|
من المؤلم جدا ان يموت الناس لمجرد انهم فقراء .. عبدالباقي الظافر
|
Quote: في نهاية رمضان اخبرتني احدى زميلاتي باخر لحظة ان صبيا في حوجة ملحة الى جرعة من العلاج الكيميائي..انفعلت بالامر رغم حرج التواصل مع من بيدهم المال..رجل اعمال لا يحب الاشارة لاسمه ابدى استعداده الفوري..مهندس شاب كان بالمكتب تولى توفير ثمن الجرعة الأولى ..سافرت في اجازة خارج الوطن ونسيت امر الصبي..عادت زميلتي واخبرتني ان اسرة الصغير فشلت في تدبير ثمن الجرعة الاخيرة ومن ثم كتب على المريض اعادة تجرع الدواء المر في دورة جديدة..المشكلة ان الدواء متوفر بصيدلية مستشفى الذرة ولكن يصعب الوصول اليه لاصحاب الدخل المحدود..ومن لا يتحصل على الدواء الغالي كتب عليه الموت في بلدنا الحزين. العم إبن عوف كهلا يفيض حيوية..عندما ضربت الامطار الخرطوم وقع على ارضية منزله المكسوة من السراميك..ابناؤه وبناته هرعوا به الى اقرب مشفي..الوصول الى المدير الطبي المناوب في جوف الليل كان مهمة غاية الصعوبة..بعد ان تم ايقاظ الرجل من نوم عميق كانت اجابته عفوا ليس لدى المستشفى التركي عربة اسعاف..تطوع الطبيب ومنحهم رقم عربة اسعاف خيرية..عندما تأخر الاسعاف حمل الابناء ابيهم ينزف دماً الى مستوصف خاص..مليون ونصف جنيه قيمة الاقامة تحت عناية الاطباء في الليلة الواحدة..غرفة الانعاش كانت تمتليء بالمرضى حتى تفيض..الازدحام على المشفى الخاص كان يحرر شهادة وفاة لمشافينا الحكومية. كان ذلك امر الصبي الذي كتب عليه انتظار الموت..طالبة في السنة النهائية بكلية الهندسة كانت اقدارها مختلفة غاية الحزن..الاستاذ المشرف على بحث تخرجها كان يرسل رسالة في هاتفها الجوال يستعحلها على اتمام بحث التخرج..مساء الاربعاء الماضي ولجت الشابة الى المطبخ لتصنع العشاء لاخوتها..القدر يجعل البوتاجاز يثور في وجهها..خرجت الفتاة من المطبخة والنار تلتهم اطرافها..في مستشفي بحري تعذر انقاذها بحجة عدم توفر الاوكسجين.. ذويها اخذوها لمستشفي الخرطوم ولم يكن الحال بافضل..اخيرا قرروا البحث عن الاوكسجين في مشفى خاص..قبل الوصول الى هنالك اسلمت المهندسة الروح الى بارئها وقيد البلاغ ضد الاقدار. مرت على هذه المشاهد وانا اتذكر لقاء جمعنى بوزير الصحة بولاية الخرطوم..امتد اللقاء الى ما بعد منتصف الليل..خرجت من ذلك الاجتماع بانطباع جيد ان البروفسور مامون حميدة يمتلك خارطة طريق للخروج من نفق التردي الصحي..الوزير كان يتحدث بحماس ورؤية عن توزيع العناية الصحة الى اطراف العاصمة..فكرة الوزير التي لم نتحسسها كانت تقوم تزويد المراكز الريفية بخدمات صحة وكوادر طبية تجعل العلاج في متناول يد الفقراء الذين لايملكون حق الركشة. مضى وقت غير يسير ونحن في انتظار اصلاحات حميدة..هل يعقل ان تكون مستشفيات بحجم المستشفى التركي بدون عربة اسعاف..من غير المقبول ان يموت الناس في السودان من نقص الهواء والدواء. اتمنى من وزير الصحة مامون حميدة ان يضع خطة اسعافية من مائة يوم لتوفير مائة عربة اسعاف. من المؤلم جدا ان يموت الناس لمجرد انهم فقراء في بلد لا تهتم الحكومة بصحة الانسان.
|
|
|
|
|
|
|