عرض (الرقص في المتحف) من تأليف وإخراج (عاطف خيري) ضمن فعاليات يوم المسرح في مهرجان المهاجرين واللاجئين باستراليا
ضمن فعاليات يوم المسرح في مهرجان المهاجرين واللاجئين والذي ترعاه منظمة الفنون و التعدد الثقافي بفكتوريا قدّمتْ فرقة الشباب الأفريقي مسرحية الرقص في المتحف من تأليف وإخراج عاطف خيري. الفرقة قوامها من الشباب الهواة (داؤود، فريال، دايموند، زهرة، فتسم ، آيزك ، سلمى ... هنالك أخريات وأخرون في الطريق ...) وهم يمثلون جنسيات أفريقية مختلفة . هواة يتلمّسون خطوتهم الأولى باتجاه مسرح يأملون أن يكون مؤسسا وفاعل. المسرحية قصيرة وبلغة انجليزية ساهم الممثلون في خلق مناخها اللغوي اليومي وقاموا بشحنها بدارجية استرالية مستفيدين من منهج الإرتجال والذي وسم بناء العرض ، وهو منهج يتيح للمثل أن يضع بصمته – تجسيدا ولغة – داخل المشهد المسرحي وضمن الإطار العام للعمل . تبدأ المسرحية بفكرة تقليدية وبسيطة: فتاة تحاول أن تشق طريقها كذات منفصل عن رغبات الوالدين وطموحاتهم في تشكيل مستقبلها المهني ومن ثم الاجتماعي . الفتاة تعشق النحت والتشكيل وترغب أن تصير فنانة. الأسرة كعادة الأسر، خاصة الأفريقية ، تحلم بأن تراها في سلك أكاديمي ووظيفي مختلف تماما : طبيبة ، محامية أو معلمة مثلا . تنجح الفتاة في اجتياز عقبة الاسرة وذلك بانحيازها القوي تجاه النحت والتشكيل كخيار لا تحتمل أن ترى نفسها بعيدة عنه أبدا ، وتبدأ في تشكيل تمثالها الأول. هنا تكمن المفارقة في العرض حيث يبدأ التمثال في التذمر والثورة ضد رغبة النحاتة والتي تفكر في نحت تمثال أفريقي في وضعية شحاذ منحنى الرأس وبائس التفاصيل ، يثور التمثال معترضا على مشيئة الفنانة في جعله تمثالا في ملامح وهيئة تشئ بالحزن والكآبة . يطالب التمثال بتغيير هيئته باتجاه الحياة بكل ما فيها من حيوية ، جمال وفتوة ، ترفض النحاتة التنازل عن فكرتها وتواجه جحيم من نوع آخر شكلته هي بأصابعها معتقدة أن العالم يخلو من الأسئلة الحارقة خاصة بعد أن تجاوزت عذاباتها مع الأسرة. إذن ، مرة أخرى وإلى الأبد : الصراع بين خالق ومخلوق ، مرة أخرى وإلى الأبد : ليست الحياة أن تنتصرعلى عقبة واحدة إنما أن تعد نفسك للعقبات كلها خاصة تلك ، أكثرها فداحة ، و التي تنشأ جراء أصابعك ومن سهر وقلق الفنان داخلك . هنالك راوي يقوم بتقديم العرض ويربط بين اجزاءه بالتعليق وأحيانا بالتدخل الفعلي في سير الاحداث ، أيضا هنالك محكمة تعقد لفض الاشتباك بين التمثال والنحاتة . يلعب العرض على المرح والسخرية ولا يقدم حلولا نهائية للمشاكل التي تطرأ ، رغم ما يبدو في مشهد المحكمة من حسم للمسألة برمتها وذلك باصدار حكم في غاية الهروبية : الحكم أن يتحول الجميع : الفنانة ، التمثال ، الأب والأم ، حتى الراوي ، أن يتحولوا جميعا إلى تماثيل !!! ثم رغم جملة الرواي في ختام العرض ودعوته لـ : للموسيقى والرقص كمحاولة ناجعة للالتفاف حول المشكلة !!! يرقص الجميع في متحف خلافاتهم وطموحاتهم وبؤس خياراتهم ، ترقص المسائل المعلقة ، حتى القاضي نفسه ينخرط في رقصة متشنجة تؤهله لأن يكون أكثرهم تراجيدية وأكثرهم رغبة أن ينفك من هذا القيد الإجتماعي : الحكم والفصل في قضايا زلقة لها أكثر من وجه وأكثر من احتمال . الرسائل التي يبثها العرض رسائل ممزقة والسالم منها مختذل وخاطف . يبدو العرض في مجمله بطاقة تعريفية حية لهواة من الشباب يرغبون في هذا الفعل كما يرغبون في الخروج قليلا من متحف المسرح الأفريقي التقليدي في الغرب : ما من أساطير سوى تلك اليومية ، ما من طبول كثيرة - على روعة وجمال ذلك - ولا دخان وحراب وما من حسرة وجودية محضة إنما أسئلة شابة كتعب عابر بين مرح و آخر .
طبعاً يا ود الرضي، رجلٌ من نوع عاطف هذا (عبقرية نادرة)، إذن فعليه أن يلحق بالطيور العابرة للباسفيك، ولن نتوانى في تجاهله حتى نفقده، ستبقى هذه الأمة لزمن طويل قادم تُقَدِّم نفسها كجذاذات من أسماء متفرقة ومُهْمَلَة ومُحَارَبَة، وفي بلاد بعيدة،.. بينما آلة الإعلام لبلدنا (مغفليون جمهورية السودان) و(سُخُف الأخبار) يتحدَّث فيها التُّفَّه والجهلاء وذوي القصور الخالد في الثقافة،....
التحية للمسخوط ود خيري، وربنا ينصّرو بالنيّة الإلهية، الأحسن من حقّت الأمات والمحبين من أمثالنا،...
09-04-2005, 08:49 AM
Alsadig Alraady
Alsadig Alraady
تاريخ التسجيل: 03-18-2003
مجموع المشاركات: 788
الحبيب محسن مشتاقين شديد والله ان صديقناخيري رجل مفطور على الابداع ، مأمور به اينما حل وأقام ، رد الله غربته ـ وغربتنا جميعا فكما ترى : لأصابعه أثر لا تكتمل دونه الصور
لعاطف- سلام اينما وليّ ، و لاي اي ارض يطأها حسدي عليها ،، حسدي ،، الذي لا يجدي في عودته .. لكن ماذا عن القصيدة . هل اضرب عنها ؟ قوليهو يا صادق . القصيدة . القصيدة .. نعش الرهيف فينا
09-05-2005, 02:40 AM
Alsadig Alraady
Alsadig Alraady
تاريخ التسجيل: 03-18-2003
مجموع المشاركات: 788
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة