|
سقوط أمريكا بقوة
|
طرح اقتصادي أمريكي مرموق عدداً من الآثار السلبية التي ستطول الإقتصاد الأمريكي في حال سجلت أسعار النفط ارتفاعاً اضافياً عن معدلاتها الحالية. ويقول مارتن فيلدستين أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد ورئيس المكتب الوطني الأمريكي للأبحاث الاقتصادية أن الإرتفاع سيؤدي إلى "سقوط أمريكا بقوة"
وإلى تفاصيل المقال:
Quote: لأسباب تتعلق بأسعار النفط .. اقتصادي عالمي يتنبأبسقوط أمريكا الاقتصادية - لندن - 16/01/1427هـ أدى ارتفاع سعر النفط المستورد في الولايات المتحدة بمعدل الضعف بين صيف 2003 وصيف 2005 إلى تناقص القوة الشرائية للمستهلكين بما يناهز 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن التباطؤ الاقتصادي الذي كان يتوقع حدوثه على نطاق واسع لم يحدث أبدا. وواصل المستهلكون الإنفاق، فيما استمرت الشركات في تنفيذ استثماراتها، وارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.9 في المائة. هذا النمو القوي المستمر يتناقض بشدة مع الضعف الاقتصادي الذي كان يعقب عادة كل زيادة ملموسة في أسعار النفط في السابق. إذن كيف يمكننا تفسير هذا الاختلاف الملحوظ؟ وما التداعيات المحتملة للاستجابة لزيادة أخرى في الأسعار؟ العامل الرئيسي للقوة الاقتصادية خلال 2004 و2005 هو تراجع مدخرات الأسر، الذي تزامن مع الارتفاع الحاد في سعر النفط، إذ انخفض ادخار الأسر من 2.5 في المائة من الدخل الصافي في الربع الثالث لعام 2003 إلى ناقص 1.8 في المائة بعد عامين. وهذا التغير في الاتجاه الذي يبلغ 4.3 في المائة من الدخل الصافي يعادل ارتفاعا في إنفاق المستهلك يبلغ 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبحساب الدولار، هبط الادخار من 205 مليارات دولار كمعدل سنوي في الربع الثالث من عام 2003، إلى معدل سنوي يبلغ 159 مليار دولار بعد عامين. وهذا التغير في الاتجاه البالغ 364 مليار دولار في المعدل السنوي للادخار تجاوز بدرجة كبيرة انخفاض الدخل نتيجة للتكلفة الأعلى للنفط. وأتاح انخفاض معدل الادخار للأسر زيادة الإنفاق الاستهلاكي على السلع والخدمات غير النفطية، رغم دفع أسعار أعلى مقابل النفط المستورد. والسبب الرئيسي في تغير الاتجاه الجذري هذا هو هبوط أسعار الفائدة والارتفاع الناتج عنه في تمويل الرهن. وملاك المساكن الذين أعادوا تمويل رهوناتهم سحبوا السيولة وخفضوا دفعياتهم الشهرية في الوقت ذاته. ومعظم السيولة التي تم الحصول عليها عن طريق إعادة التمويل أنفقت على السلع الاستهلاكية المعمرة، تحسينات المنازل، وما شابه ذلك. والواقع أن الدفعيات الشهرية الأقل وفرت معدلا أعلى من الإنفاق المستدام على جميع الأصناف. ونما دين الرهن بنحو ثلاثة تريليونات دولار منذ نهاية عام 2000 إلى نهاية عام 2004، وهو مبلغ يعادل تقريبا 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع أن أكثر من نصف إقراض الرهن كان نتيجة لإعادة تمويل الرهونات الموجودة. ورغم أن بعض أموال إعادة التمويل استخدمت من أجل تسديد ديون أخرى، أوضحت دراسة أجريت بواسطة مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أن نحو نصف أموال إعادة تمويل الرهن استخدم في إنفاق استهلاكي جديد، وهو مبلغ يتسق مع التأرجح في الادخار المتراكم وإنفاق المستهلك. والزيادة السريعة لإنفاق المستهلك دفعت الشركات إلى تنفيذ المزيد من الاستثمارات، وبالتالي زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، كما أدت إلى الزيادة المتسارعة في نمو التوظيف وانخفاض معدل البطالة. وتشهد معدلات سعر فائدة الرهن تراجعا مطردا لأن تخوف مجلس الاحتياطي الفيدرالي من إمكانية حدوث ركود اقتصادي دفعه إلى خفض سعر فائدة الأموال الاتحادية قصيرة الأجل (الذي يتخذ أساسا لإقراض البنوك بعضها بعضا) إلى مستوى منخفض لدرجة كبيرة بلغ 1.0 في المائة خلال 2003، والتخلي عنه في النصف الأول من 2004 لبدء زيادات متدرجة في أسعار الفائدة. وبسبب سعر الفائدة قصيرة الأجل هبطت فوائد الرهن في 2003 من 6.1 في المائة في بداية العام (وأكثر من 7 في المائة بعد عامين) إلى 5.5 في المائة في بداية عام 2004. وحفزت فوائد الرهن المتدنية إعادة التمويل، كما حفزت الزيادات التدريجية التالية في أسعار الفائدة المزيد من إعادة التمويل بواسطة ملاك المساكن، الذين عمدوا إلى الاقتراض قبل حدوث زيادة أخرى في أسعار الفائدة. وكان الأثر القوي لإعادة تمويل الرهن على إنفاق المستهلك بمثابة المصادفة السعيدة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، في وقت بدأت فيه أسعار النفط الضغط على المداخيل الحقيقية للمستهلكين. ولو قدر لأسعار النفط مواصلة ارتفاعها مرة أخرى في 2006 أو 2007، فإن الأثر العكسي على المداخيل الحقيقية للمستهلكين لا يمكن تخفيفه عن طريق إعادة تمويل رهن مرتفعة، لأن إعادة تمويل الرهن وصلت إلى ذروتها الآن ومن ثم بدأت في التراجع. ولجأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة مرة أخرى لمواجهة الضغوط التضخمية المستمرة نتيجة لتكاليف الطاقة المرتفعة، ولم يعد الأفراد يملكون مبالغ طائلة من أسهم الأسر التي يمكن إقراضهم مقابلها. والزيادة في أسعار النفط يمكن أن تحدث في أي وقت في ظل شح الإمدادات النفطية العالمية والطلب المتنامي من الصين ودول آسيوية أخرى. وعلى ذلك، فإن أي صدمة تؤدي إلى خفض الإنتاج أو عرقلة عمليات شحن النفط ستدفع أسعار النفط إلى معدلات عالية، كما أن قوى المضاربة يمكن أن تعقد هذه المشكلة. وكانت الولايات المتحدة محظوظة بعد عام 2003 ونجحت في تجنب أثر ارتفاع سعر النفط حتى بدون إحداث أي تغيير ملموس على السياسة النقدية أو المالية، لكنها ربما لا تكون محظوظة بالقدر نفسه إذا حدثت زيادة كبيرة في سعر النفط مرة أخرى. ــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد ورئيس المكتب الوطني الأمريكي للأبحاث الاقتصادية |
المرجع: جريدة الإقتصادية السعودية الصادرة صباح اليوم 15/2/2005م بالرياض الموقع: http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=13059:
|
|
|
|
|
|