|
Re: دكتور منصور خالد يرد على الطيب مصطفى (Re: بكرى ابوبكر)
|
الأخ الحبيب بكرى
أنحنا قبيل شن قلنا
هذا الرجل إمتلك ناصية الحرف والكلم وإن هذا المقال يمثل تحفة أدبية يتزين بها جيد هذا البورد الأنيق. بعد هذا إن أخشى ما أخشاه هو أن يحاول الطيب مصطفى الرد لأنه سيجهل بنفسه
لقد أعجبنى فى مقال الدكتور ختام حديثه قائلاُ
الإنقاذ اليوم في حاجة إلى إنقاذ، وطوق النجاة الوحيد أمامها هو ماشاكوس، وما الدعوة لفصل الجنوب إلا محاولة لتأجيل يوم الحساب.
منصور خالد
حقاً صدقت يا دكتورنا الهمام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دكتور منصور خالد يرد على الطيب مصطفى (Re: WadalBalad)
|
شكرا جزيلا يا بكري ليس هذا فحسب يا بروفسر بل امتلك الشجاعه والمصداقيه التي تفرق بين المفكر العالم ببواطن الامور المثقف الحق واسع المعرفه والافق وبين جهلاء القوم وفقر كتاباتهم و سطحية تفكيرهم وانغلاق افقهم ومن ابتلاءاتناالعظمي ان يعتلي مراكز القرار اجهل الناس فينا
| |
|
|
|
|
|
|
لا تعليق (Re: بكرى ابوبكر)
|
الأخ العزيز بكري مكرر الأخ أبو يوسف مكرر الأخوة الكرام
حقاً ما عرض هنا درس يحمل كل المعاني السمحة وكل الأصول التي يجب أن يكون عليها السياسي. المتابع للنص يجد أنه لم يتعرض بالنقد أو السباب للشخص المعني به الرد بل كان السرد لحقائق تاريخية موثقة وللمصادر التي يمكن الرجوع إليها ويقيني أن فعل كل سياسي بالسودان مثل هذا لكنا في مصاف الدول المتقدمة الأن بغض النظر عن اللون أو الطعم أو الشكل السياسي
لا أجد كلمات أعلق بها علي هذا سوي أنه إبداع حقاً إبداع بكل ما تحمل الكلمة من معاني وكفي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دكتور منصور خالد يرد على الطيب مصطفى (Re: Shinteer)
|
الأ خ بكري الإخوة والأخوات أعضاء البورد
لأهمية هذا الموضوع أقترح أن يتم فتح بوست خاص يجمع مقالي الطيب مصطفى والردود التي تلتها ويا ريت =============================================================
حق الوطنيين في التفكير .. يا غازى
يوهانس موسى فوك [email protected]
قال نابليون بونا برد وهو يحاكم أحد الخونة :إن من خان وطنه كمثل الابن الذي سرق مال أبيه ليطعم به اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللصوص يكافئوه . لقد أثار مقال د. غازى صلاح الدين العتبانى الذي نشر في جريدة سودانايل بعنوان )حق الأغبياء في التفكير) موجه من التساؤلات ..أهمها ما المغزى من تعقيبه على دعوات الطيب مصطفى في هذا الوقت بالذات ؟؟ والحقيقة المحرجة لعتبانى هو أن المقال فى طياته يركز على نقطة واحدة هى العلاقة بين الشمال والجنوب .. .. ولم يضع في حسبانه ان معارضته أو نصيحته كما تفضل لأخيه الطيب مصطفى ليست بالضرورة أن يجعل ابناء الوطن الأصليين أغبياء عنده لمجرد انهم عبروا عن أراءهم حول قضيتهم .. ومن خلال تحليل الكاتب لدعوة الطيب مصطفى نجد انه لم يضف جديدا غير المزايده بشخصية الطيب حتى يصفه بالجعلى النموذجى تارة و بمن نفد صبره تارة اخرى .. ولم يشر بصراحة الى ان هناك شعب فى الجنوب يعانى ... إلا انه اعتبر المشكلة تلقى عليهم كل يوم ثقل جديد ،ولأ افهم هو ومن؟؟؟...الحكومة ام الشماليون ؟؟؟ وهو امتحان فى نظر الكاتب .. بالانطلاق من منطق واحد هو: ان الشمال سينجح فى توحيد السودان بالسيف؛؛ِِِِ
تطرق العتبانى الى نقطة خطيرة جدا بقوله: (قد تعزينا قراءة التاريخ اذا لحظنا ان احوال الجنوب فى بعديها الثقافى والاجتماعى تمضى فى نسق حتمي يدركه من يدرسون حركة الزمان والناس ولا يحتاج المرء ان يطمح ببصره بعيدا فى المستقبل ليرى ذلك فالذى تحقق حتى هذه الساعة من الإستقرار والنماء والتحول الموجب فى علاقتنا بالجنوب اظهر من ان يستدل له (لكنكم قوم مستعجلون)...).
ولعل الحرب الأهلية الدائرة حاليآ هي التى عكرت مياه النيل وادخلت علينا عناصر دخيلة ..وهذه العناصر تمكنت من التوغل الى صميم السلطة واصبحت جزاء من المشكلة التى يعانى منها الشعب السودانى. لكن دعونى افيد النائمين اللذين لا زالوا يعتقدون ان الجنوب باب سيفتحه المسلمون .. بأن الجنوب حاليا وقف على رجله اليسرى فقط ..ومسك الرمح بيده اليمنى ..فاحترسوا لأن الكرة بملعبه .. وهو الذى سيقرر ..اكرربانه سيقرر مصير علاقته مع الشمال .. ولم يعد بعد الان قرار الانفصال او الوحدة فى قبضة الطيب او عتبانى حتى لايكون ذلك نقطة الجدال بينهما. ولقد استخلصت من كلام غازى شيئين .. الأول (محاولة حجب الحقائق) .. فهو انفصالى ولايريد ان يجهر الإنفصاليون بهذه الحقيقة حتى لا ينعزلوا... فمن يحب أرضاً ولا يحب شعبه لا يمكن ان يدّعي الوحدة. والثانى هو انه حاول ان يطمئن الشماليين الذين قبلوا به فى الشمال ان الحكومة الانقاذ حريصة على وحدة السودان . ولكن ولابد ونحن نتكلم عن مصير العلاقة بين الشمال والجنوب ان نعيد الى الأذهان بعض الملاحظات الأساسية فى هذا الصدد وان بدأ بعضها مكررآ. ان هذه العلاقة هي التى توفر له هذا الثقل السياسى والاهتمام الدولى والآفاق المستقبلية لم تتوفر له (بنية الثقة) تحمي حركته من برجماتية او اسلوب المقايضة ، وذلك انه ينمو فى الوقت الصعب الذى يمر به السودان .. مرحلة الصراع الفكرى الذى تقوده الأحزاب السودانية، فحزب الأمة مثلا يمثلون طائفة الأنصار والاتحادي الديمقراطي (الختمية) اما الجبهه الإسلامية فهى صاحبة فكره التوجه الحضارى والدوله الإسلامية وترى ان الجنوبيين كفار واجب تعريبهم واسلمتهم بالقوة . وبالتالى لاتعتبر هذه الأحزاب تجسيدا فعليا للمركب المعتقدي الذى تقوم عليه الحركات التحررية الأصلية، وينتج عن هذا بالضرورة ثقل المشكلات او التمايزات الداخلية للمجموعتين الشمالية والجنوبية من جهة وسهولة الاحتواء الخارجى الذى نراه رأي العين من قبل الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من جهة اخرى. وحيث اننا معنيين فى هذا المقال بفحص دور الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان فى اطار العلاقة بين الشمال والجنوب –الفاترة- بالتاكيد .. فاننا لابد ان نعالج التساؤلات التالية: 1:كيف يتم بناء الثقة التى لم تكن موجودة اصلا بين الشمال والجنوب .. والعبارات الجارحة مازالت تردد بالتواتر (الجهاد فى الجنوب). 2:على اى اساس تقوم العلاقة .. والأطراف غير متجانسه ولن تنصهر لأن الإسلام لا يسمح بزواج المسيحى من مسلمة . هل اهل الشمال سيقبلون بالمساواة مع اهل الجنوب؟. لم يكن ثمة مفر من حقيقة مفادها ان الإنفصال سيأتى فرضا من الشماليين قبل ان يقرره اهله .. وذلك بعنادهم المتعمد فى عدم مواجهه الحقائق، ورجل كغازى وهو مستشار الرئيس لشئوون السلام كان يفترض ان يتحلى بعبارات مشجعه للطرفين بدلا من الغرق فى الخناق .. واكثر عباراته دائما مثيره للجدل ومثل هذاه العبارات لا تخدم إلا الإنفصال والكراهية الدينية ،وتكون تاريخا غير قابل للنسيان وتزيد المسافة بعدا بين الشمال والجنوب وترفع نسبة الحقد والكراهية بين الأجيال القادمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دكتور منصور خالد يرد على الطيب مصطفى (Re: nadus2000)
|
قراءة في مقال غازي صلاح الدين الإسلاموعروبية: فلكلور القلب، أركيولوجيا الأمنيات، ثم العودة من مكة إلى سنار أبكر آدم إسماعيل/كندا [email protected] إن النقطة الجوهرية في مقال الدكتور غازي صلاح الدين "حق الأغبياء في التفكير" هي، حسب رأينا، المراهنة على التأريخ والتأكيد على حتميته (التي هي محل شك طبعا), التاريخ الذي ظل بالنسبة للإسلاميين ـ في أحسن الأحوال ـ مجرد ملفحة لجسد المقدس، ومصدرا للإنتقائية الإستدلالية لتعضيد المفردات المقدسة فحسب، عاد اليوم ليصبح جسدا تتم المراهنة عليه لاستنباط الأحكام الجللة التي قد تطال المقدس نفسه. وقد يقول قائل بأن ذلك مجرد تلفيقة من تلفيقات الإسلاميين، أو نوع من الإنتهازية الفكرية التي يوصمون بها من قبل خصومهم. ولكن الأمر ـ حسب رأينا ـ على الأقل على مستوى (فهم وخطاب) الدكتور غازي صلاح الدين ليس كذلك؟ فهل هناك تطور فكري أدى لمثل هكذا إنقلاب؟ وإن كان كذلك ما هي دواعيه؟ هنا تلزمنا بعض المقاربات والتحليلات. المصطلحات: نحن نستعمل مصطلح (الإسلاموعربية) للإشارة إلى الكيانات الإجتماعية والثقافة التى توصف بأنها عربية تارة، وعربية إسلامية تارة أخرى، باعتبار أن العروبة (الكيان الإثني/ الثقافي) والإسلام (الدين) قد توحدا جدليا وليس من الممكن الفصل بينهما عمليا، وحتى نظريا إلا كأجراء مؤقت بغرض الدراسات فقط، في ما يخص العلوم التيولوجية، اللاهوتية، وذلك لسبب جوهري هو أن اللغة والمفسر والممارس، وهو هنا الكيان الإجتماعي، ليس أثيرا فارغا يمكن أن تمر عبره المادة دون أن تتختلط بعناصره، وهو ـ أي هذا الإصطلاح المنحوت من عندنا، ليس أبدا لغرض غير التعبير عن هذه الوحدة الجدلية، وجريا على عادة حديثة مستمدة من اللغات اللاتينية التي ـ بسبب تقدمها على اللغة العربية ـ صار لديها السبق والقدرة على اختراع المصطلحات الدالة على المفاهيم المركبة. (وموضوع المقارنات اللغوية ليس هو موضوعنا هنا حتى لا يقفز عليه هواة التشعبط على البردعة). أما مصطلح (إسلاموعروبية) ـ بوجود الواو ـ فهو يشير إلى الأيديولوجيا وإلى الكيان داخل الكيان الذي يتبنى هذه الأيديولوجيا ويحركها في حلبة الصراع، الأيديولوجيا التي تعني في ما تعني: تبرير المصالح المادية والمعنوية في حلبة الصراع. والإسلاميون في هذا السياق ليسوا سوى طبقة من طبقات الإسلاموعروبية. ماهي آليات عمل الإسلاموعربية؟ أولا: الممارسة: تتحرك الإسلاموعربية ـ بشكل رئيسي ـ عبر فاعلين أساسيين؛ المقدس، أي الجانب الديني بدءا من اللاهوت إلى التفسير، ثم التطبيق. والدم. وتعيد إنتاج نفسها ـ رأسيا بمرجعية المقدس، وتابعه؛ اللغة والتفاسير، فيما يخص الفاعل الأول. وإعادة إنتاج الدم عبر الأنساب، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الأنساب تقوم رمزيا مقام الدم، فالدم في الثقافة العربية يمكن إكتسابه عبر تلفيق الأنساب، ولكن بشروط طبعا، مثلما تثبت رؤية هلال رمضان بالشهادة حتى ولو أكد علماء الفلك ألا هلال. وتتمدد أفقيا أيضا عبر هذين الفاعلين، فعبر المقدس، يدخل الناس الإسلام، ويتبنون ضمنيا ما يتيسر من عروبة، وبذلك يتمهد السبيل إلى إعادة الإنتاج الثقافي الشامل، بالقفز فوق هذه المسلمة الأولى. أي أن المسلم غير العربي؛ عربي مؤجل العروبة إلى أن يمتد إليه الإطار عبر صيغة النسب. وهو المعطى الذي ظل سائدا. وذلك باعتبار العروبة رأس مال رمزي أعلى في الهياكل الثقافية للأطار الإسلامي العام، على الأقل على مستوى اللاوعي. وعبر الدم، بمعناه الاجتماعي الذي ذكرناه آنفا؛ يتمدد الكيان الإسلاموعروبي عبر ما نسميه بميكانيزم النفي البيولوجي للرجل الآخر، ( ويقوم ميكانيزم النفي البيولوجي للرجل الآخر (الاستعراب العرقي/الثقافي) على تزوج الرجال العرب (سواء كانت هذه العروبة عاربة أو مستعربة أو متعربنة/ملفقة عبر الأنساب) بنساء (الآخرين)، وتكون الذرية وفق البطريركية الأبوية (عربية) ولا يعترف بمكونها الآخر. البنات يتزوجن ـ في الغالب ـ حصريا في الكيان العروبي، أما الأبناء الذكور فيواصلون طريق الأسلاف (وهذا من أهم أسباب التمسك ب/والتشديد على مسألة تعدد الزوجات)، وهكذا بمرور الزمن ينمو الكيان العربي على حساب الكيانات الأخرى التي تتآكل في نهاية المطاف). وهذا هو الذي يشرح عملية الاستعراب التاريخية لشعوب الرافدين (الآشوريين والكنعانيين وغيرهم) وشعوب الشام البيزنطية والكنعانية وغيرها، وشعوب مصر الفرعونية القبطية، وشعوب شمال أفريقيا البربرية. وشعوب شمال السودان النوبية والنييلية وغيرها. أما الآن، وفي السودان، فالعملية أخذت طابعا أكثر فاعلية عبر استعمال جهاز الدولة بمعطياته الحديثة لخدمة مشروع بهكذا ملامح. ثانيا الخطاب: تحليل أولي للخطاب الإسلاموعروبي في السودان: باعتبار الخطاب هو الكلام المنتقى للتعبير عن الأيديولوجيا بأظهار ما يراد إظهاره، وفي نفس الوقت إخفاء ما يراد إخفاؤه. يمكن تصنيف أشكال الخطاب الإسلاموعروبي في السودان إلى الآتي: أ/ الخطاب الإسلاموي: هو الخطاب الذي يبني نفسه ويركز على الحس المشترك/العام، باعتبار أولوية المخاطب، وهذا الحس المشترك، بحسب ـ غرامشي ـ "هو اللافلسفة، أي تصور العالم تصورا غير نقدي" والمراهنة على المسلمات الأكثر ذيوعا، بغض النظر طبعا عن صحة هذه المسلمات من عدمها. وهو ما نسميه بفلكلور القلب لدى المخاطبين، وهم عامة المسلمين في السودان. وبهذا المعنى يمكن الاصطياد عبر لافتات مكة كمرجعية مقدسة ـ زمانا ومكانا، وتحت اللافتة تمر الأيديولوجيا: أي تبرير المصالح المادية والمعنوية لفئة مسيطرة بالفعل، سواء كان ذلك سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا. وهو ما نسميه بالمركزية. ب/ الخطاب العلمانوي: وهو خطاب يبني نفسه ويركز على الحس الخاص، باعتبار أولوية المخاطبين، وهم هنا ما يطلق عليهم لقب المثقفين عموما. ولأنه يعرف ـ أي الخطاب ـ أن هناك بذور النقد، فيلجأ إلى الأكاديمية تارة وإلى الأيديولوجيات الفرعية تارة أخرى، ليقوم بصب الناتج في الماعون الكبير (ما يسميه هذا الخطاب بوتقة الإنصهار)، ويستعمل المصطلحات الاختزالية مثل: الثقافة السودانية، الشخصية السودانية، الذاتية السودانية.. إلخ إلخ، أختزاليا، باعتبار المعنى العملي هو (الثقافة/الشخصية/الذاتية) المعيارية التي هي المركزية نفسها. مع تهميش نقد آليات عملها كما في (أيديولوجيا) الآفروعروبية (الغابة والصحراء) والسودانوية والحيادية، واليسارية وكلها ـ حسب رأينا ـ (ايديولوجيات) فرعية تتفاوت في درجاتها فحسب. وهي إذ تفعل ذلك، فإنها تسلم ضمنيا بعمل هذه الآليات، التي أن استمرت ـ كما يتمنى المثقفون الإسلاموعروبيون ـ ستفضي في النهاية إلى تحقيق رسالة الكيان الإسلاموعروبي بتحول السودان ككل إلى كيان إسلاموعربي، وفي ذلك أدب كثير مما يكتب حول معضلات السودان واقتراحات حلولها. وهذا هو السبب الذي دعانا لأن نطلق على ذلك أركيولوجيا الأمنيات. نعود إلى غازي صلاح الدين. والسؤال هو لماذا يبدو غازي صلاح الدين العتباني والطيب مصطفى ـ هذان الإسلاميان المتشددان ـ مختلفين هكذا؟ (وأرجو ألا يظن أن ذلك ليس اختلافا وإنما توزيع أدوار كما ظل يتعامل الكثير من الكتاب السودانيين مع اختلافات الإسلاميين)، وهنا ـ أيضا ـ لابد من بعض التحليل الضروري. من الحقائق المعروفة أن أهم آليات الـ access to power في السودان ـ حتى الآن ـ هي الإنتماءات القبلية والدينية الطائفية أو البيت الكبير، ثم تليها في سلم التراتبية المؤهلات الشخصية. وإذا ركزنا في حالة الطيب مصطفى وغازي صلاح الدين عتباني كمثال، فالأول يمتلك مؤهلات القبيلة في ظل هذا الوضع المتشرذم قبليا، والمتجه إلى تحقيق الحيازات عبر هذه الآلية التي ـ أن تحققت ـ قد تفضي إلى السؤال (إنت من وين يا أخونا) كسؤال جوهري في مبدأ القسمة المفترضة. بالطبع سيقول مصطفى "من الجيلي لدامر المجذوب". أما السيد صلاح الدين العتباني، فسيدخل في حيص بيص، خاصة إذا تم تقليب التواريخ ، وهي تواريخ ليست مستحبة لدى السودانيين عموما، وفي أقل الأحوال سوءا سيذهب إلى هامش المقسومات تلقائيا إذا لم تتبرع العشيرة الصغرى (التي هي بمثابة الكفيل في هذه الحالة) بالعطايا. ولذا فهو ينظر دائما إلى الشكل العام للأيديولوجيا، إلى المجرد، الذي يتساوي فيه الأفراد وتكون المفاضلة بالمؤهلات الشخصية، ولذلك هو أهدى إلى حكمة التاريخ والماكروجماعة في هذا الوقت بالذات. وإذا كانت الشريعة، على الأساس المكي، باعتبار صرفيتها العربية وشكلها المعياري، قد اصطدمت من قبل بالثقافات الأخرى وأنتجت ما أنتجت من فرق، ومنها الصوفية التي التجأت إلى (الحقيقة) متجاوزة للشريعة بشكلها ذاك ونجحت، في سنار. فها هي تصطدم اليوم من أعلى ومن أسفل بالثقافات الأخرى، ونقصد بالأسفل ثقافات ما يسمى بالهامش في السودان ـ ومنهم من لا يدين بالإسلام، وبالأعلى ثقافة العولمة، حسب وضعية السيادة. فإين ستذهب الشريعة في هذه الحالة؟؟؟ أهل المايكروجماعة، ومنهم الطيب مصطفى، ليس هذا بكبير أهمية بالنسبة لهم، فالإجابة هي: ستبقى في المايكروجماعة إن تعذر الكل، لأن مصالحهم ـ المادية والمعنوية ـ ستبقى على كل حال. أما الآخرين من الإسلاميين (الفاهمين) من أمثال الدكتور غازي صلاح الدين فهذا السؤال مؤرق بالنسبة لهم. و(أظنهم) رجعوا أخيرا لتمحيص الخطاب الإسلاموعروبي العلمانوي، ونقبوا في أركيولوجيا الأمنيات، فوجدوا فيها ضالتهم، ولذلك صار التاريخ يتجه نحو مقام المقدس/المعياري في الخطاب، وبحكم الضرورة التي هي المبرر لكل المحظورات ـ في ممارسة الإسلاميين. وبذلك يتجه الخطابان للإلتقاء، وتصبح حجج الخطاب العلمانوي بقبول (الإسلام الشعبي) مقدّرة عند بعض الإسلاميين الذين لم يكونوا يقبلون بغير المعيارية حكما حتى وقت قريب، وحتى الآن عند الكثيرين. إذن يمكن الإلتفاف حول هذه المعضلة بالإلتفات إلى الإسلام الشعبي بكل (أساطيره وخرافاته ـ حسب ما كانوا يعتبرون) وهو القادر الوحيد على تلحيم التناقض، ففيه الشريعة موجودة وغير موجودة في نفس الوقت، فالفكي يقرأ سورة ياسين قبل قطع الرحط، ويخرج ليوزع المريسة من البرميل الكائن في الدارة للمعازيم، ولم تكن هناك مشكلة أبدا، مثل ذلك من الممارسات الكثير على مرآى من قاضي القضاة في أي دويلة إسلامية كانت قبل ظهور هؤلاء الإسلاميين في السودان. لأن الأهم من ذلك كله، هو الوجود، ثم الإستمرار الذي لولاه لما وجد الإسلاميين حسا عاما ولا فلكلور القلب الذي ذكرناه سابقا. وهذا هو مغزى حجج الخطاب الإسلاموعروبي العلمانوي، الذي يبدو أنه قادم في الطريق. وهذا ما يجاور المغزى من سرد الدكتور غازي العتباني لقصة البقط في مقاله. يقول غازي صلاح الدين: " بالطبع فإن المسألة (ويقصد البقط بما فيها عطية/هدية الخمر) لا تصلح لأن يستل منها حكم على مستوى العادات والعبادات الشخصية ، لكنها مسألة كاشفة في تعامل المسلمين الأوائل وولاة أمرهم مع الشعوب التي خالطوها. وللراغب في دراسة حركة التاريخ ليستل منها فقهاً وفهماً لما نواجهه من تحد أن يقرأ الأحداث التي مرت بالسودان منذعام 31 إلى عام 1423 هجري ليتقفى اتجاهات مسارات التاريخ وحتمياته". وهذا ضمنيا يعني العودة إلى مطبخ النار الباردة، يعني ـ فيما يعني ـ العودة من مكة إلى سنار، من الإسلام المعياري إلى الإسلام الشعبي، يعني أن (الحاكم) ـ والتشديد على الحاكم هنا ضروري ـ ليس بالضرورة مسئول عن تطبيق الشريعة المعيارية، وذلك لغرض أسمى، هو مواصلة الإمتداد. ثم يمضي في التأكيد " ونحن أجدر بأن نصل إلى أهدافنا بثقة أكبر ونجاح آكد لو أننا تعاملنا مع الأشياء دون جزع أو هلع". لماذا؟ لأنه حسب قراءة الدكتور غازي للتاريخ "أن أحوال الجنوب في بعديها الثقافي والاجتماعي تمضي في نسق حتمي يدركه من يدرسون حركة الزمان والناس ولا يحتاج المرء أن يطمح ببصره بعيداً في المستقبل ليرى ذلك ، فالذي تحقق حتى هذه الساعة من الاستقرار والنماء والتحول الموجب في علاقاتنا بالجنوب أظهر من أن يستدل له ، «لكنكم قوم تستعجلون». ويكفي أن نذكر هنا أن أهم مشروع تنموي واقتصادي، هو إنتاج البترول، موجود في الجنوب. وفي السنوات العشر الماضية جرى من التواصل الإنساني والسكاني ما أحدث تعديلات جوهرية في علاقات الشمال والجنوب". (إذا تغاضينا عن المغالطة والبلاغية في ما يزعم أنه تحقق من أستقرار ونماء) فمربط الفرس في هذا القول، ليس في مقدمة الأمثال: المشاريع، التنموية، البترول إلخ وإن كانت هذه ليس للجنوب فيها ناقة، وإنما في عجزها، وهو ما أسماه بالتواصل السكاني وما أحدثه من تعديلات جوهرية..إلخ مؤكدا على مقولة د. الترابي في مناظرته مع الصادق المهدي في قناة الأم بي سي، في عام 1998 على ما أظن، حيث كان الأخير أكثر شفافية في رده على آثار الحرب، بالقول بأن ذلك ـ ويقصد النزوح ـ خدم المشروع، بجلب الناس إلى (بوتقة الإنصهار) وإلى مقربة من يد العاملين في المشروع الحضاري. وغازي صلاح الدين يريد أن يقول للطيب مصطفى والذين معه: "لم الهلع والجزع؟ فرأس المال المادي عندكم، ورأس المال الرمزي عندكم، وبإمكانكم أن تكونوا الثعلب في حظيرة الدجاج بجدارة، في أي وضعية قادمة، لتواصلوا طريق الأسلاف الذي هو أقل تكلفة.. فما الداعي للجعلوية" والأخيرة هذه لا داعي لها لأنها تتناقض مع خطاب التحايل الأيديولوجي، الذي يتم التأسيس له الآن ليحل محل خطاب المواجهة/الجعلوية التي تعنى بالشكل أكثر من المضمون. هذا ما يريد قوله غازي للطيب مصطفى بصيغة اشتباه المدح. أبكر آدم إسماعيل كالغاري ـ كندا
| |
|
|
|
|
|
|
|