|
عام كامل مضى على فرقك يا زهير ايها الصديق الانسان
|
عام كامل مضى على فراق صديقى زهير عبدالله حاج التوم المحامى الذى اختطفته يد المنون فجأة منا فى يوم العاشر من سبتمبر 2006 وهو فى ريعان شبابه وقمة عطائه المهنى والانسانى ، مازال مكانه شاغرا ومازالت ذكراه متقده تعصف بالعقل والقلب والوجدان ، انه الموت يصول بلا كف ويسعى بلا رجل ، كان رجلا شريفا عفيفا ، كان سمح النفس ، سمحا اذا تكلم سمحا اذا خاطب ، تدارست سيرته قبل ايام بالحيصاحيصا مع بعض معارفه وزملائه فأجمعوا كلهم انهم لم يروه ابدا فى حياته كلها مغاضبا احدا ولا يترك احدا يغاضبه .
رحمه الله رحمة واسعه مر كالطيف وكالنسمه
اسمحوا لى ان اشرككم واعيد ما كتبته العام الماضى عنه عندما هزنى خبر وفاته وانا فى الغربه اللعينه وكنت قبلها بأيام معدودات معه .
--------------------------------------------------------------------------
طوى الجزيرة حتى جاءنى خبر فزعت فيه بآمالى الى الكذب حتى اذا لم يدع لى صدقه أملا شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بى
المتنبى
أمن الانبل للنفس ان يصبر المرء على مقاليع الدهر اللئيم وسهامه ام يشهر السلاح على بحر من الهموم وبصدها ينهيها ؟ نموت .. ننام .. وما من شىء بعد . هاملت - مأساة هاملت - شكسبير
دعوتك يا زهير فلم تجبنى وكيف يجيبنى البلد القفار
المهلهل يرثى اخاه كليبا - بتصرف
وكنت اعد قربى منك ربحا اذا ما عدت الربح التجار
ايها الموت .. ايها القبطان العجوز حان الوقت .. .. فلنرفع المرساة ، هذا البلد الكئيب يبعث فينا السأم ، ايها الموت فالنبحر .
بودلير
* ذهبت الى مكتبه يوم الخميس الماضى السابع من سبتمبر لاقول له وداعا لاننى مغادر بعد انتهاء اجازتى ومعى ابن اخى محمد وكان قبلها لمدة يومين هاتفته وكان هاتفه الجوال مغلق , قابلتنى سكرتيرته على سلم المكتب بالخرطوم وقالت لى بأنه مرض فجأة وهو الآن بالمستشفى واعطتنى هاتف اخوه ، تحدثت مع اخوه وقلت له بأننى كنت بالشماليه وحضرت وكنت احاول الاتصال به لكن تلفونه مغلق وطلبت ان اتحدث معه لاننى مسافر فى نفس اليوم فقال لى بأنه ممنوع من الكلام فطلبت منه ان يبلغه تحياتى وتمنياتى له بعاجل الشفاء باعتبار انها وعكه طارئه وسوف تزول وقلت له بأننى سوف اهاتفه من هناك لكى اطمئن عليه بعد خروجه من المستشفى معافى باذن الله. * قبل ذلك كنت معه بالمكتب وبأريحيته المعهوده قابلنى هاشا باشا وممازحا وقال لى سوف لن تستطيع ان تخدعنى مرة اخرى لاننى سجلت رقم هاتفك باسمك وعملت اظهار رقم وكنت دائما اهاتفه من الغربه واتحدث معه كزبون محتمل واشرع فى التفاصيل حتى يكتشفنى فى الآخر او ان اظهر له نفسى اذا طالت المكالمه ، طلب لى زجاجة مياه غازيه ثم بعد ذلك طلب لى كأس شاى ، تحدثنا وتفاكرنا وسألنى عن اناس كثر عرفهم عندما اتى لنا فى زياره هنا وذكر لى بأنه يرغب فى الانتقال من السوق المحلى الى وسط البلد لان اعماله توسعت وخبرته توسعت. * حضرت له بعد ذلك فى مكتبه ولم اجده ، تأخر فى الحضور وقالت لى سكرتيرته ربما يكون قد ذهب مباشرة من المنزل الى المحكمه. * ثم هاتفنى بعد ذلك بيومين وذكر لى بأنه ذاهب الى الحبصاحيصا موطنه ومسقط رأسه لمناسبة خاصه وسوف يعود فى نفس اليوم وأصر على ان احضر له فى المنزل ، ذكرت له بأننى مسافر للشماليه وعندما احضر انشاء الله سوف اصلكم وارسلت معه تحياتى لاسرته . * عدت الى مكان عملى وعندى الرغبه فى الاتصال للاطمئنان عليه وعلى صحته ولكن اذا باتصال هاتفى امس ليلا يأتينى لينعيه لى ولينقل لى هذا الخبر الصاعقه بمفارقته للحياه .
ايها الصديق العزيز زهير ايها الهمام تمهل فما عهدتك عجولا ، ان الحزن والاسى يعتصر قلبى وروحى وجسدى ، اننى حزين وممرور لفقدك ، ذكراك ما تزال ماثله فى ذاكرتى كما وشم او هسيس موجة بحر فى صيف حار ، ما زال صوتك وصورتك وحفاوتك البالغه تغمرنى ، وقائع ايامنا الغابره ما تزال مرتسمه على الشاشه الداخليه بقوه عصيه على الامحاء ، الآن اكتب عنك بفعل الماضى ، زمن انطوى لم تبق منه سوى الاطياف والحسرات . كيف اتخيل نفسى وانا فى السودان دون ان اكون معك فى مكتبك او بيتك ، هناك حكايا كثيره بيننا مضت عليها اعوام اخذت فى التوافد ألآن ، لا انسى همتك وانت تحث الناس للتضامن معنا ايام اعتقالنا بواسطة سلطة الجبهه الفاشيه ولا انسى ترحيبك الحار يوم طلبت منك ان نهرع للدفاع عن المعتقلين فى زنازين الامن ، لا انسى جودك وكرمك ، لا انسى همتك وانت تجمع المحامين وتحثهم لخلق مناسبه للتواصل مناسبه تجمعهم ولا انسى حضورك الينا اليومى قادما من اعلى البنايه لتحثنا على وجبة افطار جماعيه بالمكتب، هناك الكثير والكثير يا صديقى . ان الم فراقك يحرق الحواس وينحر المآقى ان الموت حين يغشى البشر ويختصر سنوات العمر بلحظه تشبه المستحيل يستحيل الحيف والتأسف فيه الى الم ممض ياصديقى جاء رحيلك سريعا ومفاجئا وخافتا وما الموت الا سارق دق شخصه يصول بلا كف ويسعى بلا رجل كنت اتمنى ان نلتقى فى وطن نتبادل فيه عناقيد الياسمين وباقات الورود المطرزه بندى صباحات السودان بدلا عن وطن نسمع فيه اخبار الدم والرصاص والذبح من الوريد الى الوريد من اى خلل هبط الزمان الغادر ؟ البرهه المخاتله الخاطفه كيف باغتتك وانت فى حبور طمأنينة الروح انا كنت فرحا حقا بالعوده الى الوطن بعد غياب عامين ولا انفك كيف اجهز لالتقيك واتمازح معك وتمدنى بآخر النكات التى كنت تحفظها ونقلب وجوه الرأى والحكايات ، كنت فى الغربه كلما حزبنى أمر او شعرت بكرب اهاتفك واسمع صوتك وامازحك وفى ألآخر تطلب منى عدم الانقطاع ومداومة الاتصال. أى انكسار واى صدع هذا الذى يشرخ الروح ، ها انذا ابوح لك لكأنك لم تمت. من تبقى من الاصدقاء الاحياء الذين شتتهم الزمن ؟ اتذكر حديثنا عن تراجع البعض وانطواؤهم ، كنت دائما تذكر الجانب المضىء للناس ، كنت سباق لخدمة الناس. لا احد يدرك وشائجنا ، انت تعرفنى عبر صداقتنا كيف كنت اضرب عرض الحائط بتلك الترهات والخرافات. كأنما محمد ابن اخى الذى قابلك فى ذلك اليوم استشف شيئا ما ولكنه لم يبح لى الا عندما هاتفته امس ليلا عند ورود الخبر ونقلت له الخبر الفاجعه . كان زهير انسانا نقيا بفقده افقد الطيبه والتعامل الراقى وصفاء السريره ونقاء النفس وسلامة الطويه ومحاسن الاخلاق والكرم وحسن المعشر والفطره فى التعامل ، كان ديدنه الهدوء ولين الجانب وخفض الجناح ، لم اسمع له كلمة سوء عن احد ، كان عفيف اليد واللسان كان صاحب صلاة وصيام واعمال صالحات كثيره , كان متدينا يؤدى شعائره الدينيه كلها فى خشوع تام واتقان.
ماذا دهاك يا ابا آمنه واحمد ؟ هل لم تحتمل مرأى ومسمع الذبح من الوريد الى الوريد فى بلدك؟ هل تأسيت على غياب الانسانيه فآثرت الرحيل بهدوء؟ لماذا ترجلت عن صهوة جوادك ايها الفارس ؟ لماذا لم تقل لنا ان باطن الارض خير من ظهرها فى بلد يذبح فيه الانسان اخوه الانسان من دون ان يطرف له جفن؟ ماذا غير رأيك فجأة فقد كنت تمنى الامانى بالانتقال الى موقع عمل جديد اكثر ازدهارا ؟ لماذا لم تسمعنى صوتك وانت تغادر الدنيا كلها وانا اغادر البلد ؟ كيف رضيت لنفسك الا تودعنى والا اودعك؟ كيف تقبل ان احضر الى بلدى المنكوب ولا اجدك فيه ؟ لماذا هذه المرة الوحيده التى لم تتمهل فيها فما عهدتك عجولا؟ ايها الصديق انا حزين لفراقك فماذا ترانى فاعل ، ان العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول الا ما يرضى الله
صديقك ودالزين
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عام كامل مضى على فرقك يا زهير ايها الصديق الانسان (Re: wadalzain)
|
الاخ / ود الزين ،،،، ربنا يصبرك على رحيل صديقك ،،، ويصبر معشر القانونيين أجمعين
اللهم ارحم ،،،زهير عبدالله حاج التوم ،،،رحمة واسعة في هذه الايام المباركات وانزل عليه شآبيب رحمتك يارب العالمين
هكذا رحيل الفجأة يعمق فينا الحزن الأليم ،،،اللهم صبرنا جميعا على رحيله وصبر أهله وزوجته وأبناؤه يارب العالمين
إنا لله وإنا إليه راجعون
ود الامير
| |
|
|
|
|
|
|
|