المنافي الأكثر استحالة

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 07:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ابوعسل السيد احمد(ابوعسل السيد احمد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-02-2006, 09:05 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المنافي الأكثر استحالة

    إهداء

    إلى..
    حنان
    أباذر
    عرفة
    منال
    أبوطالب
    فادية
    فدوى
    مزدلفة
    عبدالله
    محمد

    و قبلا إلى أبويهم من جديد
    أكتب كما السخام الباحث عن تحرر مستحيل
                  

02-02-2006, 09:12 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    من يبق طويلا على كرسي السلطة يتعلم أن يفكر في الأمن فقط لا التقدم

    لويل
                  

02-02-2006, 09:22 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    (1)


    انسربت حبال الظلام الغليظة ليدخل كل منها في خيط من خيوط الشمس البرونزية الرفيعة. تضخمت خيوط البرونز حتى استحال الوقت صبحا.

    وجدتني أصحو من نوم غريب في مكان غريب؛ ساحة خضراء فسيحة تحيطها إهرامات من زجاج قاتم الألوان. كنت مضجعا، على العشب الندي، متوسدا ساعدي، بملابسي كاملة. لم يكن حولي، بالساحة، من أحد آخر. وحيدا وحدة قاتلة كنت، برغم إخضرار الساحة و هرمين مقلوبين. جمعت شتات نفسي، و فكري، و نهضت قائما.

    سرت متوحدا، و مرهقا. رأسي خواء من أية أفكار، و قلبي ينبض بأشياء شتى. لم أسر، في الواقع، بل كانت قدماي هما اللتان تقودانني و شيئ آخر مجهول الكنه، غامض الهوية.
                  

02-02-2006, 09:47 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    دنوت من هرم أخضر.. هرم مقلوب، زجاجي. خطوت إلى الداخل عبر الباب المشرع. استقبلتني فخامة المكان، و إضاءته الهادئة، و جمع من الناس يبتسمون. تزاحموا كأنما ينتظرون مجيئ شخص هو أنا! في الحقيقة، كانوا بالفعل بالانتظار. إذ أنهم ، بعد صمت ،أخذوا يصفقون و يهتفون على نحو احتفالي. تلفت ورائي و لم أجد أحدا غيري يدخل في تلك الآونة المبكرة من الصباح. تقدم أحدهم مني. مد إلي يدا منعمة صافحتها. ربت على كتفي و هو يتمتم بعبارات ترحيب استنتجت معانيها. اقتادني وسط حشد منهم إلى قاعة فسيحة. في تلك الأثناء، و منذ دخولي، إلتقطوا لي العديد من الصور بكاميرات عديدة و متنوعة.

    أجلسني الذي يقتادني ،على كرسي لين، إلى منضدة تتخذ هيئة منصة. و جلس إلى جواري. من خلفنا انتصبت شاشات من رقائق زجاجية أضيئت بمجرد أن جلسنا.. حملت كلمات مضيئة بألوان متناغمة. مواجهين لي جلسوا في صفوف متتالية. كانوا بعض الحشد الذي صفق، و كل الذين التقطوا صورا لي. أمام كل منهم منضدة صغيرة تقف مائلة على رجل واحدة رفيعة تلتمع ببريق هادئ يروق للعين أن تستقر عليه. ثمة أجهزة صغيرة تتفرق على المناضد أمام كل واحد منهم. تكلم الذي بجواري بصوت عميق خلته آتيا من قمة المكان:

    - باسمك اللهم، نبدأ
                  

02-03-2006, 01:21 AM

عاصم الطيب قرشى

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    تجدنى دائما إلى جانب قلمك إن لم أكن إلى جانبك

    أثنى بالصلاة على النبى

    ولى قدام

    محبة
                  

02-03-2006, 07:01 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: عاصم الطيب قرشى)

    عاصم المرزوق
    بحب الخلق و الخلائق
    أنت في الخاطر مد الزمان
    هذه رواية.. هل تذكر يوم أن اقترحت أن "أنزل" رواية؟
    فهي، إذن ، مهداة لك كما لقاسم و نور عطا و تماضر و تمبس و إلى الذين ماتوا
    كي يهبوا أرواحهم حرية لا تحجبها أيما أبعاد
    هي أيضا مهداة إلى كثيرين أعرفهم
    و آخرين سيأتون في أزمنة قزحية

    دم مرزوقا حد الأبد



    بوعسل ابوعسل
                  

02-03-2006, 07:11 AM

عوض الله الفولانى
<aعوض الله الفولانى
تاريخ التسجيل: 09-04-2003
مجموع المشاركات: 850

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    الرائع دوما / ابوعسل

    لك التحية

    يا زول ,,, ولله سعدت جدا لم قرأته لك
    و سأظل اطاردك اينما حللت ايها الشفيف
    و ارجوك كتّر لينا من الحاجات دى ,,,

    و لك مودتى

    الفولانى
                  

02-03-2006, 03:17 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: عوض الله الفولانى)

    الفولاني
    كلامك القلتو دا سيظل إلى الأبد وساما أفتخر به.
    سيسعدني دوما لحاقك لي طالما نبحث معا عن فراديس قصية
    و خليك في البال
    أقعد عافية أينما كنت


    ودي
    بوعسل أبوعسل
                  

02-03-2006, 03:31 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    - باسمك اللهم، نبدأ.

    أضاء رقم على منصتنا المشتركة. ضغط مجاوري على زر أخضر فتكلم أحدهم:
    - نرحب أولا بالضيف. و نرجو أن يوضح لنا مدى الفرق بين الأزمنة قياسا إلى تجربته!

    همس لي مجاوري أن أتكلم مردفا ذلك بلكزة خفيفة من كوع حاد! كنت في حيرة، لكني وجدتني أقول:
    - الفرق في الأساس لا يكمن في الأزمنة و إنما في الأحداث التي تترك علاماتها على جسد الزمان.. الأحداث نفسها لا بد لها من مبررات وقوع. بمعنى آخر: من يصنع الأحداث؟ بالدرجة الأولى الانسان. إذن ليكن التساؤل هو : ما مدى تطور الانسان عبر أزمنة بعينها؟ و بالتالي يكون التساؤل الذي يلي هو: أي تطور، و في أي إتجاه؟

    رقم آخر ومض على المنصة، فضغط زميلي على نفس الزر الأخضر. تكلم صوت آخر:
    - نبّئنا برحلة الضيف في البعدين، و نسأل عن الوضع الديني في الأزمنة السابقة.

    أدركت، بوضوح، أنني الضيف المعني، و أن عليَ أن أرد في كل مرة. قلت:
                  

02-03-2006, 09:48 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    -هذا سؤال لا يشغل بال المعاصرين و على الأخص على المدى القريب. لكن، كانت ثمة العديد من الأديان. ثلاثة منها سماوية و مئات أخرى غير ذلك. اثنان من السماوية أخذت تذوب في الثالث، بينما أقفرت الأديان الأخرى، غير السماوية، من أتباعها و معتنقيها إلى أن اندثرت. بقي عدد كبير من الناس، أيضا، بلا دين. أو فلنقل إنهم اعتنقوا المال دينا. مع كل هذا ، أتوقع أن تدينوا جميعا بدين واحد.

    تكرر وميض آخر. ضغطت على الزر الأخضر إذ أخذ صاحبي في سعال مباغت. تكلم صوت جديد:
    -علمنا أن القرن العشرين حفل بوقوع معجزة كبيرة في أوله ثم بإندثارها، أيضا، في نهاياته. أعني المضادات الحيوية. برأيكم كيف واجه الانسان معضلة المرض؟
    -كثيرا ما يعلن في الماضي أن منطقة ما خالية تماما من مرض جرثومي بعينه. يتم ذلك بعد اتخاذ تدابير كثيرة لمنع دخول أي حامل للمرض أو ملوث بجرثومته. ربما ينجح ذلك التدبير لفترة قد تستمر عقودا كاملة. لكن يوما ما يظهر المرض، من جديد، في نفس المنطقة سواء أكانت إقليما أو قطرا أو قارة، على الرغم من التدابير المشددة. هذه المسألة تكرر حدوثها كثيرا. لكن هل بإمكان الانسان القضاء تماما على كل الجراثيم المسببة للأمراض دون الوضع في الاعتبار أن هناك توازنا حيويا دقيقا تعتمد عليه هذه المسالة ، و أن هناك خالق كبير يقف وراء خلق هذه الكائنات من عدم أيضا؟ هذا قطعا إذا سلمنا بقدرة الانسان الأكيدة في القضاء على الجراثيم المسببة للأمراض.
    لنرجع إلى مسألة الدوافع التي تقف خلف الأحداث لنجيب على السؤال بطريقة أخرى. فالانسان يفعل كل ذلك ليضمن العيش أطول فترة ممكنة. بعبارة أخرى: إلى أي مدى يسعى الانسان إلى الخلود؟
                  

02-04-2006, 04:11 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    تكلم صوت رفيع بعد أن أضاء رقم على المنصة و ضغت على الزر الأخضر:
    -لكن اليوم متوسط عمر الانسان زاد؟
    -ليس بالقدر الكبير. لأن تعداد البشر نفسه حافظ على ما كان عليه قبل خمسين و مئة عام. اللهم إلاَ إذا كان عدد المواليد قد نقص بالمقابل. و هو أمر وارد. لكن الذي أعلم هو أن حجم الانسان، في فترة ما، هو الذي زاد زيادة واضحة.

    وميض جديد لرقم حملني على ضغط الزر الأخضر، و جاءني صوت يسأل بخفوت:
    -كم يقدر الضيف عمره؟
    -بالنسبة لي قضية العمر ليست مهمة، أو في الواقع، لم تعد ذات أهمية. و لكن ما هي انجازات الانسان طوال فترة عمره سواء أطال هذا العمر أم قصر؟ بالتالي أقول إن الانسان حقيق أن يبدأ رحلة الانجاز بأسرع ما يمكن طالما أنه لا يعرف كم سيكون عمره. ما أعرفه أنه كان لي ماض ما، لا أعرفه بالضبط، و لهذا أنا هنا الآن.

    فجأة انطفأ النور. عم ظلام حالك. سيطر سكون مقلق على المكان بعد أن سيطر عليَ.

    سقط شيئ ما بدوي فظيع ثم تهشم. بدأت الأشياء تتداعى. تداعيها احتفظ بذات الدوي الفظيع قطعة، فقطعة. ميزت من بين الأصوات صوت تهشم الزجاج. لم أميز شيئا آخر عداه. على جسدي بدأت تتساقط قطع زجاج صغيرة كأنما يرشقني بها جمهور خرافي! تكاثرت مع همهمات أشد فظاعة. تكومت، مثل تلة، فوقي. ثقلها شل حركتي.. قيد تفكيري. تعالت الهمهمات الرهيبة. طغت على ما عداها. ثم أنشد كورل الرعب:
    -ألا تتمتع بفيضلة الاتعاظ؟

    سبحت في جبَ مظلم، بلا قرار. ثم خيم ديجور سديمي على إدراكي.
                  

02-04-2006, 05:40 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    سبحت في جبَ مظلم، بلا قرار. ثم خيم ديجور سديمي على إدراكي.

    * * *


    -ماذا تقول في الأمراض غير الجرثومية؟
    -. . و الحروب الجرثومية؟
    -لم تشر إلى معضلة الجراثيم المقاومة للأمراض، بوضوح!
    -لم تك أمينا إذ تهربت من سؤال العمر!
    -كرا كرندي. . دبا دبندي. . هووه.
    -لماذا أغفلت الإشارة إلى التطور العمراني الهائل الذي تم؟
    - أنت يا من حرم كل شيئ!
    -أنت يا من وهب بعض الأسرار!
    -تيلم . . تيلم. تيلم تانيو.
    - . . تانيو سقرقر.
    - . . سقرقر مصران.
    - . . مصران جلبي.
    - . . جلبي روروه.
    - . . روروه تابا.
    - . . تابا شن خرابا.
    - . . تابا شن خرابا.
    - . . شن خرابا.
    - . . شن خرابا..
    - .. شن خرا..
    - خراء.

    * * *
                  

02-05-2006, 04:18 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    - لماذا تجعل قلوبنا واجفة لأجلك مدة بهذا الطول؟
    فتحت عيني بعد أن أحسست بشخص قريب مني جدا يتلفظ بالسؤال. الصوت منه أنثوي بيد أن الملامح مشوشة.

    -الحمد لله، لقد استفاق!
    -لابد له أن يفعل، فأمامه الرحلة القدرية بالانتظار.
    -أليس له من محيص؟
    -أنَى له ذلك!
    كان ثمة صوتان رجاليان يدور بينهما الهمس. جلت ببصري في المكان باحثا عنهما. كل شيئ يشرق ببياض أصيل؛ الحيطان، السقف، الباب الذي يكاد لا يبين، المنضدة القريبة، الشكل الثماني الأضلاع للمكان، و الفراش الوثير حيث أرقد. حتى الهواء العليل الذي أتنفسه و يغمرني يشرق، هو الآخر، ببياض غير مرئي. الرجلان الجالسان، الآن، على كرسيين على الجانب المعاكس للذي تجلس عليه الفتاة، توشحا بالبياض الأصيل عينه.

    تتفتح مسارب إدراكي أكثر. أرى المرأة جالسة الآن على الميسرة. على يميني يجلس رجل واحد فقط! أحدد فيه النظر لأعرفه. يبتسم في وجهي فقط، و يهز راسه مشيرا إليَ ألاَ أفعل شيئا. تضجرني منه تلك الحركة. أشيح بوجهي إلى ابعد الحيطان؛ الأربعة الأعرض. أجده نظيفا كصفحة طفل وليد. بل كصفحة ذاتي الآن. أنعم فيه النظر. يتلطخ ببقع من الضياء. أستدير إلى الميسرة. أرنو إلى المرأة الصامتة إلا من جمالها. تضيئ بقعة في ذاكرتي الخاوية. أتذكر ملامح المرأة، و لا أعثر لها على اسم في ذلك الخواء! تبتسم المرأة في وجهي فقط، و تهز راسها محرضة إياي على الحديث. تبهجني فعلتها. و لا أجد رغبة في التجاوب معها.
                  

02-05-2006, 07:21 PM

حسب ربه
<aحسب ربه
تاريخ التسجيل: 01-18-2005
مجموع المشاركات: 148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)




    لفووووووووووووووووووق

    أيها الشفيف...............................




    كل الود
                  

02-06-2006, 06:50 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: حسب ربه)

    حسب ربه

    يا فنانا عظيما أعرفه!
    أعلم، يا صديقي، أن إنقطاع أخبارك ما هو إلا لأنك تمشي كثيرا هذه الأيام .. ذلك أن المشي عندك ما هو إلا لصناعة الدروب..
    عامر بسأل عنك.. و أيضا معز بيتاوق ليك
    عادل و ناجي يقرئونك صادق السلام.
    أما أنا فجد سعيد باطلالتك.. و المنافي الأكثر استحالة مهداة لك بشكل خاص و أنت تختار العيش هناك
    في البعيد الذي هو خلف السنوات و الاغتراب..

    اقعد عافية

    بوعسل أبوعسل
                  

02-06-2006, 03:27 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    تقوم المرأة من مجلسها. تدنو مني. تنحني مكبة برأسها عليَ. تدني رأسها من رأسي. تمس شفتاها شفتيَ، ثم تعتدل واقفة بنزق مفاجئ. تستدير. ثم تخطو نحو الباب الموصد. تفتحه بحركات كأني أعرفها. يشرق الضياء على ذاكرتي بكاملها. لكن المرأة تمرق بخطى مسرعة. أهم بقول شيئ لا أعرفه.. صوتي يعاندني... بل يخاصمني.

    إنها -و لا شك- فتاتي ال" غرب افريقية"، رغم أن بشرتها الآن أكثر اشراقا منها في أي وقت سابق!

    أستدير نحو الرجل الجالس على كرسي أبيض، على ميمنتي. أتعرفه على الفور. هو من كان يجاورني في القاعة الفسيحة داخل الهرم الأخضر المقلوب. عجوز إلى حد الهرم. كل شيئ فيه أجعد. حتى الصوت بدا كذلك و هو يتكلم:
    -مرحبا بك في "نوق الشط" على ساحل الأطلسي. أنت الآن في وضع صحي أفضل. بل تنعم برعاية استثنائية قياسا إلى ما وجده صاحبك، ذات يوم، حينما أصيب بحمى شتوية.

    * * *
                  

02-06-2006, 11:31 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    "يحدث كل شيئ عندما يخر صاحبك على الارض، فجأة، من وقفته إلى جوار عدد من صحبه. المكان هو الكلية التي يدرس فيها في الصرح القديم. الوقت صباح تدفئه شمس مازحة بعد إحدى ليالي كانون الثاني. الزمان إحدى السنوات المتأخرة لصاحبك في الصرح. إثر سقوطه ذاك مباشرة يفقد أي وعي بما حوله. تناضل فقط يده اليسرى، و كذلك رجله اليسرى، نضالا يبقى غير مفهوم بالنسبة إلى زملائه. أما مشهد سقوطه فيجعل بعض فتيات الكلية الحاضرات ينتحبن و يذرفن الدمع. يمضي بعض زملائهن إلى طمأنتهن دون أن يجدوا من يطمئنهم هم أنفسهم!

    يحملونه إلى عربة صغيرة تؤول إلى أحد أعضاء هيئة التدريس في ذات الكلية. يرقدونه داخلها و يجلس إلى جواره محشورين أربعة منهم. في هذه الأثناء يحضر صاحب العربة، و يشرع في قيادتها، على الفور، متوجها إلى المشفى الرئيسي لثلث المدينة.

    زملاؤه، الذين جلسوا إلى جواره، يصمتون في وجوم أثناء سير العربة الذي بدا لا نهائيا. لا يفعلون شيئا سوى وضع أياديهم على اليد و الرجل المتشبثتين بالنضال لمنعهما من ذلك بجل ما أوتوا من قوة.

    تصل العربة المشفى. يدخلونه ، على الفور، إلى قسم الحوادث بعد إعفائهم من شراء تذاكر الدخول نظرا لإبرازهم بطاقات تشير إلى انتمائهم الاكاديمي. يصر عضو هيئة التدريس، و لنسمه الدكتور جريا على عادتهم وقتها، على البقاء معهم لتمضية كل الاجراءات و قبلا الاطمئنان على تلميذه المريض. تجد بادرته، تلك، الرضا و الإعزاز من زملاء صاحبك. يكبر الرجل في عيونهم كثيرا.
                  

02-07-2006, 10:01 AM

نورالدين عطا السيد

تاريخ التسجيل: 01-08-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    عزيزي بوعسل
    شكرا علي هذه الواحة الوارفة التي تظلل بها صحاري المنبر.. فأنا دائما اعشق الاتكاءة تحت ظلالها..نرجو الحرص علي(سقيها) دوما كي لا نموت من العطش والهجير!!!.
    مع ودي
    نورالدين عطا السيد
                  

02-07-2006, 06:46 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: نورالدين عطا السيد)

    المشرق نور
    Quote: شكرا علي هذه الواحة الوارفة التي تظلل بها صحاري المنبر.. فأنا دائما اعشق الاتكاءة تحت ظلالها..نرجو الحرص علي(سقيها) دوما كي لا نموت من العطش والهجير!!!.
    مع ودي


    شرف لي و للنص أن يقال مثل هذا الكلام عنه. و بحول الله إن في العمر بقية ستقرأ الرواية مكتملة. رأيك و بقية الأعزاء لا يزيدها إلا بريقا تستمده، في الأصل، من حيوات لم تعد عبئا على أصحابها. ما زلت آمل في تواصل أكثر.

    شقة بعيدة:
    ما ناسي ،بس التنسيق هو المؤخرني


    بوعسل أبوعسل
                  

02-08-2006, 08:03 AM

انور الطيب
<aانور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    بوعسل تحياتي ، وبعد أعجبت أيما إعجاب بما تكتب وكم كان جميلا الإهداء المغلف لأبويك

    مرورا باخوتك على حسب ظني ، واصل وتجدنا داخل هذه الخيمة الواسعة على الأرائك متتكئين ونحمل معنا بعضا من فناجيل أو فناجين القهوة على حسب موقعك الجغرافي من الفنجان/ الفنجال.
                  

02-08-2006, 09:13 AM

tmbis
<atmbis
تاريخ التسجيل: 10-19-2002
مجموع المشاركات: 24862

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: انور الطيب)

    .. صديقي الطيب جدا..
    بوعسل .. العسل.
    سلام مد الــــروح ..
    اعلم يا صديقي أننا ننحدر من سلالة نادرة .. سلالة ( الشعب الارشيفي ).. نحسن وداع موتانــا ونرفع الآذان لصرخة اطفالنا الأولى ..
    سلالتنا.. تتمتع باحتفاظها بادق التفاصيل التي يعتبرها بعضهم محض زيادة عدد .. واعلم أن ( مرق ) عنقريب مكسور في زاوية نائية في مكان ما بالبيت يعني حقبة زمنية جميلة لا يمكن تجاوزها ، رسالة صغيرة تحت ( اللحاف ) لها مدلول لكونها قريبة عند متناول اليد بالرغم من فوضوية الفكرة ..
    ..
    ما زلت اذكر أول من أهداني ( علبة ) ألوان من الشمع وانا لم اتجاوز بعد سنة الخامسة .. ما زلت اذكر تفاصيلها وكيف كانت قيمة..
    آخر ما وصلني ( مية ) حبه من ( البقس ) منضومة باحكام و ( فل ) مفرهد أخضر اللون ..
    نقلتني عباراتك من هناك وحديث ( البقس ) مع ( المرزق ) عاصم ، وكعادتي اكتشف الاشياء الجميلة جدا في الساعات الأخيرة من اليوم ..
    شكرا ياصديقي أبو عسل ان حشرتني مع هذه الزمرة من الاصدقاء ..
    واستميحك عذرا أن احتفظ بهذا الاهداء .. تحت اللحاف ، قريباً للقلب ، وسيجد من يقاسمه المكان .. اهداء حزين لدكتور ابكر آدم اسماعيل في روايته الطريق إلى المدن المستحيلة ..
    شكرا يابوعسل .. والوعد بيناتنا انو نتلاقى وتحياتي لكل ضيوفك الكرام واصدقائي في هذا المكان.
    والسماح يا صديقي ان اتيت في آخر الركب احبو..
                  

02-08-2006, 08:02 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: tmbis)

    الراقي
    المعتق بالفن و ناصية الكلام
    علاء
    أو فلنقل تمبس
    أنت ماثل هنا منذ البواكير، إذ ليس هناك ما يمكن أن يقال عنه أنك جئت في أسفل اليوم
    و إن شئت فأنت كما الخيل الأصيلة تأتي صافنا في اللفة
    ثم تتحكر، ضمن كوكبة أكن لها ما يفوق الاحترام.
    ما وجودك الآن إلا تكثيف لحضور سرمدي.
    تبوأ هذا النص مكانه الآن بين النجوم بوضعك له تحت اللحاف قريبا من الأضلع، إلى جوار إهداء من
    صاحب المدن المستحيلة و أحلام في بلاد الشمس. يقيني أنه عرف يختار من يهدي له. و هأنذا
    أتلمس خطاه.
    حديثك عن مرق العنقريب بعث وجيعا في القلب بذكريات طالما نفتقدها و يقتلنا
    الحنين إليها.. أنت رجل، يا صديقي، يأتي من مستقبل بعيد حاملا معه نثار الماضي الجميل
    فلتقم أنى طاب لك المقام و إن ترحلت فبين حجيرات الفؤاد

    بوعسل أبوعسل
                  

02-08-2006, 04:54 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: انور الطيب)

    أنور الطيب
    يا رجلا بعبق الوفاء
    وجودك هنا ما هو إلا قبس جديد أعرفه
    متابع سردك الوفي عن الحلفايا و أيامك حيث شرعت تكتشف الحياة.
    خليك دوما أقرب من الخاطر
    أرقد عافية


    بوعسل أبوعسل
                  

02-08-2006, 09:27 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    يكبر الرجل في عيونهم كثيرا.


    بعد زمن قصير تأتي لرؤيته طبيبة شابة. ربما كانت متدربة. تبدو مرتبكة لكنها تطلب منهم عينات من البول و الدم. ليس من مجال لأخذ العينة الأولى، فيكتفون بالثانية. و يأخذونها إلى المعمل.

    يقضون وقتا أطول في انتظار نتيجة فحص العينة و صاحبك ما يزال فاقدا لوعيه. تناضل منه فقط اليد و الرجل كشأنهما منذ بدء المحنة. يصر "الدكتور" على البقاء حتى آخر المطاف، على الرغم من إلحاحهم عليه بالذهاب.

    أخيرا تتقرر النتيجة ليعيدها أحدهم إلى الطبيبة الشابة ذات الإرتباك الجميل. تكتب لهم مجموعة من الأدوية و المحاليل الوريدية. فوق ذلك تقرر أن يبقى المريض بالمشفى رهن المراقبة.

    يهرول اثنان منهم إلى صيدلية المشفى حاملين روشتة الدواء. يفاجآن بأن بعض الدواء غير متوافر بالصيدلية. يلحق بهما "الدكتور". يخرج ثلاثتهم من المشفى إلى صيدلية قريبة يجدون فيها الدواء المنشود، لكن بعد أن يدفع "الدكتور" القيمة كاملة.


    يرجعون جذلين إلى حيث مقعد أسمنتي ظل صاحبك ممدا عليه منذ إحضاره إلى المشفى. يجدون أحد الاثنين اللذين كانا قد بقيا منتظرا مع الرجل الغائب عن وعيه. الآخر ذهب يبحث عن سرير شاغر في أحد العنابر لإرقاد صاحبك. يطول انتظارهم له. يصرون ثلاثتهم على "الدكتور" أن يعود أدراجه إلى الجامعة. يعاند. لكنهم يقنعونه بأنه فعل أكثر مما يمليه الواجب و إنهم كفيلون بمجابهة أيما طارئ يمكن أن يستجد. يقتنع الرجل و يتنازل بالذهاب تاركا لهم رقم هاتفه.
                  

02-09-2006, 08:01 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    يعود الباحث عن السرير. يرجع مقطب الاسارير. مكفهرها كأنما دهمته حمى مجهولة، هو الآخر، للتو.
    - ليس في الجحيم من سرير شاغر، تصوروا!

    ينضم إليه اثنان و يمضون جميعا، من جديد، في حملة البحث عن السرير. يلجون العنابر؛ واحدا واحدا. يجيلون البصر في صمت. نعم.. و بخيبة أمل يعيدون اكتشاف أن كل الأسرّة مشغولة بمرضى بائسين. لكن قرارهم يقر على النضال. يتجهون إلى الممرضين المشرفين على العنابر. يلحون عليهم في العثور على السرير المنشود. في كل مرة الجواب واحد.

    أخيرا، و في عنبر قصي، يجدون ممرضة بدينة. تنظر إليهم شزرا و ترفع عقيرتها بالصراخ في وجه بعض المرضى. ثم تتمتم بحديث لا يتبينونه. يحزمون أمرهم على خوض المعركة معها. بعد أن تخبرهم ألاّ سرير، هناك، شاغر تطلب منهم أن يبحثوا في مكان آخر. يصرون و يلحفون. تكفهر بدانة وجهها. يداعبها أحدهم بكلمات لطيفة لا تتوقعها. تبتسم برغمها. لكنها تخبرهم، من جديد، بلهجة لينة أن يبحثوا عن سرير في عنبر آخر فالأسرة عندها مشغولة عن آخرها. يداعبها مجددا ذلك الزميل المخاتل بكلام معسول هامس لا يتبين فحواه بقيتهم. تتسع الابتسامة البدينة في وجهها، و تهمس له في رضا بكلمات مترددة لا يتبينونها أيضا. تنتقل عدوى التردد إلى وجه المخاتل، و يغرق في صمت محير.
                  

02-10-2006, 05:32 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    ينفصل عن السمينة لينضم إليهم. يرامقونه بتساؤل ملحّ. ثم يقطع على عيونهم تساؤلاتها بأن يقول:
    -هناك سرير شاغر، الآن.. لكن ليس تماما!
    -إذن ما المشكلة؟ لنأخذ صاحبنا إليه و نرقده على الفور.

    يتردد أكثر ثم يجيب:
    -هو ليس شاغرا الآن.. و لكنه سيكون كذلك تحت أية لحظة.

    إنقسموا بين أن ينتظروا اخلاء السرير و أن يبحثوا عن خيار آخر، بيد أن أحدهم قال:
    -لم لا نرقده مجاورا لمن يحتل السرير الآن؟
    -أعتقد أننا إذا شرحنا لذلك الرجل أو لذويه سيتفهمون.

    أجاب المخاتل:
    -ذلك الرجل لا ذوي له. و هو شخصيا لن يمانع على الاطلاق.

    نظروا إليه في عتاب. كان قرارهم قد قر على أن يأخذوا صاحبهم ليشاطر آخرا سريره في واحد من أكبر مشافي المدينة الثلاثية.

    يتعاونون على حمل صاحبك و وضعه على نقالة صدئة العوارض. يدحرجون النقالة التي تحدث صريرا يتناغم مع حركة نضال يد صاحبك و رجله."

    فجأة صمت الهرم. قبل صمته اصطبغ صوته بأسى موحش، سيما عندما نطق بآخر جملة.
                  

02-10-2006, 06:51 PM

عاصم الطيب قرشى

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    اسرجت انتباهى وحضورى الى تلافيف خلايا خيالك

    اعجبنى التسلق والانزلاق من هرم فكرك وصور جميلة

    فى تعاريج كلامك
                  

02-10-2006, 09:20 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: عاصم الطيب قرشى)

    عاصم الطيب قرشي
    يا أيها المرزوق بحب الخلق و الخلائق
    وجودك في هذا المكان له عندي رنين خاص
    لأنك مبدع.. لأنك مسكون بالتصوف
    و لأنك تؤمن في شفافية بما تفعل

    أن يجد ما أكتبه هنا هذا الاهتمام
    و المتابعة و الوصف يجعلني آمل
    أن يكون اهلا لكل هذا

    دم مرزوقا أكثر

    بوعسل أبوعسل
                  

02-10-2006, 06:59 PM

ابنوس
<aابنوس
تاريخ التسجيل: 04-19-2003
مجموع المشاركات: 1790

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    أبو عسل .

    أتابع ..

    ولي مداخلة ربما يسعفني الوقت لكتابتها .. فمنذ أن قرأت الرحيل ضد الازمنة الرمادية عرفت إن حرفك سيلامس الاسئلة الكبرى .. وها أنت تفعل .
    لي عودة .
    ع . الماهري
                  

02-10-2006, 09:57 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابنوس)

    عزت الماهري
    يا رجلا استبعل كي يدحر صقيع الشمال و مساحات شاسعة تقتل الروح
    أسوق إليك تهانيّ هنا بزواجك الميمون و آمل أن تأتيك تلك المرأة
    بلسما يداوي جراحات قديمة و تكون، أنت، عونا لها على الحياة في
    الشمال.
    الباب مشرع إلى اقاصيه لإسهام ثر أترقبه
    أما الأسئلة الكبرى فليست سوى الأمان و المحبة و المساواة و الاحترام
    و الانتماء للأسرة الانسانيةالتي هي أكبر حتى من دارفور و من السودان
    شكرا، أبنوس


    بوعسل أبوعسل
                  

02-11-2006, 10:41 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)



    ببطء، تمليه رقدتي و آلام في رأسي، استدرت نحوه. كان مطرقا و هو مواجه لي. شعر رأسه يومض مثل أسلاك رفيعة من فضة نقية. رفع رأسه لينظر إليّ بعينين تكادان تكونان منطفئتين إلا من بريق يباغتهما و يفاجئني. تلك النظرة و ذلك البريق؟ تانك العينان و الانطفاء؟ الحاجبان المقوسان؟ الغضون على الجبين؟ هذه الأشياء مجتمعة، و شيئ آخر لا أصل إليه، أحسه فقط، هذه الأشياء تذكرني بشخص ما.

    يفاجئني صوته:
    "يدخلون العنبر. تتقدمهم الممرضة البدينة. تقف عند نقطة معينة في منتصف المكان و تشير من بعيد إلى سرير عند الطرف الأبعد. ثم تبتعد بدانتها المتراقصة في تسارع مخل.

    بعض المرضى و بعض مرافقيهم يرمقونهم باندهاش، و بحياد ، و بتعاطف. لا يأبهون للنظرات. يصلون إلى السرير. على حافته البعيدة يرقد جسد طويل مغطى بالكامل مفسحا لهم المجال لوضع صاحبهم ليحتل أكثر من نصف المساحة. يرقدونه بحيث تكون يده و رجله المناضلتان إلى الداخل. تستأنف الاثنان كفاحهما، و تضربان الرجل الراقد إلى الجوار. لكنه لا يأتي برد فعل! يغيرون وضع صاحبك. يرقدونه بحيث يكون طرفاه المكافحان إلى الخارج، على الحافة القريبة، و يمسكون بهما مثبتين إياهما جيدا.

    الآخر راقد كأنما لا يحس لحراكهم وجودا! كأنما لا يحس لشريكه في السرير نأمة. ربما هو نائم في سبات عميق، أو غارق في غيبوبة طويلة. يهب المخاتل خارجا من العنبر متذرعا بافساح المجال، حتى لا يكون هناك زحام غير مبرر. يقترح على أحد الأربعة أن يرافقه. يخرجان معا. يتجهان إلى حيث المقاعد الأسمنتية. المخاتل في المقدمة. الآخر يتبعه في حيرة و إرهاق، ثم يتساءل فجأة:
    -كيف أقنعت البدينة؟
                  

02-11-2006, 04:05 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    يبتسم المخاتل كمن ينتظر السؤال و يخشاه. يصمت. يتلفت. يطرق. يرفع رأسه، ثم يشيح بعيدا. يقول بعد تردد:
    -هي من أقنع!

    يجلس الصمت بينهما. يصيخان إلى جلاله. لكن المخاتل لا يأبه لذلك طويلا:
    -علينا أن نمنع زملاءنا من زيارة المشفى لرؤية زميلنا.
    -أوافقك الراي، فالرجل في غيبوبة، و يشارك آخرا سريره في سابقة مأساوية. الآخر، نفسه، في غيبوبة. العنبر لا يطاق. هذا الوضع غير انساني البتة.
    -ما باليد حيلة.. لكن الفتيات، على وجه الخصوص، يجب ألاّ يأتين!

    صمت من جديد. اغتصب ابتسامة مرهقة، باهتة:
    -أنت أكثرنا تعقلا. و تحسبا لأي أمر غير متوقع يجب أن نتصارح.

    الآخر يستمع فقط. يتضارب عنده الإرهاق ، و الجوع، و الحيرة. يواصل المخاتل:
    -الآخر الذي على السرير ميت.. ميت منذ البارحة!
    -أتمزح يا رجل؟
    -انظر إليّ جيدا! هل أبدو كالمازحين، أو ممثلي الدرجة الثالثة؟"
                  

02-12-2006, 01:57 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    إنها واحدة، أيضا، من لحظات صمته المفاجئ. الأن. فورا أتعرفه. إنه العجوز الذي ظل دليلي في ترحالي القدري الطويل. لم لم أفطن إلى صوته و الشفاه المجعدة؟ ألأنه بدا أكبر سنا و أكثر هرما؟ لكن الصوت من الصعب أن يشيخ تماما! أحسّني أقل شعورا بالألم من على رأسي و بقية أجزاء جسدي. لكن الضمادات تكبلني. أرغب في التحرر منها. أرغب أن أقوم من رقدتي و أجلس إلى جوار الهرم و أستمع إليه. أرغب أكثر أن نتمشى معا في الخارج أي كان هذا الخارج. أرغب أن أطرح عليه أسئلتي.

    أحس آلامي تتبدد. تتبعثر. تتبخر.

    ما من ذرة بقيت منها لتعوقني. الأربطة و الضمادات يخف ضغطها من على أعضائي. يضعف شعوري بها. تتراخى عن جسدي. تتقوض سلطتها إلى الأبد. تصبح مجرد أغطية بيضاء بالإمكان إزاحتها بحركة واحدة. أفعل. أجد الهرم قد وقف منتصبا في مكانه. أقوم حرا من السرير الأبيض. نخطو معا خارجين بلا جلبة.

    في الخارج مياه. . مياه مالحة تمتد، بلا انتهاء، أمامي، زرقاء كسماء خفيفة السحب. الأمواج تتلاطم قريبا جدا منا. بيد أني لا أسمع لتلاطمها صوتا. هل حبس البحر صوته في الأصداف؟ يصدمني السؤال من قبل. أتلفت ورائي. أرى المدينة قد أضحت بعيدة، وادعة، تلتمع تحت الشمس. صوت البحر يأتي منها هادئا! و صوت العجوز يبدد بقية الأصوات:

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 02-13-2006, 12:21 PM)

                  

02-13-2006, 12:45 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    "قال المخاتل لرفيقه:
    -لا تسلني شيئا. لا أعرف سوى أن ذلك الرجل، الذي ترقد جثته إلى جوار صاحبنا الآن، عثر عليه و هو يهذي في أحد أطراف المدينة. أحضر إلى هذا المشفى، و ترك ليحظى بالعناية. وضعوه في سرير. ليس هناك من يدفع عنه تكلفة شيئ. لذا فجثمانه الآن هنا. ليس له حتى من أوراق ثبوتية.
    -لكن هل رآه الطبيب حيا؟ أو بعد موته؟ ماذا فعل الأطباء لأجل إنقاذ حياته؟ ماذا فعلت إدارة المشفى؟ ما الذي قامت به تلك الممرضة البدينة؟
    -إنها تطالب منذ البارحة بأن يزيحوا الجثة و لا أحد يصغي.
    -أليس بمقدور مشفى بأكمله توفير نقالة و عاملي اسعاف لأخذ جثة إلى مشرحة المشفى؟ هل أصبح الانسان مرتخصا إلى هذا الحد حيا و ميتا؟
    -سبق و قلت لك، يا أخي، لا تسلني. ما أنا بأعلم منك.

    و رجعا إلى العنبر. في رأس الآخر المزيد من التساؤلات التي لا إجابة عليها.. لا قدرة على طرحها.. لا أحد، هناك، يمكنه أن يجيب عليها.

    ألفيا صاحبك و قد استفاق من غيبوبته. بالكاد عرفهما. أضحى لسانه ثقيل الحركة و هو يحاول أن يداعبهما ببعض الكلمات، ثم يحتج عليهم بأن يزيلوا عنه محاقن المحاليل الوريدية. رقد مستسلما للقدر.. متكئا على ساقي الموت غير آبه لحضوره الجبار.. أو، في الواقع، غير دار بأن تينك الساقين هما لرجل ميت منذ البارحة. كان الآخران من الزملاء، اللذان بقيا معه، محرجين و مضطربين. بيد أن المخاتل استدعاهما و خرج في رفقتهما. شرح لهما كل شيئ. ثم عاد ثلاثتهم. استقبلهم صاحبك بسؤال فاجأهم:
                  

02-13-2006, 01:59 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)



    -هل أحضرتم ورق اللعب؟

    بعد صمت أجابه المخاتل بأن لا. ألح صاحبك على إحضار الورق و لعب دور أو دورين. أصر على الالتزام بألاّ يزعج رفيقه في السرير. شرحوا له أن الورق بعيد، في الداخلية، و أنهم الآن في المشفى. لم يقتنع، بيد أنه استسلم على مضض. بغتة قال:
    -عندما يصحو رفيقي في السرير أو يستفيق سوف أطلب منه أن يلاعبني دورا أو دورين.

    لم يحر أحدهم جوابا. رامقوا بعضهم في ارتباك. و قال المخاتل:
    -يقول الأطباء إنه في غيبوبة قد تطول. و ربما سينقلونه إلى حيث العناية المكثفة.

    قال صاحبك:
    -لكن، لا أعتقد أنه أحضر معه ورقا للعب.
    -وهل لدى المرضى خيار أن يستجلبوا شيئا سيما إذا أحضروا هم أنفسهم في غيبوبة؟

    جاء الصمت في غفلة، منهم، أو تآمر. تمدد بينهم كأنما المشفى ملك له. لاذوا بحضنه القاسي. صاحبك تنفر منه الأفكار، تستعصي عليه، بيد أنه ينجح في السيطرة على أغربها؛ لم لا يوقظ شريكه النائم ليتبادل معه الحديث أو يلعب معه الورق؟ ما يحسه من وحشة فشل أصحابه في تبديده. و إذن، فخير ملجأ هو من يحمل هموما مماثلة، و لو لحظيا. شرع في تنفيذ الفكرة. كشف الغطاء عن قدمي شريكه. أصحابه ينظرون إليه في حيرة و توجس. يهم أحدهم بالتدخل، لكنه يتراجع. في هذه الأثناء يربت صاحبك على قدمي شريكه الكبيرتين. لا يجد تجاوبا. ينضو الغطاء أكثر عن الساقين الطويلتين و يواصل محاولة إيقاظ صاحبهما. يفشل. يعود إلى القدمين من جديد. يجدهما باردتين تماما و متخشبتين. ينذهل. ثم يهتف:
                  

02-16-2006, 10:11 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    -هذا الرجل مات. هيا استدعوا الطبيب!

    يتبادلون النظر فيما بينهم في جمود و لا يجترحون حراكا. يقول صاحبك:
    -أيذهلكم الموت إلى هذا الحد؟

    لكن المخاتل يجيب:
    -الذي يعقب الموت هو ما يذهلنا. الذي يسبق الموت هو ما يفجعنا. أما الموت فما هو إلا برزخ بين حياتين.

    يحتد صاحبك:
    -فلتقموا باستدعاء الطبيب في سرعة!
    -ماذا يفعل الطب لرجل ميت منذ البارحة؟
    -أتعني ...؟
    -بلى. أنت تتوسد قدمي الموت منذ صبيحة اليوم.

    قهقه صاحبك و قد عاد، مفجوعا، إلى تمدده المقهور متوسدا قدمي الميت و هو يقول:
    وداعا للعب الورق مع رفيق السرير، و مرحبا بالموت."

    ما زال البحر يمتد أمامي بلا نهاية مرئية. مياهه ذات زرقة، و ملوحة، و هدير، و زبد. يعلو هدير الأمواج، و يخفت صوت الرجل الهرم إلى حد السكون. ثم يأتي صوته، من جديد، هادئا:
                  

02-17-2006, 06:46 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)



    "ذات مرة جاءت جدة صاحبك، لأبيه، لزيارتهم من مدينة بعيدة. الطفل الصغير، الذي هو صاحبك، و المرأة المسنة توافقا بسرعة كأنما هما صديقان قديمان. منذ صغره نما لدى صاحبك ميله إلى لغة الجسد و تفضيلها، و لذا ما كان يفارق حضن الجدة إذا إتكأت، أو يجلس ملاصقا لها عند جلوسها. الأب شهد ذلك فقال ،مازحا، للصغير:
    -هيا، ابتعد عن جوار أمي!

    فرد عليه صاحبك ذو الأعوام الثلاثة:
    -و لماذا إذن ترقد أنت دائما إلى جوار أمي؟

    و سكت الأب."

    و سكت العجوز الهرم. صمته استمر يتمرغ في هدير الموج. إلتفتَ إليه لأستحثه على الحديث. لم أره! جاء صوته من البعيد:
    -أستميحك العذر يا صاحبي.

    رأيت فقط ذا الأجنحة و هو يعدو على صفحة الماء و كأنما الماء بساط من الزرقة يلتمع بإزاء السماء. بياض جناحيه تماوج ما بين الزرقتين.

    * * *
                  

02-18-2006, 12:58 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    عدت متوحدا. أمشي في طريق طويلة مفروشة بأحجار حادة تؤلم باطن قدميَ العاريتين. ريح رطبة، دافئة، تهب عليَ. تنوشني. في مسيري أمضي و يحيطني الخواء. يفيض خواء أشد وحشة و مضاء من دواخلي. يجتاحني مغلفا إياي. و أمضي في مسيري. تفاجئني ريح من الرذاذ الدافئ. تستحيل زخات من مطر أطلسي يبللني حتى أعضائي البعيدة في أغوار جسدي. مع ذلك يفشل في أن يغسل الخواء الذي يغلفني. و في مسيري أمضي.

    أتوغل في المدينة الهادئة و قد لفها الظلام، و فارقها صوت البحر الوادع. أدنو من أحد إهرامات الزجاج المقلوبة. ألوانه زاهية جذابة. النوافذ الزجاجية مضاءة بحيث تحمل اسم "فندق أورينت نوق الشط". أدنو أكثر. ألج من الباب الزجاجي الدوار ذي القطرين المتقاطعين. أتجه صوب موظف الاستقبال. يمد لي مفتاحا من البلاتين على هيئة عقربي ساعة متقاطعين، و ورقة خضراء تحمل كتابة بلغة أجهلها. بيد أنني أنجح في قراءة الورقة بلا عناء! و التوقيع، عليها، أعرفه بل أحفظه! إنه توقيع الرجل العجوز عينه. في الورقة يسرد الشيخ الهرم، بعد إعتذاره عن فراقه المفاجئ لي، حادثة عن صاحبي:

    "أحيانا كان صاحبك يجالس خاله. بدأ ذلك عندما كان في الخامسة. الخال الشاب كان أصغر أخواله و أكثرهم عطفا و حنانا. جلسا ذات ظهيرة أمام جهاز حاسوب يخص الخال يشاهدان أغنية على أحد الأقراص المدمجة. سأل الخال صاحبك من دون مناسبة:
    -ماذا تفعل إذا نصبت رئيسا للبلاد؟
    -أحضَر دجاجة مشوية.
    -ثم ماذا بعد الدجاجة المشوية ستفعل؟
    -بيرقر بالمايونيز.

    ضحك الخال، ثم عاد يسأل:
    -ماذا ستفعل إذا نصبت وزيرا للمالية؟

    سكت الصغير و لم يحر جوابا، فقال الخال:
    -ماذا ستفعل إذا جمعت أموال البلاد و وضعت تحت يدك؟
    -أسافر إلى أميركا.

    ضحك الخال كثيرا يومها. كان يستحضر في إندهاش كيف أن وزير المالية سافر إلى بريطانيا بعد أن جمع جميع العملات من الشعب بدعوى تبديلها بالعملة الجديدة. استحضر نكتة عن الوزير و مستشاره العجوز الموجود أبدا في عاصمة الضباب. المستشار، بحسب النكتة، كان قد أشار على الوزير الجديد أن يجمع العملات ثم سيخبره بالخطوة التي تعقب ذلك لإصلاح حال الإقتصاد في المليون وحدة مربعة.

    كان الخال عندما يجلس منفردا أمام جهاز الحاسوب يشغل أقراصا مدمجة تحوي أفلاما إباحية. يحدث هذا، عادة، بعد منتصف الليل."

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 02-18-2006, 08:58 PM)

                  

02-19-2006, 09:59 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    طويت الورقة، ثم، بحرص، كورتها. فكرت أن أقذف بها في سلة قريبة. عدلت عن رأيي. وضعتها في جيبي و إرتقيت إلى حيث غرفتي بمصعد شفاف.

    فتحت باب الغرفة بمفتاح البلاتين. دخلت. ثم أغلقته بذات المفتاح أيضا. شرعت في خلع ثيابي المبتلة. تعريت تماما، و لم يغادرني دفء الأمطار الأطلسية. أضأت نور الغرفة و ولجت منها إلى الحمام عبر بابه المشرع إلاَ من ستارة شفافة. بعد أن نزلت إلى مغطس الحمام غمرني الماء الدافئ.. الأكثر دفءا في يوهي هذا. غاص جسدي في البانيو لأمكث هناك مستمتعا بالدفء و لسعه لجلدي المبتل و حرقه لأطرافي المتعبة. أسترخي و الخواء يغلف عقلي و يفيض من حولي جاعلا هواء الحمام ثقيلا كثيفا. يمتلئ الحمام بالضباب و بخار الماء الدافئ و رائحة بخور قديم أعرفه. يذهب عقلي في رحيل مجهول.

    أحس وجودا، لشخص آخر، معي في الحمام. أشم أنفاسه. أحسه يدلك جسدي. يباغتني ذلك و أستسلم له. أخطو خارجا، مع ذلك، من المغطس. تتابعني الأيدي الدالكة و الأنامل الحانية، و أمعن في استسلامي لها. من بين الضباب و البخار الحار إمتدَ الدلك و الحنو زمنا على جسدي و جلدي. ثم توقف الفعلان. تلفتَ من حولي. لم أجد سوى الضباب و البخار و خواء عقلي. غطست، مجددا، في البانيو ثم خرجت لأقف تحت الدش ذي الماء الأكثر دفءا. يدوم انسكاب الماء على رأسي و كتفيَ و بقية جسدي. تبدأ حرارة الماء في التغير. يقل الدفء بالتدريج حتى تخوم البرودة. يغمرني الصحو و يغادرني الخواء، و أوقف انسكاب الماء. ينقشع، عن الحمام، البخار و الضباب. كما الحرية يصبح الهواء خفيفا.
                  

02-19-2006, 03:11 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    أقصد إلى المرآة الممتدة على جدار جانبي. أجدها تمتد منتصبة في مثل قامتي. بخار ناعم الذرات كما الغشاوة يغلفها. أمد يدا أجدها تمسح الغشاوة من على الجزء العلوي من المرآة، فأرى صورة رأسي و وجهي. يفاجئني سواد شعري الأصيل. يفاجئني أكثر غياب التجاعيد عن جبيني الذي بقي عريضا! أمد يدي ذاتها لأجدها تمسح من المرآة جزءا يريني رقبتي و أعلى صدري. أمدها مجددا، و تمسح ما يواجه صدري ،بكامله، و بطني. أجد الصدر يكاد يكون فتيا يغطيه شعر شحيح. سواد الشعر يفاجئني أيضا. أين مضت فضته؟ لا تهمني الإجابة بقدر ما أجد في نفسي رغبة أكيدة في بسط يدي إلى وسط السطح العاكس. تمسح يدي غشاوة البخار فأرى بطني أملس ضامرا. في وسطه، طوليا، يتدلى شريط رفيع من الشعر الأسود ذو نعومة، و قصر، و لون باهت. تشتعل فيَ رغبة عارمة إلى رؤية أسفل بطني. ينتقل الإشتعال إلى يدي فتسارع بدورها إلى مسح بخار الغشاوة المحاذي لعانتي.

    أتفاجأ برؤية عري عانتي حليقة إلى قمة النعومة و الإلتماع! تغادرني رغبة الرؤية دفعة واحدة. مكانها تولد رغبة جديدة. أمد يدي الأخرى التي كانت عاطلة.. أمدها إلى رأس مثلث العانة المقلوب. أتحسس ما هناك، و ما تحته. أنحدر بيدي إلى ما هو أسفل. أستخدم يدي الاثنتين في التحسس حتى أخمص قدميَ. أنهي هذه العملية مستعيدا قواي الشاردة و مستمدا، في ذات الآونة، قوى جديدة تحملني على مغادرة الحمام و الولوج إلى فضاء الغرفة.

    هرب الضوء من الغرفة تاركا المصباح يومض بضعف لا يبدد العتمة و لكن ينبئ بمثواه! أرى شبحا يخالط العتمة. تتردد أنفاسه. تفوح في المكان و تخالط رائحة البخور القديم. أعرفها تلك الانفاس. أدنو من الشبح. أتلمسه كما يتلمس مشرد الحرية في غابة تحت جنح فجر لن يكتمل سناه.
                  

02-21-2006, 09:16 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    أبتدئ بالرأس. تتسكع أصابعي على الضفائر الرفيعة، الطويلة، المتناثرة في فوضى أثيرة. تقودني إحداها إلى الحاجب. أتحسسه. أتحسس الحاجب الآخر. أتعرفهما معا. أنتقل إلى تحسس إغماضة العينين. عبر عمود الأنف تنحدر أصابعي لتتحسس جماله. أولج إصبعا، السبابة، في طرف إحدى فتحتي الأنف حيث يتدفق دفء استثنائي. أزيح إصبعي، فقط، لأمتعها بدفء الفتحة الأخرى للأنف الاستثنائي. أخرج الإصبع. أتلمس الشفاه التي تبادر إلى لعبة جديدة؛ تحاول إيلاج الإصبع إلى بعض تجويف الفم، بيد أنها، الإصبع، تشرد إلى النهدين برفقة أخواتها.

    الحلمتان المشرئبتان تتصلبان في إباء قاس.. تستعصيان على أصابعي المتوثبة. أنحني، من جذعي، إلى الأمام قليلا. تلفح وجهي الأنفاس. لا آبه لها! أنحني أكثر. بيد أني أميل قليلا إلى اليمين. تقبض شفتاي، فجأة، على الحلمة اليسرى. الشهيق يتعالى زاحما المكان. بشفتيَ أمسَد الحلمة. في لعبة القدر الشبقة هذه يشترك لساني مضفيا بعضا من إمتاع جديد. يتواتر الشهيق فأسمعه و لا أجد أثرا لزفير! أحس يدا؛ يدها تمسد شعر رأسي راسمة دوائر، و من الخلف إلى الأمام لتصنع خطوطا. أفلت الحلمة. أدني وجهي من الحلمة الأخرى. ألامسها بشفتيَ المطبقتين و لا آتي فعلا آخر.

    تتوقف اليد التي تمسد رأسي.. أفتح فمي، فجأة، و أقبض على الحلمة بأسناني الأمامية. أعضها عضة خفيفة. تسمع أذناي شهيقا عميقا. أعضها من جديد. تسمع أذناي إمتصاصا جديدا للهواء. أعضها.. أفلتها.. أعضها. يتدخل لساني في اللعبة ممسدا طرف الحلمة، ليتعالى امتصاص الريح و اليد تمسد رأسي بلا انتظام. أكف بلا مقدمات. أنتصب واقفا. أسمع التنفس مضطربا، و غير منتظم، و فواحا. و تزداد العتمة من حولي إحكاما.
                  

02-22-2006, 10:22 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    أهجم على يدها. أقتادها، منها، إلى السرير الوحيد في المكان. متواجهين إلى جواره نقف معا. تضع يديها على عنقي. تدني وجهها من وجهي. أحيد قليلا لأعانقها. في عناقنا ذاك نقف خارج المعقول و حدود الزمن. يمتد عناقنا دهورا خضراء بيد أنني أنهيها ببطء و أحرر رقبتي من بين يدي المرأة.

    تهرب يداي خارج أسوار الزمن لتجوسا خلال جسدها. تتحاشيان ما لامستاه في وقوفنا الأول ذاك. أضع راحة إحداهما، مفرقة الأصابع، على بطنها الأملس. أتحسس انتفاخه الخفيف في الأسفل. يا لجماله! تعثر أصابعي المطمئنة على تجويف سرتها الضحل الصغير. تسال بلا توقع مني:
    -ما هذا؟

    لا أجد ما أجيب به فأتجاهل الحديث إليها.. بل أتحاشاه. أحرك يدي إلى الاسفل قليلا و أوقفها على مشارف العانة بحسب تقديري. تنحبس من المرأة أنفاسها فأشرك يدي الأخرى في هذا العبث الجاد. ترقص يداي الحرب هناك على مشارف العانة. تتحرر الأنفاس المحبوسة جامحة.. أنفاس المرأة. لا تهبط يداي من مرقصهما، بل ترتحلان إلى الجانبين مبتعدتين. بلا توقع مني، أيضا، تسال:
    -ما هذا الذي تفعل؟

    أجد ما أجيب به. لكني لا أفعل!


                  

02-24-2006, 04:08 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: أجد ما أجيب به. لكني لا أفعل!


    أحرك يديَ، و الأصابع مفرقة، كلا في ميدان إلى الجانبين. أعجب كيف لتنورة من أزمنتي أن تضم حوضا بذا الإتساع! تسافر يداي إلى الخلف في رحيل قلق. هناك، على المرتفع، تستريحان. أنتهز سانحة توقفهما للراحة لكي أتعجب كيف لذلك الشيئ النسوي احتواء عجيزة بكل هذا الحجم! تتنزه الأصابع بتسكع لذيذ، هناك، ثم تتسلق إلى قمة المرتفع عند نقطة إلتقائه بأسفل الظهر. تستقر بتراقص ناعس.. تمارس رقصها؛ أصابعي. أقطع عليها متعتها، و أقصي يديَ.

    أجلس على الفراش. إلى جواري، على الفور، تجلس ملصقة جسدها بجسدي: الكتف إلى كتفي، عجيزتها إلى جذعي، فخذها الأيسر إلى فخذي الأيمن، ساقها إلى ساقي ملتفة بها، و قدمها فوق قدمي. أضع يدي اليمنى حول كتفها البعيد؛ الأيمن. أشدها منها عليَ. ما تفتأ أنفاسها تترد، بعلو، في فراغات المكان. أستعيد يدي من مكانها المطمئن ذاك، لأضعها على فخذها الأملس، المستدير. أحرك رؤوس أصابعي، على طول الفخذ، ضاغطا بها بتبادل مموسق مثل عازف يتسلى على أكورديون قديم. هي، تتزحزح مع ضغطات أصابعي الخفيفة. أستوحي لحنا قديما راقصا أجري أصابعي به. هي، تتراقص متجاوبة معه. يهتز جسدها. في طربه النشوان، يهز معه، ما لاصقه من جسدي الناحل. تثير فيَ الاهتزازات أحاسيس أعرفها، و لا أفقد انسجامي مع توقيع اللحن، و أستمر في تحريك أصابعي في عبثها الجديَ.

    في لب جسدي، حيث الحيزوم الأوسط، تنبت بذرة لهيب ظل كامنا لسنوات طويلة. ضعيفة تنبت تلك البذرة مثل بادرة خجولة. أمسك برأس المرأة. أديرها ناحيتي. بدورها تقربها مني. أتحسس عينيها.. أجدهما مغمضتين. أتحسس أنفها.. أجده ناضحا بالأنفاس الدافئة. أتحسس شفتيها.. أجدهما منفرجتين. أمس سفلاهما.. أمرر عليها سبابتي. أضغط عليها بخفة بإبهامي و السبابة. بغتة أبعد يديَ، كلتيهما.


                  

02-25-2006, 02:08 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: بغتة أبعد يديَ، كلتيهما.


    أكر بفمي على الشفتين.. ألتهمهما بشفاهي.. تغادران انتظارهما، و تبادلان شفاهي الفعل. لساني؛ لا يستعصم.. يشارك في جعل تلك اللحظة دهرا من الإشراق يمتد خارج أبعاد الزمن. يندلع اللهيب مزهرا في حيزومي الأوسط. أرفع رجليَ إلى الفراش، دون أن أفلت الشفاه. تفعل المرأة الشيئ ذاته، لنضحي، كلانا، على متن الفراش.

    أنأى بجسدي عنها كي أضجع على جنبي الأيمن عند الطرف الأقصى من السرير. تضجع على شقها الأيسر، مواجهة لي، مقتربة مني إلى تخوم الإلتصاق. تمد يدها إلى وجهي. تمرح اليد في أجفاني، و أنفي، و تتردد عند شفتيّ الغليظتين. أرفع يدي اليسرى إلى وسط المرأة. تستقر اليد، المتسلحة بالجرأة و العتمة، هناك عند منخفض الخصر. أهبط بها إلى الأمام لأداعب السرة. أسرع بأصابعي إلى اليسار أكثر. أنذهل.. ثمة غابة.. متكاثفة.. من الشعر.. تتوه فيها أصابعي. بيد أن الزهور في حيزومي الأوسط تذبل. و مع ذلك تواصل أصابعي لذة توهانها المقصود.

    يعلو شهيق المرأة. لا آبه. أواصل العبث بأصابعي، فتشهق المرأة بصوت عال. تمد يدا مترددة إلى بطني تتحسسه. تمسده من أعلى إلى أسفل و من اليمين حتى اليسار. في ذلك الرحيل تقترب اليد، مرة إثر أخرى، من عانتي الملساء. تستقر اليد هناك، الآن، في إرتباك بينما تستمر أصابعي في توهانها الذي إنقلب نزهة بعد أن خبرت الغابة. تنزل بيدها قليلا إلى الاسفل، و قريبا من رأس مثلثي المقلوب، و يتعالى الشهيق منها. تغادر أصابعي الغابة قاطعة نزهتها لتمسك بيد المرأة. تتكلم:
    -أنت ممثل استثنائي!


                  

02-26-2006, 03:29 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: -أنت ممثل استثنائي!



    لا أرد بشيئ. فقط أفكر في الغابة. تذبل نبتة اللهيب في حيزومي. لكن المرأة تواصل بهمس يخالط الشهيق و الزفير:
    -أريد بطولة أمامك.

    تموت النبتة في الحيزوم.. و لكن من أين للغابة أن تحترق؟ تمد يدها إلى رأس المثلث و تقول المرأة:
    -بشرط أن يكون فيلما سماويا.

    برفق أزيح يدها من هناك، و أظل ممسكا بها. أدنيها من فمي و ألثمها. أسمع صوتا خافتا. أحدسه. أمد يدي إلى شفتيها اللتين انفرجتا لتقولا شيئا. أسكتها بهذه الحركة، لكنها تباغتني بإخراج لسانها و إدخاله ما بين إصبعين من أصابع يدي تلك! تسحب اللسان ثم تخرجه لتمرره ما بين ذات الإصبعين. تكرر هذه الحركة.

    تسقط النبتة الذابلة في الحيزوم الأوسط.

    ينطلق رنين الهاتف من مكان ما. تبحث يدي الأخرى عنه على غير هدي و لا قبس منير. أجده تحت ردف المرأة الشبقة. أرفعه. تظهر إضاءة خافتة على شاشته الصغيرة جدا.
    -نعم، من المتحدث؟
    -........
    -هو أنا!
    -........
    -في طريقي إليك.

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 02-27-2006, 03:52 PM)

                  

02-26-2006, 03:46 PM

ayman haroun
<aayman haroun
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 1409

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    المتالق ابوعسل

    تحياتى

    Quote: إهداء

    إلى..
    حنان
    أباذر
    عرفة
    منال
    أبوطالب
    فادية
    فدوى
    مزدلفة
    عبدالله
    محمد

    و قبلا إلى أبويهم من جديد
    أكتب كما السخام الباحث عن تحرر مستحيل


    مررت بقصد التحية

    لك الود ايمن هارون
                  

02-26-2006, 08:13 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ayman haroun)

    أيمن هرون
    الرجل المضياف الهميم
    شكرا على الود و التحية و المرور..
    ليس غريبا أن تتدفق هكذا و أنت الرجل الذي فتح داره ليجمع أولاد دارفور كلهم في تآلف.
    و إن أردت أن تمر فهنا حماك و قتما تشاء

    ارقد عافية
    كل الود
                  

02-27-2006, 04:13 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: -في طريقي إليك.


    مددت يدي إلى مفتاح النور و أضأته. عري المرأة كان مذهلا، و كذلك كان عريي بالنسبة لها! أفاقت من ذهولها لتتشبث بي. حركاتها المتوسلة لم تثن عزمي بيد أني راوغتهامغالبا إنذهالي. أمسكت ذقنها ثم قبلتها في فيها ببطء. داعبت أذنيها بأصابعي، ثم بلساني لاعبت حلمتي نهديها. تمددت، بطولها، من جديد على الفراش. أنتهزها سانحة لأقوم إلى خزانة الملابس و أختار قميصا خفيف الزرقة و بنطلون غامقها. أرتديهما على عجل و بلا ملابس داخلية تحتهما. تنهض المرأة لتمد لي قارورة عطر هادئ لا أدري من أين جاءت بها. آخذ منها عدت رشات؛ القارورة. تقبلني المرأة باستطالة و هي ملتصقة بي لتقول:
    -لا تتأخر! لا أحد سواك يصلح لدور البطولة.

    فتحت الباب، و هبطت إلى بهو استقبال الفندق. توجهت نحو الأشخاص الذين زحموا البهو آنئذ. تمهلت في مسيري في محاولة مني لتخمين من تكون من بين أؤلئك النسوة الكثيرات، المتشابهات. موسيقى هادئة تنبعث من مكان ما كانت تخالط إضائة خافتة لا أرى لها مصدرا. هبت امرأة واقفة من بين جمع من الأشخاص ذوي ملامح غير واضحة. على العكس منهم، و برغم العتمة الخفيفة، كانت ملامحها حادة الوضوح.. هي فتاتي.. بشحمها و لحمها! عانقتني بلا تردد و اقتادتني إلى كرسيين متقابلين في الجزء الأبعد من المكان. جلسنا على تقابل المقعدين.. هي بلا مبالاة مصطنعة.. و أنا بارتياح حاولت لجمه. تجمح عيناها مع حركات يديَ و هزهزة قدمي. تتكلم:
    -لأجلك ضربت الموعد.. و لأجلك آتي إليه.


                  

02-28-2006, 06:22 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: -لأجلك ضربت الموعد. و لأجلك آتي إليه.


    ترسل إليَ، بيدها، قبلة عبر السنتمترات الأربعة التي تفصلنا! تخرج لسانا ذا حمرة قانية لتدنيه من شفتي. تعيده إلى تجويف فمها. أبتسم فتبادلني الابتسام. أخرج لساني في حركة هازئة، مازحة. من جديد تتكلم:
    -هذه الليلة ليلتي، و ليست ليلتك.. ليست ليلتنا. إنها مثل وليد وحيد و سط تسع أخوات ماجنات ينتمين إلى جيش للتحرير.

    أمر بإصبعي على جانب شاربي. أزفر بتفهم و أعود أمسد شاربي بوثوق من لم تعد له ثقة في شيئ. تجمح عيناها على صدري و ذراعيَ من تحت القميص الأزرق. و تواصل الكلام:
    -لأجلك سأرحل.. لأجلك سترحل، ربما. سنرتحل لنفترق و نحلم بالإفتراق، ثم لنحلم باللقيا الممكنة.. أما المستحيل فستدنو ساعته. عندئذ سيؤتى بخنزير كبير و يوقذ. عندها ستدرك أنه مات بلا مطمح في الانبعاث.

    تصمت و عيناها تجمحان عند فخذيَ من تحت زرقة البنطلون، فأهز رأسي بلا معنى. أمرر يدي على شعر رأسي من الأمام إلى الخلف. تعجبني خشونة فحمه. أهبط بيدي على خدي و أستمر في مرامقتها. تضع وشاحا وردي اللون على راسها؛ كانت. تحاول إحكامه على وجنتيها، حيث تستقر نظراتي بين جرأة و أخرى. تشيح بعينيها ثم تتكلم:
    -أستشعر أن هذه الليلة افعى ضخمة تقرض شعرا أمازيغيا في أدغال الامازون..

    لم تكد تتم جملتها و قفزت عليَ منقضة في عنف خرافي! بوغت كلية و انهرت على قفاي و كرسيَ. جثمت فوقي. قبلتني بعنف على شفاهي، ثم صفعتني بدوي. رفعتني و المقعد مجلسة إياي عليه من جديد. رفعت كرسيها و أهوت به على أم رأسي.


                  

03-02-2006, 09:11 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: رفعت كرسيها و أهوت به على أم رأسي.




    شعرت كأن فجوة انفتحت تحتي. هويت، و كرسيَ، عليها بلا قرار. دام اندفاعي نحو الأسفل و من حولي رؤوس عديدة بلا أجساد تقهقه في شماتة، و تتهامس فيما بينها! ثم أخيرا ارتطم الكرسي، و جسدي عليه، بارض صلبة. عاد الكرسي يقفز إلى أعلى ثم يرتطم بالأرض البلقع من جديد. في كل مرة يتفتت إدراكي و يتطاير مع ارتطامات الكرسي و قفزاته بينما تتسابق الرؤوس الشامتة إلى ازدراد الفتات في نهم جشع. لا يبقى، في نهاية المطاف، من ادراكي شيئ، فأتحول جسدا بلا رأس يهوي في الفراغ السديمي.

    * * *


                  

03-03-2006, 09:16 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    (2)

    -اصح، يا رجل!

    كان هناك من يلمسني على قدمي بعد أن نطق بالعبارة. أفتح عينيَ. أجد حكيما يجلس إلى جواري على السرير. ينظر إليَ، و يقول مبتسما:
    -أتقهقه و أنت نائم؟ إنه لأمر عجاب!

    أتلفت فأرى الأمير جالسا على سريره المقابل لي. مجاورا له جلس جمبلاط. أقوم من رقدتي و أعانق الأخير بحرارة.
    -أين أنت، أيها المغير جلده؟

    يضحك و يقول:
    -لم يصل بي الأمر حد تغيير جلدي. بل قل إن جلدي عاد إليه لونه الأصيل.

    أسأله عن أحواله و عن سير الدراسة معه، فيطمئنني أن كل شيئ بخير. أستأذنه الذهاب إلى الحمام. هناك أغتسل و أغسل عني شظايا النوم. أرجع متيقظا لأحتل مكاني القديم عينه لكن جالسا. يبادرني جمبلاط بسؤال:
    -ما هي أخبار مي؟
    -من هو الذي يجب أن يسال هذا السؤال؟
    -تعلم أنني قد أخبرتك أنك تقتلها عشقا.
    -كان محض استنتاج، و ما يزال.

    تدخل حكيم ليقول ضاحكا:
    -نحن أيضا لاحظنا أنها غارقة في هواك.

    قلت باريحية:
    -ألتقيها في الكلية، لكن لم أقرا في عينيها ما تقولون. أعتبر سلوكها معي ضربا من الإحترام.
    -مهما تحاول أن تنفي يظل هناك شيئ بينكما.
    -كلا، لا يوجد. بل أعتقدها و جمبلاط عالقان.

    يضحك جمبلاط، و يقول:


                  

03-03-2006, 10:48 PM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    ابو عسل

    التحية لك وقد اوسعت المكان "ادبا" ...والاسماع عجبا..

    تجدنى جد "متلومة" معاك ....

    ولعلك اعلم الناس بالحاصل

    هنا لاشد من ازرك ..واكون من المعجبين.

    محبتى .....
                  

03-04-2006, 01:20 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: Tumadir)

    (عدل بواسطة bayan on 04-07-2006, 06:08 AM)

                  

03-04-2006, 09:27 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: bayan)

    بيان

    يا امرأة من وطني تمتشق الشجاعة ترسا تدرأ به عسف المنافي
    أقول هذا و في البال ما كتبته اعتذارا للأخت سارة عيسى..

    نعم.. نتعلم، و شخصي تحديدا، الكثير منكم هنا.. فلا تنسوا أبدا
    أننا نقرا دوما ما تكتبون مستشرفين دروسا نتعشم أن تكون أبدا
    بنَاءة..

    شكرا على المرور
    و دمت
                  

03-04-2006, 08:38 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: Tumadir)

    تماضر الجميلة
    ال"ما عادية"
    ليس هناك ما يستوجب الاعتذار، يكفي فقط مثل هذا المرور
    الذي فعلا"يشد الأزر"..
    أما أن تكوني من المعجبين فإنه لشرف كبير.. كبير

    المنبر بشكل عام(إلا من شذَ) سعيد بعودتك إلى الكتابة
    أعلم تماما أن رحى المنافي تحيلنا لهوتها المفضلة..
    و ما تقومين به من عمل هو الانسانية بعينها..
    و لا يقدر على العطاء إلا أهله..
    عشت
                  

03-04-2006, 11:45 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    يضحك جمبلاط، و يقول:
    -تعلمون أنني مرتبط. و فوق ذلك لدي، في الجامعة، عدد من الصديقات هي ليست من بينهن. ثم إنك تعلم جيدا، يا صاح، أنني قد أخبرتك أنها ظلت تسالني عنك، دون غيرك، منذ خروجنا من الإعتقال. ذات مرة صارحتني بأنها معجبة بك، و اشترطت ألاَ أخبرك بذلك، و هأنذا، تبرئة لساحتي أمام إتهامك، لا أبر بوعدي لها.
    -كل انسان، في هذه الدنيا، حر في أن يحمل تجاهي ما يشاء من العواطف، لكن ليس من حق أحد أبدا فرض تلك العواطف عليَ، أو مضايقتي بها، سواء أكانت محبة أو كرها أو إعجابا أو خلاف ذلك.

    تكلم الأمير مغيرا مسار الحديث، و كان يبتسم طوال الوقت:
    -ما لنا و للفتيات. ما رأيكم في سياسة القبول الداخلي التي سيتم انتهاجها، عما قريب، في الجامعة؟

    قام حكيم ليرمي سعوطا يضعه، عادة، تحت شفته العليا على أحد الجانبين، ثم بصق مرتين أو ثلاث متخلصا من بقاياه. عاد يقول:
    -قطعا هو مؤشر على الإنهيار الوشيك للصرح الذي ظل شامخا طوال قرن من الزمان.

    حول بصره في وجوهنا على التوالي ليقرأ أثر مقاله على ساعاتنا الداخلية. بيد أن ساعة جمبلاط كانت تعاني عدم المواكبة تماما كساعتي، فتساءل:
    -لكن القبول الداخلي لا يعني الإنتقال ما بين الكليات؟ و إلاَ فهو ليس بالأمر المستحدث.

    لبثت أتربع على حيرتي، و استطال إنتظاري ان يوضح حكيم أو الأمير الأمر. الأول يبتسم بثقة العارف، أما الأخير فعاد يقول:

                  

03-05-2006, 01:48 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: الأول يبتسم بثقة العارف، أما الأخير فعاد يقول:

    -القبول الداخلي هو أن يقبل طلاب في الجامعة بشروط أقل من تلك التي تنطبق على الجميع عدا الشروط المالية التي تكون أعلى.

    قلت:
    -لكن كيف يتم ذلك و هناك مكتب قبول يوحد بين الطلاب تحت معيار التفوق الأكاديمي كشرط أساسي وحيد للإلتحاق بالجامعة؟

    تكلم حكيم هذه المرة:
    -في هذه الحالة يتم تقديم الطلبات مباشرة إلى إدارة الجامعة التي تقوم بتحديد الرسوم الدراسية، و يصبح مقدم الطلب طالبا نظاميا ثلي مثلك.

    قال جمبلاط بنزق:
    -لكن هؤلاء قد يعجزون عن مواكبة المستوى العالي لبقية الطلاب و بالتالي يواجهون حتمية الفشل.
    -لن يفشلوا طالما يسددون تلك الرسوم السنوية الضخمة، بالعملة الصعبة.

    عقَب الأمير.
    قلت من بعده:
    -بالتالي، لا محالة، ستهبط إليهم الجامعة حتى يستووا على متنها إلى حين تخرجهم.

    ابتسم حكيم بخبث، ثم أضاف:

                  

03-06-2006, 05:07 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: ابتسم حكيم بخبث، ثم أضاف:


    -تماما مثل أن تعيش لترى بعضهم يمتطون ظهر رجل ظل يعرف بين الناس بكونه رجل دين تقي.

    صمتنا لفترة طويلة عقب جملة حكيم الفاجعة، ثم تكلم الأمير بنبرتي الأسى و التأمل، بلا إختلاط:
    -لن أنتظر ذلك اليوم لأتخرج مع هؤلاء. سأظل أسعى، كدأبي، للحصول على تأشيرة دخول إلى إحدى الدول الكبرى، و عندها سأسافر فورا و أترك كل شيئ حتى و لو تبقت لي آخر ورقة من آخر إمتحان يسبق تخرجي.

    *....... *....... * ....... *

    رحل الأميرإلى إقليمه البعيد دون أن يبدي أسبابا. وقتها كنا في وضعية ليست بالدراسة و ليست بالإجازة، فقد كان أن إنقضت الإمتحانات بشرها الذي يبذ خيرها. كنا ننتظر النتيجة و توابعها، الأصيلة، من إمتحانات الملاحق و البديل. نبدد الوقت ما بين لعب الورق و الاستماع إلى الأغاني. نفضَل، في ذلك، مطربين بينهما شبه و إختلاف. أولهما مطرب عالمي رحل عن الدنيا بعد أن تغنى للحرية في كل مكان و لا سيما قارة هي ليست قارته. مصرعه أحيط بالشائعات و تورط جهاز استخبارات عالمي، بيد أن حياته حفلت بالعجائب. نعم.. تغنى للقارة الكبيرة و لإنسان نصف الكرة الجنوبي أينما كان. رغم أن رحيله حدث منذ أزمنة بعيدة إلا أن ألبوماته مازالت مسيطرة، و صوره على القمصان ما تزال تتربع، بشعره ذي الضفائر الغليظة و لحيته الصغيرة المدببة.

                  

03-09-2006, 05:46 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: رغم أن رحيله حدث منذ أزمنة بعيدة إلا أن ألبوماته مازالت مسيطرة، و صوره على القمصان ما تزال تتربع، بشعره ذي الضفائر الغليظة و لحيته الصغيرة المدببة.


    الآخر كان مطربا انسانا من المليون وحدة يقيم خارج البلاد متنقلا ما بين أكثر المنافي استحالة مستولدا لونا من الموسيقى جديدا و شعرا مستحدثا. عرف بين الناس بمعاداة السلطة له حد وضع العقبات في سبيل التحاويل المالية من داخل القطر إليه في المنفى حتى يتداوى من مرض عضال مهلك. ظل يكابد ذلك المرض و يتحف الدنيا بأغنياته الجديدة من منفاه المستحيل. بعض ألبوماته الممنوعة هي الأكثر تفضيلا لدينا.

    في الواقع، أعتقد أنني خمنت أحد سببي رحيل الأمير. كان الأمير ثمرة زواج ضابط متقاعد في الجيش و مدرسَة ابتدائية. وقع الطلاق بين الاثنين عندما كان الابن في الثانية من عمره. الأب ظل يمارس الزراعة الآلية بعد تقاعده من الجيش. كان قد عرف بأنه ضابط صارم وصل إلى رتبة الرائد. آنذاك وصوله تلك المرحلة في الجيش كان أمرا مستغربا بالنسبة إلى رجل من إقليمه. فوق ذلك كانت له حظوة و مكانة عند الزعيم الأزلي للحزب الطائفي الأكبر في المليون وحدة.

    الأم من أوائل نساء منطقتها حصولا على التعليم. لم تتزوج بعد طلاقها بعكس الأب الذي تزوج و أنجب العديد من البنين و البنات. كرست حياتها لمهنة التعليم و رعاية ابنها الوحيد. أراها بعين الخيال و قد حافظت على جمالها و أنوثتها شأن التي لم يقاربها الرجال مدى عشرين سنة. يبدو أن صديقي ظل يهجس بأمر واحد و هو أن يؤول الجمال المصون إلى أبيه من جديد.

                  

03-10-2006, 09:01 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)



    يبدو أن صديقي ظل يهجس بأمر واحد و هو أن يؤول الجمال المصون إلى أبيه من جديد.

    أراه، الآن، و قد قاد فريق الوساطة لدى أبيه و أمه.. الفريق العجيب الذي يتألف من شخص واحد فقط.. هو نفسه؛ صديقي الأمير. الأب لا يمانع في العودة إليها، و هي، من جهة أخرى، تتمنَع على خلفية بيضاء من الرضا لا تغيب على ابن عاش في كنفها عشرين عاما. يصر الأمير على أن يتراجعا، فيرضخ الوالدان. أراهم و قد حددوا يوم الخميس من ذات الأسبوع لعقد القران. و يتم كل شيئ بسرعة، و يعود الرجل إلى المرأة الأنثى، و يرتحل الأمير إلينا عائدا في المدينة الثلاثية.

    *.......*.......*.......*

    كأنني رأيت هذه اللحظة في زمان ما. لا أدري أكنت نائما أم صاحيا حين رأيتها من قبل، بيد أنني رأيتها.. نفس المجموعة التي تلعب الورق و طريقة جلوسهم.. الأغنية التي تتردد من جهاز التسجيل بنفس شكله القريب و تموضعه على قمة خزانة الملابس. بعد لحظة أو أدنى سيقرع باب الغرفة، حيث كنا جميعا نجلس، ثم ينفتح الباب قبل أن يهب جمبلاط لفتحه. و سيطلق الأخير صراخ دهشة و ترحيب، و سيدخل الأمير حاملا كرتونة محزومة بحبل رفيع.

    نعانق الأمير الداخل في فرح و سرور بعد أن ننحي ورق اللعب جانبا. يهرع حكيم إلى فتح الكرتونة، و يطلق صفيرا طويلا. يقول الأمير:
    -هيا سارعوا إلى إلتهام ما صنعته أمي!

    لكن حكيما يضع كل شيئ جانبا و يضحك:
    -نحن في تشوق إلى إلتهام أخبارك منذ مغادرتك غير المسببة.
    -الحمد لله.

                  

03-11-2006, 00:07 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    -الحمد لله.

    نصمت. يقوم الأمير إلى خزانة الملابس ليصف فيها ثيابه، ثم يأخذ بشكورا، و سروالا و جلابية قصيرين و حديثي الصنع، و قطعة ليفة و صابونة، و يمضي إلى الحمام.

    يرجع مغتسلا، نظيفا كدأبه. يلتفت إلينا:
    -ماذا تنتظرون؟ هذه الأشياء أعدتها أمي لأجلكم خاصة.

    يفتح حكيم الكرتونة، و يشرع في إخراج محتوياتها و نشرها على الأرض؛ كعك بالزبيب، سمسم مطحون مع عسل، كركديه ناعم، سكر محزوم في خرقة قماش جديدة.
    -باسم الله، نبدأ.
    قال الأمير و هو يقضم الكعك بتلذذ. نضحك و نحن نستفسره عن البلد و أحوال أسرته. يجيب باقتضاب و حزن بشأن البلد، و باقتضاب و فرح بشأن عائلته. يفد علينا زملاؤنا من الغرف المجاورة مرحبين بعودة الأمير و مشاركين في تناول مستجلباته، حتى تصبح الكرتونة قاعا صفصفا فيقوم جمبلاط بتنحيتها خارج المكان.


                  

03-11-2006, 01:54 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    في المساء، ذي الضوء و الضوضاء، يخرج جمبلاط مزمعا موافاة بعض صديقاته في مبنى الجامعة، و حكيم بقصد القيام بجولة ما، لم يحدد لنا هدفها كعادته. أبقى مع الأمير بحكم ملازمتي اليومية للداخلية و عدم نزولي إلى الجامعة في المساءات.

    نتجه، معا، إلى المقصف الوحيد. هناك نتناول عشاءنا، بحكم العادة بالنسبة إليَ و بحكم تجديدها بالنسبة إلى رفيقي.
    -لا تعجب، يا ياقوت!
    الأعظم من قدر الانسان
    هو الانسان

    ينشد بعد أن فرغنا من العشاء، و أخذنا نتمشى بين أبنية الداخلية. يعرف عشقي لشعر الفيتوري. أنتظر أن يتكلم:
    -عدت من رحلتي بصدمتين.

    أظل متحكما بصمت محير يستفزه للمواصلة:
    -صدمني أنهما عادا زوجين من بعد عشرين سنة من الطلاق.

    يفشل في استصدار صوت مني. كنت مرهقا ضجرا بعد تناول العشاء تجاوبا مع اصراره!

    -صدمني أكثر أن أبناء المنطقة إنقسموا مجبرين.
    -أهنئك على كونك الرجل الذي زوج أبويه و هو في العقد الثالث من عمره. ربما يعني هذا أنك ستعمر طويلا!

    يتوقف، فجأة، عن المشي. يقتادني مشيرا إلى حجر كبير غير منتظم الجوانب:
    -لنجلس!

                  

03-11-2006, 02:29 PM

Mohamed Elgadi

تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 2861

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: Tumadir)

    Quote:ابو عسل

    التحية لك وقد اوسعت المكان "ادبا" ...والاسماع عجبا..Unquote

    With a permissiom from our Tumadir to use her words....
    I follow your news in the Worcerster newspapers... what a great role model you are for third world human rights activists...


    Mohamed Elgadi

    P.S. I called and could not leave a voice mail in your cell???

    Call me, please
                  

03-12-2006, 09:55 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: Mohamed Elgadi)

    العزيز
    محمد القاضي
    شكرا على (الاقتباس الدافئ) و الكلمات المشجعة التي أراني أحتاج إلى دهور من العمل الجاد مستفيدا من تجارب كتجربتك و تجربة تماضر و كثير من (السابقين) حتى أصبح أهلا لها.

    فعلا في الفترة الماضية هاتفي كان معطلا تماما مما قطعني (قهرا) عن التواصل مع الكثيرين..سأهاتفك اليوم بحول الله على جوالك..
    و دمت
                  

03-13-2006, 08:55 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    -لنجلس!

    نفعل متجاورين بحيث لا يرى أي منا وجه الآخر. هكذا قضى الحجر. كنت قد وطأت طينا لزجا لوث حذائي و التصق به فأخذت أنظفه بعود صغير. لكن صديقي كان مثقل القلب:

    "بعد اتمام عقد الزواج ذهبت لزيارة أخت أبي. وجدت ابنها و قد طر شاربه. قارب الرجولة. قبل عام فقط كان يخشى الدخول إلى غرفة مظلمة داخل البيت لوحده. أضحى الآن يتعشى منتصف الليل، في الفناء المظلم للدار، متنكبا بندقية نصف آلية. بعد عدة لقيمات لا تقيم أودا و عبارات لا أفهمها إلا لماما يطلق وابلا من الصليات إلى أعلى و بيد واحدة! لعلعة الرصاص تصك أذنيَ، تجفلني، فيضحك رجل اليوم و يؤكد أنهم سيذيقون المتمردين ثمالات المنون! يقترح عليَ الخروج و التجول في المدينة. أجيبه بأن نعم شريطة أن يخلَف البندقية نصف الآلية وراءه في البيت. يضحك طويلا مثيرا حيرتي، ثم يخبرني أن المدينة لم تعد هي مدينتي التي عرفتها في الماضي، و أننا لن نقدر على أن نبرح شبرا، في جنح الليل، دون سلاح!

    أقترح عليه أن نتنازل عن الجولة فيضحك، و يسألني في تباه إن كنت خائفا. لا يهتم لسماع إجابتي. فقط يصر على الخروج. درءا لتهمة الجبن الكبيرة أوافقه على الخروج في جولة لا هدف لها سوى أن يتبختر بسلاحه! أثناء مسيرنا في ظلمات المدينة، التي افتقدت أنارة الشوارع منذ الأبد، اعرف منه،و هو الذي لم يكد يبدأ دراسته في المرحلة الثانوية ،أنه تجند في إحدى فصائل القوات شبه العسكرية التي أنشاتها السلطة بعيد سطوها على مقاليد الحكم في المليون وحدة مربعة. أعرف، من ناحيتي، أكثر أن الهدف من تجنيد أمثاله في مدينتي دون مواربة هو التصدي للمتمردين من أبناء الإقليم الذي تحصنوا في الجبال و الصحارى و الأحراج، و أضحوا منها يشنون حروب خاطفة ضد السلطة.


                  

03-14-2006, 10:27 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: أعرف، من ناحيتي، أكثر أن الهدف من تجنيد أمثاله في مدينتي دون مواربة هو التصدي للمتمردين من أبناء الإقليم الذي تحصنوا في الجبال و الصحارى و الأحراج، و أضحوا منها يشنون حروب خاطفة ضد السلطة.


    في الصبح الباكر رحلت عائدا إلى البيت. كانت الليلة السابقة هي ليلتي الأولى، في المدينة، التي أبيتها بعيدا عن سرير أمي، منذ صغري."

    قطع علي حبال استغراقي بسكوته. كنت قد أكملت تنظيف الطين من على حذائي فلبسته و قمت واقفا.
    -لنذهب!

    صعدنا إلى الطبقة الثالثة حيث غرفتنا. عمد إلى حقيبته. فنحها. أخرج سروالا بلديا قطنيا على غرار سرواله الجديد. دفع به إليَ.
    -هو، إضافة إلى سروالي هذا و الجلابية، من نسج أبي. قام بغزل القطن، أمامي، و نسج الخيوط.

    أعلم أنه أهداني إياه حتى أرتديه أثناء مكوثي بالداخلية عوض الshort . هذا هو دأبه؛ الحلول العملية و ليس سفسطة المتأسلمين. لم يكن من عادته انتقاد أحد أو استنكار أفعال الآخرين أو أقوالهم، على الرغم من انتمائه إلى تلك الجماعة الدينية التي ابتدرت عهدها بالتشدد.. تلك الجماعة التي يتسابق منتسبوها إلى "تغيير المنكر" بأيديهم، أو بألسنتهم في الغالب، و " ليس وراء ذلك خردلة من إيمان".

                  

03-15-2006, 08:01 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: تلك الجماعة التي يتسابق منتسبوها إلى "تغيير المنكر" بأيديهم، أو بألسنتهم في الغالب، و " ليس وراء ذلك خردلة من إيمان".


    خلدنا إلى هجعة مبكرة قليلا.. الأمير خائر القوى جراء سفره الطويل، و أنا بالنظر إلى ما أعانيه من إحباطات متعاظمة. في كل الأحوال دام ثمة تفاهم خاص بيني و بين الأمير حول قدرة النوم الفذة على مداواة الإشكالات الجسدية و النفسية. بالمثل دام التفاهم بيننا بصدد ضرورة التغذية الجيدة في مثل وضعيتنا البائسة تلك، و لا سيما السكريات منبع الطاقة الأصيل!

    غدوة اليوم الثاني خرج الأمير أبكر من المعتاد، و كما أزمع، "لزيارة بعض الأقارب، و توصيل بعض السلام و الاخبار و الوصيايا". هكذا أخبرني الليلة البارحة قبل أن نخلد إلى نوم قلق. لم يرجع في ذات النهار أو الليلة. غاب أياما متتالية ليعود نهار يوم شتوي. كنت، لحظتئذ، أقف في إحدى الشرفات و الشمس تغالط الأفق صابغة إياه، برغمه، بحمرة الرماد و البنفسج.. كانت تحتفي بقدوم ليال طويلة. أخبرني، بعد التحايا و السؤال عن الأحوال، أنه لا يحب الأصيل و لا يرى أي جمال في غروب الشمس الحزين. عمد إلى أغراضه( و ما أقلها!) جمعها، ثم رتبها في حقيبة صغيرة. هو دائما قليل المتاع، و الكلام، و الضحك، كأنما على استعداد أزلي لرحيل سيحين فجأة. أخبرني أنه سيسافر إلى مدينة في الأقاصي لحضور زفاف أحد أنسباء أمه، و ربما سيعرج على مدينته قبل أوبته. لمَا ذكرته بالنتيجة الوشيكة للإمتحانات، قال بلا إكتراث أعهده:
    -البركة فيكم أنتم.

    و فيما كنت أطمئنه بعبارات متفاجئة بأننا سنبعث له بفحواها فور ظهورها استدرك قائلا:
    -ربما سأعود بأسرع مما تتوقع.

    و رحل.


                  

03-17-2006, 09:18 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    و رحل.

    *.......*.......*.......*

    تدخلت السلطة بسفور و فعلتها! للمرة الثانية نتفاجأ بإقالة مدير الصرح العريق! كان كل شيئ قد رتبت له السلطة بإحكام خبيث إذ أنها في سرعة مدهشة عينت مديرا جديدا لأقدم جامعات البلاد، و أي مدير؟ رجل إشتهر عنه مواقفه البائسة إبان توليه رئاسة نقابة الأطباء لفترة إمتدت بؤسا. و إذن، لم يعد المدير ينتخب من قبل مجلس الأساتذة و هيئة التدريس، بفضل السلطة و عدالتها المستمدة من شرعيتها الثورية. و لََى ذلك الزمن إلى رجعة لا تبدو لها تباشير!

    أوساط الطلاب سيطرت عليها تكهنات عديدة حول إقالة المدير السابق، بيد أنها في مجملها كانت تدور حول رفض الرجل لدخول الشرطة إلى الحرم الجامعي.. نعم، هو نفسه عينته السلطة، و كان أن مرر الكثير من قراراتها، و لا سيما تصفية السكن و الإعتياش، بيد أنه رفض أن تدخل الشرطة الصرح لتعسف بمن رامت السلطة و سدنتها الطلاب المكر به! تنبأ حكيم بأن حقبة جديدة قد أرخت سدولها على الحياة الجامعية ناهيك عن سقوط تقاليد الصرح الكبير، و أمن نجمنا السياسي الجديد جمبلاط على كلامه. من جهتي، لم تتبلور لديَ بعد القدرة على استقراء ما وراء الأحداث. في الواقع، لم أتمتع يوما ما بموهبة العراف التي يتميز بها حكيم.


                  

03-18-2006, 12:36 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    في الواقع، لم أتمتع يوما ما بموهبة العراف التي يتميز بها حكيم.

    ثم كان أن اعلنت نتائج الامتحانات في أجواء غريبة! نجحنا؛ جمبلاط و ميادة و انا. أما حكيم فحكم عليه بإعادة سنة دراسية، و الأمير بالجلوس لإمتحان الملحق في مادة واحدة. الجو الذي أعقب إعلان النتيجة أمسى أكثر غرابة و كآبة. أخبرنا جمبلاط أنه بعث إلى الأمير يطلعه على التفاصيل. بيد أننا فقدنا شهيتنا لأشياء كثيرة؛ حكيم يختفي لأيام طويلة جدا، ثم يحضر في فترات أكثر تباعدا ليمكث قليلا جدا معنا. من جهتي أخذت أغرق في النوم طوال النهار و أستسلم للكآبات المسائية. جمبلاط كان يمر عليَ من أن لآخر في فترات صحوي مطالبا إياي بالخروج من "عزلتي المجيدة" و النزول إلى الجامعة لمقابلة "الآخرين". لم ينس، بالطبع، أن يذكرني في كل مرة بأن مي، و هو أحد اسماء ميادة المحببة إلينا، تسال عني كيرا و تبعث إليً بالتحايا و ربما القبلات.

    لم ينتشلني من بعض كآباتي سوى تعرف نصر الله بي. دخل عليَ الغرفة، هكذا بلا مقدمات، ذات مساء شتوي أصفر. أخبرني أنه يبحث عن شخص هو أنا! رحبت به قائما من مرقدي لأسلم عليه. لم أكن قد رأيته من قبل، بيد أنه ذكر أنه يدرس في ذات كليتي، لكن في قسم آخر. أضاف، من بعد صمت، مبررا إقتحامه وحدتي أنه قرأ اسمي من على لائحة النتائج، و أنه استنتج انحداري من ذات إقليمه. أجبته بأن بالإمكان معرفة جهات، بل و قبائل الكثيرين، من خلال التمعن في اسمائهم فقط، في بلادنا. لكنه كان محقا على أي حال.

                  

03-19-2006, 10:54 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    لكنه كان محقا على أي حال.

    غادر حكيم الداخلية ناقلا أغراضه. مع ذلك لم ينقطع عن المجيئ لملاقاتنا في بعض الأحيان؛ في الجامعة يلتقي جمبلاط غالبا في معية حسانه، و في الداخلية يوافيني لنجلس جلسات طويلة. يستأثر بحديثنا موضوع واحد أخذ حكيم يركز عليه كثيرا. بادئ الأمر حسبت أن مرد ذلك إلى إحباطه بسبب نتيجة الامتحان و قرار إعادته السنة الدراسية، لكن إتضح لي أنه كان يسعى في تنفيذ "مشروعه" منذ إلتحاقه بالجامعة. لربما كان سعيه ذاك هو السبب في إهماله أكاديمياته في تلك السنة الوسيطة، و مآله بالتالي.

    عند المساءات الكالحة يقفز نصر الله إلى حجرتي. أقول يقفز لأنه في مشيه يشبه ضفدعا مفغور الفيه. لاحظت أنه كان يزورني في الأمسيات فقط متحاشيا بذلك وجود أي من صاحبيَ. في جلساته معي يكثر من الحديث عن السلطة و علاقتها بنا نحن الطلاب، و علاقتها بالشعب ككل و على وجه الخصوص الناس في إقليمنا الذي ينحدر كلانا منه. له قدرة استثنائية على التفكير الممنهج، و تسليس العبارات، و الإختراق المباشر إلى صلب النقطة التي يروم التركيز عليها في حديثه. هكذا لاحظت. بالجملة كنت سعيدا بأن عرض عليَ صداقته.

    و أعلنت مواعيد امتحانات الملاحق و البديل و لمَا يظهر الأمير من غيابه. دنا أوانها و هو في غيابه يغرق. أقلقني ذلك فبثثت قلقي جمبلاط. طمأنني بأن صاحبنا يتعامل، كدأبه، مع الأشياء بنضوج و وعي، و أنه سيحضر حتما في التوقيت الذي يناسبه، و ربما-بل من المؤكد- أنه الآن في حالة تحضير مستمر للامتحان سيما و أنها مادة واحدة فقط. لكن شيئا من حتى بقي في نفسي و بخاصة أن حكيما إنقطع فترة عن زيارتي. و زاد الطين بلة أن جمبلاط أخبرني أنه لا يحضر حتى إلى الكلية. رغم صداقتنا الطويلة لم يعط حكيم أيَا منَا رقم هاتف بيته. الأدهى أنه لم يدع أحدا منا لزيارة بيته و أهله و هو الوحيدالذي تقيم عائلته في المدينة الثلاثية من بين مجموعتنا باستثناء ميادة الملاك بلا أجنحة! لم يكن أمامنا مناص من إنتظار أن يجيئ صاحبانا أو أحدهما، على الأقل.

                  

03-19-2006, 09:16 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    لم يكن أمامنا مناص من إنتظار أن يجيئ صاحبانا أو أحدهما، على الأقل.

    كم أحب نصر الله! إلى اليوم أحدث نفسي بذلك. أما جمبلاط فقد كان منغمسا في إبحاره العدمي في عوالم الفتيات. و صديقي نصر الله كان يلتمس طريقا إلى ذلك الفردوس الأرضي أيضا. أنبأني ذات مساء دافئ أن فتاة من كلية أخرى تروقه، و دعاني إلى الخروج من قوقعتي و النزول إلى الواقع الجميل لرؤيتها و التحدث إليها في الجامعة بصفتي صديقه. تملصت طويلا لكنه ألح بأنه حائر و يريد معرفة رأيي فيها فإضطررت إلى مجاملته، فقد كانت صداقتنا وليدة.

    وجدناها بانتظارنا. سلمت عليَ باسمي و بابتسامة عريضة! اقترحت عليهما أن ندخل إلى كافتيريا قريبة تشتهر بجودة عصير الليمون الذي يقدم فيها، فرحبا. أخذنا مجالسنا بعد إحضار الأكواب المترعة. فتاة صديقي كانت من أصر على دفع قيمة المشروب بينما اكتفى هو بمؤازرتها ضد إقتراحي القاضي بأن أفعل أنا. تبادلنا أحاديث عامة بعضها متعلق بالدراسة و الحياة الجامعية و نحن نحسو العصير البارد. لم يكف صديقي لحظة واحدة طوال ذلك عن لكز قدمي بقدمه من تحت الطاولة التي كنا نجلس إليها بمعنى أن أمعن النظر في حبيبته لأقول رايي فيما بعد. رفعت بصري متخيرا لحظة مناسبة لأنظر إليها. لم يصدقني نصر الله القول بوصفه لها بأنها رائعة الجمال! في الواقع، كانت آية في الفتنة!

    ثم من بعيد كما الانبثاقات رأيت ميادة الملاك بلا أجنحة. لعلها من رأتني أولا، إذ كانت ترامقني فيما هو أشبه بالحيرة و أنا أجالس آخرا و في معيتنا فتاة جميلة. رفعت يدها بالتحية محركة أصابعها في حركة ظللت أستعذبها منها إلى اليوم و إلى الابد. الآخران لم يرياها بحكم موقعيهما من مجلسنا. استأذنتهما و نهضت واقفا.



                  

03-20-2006, 04:11 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    استأذنتهما و نهضت واقفا.

    وقفت بانتظاري جانبا. كانت ترنو إليَ دون أن تحول بصرها عني و أنا ماض نحوها. في عينيها تحتشد شتى الأشياء الرائعة و دعة آسرة، و مع ذلك لم أكن لأحتمل نظراتها؛ نظرات ملاك بلا أجنحة. خطواتي كانت مبعثرة و كثيرة و قد استطالت المسافة التي تفصلنا لتبدو بلا نهاية. أخيرا ابتسمت بعذوبة و هي تخطو تجاهي خطوة واحدة لتصافح يدي الممدودة. ما أعذب الود الذي يفيض من راحة يدها و يشع من صوتها و عتابها الجميل الحاني. ببساطة قالت:
    -أين أنت؟ اشتقت إليك كثيرا. بعثت بتحايا الكثيرة مع جمبلاط و وصاياي أيضا.

    كنت مرتبكا، فقلت:
    -نقل إليَ التحايا و لم ينقل الوصايا.
    -حسنا فعل، و سيئا فعل.

    و إزدحم المكان بصمتنا. هي مطرقة إلى الأرض، أما أنا فأقلب بصري في شتى الأماكن و أسارقها النظر. أضحى الوقوف هكذا عبئا استثقلته فإقترحت أن تأتي للإنضمام إلينا في الكافتيريا. واتتها جرأةـ لا أدري أهي من شيمها أم غير ذلك ـ لتقول إنها يجب أن تلتقيني لمناقشة بعض المسائل و استشارتي بشأنها. أجبت بالإيجاب، بيد أنها طالبتني بتحديد موعد لذلك سيما و أنني، على حد وصفها،
    مثل الهلال لا أطل إلا من حيث لا يتوقع أحد. ثم انصرفت في هدوء بعد أن استأذنتني.

                  

03-24-2006, 03:34 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    ثم انصرفت في هدوء بعد أن استأذنتني.

    كنت أقف، إلى الأبد، هناك مستبصرا التحول الذي طرأ على سمتها. تكور حسنها و نضج جمال روحها. غدا ستغدو ملاكا مجنحا جميل السمت. هل صحيح فعلا ما يقوله جمبلاط و الآخرون عن إفتتانها بي؟ لقد عاصرتني فقط من كثب إبان إعتقالنا العام الفائت. وقتها، و في مجموعتنا نحن الذين إعتقلنا معا، ثمة من يبذني في كل شيئ. الكل كانت له صورة زاهية ملتمعة بالصمود في وجه التعذيب و الإذلال، فلماذا أنا بالذات محل افتتان هذا الملاك؟ منذ تلك اللحظات العصيبة و إلى اليوم أحترمها فوق الممكن و المستحيل معا، ذلك أنها كانت رائعة و سماوية في كل شيئ بدءا بمواجهة اعتساف عناصر الأمن مرورا بهزيمتها لهم وحيدة و انتهاءا بنيلنا تلك الحرية المجزوءة في ذات الليلة. هاهي اليوم أروع جمالا و تشع أنوثة. أعلم أن الملائكة كائنات مقربة جدا من الله، و أنها عندما تحب أحدا فالرب يحبه بلا شك. بيد أنني أتساءل إن كان سيصبح بمقدوري أن أعيش عمرا إلى جوار هذا النور السماوي وأنا الذي جبل على حب الصلصال و الترحال! ليت حبها لي، الذي يزعمه جمبلاط، يستحيل محض احترام!

    انتبهت من أبدية ابحاري في ملكوت جمالها و حبها لأعود إلى مجلسي في الكافتريا قبالة نصر الله و حسنائه. الاستغراق باد عليَ، و لم أهتم بملاحظتهما له. في عيونهما تتسابق الأسئلة مع فرق بسيط؛ الفتاة تداري تساؤلاتها بدبلوماسية متواطئة، بينما صاحبي يعلن السؤال البواح:
    -مرحى... مرحى! أقدمك إلى الآنسة المحترمة هنا بينما تمضي بعيدا لتكلم فتاتك الجميلة! من هي؟
    -زميلة في القسم و إعتقال قديم. ثمة مسائل كانت تود مناقشتها.
    -لم ارها قط في الكلية!
    -أنت لم تر الله.. بيد أنه موجود.


                  

03-27-2006, 01:16 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    -أنت لم تر الله.. بيد أنه موجود.

    نجح، إذن، في تحويل غبطتي بلقيا ميادة الملاك إلى نزق شرحته عبارتي الأخيرة. لاحظت ذلك فتاته الحسناء فقالت بدبلوماسية مبهرة:
    -أنت، إذن، ولد خطير. قد كان نصري مخدوعا فيك. تصور، قال لي بالحرف الواحد إن لديه صديقا لا يعرف التعامل مع الفتيات، و أن عليَ ملاقاة ذلك الصديق و أن أختار له واحدة من بين صديقاتي.

    كنت أستمع إليها بصمت و انتباه، لكنها فجأة سكتت. لربما لكزها نصر الله من تحت الطاولة أيضا! أما بالنسبة إليَ فلم يعد من فارق البتة، فتجاهلت وجوده و قلت للفتاة بجد أجيد إصطناعه:
    -أحد الأدباء الفرنسيين ذكر في إحدى رواياته أن الدبلوماسيين هم أكثر الناس إفشاء للأسرار في العالم.*

    و انفجرت في ضحك عاصف حقيقي. لكن حقيقة الصمت المسيطر هي من عصفت بجلستنا مقهقهة في تسلط. كَنت فقط أحس أن مؤامرة بين نصر الله و فتاته كانت تحاك في الخفاء. لماذا يقحم نفسه في شؤوني الخاصة؟ هل كونه صديقي يبيح له أن يسبغ علي وصاية عاطفية من أي نوع؟ و أكثر من ذلك أن يشرك فتاته؟ أخذا يتهامسان، فيما بينهما، مستغلين تفكيري الطويل و صمتي. ثم حاولت "الدبلوماسية" أن تجرني إلى حوار أكتع. كان سعيها خائبا منذ دهور. نهضت من مجلسي لأستأذن مزمعا الإنصراف إلى الداخلية. لدهشتي أصر نصر الله على مغادرة فتاته و مصاحبتي متعللا بأن عليها أن تشارك في سمنار ما في كليتها! رافقناها معا إلى هناك، ثم يممنا وجهينا شطر الداخلية.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    *أندريه موروا في رواية" ورد الخريف"

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 03-27-2006, 01:18 PM)

                  

03-27-2006, 02:16 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    رافقناها معا إلى هناك، ثم يممنا وجهينا شطر الداخلية.

    كنت صامتا طوال الطريق لا أرد على محاولات صاحبي الهبائية جري إلى الحديث، عبر أسئلة متكررة، سوى بردود مقتضبة لا تتعدى "نعم" و "لا". بعد وصولنا إلى الداخلية و إبدال ثيابنا، ألح صاحبي على احتساء كوب شاي رفقتي في أحد الأكشاك الصغيرة المتوزعة بين الداخليات. و إذ كنا نهبط معا من علياء الطبقة الثالثة، و في الدرج، قال فجأة:
    -عذرا، كنت أحسبك في عزلة نسوية جبرية، فحاولت الخروج بك من مأزقك.
    -..........
    -ليس من عادتي الإقدام على أمر ما إلا بعد سبر غوره.
    -لكن مسبارك تعطل تماما هذه المرة. لم تفعل حتى تقصَي حقيقة "مأزقي".

    تكلمت بإتهام محايد فصمت من جديد. كان يغرق بالشعور بالخطيئة. قلت مبتسما:
    -هي تصلح لأن تكون أما لأبنائنا.
    -فتاتك؟ بالكاد رأيتها، لكن رايي من رايك.

    اتسعت ابتسامتي لأقول:
    -أعني فتاتك! أبالكاد رأيتها هي الأخرى؟ أنت لا تصلح لشيئ.

    و ضحكنا معا مقوضين صرح مساعداته العاطفية إلى الأبد.

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 03-29-2006, 09:32 PM)

                  

03-30-2006, 07:13 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    انقضت امتحانات الملاحق و البديل و لمَا يظهر الأمير من غيابه الغامض. تحققنا أنه لم يأت أبدا إلى الجامعة. أحزنني تخلفه في كل الأحوال سيترتب عليه إعادة السنة بسبب مادة واحدة، و ليس في ذلك عدالة. حكيم نفسه أقلقه غياب صاحبنا و انقطاع أخباره، و شرع من جهته يعاود المجيئ إلى الداخلية لملاقاتي في بياتي المجيد و التردد على جمبلاط في رباطه الأزلي في الكلية. إذن ها هما اثنان من الصحاب سيغردان في مؤخرة السرب، لكن حتما ليس خارجه. سنظل نسكن معا و نتشارك الحدود الدنيا من هموم الجامعة و الحياة، و لاحقا ستتفرق بنا قضايا الوطن و دروب الحياة و عسف المنافي. في الصباحات و النهارات سيمضي كل إلى قاعة محاضراته و معمله لنلتقي ما بين ذلك و بعده لنتشاطر وجبات لا تقيم الأود. هل شكل انبثاق صداقتي الجديدة و نصر الله إيذانا بما حدث و سيحدث أم تعويضا مسبقا عمَا جرى و سيتجري به أقدارنا؟

    نزلت إلى الكلية في اليوم الذي واعدت فيه ميادة. التوتر يحيق بي، يكبلني، و لعله كان السبب في تبيكري إلى النزول. هل كنت مغتبطا؟ هل كنت حزينا؟ أم هو الانفعال؟ عليَ ألاَ أسرف في نفخ بالون التوقع ذلك أن انفجاره سيحدث دويا فظيعا. لكن مهلا.. ما هذا؟ كأني رأيت الأمير و هو يمضي مسرعا إلى دخول مكتب مسجل الكلية. انتظرت طويلا عند باب مكتب المسجل لأرى الأمير، أو شبيهه ذاك، يخرج. أخيرا خرج الرجل. كان هو صديقي الأثير. بكل الأشواق سلمت عليه و تعانقنا. ألح على أن يعزمني على كوب من عصير الليمون الشهير. أعرف اتفاقي الضمني معه، وقتها، بعدم قيام علاقات مع الفتيات فضلا عن أن فسحة كبيرة من الزمن كانت تفصلني عن ميعاد ميادة، فتبعته صاغرا إلى الكافتيريا يدفعني التشوق إلى معرفة أخباره و حنين أصيل إلى صديق حميم. ما أكثر ما كنت متلهفا إلى معرفة أين إختفى و ماذا هو فاعل بشأن المادة التي تسربت معها سنة أكاديمية كاملة من حياته.

                  

03-31-2006, 05:26 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    ما أكثر ما كنت متلهفا إلى معرفة أين إختفى و ماذا هو فاعل بشأن المادة التي تسربت معها سنة أكاديمية كاملة من حياته.

    لاحقته بالأسئلة و نحن نحتسي لذاذة العصير. أخبرني أنه كان بصدد السفر إلى أميركا، و قد قام بكل الترتيبات الضرورية لذلك، و أن حساباته ارتكزت على فرضية أن يكون في ذلك البلد منذ حوالى الشهر. و لذا فلم يهتم بالجلوس لذلك الامتحان رغم علمه به. ثم كان ما كان من فشل تدبيره. أخيرا طمأنني بأن عميد الكلية التي يدرس بها جمبلاط يمت له، أي الأمير، بقربى و من الممكن أن يشفع له لدى عميد كليتنا، و بالتالي سيتم السماح له بإعادة امتحان الملحق، و اللحاق بركب الدفعة! كان واثقا و يصر على أن كل شيئ سيتم بمشيئة الخالق.

    بعد أن طمأنني أدركت فداحة أن أتغيب عن ميعاد ميادة الملاك الجميل غير المجنح. و أنا أهم بالاستئذان للذهاب للبحث عنها مرت بالجوار و رأتنا معا. تقدمت نحونا و حيَت. كانت تعلم أنه لا يصافح النساء، و إن كن ملائكة بلا أجنحة و جميلة جدا، فإكتفت بمصافحتي. لا أجدني بحاجة إلى ذكر أن يدها كانت تشع بذلك الود و الحنو الرقة التي ننشدها مجتمعة عند أنثى خاصة من بلادي. افترق الأمير عنَا بعد لحظات و توجهت و الفتاة إلى الجادة الرئيسية للصرح الكبير نشدانا لتفيئ أحد مقاعد الأسمنت الشهيرة. لكن المكان مزدحم بوجوه آلفها و شخوص تعرفها الفتاة. اخترنا المضي إلى إحدى أشجار اللبخ الكبيرة، جوار السور القصي، حيث لن يزعجنا أحد و حيث سنصف عاشقين بلا جدال. جلسنا هناك متجاورين لأن كلينا لا قبل له بالجلوس مواجها للآخر.

    تفيأنا ظل الشجرة الدوحة. من تحتها العشب المصفر و الأوراق اليابسة و ثمار يعافها الطير تتواطأ، جميعها، مع صمتنا المغتصب و المهيب. أنتظرها أن تشرع في الحديث، و تنتظر مني أن أطلب إليها ذلك! باعث الانتظار، في حالتي، أعرفه و ،في حالتها، أكاد أخمنه.

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 04-02-2006, 07:29 AM)

                  

04-02-2006, 07:52 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    باعث الانتظار، في حالتي، أعرفه و ،في حالتها، أكاد أخمنه.

    أتكلم لأكسر جدار الصمت.. أتكلم عن نتائج الامتحانات الأخيرة و غرائبها. أسهب في شرح كيف أن عصفت بحكيم، و ربما ستفعل بالأمير. تشترك الفتاة في لعبة الحرب ضد الصمت ذاكرة أن جمبلاط الآن مرتاح كثيرا بعد تحوله إلى كلية أخرى منذ العام الفائت، و أن نتيجته المتميزة هي الشيئ الوحيد الجميل في تلك الأيام. أحقا؟ أذكَرها بأيام الإعتقال و بطولاتنا خلاله، و أعبر عن دهشة أصيلة من أننا جميعا، عدا جمبلاط، لم ننضو تحت أي لواء تنظيمي حتى اللحظة. هذا بالطبع إذا اعتبرنا أن جماعة الأمير هي جماعة دينية خالصة، حسب الإدعاء الأزلي.

    و يحاصرنا الصمت من جديد، فأشرد إلى ما تريد، حقيقة، قوله. أعرف الفحوى، و أنتظر مفردات اللغة التي تفسرها. لم عليَ الانتظار؟ لماذا لا يذهب الجبل إلى محمد طالما الأخير لم يبادر بعملية الذهاب؟ أتنحنح.. أشحذ حنجرتي. تتيقظ كل ساعات الفتاة الداخلية أكثر.. أكاد أسمع نبضاتها. أهم بفتح فمي، لكن ماذا أقول؟ بم أبدأ؟ لماذا لم أرتب لما سأقول قبل أن ألاقيها؟ هل أظل على خداع ذاتي بأنني لم أك داريا بمرماها من ضرب الموعد؟

    أستجمع شتات اللغة الغائبة، و الشجاعة التي غالبا ما تخون، و أستعير ألفاظا لا أدري لمن تؤول:
    -أنت الأجمل.. أنت الأكثر طهرا و سماوية... و الأحب إلى نفسي!

    و أهرب بناظريَ إلى البعيد كمن يخشى إفتضاح أمر يخفيه و .. الله. أكتشف أن الألفاظ تؤول إليَ فقط، و أسمعها تقول:
    -اعد ما قلت.. فقلبي لم يسمعه.
    -.. و إذا تركته لم يزل أعوج.
    -عندي أنت الأكثر إحتراما.. و رجولة.. و غموضا. لكن حبي لك يفوق التصوير و النقش على أحجار الذاكرة.

                  

04-09-2006, 09:38 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    -عندي أنت الأكثر إحتراما.. و رجولة.. و غموضا. لكن حبي لك يفوق التصوير و النقش على أحجار الذاكرة.

    يباغتنا الصمت فاضحا إعترافاتنا تلك.. تلك الإعترافات قررت مصيرا جاهدت للهروب منه و ناضلت هي لإرتياده و إقتحامه و إشهاره. إذن فلنحاول معا أن نرسم اللوحة التالية بكلمات عصية. نعلم أن المحاولة ستؤول إلى الفشل بيد أننا سنتمادى فيها متواطئين مع ذاتينا. نتحدث في كل شيئ إلاَ ما اعترفنا به توا، و نعلم أن دواخلنا تصرخ به، و تفضحه عيوننا و رعشات أطرافنا. أحس أن رفاقها الملائكة يرفرفون بأجنحتهم الشفيفة حولنا ناشرين ضوء الشمس و هبات النسيم و خضرة الكلوروفيل. غدا ستغدو فتاتي ملاكا مجنحا و ستحلق بي في السموات البعيدة العلا.

    يطول بنا الجلوس تحت الشجرة الدوحة و لا نحسه. نحس أننا وحدنا متربعين على ناصية الكون و قد سجلنا اعترافاتنا لتشهد عليها السدم و الأنجم و بقية الأجرام السماوية. الشمس التي كانت سباقة إلى الشهادة آذنت بالمغيب و إنتهاء اللقاء الإعتراف فنهب واقفين معا يغلفنا إحساسان مسيطران؛ أولهما الظفر و هو خالص لها، أما الثاني فإحساس الفوز بالجائزة الكبرى، و لا داعي للقول إنه يخصنا معا.

    تطلب مني أن اوصلها إلى بوابة الجامعة الرئيسية حيث ستنتظر مجيئ سيارة أمها لتقلها إلى البيت. أفعل، و أودعها. لم تكن بي رغبة في إلتقاء تلك الأم التي أسمع عنها للمرة الأولى.
                  

04-14-2006, 04:08 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    (3)

    هدير ... هدير و أزيز ... هدير و أزيز و صداع ... أصحو ... أفيق. أجدني مقعيا في فراش أشبه ما يكون بمقعد فأستدير ببطء الغشاوة إلى يساري. مقاعد كثيرة تصطف هناك و عليها يجلس أناس بعنوان التباين. أستدير بالبطء عينه ناحية اليمين. مقعد واحد أقرب شبها بفراش يستقر هناك و عليه يجلس شخص ما. أهتم بالنظر إلى النافذة التي على يمينه و عبرها. خلف زجاج النافذة يكمن الفراغ، أو هكذا بدا لي من موقعي و السديم يتمدد داخلي. أغمض عينيَ. أحس حراكا إلى جواري. من على اليمين يأتي .. يأتيني مخترقا السديم كنسيم مستحيل. يستقر يدا على جبيني. أفتح عينيَ، ليعاودني الإدراك ... هي إلى جواري مرتدية فستانا من قطعة واحدة و بكمين ينتهيان عند استدارة الكتفين و يبرزانها. ضيق الفستان يمتد حتى أعلى الركبة حيث ينتهي. أفتح عينيَ أكثر ليعاودني الإدراك. يمكث الإدراك في وعيي فترة أطول، و خارج النافذة أرى زرقة الفراغ. من جديد إلى جواري أنعم النظر في جمال الساقين. القدمان حافيتان باصابع رقيقة و طلاء أظافرها يلتمع بوميض خافت الحمرة. أين ذلك اللهيب الذي يضطرم في الحيزوم الأوسط؟ أتطلع إلى خارج النافذة ربما لأبحث عن اللهيب. فقط ثمة زرقة تتخلل ندفا بيضاء تتعاقب بأحجام متباينة. معها يتعاقب الإدراك و ضده في وعيي. أسترق اللحظات لأنظر في عينيَ المرأة. زرقتهما تهالني. إتساعهما يوحي بالبحر العامر بالشعب و الأصداف و الأعشاب. أغوص في البحر فيدهشني نقاء الزرقة. تدهشني أكثر ضحالتها. لكن البحر عميق كالأفكار المجنونة. تحت الزرقة الضحلة يرقد العسل. يتشبث بي العسل، يحتويني بحنو، يغرقني بعنف، يغتال اللاوعي و اللا إدراك، يحرر بصري. أرى شفتيها مطليتين باللون الأحمر الخافت ذاته. أذاهبة هي إلى حفل تنكري؟ أبحث عن إجابة لسؤال الحيزوم الأوسط و لهيبه و لا أعثر عليها. أجد المرأة تتحسس أعضائي فاعلة تماما مثل أم تتفقد جسد رضيع سقط من مهد عال في غفلة.

    تفيض الطمأنينة من نأماتها شلالات. تعانقني و تبكي. أبكي معها و أربت على ظهرها و جيدها. أتحسس ردفيها و وركيها و فخذيها. يكف كلانا عن البكاء. أقول:

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 05-06-2006, 09:32 AM)

                  

04-17-2006, 02:21 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    أتحسس ردفيها و وركيها و فخذيها. يكف كلانا عن البكاء. أقول:
    -هيا أميطي قناع الزرقة، و أريني أنظر إليك!

    تصمت. تتفكر. قبل أن تتكلم يباغتنا صوت نسوي ساحر:
    -نقترب الآن من الجزيرة. نرجو لزم أماكنكم، و ربط الأحرزمة.

    تحط بنا الطائرة، و أنا غارق في الدهشة. تقتادني المرأة. تمد أوراقا إلى رجل طويل أنيق، فيعبث في الأوراق بصمت ثم يعيدها إليها. تحمل المرأة حقيبتين صغيرتين و تقتادني إلى خارج المطار.

    تقلنا مركبة ملساء مصقولة لتزداد دهشتي المنداحة بفعل الجبل الذي على الحافة. على الحافة الأخرى هاوية تضيق و تتسع لكن دائما على حساب الطريق المسفلت بالبياض. تدخل بنا المركبة الملساء مدينة لا تأبه لنا، فتخترقها المركبة لتخرج من عند طرفها الأبعد.

    في البعيد تقصد المركبة إلى مبنى متوسط العلو، ربما من طبقتين أو ثلاث بيد أنه حتما ذو علية. جميل ذلك المبنى. نترجل لتقتادني الفتاة. أسلمها زمام نفسي الذي يستقر، في الأساس، تحت أناملها الرقيقة منذ أن تحسست جسدي. ندنو معا من جمال المبنى الذي يحمل لافتة ذات حروف كبيرة لا أهتم لقراءتها، أو لا أقدر. نجد نفسينا في صلب المكان لتستقر حقيبتانا على الأرض المصقولة. تقوم الفتاة بالتحدث إلى رجل خلف طاولة مزخرفة. أتلهى آنئذ بالنظر إلى صورتينا المنعكستين على الأرض المصقولة، و تنهي الفتاة حديثها مع الرجل مقتادة إياي إلى وجهة جديدة في الداخل. تفتح بابا بمفتاح أخذته من الرجل القابع وراء الطاولة المزخرفة. هناك نجد حقيبتينا قد سبقتانا من غير مساس.

                  

04-23-2006, 05:50 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    تفتح بابا بمفتاح أخذته من الرجل القابع وراء الطاولة المزخرفة. هناك نجد حقيبتينا قد سبقتانا من غير مساس.

    تتجرد الفتاة من ثيابها ثم تعمد إلى خزانة قريبة للملابس تستخرج منها ثيابا للبحر تصفها على الفراش العريض. تدنو مني و هي تبتسم ثم تبدأ في خلع ثيابي عني. تجردني من كل خيط ممكن على جسدي. تعود فتخلع عنها ثيابها الداخلية. هنا أستنشق عرينا المشترك، بيد أن الفتاة تقتادني ممسكة بيدي إلى الحمام. نستحم معا من بين الابتسامات المتبادلة و دعك الأجساد و دلكها. يتحرر جسدي من آلامه و أدرانه، و يتحرر عقلي من الأثقال. للمرة الأولى منذ أن تعرينا معا أنظر إليها متمعنا في جسدها. يغزو اللهيب حيزومي فيرده إلى حضور مغتصب. نفرغ من الاستحمام، فتمسك بيدي و تقتادني إلى الغرفة في صمت. تنظر إليّ ثم تشير إلى الملابس المصفوفة على السرير و تبادر بالسير قاصدة إياها. ترفع ثياب البحر الرجالية و ترمي بها إليّ. تقع الثياب على وجهي ثم تسقط على الأرض المحايدة. أرفعها و أظل ممسكا بها بينما أحملق في المرأة العارية، فتسارع هي إلى إرتداء ثوب البحر خاصتها ذي القطعة الواحدة، ثم تقبل نحوي تعينني على ارتداء سروال ينتهي عند الركبتين. أرفض إرتداء ال T-shirt المخطط بالزرقة و بالبياض، فتمسك بيدي و تقتادني إلى وجهة أجهلها.

    نخرج إلى العراء الفسيح الممتد أمام المبنى حيث تنتظر سيارة حبرية الزرقة لا تكاد دواليبها تبين. تجلس إلى المقود و أجلس إلى جوارها في المقعد الآخر الوحيد. تضربني على ركبتي بخفة فأرفع راسي إليها لتغمز لي بعينها اليسرى ثم تبتسم. يعجبني انتظام أسنانها البديع فأبتسم أيضا رغما عني. تدير المحرك ذا الصوت الخافت جدا و تقود السيارة المكشوفة بهدوء، فيهب نسيم البحر مشبعا برذاذ الملح و الزرقة. تنحرف بنا السيارة مع انحراف الطريق المسفلت بالبياض عينه. عند نهاية المنعطف يصدمنا أن البحر قريب. نترجل معا قافزين دون فتح البابين.

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 05-06-2006, 05:50 AM)

                  

04-30-2006, 02:06 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    عند نهاية المنعطف يصدمنا أن البحر قريب. نترجل معا قافزين دون فتح البابين.

    راكضة أمامي تنطلق المرأة بكل ما أوتيت من سرعة. أرى بياض فخذيها، و قدميها و أركض وراءها على الرمل الناعم، الرطب. أكاد ألحق بها، فتنحرف لتركض بمحاذاة الماء. تطيش ركضتي، فأدخل إلى الماء الضحل ذي الصفحة الهادئة. تتوقف، هي، لتضحك بجلجلة تتردد وحيدة على الساحل. لم يكن ثمة من أحد سوانا. يجتاحني نزق مباغت فأخرج من الماء و أمشي بتمهل صوبها. تتوقف. تنظر إليَ، ثم تركض صوبي مادة يديها. تقترب، و تفتح يديها و ذراعيها على إمتدادهما. عند لحظة تلاقينا تصطدم بي، و عند نقطة إلتقائنا نسقط معا على بياض الرمال، ثم نجلس. يفارقني النزق و ننفجر معا في ضحك صاخب. أضع راحة يدي على فخذها، فتستقر على رمل خشن أزيحه بحركة هادئة. تمد يدها، بدورها، لتزيح عن فخذي الرمل المخشوشن.
    -عندما نعود إلى الفندق سأحلق لك ذقنك.

    أواصل نفض الرمال عن فخذيها، ثم ساقيها، فقدميها. الآن تمرح راحة يدها عل صدري. بالمقابل تخلل يدي أصابع قدميها الطويلة بهدف إزاحة الرمل السكري، أيضا. بعد فراغي من تنظيف أظافر قدميها من الرمل السكري أشد الأصابع واحدا تلو الآخر لتصدر أصوات فرقعة أستعذبها. تمد يدها بإتجاه شاربي عند طرفه الأيمن. تسترجع يدها قبل مساسها للشارب.
    -هناك شعرة تتمرد على شاربك مثل جندي يقود طابورا.
    -انزعيها!
    -لكني أخاف.
    -هيا، افعلي!

    ترتجف يدها الممدودة، بيد أنها تمسك بالشعرة ثم تشدها فجأة. تنزعها مثلما تنزع شوكة طويلة. يؤلمني النزع للحظة. تمد إليّ الشعرة الطويلة السوداء، فأقول:
    -إحتفظي بها تذكارا لقبلتي هذه!

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 05-06-2006, 05:53 AM)

                  

05-03-2006, 08:41 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    -إحتفظي بها تذكارا لقبلتي هذه!

    أقبلها. و أقبلها. و أقبلها.. ثم أفلت شفتيها اللتين يتغير لونهما الآن. نقوم من مجلسنا لتلوذ هي بصدري العاري. أحتضنها ثم أبعدها عني، و أظل ممسكا بكتفيها. أمعن النظر في زرقة عينيها. أغوص عميقا في تلك الزرقة، ثم أطفو على السطح بعد أن لفظتني كثافة الأعماق. أحاول الغوص من جديد بيد اني لا اقدر. رهيبة قوة دفع الزرقة. تضايقني تلك الزرقة في عينيها. أتشبث بالأهداب الطويلة و أقول:
    -عند عودتنا إلى الفندق سأحلق لك زرقة عينيك.

    تضع رأسها على صدري. أحس دفء يدها و تعرقها. في تلك الآونة يهب نسيم من جهة البحر بمذاق عشق مترف و يغلفنا معا. تبتعد قليلا عني و تشير إلى جانب ثوبها البحري. تقول:
    -أنظر! يبدو أنه تمزق. لم أفطن إلى ذلك إلا من بعد هبوب النسيم.

    أمد يدي إلى حيث تمزق الثوب واضعا إياها على الفرجة التي خلفها التمزق. تجفل من لمس يدي لجسدها هناك. بدوري أحس نارا تستعر حيث لمست. فجأة تتاوه الفتاة و تدنو مني.. لكنني أمسك بها من كتفيها مبقيا على ذات المسافة التي تفصل بيننا.. أهبط بيدي حيث التمزق. أمسك بالثوب من هناك. أمزقه فجأة ليسقط عنها إلى الأرض الرملية. يمتد عريها البديع على طول الساحل، يزحمه.
    تتكلم:
    -ماذا فعلت بثوبي؟

    ثم تركض إلى الماء. تنزل إليه مخفية عريها البديع فيه. ألحق بها، و أغوص معها. من تحت الماء أتحسس جسدها. تحاول الابتعاد فينزلق فخذاها من بين يديّ مثل دولفينين يمرحان. تخرج راسها إلى سطح الماء ثم تسبح مبتعدة نحو حافته. تنتصب واقفة ثم تركض بإتجاه الرمل و إلتماعه. أسارع إلى اللحاق بها. تضحك.. تضحك.. فأضحك. تواصل ركضها تجاه العربة حبرية الزرقة. تقفز إلى مقعد القيادة دون فتح الباب. بمجرد أن احذو حذوها تنطلق المركبة بسرعة صاروخ بدائي.

                  

05-05-2006, 05:45 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    تقفز إلى مقعد القيادة دون فتح الباب. بمجرد أن احذو حذوها تنطلق المركبة بسرعة صاروخ بدائي.

    نصل إلى الفندق. قبل أن نترجل من العربة تتمنطق المرأة بقطعة بشكور بيضاء. بعدها تمشي مسرعة إلى الداخل. أمضي في إثرها و الماء لا يزال يقطر من جسدي مثلما هو الحال معها. ألحق بها و ندخل معا إلى الغرفة عبر الباب. تستقبلنا رائحة زكية العبق. إنها رائحة دخان.. هو عين البخور القديم. فور إدراكي لذلك أسارع إلى عمق الداخل لأنعم بستر الغرفة و عبق البخور القديم. أسارع ايضا إلى نزع سروال الملح عني.. أسارع إلى نزع الملح عن جسدي قبل أن يكتمل جفافه و يشد جلدي. المرأة في إثري، الآن، و هي تنزع عن وسطها قطعة البشكور و تطوح بها. تدنو مني. تدني صفحة خدها بالذات مني أكثر.
    -أنظر، كيف يفعل الملح ببشرتي!

    أمسك بكتفيها المستديرتين و أدنيها مني. تستكين. ترفع وجهها ، و تنظر إلى عينيّ، ثم تسبل أهدابها. تنفرج شفتاها. أقرّب وجهي من وجهها. تلفحها أنفاسي فتغمض عينيها و تنفرج شفتاها أكثر. أخرج لساني من مكمنه لأضعه على خدها. تقرصني الملوحة، لكني استعذبها. أمرر لساني على الخد ليغسل رطوبته. في هذه الآونة تحاول المرأة إدارة راسها لتدني لساني من فمها، بيد أن اللسان يهرب إلى وجنتيها و يواصل تسكعه اللاحس فوقهما. تحاول رفع راسها و إدارته تارة يمينا و أخرى يسارا لتدني لساني من فمها لكن اللسان يمعن، كعادته، في الهرب إلى الجبين و الأجفان المسبلة و يمارس اللحس المتسكع. يطوف لساني في ساحات الوجه، الذي أضحى رطبا بدوره، فيما تتعالى أنفاس المرأة. أعيد لساني إلى تجويف فمي، بينما ترفع المرأة ذراعيها و تحيط بهما عنقي. تتخلى يداي عن إمساكهما بكتفيها لتنزلقا مستقرتين عند مضيق الخاصرة الباهي.

    أشدها نحوي. ألصقها بي، فتقرب و جهها من وجهي و لا تزال عيناها مغمضتين. أخرج لساني، من جديد، من مكمنه و أضعه على زاوية فمها. تدير راسها بيد أنني أسحب اللسان بسرعة. تدني فمها من فمي فأخرج لساني مجددا و أولجه في زاوية الفم الأخرى. تدير وجهها في سرعة مباغتة فاسحب اللسان ببطء مقصود.

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 05-06-2006, 06:10 AM)

                  

05-05-2006, 07:29 AM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)



    Dear Abu Asal

    I was lucky to meet you in USA

    Keep the good work

    miss you

    Tragi
                  

05-05-2006, 08:04 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: Tragie Mustafa)


    المحترمة جدا تراجي
    كان مجيئك و الأستاذ صالح محمود المحامي إلى ماساشوستس بالذات و الولايات المتحدة بشكل عام أهم حدث بخصوص المشكل الدارفوري، بما قدمتماه من تنوير و تبصير و إزالة للكثير من الغموض الذي إكتنف المعاناة البروميثيوسية لأهلنا في دارفور الحبيبة. يومها في كلية أمهرست و شخصي يصل متأخرا مع المتألقة أبدا تماضر و اسرتها الصغيرة و يتزامن ذلك مع قدوم الفنان الأصيل خالد كودي و زوجته الانسانة الجميلة المحترمة ندى، و نحن نستمع إليكما إيقنت كم هي عظيمة تلك هي المسؤولية التي ألقاها الدكتور محمد القاضي على كاهلي بترشيحي بديلا محتملا للأستاذ صالح حال عدم تمكنه من الحضور إلى بلاد العم سام. لا اخفيك أن ذلك الاحساس تعاظم بمنح الأستاذ صالح جائزة القانونيين الاميركيين ثم تكريمه من قبل الأديب الأفريقي العالمي وولي سوينكا، ثم بحديثكما في الحدث الكبير بواشنطن.

    فاتني أن أجيئ إلى واشنطن و قد كنت عائدا لتوي من شيكاغو من مؤتمر يخص قضايا اللجوء و الهجرة. المهم كنت متعبا حد الموات، و كان يتحتم عليّ شد الرحال إلى واشنطن في حافلة تنطلق من كلية كلارك القريبة إلى حيث أسكن. قهرني الإرهاق، هكذا بكل بساطة، بيد أنني إستمعت إلى تغطية البي بي سي للحدث و مقتطفات من أقوال المتحدثين. كنت بحق سعيدا جدا بكما و بأن جهودنا جميعا من أجل إبراز و إنهاء معاناة أهلنا قد بدأت تجد حظها من الإهتمام.

    اليوم و قد وقعت إحدى الحركات إتفاق سلام مع نظام الخرطوم آمل أن يكون ذلك فاتحة سلام و أمن و استقرار و تنمية لأهلي في دارفور الحبيبة، متمنيا في ذات الوقت أن ينعم سوداننا بكل أجزائه بالحرية و التنمية و الحب و إزالة الغبن عن الجميع. نعم.. تظل هذه أمنيات عزيزة، و يبقى تحقيقها رهينا بتنكب جميع السودانيين مسؤولية استشراف غد يمحو عار أيام عديدة من حياتنا.

    أفتقد جلوسنا جميعا في بيت محمد القاضي و زوجته الجميلة الحانية الدكتورة ماجدة و أشقائه المحترمين و زوجاتهم الرائعات و تيتة بحنانها الفريد و خالد و ندى و المتألقة ابدا تماضر و أخي عبد العزيز جري. كنتما، أنت و أخي صالح محمود، نجمان فوق العادة. هل تعلمين أنني عرضت على صالح ان أكون أخاه الأكبر؟ ثم كان أن تذاكرت و إياه الشاب الرائع عزت الماهري. تلك قصة أخرى.

    مرورك من هنا سيشع طويلا جدا
    عشت

                  

05-06-2006, 00:57 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    أبوعسل
    تكتب بكاميرا ذات بعد سادس...تسرى وتعرج فى الزمان والمكان بإنسجام كإنسجام الكواكب فى أفلاك مجراتها...وتجذب إليك بخاصية خارقه من يجلس فى حانتك بخاصية الحلاج الولاج فى عوالم البواطن...بإسهاب متماسك فى مناسك خصور روعة الدهشة ولسعة فراشها لمياثم الإنبهار التى تتناسل أعماقا كلما تم لإختراق لعمق إنداح عمق آخر................................



    لا أقول إكتشفت بل أقول كشفت لى الحجب//منصور
                  

05-06-2006, 09:19 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: munswor almophtah)


    صديقي المنصور
    ما كتبته هنا يظل شهادة كبيرة من أديب متعدد الرؤى الأدبية و يحق لي أن اسعد بها كثيرا.
    الكتابة هي أحد الهموم ثقيلة الوطء سيما و أنها تعني إحتراق الروح و عذابات يعيها من
    يتعاطى هذا الفعل المضني، أعني الكتابة، و لعلك أعلم مني بذلك بكثير. لذلك حينما تأتي
    إشادة، مثل خاصتك هذه، من أديب تعني الكثير.. تعني أن علينا أن نمضي قدما في التجربة..
    و أن علينا أن نراقب ما نكتب أكثر، و ألأّ نكون متسامحين مع أنفسنا الأمّارة بالكسل.. ثم
    يضاف إلى كل ذلك جبروت أن نكتب من المنافي، التي إختارتنا قسرا، و نحن بعيدين عن الوطن،
    عن الناس الذين هم ملح الكتابة، و شمس السودان الحارقة و عجاج الفصول.. نكتب فقط من
    ذاكرة تتشبث بالرؤى حد الكتابة، مستعينين، دون أن ندري، بالمهاتفات مع الوطن ، و مع
    آخرين مثلنا يصطلون بلهب المنافي بالمشافهة.. النتيجة أننا نصطنع لنا أوطانا موازية
    و لو إلى حين.

    مثلك يا صديقي يملك أن يكشف الحجب لنفسه أنّى رام فأنت المفتاح
    عشت أيها الكريم
                  

05-06-2006, 09:27 AM

محمد خالد ابونورة
<aمحمد خالد ابونورة
تاريخ التسجيل: 01-17-2006
مجموع المشاركات: 372

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    ابوعسل

    مستمتع بهذا النص حد الذهول
                  

05-06-2006, 06:17 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: محمد خالد ابونورة)

    اخي
    أبونورة
    أيها الصديق صاحب لندن و نساء أخريات.. أعلم أنك، مثلنا، تفيأت عوالمك المنافي .. لذلك كتبت عن المدن و ستكتب عن النساء أيضا. . ذلك أن المدن التي نحب هي أوطان و النساء اللائي ننشد هن أوطان نلوذ بها من هجير الحياة في المنافي. أما النساء هنا في هذا النص هن شخوص ننفخ فيها من روح التجربة و تهاويم الخيال.

    شكرا على المرور الباهي
    دم بخير
                  

05-06-2006, 07:13 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    تدني فمها من فمي فأخرج لساني مجددا و أولجه في زاوية الفم الأخرى. تدير وجهها في سرعة مباغتة فاسحب اللسان ببطء مقصود.

    تزداد يداها إحكاما حول عنقي، فأضمها بقوة إلى أن تصدر عنها آهة. أحار في تفسير فحوى الآهة، و لا أخفف من ضمي لها. تخور قواها.. تتخاذل عني فأرفعها، محافظا على إلتصاقها بجسدي، إلى الفراش ذي الشراشف الوردية.

    أرقدها ممدة على الفراش، ثم أحاول أن ابتعد بقصد الذهاب إلى الحمام بيد أنها تتشبث بي. أقف إلى جوار الفراش. أحدق في زرقة عينيها و صفائهما. أتكلم:
    -تقف الزرقة حائلا بيننا.
    -لكن الملح يوحدنا.
    -هو فقط يذيب الشموع ، لكنه لا يغسل الزرقة.
    -أغسلني بلسانك، إذن!
    -أعياني الترحال، و تعبت من زرقة العيون مغاسلي.

    تهب واقفة على الأرض دفعة واحدة. تمشي بدلال يثير عريه اللهيب في حيزومي الأوسط. أنصرف إلى متابعتها ببصري. تستدير يسارا ثم تمشي بذات الدلال. تستدير، من بعد، إلى اليمين و تواصل مشيها الفتّان. تعود بإتجاهي و هي تتدلل. قبل أن تصلني تدور دورة كاملة و تمضي مدبرة في مزيد من الدلال و البطء. و هي في إدبارها تشير بيدها أن تعال، و تقصد إلى الحمام. يشغلني إبحاري في دلالها و إدبارها عن فهم مغزي الإشارة. تتوارى داخل الحمام عبر الباب شبه الشفاف. أستفيق. أنازع نفسي بين أن ألحق بها و ألاّ أفعل. أستحضر أنني كنت أزمع إستباقها إلى الحمام. أتباطأ، لكن صوتها يرتفع برنين يثير أشياء شتّى:
    -تعال لتدعك لي ظهري!

                  

05-07-2006, 10:58 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    -تعال لتدعك لي ظهري!

    ألحق بها مستجيبا. أجد رغوة الصابون كثيفة و هي تغطي جسدها. أدنو منها. توليني ظهرها كي أدعكه. لكني أمسك بها فجأة محتضنا إياها من الخلف. تضحك مستكينة. ثم فجأة تنفلت منزلقة من أحضاني و يعلو ضحكها أكثر. أحاول أن أمسك بها بيد أنها تتفلّت من من بين يديَ من بين ضحكاتها، فأشاركها الضحك بلا مندوحة. ينقطع ضحكها فجأة، و تقول:
    -لقد كنت في الطائرة نائما كما الأطفال.
    -آه.. لقد فوَت على نفسي فرصة فريدة للإنضمام إلى عضوية نادي الستين ألف قدم.
    -أيَ ناد هذا؟

    أمسكها محاولا إحتضانها من الخلف من جديد دون أن احفل بالكلام و الرد على سؤالها، بيد أنها تدفعني بعيدا عنها و هي تقول:
    -لا تلمسني قبل ان تخبرني أي ناد عنيت!
    -إنه نادي العدو على أجمل الدروب في طائرة تحلق على إرتفاع هائل.

    تنظر إليَ بعينين تفيضان عسلا و تقول:
    -العدو في السموات محكور على الملائكة.

    ثم مستدركة:
    -و الشياطين.

    أين غادرت زرقة عينيها؟ هكذا أتساءل قبل أن اقول موضحا:
    -I wish I could have had sex with you
    -I've always lusted for you

    بعد جملتها هذه أنصرف إلى دعك ظهرها الاملس. هل سارسم عليه خارطة لمستقبلي البشري؟ و بأي ألوان؟

                  

05-07-2006, 09:28 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    بعد جملتها هذه أنصرف إلى دعك ظهرها الاملس. هل سارسم عليه خارطة لمستقبلي البشري؟ و بأي ألوان؟

    تتثنى تحت لمسات أصابعي، و تصدر عنها آهات متباعدة. أواصل الدعك ثم أديرها لتواجهني. أبدأ بدعك وجنتيها ثم أهبط إلى ذقنها. من بعدُ أدعك نهديها فيشرئبا لي مثل أذني قط متوجس. يتحول الدعك إلى تمسيد، فتتثنى المرأة مع حركات أصابعي كأنما ترقص على أنغام موسيقى خفية. تقف على رؤوس أصابعها من وطأة مداعبتي لحلمتي ثدييها. أغادرهما، فأهبط إلى البطن. تلعب أصابعي لعبتها هناك بيد أنني سرعان ما أهبط بها إلى الغابة المغطاة بالرغوة. تجوس أصابعي خلال الرغوة بين كثافات الغابة. يجتاحني شعور مضاد. أغادرها خارجا من الحمام. تهتف:
    -توقف! إلى أين أنت ذاهب؟

    لا أحفل لها. أقصد إلى حقيبتي و أخرج منها آلة دقيقة، ثم أعود إلى الحمام. ما زالت حيث غادرتها منذ لحظات. أدير الآلة فتصدر صوتا ناعما، لكن المرأة تقول:
    -لم تكمل دعك جسدي، و تعمد إلى حلاقة ذقنك؟
    -سأدع لك حلاقة ذقني مثلما إتفقنا.
    -و إذن، ماذا أنت فاعل الآن؟
    -أجتث الغابة.. لأغرس مكانها ضربا من المحال.

    أمسح بظاهر يدي الأخرى الرغوة و أجثو على ركبتيّ. تحدس المرأة رغبتي، فتتكلم بلوعة:
    -أرجوك، لا تفعل! اغرس ما شئت، لكن لا تحرق الغابة!

    يغزوني الشعور المضاد فأهب واقفا. أفلت الآلة العاطلة. أمسك بكتفي المرأة بقوة. أدنيها مني. تنفرج شفتاها، و تغمض عينيها، بيد أني أنحيها جانبا و أفتح دش الماء البارد إلى أقصى مداه.
    -دعني أدعك جسمك!

                  

05-08-2006, 06:17 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    -دعني أدعك جسمك!

    تتكلم قارنة ذلك بالفعال. أسلم لها جسدي مثل طفل تغسله أمه في صباح بهيّ. تمعن في الدعك، و تحاول جري إلى الحديث معها. أظل واديا للصمت. تدعك الآن صدري . منه تهبط إلى البطن و طياته الرفيعة الضحلة. تولج إصبعها في تجويف السرة، ثم تهبط في سرعة بها إلى مثلث العانة الأملس الحليق. يستمر دعكها هناك بخفة طويلا. في ذات الأثناء تصر محاولتها جري إلي الحديث على إخفاقها. من بين ذلك تمس أناملها، بين آونة و حين، رأس المثلث المقلوب. لا آبه لذلك فحيزومي قد هرب إلى منفى إختياري. تستقر أناملها على رأس المثلث و تدعكه بمثابرة عاشقة لحساب المثلثات.
    -هناك ما هو أسفل منه.

    أتكلم بنزق، فتهبط يداها إلى ما بين فخذيّ لتلعبا الكرة. من هناك، إلى الفخذين، تهبطان أكثر، ثم إلى الساقين الرفيعتين فالقدمين و الاصابع الرهيفة. تنهي مهمتها، التي انتدبت نفسها لها، بإجادة يحسدها عليها الحكماء المرتزقة.

    نخرج من الحمام إلى الغرفة نظيفين كزوج أحذية حديث الصنع. أهم بالإضّجاع على وثارة السرير، بيد أنها تستوقفني بإشارة حادّة. تسارع إلى جلب بشكور ناصع و تعمد إلى تجفيف جسدي به. تفرغ من ذلك و تقف منتظرة أن أرد لها الجميل. بتثاقل آخذ منها البشكور عينه و أمضي إلى تجفيف جسدها البديع. أحرص على تجفيف العانة جيدا. أمضي إلى إشعال المصباح الوحيد في الغرفة، ثم أعود إلى تجفيف العانة. يهالني أن أشجار الغابة مصفرّة. أكوّر البشكور و أطوّح به بعيدا. أرتقي الفراش معتزما أمرا اخفيه، و لا أدري انه سيفضي بي يوما إلى قفص إتهام خفي!

    ترتقي الفراش إلى جانبي، ثم تضع رأسها على ذات الجانب حيث أضع راسي على وسادة واطئة، لينة. ازيح رأسي إلى طرف الوسادة حتى تتمكن من وضع راسها جيدا. تزاحمني بجسدها. يلتصق عريها بي. أنظر إلى اعلى حيث السقف الأبيض. يتحرك إلتصاقها ليمس جسدي بحميمية متعاظمة. تمد يدها إلى شاربي لكني أدير راسي بعيدا. تمسك المراة بذقني برفق مديرة راسي ناحيتها. أطاوعها. تنقل يدها إلى شفتيّ الغليظتين و تعبث هناك. أمسكها من معصمها و أزيح اليد بهدوء. أترجل عن الفراش و أمضي إلى جهاز كمبيوتر دقيق الحجم أعبث فيه. أتحدث إليه بصوت خافت، هامس. أظل هكذا طويلا. بالإنتظار تتململ المراة المقعية على السرير، ترقبني. أغلق الجهاز و ارجع إلى الفراش.

                  

05-09-2006, 03:27 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    بالإنتظار تتململ المراة المقعية على السرير، ترقبني. أغلق الجهاز و ارجع إلى الفراش.

    أضّجع بهدوء على ظهري موليا وجهي شطر السقف الأبيض. تزحف المرأة لتلصق عريها بي. لا آبه لها. لكن جسدها يتوسل، يستجدي إستجابة قررت ألاّ تكون حاضرة. تحاول أن تستدرجني إلى حديث لا أرد عليه سوى بكلمات نفي أو إيجاب مقتضبة، بيد أن المرأة لا تبتئس. تستميت في محاولتها جر جسدي إلى التجاوب مع عري جسدها البديع. تفعل به الكثير الخطير. و يظل حيزومي الأوسط في غيابه الإختياري منفيا منذ أن إجتاحني الإحساس المضاد.

    تكف المرأة عن محاولاتها تلك، و أظل متيقظا. ما كان يقيني بأنها لن تستيئس ليفارقني قط. أحس أن معرفتي بالنساء هي الخبرة الوحيدة التي إنتقلت معي كاملة من حياتي القديمة. و هاهي المرأة تقوم من مرقدها لتفعل ما أدهشني. ترتقيني في رقدتي و تتمدد عليّ بكامل عريها. على قفاها ترقد فوقي و تقول:
    -سأروي لك حكاية.

    لا أرد بشيئ و إن ما زلت بانتظار أن أستمع.
    -أنت رجل ينتمي إلى عوالم من الإدهاش.

    ثم تصمت. تظل في تمددها فوقي و تهمس لنفسها بحديث مبهم. صقيع المنفي يستحكم حول حيزومي الأوسط. هكذا قررت، مثل ديكتاتور عتيد، أن افعل به، و لم تكن لي من مندوحة. تقفز المرأة من تمددها فوقي إلى جواري و هي تقول:
    -انتهت اللعبة-الدرس.

    ترقد على الفراش مستديرة ناحية الحائط القريب منها و توليني ظهرها الأملس. أتسال :هل سيتاح لي أن ارسم لمستقبلها معي لوحة عليه؟ تصدر عن المراة آهات مكتومة. أعرفها تلك الآهات، و أدرك أنها مفتعلة، فأظل راقدا على قفاي في سكون. تتناقص حركاتها بالتدريج، و تخفت منها الآهات. لكن يقظتي تظل محتلة ذات الفضاءات.

    (عدل بواسطة ابوعسل السيد احمد on 05-10-2006, 05:35 AM)

                  

05-09-2006, 03:34 PM

محمد خالد ابونورة
<aمحمد خالد ابونورة
تاريخ التسجيل: 01-17-2006
مجموع المشاركات: 372

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    ابو عسل

    ويحك يا هذا

    الى اين تقودنا يا هذا
                  

05-10-2006, 05:41 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: محمد خالد ابونورة)

    نهارات بطعم المنارات.. لك يا ابا نورة.
    ما أعرفه هو أن الراوي ذكر أنه سيجترح فعلا سيفضي به إلى قفص إتهام غير مرئي.
    أما أنت، يا صديقي، فسوف لن أقودك إلاّ إلى حيث تستحيل دهشتك وجهة نظر أحترمها أيا تكون.

    كما البهاء كان مرورك جميلا
    بوعسل أبوعسل
                  

05-10-2006, 07:32 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)

    تتناقص حركاتها بالتدريج، و تخفت منها الآهات. لكن يقظتي تظل محتلة ذات الفضاءات.

    تكف المرأة عن الحراك، فأترجل عن الفراش. أعمد إلى جهاز الكمبيوتر. أعبث فيه بأصابعي، أهمس له بحديث خافت. أظل أمامه لفترة تحتل الغرفة حتى الفراش. تتعب عيوني من التحديق في شاشته، فأعود إلى إرتقاء فراشي إلى جوار المرأة. أتحرك في إطَضجاعي لأمس المرأة عن قصد و بخفة حاذقة. لكنها لا تحس وجودي فقد ذهبت أنوثتها في سبات أصيل. أتحقق من سباتها بمسها من جديد في إحدى حلمتي نهديها. لكنها أرسلت أنوثتها إلى قعر جب سحيق.

    أقوم من مكاني. أمضي إلى الحمام. آخذ الآلة الدقيقة. أضبطها على سرعة دنيا، و أعود إلى الحجرة. أضّجع على الفراش من جديد، إلى جوار المرأة النائمة، بجلبة صغيرة مقصودة. البئر الذي إبتلع حضور المرأة و أنوثتها عميق، و قديم. أتلمس جسدها بخفة في كل عضو منها. تتململ و لا تصحو، فألتصق بها. تُصدر آهات متقطعة، مكتومة، غير مفتعلة! تتمتم بأشياء لا أفهم منها سوى أنها لن تصحو بفعل كبير. أضع يدي على أسفل بطنها الأملس، فتتململ. لا اقصي يدي، بل أبقيها ساكنة هناك.

    يهمد حراك المرأة من جديد. فتنزلق يدي أكثر إلى الأسفل لتستقر على الغابة. لا تحير المرأة النائمة حراكا. تجوس أصابعي في الغابة. الشتاء دائم هناك و الأوراق مصفرة. أقرّب الآلة. أشعلها. تقطع أشجار الغابة على مراحل. هل ستنبت مكانها - تلك الاشجار- عشيرة جديدة أم أن جذورها ضاربة في البعيد؟ تتأوّه، بطريقتها التي إكتشفتها في تلك الليلة، ثم تتمتم:


    -Honey, are you mad at me
                  

05-15-2006, 07:19 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المنافي الأكثر استحالة (Re: ابوعسل السيد احمد)


    -Honey, are you mad at me

    أعصم يدي عن حراكها، و لا أقصيها، فيعود صحو المرأة إلى غوصه في الجب القديم. أمّا الآلة فتعاود إجتثاث الأشجار. لا تغادر كبيرة و لا صغيرة إلاّ حصدتها.. كذلك تفعل بالمثمرة.. ثم تتبعها بالمزهرة..فالفارعة.. ثم القصيرة. تترك الآلة الأرض الآن بلقعا تعدو عليها أصابعي منزلقة على إلتماعها. يبهجني الإلتماع. ينبعث حيزومي الأوسط جبارا من منافيه ليشاطرني الإحتفال. يغزوني بعنفوان واثقن و تزداد وطأة أعضائي التي تلامس جسد المرأة السابحة في الملكوت. ينداح اللهيب برقا، من الحيزوم، إلى الجلد فيلهبه، بيد أن الأعضاء المتاخمة للمرأة تبقى هي الأكثر إضطراما.

    تستفيق المرأة أو هكذا يبدو لي في فوضى الرغبات. أحملق في عينيها فتنظر إليّ في غرابة و إستغراب، ليزداد إلتصاقي بها. تتكلم:
    -لا مناص للأزمنة من تلاق.

    أنظر إليها في صمت متململ نزق. أتهيأ، برغم حيزومي، لمزيد من الاستماع:
    -زمانك يعدو مثل أحصنة البخار.

    تصمت. يستقر النزق في نظراتي الداعية إلى المواصلة، فتمضي المرأة:
    -أما زماني فيحبو.

    لا يغادرني نزقي قط، لكنه يرتحل من نظراتي إلى حيزومي الأوسط. أما المرأة فتمعن في ليل النبوءات:

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 3:   <<  1 2 3  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de