قصة إختطافنا من مستشفى هجليج ، الملازم طبيب خالد حسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 05:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-14-2012, 03:14 AM

هجو الأقرع
<aهجو الأقرع
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 9056

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قصة إختطافنا من مستشفى هجليج ، الملازم طبيب خالد حسن

    قصة اختطافنا من مستشفى هجليج

    الحمد لله الذي أضحك وأبكى، وأمات وأحيا، فعرفنا بلذة الفرح شدة الترح، وبحلاوة الحياة مرارة الوفاة.

    قال الطائي:
    أوما رأيت منازل ابنة مـالـكٍ رسمت له كيف الزفير رسومها
    والحادثات وإن أصابك بؤسـهـا فهو الذي أدراك كيف نعيمهـا

    وقال:
    إساءة دهرٍ أذكرت حسن فعـلـه ولولا الشري لم يعرف الشهد ذائقه

    وصلى الله على خير مبعوث، وأكرم وارث وموروث، محمد الذي أخرجنا من الضيق إلى الفسحة، وبعث إلينا ، ليضع عن ولد إسماعيل أغلال بني إسرائيل، بل ليرفع عن كل من دخل في السلم، من جملة العرب والعجم، ما أضلع حمله وأظلع ثقله، صلى الله عليه صلاةً تزلف لديه، وتصعد في الكلم الطيب إليه، وعلى آله وصحبه وسلم . . .



    لم نكن أسرى حرب . .
    فقد إقتحم المعتدون بقعة عزيزة من وطننا . .
    لم نحمل سلاحنا لاقتحام الجنوب ولم تكن حربنا على أرض متنازع عليها بل انتهكوا حرمة أرضنا و كان احتلالا" بكل ما تحمل الكلمة . .

    لسنا أبطالا" لكننا نعرف معنى الواجب . . الشرف . . الوطن و الحمدلله. .

    بدأت الملامح العامة برأيي لسقوط هجليج تتشكل في خيالي منذ مساء الاثنين التاسع من ابريل ......

    كان صباح يوم الثلاثاء العاشر من ابريل صباحا عاديا .. . . استيقظت باكرا . . . و كما العادة ذهبت الى الحوادث للاطمئنان على سير العمل و لمعاينة المرضى من العسكريين . . . و استمر ذلك الوضع حتى الساعة العاشرة صباحا مواعيد الافطار

    تناولنا الوجبة و واصلنا معاينة المرضى بالحوادث . . .
    الحمدلله لم يكن هناك ما يعكر سير العمل بالمستشفى . . .
    لكن هناك حقيقة يجب الوقوف عندها و هي ان السبب الذي من اجله انشئت المستشفى كان من اجل تقديم خدمة طبية للعاملين بشركات النفط بهجليج . . . فالمستشفى اذن صغير نوعا ما ...

    عند الواحدة ظهرا اتصل بي الشهيد رائد طبيب ياسر ختم رحمه الله مبلغا بان الاشتباك قد بدأ بمتحرك الشهيد الفاضل و أن نكون على استعداد بالمستشفى. . .

    و استنفرت الكوادر بالمستشفى لذلك و فعلا بدأ اخلاء الجرحى من المقدمة للمستشفى بأعداد مقدرة و بدأنا بعمل الاسعاف اللازم لهم . . .
    بعض الجرحى اصابته خفيفة . . . البعض الاخر خطيرة .. و بعضهم كان قد استشهد قبل الحضور للمستشفى ..

    استمر توافد الجرحى للمستشفى . . . و امتلأ المستشفى حتى الردهات و الصالات . . .

    عند الساعة الثالثة ظهرا اتصلت بالشهيد ياسر مستفسرا عن وضع الميدان . . . وجدت هاتفه مغلقا . . .

    و شيئا فشيئا اقترب صوت الاشتباك من تخوم المستشفى و بدا كما لو أن الجيش ينسحب . . .
    أحضرت شركة النفط سيارات أخلت بها كل الطاقم المدني العامل بالمستشفى . . .

    و بقينا بالمستشفى . . . أنا و طاقم طبي عسكري بسيط و بعض جرحى و مرضى . . .

    استشارني طاقمي العسكري عما سيحدث بعد ذلك و أعطيت تعليماتي لهم باخلاء المستشفى على أن يخلوا الجرحى بالمستشفى معهم . . . و فعلا تأكدنا من ذلك و الحمدلله . . .

    و بقيت بالمستشفى و لم يك بها غيري . . . و خمسة مرضى و مرافقيهم الخمسة و ممرض واحد . . .
    استمر الوضع و الاشتباك حتى الخامسة عصرا . . .

    و بذلك الوقت كان كل الجيش قد أخلى المنطقة . . .

    انتظرت قرب المستشفى علني أجد سيارة تقلنا . . . و قدر الله كان يرسم خطة أخرى . . .

    هاجمت قوة من العدل و المساواة بسيارتهم المستشفى . . . فتحوا نيرانهم باتجاهي بكثافة . . . طالبين مني الاستسلام و الرضوخ وانا لم
    أك احمل سلاحا غير ايماني و توكلي على الحي الذي لا يموت . . .

    أوضحت لهم بان الموجودين الان بالمستشفى هم مرضى لم يشاركوا بالاشتباك ويجب الا يتم تصفيتهم . . .

    أخذوا علامات الرتبة خاصتي و باتش السلاح الطبي ... المحفظة ... هاتفي السيار ...


    **مشهد : كان هناك أحد الاخوة الذين استشهدوا و كان مسجى بالمستشفى و مغطى ببطانية . . . قال أحد جنود العدل بان هذا الشخص يتحرك أجابه اخر بانه ميت . . . لكن الأول ذهب لمكانه و أطلق عليه الرصاص حتى يتأكد من وفاته !!! . . . كان هذا حال معظم جنود العدل و المساواة و جنود الجيش الشعبي في التعامل مع الجرحى من جيشنا . . .
    تم اقتيادنا بالعربات التي كان بكل منها أربعة جنود الى السوق. . .
    قامت قوات العدل بنهب السوق و كسر اقفاله و أتوا على كل ما به من بضاعة و أغراض...

    ومن هناك تحركت قوات العدل و المساواة عائدة بنفس طريق الردمية الذي أتوا به . . .


    و شاهدت قوات الجيش الشعبي باعداد ضخمة تتقدم نحو هجليج . . . يتبادلون الهتاف و تحايا النصر مع قوات العدل و المساواة . . .

    كان عدد عربات العدل و المساواة كبيرا بشارع الردمية . . .
    و كان بكل عربة حوالي أربعة او خمسة من الجنود . . .

    و معظم قوات الجيش الشعبي كانوا مشاة ...

    كنت أرى جثثا ملقاة هنا و هناك بالشارع ..


    و صلنا منطقة لالوبة جنوبي هجليج و هي على بعد ساعة و نصف من هجليج ...

    هناك و جدنا تمركزا لقوات العدل و المساواة بسياراتهم ...


    الجنود هناك يتعاطون المخدرات و المشروبات الكحولية بكثرة ...
    حين تمكن منهم أثر التعاطي سألني أحدهم قائلا ( يا دكتور هل أنت مجنون ؟! ما الذي كنت تفعله بذلك المكان ؟... انت محظوظ انك لم تمت ... ) أجبته بان الله هو الذي بيده التصاريف . . .
    (و لا تدري نفس بأي أرض تموت ) ...


    كنت مطمئنا و كأن الله قد أنزل سكينته على قلبي .... و ما يريحني هو أنني قد أديت واجبي بأكمل وجه ... واخليت كل الجرحى . . .

    كان كل شيء حولنا ظلاما الا من أضواء سيجارهم المخدر !!

    بتنا ليلتنا هناك حتى الصباح وحينما انبلج الفجر و علم من كان بالمكان من الجنود بأن هناك ضابط من جيش الشمال أسيرا . . . تجمعوا بالمكان . . . كل يمني نفسه بالثأر من حكومتنا بشخص هذا الضابط . .
    ضربا و تنكيلا بالرأس بالبطن و بكل ما تقع أيديهم أو زجاجات مشروباتهم الكحولية عليه من أجزاء الجسم . . . و بساقط القول من الألفاظ . . .
    بعضهم يمني نفسه بقتلي ...
    كانوا يقولون ( جابكم هنا شنو يا .... ؟ دايرين شنو ؟ ) كأنما هجليج قرية تتبع لمحلية جوبا !!!
    وهنا حضر ضابط ... ملازم أول يتبع للجيش الشعبي و اقتادني لقيادتهم بالمنطقة و كان بها نقيب بالجيش الشعبي ...
    أجلسوني على كرسي في البداية و بيدي أصفاد . . . ومن ثم على الأرض مكبلا بحبل. . . و حضر جنود من الجيش الشعبي و فتشوا كل جيوبي بحثا عن غنيمة !!

    انضم الينا هنا مواطن كان يعمل حارسا بشركة التركترات بهجليج قبض عليه أيضا جنود العدل و المساواة ...
    تم اقتيادنا الى منطقة ربكونا التابعة لولاية الوحدة و تبعد بالسيارة أكثر من ساعة . . .
    هناك و بقيادة الجيش تم تسليمنا الى القيادة . . . كان هناك رائد فما دون و عدد من ضباط الصف . . . سخر بعضهم منا و أشبعونا تقريعا . . .
    تم وضعنا و كنا حوالي أربعين شخصا و معنا عدد من جنود الجيش الشعبي في حاوية أو كونتينر !! . .
    ذو أكسجين و تهوية قليلة . .
    و ماء قليل جدا ! . .
    وجبة واحدة مقسومة على وجبتين بطعام لا يسمن ولا يغني من جوع و ليس فيه من معدن ولا يعرف الفيتامين ! . . كوجة ( نوع من العصيدة ) و عدس ...
    و القمل يشاركنا ما تبقى من دم في عروقنا !!
    و رائحة كرائحة المشرحة !!
    لا مجال لاستخدام الحمام !!
    و أشبعنا الجنود شتائم مغمورة بالقذارة ! . .
    و ألفاظ يندى لها الجبين !!
    احتسبنا كل ذلك و ثبتنا الله بالقول الثابت . . .
    أخذنا أيضا نصيبا من الضرب في ذاك الكونتينر . . .

    قابلني الفريق تعبان دينق والي ولاية الوحدة مرتين . . ناصحا" لي بأن البشير سيئ و داير يكتل الشباب حديثي السن من أمثالي . .
    أعطاني كتابين للإطلاع . .
    أحدهما كتاب (الحركة الإسلامية دائرة الضوء خيوط الظلام) للمحبوب عبد السلام كنت قد قرأته من قبل وهو لمن لم يطلع عليه عبارة عن مرارات وشحنات من الأسى نتيجة المفاصلة بين الأسلاميين . . المحبوب طبعا" مؤتمر شعبي . .
    الكتاب الثاني عن النفط والصراع السياسي في السودان . .
    لا يخفى عليكم برنامج غسيل المخ الذي كان يحاول القيام به الفريق تعبان ... و كان يحاول اقناعي بسوء حكومتنا و ان هجليج جنوبية !!!!!!
    لم يك حديثه أكثر من حديث مشحون بالعاطفة الجوفاء والمنطق الفارغ. . .
    وكل ما خرجت به منه مفاهيم مشحونة بكره و غل عجيب و ان كان يصطنع الطيبة . . .
    و استمر نفس برنامج التجنيد عن طريق مقدم يتبع للاستخبارات بالجيش الشعبي بجوبا . . .
    سألني تعبان ( ان عدت الى الشمال هل ستواصل العمل بالجيش؟ ) قلت نعم . . اندهش من الاجابة . . .
    كنا نعمل بأعمال البناء و انزال الغنائم من مهمات عسكرية و ذخائر و غيرها بالمخازن . . .
    وكان عدد الغنائم مهولا !! من سيارات . . . كبيرة و صغيرة . . . مهمات عسكرية و تعيينات و غيرها . . .
    حضر الينا ضابط مخمور كان يتحدث بأنهم أخذوا كل الأدوية الموجودة بالمستشفى و خزنوها ببيوتهم !!! استفسرته عن كيف سيستفيد من هذه الادوية و عما اذا كان يعرف طبيعتها . . . فأجابني نحن أخدناها و خلاص !!

    تم استجوابي عن طريق لواء بالجيش الشعبي بربكونا ..
    سألني عن اسمي و رتبتي و وحدتي العسكرية
    سال عن اسم قائد القوة بهجليج . . عدد القوات . . . نوع التسليح . . . مكان الارتكاز بعد الانسحاب . . .
    اجاباتي كنت ألوكها بعقلي جيدا قبل اعطائها مغلفة لهم بالزيف و شعاري هو الحرب خدعة !!
    استمر الوضع كما هو حتى الخامس عشر من أبريل . . . حيث تم إخراج الأسرى من الكونتينر . .
    قيل ارتدوا زيكم العسكري لمن كان يرتدي غيره . .
    تحركنا الى المطار و في الطريق كنت ارى تعزيزات كبيرة من القوات تتجه نحو ربكونا . . .

    ** مشهد : في مطار سارجاس بربكونا و أنا مشدود الوثاق بحبل متين قام بربطه أحد الأفراد بكل ما أوتي من قوة وضع أحد أفراد الشرطة العسكرية يده على بطني و ضغط عليها بعنف وقال نحن الليلة حنعمل شية من بطنك دا . . ضحك الجميع ساخرين .,..
    كل من نظرت إلى عينيه من الجنود كنت أرى كرها مبالغا فيه و حقدا يلوث المكان !! و رغبة قوية بقتلنا !!
    ركبنا الطائرة . . تحت حراسة ونحن مشدودي الوثاق . .
    نزلت بنا في مطار جوبا . .
    صعد أحد الجنود و فك وثاقنا و وضعه بجيبه حتى نظهر بمظهر انساني امام الاعلام ..
    و هناك أحاطتنا الكاميرات من كل جانب . .
    أردت إرسال رسالة لأخوتي بالقوات المسلحة . . فحواها. . نحن هنا في قلب العدو و لا نبالي . .
    كنت أشعر بطمأنينة عجيبة من الله وأنا أنزل سلم الطائرة و أتحدث لمراسلي وسائل الاعلام . .
    و تكاد العدسات تلتهمنا . .
    قلت بأني أكره شيطان السياسة الذي فصل البلدين و أوقع الفتنة بين الشعبين . .
    هذه حقيقة . .
    أنا أكره شيطان السياسة . . شيطان التفاصيل الذي كان يسكن جنبات نيفاشا !

    تحدثت عن العلاقات الأزلية بين الشمال والجنوب و الأمل في السلام والأمل في نجاح الإتحاد الأفريقي في وساطته . . .
    اعتبر البعض حديثي انبطاحا لكننا لا نصحو صباحا" خرمانين للحرب . . لا أحد يحب الخراب و الحرب مع الجنوب هي حرب مع حكومتهم ممثلة في الحركة الشعبية وليست مع شعب الجنوب المغلوب على أمره . . هي حرب فرضها تعديهم السافر و انتهاكهم أرضا عزيزة من بلادنا . . .

    المطار كان صغيرا و متواضعا ينم عن بلد يكابد شظف العيش . . . لا يرقى حتى أن يكون مطارا باحدى ولايات السودان الشمالي !!
    تحركت بنا سيارة تحت حراسة مشددة الى مبنى هيئة الامن و الاستخبارات . . . ما يعرف بالبيت الابيض . . .
    من مشاهد شوارع جوبا لافتات المحال التجارية كانت كلها باللغة الانجليزية . . . السيارات بالشوارع كلها او معظمها من النوع الفاره . . .
    أعلام اسرائيل و الولايات المتحدة وعلامات المنظمات تميز معظم السيارات . .
    بؤس ظاهر و ضياع يسكن ملامح الناس بالشوارع . . .
    في المبنى استقبلنا ذاك المقدم الذي ذكرته سابقا بقصة التجنيد . . . و معه ملازم . . و نقيب . . .
    حذرونا من ان نحاول الهرب والا فالمصير هو الموت . . .
    أودعونا بغرفة أكبر من ذلك الكونتينر. . . ذات تهوية جيدة نوعا ما . . .
    وجبة واحدة باليوم و الحمام مرتين يوميا و الاستحمام كل يومين ...
    كان وجودنا بالمعتقل عبارة عن شاشة سينما و مسرحا تجمع فيه كل من اراد تفريغ شحنته من الكراهية لاهل الشمال . . . و خصوصا السكارى منهم . . .
    تعجبت واحترت لتلك المفاهيم وذاك الحقد الدفين الغريب الذي يحمله معظم جنود الجيش الشعبي ! يكرهون كل ماهو شمالي . .
    سمعنا الكثير من السوء في القول. . .
    عرفت بان اللجنة الدولية للصليب الاحمر ستكون معنا بالمتابعة ...
    فهؤلاء القوم يخافون من الاعلام و الآلة الغربية جدا و يضعون للجنة الدولية ألف حساب . . .

    من شر البلية أن عقيدا بالجيش الشعبي حضر إلينا يوم حضورنا لجوبا ساخرا" ومتهكما" ومحتقرا" وقال إن كنتم مجاهدين و دايرين جنات النعيم نحن ممكن نوصلكم و نساعدكم تمشوا . . والإشارة واضحة ! و عندما حان سفرنا وبالحضور الإعلامي المكثف إنقلب العقيد و أصبح كلامه عن الحب والحنان مع مواطني الشمال ... و الكرم الباذخ وحب الاستعراض أمام الكاميرات بالدولار . . .

    لا أنكر ولكي أكون منصفا" هناك الطيبون الذين يحملون بذور خير في نفوسهم . . لكن هؤلاء قطرة في طوفان هادر ...
    قلة منهم كانوا كل يوم ياتون مصبحين يخاطبونني قائلين ( زول كبير أصبحت كيف ؟ جسم كيف ؟ ) . . .
    في تلك الفترة كانت الروح المعنوية لجنودهم مرتفعة باحتلالهم لهجليج . . .

    كانت أحاديث الجنود بها الكثير من المفاهيم المغلوطة كأنهم قد تم تلقينهم تلك الافكار . . .

    اعلامهم الداخلي موجه و مركز لزرع الكثير من الافكار السالبة عن الشمال . . .

    الوضع الاقتصادي بالجنوب وبشهادتهم ضاغط و الفقر يلتهم الجميع . . .

    الكثيرون من أبناء الجنوب مغلوبون على أمرهم . . . خدرهم الساسة و منوهم بالأماني الكاذبة و الوعود الجوفاء . . . و لقنوهم تلك المفاهيم و حينما استيقظوا على واقعهم المرير كان الاوان قد فات ...
    قبيلة الدينكا هي المسيطرة على كل المقاليد مع تهميش واضح و احتقار لباقي قبائلهم خصوصا النوير ...
    يرسل الدينكا ابناء النوير للمعارك و الحروب . . . مضحين بهم ليهنأوا بالحكم . . . تلك بعض زفرات حرى استقيناها من هناك . . .
    أحاديث عن الفساد و الفشل الاداري و التخبط و التدني الاقتصادي تملأ صحفهم .. .
    لا يزالون بعيدين عن احساس المدنية و بأن لهم دولة ذات سيادة تحتاج لبنى تحتية ضخمة ولا يزالون يخوضون حروبا غبية . .
    ايضا احاديث عن نيتهم الغاء كل ما هو عربي بدولتهم حتى اسماء الشوارع .. .
    اللغة الانجليزية كانت اللغة الاساسية للمكاتبات و التعامل بينهم ...
    العلاقة بين جنود الجيش الشعبي و حركة العدل و المساواة كان يشوبها احيانا بعض التوتر . . .
    جنود العدل و المساواة كانوا مرتزقة . . . يهجمون . . . يحملون الغنائم . . . وينسحبون تاركين الارض و ما تبقى للجيش الشعبي. .
    . . .




    من أحاديث الجنود سمعنا بأن هناك أخوة لنا تم أسرهم في مكان ما و سيتم نقلهم لمكان اخر لا نعلمه . . . و في اليوم التالي أخبرنا احد الجنود بانه قد تم احتجاز عقيد بالجيش الشعبي على خلفية تصفيته لاثنين من الاسرى بسلاحه الشخصي !! . . . لم يتسن لنا التاكد من تلك المعلومات !! ...


    اكثر شخصيتين مكروهتين بالجنوب هما . . . الرئيس البشير و الطيب مصطفى . . .

    من استراق السمع لاذاعة البي بي سي فهمت ان كل الدول بما فيها الغربية تقف ضدهم في هجومهم الغبي على هجليج . . . و عرفت برفض سلفاكير الانسحاب . .
    و سمعت بزيارة وزير الخارجية المصري للجنوب وطلبه من سلفاكير الانسحاب و توسطه لاطلاق سراحنا . . .
    كان الحل الوحيد امام سلفاكير ان يخدر الاعلام و يذر بعض رماده في عيون الغرب باطلاق سراحنا . . .
    حضر مناديب اللجنة الدولية الينا . . . تحققوا منا جيدا ان كنا تعرضنا لتعذيب او اساءة او ضرب . . .
    احضروا لنا ملابس و ناموسيات و مفارش و متعلقات شخصية أخرى . . . و غيرها . . .
    .
    كانوا شديدي الاهتمام بنا و بوضعنا ...
    بعد حضور مناديب اللجنة بدأ التذمر واضحا على بعض الجنود من حسن معاملة اللجنة لنا . . .

    استفسر مناديب اللجنة عما اذا كنا نريد العودة ام البقاء هنا ؟
    كان من رأي ذاك المقدم بالاستخبارات بان أبقى أنا بجوبا و أن التحق بالجيش الشعبي مع ضمانات جيدة و وضع جيد . . . برتبة أعلى من رتبتي ...
    و أخذ يحدثني عن علاقته الطيبة مع بعض الضباط الشماليين ...
    و كل البلاغات التي كنت اقدمها بخصوص المرضى من الاسرى كانت تقابل بالتجاهل و بان على ان اخطر اللجنة باعتبارها مسئولة عنا !!
    يقولون لي ( في زول داير يموت ؟ ؟ ؟ لو مافي زول داير يموت يبقى مافي مشكلة )
    طيلة فترة تواجدي في جوبا. . . لم يتشجع أحدهم ممن زاملنا بجامعة جوبا بالزيارة . . . لا أدري أخوفا" على مشاعر وأحاسيس الحركة أم خوفا" من إنقطاع الرزق؟! و وجدت بعضهم للغرابة ينشرون أكاذيب عبر الأثير و على شبكات الانترنت بانهم كانوا دوما معي على اتصال !!


    حينما تم تحرير هجليج خرج عليهم سلفاكير في اعلامهم قائلا بأنهم انسحبوا من هجليج تنفيذا لرغبة المجتمع الدولي و هو الذي كان يرفض رفضا قاطعا الانسحاب قبل اقل من اسبوع !!!
    و انعكس ذلك سلبا على روحهم المعنوية و معاملتهم لنا . . . .

    في يوم الثلاثاء الموافق الرابع و العشرين من ابريل حضر ممثلو اللجنة الدولية واخطرونا بأنه ستتم اعادتنا الى أرض الوطن في الغد . . . الخامس و العشرين . . . بوساطة الحكومة المصرية ...
    في صبيحة الاربعاء الخامس و العشرون من ابريل . . . تم ترتيب و تحضير أوراق السفر و جوازات المرور عبر المطارات . . .
    في الظهيرة حضر السفير المصري و ممثل أركان الجيش الشعبي لتوقيع أوراق تسليم الأسرى ...
    عقد مؤتمر صحفي بالمبنى تشدقت فيه الحركة الشعبية باحترامها لحقوق الانسان و رعاية الاسرى !!!
    تم نقلنا لمقر اللجنة الدولية يرافقنا السفير. . . حتى هبوط الطائرة المصرية . . .
    ثم تحركنا الى المطار . . .
    في حوالي الساعة الرابعة عصرا اقلعت بنا الطائرة الى القاهرة ..
    و هنا مر شريط الأحداث بخيالنا كالأحلام . . ! وكلما ارتفعت الطائرة أكثر و صارت الأرض أصغر سافر الخيال لمدى أبعد !

    هبطنا الساعة السابعة مساء ..
    كان الاستقبال جيدا من قبل اسرة الخارجية المصرية ... نائب وزير الخارجية المصري . . . سفيرنا بالقاهرة . . . لواء من المجلس العسكري . . . لواء من المخابرات العامة . . . الملحق العسكري . . . مقدم بالاستخبارات العسكرية . . . و أسرة المطار . . .
    لم يقصروا في حقوق الضيافة . . . حتى انهم اتوا بطبيب و ممرضة لعمل غيار لجرح لأحد اخوتنا الاسرى ... لم يتم تنظيف جرحه لمدة اربع ايام متواصلة ...
    مكثنا بصالة كبار الشخصيات حوالى خمسة ساعات حتى وصول الطائرة المتجهة للخرطوم . . .
    و اقلعت بنا حوالي الساعة الثانية عشرة منتصف الليل و هبطت بارض الوطن حوالي الثالثة صباحا بحمد الله . . .

    طالب البعض من ابناء بلادنا وللغرابة باسداء جزيل الشكر و الثناء للحركة الشعبية على اطلاقها سراحنا !!!
    إختطفنا مرتزقة العدل والمساواة والجيش الشعبي من داخل أرضنا لنذوق أصناف الهوان . . و حين عدنا على قيد الحياة ندين لهم بالثناء ؟!
    أي فهم هذا ؟!
    يستحق بعضهم نجمة لينين على صدره . . .
    أو دبورة دبورتين من الجيش الشعبي . . .
    توجد مخلوقات تعيش بيننا لا ندري أيكرهون التنظيم الحاكم أم السودان نفسه؟؟ ...
    عداء و غبن و كراهية أعمت القلوب و الأبصار عن النظر لمصلحة البلاد . . .
    أصبح البعض يؤيد من يغزو البلاد و يستبيح العباد بدعوى أنهم يكرهون المؤتمر الوطني !!! . . .
    هنالك فرق بين كراهية المؤتمر الوطني و كراهية السودان !! . . .
    فاليرتمي من شاء منهم في أحضان الغرب أو حضن الحركة الشعبية . . .
    و ليتخذوهم أولياء ... لن يغنوا عنهم من الله شيئا . .
    عقوقهم للوطن لن ينتقص من الوطن شيئا ...

    نحن نشكر الله . .
    نشكر قيادتنا .. .
    نشكر أهلنا وإخوتنا وأخواتنا أبناء الوطن على وقفتهم المشرفة ودعائهم الصالح . .
    دبلوماسية مصر و اللجنة الدولية لمجهوداتهم . . .

    طيلة الفترة الماضية حاولت أن أنأى بنفسي ان أخوض في وحل السياسة و ألا أدخل في مهاترات مع الذين يحملون مرارات شخصية و كراهية للتنظيم الحاكم من بني اليسار . . . راعيت الجوانب الانسانية للمسألة . .. و أبتعدت عن التصعيد الاعلامي ... خوفا من أن يتأثر اخوتنا ممن هم بالأسر بالجنوب ...

    أما فيما يختص بأسراهم لدينا ... فنحن و الحمدلله ربانا الإسلام على نظم وقوانين تحمي الأسير، وقد شرع الله الأَسْرَ فقال في كتابه: "حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا"
    وأمر النبي أصحابه بحُسن معاملتهم فقال: "اسْتَوْصُوا بِالأَسْرَى خَيْرًا"
    فقد رأى أسرى يهود بني قُرَيْظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، فقال مخاطِبًا المسلمين المكلَّفين بحراستهم: "لاَ تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَحَرَّ السّلاَحِ، وَقَيِّلُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا". كما نهى عن تعذيبهم وامتهانهم، "، وحرص الإسلام على الإحسان إليهم، فقال تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا".
    ولهم كذلك حق في الكساء والحرية الدينية.
    أما مصـير الأســرى فهو المنّ، أو الفداء، وقد ثبت أنَّ النبي منَّ على بعض الأسرى بإطلاقهم وفادى بعض أسرى بدر بالأموال وغيرها. أو الاسترقاق ولا يكون ذلك إلا بأمر ولي الأمر.
    أما الأسير المسلم: فقد اتَّفق الفقهاء على حرمة قَتْلِ مُدْبِرِهم وجريحهم، وأنه لا يغنم لهم مال، ولا تُسْبَى لهم ذرِّيَّة ومَنْ قُتِلَ منهم غُسِّل وكُفِّن وصُلِّيَ عليه.
    لماذا لا تنتقم من أعدائك؟! فقد قال صلاح الدين الأيوبي عن ذلك: إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان، وأن نقابل السيئة بالحسنة، وأن نكون أوفياء بعهودنا، وأن نصفح عند المقدرة عمَّن أذنب.

    أما معاملة الصليبيـين للأسرى، ومجـازر نصارى الأندلـس ضدَّ الأسـرى المسلـمين، والصهاينة والمعامـلة الوحشيـة للأسـرى، وإنـزال أشـدِّ أنـواع التعذيـب بالأسـرى العـراقيين كلها أمثلة على جـرائم ضـدّ الإنسانيَّـة تنتظـر المحاكمـة . . .


    في ظلام سجونهم تناول كل منا أربع حبات مهدئة ..
    أولاها إيماننا بالله . .
    ثانيها أننا سودانيون ..
    ثالثها. . أننا من رحم القوات المسلحة ..
    رابعها أن أمهاتنا أرضعننا حليب العزة وأطعمنا آباؤنا الرجولة . .

    كنت قد أخليت آخر جريح والحمدلله قبل أسري فلماذا أجزع أو أفزع ؟. .

    ما الموت ؟!
    إنتقال من ضيق الفانية إلى رحابة دائمة . .
    و ربما نموت في الفراش . .

    لكنني كنت سأموت في اليوم ألف مرة لو أنني هربت تاركا" خلفي جريحا" أو مريضا" . .
    إخوتي و أنا أردناها ميتة خاصة من أجل أسمى غاية . .
    وهل من بعد الموت دفاعا" عن أرض أستباحها الغاصبون من شرف؟!

    لست و أخوتي بنادمين على ضريبة أديناها و ثمن دفعناه من اجسادنا فداء لوطننا الذي نهوى و وضعناه بحدقات العيون . . . و لو تم تكليفنا من قيادتنا الكريمة بأي تكليف لما تخاذل منا رجل واحد . . .
    ولو عاد الغزاة لهجليج لعدنا . . .
    ان كنا قد وفقنا بما اوكل الينا فذاك بفضل الله و ما تعلمناه من قيادتنا الرشيدة و مدرستنا العسكرية الراسخة ...
    نسال الله الرحمة و المغفرة و القبول الحسن لشهدائنا الابرار الكرام فينا و الشفاء العاجل لجرحانا و ان يرد المفقودين و الاسرى سالمين لاهلهم و وطنهم . . .
    و ان يعم السلام و الامن والرخاء كل انحاء و حدود سوداننا الحبيب......
    ( ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا ربنا و لا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا و لا تحملنا ما لا طاقة لنا به و اعفو عنا و اغفر لنا و ارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) ...
    اللهم صلي و سلم على نور الانوار أمير المجاهدين و قائد النصر المبين سيدنا محمد و على اله و صحبه أجمعين .
    ملازم أول طبيب خالد حسن أحمد ( مايو 2012 )


    .................
                  

05-14-2012, 04:16 AM

سيف النصر محي الدين
<aسيف النصر محي الدين
تاريخ التسجيل: 04-12-2011
مجموع المشاركات: 8995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة إختطافنا من مستشفى هجليج ، الملازم طبيب خالد حسن (Re: هجو الأقرع)

    غايتو من الكلام الكتير ده الحاجة الوحيدة العرفتها أن هجليج احتلتها قوات العدل و المساواة و كان جنودها مسطولين و سكرانين.
    و أنو الأسرى و الجرحى كانوا يقتلون ما عدا الدكتور و الذين معه.
    يا زول حمد لله على السلامة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de