|
السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟
|
" يا أهالي السودان عموماً ان الجناب العالي الخديوي يسلم عليكم صغيراً و كبيراً أحراراً و عبيداً اناثاً و ذكوراً، و كذلك جلالة الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى و امبراطورة الهند. و انكم لا تجهلون شفقتي عليكم و محبتي لكم، و قد ساءني ما سمعته عنكم حيث نشبت الحرب بينكم و تعطلت تجارتكم و سفكت دماؤكم و منعتم من تأدية فريضة الحج التي هي من أركان الاسلام و زيارة قبر النبي عليه السلام. و قد ساء هذا الحال كلا من جلالة الملكة و سمو الخديو المعظم ، فانتدبت من قبل حكومة جلالة الملكة لأكون والياً على السودان و مرخصاً فوق العادة، و قد صار فصل السودان عن مصر فصلاً تاماً ، و فوض الى الحكم المطلق و قد خابرت حضرة السيد محمد أحمد المهدي بفحوى مأموريتي و اعترفت له بالسلطة المطلقة على السودان الغربي برمته على شرط أن لا يمد يده لغيره. هذا و قد ألغيت جميع الأوامر الصادرة بمنع تجارة الرقيق و تجاوزت عن جميع المتأخرات من الضرائب لغاية سنة 1883 ، و قد تجاوزت أيضا عن ضرائب ثلاث سنوات من أول سنة 1884 و أمرت باحراق دفاتر المتأخرات و أمرت باطلاق جميع المسجونين على اختلاف جرائمهم و تنوع جناياتهم و عزمت منذ الان أن لا يكون أعضاء حكومتي الا من الوطنيين. حيث انني أود تشكيل حكومة وطنية ليحكم السودان نفسه بنفسه. و قد عينت عوض الكريم ابا سن مديرا للخرطوم و أحسنت عليه برتبة الباشوية. و لي الأمل بأن العلائق ستصبح بيني و بين سلطان الغرب وثيقة العرى. و قد أمرت منذ اليوم بفتح أبواب الحصون و اتلافها و سحب الجنود لتلتفتوا الى عمران بلادكم و حرث اراضيكم و انماء تجارتكم و مني عليكم السلام "
ابراهيم فوزي ( 1/275- 276 )
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: حمور زيادة)
|
بهذا المنشور يكون غردون قد اعلن لأول مرة منذ عام 1821 حين دخل اسماعيل ابن محمد علي باشا السودان يكون قد أعلن استقلال السودان عن مصر. فهو بهذا سابق للمهدية في اعلان السودان دولة مستقلة ذات سيادة. و قد شرع غردون في تكوين مجلس وطني للحكم من اعيان أهل السودان في خطوات عملية لتحقيق هذا الاستقلال. لكن تقدم الإمام المهدي و رفضه لتولي سلطنة على السودان الغربي وحده دفع غردون لتبني أطروحة اخرى تصب في ذات النهج الاستقلالي للسودان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: حمور زيادة)
|
فحين بدأ حصار الخرطوم أرسل غردون باشا الى لندن بمقترح بديل للمجلس الوطني الذي كونه برئاسة أبو سن. بعث غردون الى مصر يطلب ارسال الزبير باشا لتعيينه حاكما على السودان بشروط : 1- ان يمنح الزبير رتبة فريق و النيشان العثماني الأول و يجعل حاكماً عاماً على السودان الى حد الخندق من اعمال دنقلة براتب 6000 جنيه في السنة. 2- أن يمنح الحرية المطلقة في ادارة الشؤون الملكية و العسكرية فيولي من يشاء و يعزل من يشاء و ينظم المالية و الترسانة و الضرائب و جميع انواع الدخل و الخرج. 3- أن يُعطى السلطة لمنح رتب ملكية و عسكرية الى رتبة ميرلاي على أن يطلب عرائضها من خديوي مصر. 4- أن تجعل له الحكومة المصرية إعانة سنوية قدرها مليونان و نصف مليون جنيه و هي قيمة ما كان ينفق على السودان من قبل و ذلك لمدة سنتين فقط. 5- ان يترك له جميع ما للحكومة في السودان من الأسلحة و الذخائر و الوابورات. 6- أن تساعده الجنود الانكليزية على رفع الحصار عن الخرطوم و سنار و سواكن. 7- أن يشمل السودان جميع بلاد سواكن و القضارف و كسلا و القلابات و سنار و الخرطوم و بربر و دنقلة الى حد الخندق. اما مصوع و سنهيت فتفصلان عن السودان. أما بحر الغزال و خط الاستواء فتخليان و يؤتى بموظفيها الى الخرطوم أو مصر. 8- أن ينشأ جمرك في سواكن و يظم دخله الى مالية السودان. أما في الخندق فلا يكون جمرك بل تعفى البضائع الصادرة و الواردة من الرسوم. 9- أن تبقى تجارة الرقيق ممنوعة بموجب الاتفاق الذي أبرم بين الدولة الانكليزية و مصر. 10- أن تحكر طرق السودان لحسين باشا خليفة مدير بربر و لذريته من بعده ( شقير 772- 773 )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: حمور زيادة)
|
من المهم ان نذكر أن غردون التقى الزبير باشا قبل قدومه الى السودان و حاول اصطحابه معه. لكن الزبير باشا رفض معاونة غردون. فغردون هو الرجل الذي يحمل أكبر الوزر في اتهام الزبير باشا بتجارة الرقيق، كما انه قتل ابنه سليمان. و رفض الزبير أن يصافح غردون و قال له " لا يمكنني ان اصافح اليد التي تلوثت بدماء ابني ". ثم عاد غردون و اعتذر للزبير باشا و طلب عفوه. الغريب ان الحكومة البريطانية حين رفضت استعانته بالزبير باشا بحجة انه تاجر رقيق اعترض غردون على ذلك بان سقوط السودان في يد المهدي سيحوله الى سوق رقيق كبيرة ( زلفو 68 ) و تناقض غردون يبدو جليا بين خشيته من عودة تجارة الرقيق الى السودان بينما هو يبيحها في منشوره المعلن و في ذات الوقت يحرص أن يكون منعها احد شروط حكم الزبير باشا. لكنها السياسة قاتلها الله. و قد كان الخديوي قد قال لغردون: " ان الغرض من ارسالكم الى السودان ارجاع الجنود و الموظفين الملكيين و التجار الى مصر و ذلك مع حفظ النظام في البلاد باعادتها الى سلالة الملوك الذين حكموها قبل الفتح المصري. و لنا مزيد الثقة انكم تتخذون افضل الطرق لاتمام هذه المهمة طبق رغبتنا"(شقير 761-762) و يبدو أن غردون لم يجد طرقاً أفضل من التلون بأن يعلن اباحة تجارة الرقيق علناً ثم يجعل عبء محاربتها بعد ذلك على الزبير باشا إن هو قبل أن يحكم السودان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: حمور زيادة)
|
اللافت في هذا السودان المستقل أن حدوده الشمالية تبدأ من الخندق شمالاً حتى النيل الأزرق جنوباً. فبلاد النوبة الشمالية كانت لتكون تابعة لمصر. و الاستوائية و بحر الغزال يتم عزلهما. اما غرب السودان ( كردفان و دارفور) فهما سلطنة المهدي التي كان يمكن أن تمتد غرباً بمعونة اهالي غرب افريقيا الذين لهم في التصوف و فكرة المهدية كثير اعتقاد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: حمور زيادة)
|
الأخ حمور تحية طيبة مشكور على اهتمامك بالتاريخ وأفيدك أن الجنرال ولسلي قائد حملة الإنقاذ من دنقلا حاول وحتى بعد مقتل غردون تنفيذ سياسة تفكيك السودان إلى عناصره الأولية (هكذا كانت تسمى ) وبدأ في إعادة السلطة لبعض الأسر الحاكمة قبل دخول جيش محمد علي في 1820م ولكن سياسة ولسلي فشلت والتفاصيل كثيرة. هذه صور أصلية لإبراهيم فوزي باشا مؤلف كتاب السودان بين غردون وكتشنر
وصورة إبراهيم وفوزي ونيوفيلد اسرى الخليفة
السؤال المحيرني : تم اختراع الكاميرا عام 1826م ، فلماذا لا توجد صور فوتوغرافية حقيقة للمهدي والخليفة عبد الله التعايشي ؟!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: كمال حامد)
|
تحياتي يا كمال و شكرا للمعلومات و الصور. ابراهيم فوزي من لطائفه انه حكى عن نفسه بفخر انه نزل على قدمي الخديوي يقبلهما قبل ان يتحرك الى السودان مع غردون.
بالنسبة لصور المهدي و الخليفة فلي عودة لأحدثك عن هذا الامر و عن رسم المهدي الشهير و من رسمه و على اي الصفات و ربما أنشر لأول مرة في موقع الكتروني ما يمكن اعتباره أقدم صورة مرسومة للمهدي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: حمور زيادة)
|
تحية حمور إذا أردت أن تفهم ما لم يقله إبراهيم فوزي في سبب تقبيله لقدم الخديوي محمد توفيق فأقرأ عن فترة حكم والده الخديوي إسماعيل والمقدمات التمهيدية لاحتلال مصر بسبب سياسته المالية التي ورطت مصر في الديون وأفقرت مصر والشعب المصري ومسببه ذلك من إفراط وقسوة في تقدير وجمع الضرائب لسداد ديون الخديوي إسماعيل للدول الأوروبية خاصة فرنسا وانجلترا ومصر هنا تشمل السودان الذي كان محافظة مصرية. وكانت هذه القسوة في جمع الضرائب من العوامل التي مهدت لنجاح الثورة المهدية. ووجه التضليل في السرد في المناهج التعليمية لمادة التاريخ أنها تذكر هذه القسوة وكأنها خاصة بالسودان جنوب خط عرض 21. إبراهيم فوزي كان أحد المشاركين في الثورة العرابية ، وبعد احتلال مصر 1882م تم حل الجيش المصري ، وكان هذا يعني سقوط إبراهيم فوزي في دائرة الفقر المدقع مثله مثل باقي أفراد الشعب بسبب توقف الراتب الحكومي ، ولحسن حظه جاء غردون في تلك الفترة 1884م متجها للخرطوم في مأموريته الثالثة والأخيرة فطلب أن يكوم إبراهيم فوزي مرافقا له وتوسط له بشدة لدى الخديوي من أجل إرجاعه للخدمة وقد كان ، ولم يأنف إبراهيم فوزي من بذل ذلك الولاء. لا تنس أن إبراهيم فوزي ألف كتابه في فترة كانت فيها مصر لا تزال تحت الاحتلال البريطاني ، والعيب في كتابه هو المبالغة الشديدة في تقدير أعداد الجيوش وقتلى المعارك مقارنة بالمصادر الأخرى سواء كانت مصرية أو بريطانية.أرجو كذلك أن تحرص على اقتناء السفر القيم الحديث جدا وهو كتاب الصراع السياسي على السودان بين 1840م إلى 2008م للباحث جمال شريف ( الدار السودانية للكتب شارع البلدية) الذي أتمنى مقابلته لأشكره على هذا السفر الذي يغطي كثيرا من الثغرات في تاريخ السودان ويفسر الكثير من الغوامض. وفي انتظار الصور والمعلومات تقبل شكري كمال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: جعفر محي الدين)
|
فهو بهذا سابق للمهدية في اعلان السودان دولة مستقلة ذات سيادة.
حمور .. تحياتى .. اتابع باهتمام .. ارجو ان تسند هذا التقرير( أعلاه) بمزيد من البحث .. لان المهدي حين انطلق بالثورة اراد ان يملأ الارض عدلاً بعد ان ملئت جوراً .. والارض حسب ما نرى كان يعنى بها السودان اولاً.. وكذلك نسمع عن ( الحمرة الاباها المهدي ) وكانت تعنى اخراج الاتراك من ارض السودان .. كما ان سياحة المهدي فى مناطق كثيرة تدل على فهم بان مفهوم ( البلد) يعنى اتساع السودان ، والدليل على ذلك انه استثار الغرب لتخليص الشمال والوسط والشرق من الاحتلال .. صحيح ان غردون قام بتسمية المناطق وتحديد جغرافيا الصراع وعلاقته بمصر ، لكن هل يعنى هذا انه استبق المهدي فى تحديد الجغرافيا و من ثم الدعوة الى استقلاليتها .. ارجو ان تمضى فى التنقيب وتخرج لنا برأي موثق.. حاشية : طالت غيبتك ، ساكتب لك على الايميل هذا المساء ان مرت الرقابة بسلام ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: عبد الله الشيخ)
|
تحياتي يا كمال .. ابراهيم فوزي ذكر أنه كان احد "المتهمين " في هوجة عرابي لكنه بحماس يحسد عليه تبرأ من هذه الفعله. ذلك زمن كانت فيه الوطنية عارا. ربما لأن مفهوم الوطنية نفسه لم يكن قد تبلور بشكل كامل. فهذا الأمر يرجع الفضل فيه الى ثورة 1919 اذ خلقت هوية قومية وطنية لمصر. و التباس مفهوم الوطنية مفهومو مبرر خاصة ان الوطن كان محكوما باسرةاجنبية تماما.
ـــــــــــــ
Quote: بالسودان جنوب خط عرض 21. |
هل تقصد خط عرض 22 ؟
شكرا على اسم الكتاب.. لم أطلع عليه و ساحرص أن يبعثوه لي من السودان. في مصر الكتب المتوفرة هي تأريخ الدور المصري في السودان و وثائق المهدية والحكم الثنائي في دار الكتب المصرية التي ازعم انها أكثر من تلك المحفوظة في دار الوثائق السودانية. و في دار الكتب عثرت على اشياء كثيرة جدا مفيدة. لكنها تحتاج الى مزيد تنقيح و ضبط قبل أن انشر ما بها. دعواتك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: حمور زيادة)
|
Quote: فهو بهذا سابق للمهدية في اعلان السودان دولة مستقلة ذات سيادة. |
سلام يا عبد الله الشيخ .. كتير الأشواق ياخ. فعلا العبارة مبنية على مفهومين مختلفين. فعلى حين كان مفهوم الانجليز فصل دولة سودانية ذات حدود معلومة كان المهدي يؤمن بعالمية حكمه او لنقل رسالته. لذلك عين له نواب في كافة انحاء العالم الاسلامي. منها الشام و مكة. و نوى فتح كل الارض لأنه كان يرى أن الله اعطاه حكم الدنيا. لكن العبارة اعتمدت على الشائع في الذهنية السودانية من أن دولة المهدية هي اول دولة سودانية وطنية ذات مركزية. فهي بهذ تتفوقعلى مملكة الفونج التي لم تكن مركزية و كانت تقوم على تبعية الممالك المستقلة للسلطان المركزي. لكن واقع الحال هو ما جعل المهدية دولة سودانية. فهي لم تستطع ان تمد حدودها خارج السودان المعروف اليوم. لذلك من ناحية الواقع لا المنهج هي أول دولة سيادة وطنية مستقلة.
ــــــــــــ فلانة بطرفنا و دايما في سيرتك. اعفي لينا العشراقة التي تعاني منها. و ما رسلت لي اي ايميل. الرقيب عوقكم وله شنو ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الغردوني الذي لم يتحقق .. هل يعود ؟؟ (Re: أحمد ابن عوف)
|
حمور بعد التحية خليني اجوط ليك البوست دا شوية لانو الخريطة ما فيها حلايب ولوكانت الخريطة معها معلومات تاريخية (مثلا الخريطة التي رسمها غردون او فوزي او خلافو سنة 1890 كان حنقبلها) بس دي حتى قناة جونقلي موجودة فيها مما يدل على ان الخريطةحدبثة نسبيا عشان البوست ما يبوظ يدل الخريطة
والله ما تشيل الخريطة ابقى ليك زي الفيروس في الكمبيوتر.
يعنى من قلة الخرائط
| |
|
|
|
|
|
|
|