الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 02:17 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-19-2012, 09:57 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب

    مـلـفـــات الـتـعـذيـــب (1)

    شهادات .. إفادات .. وثائق .. وتوثيق

    أعدها للنشر: عبدالقادر محمد

    ** لمـاذا الآن ؟





    قبل أن اقدم علي إعداد هذه الشهادات، والإفادات للنشر، والعمل على توثيق تجارب ضحايا التعذيب و الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، فكرتُ عميقاً وترددتُ كثيراً، وطرحتُ على نفسي العديد من الاسئلة: لماذا نقوم بنشر هذه الشهادات /المآسي؟ و ماهي الفائدة من نشر هذه الفظائع والانتهاكات التي ارتكبت ضد أبناء شعبنا؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ فكانت الاجابة الحاسمة هي: إن التفكير في فتح ملفات التعذيب الآن هو واجب اللحظة الحاضرة من تاريخ الوطن، خصوصاً وإن البلاد تمر بمرحلة انتقال يتوجب فيها إعمال مبادئ العدالة الانتقالية لطي صفحة الماضي الأليم، وبداية صفحة جديدة من عمر الوطن تتطلب وبشكل مُلح وعاجل انصاف ضحايا انتهاكات حقوق الانسان الحادة التي كرس لها نظام الجبهة الاسلامية في مطلع عهده الأسود..وكذلك التفكير في ايجاد سبيل لإنصاف ضحايا التعذيب وليس مجرد مشاركتهم الآلام النفسية التي يعايشونها بشكل يومي من جراء ما تعرضوا له من تعذيب .. بجانب ذلك فإن نشر هذه الشهادات أيضاً مرتبط بالتقدير الذي يجب أن يجده ضحايا التعذيب، والمساندة المعنوية ورد الإعتبار لهم وللفت انتباه الجميع لأهمية التذكر وقيمته المعنوية.





    وبالتذكر ينخرط الناس في حوار حي وديناميكي ودائم، ليس فقط حول الماضي – وأحداثه ودلالاته – بل أيضاً حول الطريقة التي يستفيد بها الحاضر من هذا الماضي ويمكن المجتمعات من استعداد أفضل للمستقبل.

    ** التذكر وصيانة كرامة الضحايا :

    أمام الانتشار الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان، أصبح لزاماً على الحكومات ليس فقط التصدي لمرتكبي هذه التجاوزات بل أيضاً ضمان حقوق الضحايا. وبوسع الحكومات أن تهيئ الظروف الملائمة لصيانة كرامة الضحايا وتحقيق العدل بواسطة التعويض عن بعض ما لحق بهم من الضرر والمعاناة، هكذا تتحدث الدراسات المتعلقة بآلية التعويض داخل مجال العدالة الانتقالية، وينطوي مفهوم التعويض على عدة معان من بينها التعويض المباشر (عن الضرر أو ضياع الفرص)، رد الاعتبار (لمساندة الضحايا معنوياً وفي حياتهم اليومية) والاسترجاع (استعادة ما فقد قدر المستطاع).
                  

03-19-2012, 10:07 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)




    ويمكن التمييز بين التعويضات بحسب النوع (مادية ومعنوية) والفئة المستهدفة (فردية / جماعية). ويمكن أن يتم التعويض المادي عن طريق منح أموال أو حوافز مادية، كما يمكن أن يشمل تقديم خدمات مجانية أو تفضيلية كالصحة والتعليم والإسكان. أما التعويض المعنوي فيكون مثلاً عبر إصدار اعتذار رسمي، أو تكريس مكان عام (مثل متحف أو حديقة أو نصب تذكاري) أو إعلان يوم وطني للذكرى.
    أما الأهداف المتوخاة من تدابير التعويض (سواء كانت مادية أو معنوية) فهي عديدة ومتنوعة ومن بينها الإقرار بفضل الضحايا جماعات وأفراداً، وترسيخ ذكرى الانتهاكات في الذاكرة الجماعية، تشجيع التضامن الاجتماعي مع الضحايا، إعطاء رد ملموس على مطالب رفع الحيف وتهيئة المناخ الملائم للمصالحة عير استرجاع ثقة الضحايا في الدولة. إضافة إلى أن مبدأ التعويضات أصبح إلزامياً بموجب القانون الدولي

    ** حظر التعذيب والمعاملة السيئة:

    إن كل فعل تعذيب يقع من إنسان على آخر يترك وراءه ، بشكل دائم، ندوباً علي كل أؤلئك الذين مسهم ،ويحطم احساسنا المشترك كبشر.وتعتبر ممارسة التعذيب مخالفة، على نحو جوهري لفكرة نشوء حياة متحضرة بحيث ان حظرها القانوني يعتبر حظراً مطلقاً. ولا توجد أي ظروف، أياً كانت، تستطيع تبرير استخدام التعذيب. ويعتبر حظر التعذيب واحداً من تلك الأعراف القليلة في إطار القانون الدولي التي بلغت مرتبة القاعدة القطعية لتتقاسم هذا الموقع مع عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من القواعد الأخرى التي يحرم انتهاكها ومن بينها حظر الإبادة الجماعية والرق. هكذا يقول السيد مانفريد نواك، مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب.

    ** الحقائق المؤلمة حول التعذيب :

    ويضيف مانفريد في مقدمة كتاب :السعي لإيجاد سبيل انتصاف لضحايا التعذيب قائلاً: رغم الطبيعة المطلقة لحظر التعذيب فإن الحقيقة المحزنة هي ان التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أوالمهينة يتواصل وقوعها في أماكن عديدة من العالم .وفي بعض الأحيان تتم المعاملة السيئة علي نحو مكشوف، لكنها في أغلب الأحيان تخفي عمداً، بعيداً عن الفحص العام ويستطيع الجناة التحكم في الأدلة التي تدينهم أو القضاء عليها، وبالطبع فان أحد أهداف التعذيب والمعاملة السيئة هو ارهاب الضحايا لاسكاتهم كي لا تخرج الجريمة إلى العلن أبداً. وهذا يدل ضمناً على أن كل أؤلئك الذين يكافحون لانهاء ممارسات التعذيب وكفالة حق الضحايا في الحصول علي انتصاف وضمان معاقبة الجناة كثيراً ما يواجهون، على نحو خاص، تحديات صعبة. وعلى الرغم من هذه المعوقات فإن الكفاح ضد التعذيب والمعاملة السيئة يشتد ويجد الدعم اللازم من شجاعة اؤلئك الذين يجاهرون علناً بالتصدي له. وتعتبر هذه الاصوات حاسمة في الكفاح ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لأنها تزيح أفعال التعذيب من الظلام وتنقلها الي الضوء وتكشفها علي حقيقتها وتسعي لمحاسبة أؤلئك الذين ارتكبوها.

    ** من الظلام إلى الضوء :

    من أضابير الظلام، ومن الصدور المحزونة والمغبونة من جراء أفعال التعذيب الوحشي واللا إنساني، والي رحابة الضوء، إلى ساحات العدالة والإنصاف لضحايا التعذيب والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، من أجل أن يعيش القادمين إلى هذا الوطن حياة كريمة وانسانية، آثرت الميدان أن تفتح ملفات التعذيب، وتفتح ملفات الانتهاكات الحادة لحقوق الإنسان.

                  

03-20-2012, 04:40 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)

    الميدان تفتح ملـفـَّـات التعذيب ( 2)


    أما الأهداف المتوخاة من تدابير التعويض (سواء كانت مادية أو معنوية) فهي عديدة ومتنوعة ومن بينها الإقرار بفضل الضحايا جماعات وأفراداً، وترسيخ ذكرى الانتهاكات في الذاكرة الجماعية، تشجيع التضامن الاجتماعي مع الضحايا، إعطاء رد ملموس على مطالب رفع الحيف وتهيئة المناخ الملائم للمصالحة عير استرجاع ثقة الضحايا في الدولة. إضافة إلى أن مبدأ التعويضات أصبح إلزاميا بموجب القانون الدولي. ان كل فعل تعذيب يقع من انسان على آخر يترك وراءه ، بشكل دائم، ندوباً علي كل أؤلئك الذين مسهم ،ويحطم احساسنا المشترك كبشر.وتعتبر ممارسة التعذيب مخالفة ، علي نحو جوهري لفكرة نشوء حياة متحضرة بحيث ان حظرها القانوني يعتبر حظراً مطلقاً. ولا توجد أي ظروف، أياً كانت، تستطيع تبرير استخدام التعذيب.
    ويعتبر حظر التعذيب واحداً من تلك الاعراف القليلة في اطار القانون الدولي التي بلغت مرتبة القاعدة القطعية لتتقاسم هذا الموقع مع عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من القواعد الأخري التي يحرم انتهاكها ومن بينها حظر الإبادة الجماعية والرق. رغم الطبيعة المطلقة لحظر التعذيب فإن الحقيقة المحزنة هي ان التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة يتواصل وقوعها في أماكن عديدة من العالم .وفي بعض الاحيان تتم المعاملة السيئة علي نحو مكشوف ، لكنها في أغلب الأحيان تخفي عمداً ، بعيداً عن الفحص العام ويستطيع الجناة التحكم في الأدلة التي تدينهم أو القضاء عليها ، وبالطبع فان أحد أهداف التعذيب والمعاملة السيئة هو ارهاب الضحايا لاسكاتهم كي لا تخرج الجريمة الي العلن ابداً .
    وهذا يدل ضمناً علي ان كل أؤلئك الذين يكافحون لانهاء ممارسات التعذيب وكفالة حق الضحايا في الحصول علي انتصاف وضمان معاقبة الجناة كثيراً ما يواجهون ، علي نحو خاص، تحديات صعبة. وعلي الرغم من هذه المعوقات فإن الكفاح ضد التعذيب والمعاملة السيئة يشتد ويجد الدعم اللازم من شجاعة اؤلئك الذين يجاهرون علناً بالتصدي له. وتعتبر هذه الاصوات حاسمة في الكفاح ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لأنها تزيح أفعال التعذيب من الظلام وتنقلها الي الضوء وتكشفها علي حقيقتها وتسعي لمحاسبة أؤلئك الذين ارتكبوها. (مانفريد نواك ، مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب، من مقدمة كتاب السعي لايجاد سبيل لإنصاف ضحايا التعذيب) .
                  

03-20-2012, 04:45 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)

    ** الشهيد عبد المنعم سلمان




    أُعتقل الشهيد في مطلع ديسمبر 1989 ، واستشهد من جراء ما تعرض له من تعذيب ومعاملة قاسية في يوم 21 يناير 1991. من الرعيل الاول للمعلمين السودانيين ،، وأحد القادة البارزين لنقابة المعلمين، اعتقل في مطلع يناير 1989 واقتيد الى احد بيوت الاشباح حيث تعرض برغم كبر سنه لاسوأ انواع التعذيب الوحشي وهو مصاب بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين. في اواخر ديسمبر 1989 تقرر نقله الى سجن كوبر، في 16 فبراير 90 تقرر ترحيله لسجن شالا في غرب السودان والذي لا تتوفر فيه ابسط مقومات الرعاية الصحية وعلى الرغم من اعتراض السلطات المختصة في سجن كوبر على ترحيله الا ان الاجهزة الامنية رفضت ذلك، تم ترحيله ضمن مجموعة من المعتقلين في اول ابريل 1990م في سجن شالا ساءت حالته الصحية وتعرض لنوبات متكررة من اغماءات السكر وفقدان البصر .. نُقل الى مستشفى الفاشر حيث بقى تحت عناية طبية شحيحة ، وقرر القومسيون الطبي بالفاشر ضرورة ترحيله للخرطوم وذلك في مايو 1990 ، الا ان السلطات الامنية ظلت تماطل هذا القرار، نقل في سبتمبر 1990الى مستشفى السلاح الطبي وبقى تحت المراقبة الطبية الدقيقة ومن ثم قرر اطباء السلاح الطبي سفره الى الخارج للعلاج. الا ان السلطات الامنية قررت فجأة في يوم 18 نوفمبر 1990 إرجاع جميع المعتقلين السياسين المرضى الى سجن كوبر، في حوالي الساعة الثانية من صباح 21 يناير 1991 بدأ الشهيد عبد المنهعم سلمان يشعر بصعوبة في التنفس والم بالصدر، قام الاطباء المعتقلون بمعاينة حالته وهم : د. عبد المنعم حسن الشيخ، د. سعد الاقرع، د. حمودة فتح الرحمن.
    ولما لم يكن متوافرًا أي اجهزة طبية او أي دواء داخل السجن ، فلم تكن الجهود التي بذلوها مثمرة ، فقام المعتقلون بإخطار ادارة السجن عن طريق الصياح والمناداة على الحراس والضرب على الابواب الحديدية لاقسام السجن بالايدي والحجارة ولكن دون جدوى ، حيث كان المعتقل المخصص للسياسيين مفصولا عن الادارة وكان مكانه بعيدًا عن حراس السجن والذين حال البرد الشديد دون ان يستمروا في طوافهم العادي فوق سور السجن ولم تفتح ابواب السجن (الداخل) الا في الساعة السادسة صباحًا حيث كان الشهيد قد اسلم الروح قبلها بدقائق معدودة. المرضى الذين تم تحويلهم مع الشهيد ضمن السلاح الطبي: د. خالد حسين الكد ، مريض بالقلب – قرر القمسوين الطبي سفره للعلاج بالخارج في سبتمبر 1990. عقيد (م) مبارك فريجون ، مريض بالسكر. محمد الامين سر الختم، مريض بالقلب، قرر القمسيو ن سفره في سبتمبر 1990. حسين شقلبان، مصاب بقرحة المعدة والتهاب البنكرياس ثم تم استئصال جزء من معدته. د. محمد حسن باشا، ربو متكرر ويحتاج لاكسجين باستمرار. ابراهيم الخليل، قرحة بالمعدة اجرى عملية في اكتوبر 1990م. د. معاذ ابراهيم، قرحة في المعدة – التهاب الركبتين. د. حمودة فتح الرحمن، التهاب الركبتين مع عدم القدرة على الحركة. عمر الامين، قرحة بالمعدة.
    ورفض الاطباء المعالجون مبدأ إرجاع المرضى خاصة الاستاذ الشهيد عبد المنعم سلمان ولكن قائد السلاح الطبي اللواء محمد عثمان الفاضلابي ، قرر تحمل المسئوليين تنفيذ قرارات السلطات الامنية وتم ترحيل الشهيد مع ( 11 ) معتقلا اخر الى سجن كوبر ، ووضعوا في احد الاقسام العادية دون توفير أي متطلبات للرعاية الطبية. دخل المرضى الذين تم تحويلهم بما فيهم الشهيد عبد المنعم سلمان في اضراب عن الطعام لمدة يوم بتاريخ 20 نوفمبر 1990 ، ورفعوا مذكرة جماعية لسلطات السجون ووزير الداخلية ، يؤكدون حوجتهم للرعاية الطبية بالسجن حيث كان المكان المعد لاقامتهم خاليًا حتى من ماء الشرب العادي ، ولا يوجد اطباء او ممرضون ، ولا توجد ادوية على الاطلاق ولما لم تستجب السلطات لنداءات المرضى قرر بقية المعتقلون السياسون في كل اقسام السجن الاضراب والاحتجاج على وضع المرضى ورفعوا مذكرة احتجاج للسلطات.
    نفذ الاضراب لمدة ثلاثة ايام ، ونتج عن ذلك الاضراب ان اخذ الى بيوت التعذيب عددًا من المعتقلين واعيدوا مرة اخرى الى سجن كوبر بعد ان تم تعذيبهم وتعرضوا للحبس الانفرادي ومن بينهم د. حسين حسن موسى ود. معاذ ابراهيم. ولما بدأ الشهيد يحس بوطأة المرض وتدهور حالته الصحية بدأت المطالبة بضرورة نقله للمستشفى للعلاج ومتابعة الفحوصات ، ورفع في هذا الخصوص ثلاث مذكرات شخصية اخرها كان بتاريخ 14 يناير 1990 أي قبل اسبوع واحد من استشهاد ه ، وإلتقى بمدير السجن بالانابة ( العقيد حجازي ) لمرتين شارحًا له حرج موقفه الصحي وكذلك قدم ( الدكتور امير) طبيب السجن تقريرًا لحالة الشهيد وقام برفعه لادارة السجن ،،إلاَّ ان ادارة السجن تجاهلت كل ذلك و كذلك جهاز الامن. حاول الاطباء المعتقلون جهودهم في شرح الموقف الصحي للمرضى الذين تم نقلهم من السلاح الطبي – حيث قدموا تقريرًا وافيًا لكل حالات المرض مع التركيز على حالة المعلم الشهيد عبد المنعم سلمان.
                  

03-20-2012, 10:28 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)


    العميد (م) محمد أحمد الريح


    ( انا النزيل العميد(م) محمد احمد الريح الفكى ، ابلغ من العمر اثنين وخمسين عاماً تم القبض على بواسطة سلطات جهاز الامن فى مساء يوم الثلاثاء 20 اغسطس 1991 من منزلى، وأُجبرت على الذهاب لمبانى جهاز الأمن بعربتى الخاصة وعند وصولى انتزعوا منى مفاتيح العربة وادخلونى مكتب الاستقبال وسألونى عن محتويات العربة وكتبوها امامى على ورقة وكانت كالاتى: طبنجة عيار 6.35 اسبانية الصنع ماركة استرا، 50 طلقةعيار6.35 بالخزنة، مبلغ 8720 دولار امريكى، فئات صغيرة من الماركات الالمانية، خمسة لستك كاملة جديدة، اسبيرات عمره كاملة لعربة اوبك ديكورد، انوار واسبيرات عربة تويوتا كريسيدا، دفتر توفير لحساب خاص ببنك التجارة الألمانى بمدينة بون، ملف يحتوى مكاتبات تخص عطاء استيراد ذخيرة واسبيرات؛ كل المحتويات المذكورة عرضت على فى مساء نفس اليوم بواسطة عضو لجنة التحقيق التى قامت بالتحقيق معى المدعو النقيب عاصم كباشى وطلبت منه تسليمها صباح اليوم التالى الى شقيق زوجتى العميد الركن مامون عبدالعزيز نقد الذى سيحضر لاستلام عربتى. وبعد يومين اخبرنى المدعو عاصم كباشى بانهم قد سلموا العربة زائداً المحتويات للعميد المذكور.
    وعند خروجى من المعتقل بعد النطق بالحكم لنقلى لسجن كوبر علمت بان العمـيد مامـون نقد قد تم تعينه ملحقاً عســكرياً بواشنطن وسافر لتسلُّم اعباءه، ومع الاسف علمت منه بعد ذلك بإنه تسلم من جهاز الأمن العربة فارغة من جميع المحتويات المذكورة. تم تقديمى للمحاكمة امام محكمة عسكرية سريعة صورية بتاريخ 23/2/1991م، اى بعد شهر من تاريخ الاعتقال. ولقد ذقت فى هذه الشهر الأمرين على أيدى افراد لجنة التحقيق وعلى أيدى الحراس بالمعتقل،، وتعرضت لشتى أنواع التعذيب النفسى والجسمانى وقد إستمر هذا التعذيب الشائن والذى يتنافى مع أبسط حقوق الإنسان حتى يوم النطق بالحكم بتاريخ 3/12/1991م وقد كان الحكم على بالإعدام تم تخفيضه الى الحكم المؤبد حيث تم ترحيلى بعده فى يوم 4/12/1991م من معتقل جهاز الأمن الى سجن كوبر ومنه بتاريخ 10/12/1991م الى سجن شالا بدارفور. لقد ظللت طيلة ثمانية عشر شهراً قضيتها بسجن شالا، أعانى أشد المعاناة من آثار ما تعرضت له من صنوف التعذيب التى لا تخطر على بال إنسان والتى تتعارض كلها مع مبادى الدين الحنيف وما ينادى به المسئولون ويؤكدون عليه من أن حقوق الإنسان مكفولة وأنه لا تعذيب يجرى للمعتقلين.
    هناك تعذيب رهيب لاتقره الشرائع السماوية ولاالوضعية ويتفاوت من الصعق بالكهرباء الى الضرب المبرح الى الاغتصاب وقد تعرضت أنا شخصياً لأنواع رهيبة من التعذيب تركت آثارها البغيضة على جسدى وتركتنى أتردد على مستشفى الفاشر طلباً للعلاج وقد تناولت خلال هذه الفترة العديد من المسكنات والمهدئات بدون جدوى مما دفع بالاطباء الى تحويلى للعلاج بالخرطوم بعد أن أقرت ذلك لجنة طبية اقتنعت بضرورة التحويل. إن جبينى يندى خجلاً وأنا أذكر أنواع التعذيب التى تعرضت لها وما نتج عن ذلك من آثار مدمرة للصحة والنفس، كما ساذكر لك اسماء من قاموا بها من اعضاء لجنة التحقيق وافراد الحراسات بالمعتقل والذين كان لهم صلاحيات تفوق صلاحيات افراد النازى فى عهد هتلر وألخصها فيما يلى علماً بان الإسماء التى ساذكرها هى الإسماء التى يتعاملون بها معنا ولكنى أعرفهم واحداً واحداً إذا عُرضوا على:
    الضرب المبرح بالسياط وخراطيم المياه على الرأس وباقى أجزاء الجسد ،، الربط المحكم بالقيد والتعليق والوقوف لساعات قد تمتد ليومين كاملين ،، ربط احمال جرادل مملؤة بالطوب المبلل على الايدى المعلقة والمقيدة خارج ابواب الزنازين،، صب المياه البارده او الساخنة على أجسادنا داخل الزنازين إذا أعيانا الوقوف ،، القفل داخل حاويات وداخل دورات المياه التى بنعدم فيها التنفس تماماً. ربط الاعين ربطاً محكماً وعنيفاً لمدد تتجاوز الساعات. نقلنا من المعتقل الى مبانى جهاز الامن للتحقيق مربوطى الاعين على ظهور العربات مغطين بالشمعات والبطاطين، وافراد الحراسة يركبون علينا باحذيتهم والويل إذا تحركت او سُمع صوتاً فتنهال عليك دباشك البنادق والرشاشات والاحذية.
    يقوم بكل ذلك أفراد الحراسات وهم: كمال حسن وإسمه الاصلى احمد محمد من أبناء العسيلات وهو أفظعهم واردأهم، حسين، ابوزيد، عمر، علوان، الجمرى، على صديق، عثمان، خوجلى، مقبول، محمد الطاهر وأخرون. تعرضت سخصياً للإغتصاب وادخال أجسام صلبة داخل الدبر، وقام بذلك النقيب عاصم كباشى واخرون لا أعرفهم. الاخصاء بضغط الخصية بواسطة زردية والجر من العضو التناسلى بنفس الآله وقد قام ذلك النقيب عاصم كباشى عضو لجنة التحقيق. الضرب باللكمات على الوجه والرأس وقام به أيضاً المدعو عاصم كباشى ونقيب آخر يدعى عصام ومرة واحدة رئيس اللجنة والذى التقطت أسمه وهو عبدالمتعال. القذف بالالفاظ النابئة والتهديد المستمر بإمكانية إحضار زوجتى وفعل المنكر معها أمام ناظرى بواسطة عاصم كباشى وآخر يحضر من وقت لآخر لمكان التحقيق يدعى صلاح عبدالله وشهرته صلاح قوش. وضع عصا بين الارجل وثنى الجسم بعنف الى الخلف والضرب على البطن وقام به المدعو عاصم كباشى والنقيب محمد الامين المسئول عن الحراسات وآخرين لا اعلمهم.
    الصعق بالكهرباء وقام به المدعو حسن والحرق باعقاب السجائر بواسطة المدعو عاصم كباشى. لقد تسببت هذه الافعال المشينة فى إصابتى بالامراض التالية: صداع مستمر مصحوباً بإغماءة كنوبة الصرع. فقدان لخصيتى اليسرى التى تم اخصاؤها كاملاً. عسر فى التبرز لااستطيع معه قضاء الحاجة الا بإستخدام حقنة بالماء يومياً. الإصابة بغضروف فى الظهر بين الفقرة الثانية والثالثة كما أوضحت الفحوصات. علماً بانى قد أجريت عملية ناجحة لازالة الغضروف خارج السودان فى الفقرة الرابعة والخامسة والآن اعانى آلم شديدة وشلل مؤقت فى الرجل اليسرى. فقدى لاثنين من اضراسى وخلل فى الغدة اللعابية نتيجة للضرب باللكمات. تدهور مريع فى النظر نتيجة للربط المحكم والعنيف طيلة فترة الإعتقال. بعد تحويلى بواسطة لجنة طبية من الفاشر الى المستشفى العسكرى حولت من سجن شالا الى سجن كوبر فى اوائل شهر مايو المنصرم وحينما عرضت نفسى على الاطباء امروا بدخولى الى المستشفى وبدأت فى اجراء الفحوصات والصور بدءاً باخصائى الباطنية وأخصائى الجراحة تحت اشراف العميد طبيب عبدالعزيز محمد نور بدأ معى علاجاً للصداع وتتبعاً للحالة كما عرضت نفسى على العميد طبيب عزام ابراهيم يوسف اخصائى الجراحة الذى اوضح بعد الفحوصات عدم صلاحية الخصية اليسرى ووجوب استئصالها بعد الانتهاء من العلاج مع بقية الاطباء. ولم يتم عرضى على احضائى العظام بعد. للأسف وانا طريح المستشفى فوجئت فى منتصف شهر يونيو وفى حوالى الساعة الحادية عشر مساء بحضور مدير سجن كوبر الي بغرفة المستشفى وأمرنى باخذ حاجياتى والتحرك معه الى السجن بكوبر حيث هناك تعليمات صدرت من اجهزة الامن بترحيلى فوراً وقبل الساعة الثانية عشر ليلاً الى سجن سواكن.
    حضر الطبيب المناوب وأبدى رفضه لتحركى ولكنهم اخذونى عنوة الى سجن كوبر حيث وجدت عربة تنتظرنى وبالفعل بعد ساعة من خروجى من المستشفى كانت العربة تنهب بى الطريق ليلاً خارج ولاية الخرطوم. ولقد وصلت سواكن وبدأت فى مواصلة علاجى بمستشفى بورتسودان والذى أكد لى الاطباء المعالجون بعد إجراء الفحوصات بعدم صلاحية الخصية اليسرى ووجود غضروف بالظهر ومازلت تحت العلاج من الصداع المستمر وتوابعه.
                  

03-21-2012, 07:04 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)

    .. وثائق ملـفـَّــــات التعذيب (3)


    ** عبدالرحمن الزين محمد علي

    عبدالرحمن الزين محمد علي 37 سنه، محام، من مواليد منطقة الجزيرة بوسط السودان، اعتقل مرة واحدة، يحكى عن هذه التجربة فيقول:
    في صباح الأربعاء 3/12/1989م، وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحاً، دخلت علينا مجموعة من رجال الأمن مكونة من ثمانية أفراد يرتدي بعضهم ملابس عسكرية، والبعض الآخر يرتدي ملابس مدنية، اقتحموا المنزل بالبنادق الرشاش، وقتها كنت نائماً، واستيقظت فوجدت هذه المجموعة تحيط بى من كل جانب، وسألونى مباشرة عن “شخص” يبحثون عنه، رددت بأنني أعرفه غير أنّه غير موجود معنا الآن طلبوا منى أن اتحرك معهم، ولم يسمحوا لى بتغيير ملابسي، واقتادوا كل من كان بالمنزل “كان معى وقتها المهندس عبدالله السني، اقتصادي، عبدالجليل محمد حسين، وضيفنا الاستاذ الصادق الشامي المحامي، وبالخارج وجدنا عربة بها شخص مدني من كوادر الجبهة الإسلامية، أعرفه جيداً أصدر أوامره للمجموعة بأن يعصبوا أعيننا جميعاً، وتحركت بنا العربة في اتجاه وسط الخرطوم، وأخذونا مباشرة لمنزل عرفت فيما بعد أنّه مقر اللجنة القومية للانتخابات سابقاً. عند دخولنا تعرضنا لضرب بأعقاب البنادق وشتائم وإهانات بذيئة، واتهامات بأننا نعقد اجتماعات للتجمع الوطني الديمقراطي بالمنزل، ونُخفي بعض الهاربين…الخ
    وبينما نحن نتعرض لهذا الاعتداء الوحشي صاح أحدهم طالباً أن “نُحد” (يُقام علينا الحد ) وسمعنا أنّ نصيب كل واحد منا ثمانون جلده ثم أخذنا إلى حمام مساحته 1,60 متر مقفل بباب حديد، وليس به أضاءة والناموس يغطي كل المكان، ومقعد الحمام مزال حديثاً وتنبعث منه رائحة كريهة، والأرضية مغمورة بالمياه، كنا أربعة وفى طريقنا لهذا الحمام تعرضنا للضرب من كل من يقابلنا فى الطريق، ونسمع شتائم وسباب متواصل، بعد دخولنا الحمام مباشرة رمينا بقطع من الثلج وصُبت مياه باردةعلى أجسادنا، وظللنا على هذه الحالة حتى يوم الاثنين، وفى صباح الثلاثاء تم نقلنا إلى حمام آخر، وجدنا به ثلاثة أشخاص آخرين طيلة هذه الفترة مُنعنا من الخروج إلى دورة المياه، واضطر أثنين منا للتبول داخل الحمام وكان كان واحدمنا يُعطى سندوتش فول في الصباح وآخر مساءً وظلوا يضربون على الأبواب بشكل مزعج كل نصف ساعة.
    في هذه المدة حققوا معي مرة واحدة، اكتفوا بسؤالي فقط عن اسمي، وعنواني ومهنتي، ولمن صوَّت فى الانتخابات الأخيرة، في يوم 12/12/1989م تورمت رجلي نتيجة المياه، ولم توجه لنا أية اتهامات، ولم يحقق معنا، بعد ذلك نقلت إلى غرفة داخل المنزل، فوجدت بها عديل الشيخ علي عبدالرحمن، ود. عبدالرحمن الرشيد مدير الامدادات الطبية، وباشمهندس بدرالدين التوم “مهندس في الاسكان الشعبى تعرض لتعذيب مبرح حتى فقد صوابه، بعد خروجه من المعتقل قتل زوجته وحماته، وحاول قتل طفليه”، وظللت طوال هذه الفترة معصوب الأعين. في هذه الغرفة كان رجال الأمن ياتون الينا ويطلبون منا سماع حجوة “أم ضبيبينا” حيث يبدأون فى سرد قصة طويلة ليس لها معنى أو نهاية وتُجبر على الانصات، بعد ذلك تُومر بتقليد صوت إحدى الحيوانات او مشيته، وعند الاعتراض يكون نصيبك الضرب، مكثت على هذه الحالة 31 يوماً، بعدها جمعنا حوالى سبعة أشخاص خارج الغرفة، وأُجلسنا على الأرض، وأتى ضابط يدعى “محمد الحاج” واستفسر عما إذا تعرضنا لصعق كهربائي أم لا… أجبنا جميعاً بالنفى، تكلم بلهجة تشير بأن ذلك ما سوف نتعرض له، بعدها أتوا بعربة مكشوفة، طرحنا على سطحها جميعاً بعضنا فوق بعض، وضع علينا غطاء من فوقنا، وركب أكثر من خمسة أفراد من قوات الأمن فوق أجسادنا، وتحركت بنا العربة وسارت لمدة نصف ساعة ثم ادخلنا بعد ذلك إلي منزل آخر (منزل مأمون عوض أبو زيد)، منذ أن وطئت قدماي هذا المنزل كنت اتعرض للضرب باستمرار وفي جميع أجزاء جسدي، وكنت اجبر علي اداء تمارين عنيفة حتى اسقط على الأرض وكان آخرون معي كبار السن يغمى عليهم، ثم نؤمر بالوقوف مع رفع الأيدي لساعات طويلة..
    في مساء أحد الأيام كانت مجموعة من ضباط الأمن في الصالة يستمعون الي نشرة اخبار ال بي بي سي والتي كانت تبث تقريرا عن انتهاكات حقوق الانسان في السودان وعن التعذيب في بيوت الأشباح، بعدها مباشرة سمعت النقيب محمد الحاج يخاطب رجاله بأن موضوع التعذيب انكشف وعليهم توخي الحذر وطلب منهم ان يأخذوا مجموعتنا إلى معتقل بالغرفة المجاورة لنا يدعي (عوض) كان مريضا للغاية لنرفع معنوياته تمهيداً لاخراجه حتى لا يحدث لهم اضطرابات داخلية..
    في مساء نفس اليوم أخذونا الى غرفة عوض الذي اتضح انه الصديق الزميل عبد الباقي عبد الحفيظ الريح المحامي.. كان ملقي على الأرض لا يستطيع الحركة أو الكلام وفي حالة صحية سيئة، ظلت أعيننا معصوبة نتعرض للضرب منذ الصباح الباكر ونؤدي التمارين العنيفة ونقف بالساعات الطوال رافعين أيدينا والغرفة مضاءة حتي الصباح مع تواتر الضرب على الأبواب و الشبابيك ..
    في يوم 7-2-1990 نقلت إلى سجن كوبر في حالة صحية سيئة في يوم8-2-1990 تقدمت ومعي آخرين بشكاوي رسمية بواسطة مأمور السجن لوزير الداخلية وصورة لوزير العدل والنائب العام نطالب فيها بالتحقيق حول التعذيب الذي تعرضنا له ومحاكمة من قاموا به .. نتيجة لذلك صدر قرار بترحيلنا إلى سجن شالا بغرب السودان تم ذلك في يوم 14-2-1990 وحرمت من رؤية أهلي أو أي شخص آخر.. كان سجن شالا منفى ليس به ماء وملئ بالحشرات والقاذورات ومكثت به حتى أطلق سراحي في 22-10-1990 م..
    ومنذ حضوري للخرطوم قيدت اقامتي وطلب مني ألاَّ اغادر الخرطوم إلاَّ باذن مكتوب اسلمه لأقرب نقطة بوليس في المنطقة التي اذهب اليها وعند العودة اخذ ما يفيد العودة من النقطة التي تحركت منها بشرط الا اغادر الخرطوم إلاّ مرة كل شهر ونتيجة لذلك اعيق عملي كمحام حتى توقف تماماً بعد 4 أشهر الأمر الذي دفعني للتفكير لمغادرة السودان في 14 /6/1990م..
                  

03-21-2012, 07:59 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)


    ** على العوض – هولندا


    اضاءة

    حملت قلمي أمام إصرار بعض الأصدقاء لكتابة تجربتى داخل ما عرف فى السودان ” باسم بيوت الأشباح ” أماكن التعذيب السرية التى ابتكرها نظام الجبهة القومية الإسلامية في السودان … رغم أنها تتواضع في مشقتها وعنائها أمام الكثير من التجارب التي خاضها العشرات من شباب السودان في صبر وشجاعة وصلابة أرعبت حتى جلاديهم وفى مقدمة هؤلاء الشباب الشهيد الدكتور علي فضل أحمد “سيّد الشهداء” ورفاقه الذين واجهوا آلة التعذيب الجهنمية وعيونهم معلقة بسماء الوطن دون أن يرمش لهم جفن أو يخبو لهم حلم… فأحلامهم باقية كمنارات هدى للسودانيين من أجل هزيمة الفاشية وبناء وطن ديمقراطي ومتسامح وخالٍ من التعصب وضيق الأفق.

    الليلة الظلماء


    في ليلة30 يونيو من العام الف وتسعمائة وتسعة وثمانون نفذت الجبهة الإسلامية انقلابها العسكرى وقطعت الطريق أمام التطور الديمقراطي لبلدنا، واوصدت كل النوافذ أمام الحل السلمي لقضايا الوطن والذي لاحت تباشيره فيما عرف بإتفاقية الميرغنى – قرنق ونقلت الصراع السياسي في بلادنا لدائرة العنف الشريرة. واجه شعبنا الانقلاب العسكرى بالمقاومة الصامتة والمقاطعة الشاملة وأدرك بحسه العالي ومنذ الوهلة الأولى حقيقة الانقلاب والقوى السياسية التى تقف خلفه. رغم محاولة قادة الانقلاب التستر خلف شعارات قومية وابتداع مسرحية اعتقال الدكتور حسن عبدالله الترابى زعيم الجبهة القومية الإسلامية فى السودان أسوة بزعماء الاحزاب السياسية السودانية وقادة الحركة النقابية السودانية.
    فرسم عمر البشير قائد الانقلاب المشؤوم لوحة داكنة السواد مصبوغة بالوان الكذب والخديعة، سمة لازمت نظامه حتى يومنا هذا.
    بدأت المقاومة للانقلاب تتصاعد تدريجياً والهمس يتحول الى هتاف وأخذت تلوح فى الأفق تباشير العصيان المدنى والاضراب السياسى وكالعادة كانت النقابات راس الرمح فى المقاومة فبادرت نقابة أطباء السودان بتنفيذ اضرابها الشجاع والذى أفقد السلطة صوابها فبدت كأنها ثور فى مستودع الخزف فشنت حملة هستيرية لإعتقال الالاف من النقابيين والسياسين والطلاب وبدأ الهمس يدور فى الشارع السودانى عن عمليات تعذيب يتعرض لها المعتقلين وبصفة خاصة الاطباء وسادت حالة من الترقب والقلق والانتظار.

    حفلة التشريفة

    فى ليلة الرابع من ديسمبر من نفس العام دوى طرق عنيف على باب منزلنا أزعج كل الاسرة مما حدا بوالدي الذي تجاوز الستين عاماً لأن يسرع الخطى ليستجلى الامر. عاد والدهشة والحزن يكسوان وجهه فما توقع أن يعيش ليرى تلك اللحظة… العديد من العسكريين في زيهم المدني مدججين بالسلاح يحاصرون منزله الذى سكب العرق والجهد من اجل تشييده ليكون دار أمان له واسرته والاهل والاصدقاء.
    فتقدم نحوي ونظر لي في صمت وشفقة فأسرعت نحو باب المنزل فقدم لى أحدهم نفسه: ” عمر الحاج رائد بأمن السودان” وقال لي بلهجة صارمة مطلوب حضورك لمبنى جهاز الأمن، تتطلعت حوله فشاهدت رجاله منتشرين على طول الطريق مزودين بالسلاح والحقد، فتردد داخلى السؤال والذى ربما راود الكثيرين عند إعتقالهم هل يحتاج اعتقال مواطنيين سودانيين لا يحملون سوى افكار لكتيبة مدججة بالعتاد الحربى.؟ وأيقنت ساعتها أن الدولة الفاشية ستقام فى السودان على اجساد الشعب السودانى وكرامته.
    أُمرت بركوب العربة دون أن يسمحوا لى بتغيير ملابسى او أخذ اى من إحتياجاتى الضرورية وجلست فى ركن من أرضية العربة يحيط بى رجال القوة الأمنية شاهرين السلاح فى وجهي وعلامات الزهو والانتصار تكسو وجوههم، فسبحت فى بحر متلاطم من الأفكار والتصورات والتخيلات وجالت بخاطرى صور الاهل والاصدقاء والحبيبة وألقيت نظرة على الحى الذى تجولت فى أزقته ولعبت فى شوارعه، الحى الذى أرضعنى لبن العشق للوطن واهله فالطريق مجهول والمصير يكتنفه الغموض . أسرعت العربة تنهب الأرض وتسابق خيوط الفجر وتتدثر بالظلام. توقفت العربة أمام العديد من المنازل وبنفس الطريقة الهمجية واللاإنسانية كان محمد الحاج ورجاله ينتزعون الشباب قسراً من وسط ذويهم وكانت حصيلة الهجمة الشريرة ثلاثة معتقلين من حي السجانة السيد جعفر بكرى على موظف بادارة المحاكم، السيد عبدالمنعم عبدالرحيم أعمال حرة، وشخصى ومعتقل من حي اللاماب هو السيد الشيخ الخضر الموظف بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ولا تزال مطبوعة فى ذاكرتى صورة والدته وهى تطارد العربة ولمسافة طويلة تودع إبنها وتواسيه بنظرات الأُم الرءوم. وعندما اوشكت العربة على دخول المكان الذى قصدته طلب منا تحت تهديد السلاح والركل والضرب الإنبطاح على أرضية العربة نفذنا الامر بصعوبة ووضع الجلادين ارجلهم المثقلة بالاحذية الثقيلة على رقابنا، ثم توقفت العربة وسط ضجيج من الجلادين والذين تزايدت اعدادهم واسرعوا بعصب اعيننا بعنف وقسوة بقطع من القماش، وبدأت “حفلة التشريفة” بالضرب بالسياط والتى إنهالت على أى موضع من الجسم والصفع المتواصل والاهانة والالفاظ النابية التى يزخر بها قاموس نظام الجبهة القومية الإسلامية. وبعد أن خيم الإعياء والإرهاق علينا بدأ الفصل الثانى من الحفل تمرين رياضى عنيف ” فوق – تحت ” حيث طلب منا الجلوس على امشاط الارجل والوقوف بشكل سريع ومنتظم مع الضرب المتواصل بالسياط واعقاب البنادق، و تزداد الضربات فى حالة التوقف او العجز عن الاداء فدخلت فى حالة من الاغماء مع فقدان القدرة على التمييز بين الاشياء..

    لحظات الاعدام

    تسللت أشعة الشمس من خلال العصابة المشدوده علي عيني وهى ترسم دوائر سوداء وحمراء وقرمزية. وقبل أن افيق من الكابوس واستعيد قدرتى على التمييز بكاملها جذبنى احد الجلادين من ذراعى بقوة حتى ظننتها قد فارقت باقى الجسد وتحت وابل من الصفعات والركلات والاهانات تم وضعى فى مكان عالٍ معصوب العينين وقال لي احد الجلادين: لقد صدر عليك الحكم بالاعدام شنقاً حتى الموت ولقد اعددنا هذه المشنقة التى تقف عليها للتنفيذ وطلب منى اداء الشهادة، لحظتها شعرت أن النهاية قد دنت فطافت امامى آلاف الصور ودارت بخاطرى الاسئلة مابين الممكن واللامعقول وتمثلت لى قناعة وخاطرة أن السودان واهله يستحقون كل تضحية فإرتسمت على وجهى إبتسامه عريضة فصفعنى احد الجلادين طالباً منى اداء الشـهادة فــنطقتها صادقـا:
    “اشهدالااله الاالله وان محمــدرسـول الله”
    لكنه ضحك ضحكة خبيثة وردد الشهادة خلفى بطريقة تهكمية، ولا اعلم حتى الآن ان قصد النيل منى ام من الشهادة ام من كلينا.
    وعم صمت ثقيل على المكان وانتظرت أن يتدلى حبل المشنقة حول عنقى لينهى هذه المهزلة فالموت فى بعض اللحظات يكون الخيار الافضل، وتعمد الجلادون أن يطول الانتظار وياله من إنتظار، وفجأة إنهالت العشرات من السياط تلهب جسدى المثخن بالجراح وكانت اللسعات تمزق جميع اطراف الجسد بلاإستثناء وكنت أشعر بان الجلادين يتعمدون ضربى فى الاماكن التى يشعرون انها تؤلمنى اكثر من غيرها وسط هذه الضربات المتواصلة والسريعة صاح احد الجلادين لقد حكم عليه بالموت بالرصاص وليس شنقاً وجذبنى بعنف رافعاً يداى على حائط وسمعت صوت قرقعة السلاح لكن ثمة شك قد تسرب لنفسى بشأن جدية مهزلتهم وصدق حدسى فقد تحولت الرصاصات المرتقبة لسياط تنهك الجسد المنهك أصلاً حتى سقطت على الارض فاقد الوعى.

    اجتماع داخل الزنزانة

    أطبق الصمت على المكان وأًسدل الستار على فصل من فصول المأساة وسادت بعض من الطمأنينة المكان فحاولت رفع العصابة عن عينى لأعرف ما يدور حولى واتحسس موقعى ولكن قبل إن تكتمل المحاولة كانت عشرات من الاكف قد طبعت على وجهى فى حركات قوية وسريعة ومتتالية مع سيل من الشتائم البذيئة كالعادة وبعد برهة من الوقت سمعت صوت اغلاق الباب ومن خلفه طلب منا الجلادون رفع العصابة فوجدت نفسى وآخرين جلهم من المهتمين بالعمل السياسى والنقابى، الباشمهندس هاشم محمد احمد نقيب المنهدسين، د. حمودة فتح الرحمن المدير الطبى لمدينة كوستى ،، دكتور نصر محمود حسين صيدلى، السيد عبدالمنعم محمد صالح ضابط إدارى، السيد عبدالمنعم عبدالرحيم أعمال حرة، المهندس ابراهيم نصرالدين مهندس بالادارة المركزية، السيد على الماحى السخى نقابى عمالى، السيد قاسم حمدالله مفتش زراعى، السيد الشيخ خضر اقتصادى بوزارة المالية، السيد جعفر بكرى على موظف بادارة المحاكم المدنية في زنزانة مساحتها (3×3) مفترشين الارض المتسخة بالزيوت والغبار واجساد الجميع مضرجة بالدماء والعرق. نظرنا الى بعضنا البعض محاولين التماسك، وتحدث قاسم حمدالله بصوت خافت ولكنه جرئ حول كيفية مواجهة هذا التعذيب واقترح الدخول فى معركة ومقاومة الجلادين مهما كان الثمن وكان رأى د. حمودة فتح الرحمن، على الماحى السخى، هاشم محمد احمد التريث والتحمل والخروج باقل الخسائر الممكنة وساد هذا الرأى وبدأت رحلة التحمل الرهيبة والطويلة وقبل ان يُختم الاجتماع دوى طرق عنيف على باب الزنزانة ودخل الجلادون مقنعى الوجوه وبكامل اسلحتهم وطلبوا منا عدم النوم والانتظار وقوفاً حتى اليوم التالى. كان الامر شاقاً بعد الارهاق المتواصل لا سيما لكبار السن والمرضى من المعتقلين فأصبحنا نتحايل على الامر بالجلوس بالتناوب بعد إنشغال الجلادين بامورهم الخاصة وما اكثرها الى ان انقضى الليل وكم كان ليلاً طويلا وحزيناً واغلقت الزنزانة فتنفسنا الصعداء وحاولنا سرقة القليل من الراحة للجسد المنهك والعقل المضطرب ولكن الطرق المتواصل على باب الزنزانة من الخارج بواسطة الجلادين بهدف مواصلة التعذيب بدد هذا الحلم المستحيل.

    الاستجواب الجماعى

    أدمن الجلادون مسلسل التعذيب والاساءات آملين الحصول على اقصى ما يستطيعون من ارهاقنا معنوياً ومادياً فبعد حملة من الاهانات والصفع والضرب بالسياط بداوا فى إستجوابنا ونحن معصوبى الاعين، اشتمل الاستجواب على الاسم، العمر، المهنة، مكان العمل، طبيعة العمل والانتماء السياسى ولقد لاحظت ان كلمة طبيب التى كانت ترد عن تعريف البعض لأنفسهم تثير غضب الجلادين فيضاعفون من وتيرة التعذيب وحاول احدهم تحقير الاطباء ومهنتهم قائلاً ” انتو قايلين الطب شنو ما كتابين كتاب المرض والدواء ونحن قريناهم وما دايرين تانى اطباء فى السودان”!
    وبعد التحقيق الجماعى غادر الجلادون الزنزانة واغلقوا بابها فتنفسنا الصعداء ورفعنا العصابة عن اعيننا وبدأنا التداول حول كيفية مواجهة التحقيق وقدم الذين عركتهم المعتقلات والاستجوابات امثال القائد النقابى على الماحى السخى خبراتهم وتجاربهم وقدموا النصيحة بمواجهة الاستجواب ببرود شديد وعدم الاستجابة للاستفزاز والتمسك بالاقوال وتفادى عنصر المفاجأة التى يعتمد عليها المحقق. هذه المعينات الاسعافية افادتنا كثيراً واستنهضت فينا روح الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة الصعاب.

                  

03-21-2012, 09:26 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)




    الشهيد الدكتور علي فضــل



    حوالي الساعة الخامسة من فجر يوم السبت 21 أبريل 1990 فاضت روح الشهيد علي فضل أحمد الطاهرة في قسم الحوادث بالمستشفى العسكري باُمدرمان نتيجة التعذيب البشع، الذي ظل يتعرض له خلال فترة اعتقال دامت 52 يوماً منذ اعتقاله من منزل اُسرته بالديوم الشرقية مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقلِه إلى واحد من أقبية التعذيب التي أقامها نظام الجبهة غداة استيلائه على السلطة في 30 يونيو 1989. وطبقاً للتقرير الذي صدر عقب إعادة التشريح، ثبت أن الوفاة حدثت نتيجة “نزيف حاد داخل الرأس بسبب ارتجاج في المخ ناتج عن الإرتطام بجسم صلب وحاد”. وعندما كان جثمان الشهيد علي فضل مسجياً بقسم حوادث الجراحة بمستشفى السلاح الطبي باُمدرمان سُجلت حالة الجثة كما يلي:
    • مساحة تسعة بوصات مربعة نُزع منها شعر الرأس إنتزاعاً.
    • جرح غائر ومتقيّح بالرأس عمره ثلاثة أسابيع على وجه التقريب.
    • إنتفاخ في البطين والمثانة فارغة، وهذه مؤشرات على حدوث نزيف داخل البطن.
    • كدمات في واحدة من العينين وآثار حريق في الاُخرى (أعقاب سجائر).
    عندما يمارس البشر التعذيب فإنهم يهبطون إلى مرحلة أدنى من الوحوش، ذلك أن الوحوش لم يعرف عنها ممارسة التعذيب أو التنكيل الذي احترفه جلادو نظام الجبهة الذين عذبوا الشهيد علي فضل أحمد حتى الموت.
    فهؤلاء قد هبطت بهم أمراضهم وعقدهم النفسية واضطرابات الشخصية إلى درك سحيق لا تصل إليه حتى الوحوش والحيوانات المفترسة. ليس ثمة شك في أنّ الجلادين المتورطين في تعذيب علي فضل حتى الموت قد تربوا في كنف تنظيم الجبهة الإسلامية على مبادئ فكرية وسياسية تجعل الفرد منهم لا يتورع عن الدوس على آدمية وكرامة الآخرين وقدسية الحياة ولا يترددون لحظة في إذلال وتعذيب البشر حتى الموت.

    ** خـلـفـيـة :


    كان للإضراب الذي نفذه الأطباء السودانيون إبتداءً من يوم الأحد 26 نوفمبر 1989 أثراً قوياً في كسر حاجز المواجهة مع نظام الجبهة الفاشي الذي استولى على السلطة أواخر يونيو من نفس العام بإنقلاب عسكري أطاح حكومة منتخبة ديمقراطياً. وبقدرما أذكى ذلك الإضراب روح المقاومة ومواجهة الطغمة التي استولت على السلطة بليل، أثار في المقابل ذعراً واضحاً وسط سلطات النظام الإنقلابي الذي بدأ حملة ملاحقات وقمع وتنكيل شرسة وسط النقابيين والأطباء على وجه الخصوص. وفي غضون أيام فقط جرى اعتقال عشرات الأطباء، الذين نقلوا إلى بيوت الأشباح التي كان يشرف عليها في ذلك الوقت “جهاز أمن الثورة”، وهو واحد من عدة أجهزة أمن تابعة لتنظيم الجبهة الإسلامية ومسؤولة عنه مباشرة قياداته الأمنية: نافع علي نافع والطيب سيخة وعوض الجاز. كما ان فرق التعذيب التي مارست هذه الجريمة البشعة ضد عشرات الأطباء كانت بقيادة عناصر الجبهة الإسلامية من ضمنهم قيادات بارزة البوم بحزب المؤتمر الوطني.

    ** الإعـتـقـال ووقـائـع الـتـعـذيـب :

    • ما حدث للشهيد علي فضل يُعتبر جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد لأنّ كل حيثياتها تؤكد ذلك. فقد توعّد العقيد (الرتبة التي كان يحملها عند حدوث الجريمة( الطيب إبراهيم محمد خير –الطيب سيخة- باعتقال علي فضل واستنطاقه ودفنه حياً وتعامل مع هذه المهمة كواجب جهادي، وهو قرار اتخذه الطيب سيخة قبل اعتقال علي فضل، فقد تسلّم الطيب سيخة (عضو لجنة الأمن العليا التي كان يترأسها العقيد بكري حسن صالح)(مطلع ديسمبر 1989 تقريراً من عميل للأمن يدعى محمد الحسن أحمد يعقوب أورد فيه أن الطبيب علي فضل واحد من المنظمين الأساسيين لإضراب الأطباء الذي بدأ في 26 نوفمبر 1989.
    • اعتُقل الشهيد علي فضل مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقل على متن عربة بوكس تويوتا الى واحد من أقبية التعذيب، واتضح في وقت لاحق ان التعذيب قد بدأ ليلة نفس اليوم الذي اعتُقل فيه. وطبقاً لما رواه معتقلون آخرون كانوا في نفس بيت الاشباح الذي نقل إليه، اُصيب علي فضل نتيجة الضرب الوحشي الذي تعرض له مساء ذلك اليوم بجرح غائر في جانب الرأس، جرت خياطته في نفس مكان التعذيب وواصل جلادو الجبهة البشاعة واللاإنسانية التي تشربوها فكراً واحترفوها ممارسة.
    • إستمرار تعذيب الشهيد علي فضل على مدى 52 يوماً منذ اعتقاله مساء 30 مارس 1990 حتى استشهاده صبيحة 21 أبريل 1990 يثبت بوضوح إنه هزم جلاديه، الذين فشلوا في كسر كبريائه وكرامته واعتزازه وتمسكه بقضيته. ومع تزايد وتائر التعذيب البشع اُصيب الشهيد علي فضل بضربات في رأسه تسببت في نزيف داخلي حاد في الدماغ أدى الى تدهور حالته الصحية. وحسب التقارير الطبية التي صدرت في وقت لاحق، لم يكن على فضل قادراً على الحركة، كما حُرم في بعض الأحيان من الأكل والشرب وحُرم أيضاً من النظافة والإستحمام طوال فترة الإعتقال.
    • نُقل الشهيد علي فضل فجر يوم السبت 21 أبريل الى السلاح الطبي وهو فاقد الوعي تماماً، ووصف واحد من الأطباء بالمستشفى هيئته قائلاً: “إن حالته لم تكن حالة معتقل سياسي اُحضر للعلاج وإنما كانت حالة مشرد جيء به من الشارع…. لقد كانت حالته مؤلمة… وإنني مستعد أن اشهد بذلك في أي تحقيق قضائي يتقرر إجراؤه”.
    • العاملون بحوادث الجراحة بالمستشفى العسكري اضطروا للتعامل مع حالة الشهيد علي فضل كمريض عادي دون التزام الإجراءات القانونية المتعارف عليها وذلك بسبب ضغوط رجال الأمن الذين أحضروا الشهيد بخطاب رسمي من مدير جهاز الأمن وأيضاً بسبب تدخل قائد السلاح الطبي، اللواء محمد عثمان الفاضلابي، ووضعت الحالة تحت إشراف رائد طبيب ونائب جراح موال للجبهة الإسلامية يدعى أحمد سيد أحمد.
    • فاضت روح الطبيب علي فضل الطاهرة حوالي الساعة الخامسة من صبيحة السبت 21 أبريل 1990، أي بعد أقل من ساعة من إحضاره الى المستشفى العسكري، مما يدل على أن الجلادين لم ينقلوه إلى المستشفى إلا بعد أن تدهورت حالته الصحية تماماً وأشرف على الموت بسبب التعذيب البشع الذي ظل يتعرض له.
    • بعد ظهر نفس اليوم أصدر طبيبان من أتباع تنظيم الجبهة،هما بشير إبراهيم مختار وأحمد سيد أحمد، تقريراً عن تشريح الجثمان أوردا فيه ان الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا”، واتضح لاحقاً أن الطبيبين أعدا التقرير إثر معاينة الجثة فقط ولم يجريا أي تحليل أو فحص. وجاء أيضاً في شهادة الوفاة (رقم 166245)، الصادرة من المستشفى العسكري باُمدرمان والموقعة بإسم الطبيب بشير إبراهيم مختار، أن الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا”.
    • بعد اجتماعات متواصلة لقادة نظام الجبهة ومسؤولي أجهزته الأمنية، إتسعت حلقة التواطؤ والضغوط لاحتواء آثار الجريمة والعمل على دفن الجثمان دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة. فقد مارس نائب مدير الشرطة، فخر الدين عبد الصادق، ضغوطاً متواصلة لحمل ضباط القسم الجنوبي وشرطة الخرطوم شمال على استخراج تصريح لدفن الجثمان دون اتباع الإجراءات القانونية المعروفة، فيما فتحت سلطات الأمن بلاغاً بتاريخ 22 أبريل بالقسم الجنوبي جاء فيه ان الطبيب علي فضل أحمد توفي وفاة طبيعية بسبب “حمى الملاريا”. العميد أمن عباس عربي وقادة آخرون في أجهزة الأمن حاولوا إجبار اُسرة الشهيد على تسلُّم الجثمان ودفنه، وهي محاولات قوبلت برفض قوي من والد الشهيد واُسرته التي طالبت بإعادة التشريح بواسطة جهة يمكن الوثوق بها.
    • إزاء هذا الموقف القوي اُعيد تشريح الجثة بواسطة أخصائي الطب الشرعي وفق المادة (137 ((إجراءات اشتباه بالقتل) وجاء في تقرير إعادة التشريح أن سبب الوفاة “نزيف حاد بالرأس ناجم عن ارتجاج بالمخ نتيجة الإصطدام بجسم حاد وصلب”، وبناءً على ذلك فُتح البلاغ رقم 903 بالتفاصيل الآتية: – المجني عليه: الدكتور علي فضل أحمد-المتهم: جهاز الأمن -المادة: 251 من قانون العقوبات لسنة 1983 (القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد).لم تتمكن (العدالة) من النظر في القضية وأوقفت التحريات نتيجة الضغوط المتواصلة والمكثفة من نظام الجبهة ورفض جهاز الأمن تقديم المتهمين الأساسيين للتحري، أي الأشخاص الذين كان الشهيد تحت حراستهم ، وهم المتهمون الأساسيون في البلاغ. الآتية أسماؤهم شاركوا، بالإضافة إلى الطيب سيخة، في تعذيب د. علي فضل (أسماء حركية وأخرى حقيقية لأن غالبية الجلادين كانوا يستخدمون أسماء غير حقيقية) -نقيب الأمن عبد العظيم الرفاعي -العريف العبيد من مدينة الكوة -نصر الدين محمد – العريف الأمين (كان يسكن في مدينة الفتيحاب بامدرمان)-كمال- حسن (إسمه الحقيقي احمد محمد وهو من منطقة العسيلات) -عادل سلطان- حسن علي (واسمه الحقيقي أحمد جعفر)- عبد الوهاب محمد عبد الوهاب (إسمه الحقيقي علي أحمد عبد الله… من شرطة الدروشاب)-نصر الدين محمد- الرقيب الأمين (كان يسكن بمدينة الفتيحاب بامدرمان)- الرقيب العبيد (كان يسكن في سوبا مطلع التسعينيات وهو عضو بالجبهة القومية الاسلامية) – علي الحسنK ويبقى القول أنّ جلادي وقتلة علي فضل معروفون…. وسيطالهم القصاص… هم وكل من كان في موقع مسؤولية في سلطات النظام في ذلك الوقت ابتداءً من أفراد الأمن وحتى مجلس قيادة الإنقلاب والمجلس الأربعيني وعناصر وقيادات الجبهة التي كانت تدير دولة القهر والبطش من خلف كواليس اُخرى.
    ** الشهيد المهندس أبو بكر محى الدين راسخ:
    اغتيل غدراً فى شهر اكتوبر سنة 1992 بطريقة قذرة ولا انسانية عكست مدي همجية ووحشية من اغتالوا أبوبكر الراسخ من افراد أمن الجبهة الاسلامية
    كان الشهيد أبو بكر الراسخ (وهو مهندس طيران خريج احدى الجامعات الروسية الشهيرة )، فى ليلة اغتياله كان يقود سيارة من منزلهم بالثورة متجها الى منزل شقيقته بالحاج يوسف فقابلته سيارة أمن كانت تتابعه وطلبوا منه النزول فأوقف سيارته
    ونزل وهم فى سيارتهم أطلقوا عليه النار حتى سقط على الأرض ثم داسوا جسده بالسيارة . رفض أهله وذويه ومعارفه وجيرانه دفنه حتى يتم القبض على القتلة .
                  

03-21-2012, 09:34 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)



    ** الشهيد المهندس أبو بكر محى الدين راسخ:


    اغتيل غدراً فى شهر اكتوبر سنة 1992 بطريقة قذرة ولا انسانية عكست مدي همجية ووحشية من اغتالوا أبوبكر الراسخ من افراد أمن الجبهة الاسلامية
    كان الشهيد أبو بكر الراسخ (وهو مهندس طيران خريج احدى الجامعات الروسية الشهيرة )، فى ليلة اغتياله كان يقود سيارة من منزلهم بالثورة متجها الى منزل شقيقته بالحاج يوسف فقابلته سيارة أمن كانت تتابعه وطلبوا منه النزول فأوقف سيارته
    ونزل وهم فى سيارتهم أطلقوا عليه النار حتى سقط على الأرض ثم داسوا جسده بالسيارة . رفض أهله وذويه ومعارفه وجيرانه دفنه حتى يتم القبض على القتلة .
                  

03-21-2012, 09:44 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)





    ** اعدام جرجس ومجدي :

    في آواخر ديسمبر عام 1989 تلقى الاقباط اول إشارة من إشارات التوجه الحضاري الاسلامي ، المشروع الذي طرحته الجبهة الاسلامية القومية عشية انقلابها علي الديمقراطية، صدرت الاشارة من محكمة في الخرطوم . تلك المحكمة أطلق عليها ” المحكمة الخاصة”. حيث مثل مساعد طيار سوداني يعمل في الخطوط السودانية يدعى جرجس القس بسطس امام تلك المحكمة . كانت التهمة هي تخريب الاقتصاد الوطني وخرق قانون التعامل بالنقد الاجنبي . قال الادعاء في المحكمة إن مساعد الطيار جرجس ضبط متلبساً بمحاولة تهريب حوالي 95 الف دولار مع شيكات بمبلغ 800 دولار ، وشيك آخر بمبلغ دولاراً 150 و175 ريالاً سعودياً و 840 جنيهاً مصرياً . لم تستغرق محاكمة جرجس طويلاً ، وصدر ضده حكم بالاعدام شنقاً حتى الموت . نفذ فيه حكم الاعدام فجراً في سجن كوبر في فبراير عام 1990 . تعرض جرجس الى إهانات بالغة وتعذيب قاسي خلال فترة اعتقاله ، كما تعرض لضغوط نفسية رهيبة ، حيث كان يستدعي عدة مرات على أساس أن ينفذ فيه حكم الاعدام لكنه يعاد إلى زنزانته.
    حكم علي جرجس بالاعدام ونفذ الحكم ، وبنفس التهمة (تخريب الاقتصاد) تم تنفيذ حكم الاعدم جوراً علي مجدي وهو شاب سوداني آخر تم اعدامه بلا أدلة جنائية كافية وبلا ذنب جناه.
                  

03-22-2012, 02:09 AM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7322

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)

    الاستاذ فيصل محمدخليل
    التحية لكم و انتم تفترعون هذا الخيط الهام لا بل الاهم
    الميدان جديرة بكل فضل
    التحية لمحرريرها و كتابها الاشاوس و هم يواجهون المصادرة و الالغاء و التضييق علي الحريات.
    فتح ملفات التعذيب ضروري و مهم جدا في هذا التوقيت مع انني اري انه قد تأخر نوعا ما
    تسليط الضوء علي معاناة ضحايا التعذيب
    و تذكير الناس بمن فقدوا من في مسيرة النضال الشرس ضد هذه الطغمة المتغطرسة
    مهم جدا لتأكيد عزلة النظام و فضحه و فضح اساليبه لا بل اظن ان هذا التوثيق سيخيف كلاب الامن و يجعلهم يفكرون الف مرة قبل الاقدام علي تعذيب أحد المواطنين حتي و لو كان تنفيذا للاوامر
    لانه ببساطة لن يجد احد مبررا لهؤلاء المشوهين في ارتكاب مثل هذه الجرائم المنكرة.
    فلتعش الميدان صوتا يعبر عن ضمير هذا الشعب و يدافع عن قضاياه


    طه جعفر
                  

03-22-2012, 06:36 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: طه جعفر)

    فلتعش الميدان صوتا يعبر عن ضمير هذا الشعب و يدافع عن قضاياه
                  

03-22-2012, 08:00 AM

Magdi Is'hag

تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: خالد العبيد)

    Quote:
    *****************
    الكتاب الثاني
    اليوم الثاني – ذكر ما جرى
    عدنان زاهر
    الصباح
    دوت طرقات عالية على أبواب الزنازين ذلك الصباح، استيقظنا متوترين فأجسادنا كانت لا تزال تعبة وتحمل آثار الليلة السابقة . صدرت الأوامر بفظاظة أن نصطف على السطح . الساعة كانت تبدو حوالي الخامسة. كان علينا أداء الصلاة وعلى حراسنا التأكد من أن عدد المعتقلين كامل ومطابق لكشوفاتهم . كان التعداد دقيقا بالرغم من أن الهروب من ذلك السطح كان صعباً للغاية اٍن لم يكن مستحيلاً ، واذا تم فأنه يتطلب قدراً من المهارة العالية و التنظيم والدعم الخارجي مما كان منعدماً في حالتنا . كان اجراء الحصر في ذلك الصباح يتم بطيئاً ، وغالباً ما يكون سرعة وبطء اجراءات الحصر خاضعاً لسادية الحارس ومدى استمتاعه برؤية المعتقلين الذين كانوا الى وقت قريب يحتلون مكاناً مرموقاً في الدولة او الشأن العام وهم يرتجفون من البرد والإهانة . ذلك البطء في اجراءات الحصر أتاح لي ولأول مرة فرصة النظر من ذلك السطح والتأكد من الأماكن التي تحيط بالعمارة ، ولدهشتي اكتشفت أن منزل رئيس الدولة (( عمر البشير )) لا يبعد أكثر من مائة متر من ذلك السطح . ومن ذلك الموقع المرتفع كان يمكن رؤية كل ما يجري في فناء داره ، وتأكد لي أنه لا بد أن يكون عالماً بكل ما يجري على ذلك السطح . المنازل الأخرى التي تقع بالقرب من منزل رئيس الدولة كانت خاصة بالوزراء وكبار قادة الجيش والخدمة المدنية ، هذا يعني أن تلك العمارة – منبع الارهاب ومستنقع العنف – تقع داخل قلب السلطة . حكى لي أحد المعتقلين القدامى على ذلك السطح ، أن أحد المعتقلين وكان (( كنغولي )) الجنسية ، وعندما شرع الحراس في تعذيبه أفلت من بين أيديهم ووقف على السطح مواجهاً لمنزل رئيس الدولة منادياً ، مستغيثاً به ومستنجداً . بالطبع لم يسمعه الرئيس أو سمعه ورفض مد المساعدة ، المهم نال ذلك الشخص عذاباً مريراً على فعلته تلك ، كما كان نتيجة ذلك فرض مزيد من الاجراءات القمعية من ضمنها تقييد المعتقل عند تعذيبه .
    بعد أن تأكد الحراس من بقائنا على سطح العمارة أحياء أمرونا بالصلاة والرجوع الى أماكننا . في حوالي السادسة سمعت أحد الحراس يردد أسمي عالياً ويأمرني بالخروج الى السطح . عند خروجي كان هنالك أربعة أشخاص في انتظاري ، وقبل أن أعرف ما الذي يجري انقض علي اثنان من الحراس وامسكا بذراعي ووضع الثالث قيداً من الحديد عليهما. كان لذلك القيد أو الطوق خاصية مدهشة اذا جاز لنا استخدام ذلك التعبير ، وهو أن تضيق حلقته عند الساعد عند قيام الشخص المقيد به بأدنى حركة مما يعني الضغط على الساعد حتى مرحلة ايقاف سريان الدم في العروق و الشلل التام. أن البشرية في مسيرة تطورها تتفنن في اختراع وتطوير أدوات تعذيب البشر و انتهاك حقوقهم. كم هو غالي ثمن التطور في هذا العالم ! لم أكن مجرماً في يوم من الأيام كما كنت أرفض مطلقا أن أكون مقيداً ، لذا ألجمتني الدهشة.
    ثم دفعني بقوة وأنا في ذلك القيد الى مكان يقع خلف الزنازين ، وأمام أحد نوافذ تلك الزنازين تم ايقافي . وضع طوق جديد حول أرجلي ومن ثم تم تعديل الطوق الذي في ساعدي بأن قيد كل ساعد على حدة بطوق ثم قفل طرفي الطوقين الآخرين بقضبان النافذة العالية . هل رأيتم العبيد في الأفلام السينيمائية على سفن القراصنة وهم مقيدون بالأغلال تمخر بهم السفن نحو الأرض الجديدة ؟! كان ذلك هو المشهد. ساعداي مقيدتان على قضبان النافذة ، وجسدي ووجهي ملتصقان بجدران النافذة و قدماي مقيدتان بطوق من حديد. كنت هنالك معلقا بين السماء والأرض وقدماي بالكاد تلامسان سطح العمارة. كنت مشلولاً تماماً و عاجزاً عن الاٍتيان بأي حركة. كان حراسي اضافة الى جبنهم يخشون المقاومة لذا كانوا كثيري الحذر والحيطة . أبقياني على ذلك الوضع فترة طويلة من الزمن و يبدو أن ذلك كان مقصوداً لاٍنهاكي الجسدي والمعنوي ، كان العرق يتصبب من جميع أجزاء جسدي ، في تلك اللحظة شعرت بامتنان كبير للرياضة التي كنت أمارسها في شبابي وكيف أنها كانت السبب في احتمالي هذا الوضع المحرج والصعب . بعد فترة طويلة من الوقت حضر الحراس وهم يحملون عصى غليظة وخراطيش للمياه ، وبدأ ضربي على ظهري ووجهي وكامل قفاي وتكسرت (( النصال على النصال )) كما يقول الشاعر . كانوا يضربون بقوة وتشف على ظهري بالعصى التي يحملونها والتي يتم تغييرها بعد فترة بأخرى جديدة . كان ضربهم متزامناً ومترادفاً بسيل منهمر من الشتائم من نوع ( انتم المحامين تفسدون العامة وتدافعون عن الباطل ) ، ( أنكم معارضة ) ، ( أنتم أولاد (.........) ) ، ( أنكم أتفه من مشى على الأرض ) وغيرها من الاهانات التي لا يمكن أن تسطر على الورق دون الوقوع في طائلة خدش الحياء العام . كانوا حينما يضربون يتخيرون الأماكن المؤلمة ، وكانت الحركة والمقاومة من جانبي مستحيلة في ذلك الوضع ، لذا لم يكن لدي خياراً غير الثبات وكان الثبات يزعجهم ويزيد من قسوتهم . لم يكونوا يطلبون شيئا محدداً ، كان الضرب من أجل الضرب ، والعنف من أجل العنف كانت مطالبهم تتمثل في انكسار الآخر وكانوا يتمنون المستحيل . أن ما كانوا يقومون به لا يوجد في أدبيات الشعب السوداني وتراثه و أعرافه، فقد تعلمنا ونحن صغار ألا نعتدي على الضعيف ، أن نتساوى مع الخصم في المعارك وألا نغدر بالآخرين ولكنهم أتوا من عالم لا نعرفه ليحكموا في زمن المهانة والذل . ان ما كانوا يقومون به كان مطابقاً لما يحدث في معسكرات النازية في (بوخنفالد)* و( أشفيتز )* ومعسكرات ( الهلوكوست )* . و تأكدت قناعتي أن الفكر المطلق متشابه في كل الأمكنة والأزمنة، وأن نهجهم الحضاري في عدم الاٍعتراف بالآخرين وتصفية معارضيهم في الرأي هو الوجه الآخر للنازية.
    قال لي أصدقائي المعتقلين لاحقاً أن الصمت يخيفهم ويغيظهم وأن قليلاً من الانكسار كان كفيلاً بتقليل الضرب أو تخفيفه . ولكنهم تناسوا أن الانكسار يقود لمزيد من الانكسار وبداية السقوط لا حواجز لها. المهم بعد ساعات شارف عملهم على الأنتهاء و توقفوا عن الضرب ، وتركت هنالك معلقاً وأنا على مشارف الاغماء . ولا أدري لماذا في تلك اللحظات تذكرت المسيح معلقاً ومصلوباً . و لا أدري كم مر من الزمن عندما حضروا الي وفكوا وثاقي فقد فقدت الاحساس بالزمن والألم . تم اقتيادي وعلى الأصح تم جري جراً حتى باب الزنزانة التي (( أقيم )) بها وتركت هنالك . لم يجرؤ أحد من المعتقلين في داخل الزنزانة من الاقتراب مني فتحاملت على نفسي ودخلت وانهرت في أقرب موقع من الارهاق والتعب . كانت الآلام تنبعث من كل أجزاء جسدي ولكن الألم النفسي والمهانة والذل كان أكثر مرارة ومضاضة .

    العمارة: واحدة من عمارتين بحي المطار تم بنائهما بواسطة الخبراء الروس في زمن نميري كسكن لضباط الجيش. تم تحويلهما لاحقاً كمكاتب لجهاز الأمن واستغلتهما سلطة الجبهة لتعذيب المعتقلين وتصفيتهم.
    12 ديسمبر 2004

                  

03-22-2012, 08:02 AM

Magdi Is'hag

تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: Magdi Is'hag)

    Quote:

    الليل
    عدنان زاهر
    ظللت على ذلك الوضع فترة طويلة استجمعت فيها قوتي وارادتي . وفي بداية العصر أحضروا لنا طعاماً كي لا نموت فهم يجيدون لعبة الحياة . وهي تتلخص في عرفهم وباختصار ألا تشبع وألا تجوع وأن تظل معلقاً بين الموت وتوقا للحياة .
    بعد تناولنا الطعام عدنا الى غرفنا (الزنازين) مرة أخرى و بدأ الهمس وتبادل المعلومات والتجارب. فبعد انحسار الشك انهمرت المعلومات. المبدأ الأساسي في ذلك المكان أن تتكلم بصوت خافت لكي لا يصل صوتك للحراس حتى لا تعذب أنت ومن تبادله الحديث وذلك فن لا يجيده الا من عاش تلك التجربة . وجدت فسحة من الزمن لافكر في الاسباب التي دعت لاعتقالي هذه المرة وقد كنت فعلا مندهشا ومحتارا، فلم يمضي على اطلاق سراحي من اعتقال دام عاماً قضيت جزءاً منه في سجن كوبر والجزء الاكبر في سجن (شالا)- الفاشر بدارفور سوى شهرين. اضافة الى ان الظروف السياسية في تلك الفترة لم تكن تشير الى ان سلطة الانقاذ (الجبهة) سوف تقوم بهجمة اعتقالات تجاه معارضيها. وقد كنا نعرف نذر تلك الاعتقالات ومقدماتها التي تتمثل في فبركة اتهامات تجاه المعارضة (محاولات انقلابية، اٍغتيالات سياسية، طابور خامس مع الحركة الشعبية.....الخ) ولم تكن اي من تلك الاكاذيب قد تم الترويج لها اعلامياً. ولم تدم حيرتي طويلا فقد اخبرني احد المعتقلين وكان يجلس بقربي في (الزنزانة) ان أحد الاشخاص- كان موجوداً ضمن المعتقلين في ذلك السطح- قد ذكر تحت وطأة التعذيب والتهديد اسمي باعتباري من الناشطين سياسياً ضد نظام الانقاذ. لم يكتفي بذلك بل ذكر لهم كل أسماء أفراد اسرتي رجالاً ونساءاً. كنت أعرف ذلك الشخص وهو يسكن بالقرب من الحي الذي أسكن فيه، وكنت اكن له كثير من الود بالرغم من عدم التقائي به لعدة سنوات. لم أصدق في البداية تلك المعلومة حتى أكدها أكثر من شخص أخر وشعرت بالأسف وانتابني حزن عميق. من ما زاد دهشتي انني لم أكن في تلك الفترة اسكن في حي الموردة بل كنت أسكن في منزل شقيقتي بالعمارات ولم تكن تربطني بذلك الشخص اي علاقة سياسية أو تنظيمية أو حتى اجتماعية ( سوف أتناول لاحقاً تلك الحادثة بالتفصيل).
    المهم حاولت أن أسقط تلك الواقعة من تفكيري في ذلك الوقت وأن أهتم بما يدور حولي . مر الزمن بطيئا ، والزمن في تلك الأماكن يمر ببطء مخيف خاصة وأن المعتقل لا يدري ما سوف يحدث له في الساعات القادمة . كنت متوتراً بعض الشئ وزاد من توتري احساسي بأن من معي في تلك الزنزانة كانوا يخبئون شيئاً لا أدري ما هو ولكنني أحسه في نظراتهم القلقة تجاهي . تناولنا عشاءاً متواضعاً بعد أن أجبرنا على أقامة صلاة العشاء ثم عدنا الى غرفنا. استمر ذلك الهدوء المخيف والباعث للتوتر يعم أرجاء السطح . وفي في حوالي التاسعة ، تناهت الى مسامعنا تلك الضجة المخيفة التي تعلن مجئ الحراس مرة أخرى . كانت الضجة هذه المرة أكثر عنفاً وصخباً وتأكد لي لاحقاً أنهم يتعمدون ذلك الصخب والصياح لزرع الخوف والرهبة في نفوس المعتقلين اضافة الى أن تلك الضجة تمنحهم ذلك الأحساس الزائف بالقوة والقدرة على ايذاء الغير . اصطففنا مرة أخرى على السطح وكان على رأس القوة هذه المرة المسئول عن ادارة ذلك المستنقع ، وهو ملازم يدعى مهدي (أسمه الحقيقي اٍبنعوف) يبدو عليه الجنون والعصبية . بدأ هو الحديث هذه المرة ذاكراً بجدية ووقار شديد أنهم يأخذون أجراً على أداء عملهم ووجودنا نوما ومرتاحين كل هذه الساعات يعني أنهم لا يؤدون واجبهم بصدق وأمانة . ثم واصل حديثاً من ذلك النوع الذي لا يرسخ في الذاكرة ، كل الغرض منه أن نظل وقوفاً في البرد القارص متوتري الأعصاب . كان عملاً مدروساً ومتقناً لذا بدأ تأثيره يظهر جلياً وسريعاً . فبعد ساعتين بالتحديد بدأ البعض يتقيأون ويسقطون على الأرض من الارهاق والجوع والبرد . كان ممنوعاً تقديم المساعدة لخائري القوى وكان بين المعتقلين من يعاني من أمراض خطيرة كالقلب، الضغط ، السكري ومن هم كبار في السن . كانت أي بادرة لتقديم المساعدة تعني مزيد من التعذيب للشخص الملقي على ذلك السطح اٍعياءا وجميع المعتقلين و النصيب الاكبر من الضرب كان يناله من أراد تقديم المساعدة . كان ذلك اذلالاً مهينا ليس فقط للجسد ولكن للروح ومحاولة للنيل من القيم السودانية التي يؤمن بها الفرد السوداني والتي تتمثل في تقديم المساعدة ومد يد العون للآخرين عند الاحساس بضعفهم، كان المقصود من ذلك المنع هو بذر الاحساس بالعجز والفشل لدي المعتقل توطئة للاستسلام الكامل. فجأة أوقف الملازم مهدي ذلك السيل الجارف من الكلمات وأمر الجميع بالانصراف ما عداي والمعتقل المهندس (الفاضل ماهر) . وفهمت في تلك اللحظة سر النظرات القلقة في عيون رفاقي طيلة ذلك اليوم فهم كانوا يعلمون أن ما تم في صباح ذلك اليوم هو البداية للتعذيب . أمر مهدي الحراس بأحضار الأدوات . لم نكن نفهم ماذا يقصد بالأدوات فذلك تعبير جديد لم نتعود عليه . كان بارد الاعصاب وهادئاً بشكل غريب وهو يصدر أوامره ، ولا أدري لماذا ذكرني بجراح ماهر يستعد لأداء عملية غاية في الخطورة والدقة . كانت الأدوات المطلوبة والتي أحضرت له تتكون من أغلال من الحديد ، عصى ، قضبان حديد ، خراطيش مياه و (( كرابيج )) صنعت بواسطة حرفي (فنان) يفهم الغرض من استخدامها وهي مكونة من عصى في رأسها جدائل من الأسلاك يبلغ عددها حوالي الأثني عشر سلكاً مثبتة بشكل جيد تجعلها أشبه بالأفعى الخرافية ، اضافة الى أواني (( جرادل )) مليئة بالماء البارد . حقاً أنها كانت مجموعة غريبة من الأدوات المنتقاة بعناية و لا رابطة بينها ، كانت تبعث الهلع في القلوب في ذلك الهزيع الأخير من الليل خاصة اذا كنت تجهل الغرض من جمعها واستخدامها في ذلك السطح الذي يستحيل فيه المقاومة أو الهروب . وبدأ ذلك الجراح أو الجزار عمله ، هجم علينا مع مجموعة من زبانيته وتم تقييدنا بواسطة الأغلال ذات الخاصية العجيبة التي تكلمت عنها سابقاً والجديد عنها والذي علمته أنها أمريكية الصنع . نزعت القمصان من اجسادنا في ذلك البرد القارس ثم القى بنا على الأرض كخرفان ينوي ذبحها . كنا نرتجف من شدة البرد والقهر ، وبدأ مسلسل الضرب مرة أخرى . كانوا ثلاثة يتناوبون ضربنا الملازم مهدي ، شخص يدعى عبيد وآخر أسقطت أسمه الذاكرة رغم رسوخ صورته . كان ضرباً مبرحاً في أماكن أنتقت بعناية ومعرفة وتدريب مسبق . كانوا يختارون أكثر الأماكن ايلاماً . كان الضرب يرافقه كالعادة سباباً مقذعاً وبذيئاً. وكمرحلة التعذيب الأولى لم يكونوا يطلبون شيئاً محدداً أو معلومة بعينها كان الضرب من أجل الضرب والعنف من أجل العنف*.
    كان صديقي ماهر أكثر مكراً وحنكة مني (خبرة في المعتقلات) فحينما يكثر عليه الضرب كان يدعي الاغماء أو الموت وكانوا يعلمون أنه مريض بالسكر والضغط فكانوا يتركونه للحظات ، يكيلون الضرب علي طالما أنا أدعي التماسك. هؤلاء القتلة كانوا لا يفهمون انني لم اكن ادعي (الصنددة) ولكن لم يكن لدي خيار آخر غير الثبات. كانوا حينما يرهقون من الضرب يصبون من تلك الأواني مياهاً باردة على رؤوسنا وأجسادنا . كانت تلك الليلة الجحيم باردا وساخنا . كنت أتلوى من الألم وأحاول اتقاء الضربات المنهالة ، ولكن كانت تلك المحاولات تضاعف الألم لأن القيد في تلك اللحظة كان يقوم بعمله ، وهو الضغط على الأيدي حتى مرحلة وقف سريان الدماء ، وكادت يدي أن تنشل بل وتعطل ابهام يدي اليسرى كلياً . قال لنا أصدقاؤنا الذين ينصتون من الزنازين لضربنا ( كنا في البداية نعد عدد الضربات على أجسادكم ولكن حينما بلغ التعداد المائة توقفنا ، وكنا نتوقع موتكم ! ) كانت الدماء تسيل من جميع أجزاء أجسادنا خاصة الظهر – العنق – والأفخاذ حتى استنشقت بأنفي رائحة دمائي مختلطة مع المياه . كان الضرب يسبب ألماً ولكن الألم الأكبر الذي كنا نحس به هو العجز وعدم القدرة على الدفاع ورد الأعتداء ، كانت تجربة قلما يمر بها الانسان . كنت أغيب عن الوعي أحيانا ولكن المياه الباردة المنصبة على الرؤوس كانت تعيد الوعي سريعا ، بالرغم من أن الغيبوبة في تلك الحالة كانت خيراً لنا . كان يطلب منا قهراً أن (( نتقلب )) بأجسادنا في حركة مستمرة وبشكلا حلزوني من أول السطح الى آخره حتى يتملكنا الدوار وهم مستمرون في ضربنا . كان الملازم مهدي أكثرهم عنفاً وقسوة وأيلاماً ، كان يضرب بقسوة وتشفي وحقد ، وكنت أتساءل هل كان هذا الحقد علينا شخصياً أم حقداً على الفكر الذي نحمله ونجابه به نهجهم الحضاري المزيف؟ المهم كان ذلك المجنون والمعتوه والموتور متقناً في مزاولة عمله لدرجة الاعجاب وكان يستحق عن جدارة الاجر الذي (يقبضه) لتفرده في فنون التعذيب وايذاء الآخرين. لا أدري كم من الزمن استمر ذلك التعذيب المهين ولكن حينما توقف كنا قد أشرفنا على الهلاك . تم سحبنا الى زنزانتنا ورمى بنا الى رفاقنا، ثم غادروا السطح بسرعة فهم يهربون جبناً عند اتمام جريمتهم ليسهل منها التنصل لاحقاً خاصة عند موت المعتقل. شعرت بحركة بالقرب مني فوجدت رفاقي بالزنزانة يحيطون بي . بدأوا في تضميد جراحي وتحريك يدي و أرجلي خوف الشلل . وأنا أدين لهم بذلك الجهد خاصة المحامي أحمد عثمان ، فلولاهم لانشل جزء من جسدي . كان أحمد يدلك أصابعي بحنو ورفق طوال تلك الليلة ولولا تلك العناية المركزة لانشلت حتماً أصابعي. كان من آثار تلك الليلة جروح في جميع أجزاء الجسد لم تندمل الا بعد فترة من الوقت وندوب اخرى داخل النفس لا زالت آثارها باقية.

    • * وردت معلومات لاحقاً ومؤكدة ان الجبهة الاسلامية في ذلك الوقت قد قامت بوضع مخطط اشرف على تخطيطه وتنفيذه امينها وعرابها ، دكتور حسن الترابي وكان ذلك المخطط يتمثل في القبض على كوادر الاحزاب السياسية والتي يعتقد حزب الجبهة انها نشطة سياسيا، والقيام بتعذيبهم حتى درجة الانهيار المعنوي والجسدي وذرع الخوف والرهبة في نفوسهم حتى يمتنعوا من القيام بأي عمل سياسي. تلك التجربة منقولة من نموذج الدولة الاسلامية الايرانية الخمينية.
    15 ديسمبر 2004
                  

03-22-2012, 12:28 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: Magdi Is'hag)

    Quote: و تذكير الناس بمن فقدوا من في مسيرة النضال الشرس ضد هذه الطغمة المتغطرسة
    مهم جدا لتأكيد عزلة النظام و فضحه و فضح اساليبه لا بل اظن ان هذا التوثيق سيخيف كلاب الامن و يجعلهم يفكرون الف مرة قبل الاقدام علي تعذيب أحد المواطنين حتي و لو كان تنفيذا للاوامر


    عزيزنا طه جغفر

    وايضا تذكير القتله بأن ساعة الحساب قد دنت
    مودتى
                  

03-22-2012, 12:38 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)

    Quote:
    فلتعش الميدان صوتا يعبر عن ضمير هذا الشعب و يدافع عن قضاياه


    عزيزنا خالد العبيد

    ومن غيرها يعطى لهذا الشعب معنى ان يعيش وينتصر
    مودتى
                  

03-22-2012, 12:50 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: فيصل محمد خليل)

    Quote: كانوا يضربون بقوة وتشف على ظهري بالعصى التي يحملونها والتي يتم تغييرها بعد فترة بأخرى جديدة . كان ضربهم متزامناً ومترادفاً بسيل منهمر من الشتائم من نوع ( انتم المحامين تفسدون العامة وتدافعون عن الباطل ) ، ( أنكم معارضة ) ، ( أنتم أولاد (.........) ) ، ( أنكم أتفه من مشى على الأرض ) وغيرها من الاهانات التي لا يمكن أن تسطر على الورق دون الوقوع في طائلة خدش الحياء العام . كانوا حينما يضربون يتخيرون الأماكن المؤلمة ، وكانت الحركة والمقاومة من جانبي مستحيلة في ذلك الوضع ، لذا لم يكن لدي خياراً غير الثبات وكان الثبات يزعجهم ويزيد من قسوتهم



    عزيزنا مجدى اسحاق

    شكرا على الاضافه الغنيه
    وان غدا لناظره قريب
    مودتى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de