|
|
 ع.عثمان:ذكي ولماح ومنفصل روحيا عن الانقاذ فقط تبقي الجسد وبعض الزكريات
|
مادة هذا المقال كما يتضح من العنوان هي تناول مواقف النائب الاول علي عثمان وأخرها موقفه من دعم الاطفال مرضي السرطان ,فالرجل قد تختلف معه سياسياً وفكرياً ولكن في مرات كثيرة يُجبرك علي إحترامه, وفي تقديري هو من أربح الكروت للحركة الاسلامية,وقد كان صعوده فيها صعوداً صحياً لم يكن يرث اموالاً من أسرته وليس له اي دعومات اخري ترشحه ليعتلي منصباً رفيعا داخل الحركة, فقط حدسه وقدرته علي التفكير ومواهبه الخطابية المتفرده هي من أهلته لأقتحام هذا المجال ليصبح الرجل الثاني في التنظيم في فترة وجيزة, وهو من القلة الذين لم يقدم لهم الدكتور حسن الترابي اي دعم فمعظم كوادر الجبهة الاسلامية تم دعمهم إما عن طريق السفر بالخارج للدراسة والتأهيل أو عن طريق الدعم المالي لإقامة المشاريع ذات الطبيعة الطفيلية, ساهم علي عثمان في ترتيب وتنظيم إنقلاب الانقاذ بل كان هو العقل المُدبر لذلك, ورغم عدم شرعية الانقلاب وإجهاضه للديمقراطية الا ان نجاح الانقلاب في حد ذاته في وقت كانت فيه الاحزاب السياسية بدات تستعيد عافيتها وكانت الحكومة ديمقراطية يمثل حدثاً لايمكن تجاوزه, إستفاد علي عثمان من كل اخطاء الانقلابات السابقة ورتب للانقلاب بحيث أمن للمنفذين من العساكر والضباط مبالغ مالية تؤمن لهم أسرهم في حالة فشل الانقلاب, وخطط لان يخرج الانقلاب بلا هوية بلا ابٍ وكذلك بلا أم, وظن الجميع أن الانقلاب وليد مذكرة الجيش الشهيرة, مع بعض التلميحات في خطاب الثورة الاول الي ذلك, العنف الذي صاحب بداية الثورة من إعدامات هو عنف مبرر لدي الحركة الاسلامية,لان شعار (فلترق منا الدماء او منهم الدماء او كل اللدماء) هو يعتبر الرباط السحري الذي يجعل الاسلاميين يفعلون ذلك الفعل وينامون كما ينام الاطفال عند المساء, مارس الرجل العملية السياسية داخل التنظيم وكان مقرباُ جدا من الزعيم الكبير وكان هذا مصدر قلق وحسد من الاخرين وأن كان ذلك الوقت غير مناسباً لان يتضح ذلك الا انه وضح جلياً حينما تقدمت الانقاذ في عمرها وشاخت, وتمددت عبر اجهزة الدولة وأصبح لكل مسؤول فيها دولة داخل الدولة,في وقت المفاصلة توهج عقل الرجل فاذا افترضنا جدلاً أن الزعيم الكبير كان خلافه منهجياً مع قبطان الثورة وطاقمه الميمون, وإذا افترضنا نسبياً أن خلاف الترابي مع السلطة شبيه بإختلاف عبدالخالق محجوب مع سلطة نميري, فان الترابي والمحجوب كانا كبشين فداء باختلاف المناهج والمواقف لأيدلوجياتهم الفكرية فقط تجد الاختلاف بأعدام الاول وإعتقال الثاني,الموقف المدهش هو تجاوز علي عثمان لذلك الحدث التاريخي داخل الجبهة الاسلامية بانحيازه للثورة ¸الموقف الذي كان بإمكان عبدالخالق أن يقفه بدلا من تحدي السلطات العسكرية ليعملون علي ترويضها رويداً رويداً,وهنا يأتي الذكاء الفطري للرجل وقراءته الجيدة للتاريخ والاستفادة منه, قد تجد اراء أخري ان الرجل حاول أن يحافظ علي نفسه بتلك المواقف الا أن المواقف اثبتت أنه لم يطمح الي سلطات وصولجانات, ربما تنكشف هذه الامور بشكل اوضح حينما ينزاح بريق السلطة عن هذه الفئة, وتاتي بعد ذلك مرحلة مفاوضات السلام,عمل الرجل بشكل دءوب للوصول الي تفاهمات صعبة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية,حتي أن الدكتور جون قرنق كان رافضاً لمجموعات كبيرة تُرسلهم السلطة للتفاوض ولكنه إستجاب لعلي عثمان مما يوضح قدرة الرجل ومرونته السياسية وقبوله عند الاخرين,وهو محترف للسياسة ونضج بشكل قوي داخل الحركة الطلابية, وللرجل صفات أخري وهي قدرته علي جذب الاخرين بحنكته ومعرفته,والكل لاحظ ذلك في المؤتمر الصحفي الذي أقامه مجلس الوزراء أبان مذكرة اوكامبو الشهيرة لم يتقدم أحد سوي علي عثمان لتفنيد بنود الاتهام بنداً بنداً بالرغم من أن المهمة هي مهمة وزير العدل وأجهزة الدولة القانونية, بطلته المختلفة في نيفاشا وحديثه عن السلام ودولة المواطنة أكتسب الرجل جماهيرية سودانية خالصة, ولكن رحيل قرنق وقوة عود التيار المناويء داخل المؤتمر الوطني حد من حركة الرجل الكبيرة في هذا الاتجاه حتي أن هنالك دعايات كثيرة أطلقت عن انه إعتزل السياسة وغيرها, الا أنه لم يعد كالسابق في مواقع تنفيذية عالية وأكتفي فقط ببعض الاعمال كافتتاح المشاريع والتحدث عن المحليات وأيراداتها وتفقد أسر الشهداء,وغيرها من الافعال الاجتماعية الجيدة وإبتعد ربما عن قصد عن صراعات الحزب الحاكم مع القوي الدولية أو مع القوي المعارضة,, ولان المؤتمر الوطني النمو فيه ليس للاجدر وإنما للاقوي صعد نجوم أخرين علي قمره المتلاليء ,وذلك عبر عمليات إغتيال شخصية كبيرة تمت للرجل من قبل صحيفة الانتباهة وبعض صقور الحركة الذين ينافسونه ,وقد كان عملاً مرتباً ومنظماً لابعاده من دائرة العمل السياسي, وحينما أنتصر هذا التيار داخل الجبهة الاسلامية أنتصر ايضاً تيار الانفصال داخل الحركة الشعبية, وبالتالي ضعفت تيارات الوحدة داخل الحزبين.
عادة ماتفعل الدول المتحضرة لجنودها الاتين من الحروبات او الذين مروا بكوارث انسانية برامج عمل تسمي(rehabilitation) أو إعادة التاهيل الا وهي أدخالهم في برامج عمل إجتماعي كمساعدة الفقراء أو تكوين جمعيات خيرية لمساعدة المرضي قبل إنخراطهم في المجتمع المدني فهذا يساعد بشكل كبير في إحداث التوازنات الاجتماعية لديهم, وفي إعتقادي أن علي عثمان أختار هذه النوع من البرامج ربما لتطهير الروح من أثام الثورة وربما هي بدايات لهجرة عالم السياسة الي عوالم أخري, ولكن حتما روح الرجل لن تهدأ الا علي أنقاض الحقائق ربما وهن العظم وأشتعل الشيب راساً الا أن العقل مُتقد لاصلاح مايمكن إصلاحه وإجتثاث مايمكن إجتثاثه, لان تطهير النفس لايتم فقط بالانعزال وإنما من صفات المزارع الجيد الذي لايُحسن الغرس أن ينظف الارض ويزيل خبائثها تاركاً الارض بوراً ونظيفة لمن يريد أن يغرسها, فهلا يترجل الرجل لتنظيف الارض في خطوة إنتلجنسية غير متوقعة؟
مازن
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست