا تمتصه الا الحركة ، عاد الاختناق بتوقف القطار ، تبدو الوقفة ابدية ، احتراس ،هكذا يقولون ، فكر في الخروج واستخدم الشباك كباب رغم ضخامة جسمه ، لامست قدماه الارض ، رغبة عنيفة ان يطلق ساقيه للريح ، تجول في انحناءالمحطة ، دار حول القطار بالجهتين ، احساس بالكأبة يشوبه ارتياح جسماني حيث تحرر الجسم من عقاله و قوقعته داخل الممر ، تمـدد علي التراب ، حدق في السماء ، تململ علي جنبه الايمن ، وخزة حادة ، انه الخنجر ، لازال في مكانه مثبتا علي حزام البنطال ، لابدمن التسلح داخل فناء الجامعة ، احداث العنف الاخيرة تبعها هوس التسلح ، يتذكر الان ،كان يقلب في كتاب ـ تقويم السودان للعام 1945 م ـ ، كان ممتنا للجهد الذي بذله ـ الريح العيدروس ـ في تقديمه لمعلومات اراد ان يستعين بهافي بحثه عن العلاقات المصرية السودانية آنذاك ، كان يقرأ بالتحديد عن اتفاقية 1899م ـ ،، ولما كان السودان جزءا لا ينفصل عن مصر فان وجود الجنود البريطانيين في السودان يقوم علي نفس الاساس الذي يقوم عليه وجود جنود بريطانيين في مصر نفسها و علي ذلك فان الحكم علي وجود الجنود البريطانيين في السودان كحكم وجود الجنود البريطانيين في مصر ، هذا والخلاف بين الطرفين المصري والبريطاني بشأن السودان قد وصل الي عقدة يقدر كل المراقبين السياسيين بانها لا تحل بالمفاوضات والرأي المصري ..... ،،ـ خبط علي الباب ، ترك الكتابة ، فتح الباب ، ادفع ـ قدوره ـ يلهث متعبا ـ ،، جاطت ، خبط تقيل ، النور و عبيد في المستشفي ،،ـ ـ ،،المستشفي ؟؟ ،،ـ ـ ،، النور مطعون ، حالتو خطره ، عبيد مفلوق ،نزف شديد ،،ـ ـ ،، وين الكلام ده ؟ ،، ـ ـ ،، قدام صناديق الاقتراع ، كدي هسه قوم ،، ـ ـ ،، مؤسف ،نمشي وين ؟ ،، ـ ـ ،، اجتماع لازم نستعد ،، ـ ـ ،، حتكون حرابه يعني ؟ ،، ـ ـ ،، ما معروف ، لازم كلو زول يحمي نفسو ،،ـ اتفق الاجتماع علي ضرورة التسلح الفردي ، لم يقتنع بالفكرة تماما ، لم يكن ميالا الي العنف ،لكن ـ رحاب ـ اجبرته علي التسلح و اشترت خنجرين ، اعطته واحدا و علي عينيها جسارة و تمرد . ـ ،، انتي ما محتاجة لي خنجر يا رحاب ،، ـ ـ ،، برضو ؟ ، زي المنكير ،، ـ ـ ،، عندك سلاح اقوي من كده ،، ـ ـ ،، لا عليك الله اقنعني لامن اروح في شربة مويه ،، ـ ـ ،، عيونك يا رحاب ، عيونك اخطر من القاذفات ،، ـ ـ ،، اولا ، دي رده ، لانو ناس الحقيبة قالوها قبلك ،، ـ ،، عارف ،جوز عيونو مدافع السواحل ،، ـ ـ ،، ثانيا ، دي رومانسية ثورية ساكت ،، ـ لا زال الخنجر في مكانه ، ربما لانه من رحاب ، البحث عن طوطم متعلق بها ، سفر اجباري ، هي الي بورتسودان وانا الي الابيض وبين شرق و غرب انهزم الزمن العاطفي امام الزمن السياسي ، لم يبق الا التفلسف ، الجامعة تقفل ابوابها ولاجل غير مسمي ، اخذ نفسا عميقا ، جلس ، تفحص ارجاء المحطة بنظرة لا مبالية ،هب واقفا ، دوت صفارة القطار ، هرول الركاب ، حصل علي ـ سفه ـ من احدهم ، كورها علي راحة كفه ، وضعها علي لثة شفته العليا وبصق مفكرا في امكانية الصعود الي مكانه . .......... السطوح ......... كان مكتظا بالركاب ،منهم من تعود علي معانقة النسمات علي السطح و منهم من ضاقت به ذات اليد فلاذ بالسطح هربا من عيون الكمساري وبديلا عن مطاردات الشرطة و منهم من جعل التسطيح هواية له هربا من الزحمة في الداخل فاذا السطح يضيق و تتلاصق عليه الاجساد. انتفض احدهم هاربا لانه حظي بنظرة قاسية من الشرطي الذي كان يهم الصعود ، ركض مسرعا ليتخطي العربة التي داهمها البوليس ، تجمد فجأة بعد ان قابل شرطيا آخر علي جانب العربة العربة الثاني ، حوصر سطح العربة شرطيين ، اخرج احدهم مسدسه و ضخم صوته ـ ،، يا سلام ، يا سلام علي النسيم العليل ، يا الله اتحركوا انزلوا علي الحراسة وبدون فوضي ،، . اقترب احد الركاب من الشرطي وبعد ممانعات وصلت حد الدلال والغنج ، همس له الشرطي واتحه الراكب الي بقية الركاب الذين صاروا حجارة صامتة الا ان دواخلهم كانت تفكر في المصير ، قابل لسان الراكب اذن بقية الركاب ـ ،، شوفوا ليهم حاجة ياجماعة وارتاحوا ،، دأت النقود تتوافد علي يد الراكب ، جمعها ، ناولها للشرطي الذي جال بنظره علي الركاب ، حولهم سريعا الي ارقام ونظر الي النقود قائلا ـ ،، خلصت منهم كلهم ؟ ،، ـ ،، كلهم ، كلهم يا جنابو ،، ـ،، بس دي بسيطة ،، ـ ،، معليش ، قدر الحال ،، ـ ،، وانت متأكد انو كلهم دفعوا ،، ـ ،، طبعا ، متأكدة ،، ـ ،، لا ، معليش ، نسيت ،، و ادخل الراكب يدا مرتجفة في جيبه و ناول الشرطي ورقة من فئة الخمسة جنيهات وارتاح الركاب علي السطح و تعالي شخير بعضهم طاغيا علي احاديث البعض . .......... سنار ـ التقاطع ................. صراخ حاد ، ولولة مكثفة ، هرول بعدها الناس الي عربةمن عربات النوم ، استطاع احد الاذكياء ان يسرق شنطتين عادت بهما ـ ست النفر ـ من القاهرة انها ـ شيلة ابنها حسن الذي اهتدي اخيرا الي الزواج بعد ان اقترب من الاربعين ، تفرق الناس مع صفارة القطار ، الكل يجري الي مكانه خوفا من ان يضيع . ........... عربة البوفيه .............. انزل عمامته علي فخذه وخلع نظارته و مسح علي رأسه ثم نظر الي عبدالقيوم قائلا ـ ،، شوف يا عبدالقيوم هي المسألة هي المسألة كلها ما محتاجة غير انك تكون متابع ، لانو المتابعة للامور البتحصل في السوق بتخليك تضبط استخدام السلعة التجارية ، يعني ياتو السلعة ممكن تفكها هسه وياتو صنف ممكن تخزن دلوكت وبعدين تفهم حاجة مهمة انو ما كل سلعة قابلة للتخزين ، يعني في سلع ما ممكن تتخزن اكثر من شهرين وسلعة تانية تستحمل تتخزن لمدة سنة يعني لابد من فهم قوانين التخزين الخاصة بالسلع ، انا هسه المخزن بتاعي تقريبا شوالات العيش حوالي عشرة الاف ،، ـ ،، فتريتة ،، ـ ،، لا ، ابدا ، مايو و حانتظر انتاج هبيلا باذن الله ،، ـ ،، والله هسه انا مفكر في الزيت ،، ـ ،، ما انا متكل علي كوتات التموين ،ده طبعا بمساعدة عباس ,, ـ ،،عباس الرسمي ، باللاهي ، ده راجل مفيد،، واحضر الساعي عشاء فاخر ، وضع عبدالقيوم مسبحته الصغيرة ذات الحبيبات المزركشة اللامعة في جيبه و شمر كم جلابيته السكروتة بعد ان وضع مرفق اليد اليسري علي التربيزة ، مصطفي يعلو نفسه حين يأكل مصدرا اصواتا نهمة ، قال و فمه ملئ بثلاثة لحمات و خمشة من الجرير ـ ،، بعد ما اشوف ارباح السنة دي، بعد الجرد طوالي حاكون عريس ،، ـ ،، يا راجل ، بعد ده انت عندك نية عرس ؟ ،، ـ ،، هو البعرس غيرنا منو ؟ ، نحن بس الممكن نعرس و بعدين القروش اصلها ضايعة فاحسن الواحد فينا يستمتع بزينة الحياة الدنيا ، ولاشنو ؟ ،، ـ ،، والعروس ؟ ، نقيتا ؟ ،، وتغير صوت مصطفي الي همس مشحون ـ ،، نازك ، نازك بت حسنين ، يا دوبك كده في كادوقلي العامة ،، ـ ،، في الثانوية العامة بنات ؟ ،، ـ،، يعني حتكون في العامة بنين ؟ ،، وانتشر في عربة البوفيه ضحك متخم و صفيق .
ــــــــ كوستي ......... اختلط ضجيج الباعة و المسافرين ، كوستي تلك المدينة ذات الحيوية العالية ، كان قد تمدد علي الارض مدة ارتاحت فيه عضلاته من التقلص ، بعدها اخذ يتجول بين ارجاء المحطة ، احس بانتعاش بعد ان شرب كوبين من الشاي علي التوالي ، الرغبة في المشي ازدادت ،تابع خطواته دون هدف ، اصوات البوابير من الورشة تختلط برائحة الزيوت القديمة التي تمتزج برائحة السمك ، هربت خطواته من الضجة والرائحة بحثا عن نسمة عليلة ، ادخل يده في جيبه ، اخرج سيجارة من العلبة التي اشتراها في المحطة ، اتجه صوب شجرة نيم ظليلة تقابل شارع الاسفلت المجاور للمحطة ، جلس تحتها واشعل سيجارته ، اخذ نفسا عميقا وهو يتابع عربات الكارو واللواري والعربات الصغيرة و عربات التاكسي البيضاء و هي تخرج او تتوغل داخل المدينة ، احس بوخز الخنجر علي جنبه ، قفزت الي ذهنه الهراوات والدماء التي سالت ، عدل من وضع الخنجر ، انها رحاب تلك المتمردة الجميلة ، انها تتجلي لي ن خلال هذا الخنجر ، تتعمق صورا في داخلي ، كلما احس بالخنجر اشك في انني اصبحت طوطميا ، تري هل كانت محقة حين اشترته لي ؟ ـ ،، الخنجر معاك ؟ ،، ـ ،، خليتو في الداخلية ،، ـ ،، ليه يعني ؟ ، تقيل ؟ ، ما بتقدر تشيلو معاك ؟ ،، ـ ،، رحاب ،ما ضروري كل يوم الواحد يشيل معاهو خنجر ، يعني بس .... ،، ـ ،، بطل التنظير الكثير و حقو ترجع لداخلية تجيبو ،، ـ،، رحاب ، ما ضروري ،، ـ ،، شنو الماضروري ، ممكن تحصل اي كعة ،، ـ ،، نحن وين؟ ، في تكساس ؟ ،، ـ ،، في تكساس ، في الفسطاط ، المهم لازم تكون مسلح ،، ـ ، رحاب ، انتي ايفة علي ؟ ،، ـ ،، عليك الله بطل الرومانسية بتاعتك دي وارجع الداخلية ،، ـ ،، انت مدياني فرصة اكون رومانسي ؟ ،، ـ ،، يا ود خليك قدر الموقف ،، ـ ،، طيب ، القاك وين ؟ ،، ـ ،، في الكافتيريا ، طبعا ،، لا ادري كيف اصبح الخنجر مألوفا لدي ؟ ، رحاب لديها القدرة علي جعل كل الاشياء تبدو اليفة و منسجمة ، حتي السلاح ، قدرة متميزة في التعامل مع الاشياء ، كل الاشياء ، انا مصر علي انها تستطيع ان تكون مركزا لكل الكون ، يبدو انني اعطيها مميزات خارقة ، طبعا انه الحب ، الحب يفعل العجائب . صفارة طويلة ، ركض مسرعا نحو القطار . .......... الغبشه ......... تناثر الركاب علي الارض ، رمال ناعمة و مغرية للنوم خاصة ان كثرة الامطار في المحطات القادمة اوقفت القطار. ـ ،، اطعن بي هنا ،، تجمع بعضهم يلعبون ـ الضالة ـ ،، خلي يطعن هنا وانت اطعن هناك ،، ـ ،،انت راجل راك ، هنا ،، و جاءت صرخة جميلة ـ ،، ايــوه الشاي الشاي السخن يا ،، وتحول الصوت الي غناء مبحوح ـ،، الشاي جميل هبهانو تقيل و مويتو من النيل ،، و دوت صفارة القطار فاهتزت جوانب بائع الشاي و بصق ـ السفه ـ بعد ان وضع براده علي الارض ـ،، الله يلعنك يا الشؤم ،، داعبه احد الركاب و هو يركض ـ ،، معليش يا عمو المره الجايه ،، .......... الدرجة الثانية الممتازة ......................... كانت هناك علي الممر الذي هو فيه يدان تعبثان بنهدين لم يتذوقا اللمس بعد ، وتضايقت الصبية و قالت بصوت احتواه الأنين ـ ،، يمه ، يمه ، القاعد معاك فوق الكرتونه منو ؟ ،، ـ ،، يا مني مالك ؟ ،، ، ردت الوالدة التي كانت قرب التوليت ـ ،، الحته دي ضيقة يمه ،، ـ قالت مني و الأنين لا زال في صوتها ، قام صاحب اليدين العابثتين من شنطته التي شاركته فيها الصبية الجلوس و قال بصوت مرتبك ـ ،، طيب ، ارتاحي كويس ،، ـ ،، لا ، لا ،، قالت مني بغضب . و من بعد بعيد قالت والدة مني ـ ،، يامني مالك يابت ، يا حماد ، شوف اختك مالا ،، ـ ،، اقعدي خلاص ،، قال صاحب اليدين العابثتين وانفجرت مني ـ ،، ما تتكلم معاي يا وسخ يا صعلوك ،، وتدخل حماد بعد ان فهم من عيون اخته ما الذي حدث و صفع صاحب اليدين العابثتين واشتبكا حتي ان المسافة الضيقة في الممر صارت اوسع علي بقية الركاب ،عاد هو من افكاره المتشعبة ليراقب الموقف الذي يحدث الان ، صرخة حادة من احد المشتبكين وارتطم جسمه بارضية الممر بينما وقف حماد و في يده سكين تسيل منها الدماء ، تلتخطت ارضية الممر بالدماء وتجمهر الركاب واحس هو بالغثيان والدوار ،انتابته رغبة عنيفة للانفلات من هذا المكان ، تجمدت افكاره علي شئ واحد هو الخنجر ، تحسسه جيدا ، اخرجه من مكانه ، الاشتباكات امام صناديق الاقتراع ، السكين في يد حماد ، عصي من السيخ ، عيون رحاب المتمردة ،الخنجر في يده ، شعارات انتخابات الجامعة ، الدماء علي الممر ، القطار يبطئ السرعة ، الخنجر في يده ، اخرج رأسه من الشباك ، بدأت ملامح المحطة تبدو ، الغثيان ، الدوار ، ضجة الركاب ، الدماء علي الممر ، القطار يبطئ السرعة ، شعارات الانتخابات ، ضحكة رحاب الساخرة ، الخنجر في يده ، رأسه يطل من الشباك ، الرمال بدأت تنمو عليها الخضرة ، صبية و اطفال يركضون ، يسألون القطار خبزا ، غثيان ، دوار ، قذف بالخنجر ، انغرز علي الرمال التي بدأت الخضرة تنمو عليها ، تسابق الاطفال نحو الخنجر يحسبونه خبزا واستطاعت صبية ان تفوز به لكبر سنها ولخفتها ، اخذت الخنجر واتجهت نحو القرية و هي تصرخ ـ ,, يـمه ، يـمه البشاره البشاره يـمه البشاره ،، وابتسم هو من خلال دموعه .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: Nagat Mohamed Ali)
|
الاخ Ash شكرا لهذا الانحياز حد الافراط مع كثيف مودتي وتقديري ============================ الاستاذة نجاة محمد علي هميم الشكر للمتابعة والتعليق وحتما ستكون هناك نصوص قادمة عارم التحايا للاستاذ الحميم عبد الله بولا وللبنيات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: Abd-Elrhman sorkati)
|
الاخ عبدالله الرحمن سوركتي شكرا علي الطلة كلما اعيد قراءة هذه التداخلات احس بانها نص سينمائي جاهز واحس ايضا ان فن السينما في السودان مظلوم وانت احد مظاليم هذا الهوي تحياتي للاصدقاء المعاك مع هميم الود و التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: Yahya Fadlalla)
|
وبمناسبة السينما المظلومة، كتب إلينا علي عبد القيوم، من الدوحة، قبل رحيله الفاجع ببضعة أشهر، أن الظلاميين أعدموا النسخة الوحيدة المحفوظة لدى مؤسسة الدولة للسينما من فيلمه "الزار". لحسن الحظ، أن هناك نسخةٌ محفوظة لدى الجهة الفرنسية التي انتجت الفيلم ضمن أفلامٍ أخرى لإبراهيم شداد وصلاح شريف.
تحياتي لك وللأستاذة هادية وللأستاذ سوركتي نجاة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: Yahya Fadlalla)
|
العزيز يحي..
كل ما أقرأ التداعيات أحس بدنيا غائبة.. او فقدناها..
هذا القطر.. هو الحياة..
..
تخريمة: انتظرت المحطة البعدها.. يمكن تكون الرهد.. فلي بها ايام طفولة غاليات..
لك ومن معك الود..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: Yahya Fadlalla)
|
عالم يحي فضل الله القصصي دراسة في تشكيل الفضاء السردي! قصة تداخلات نموذجا معاوية البلال ابريل 1994 مجلة الخرطوم الأستاذ يحي فضل الله لقد قرأت هذه الدارسة قبل قرأت القصة بعشر سنوات ولم أقراء القصة إلا الآن لم يتيسر لي نص القصة. كما أود أن اعرف رأيك في دراسة معاوية البلال.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: almohndis)
|
الاستاذة نجاة محمد علي مما لاشك فيه ان هولاء الظلاميين قد ركزواعلي محاربة كل الفنون بل و التمادي في ذلك حد تفريغ التجليات الفنية ذات الرسوخ في الذاكرة السودانية ، مثلا اغنية الحقيبة ، في البداية حاربوها بعدم البث في الاذاعة و التلفزيون وعاهم الان يعيدون صياغة كلماتها مع الاحتفاظ باللحن وذلك بما يتماشي مع المشروع الحضاري وتلك الفكرة الخبيثة ( اعادة صياغة الانسان السوداني ) فبدلا ان تسمعي يا نجاة اعاين فيهو و اتأمل اراهو الدمع يتبلل ستسمعينها بصياغة جديدة لتتحول هذه الاغنية الجميلة الي مدحة مشوهة مطلعها كالاتي ( نبينا في ربيع اول) و لعمري هذا مدح بما يشبه الذم اما عن ظلم السينما فحدث و مليون حرج كان هناك فيلم اسمه ( البقعة ) و هو عبارة عن ثلاثة افلام صغيرة تربط بينها بقعة امدرمان وهي تتفاعل مع ثلاثة احداث كبيرة مرت بها ، الحدث الاول امدرمان و الجفاف و التصحر وهذا الجزء من اخراج الاستاذ ابراهيم شداد ، تمثيل الرشيد احمد عيسي ، الحدث الثاني ، امدرمان والسيول و الامطار وهذا الجزء من اخراج الاستاذ عبد الرحمن نجدي و تمثيل تماضر شيخ الدين و فيصل احمد سعد ، الجزء الثالث ، امدرمان و النازحين من الجنوب و هذا الجزء من اخراج الاستاذ سليمان محمد ابراهيم تمثيل السماني لوال انتهي تصوير فيلم البقعة وارسل الي معامل لندن للتحميض و من ثم المونتاج وهنا رفضت دولة السودان العظمي دفع اجر المعامل لان هنالك اولويات وقبع الفيلم هناك ولكن استطاع ابراهيم شداد بعلاقات قديمة مع اصحاب المعمل الذين يقدرون امكانيات شداد استطاع ان يحمض و يمنتج الجزء الذي يخصه فكان ان حصل هذا الفيلم علي جائزة النقاد في مهرجان للافلام القصيرة في كلفورنيا في منتصف التسعينات ، الفيلم بعنوان ( انسان ) و قد عرض لاول مرة بالسودان قبل شهر تقريبا بمركز عبد الكريم ميرغني و لا احد يعلم حتي الان ما هو مصير بقية فيلم البقعة وحين كان ابراهيم شداد يستعد لاخراج فيلمه الروائي ( النيل و الضفاف ) في العام الاول من التسعينات وقد اكتملت كل التفاصيل ولم يبق الي الذهاب الي معسكر العمل تم حل مؤسسة الدولة للسينما لتبقي الدولة في حل من هذا الفن العظيم هكذا يا نجاة ، وتبقي دائما في البال امكانيات السودان بتنوعه الثر في الملامح و السحن والطقوس و العادات و الشعائر الدينية والتعدد في المناخات والمشاهد الطبيعيةو اضف الي ذلك كله امكانية استلهام التاريخ بشخوصه واحداثه و لاننسي صراع انسانه المعاصر مع تفاصيل الحياة ، كل ذلك يجعل من السودان كنز سينمائي ثر هميم شكري استاذة نجاة واتمني ان تتحقق احلام السينمائيين وكل المبدعين في جميع المجالات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: Yahya Fadlalla)
|
الاخت الصديقة رجاء العباسي اوعدك ان اوصلك الرهد في نص اخر ، ( الرهد اب دكنه مسكين ما سكنا ) عارم تحياتي لكل الاصدقاء =============================================================== الاخ نوبي كلنا من ركاب هذا القطار كثيف شكري ================================================================= الاخ المهندس اولا ، اثمن هذة المتابعة جدا دراسة معاوية البلال لهذا النص ، دراسة موفقة الي حد كبير لانها استطاعت ان تكشف و تستكشف علائق في النص كمفاتيح تأويلية مكع تحياتي للاصدقاء المعاك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: Yahya Fadlalla)
|
الأخ الفنان يحى... جميل ومدهش وممتع، شيق وجذاب و..و.. هذا النص..فلك عميق الشكر ولكني مثل أختي رجاء أيضا طربت بشكل خاص عندما ذكرت الأبيض:
Quote: لا زال الخنجر في مكانه ، ربما لانه من رحاب ، البحث عن طوطم متعلق بها ، سفر اجباري ، هي الي بورتسودان وانا الي الابيض وبين شرق و غرب انهزم الزمن العاطفي امام الزمن السياسي ، لم يبق الا التفلسف |
فقلت إذا سنصل الأبيض، على الأقل ستكون آخر محطة بالنسبة لك... هكذا نحن بالمنفى، نتعلق ونشجى لكل ذكر لمواطن الذكرى والطفولة، رغم أنها لم ولن تغيب عنا لحظة... لكل الود..ونطلب المزيد... والمزيد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: بلدى يا حبوب)
|
يحي الاديب المتكامل الذي يغطي كل الزوايا و المساحات ، بتمشي وين انت ؟ انت قايل علي كيفك ، ما نحنه بنستني جن الكلام ده . الحاجات الراقيه دي بترفع الناس . انت طبعا كنت بتمشي المشوار ده من الشماليه لي كادقلي . انا كنته بنزل في كوستي و بواصل للجنوب بالباخره . كلامك ده اشم حتي ريحة القطر و الزواده . المنولوجيست بلبل كان يقول لا تمحنا و لا تبلينا ، و شر السكه حديد تكفينا ، درجه رابعه تقول ترماج ، و مويه زيره نحل الشاهي ....الخ . لك التحيه شوقي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تداخلات (Re: shawgi badri)
|
الاخ حبيب نوره شكرا وانت تمارس هذا التسكع وفي زقاقات ضيقة في النص حاول تديها غشوة ================================================================ الاخ راشد انت قايل الكلام ده انا بجيبو من وين? ، ما من العمات و الخالات والحبوبات و بالذات المخرفات هميم شكري وتقديري ================================================================== بلدي يا حبوب جدا وتشكر علي الطلة هنا ================================================================د الصديق الوناس الحميم شوقي بدري انا مشتهي معاك عشرة ونسة ولو بتعرف ليك زول حافظ محطات السكة حديد في كل اتجاهات السودان كلمني ، طبعا يا شوقي انا شاكي انك بتكون حافظا ، المهم انا مغروض في المحطات دي لانو عندي قريبا لي كان ببيع الشاي في القطارات و عايز احتفي بيهو وشكرا علي الطلة يا هميم
| |
|
|
|
|
|
|
|