قصة إسلاموي مهاجر إلى الجمهوريين تصدر قريباً

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 05:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-21-2012, 01:41 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قصة إسلاموي مهاجر إلى الجمهوريين تصدر قريباً

    ............
    سفر من الأسفار القيمة سيصدر قريباً للأستاذ مجذوب محمد مجذوب

    عنوانه "السـودان: بلدٌ وشعـبٌ وفكـرة، بعض أوراق جمهوري"

    يـقدم هذا السـفر بعضاَ من التجربة الحياتيـة والرؤيــة الفـكريـة والسيـاسـية لمـؤلفـــه
    الـذي عـاش ردحاً من الوقت في تـنظيم "الإخـوان المسـلمون" ثم انتقل منه بقنــــاعة
    تامة إلى "الإخـوان الجمهوريون،" ليصبح من أبكار تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه

    وسيكون السفر قريباً في الأسواق. أقتطف لكم من نصه الآتي:

    *نص الإهـداء
    *تصدير أول: بقلم د. النور حمد
    *تصدير ثان: بقلم عبدالله الفكي البشير
    ..................
    ..................

    (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-21-2012, 01:54 PM)

                  

06-21-2012, 01:41 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة إسلاموي مهاجر إلى الجمهوريين تصدر قريباً (Re: Haydar Badawi Sadig)

    ..........
    الإهــــــداء
    ..........
    إلى الشعب السوداني عامة – نساءً ورجالاً
    وإلى جيل أبنائنا وبناتنا منه بصورة خاصة
    و إلى جيل الحفيدات والأحفاد بصورة أخص
    حملة المشعل والمشغل، ... أمل الغد وبناة المجد
    رجاء أن يكونوا على قدر المسئولية
    بأن يكونوا جمهوريين، فمن لم يستطع، فلا أقل من أن يبقي على سودانيته
    فأن لكم في الحالين معزة ومفخرة .. غير أن التشابي للتسامي أعز وأفخر
    فالفكرة الجمهورية هي منكم ولكم.. سودانية 100% ...
    أدام الله على السودان والسودانيين عادته في الحفظ
    ودمتم والله معكم ولن يتِركم أعمالكم..

    (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-21-2012, 01:52 PM)

                  

06-21-2012, 01:44 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة إسلاموي مهاجر إلى الجمهوريين تصدر قريباً (Re: Haydar Badawi Sadig)

    ......
    تصـدير أول
    بقلم د. النور حمد

    أقرأني الأستاذ مجذوب محمد مجذوب، مخطوطة كتابه هذا الذي بين أيدينا: "السودان: بلد وشعب وفكرة"، وطلب مني أن أوافيه بملاحظاتي عليه، وأن أكتب مقدمة له بالاشتراك مع صديقي الأستاذ عبد الله الفكي البشير. قبلت الطلب وأنا مغتبط أشد الغبطة بالشرف الذي قلد به عنقي الأستاذ مجذوب. أنا مدين للأستاذ مجذوب محمد مجذوب بالكثير، في ما يتعلق بنموي الروحي والفكري وفي كتابتي لهذه المقدمة ردٌّ لديْنٍ مستحقٍ منذ زمان طويل. ولربما أدهش هذا الاعتراف الذي أُدلي به الآن الأستاذ مجذوب، ولكن لا غرابة! فالعطاؤون الذين هم من طينة مثل طينة الأستاذ مجذوب لا يحسبون عادةً ما أعطوا، بل هم لا يلقون بالاً لما يعطون. ألم يصف الأستاذ محمود من كانوا على هذه الشاكلة بأنهم كالزهرة المعطار يتضوع منها الشذى في غير تكلف؟.

    الأستاذ مجذوب أستاذي من عدة وجوه، أهمها أنه ـ حسب المصطلح الصوفي السوداني، أحد "أبكار" الأستاذ محمود محمد طه. والأبكار في المصطلح الصوفي السوداني هم باكورة تلاميذ ومريدي الشيخ الذين سلكوا وتخرجوا على يديه من مدرستة التسليكية. فحين جئت إلى الحركة الجمهورية في العام 1972م، وأنا في بداية العشرينات من العمر كان الأستاذ مجذوب محمد مجذوب في منتصف الأربعينات من العمر. وكنا نحن الصغار القادمين للاستظلال بدوحة الأستاذ محمود محمد طه، نرى في سيماء وفي سمت الرعيل الأول من تلاميذه، والأستاذ مجذوب واحد منهم، قبس الإشراق الروحي الذي تقلبوا في بحبوحة نعيمه قبلنا بعقد أو عقدين من الزمان، أو بما يزيد عن ذلك، كلٌ حسب موعد مجيئه إلى معين الأستاذ محمود محمد طه الرائق المُصفَّى.

    رأيت الأستاذ مجذوب محمد مجذوب، أول ما رأيته، في داره بامتداد الدرجة الثالثة بالخرطوم. كان الزمان هو أوائل السبعينات من القرن الماضي، كما سلفت الإشارة، وكنت وقتها طالباً في سنتي الثانية بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم. كنت أتردد وقتها على الأستاذ محمود محمد طه بمنزله في مدينة المهدية "الثورة الحارة الأولى" بأمدرمان أنشد الراحة والانفكاك من حالة غليان فكري ونفسي كاد يعصف بي. في زياراتي المتقطعة تلك، كان الأستاذ محمود محمد طه يدعوني لحضور بعض الندوات التي تقام في الأمسيات في بعض منازل الجمهوريين المنتشرة بالعاصمة الخرطوم. كانت تُسمى تلك الندوات بـ "الندوات المتنقلة". وصادف ذات مرة أن كانت إحدى تلك الندوات المتنقلة التي دعاني الأستاذ محمود لحضورها، مقامة بمنزل الأستاذ مجذوب محمد مجذوب. في ذلك اليوم رأيته عن كثب كما رأيت أسرته عن كثب أيضا. لم أمكث في خانة "صديق للجمهوريين" وقتا يذكر، إذ سرعان ما طويتُ مرحلتها وانخرطت في الحركة الجمهورية انخراطا تاما. وهكذا منذ سنواتي الأولى في الحركة الجمهورية أصبحت دار الأستاذ مجذوب محمد مجذوب واحدة من الدور الجمهورية التي ارتادها كثيرا، حتى أصبحت فيها وكأنني أحد أولاد البيت. وما أكثر ما أصبح صبيةٌ وشبانٌ "أولاد بيت" في أسر لا ينتمون إليها بصلة الدم. وتلك من عبقريات الحياة الإجتماعية السودانية، ومن سمات روحانيتها عالية العيار التي لم يتم تسليط الضوء عليها كثيرا، ولم يتم تأمل فرادتها بما يكفي. وقياساً على عبارة لقمان الحكيم القائلة: "رب أخٍ لك لم تلده أمك"، يمكن القول أيضا: "رب أبٍ لك لم يلدك".

    أرشد الأستاذ محمود محمد طه تلاميذه الجمهوريين البادئين في طريق السلوك بمثل ما كان يرشد به أكابر المتصوفة تلاميذهم. كان المتصوفة يقولون للمبتدئ في نظمهم الشعري لوصايا السلوك: "قاطع لمن واصلت أيام غفلةٍ، فما واصل العُذَّال إلا مقاطعُ"! كان الأستاذ محمود يردد هذا البيت بكثرة ويضيف إليه أيضا قائلا: "السالك إبرتو ما بتشيل خيطين". وقد كان يتحدث كثيرا عن أهمية الصحبة والرفقة الصالحة في السلوك. فصحبة الغافلين تجر إلى الغفلة، وصحبة الذاكرين الحاضرين تجر إلى الحضرة. وكل هذا مأخوذ من حديث سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حيث قال: "إِنِّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يَحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يَحْرِقَ ثَيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ منه رِيحًا مُنْتِنَةً". من هذا الباب كان الجمهوريون، خاصة المبتدئين منهم، يحرصون على صحبة رفقائهم في الطريق، ويباعدون بين أنفسهم وبين صحبة غير الجمهوريين. ومن هذا الباب كان الجمهوريون يرتادون بيوت الأسر الجمهورية. فكان منزل الأستاذ مجذوب من المنازل التي أتردد عليها كثيرا، وكان ترددي عليها كله خيرا وبركةَ. ومنذ الوهلة الأولى التي وطئت فيها أقدامي داره لفتت نظري علاقته بأسرته وعاديته وديمقراطيته وروح الفكاهة الرفيع الذي يتمتع به. كل جلساتي في حضرة الأستاذ مجذوب كانت جلسات عرفان وحكمة وفكر. يحكي الأستاذ مجذوب القصص الطريفة ولكنه لا يرويها للإمتاع فقط ولتزجية الوقت وإنما يرويها لتوسيع الأفق المعرفي ولاستخلاص الحكمة من بين ثناياها. كان يفعل ذلك بتلقائية وعفوية لا يشوبها تَعَمُّلُ من يحس بأنه يريد أن يعلم الآخرين.

    لا ينحصر دافع كتابتي لهذه المقدمة في إحساسي بأنني مدين للأستاذ مجذوب بحكم الصلة الطويلة التي ربطت بيننا لأربعة عقود، كما تقدم ذكره، وإنما مع ذلك، وفوق ذلك، بدافع قيمة هذا الكتاب التاريخية التوثيقية، وما اتسم به من روحانية ونورانية عالية تشع من بين سطوره. هذا الكتاب الذي بين أيدينا كتاب مختلف. فهو كتاب تمت كتابته بحبر القلب، ووقفت وراء إشراك الآخرين في قراءته رغبة صادقة في جمع السودانيين على صعيد واحد بعد أن تفرقت بينهم السبل، وضاعت نتيجة لذلك التفرق من بين أيديهم عقود تم إهدارها في احتراب جنوني وتبديد للطاقات وللثروات والمقدرات لا نماء معه. تنضح صفحات هذا الكتاب بمحبة عميقة لأرض السودان، ولشعب السودان، وللأفكار السودانية الأصيلة التي أنبتتها تربة السودان. وهذا ما يجعل هذا الكتاب حاملا لمعنى خاص وما يجعله أيضا ذا مذاق خاص ونكهة خاصة كذلك. وما يميز هذا الكتاب حقا هو أنه، رغم تشعب موضوعاته وسعة مساحتها، كُتب ببساطة وبتلقائية وعفوية بعُدت به عن التقعُّر وعن التعمُّل وعن تضخيم الإسهام الشخصي.

    لم يتلق الأستاذ مجذوب محمد مجذوب تعليماً نظامياً أكثر من المدرسة المتوسطة. فهو بناء على هذه المعلومة التي أثبتها في كتابه بصدق وبعفوية وتلقائية، وهي صفات معهودة فيه، رجل علَّم نفسه بنفسه. وهنا يقف الأستاذ مجذوب دليلا عمليا لما عالجه الأستاذ محمود منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي من أمر التعليم الذاتي، وذلك حيث قال:

    "والنظرة العجلى للأصل تدلنا على أن مناهج التعليم التي نرسمها يجب، قبل كل شيء، أن تهدف إلى تعليم الطالب كيف يعلم نفسه، وكيف يكلف بمواصلة هذا التعليم، طوال حياته، التعليم الذاتي .. وأما حشو أدمغة الطلبة بطائفة مختارة من المعلومات المتنوعة، والكثيرة، والتي يجلس أحدهم ليجوز الامتحان فيها ليواصل سيره في المراحل المختلفة فإنها طريقة فاشلة، وفي الحقيقة، مضرة."

    إذن فليصحب القراء في قراءتهم لهذا الكتاب حقيقة أن هذا الكتاب كتبه رجل أكمل المرحلة المتوسطة ثم انخرط في سلك الخدمة المدنية وظل يعلم نفسه بنفسه بهمة مثابرة لا تعرف الونى ولا الفتور!! وما تجدر الإشارة إليه هنا، أن التعليم الذاتي الذي مارسه الأستاذ مجذوب محمد مجذوب لم يوصله إلى اتساع المعارف وحسب - رغم أن اتساع المعارف ظاهر في هذا الكتاب - وإنما قاده التعليم الذاتي إلى البحث عن القبس الروحاني، وعن الطمأنينة، وعن الرؤية الكلية المتماسكة والممارسة السياسية الطاهرة الصادقة، فانفلت في قفزة باهرة، من قبضة رؤية الإخوان المسلمين في تخلقها الأولي الخام الوافد من مصر، ليستقر في حضرة الأستاذ محمود محمد طه النقية البهية.

    حكى الأستاذ مجذوب محمد مجذوب في هذا الكتاب طرفا من نشأته، ولقد وجدت ذلك الجانب شيقا للغاية فصورة البلاد وحياة الناس فيها قبل سبعين عاما ربما صعب علينا نحن والأجيال العديدة التي تلت جيلنا تصورها. لقد ولد الأستاذ مجذوب، أمد الله في عمره، ومتعه بالصحة، في العام 1928م. ولابد أنه قد وعي الحياة من حوله بعد منتصف الثلاثينات من القرن الماضي. ولذلك فرسمه صورا من طفولته وصباه وشبابه الباكر أمر مفيد لنا ولمن يأتون بعدنا. فذلك يسهم في إعانة الأجيال اللاحقة على تصور مسار التحولات التي جرت. حكى الأستاذ مجذوب طرفا من حياته الطلابية، وحياته العملية، ومعايشته للحركة السياسية وهو عضو نشط في جماعة الإخوان المسلمين، ثم وهو عضو في حركة الإخوان الجمهوريين.

    لامس الكتاب في جانب منه مجال كتابة السيرة الذاتية. غير أنه لم يلتزم ذلك الخط وحده وإنما ناقش أفكاراً شتى، وأثار قضايا خلافية بعضها تاريخي وبعضها عرفاني، وبعضها متصل بالتكوين التاريخي والثقافي للذاتية السودانية. كما ذيل الكاتب كتابه هذا بورقة مطولة كان قد ناقش فيها في نهايات عقد التسعينات من القرن الماضي مأزق الصراع الدامي العنيف في السودان، والسبيل إلى تحقيق سلام وتعايش مستدامين. تمت كتابة الورقة في نهاية التسعينات من القرن الماضي حين كانت كل من الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان تحتربان وتتلمسان السبل نحو إبرام إتفاقية للسلام. وقد أثمرت تلك الجهود إتفاقية السلام التي جرى توقيعها في العام 2005م. وبطبيعة الحال فإن مياها كثيرة قد جرت تحت الجسر منذ وقت كتابة تلك الورقة، وحدثت متغيرات كثيرة أربكت التوقعات وجعلت ثمار السلام الذي تحقق لبضع سنوات ثمارا بالغة المرارة. فقد انفصل الجنوب عن الشمال. غير أن ما خطه قلم الأستاذ مجذوب وما اقترحه ودعا له لا تزال له قيمته. فما حدث من نزاع مسلح في الجنوب أدى إلى انفصاله عن الشمال قد حدث في دارفور منذ العام 2003م ولا تزال قضية دارفور معلقة. يضاف إلى ذلك، أن الصراع تجدد الآن ليشمل جنوب كردفان والنيل الأزرق. ولربما نكون اليوم أحوج إلى لم الشمل الفكري والسياسي أكثر من أي وقت مضى.

    وأحب أن أذيل هذا التصدير بالإشارة إلى تحرر الأستاذ مجذوب من النظرات التقليدية للكبار الذين يرون أن من يأتون من بعدهم لن يخترقوا السقف الذي وضعوه هم، من حيث المعرفة، ومن حيث الإنجاز. ويظل الصغار في نظرهم صغارا وأقل علما، وأقل قدرة على الإنجاز، مهما فعلوا. ناسين أو متناسين قول العزيز الحكيم: "قل كلا نمد، هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك، وما كان عطاء ربك محظورا" من عقل وقلب ممتلئين بهذا القبس القرآني الباهر، كتب الأستاذ مجذوب هذه الفقرة شديدة الإشراق:

    رزقنا الأبناء والبنات والاحفاد والحفيدات وهم بالنسبة لنا زهرة الحياة وبهجتها سيما بما لهم من ذكاء وما لكل منهم من طرائف وقفشات لنا نحن الكبار تنم عن ذكاء متقد مما يجبر على الاحتشام في حضرتهم – هم متميزون عنا بكثير فقد ولدوا لزمان غير زماننا.

    كنت جالسا في حضرة الأستاذ محمود محمد طه فدخلت عليه أخت جمهورية من قريباته وكانت قد وضعت وليدا لتوها. جاءته تحمل ذلك الوليد ليراه. أجلسها الأستاذ محمود إلى جانبه وسألها: من أسميتيه. قالت: أسميته محمودا. فرد عليها الأستاذ محمود قائلا: "إن شاء الله ربنا يجعلو ليك أبرك منو"!!

    أكتوبر 2011م، الدوحة، دولة قطر

    (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-21-2012, 02:29 PM)

                  

06-21-2012, 01:49 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة إسلاموي مهاجر إلى الجمهوريين تصدر قريباً (Re: Haydar Badawi Sadig)

    ..........
    تصـــدير ثـــــــان

    بقلم: أ. عبدالله الفكي البشير

    يكتسب هذا السِفر الموسوم بـ السودان: بلد، وشعب وفكرة، بعض أوراق جمهوري، قيمته، وأهميته، من طبيعة مادته، وتفرد تجربة شخصية مؤلفه. فمن حيث المادة، داخل السِفر بين السيرة الذاتية، وهي مصدرٌ تاريخيٌ مهمٌ، تفتقر إليه المكتبة السودانية؛ وبين الطرح الفكري الفلسفي، والسياسي والاجتماعي، المنطلق من حصاد الحياة الفكرية، وخلاصة التجربة الذاتية لمؤلفه. فالمؤلف الوالد مجذوب محمد مجذوب محمد حمزة، كان عمره سبعة عشر عاماً، حينما نشأت الأحزاب السودانية في منتصف أربعينات القرن الماضي. وبحكم ميول أسرته، والنشأة الصوفية في مسقط رأسه بقرية الباوقة، بشمال السودان، انتمى تلقائياً إلى حزب زعيم طائفة الختمية، وهو حزب دعاة الوحدة بزعامة السيد علي الميرغني (73/79/1880م - 1968م). وما أن شهد السودان دخول النظريات والمدارس الفكرية ذات الطابع الكوكبي والإقليمي (الشيوعية، والقومية، والإخوان المسلمين)، وتمددها فيه، مع بداية الخمسينات من القرن الماضي، حتى أصبح المؤلف من اوائل المؤسسين، إن لم يكن أولهم، لتنظيم الإخوان المسلمين في مدينة عطبرة والمناطق المجاورة. ومنذ ذلك الوقت، ظل المؤلف، وقد زاد نشاطه، وتوسع ميدان عمله التنظيمي، داعياً من دعاة تنظيم الإخوان المسلمين حتى السادس من ديسمبر عام 1964م. في ذلك اليوم اصدر المؤلف منشوراً، أعلن فيه انتهاء انتمائه لتنظيم الإخوان المسلمين. وبهذا الإعلان في ذلك الشهر، شهر ديسمبر، وهو نفس شهر ميلاده من سنة 1928م، أرَّخ المؤلف لميلاد فكري جديد، انقلبت على إثره قناعاته ومبادؤه، فتغير مسار حياته كلية، وسار في فجر عهد جديد.

    بدأت ملامح فجر العهد الجديد تتبدى في حياة المؤلف، حينما التقى بالأستاذ محمود محمد طه (1909م-1985م). استهل المؤلف لقاءاته بالأستاذ محمود معارضاً له، بل تجاوز وضعية المعارضة، بكل صدق (صفة الصدق، هي الصفة التي وصف بها الأستاذ محمود، تلميذه فيما بعد، الوالد مجذوب، حيث قال الأستاذ محمود لبعض الإخوان الجمهوريين أكثر من مرة: "مجذوب صادق في معارضته لنا") إلى وضعية الاستقطاب، إذ كان المؤلف طامعاً وآملاً في انضمام الأستاذ محمود، إلى الجماعة حيث تنظيم الإخوان المسلمين. يقول المؤلف بعد أن التقى بالأستاذ محمود: "تعجلت أمري فأخرجت كتيباً اسميته: سويا إلى الله – مع محمود محمد طه... أهدف في ذلك الكتيب إلى دعوته لينضم إلى القطيع فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.. وأزعم أني أعارضه...".. كان اسم الأستاذ محمود قد برز بقوة في الساحة الوطنية منذ إنشاء الحزب الجمهوري في أكتوبر 1945م. ترسَّم الأستاذ محمود، وهو رئيساً للحزب الجمهوري، طريق المواجهة والمصادمة للقوى الاستعمارية، ولمراكز السلطة التقليدية والدينية في المجتمع، ودعا رصفاءه من طلائع المتعلمين، إلى السير في ذلك الطريق من أجل تحقيق الاستقلال الحقيقي، وإحداث التغيير المنشود؛ إلا أنهم آثروا طريق المهادنة ومسالك التسوية ونهج التحالف مع القوى التقليدية والاستعمارية. سار الأستاذ محمود في طريق المواجهة والمصادمة، منطلقاً في رؤيته السياسية من متطلبات المرحلة، التي أطلق عليها مرحلة ملء فراغ الحماس. في تلك المرحلة برز الأستاذ محمود كقائد وطني كبير، ملأ فراغ الحماس بجسارة وشدة مراس، فضاق المستعمر به ذرعاً، وتربص به، فسجنه مرتين قبل نهاية الأربعينات من القرن الماضي. ومنذ العام الأول من خمسينات القرن الماضي والعقود التالية، سطع اسم الأستاذ محمود في سماء السودان كمفكر كبير، وصاحب مشروع فكري جديد وأصيل. ففي يوم 30 اكتوبر 1951م، اصدر الأستاذ محمود بياناً، أعلن فيه انتقال الحزب الجمهوري من مرحلة ملء فراغ الحماس إلى مرحلة، ما أسماه، ملء فراغ الفكر، فطرح مشروعاً فكرياً إسلامياً جديداً. اتبع طرح المشروع بحركة تأليف ونشر واسعة ومستمرة للكتب والمقالات والبيانات والمحاضرات. إن الكتب والآراء التي رفد بها الأستاذ محمود السوح الفكرية والمعرفية، كانت، ولا تزال، أمراً جديداً وغريباً، كماً وكيفاً. كما كانت ثقافة التأليف في الفكر والسياسة وقتئذ، ثقافة جديدة، بل لم يشهدها الفضاء المعرفي في السودان منذ بداية التعليم الحديث فيه، وظهور طلائع المتعلمين في بواكير القرن العشرين. ففي عام 1952م أصدر الأستاذ محمود كتاب: قل هذه سبيلي، ومنشور باللغة الإنجليزية هو Islam, The Way Out، وفي عام 1955م اصدر كتاب: أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية، وفي عام 1960م اصدر كتاب: الإسلام. ثم توالى تأليف الأستاذ محمود للكتب، وقد بلغت نحو أربعين كتاباً . ظل الأستاذ محمود يدعو لمشروعه، معتداً بفكره وبكرامته الإنسانية، وصامداً في مواقفه، ومدافعاً عن شعوب السودان والحياة الإنسانية، ومناضلاً من أجل حرية الرأي والفكر حتى لحظة وقوفه الشامخ، على منصة مشنقة سجن كوبر في صبيحة يوم الجمعة 18 يناير 1985م، بمدينة الخرطوم بحري، بالخرطوم عاصمة السودان.

    كان كتاب: أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية، الذي صدر عام 1955م، من أكثر كتب الأستاذ محمود، التي صدرت حتى ذلك الوقت، تأثيراً في المؤلف. قرأ المؤلف الكتاب قبل أن يلتقي الأستاذ محمود، فاهتزت قناعاته السياسية بما جاء فيه من أفكار وحلول لقضايا السودان. يقول المؤلف إن كتاب: أسس دستور السودان، ساهم في تحويل قناعاتي السياسية، بما حمله من رؤية سياسية ثاقبة، وبما فيه "من حلول شافية لبلد شاسع وأصبحت ادارته من مركزية بالخرطوم مستعصية إلى ما فيه من تعدد للأعراق والأعراف كما قضت بذلك الملابسات التاريخية". عدَّ المؤلف هذا الكتاب، من الأعمال الفكرية الضخمة للأستاذ محمود، فهو يقول: من بين أعمال الأستاذ محمود الفكرية الضخمة، وكل أعماله ضخمة، كتابه: أسس دستور السودان. وهو بالفعل كتاب ضخم ومدهش، فعلى الرغم من مرور ستة وخمسين عاماً على صدور طبعته الأولى، فالكتاب لايزال يضج بحيوية طرحه، ويخاطب لحظة السودان الراهنة أكثر من أي وقت مضى، وينطق بفصاحة وقوة بمدى صحة صواب رأي الأستاذ محمود الذي طرحه عام 1955م. إن احتفاء المؤلف بهذا الكتاب جعله في شراكة شعورية مع عدد من الكُتاب والباحثين الذين ظلوا على الدوام يحتفون بهذا الكتاب ويعلون من شأنه وقيمته. ومن هؤلاء الدكتور منصور خالد. لقد تحدث منصور خالد عن الرؤية الثاقبة التي تضمنها الكتاب، وذكَّر القادة والساسة والباحثين وكذلك غمار الناس برأي الأستاذ محمود الذي طرحه عام 1955م، وأتضح صوابه بعد نصف قرن من الزمان. قال منصور خالد:

    وفي أخريات الأيام أخذنا نتدفق على الفدرالية وكأنا قد اكتشفنا الوجه الآخر للقمر؛ الدعوة للفيدرالية جاهر بها في الشمال قبل نصف قرن (ديسمبر 1955م) الأستاذ محمود محمد طه في كتاب عنوانه: أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية. ففي شمال السودان، إذن، لم تكن الفيدرالية كشفاً "إنقاذياً" ولا ابتداعاً جيبوتياً. ولا غضاضة في أن يتعلم الناس من أخطائهم، كلنا يتعلم من أخطائه ويعترف بها ويدين بالشكر لمن أعانه على تدبر الصواب؛ المنقصة تكون عندما يدفع الرضا بالنفس بعض الناس لعدم الاعتراف بأخطائهم الماضية بل ولتجاهل من سبقهم إلى الحق، ثم الادعاء بأنهم أهل الكشف المبين .

    مطالعة الوجه الصبوح والسمت الجاد

    التقى المؤلف مع الأستاذ محمود أول مره، في نهاية عام 1959م، في مكتبه بعمارة ابن عوف، وسط الخرطوم. وصف المؤلف ذلك اللقاء قائلاً: "ولدى دخولي مكتبه طالعني وجه صبوح وسمت جاد لا يمكن أن يكون صاحبه من أهل النار.. جذبني إليه وقار باد، وأدب رفيع، تجاذبنا الحديث. ودام لأكثر من ثلاث ساعات.. وكان أكثره استفساراً واستيضاحاً مني أكثر منه معارضة". خرج المؤلف من ذلك اللقاء، وهو مصمم على أحد أمرين، إما أن ينضم الأستاذ محمود لحركة الإخوان المسلمين أو ينضم هو إلي الأستاذ محمود. تأثر المؤلف بهذا اللقاء على النحو الذي وصفه، كما كان متأثراً بعبارة سابقة قالها له الأستاذ محمد يوسف محمد (1932م-2010م)، وهو أحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمون في السودان. قال الأستاذ محمد للمؤلف، واصفاً الأستاذ محمود: "أنه أصلح من يقود الحركة الإسلامية لولا موضوعه في الصلاة". ذهب المؤلف بعد ذلك اللقاء ولقاءات لاحقة مع الأستاذ محمود، إلى أبعد من المعارضة الشفوية، فقد أصدر المؤلف كتيباً بعنوان: سويا إلى الله– مع محمود محمد طه، طبع في يونيو 1960م، وقام بتصحيحه الأستاذ ياسين عمر الإمام، أحد قادة الإخوان المسلمون، ورفيق المؤلف وصديقه الحميم وقتئذ. كان هدف المؤلف من اخراج ذلك الكتيب: سويا إلى الله، هو الإعلان عن موقفه المعارض، ودعوته للأستاذ محمود "لينضم إلى القطيع فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية...". وفي تقديري، إن المؤلف بهذا الإعلان الذي جاء في كتيبه، برهن على صدق وشجاعة نادرين. ذلك لأن إعلان المواقف ونشرها، في مجتمع كان ولايزال يسير بنهج القطيع، وتحت سلطته، أمر عصي على الكثيرين. الشاهد، أن اخراج ذلك الكتيب، بما حمله من معارضة، لم يكن سبباً في نهاية العلاقة بالأستاذ محمود. فقد واصل المؤلف لقاءاته بالأستاذ محمود، يتفهمه على مكث وروية. هنا، وقبل وصول المؤلف إلى قناعة تامة بآراء الأستاذ محمود، تعرض لانقسام نفسي عنيف، نتج عن الصراع الداخلي بين الولاء للقديم وتبلور القناعة الجديدة، فهو يقول:

    تعرضت لانقسام نفسي عنيف بين ولائي العاطفي لتنظيمي القديم الذي ارتبطت به ارتباطا عضوياً وأسرياً واجتماعيا.. وبين قناعة جديدة بجديد غير مألوف.. حسمت أمري وأنهيت ذلك الصراع الذي كاد أن يمزقني كل ممزق فالقيت عن كاهلي عبئاً ثقيلاً نؤتُ بحمله سنين عددا.

    حسم المؤلف أمره، بالمنهج الذي ظل يتبعه في حسم المواقف الفكرية والسياسية، وهو الإعلان عن مواقفه عبر اصدار المناشير والكتب، يقول المؤلف: "اصدرت منشوراً في 6/12/1964م من بعد ثورة اكتوبر مباشرة أنهيت فيه انتمائي لتنظيم الإخوان المسلمين وأعلنت عن انضمامي للجمهوريين". بهذا الإعلان الشجاع والصادق والأمين، وثَّق المؤلف للحظة التحول الجذري في حياته الفكرية والسياسية. وصف المؤلف ذلك التحول قائلاً:

    وكان التحول بمقدار 180 درجة كما يعبر عنه عندما يكون نوعياً أو شبه نوعي، حيث كان في أخريات السير من دعوة إسلامية سلفية شاخت وعقمت أو شح عطاؤها، إلى دعوة إسلامية عصرية شابة معطاءة ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ونزعم نحن معتنقيها أنها الدين الذي لا دين غيره منذ اليوم.
    واليوم يقدم المؤلف اعترافاً بشأن كتيبه: سويا إلى الله – مع محمود محمد طه، الذي أعلن فيه معارضته للأستاذ محمود، يعترف المؤلف قائلاً: "وأعترف الآن، إن الكتيب كان قد غلب عليه الطابع الخطابي أو إن شئت قل الطابع الأدبي ذلك باننا نحن إخوان السودان كنا نتتلمذ على الكُتاب من الإخوان المسلمين المصريين.. وأولئك كانوا أدباء أكثر منهم مفكرين..". في تقديري، إن هذا الاعتراف له قيمة نقدية عظيمة. ففوق دلالات قيمة النقد الذاتي الذي ظل يمارسه المؤلف بشكل مستمر تجاه نفسه ومكوناته، فقد حمل الاعتراف بين طياته نقداً عميقاً لطبيعة المكونات الفكرية والسياسية، لبدايات تكوين حركة الإخوان المسلمين في السودان، ومدى تمكن الحس العاطفي في خطابها. قدم المؤلف شهادات وشواهد عديدة على ذلك، منها قوله: "كان نشاطنا نحن الإخوان المسلمين قائما على قدم وساق في الدعوة للدستور الاسلامي.. وفي الحق كنا ندعو لأمر نجهله جهلاً تاماً.. ما كنا ندري ما الكتاب ولا الايمان وبطبيعة الحال ولا الدستور.. كنا نعتمد على اثارة العواطف أكثر من اثارة العقول ...". ويضيف المؤلف متحدثاً عن تجربته الذاتية في مدى الجهل بالشعارات ومعانيها قائلاً: "شخصياً، ما استبنت جهلنا بالدستور وبغيره من المسائل إلا بعد أن دخلت تجربة شخصية في معارضة الأستاذ محمود انتميت بعدها للجمهوريين". من الملاحظات الجديرة بلفت الانتباه إليها، أنه على الرغم من تنوع مادة الكتاب، فإن المؤلف ما زعم زعماً، أو افترض افتراضاً، أو طرح فكرة، أو قدم نقداً؛ إلا وأتى بشواهد عديدة لتأكيد وإثبات ما ذهب إليه. ويكاد يكون قد فعل ذلك في معظم محاور فصول الكتاب.

    يتكوَّن هذا الكتاب من مقدمة وأربعة فصول، وملحق هو عبارة عن دراسة لواقع السودان السياسي، عنوانها: "الأزمة السودانية والمعادلة الصعبة – ما المخرج - ما الحل". وجاء في صدر الكتاب، قبل مقدمة المؤلف، "تصدير أول" كتبه الدكتور النور حمد، و"تصدير ثان" منحني المؤلف شرف كتابته. تناول المؤلف في الفصل الأول وهو بعنوان: "قراءة الأيام"، ميلاده ونشأته وتعليمه وزواجه وأسرته. كما تحدث عن مساره الفكري وانتمائه العقائدي، وقصة انتقاله في رحلته الفكرية من تنظيم الإخوان المسلمين إلى الإخوان الجمهوريين. وفي الفصل الثاني، تحدث المؤلف عن "وحدة الوجود"، وأشار إلى أن هذا الفصل يتصل بالفصل الأول؛ إذ أن موضوعه يمثل المنطلق والحصاد والنتيجة للمكونات الفكرية للمذهبية التي اتبعها بانتمائه للأستاذ محمود. مثَّل الفصلان الأول والثاني التمهيد للفصل الثالث، الذي هو كما أشار المؤلف، العمود الفقري لكتابه ويُمثل مركزيته. في هذا الفصل وهو الثالث، وتحت عنوان: "نبأ عظيم"، درس المؤلف نبوة الأستاذ محمود بشأن السودان وأهله، قال الأستاذ محمود في نبوته:

    أنا زعيم بأن السودان هو قبلة العالم منذ اليوم وأن القرآن هو قانونه وأن السودان إذ يقدم ذلك القانون في صورته العملية المحققة للتوفيق بين حاجة الجماعة إلى الأمن وحاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب ولا يهولن أحداً هذا القول لكون السودان جاهلاً خاملاً صغيراً فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع ما يجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض بأسباب السماء.

    لدراسة هذه النبوة، وضع المؤلف اطاراً نظرياً، ضمنه نص النبوة، وتعريفه لـ "أصايل الطبائع"، باعتبارها النقطة الجوهرية في النبوة، إلى جانب مقولات الأستاذ محمود وإشاراته المبثوثة في أعماله. ثم وقف المؤلف على شواهده من الواقع السوداني، باعتباره يُمثل الاطار التطبيقي لدراسته حول نبوة الأستاذ محمود. قدم المؤلف شواهد عديدة ومتنوعة من الواقع السوداني. انتقى شواهده على أصايل الطبائع بعناية فائقة، فجاءت دامغة ومعبرة وفصيحة ومؤثرة، وزاد من فصاحتها وتأثيرها، السرد القصصي الممتع والشيق. جاءت الشواهد من مختلف أقاليم السودان، ومن نماذجها: قصة الواثق صباح الخير والعِرض، وقصة صفية بنت صبير والعِرض، وقصة العِرض عند الدينكا، وقصة أحد زعماء العشائر بغرب السودان، ومن ثقافة أهلنا الشايقية، وليلى بشرق السودان، وقصة محمد الحسن الطاهر وصاحب الخروف– نبل وكرم، وهكذا حتى قاربت الخمسة والعشرين شاهداً. ومن ما يحمد في هذا الفصل أن بعض الشواهد التي أتي بها المؤلف، ربما لأول مرة تجد فرصة التوثيق، والانتشار عبر الكلمة المكتوبة. فقد استعان المؤلف في رصد شواهده بما يجرى على الألسن، وبما ورد في المصادر والمراجع والوثائق التاريخية، منها ما هو في الواقع المعاش، ومنها ما جاء به من جوف التاريخ. أيضاً، مما يلفت النظر في هذا الفصل، هو المعرفة الموسوعية للمؤلف بالتراث الشعبي (الفولكلور)، والقدرة الفائقة على توظيف التراث الشعبي في خدمة القضايا الفكرية والسياسية، وقدرته أيضاً، على سودنة وتأصيل تلك القضايا وتجذيرها في سجل السودان الثقافي ومجلده الحضاري. أيضاً، أجاب المؤلف عن السؤال الأساسي الذي ربما تبادر إلى ذهن القارئ، وهو لماذا هذه النبوة؟ ولماذا شغلته هذه النبوة ولا تزال؟ طرح المؤلف هذا السؤال وأجاب عليه، فكانت اجابته سياحة فكرية ممتعة وسرد قصصي شيق. وفي الفصل الرابع والاخير ذهب المؤلف إلى الإجابة على سؤال جوهري وكبير، ظل الهاجس والشاغل لأهل السودان، وهو: "كيف نبني سوداننا". في هذا الفصل قدم المؤلف، كما أشار، عرضا مقتضبا وخلفية لوضع السودان قبيل الاستقلال وبعيده، ثم احال القارئ الكريم إلى ما أعده الأستاذ محمود من أعمال فكرية لنهضة السودان الحضارية والمدنية. ولفت المؤلف انتباه القارئ الكريم إلى أن الأستاذ محمود ظل يعمل على مدى قرابة الاربعين عاماً في اعداد الافكار والمناهج لإشعال الثورة الثقافية في شعبه السوداني.

    قدم المؤلف نفسه في هذا الكتاب بتواضع جم. فهو لم يجعل من ذاته محوراً للأحداث، ولم يضخم دوره فيها، ولم يدع بطولة، أو قياماً بأدوار كبيرة، ولا تنفيذاً لمهام جسيمة. لقد كان المؤلف عفوياً وصادقاً وأميناً مع نفسه ومع القراء. ومن الملاحظات التي يجب الوقوف عندها، هي أن المؤلف كان كثير الاحتراز والحذر في ذكر تفاصيل المواقف وإيراد المعلومات حولها، بل كان حينما يذكر حدثاً أو موقفاً، يطلب التصحيح، إن كان ما أورده غير صحيح.. ومن الأمثلة على ذلك، حديثه عن قصة إرسال تنظيم الإخوان المسلمين لوفدين: احدهما لمقابلة السيد عبد الرحمن المهدي (1885م-1959م)، والآخر لمقابلة السيد علي الميرغني. يقول المؤلف:

    بطبيعة الحال، رحب مولانا المهدي كعادته بالوفد ترحيباً حاراً وبارك مسعاه وافاد بأن ذلك الواجب هو ما نذر حياته من اجله واوقفها للعمل له. أما مولانا الميرغني بعد أن رحب بالوفد واستمع إليه سكت هنيهة كعادته ثم قال: "يا أبنائي هذه دعوة إلى فتنة: عيشوا الاسلام في بيوتكم".

    علق المؤلف على حديث السيد علي الميرغني في رده على الوفد قائلاً: "فليس بمستغرب مثل هذا الرد من مولانا الميرغني، فهو من اورثته الصور القبيحة لممارسات الدراويش حساسية مفرطة ضد الحكم الديني المتهوس: على أي حال هذا ما نقل إلينا في القواعد ومن يذكر حقائق غير هذه فليتكرم بالتصحيح". هنا يحترز المؤلف، ويطلب التصحيح إن كان ما أورده غير صحيح. وفي تقديري أن سمة الاحتراز في ذكر الحقائق وإيراد المعلومات، سمة لا يتمتع بها إلا العارفون وكبار العلماء، من ذوي الإحساس بالتاريخ ومسؤولياته، والمدركين لأهمية التأسيس السليم للمستقبل. وفي هذا، فإن الوالد مجذوب عندي من سادة العارفين، ومن كبار أكابر العلماء والقادة، فهو يدرك التاريخ ذوقاً وحساً، أما المستقبل فهو ينتمي إليه عقلاً وقلباً وروحاً، بل هو قادم منه وسائر فيه وإليه.

    حصاد السنين وناتج التجربة المستحصدة

    إن هذا السِفر فوق قيمته وأهميته العلمية، اتسم بميزات غير مسبوقة في المكتبة السودانية. فهو من جهة يُعد من أوائل السير الذاتية التي وصلتنا من تلاميذ الأستاذ محمود وتلميذاته، وهذا في حد ذاته حدث يستحق الاحتفاء. وصف المؤلف سفره هذا قائلاً:

    هذا الاسهام، رغم أنه جهد المقل إلا أنه هو كل ما املك، هو كياني.. نفسي وعقلي.. وأني لأرجو أن يكون حصاد سنين، وناتج تجربة مستحصدة بفضل ما هيأ الله لها من فرص النضج لا سيما وقد عملت كجندي نشط – لا في آن معا بالطبع – وإنما بالانتقال من واحدة لأخرى في دعوتين أو قل حركتين اسلاميتين الاختلافات بينهما في المحتوى – وفي الاسلوب – كبيرة وكثيرة، وتحارب اولاهما اخراهما محاربة الضرة للضرة انتصرت الحركة السلفية أو إن شئت قلت الاسلام السياسي على الفكرة العصرية الفكرة الجمهورية لمؤسسها الأستاذ محمود وهي المعرفة والالتزام ولكن انتصار إلى حين .. فإن موعود الله لآت.

    في تقديري، أن سيرة أيّ تلميذ/ تلميذة من تلاميذ الأستاذ محمود هي بعض من سيرته، ولهذا، فإن هذا السفر هو بعض من الأستاذ محمود، وبهذا فهو كسب كبير للمكتبة السودانية. ذلك لأنه يسد مع الجهود المشابهة، التي تنظر للأستاذ محمود باحترام، والتي أتوقع صدورها قريباً، يسد قصوراً كبيراً ونقصاً مشيناً في مصادر الدراسات حول الأستاذ محمود ومشروعه ودوره الوطني. من المعلوم أن تنفيذ حكم الإعدام في حق الأستاذ محمود عام 1985م، تبعه تزوير لتاريخه، وتغييب لدوره الوطني، وتشويه لصورته وسيرته ومشروعه، ونبذ لتلاميذه وتشريدهم. تبع ذلك مقاطعة كاملة من الأكاديميا السودانية للأستاذ محمود ولمشروعه. بل لم ترد حتى مجرد إشارة، في جل كتب المؤرخين، لنضاله الثابت والموثق ضد المستعمر. كما لم ترد حتى مجرد إشارة لكتبه في دراسات المثقفين وحواراتهم حول قضايا السودان والإنسان، إلا لدى قلة قليلة جداً من المثقفين. ولهذا فإن صدور مثل هذا السِفر، مدعاة للاحتفاء والطرب، فهو يسهم وبقوة في دعم جهود المراجعات والنقد العلمي الشامل لتاريخ السودان ولمساره الفكري والسياسي، وهي مراجعات قادمة لا ريب في ذلك.

    ومن جهة أخرى فإن هذا السِفر هو أيضاً، من أوائل السير الذاتية لمثقفي السودان، التي تحتفي بالأستاذ محمود، وتُبرز بعضاً من جهوده الفكرية ونضالاته الوطنية، ويعتد كاتبها بالانتماء إليه. وفي تقديري، هذا أمر جديد كلية على صعيد كتب السير الذاتية والعامة في السودان. فقد كتب العديد من طلائع المتعلمين، وبعض المثقفين من بعدهم، سيرهم الذاتية، وكتب البعض الآخر السيرة العامة، وهي غير الذاتية، فالسيرة العامة هي التي تكتب عن الآخرين؛ وأزعم أنني درست نحو خمسة وثلاثين كتاباً من كتب السير الذاتية والعامة، ولم أجد، سوى في أربع منها، ذكراً للأستاذ محمود. وبرغم أن الذكر جاء مختصراً ومبتسراً؛ إلا أنه في تقديري، قد حمل قيمة تاريخية عظيمة، كما حمل بعض الدلالات التي خرج بموجبها أصحابها من حالة اللا انصاف التي اتسم بها معظم مثقفي السودان في تعاطيهم مع الأستاذ محمود ومع مشروعه الفكري ودوره الوطني. لقد أغفلت معظم كتب السير الأستاذ محمود، على الرغم أنه تقاطع في الأحداث والوقائع مع كاتبي السير الذاتية أنفسهم، بل كان الأستاذ محمود صانعاً لبعض الأحداث والوقائع التي عاشوها وعايشوها. قاد الإغفال المتعمد لذكر الأستاذ محمود في السير الذاتية والعامة، إلى تغييبه عن الذاكرة الجمعية، وتغييب دوره الوطني. أكثر منذ ذلك، فقد أدى إغفاله إلى تضليل الكثير من المؤرخين والباحثين والأكاديميين - وما كان لهم أن يضللوا، إن لم يكن هناك استعداد وقابلية- وهم يعتمدون على تلك السير بوصفها مصدراً من مصادر تاريخ السودان وتطور الحركة السياسية والفكرية فيه . لقد نبه المؤرخ الدكتور محمد سعيد القدَّال (1935م-2008م) إلى خطورة الركون لكتب السير الذاتية لمثقفي السودان كمصدر للتاريخ. فقد درس القدَّال أحد عشر كتاباً من كتب السيرة الذاتية . خلص القدَّال في دراسته قائلاً: "إن قيمة غالبية هذه الكتب كمصدر للتاريخ ضعيف، وبعضها لا قيمة له". وأشار في تقييمه لتلك الكتب قائلاً بأنها: "أهملت الجوانب الشخصية التي هي قنوات اتصال بين الكاتب والقارئ، وضخمت من دورها في الأحداث، وجنحت للتبرير، وسيطر عليهم هاجس الصراعات السياسية". ولم يستثنِ القدال من نماذج دراسته إلا مذكرات الشيخ بابكر بدري (1864م-1954م): تاريخ حياتي. وصف القدَّال مذكرات الشيخ بابكر بدري بأنها ذات قيمة فنية، وقيمة تاريخية، وعدَّها نموذجاً للسيرة الذاتية.

    أستاذ العصر والعهد الجديد

    إن هذا السفر كما أشار مؤلفه يتمحور حول الأستاذ محمود، ويدور حول فكره. لقد سمى المؤلف الأستاذ محمود في هذا السفر، أستاذ العصر. وأشار إلى أن كتابه هذا يُمثل خلاصة المكونات الفكرية للمذهبية التي اتبعها بانتمائه إلي أستاذ العصر. وبيَّن المؤلف وهو يتحدث عن نبوات الأستاذ محمود، أنه يعتقد في كلمات الأستاذ محمود، وأن اعتقاده يقوم على تجارب ومعايشة، فهو يقول: "فاعتقادي أن كلمات الأستاذ لا تذهب سُدى فاعتقادي قائم على تجارب ومعايشة". وأكد المؤلف أن كتابه هذا في بعض جوانبه، هو استجابة لنداء الأستاذ محمود القائل: "بأن ينتدب كل أخ جمهوري نفسه ليكون، وكل أخت جمهورية نفسها لتكون، من طلائع العهد الجديد". في تقديري، أن هذا السِفر يؤرخ لمرحلة جديدة، ويُعلن عن بداية العهد الجديد المرتقب، الذي لم يمض سوى فجره. إن بوادر العهد الجديد المرتقب، وقد بدأت، هي العودة القوية لاسم الأستاذ محمود وسيرته ومشروعه في الفضاء المعرفي في السودان وفي العالم. إن الفضاء المعرفي في السودان، لم يشهد احتفاء بالأستاذ محمود عبر أيِّ كتاب من كتب السيرة الذاتية؛ إلا في هذا المُؤلَف. والحق أن المُؤلِف والمُؤلَف هما ثمرة من ثمرات الأستاذ محمود، ولا شك عندي بأن ثمار الأستاذ محمود ستنهال قريباً على السودان والبشرية. هذا السِفر سيفتح الطريق أمام إنتاج معرفي قادم، يتسم بالعلمية والاحترام الشديد لفكر الأستاذ محمود، وللنموذج الذي قدمه. سيأتي هذا الانتاج المعرفي مع مرحلة المراجعات الشاملة لتاريخ السودان ولمساره السياسي والفكري، والتي ستقوم بها قريباً الأجيال الجديدة. إن الأجيال الجديدة ستكون قادرة على التنقيب والفحص والتمحيص ومقارنة القرائن، أكثر من أي وقت مضى، وذلك بما فطرت عليه من تحرر في العقول والقلوب، وبما اصبحت تمتلكه من مقدرات، وبما لديها من إمكانيات وأدوات. ستعيد الأجيال الجديدة كتابة تاريخ السودان بوعي أكبر وبمناهج علمية أكثر صرامة. ولسوف يتكشَّف حينها أن ذلك التاريخ لم يكتب بالحياد الكافي، إن لم نقل بالأمانة الكافية. وبدوري فإني أطمع وأتطلع وأنا من الذين تأذوا ولا يزالون يتأذون في كل لحظة بما شاب سيرة الأستاذ محمود ومسيرته وتاريخه ومشروعه من تزوير وتزييف، أطمع وأتطلع إلى أن يكتب تلاميذ الأستاذ محمود وتلميذاته عن تجاربهم/ تجاربهن وحيواتهم/ حيواتهن وتطورهم/ تطورهن الفكري والإنساني في معية الأستاذ محمود. ومما يشفي من بعض الغليل في هذا الشأن، أنه بالإضافة لصدور هذا الكتاب للوالد مجذوب، فقد صدرت مذكرات الوالد إبراهيم يوسف، وهو أيضاً، من أبكار تلاميذ الأستاذ محمود، وهي بعنوان: ذكريات جمهوري. كذلك، صدر كتاب الدكتورة بتول مختار محمد طه بعنوان: محمود الإنسان: قراءة الأيام، والكتاب كما جاء وصفه في صفحة الغلاف (محمود الإنسان أو- قراءة الأيام- هو إجمالاً وليس تفصيلاً لحياة الأستاذ محمود محمد طه، عبارة عن مذكرات المؤلفة)، وبتول هي من أكثر الناس إلتصاقاً بالأستاذ محمود. كذلك، تابعت مع الدكتور النور حمد، وهو أيضاً من تلاميذ الأستاذ محمود، مدى اهتمامه وانشغاله بخطته الزمنية للانتهاء من كتابه، الذي اختار له عنواناً ابتدائياً: تجربتي مع الأستاذ محمود. الشاهد أنه بهذا الكتاب والكتب القادمة، ستجد الأكاديمية السودانية والمؤرخين مادة جديدة وشهادات جديدة. فبمقارنة القرائن والتنقيب العلمي الشجاع والأمين نصحح الكثير والكثير من ما لحق بتاريخ الأستاذ محمود وسيرته ومشروعه. في يقيني، أنه سيأتي يوم، يُقبل فيه الناس بنهم على قراءة كتب الأستاذ محمود، والبحث في سيرته، والسعي لمرافقة تلاميذه، حينها سيكتشفون عظمة الإنتاج الفكري والمعرفي الذي كان بعيداً عنهم، وهو بين إيديهم، ظلوا لا يرونه، وهو أمام أعينهم. في الواقع. لست مكتفياً في شأن دراسة الأستاذ محمود وسيرته ومشروعه بإعلاء صوتي بالنداء لتلاميذ الأستاذ محمود أن يكتبوا فحسب؛ وإنما أسعى بكل ما أوتيت من قوة وقدرة، عبر الدراسة والبحث، للمساهمة في تصحيح صورة الأستاذ محمود وتنظيف سيرته ومسيرته، وإزاله التشويه الذي لحق به وبمشروعه وبتلاميذه. والحق أن الأستاذ محمود لا يحتاج لذلك، وإنما نحتاج نحن لذلك، لتنظيف أنفسنا، وتطهير أجسادنا، والتكفير عن أخطائنا وأخطاء الآباء والجدود.

    ختاماً، تبقى حقيقة مهمة. فلربما تساءل القارئ الكريم عن صلتي بمؤلف الكتاب الوالد مجذوب. في الأصل، إن صلتي ،بالوالد مجذوب، صلة روحية وفكرية. وهنا ينتفي الزمان وتتلاشى الأنساب والأرحام. فسقف الصلة مطلق، مركزها الأستاذ محمود، وجذرها ضارب في جوف التاريخ. فمن حيث السن فإني بمثابة الحفيد، وهو المربي والوالد. فحينما طلب مني أن أكتب تصديراً لهذا الكتاب بالاشتراك مع الدكتور النور حمد، ذُهلت ودُهشت؛ إذ كيف يمكن لشخص مثلي أن يكتب تصديراً لكتاب هو حصاد سنين وناتج تجربة مستحصدة لرجل آزر الأستاذ محمود وناصره، بصدق وعلم، في وقت لم يكن في الساحة سوى الأعداء والمتربصين بالأستاذ محمود وبمشروعه من ضحايا الجهل ومتعجلي النتائج. وكيف لي أن أكتب تصديراً لهذا الكتاب، وفي يقيني، أن هذا الكتاب هو سيرة طاهرة وعطرة ومشرقة لرجل هو صاحب تجربة عريضة وصادقة؟ ولكني بعد أن أفقت من الدهشة والذهول، أدركت بأن الوالد مجذوب منحني هذا الشرف، لا لشيء سوى ليأخذ بيدي، ويدفع بي نحو التعمق والترقي والبقاء في فكر الأستاذ محمود ومعارفه. فطلبه مني كتابة تصدير للكتاب يمثل في حد ذاته، جرعة تربوية، ورحلة تسليكية، ودروساً كبيرة، خرجت منها بمعاني ودلالات جليلة وعظيمة. أما الكتاب فقد طاف بي، وقادني إلى مجاهل فكرية وعرفانية عميقة، كما أكد لي أشياء، كانت تشغلني، وعمق عندي معاني، كانت غائبة، وفوق كل ذلك فقد جَددتُ به وثيقة عهدي مع الأستاذ محمود. وهنا المغزى والحكمة.

    يقيني القارئ الكريم، أنك ستجد في هذا الكتاب، أطروحات فكرية غريبة، ورؤى سياسية جديدة، وكلها تحفز على التأمل، وإعادة النظر في المسلمات. كما أنك ستقف على سيرة ذاتية، صاحبها شخص فريد وخاص وجديد، في رؤيته، وتواضعه، ومبادئه، وفكره، وسمات شخصه، وتجربة حياته، ورهافة احساسه بالتاريخ، وفي صدق انتمائه للمستقبل. عاش صاحب السيرة في معية الأستاذ محمود، حياة زاخرة وجادة ومتفردة، كانت كلها فكراً وتفكراً وشعوراً وعملاً ونضالاً من أجل السودان والفكر والمستقبل والإنسان.


    عبدالله الفكي البشير
    \أكتوبر 2011م
    الدوحة، دولة قطر
    ___________

    (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-22-2012, 12:55 PM)
    (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-23-2012, 01:25 PM)

                  

06-22-2012, 11:49 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة إسلاموي مهاجر إلى الجمهوريين تصدر قريباً (Re: Haydar Badawi Sadig)

    لمزيد من الاطلاع!
                  

06-22-2012, 12:48 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة إسلاموي مهاجر إلى الجمهوريين تصدر قريباً (Re: Haydar Badawi Sadig)

    سلام يا حيدر، وسعيد جداً بالشوفة وتجديد دماء ود ، ورفقة بواكير الصبا
    تحياتي لك والمدام والأسرة وان شاء الله توصلوا بالسلامة
    كونوا بالف خير بإذن الله..وفي رعايته.

    (عدل بواسطة nadus2000 on 06-22-2012, 12:49 PM)
    (عدل بواسطة nadus2000 on 06-22-2012, 12:49 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de