دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
بينى... وبين بروفيسور محمد عمر بشير... و الدكتور عز الدين على عامر
|
خواطر من زمن الإنتفاضة (14)
بيني... و بين البروفيسور محمد عمر بشير... و الدكتور عز الدين على عامر
د. إبراهيم الكرسنى
هنالك رجلان كانا يشكلان القدوة والنموذج بالنسبة لشباب " البلد " الطامح إلى تبوء المناصب الحكومية ، " الميرى " ، أو حتى إلى مجرد " التمرغ فى ترابه " ، هما محمد عمر بشير ومحمد على أحمد باشا ، وكيل ديوان شؤون الخدمة السابق ، الذى تربطني به صلة قرابة باعتباره إبن عمتي " فى الحسبة " . لقد ساهم المرحوم باشا فى حل مشكلة مستقبلي " المهني، و التي كانت قد واجهتني عند دخولي طالباً فى كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم . لم أكن أدرى حينها ماذا يعنى علم الإقتصاد وما هو كنهه ، والأهم من ذلك ما هي الوظيفة التي سأتبوؤها عند تخرجي من الجامعة !! بمعنى آخر فقد تم تحديدي لكلية الإقتصاد للدراسة الجامعية عن طريق الصدفة وبأسلوب عشوائي تماماً !! لذلك كنت أواجه حرجاً حقيقياً حينما يواجهني أحد أهالي شبا عند دخولي الجامعة بالسؤال التالي ، " وبعدين حتشتغل شنو ؟ " ، فكنت أجيبهم بأنني سأكون " متل محمد على باشا " ، فتبدو عليهم علامات الإرتياح البالغ ، على الرغم من أن الكثيرين منهم لا يدرون ما هي وظيفة باشا بالضبط ، ولكنهم على علم بأنه " موظف كبير ومرتاح " !!
أما بالنسبة للمرحوم البروفيسور محمد عمر بشير فقد لخص نجاحه فى حياته المهنية عمى المرحوم محمد الحسن كمبلاوى ، الرجل المتفرد الذي آمل أن أخصص له حيزاً كبيراً يليق بقامته السامقة حينما نبدأ ، مع الأخوين طلحة وطارق جبريل ، الكتابة عن قريتنا الحبيبة شبا . لقد تزوج عمنا محمد الحسن من الزهرة حسين بشير ، أطال الله فى عمرها ومتعها بالصحة والعافية ، وهى ابنة عم المرحوم محمد عمر بشير ، وقد كان أبوها تاجراً معروفاً بمدينة كريمة . كان العم محمد الحسن دائماً يقول لي " والله لندن بقت عند محمد عمر زى درب الساقي “، من كثرة أسفاره إلى بريطانيا. تركت تلك الأسفار المتعددة للبروفيسور إنطباعاً إيجابياً لدى عامة الناس فى " البلد " ، على الرغم من عدم إدراكهم لأهدافها ومراميها ، لكنها كانت تعنى بالنسبة لهم أهمية المركز الذي يتبوأه محمد عمر بشير ، وإلا لما أتيحت له فرصة هذه الأسفار الكثيرة، فى منطقة لم يتجاوز طموح معظم سكانها فى السفر،" ركوب قطر كريمي" قاصدين الوصول إلى مدينة عطبرة !!
على الرغم من علاقة المصاهرة هذه، إلا أنني لم التقى البروفيسور إلا بعد دخولي جامعة الخرطوم . لقد كانت لقاءاتي به متباعدة للغاية بحكم أنه كان يشغل مدير الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية ، منتدباً من جامعة الخرطوم ، خلال معظم سنين دراستي بجامعة الخرطوم . لكنني إلتقيته كثيراً أثناء فترة دراستي العليا ببريطانيا ، التي كانت عنده " زى درب الساقي " ، وبالتالي كان يزورها بصفة مستمرة ، وبالأخص حينما يأتي مشاركاً فى المؤتمر السنوي للدراسات السودانية ، حيث يلتقي بأصدقائه البريطانيين ، وخصوصاً أولائك الذين خدموا بالسودان أثناء الحقبة الإستعمارية ، والذين تبوأ بعضهم فيما بعد مراكز أكاديمية مرموقة فى أعرق الجامعات البريطانية ، كالبروفيسور وليام هولت، أستاذ التاريخ الشهير فى جامعة لندن .
ربطتني بأ ستاذى الجليل البروفيسور محمد عمر بشير ، عليه الرحمة ، علاقة صداقة قوية ومتينة بعد رجوعي من بريطانيا، وامتدت تلك العلاقة إلى أن غادرت السودان بصورة نهائية . لقد كان محمد عمر رجلاً عالماً ، وهو بهذه الصفة كان رجلاً متواضعاً جم التواضع حتى أن أحدى أخواته وصفته قائلة فى أحدى المرات ، وهو جالس على الأرض " يلعب " مع أحد الأطفال ، " والله محمد أخوى مع الكبار كبير ... ومع الصغار صغير " ... فتأمل هذا الوصف الدقيق لشخصية هذا الرجل الفذ !! لقد كان محمد عمر رجلاً كريماً كذلك، حيث لا يخلو منزله الكائن بالمنشية من الضيوف، وبالأخص الضيوف الأجانب، إلا نادراً.كان منزل البروف بمثابة الواحة التي يستظل بظلها أناس من مختلف الأعراق والأجناس ، من داخل وخارج البلاد ، حيث تجد الوزراء والسفراء والأدباء والشعراء والفنانين ، بما فى ذلك أعضاء نادي الطنبور.
لقد كان البروفيسور مصدراً موثوقاً للمعلومات بالنسبة لقادة الفكر والرأي من الأوربيين، سواء كانوا متواجدين على أرض الوطن، أو الذين يزورونه من مختلف أرجاء العالم. وبما أنني كنت " ضيفاً " ثابتا على موائده العامرة، فقد أتيحت لي فرصة اللقاء ، ولأول مرة ، وربما آخرها فى بعض الأحيان ، بشخصيات وطنية وعالمية مهمة، وكذلك قمم فى مجالات الفكر و الأدب و الثقافة ، أذكر منهم ، على سبيل المثال لا الحصر ، أستاذنا الجليل والروائي العالمي الطيب صالح ، وأستاذي الجليل وصديقي محجوب عثمان ، الذي إلتقيته فى نفس الأمسية التي التقيت فيها السيد إيرك رولو ، الصحفي بصحيفة لوموند الفرنسية فى ذلك الوقت ، والذى شغل فيما بعد سفير فرنسا ببيروت وتونس . وبالمناسبة فقد كان السيد رولو هو الصحفي الوحيد الذي التقى المرحوم عبد الخالق محجوب، وتجاذب معه أطراف الحديث قبل إستشهاده بساعات . كما أذكر أنني إلتقيت فى أحدى الأمسيات أعضاء نادي " الطنبور " الذين شرفوا منزل المرحوم محمد عمر إحتفاءاً بصديق عمره الأستاذ الطيب صالح فى إحدى زياراته للسودان وذلك لتسليمه الدرع المهداة إليه من المكتبة القبطية فى الخرطوم، و التى كان قد تسلمها بالنيابة عنه البروفيسور محمد عمر فى وقت سابق . لقد أبدع الإخوة فى نادي الطنبور ، وعلى رأسهم الشاعر الرقيق عبدالله محمد خير والفنان القدير صديق أحمد ، متعهما الله بالصحة والعافية ، وشنفوا آذاننا بكل ما هو جميل من تراث أهلنا الشايقية . كنت حينما ترى محمد عمر منسجماً مع فرقة الطنبور وسط الدارة ، ينتابك إحساس بأن أرجل هذا هذا الرجل لم تفارق البركل "تحت" نهائياً ، ناهيك عن أن تصبح لندن بالنسبة له " متل درب الساقي " ، على حد قول عمنا المرحوم محمد الحسن كمبلاوى !!
وقد ربطتني بالمرحوم الدكتور عز الدين على عامر علاقة ود وإحترام منذ أن وصلت إلى بريطانيا دارساً وإلى أن غادرت السودان بصورة نهائية . إن الإنطباع الأول الذي يتركه د. عز الدين عند من يقابله لأول مرة، هو شخصية الرجل الأرستقراطي المتعجرف، إلا أن شخصية د. عز الدين عكس ذلك تماماً ، فهو رجل فى غاية الطيبة والكرم . وربما أتته صفة الأرستقراطية من أنه كان من أوائل كبار أطباء السودان ، والأهم من ذلك فقد كان رجلاً متحضراً فى أسلوب حياته وفى طريقة تعامله ، وهى صفة ، وللأسف الشديد ، يصنفها معظم السودانيين في خانة السلوك الأرستقراطي ... فتأمل !! لقد تعرفت على الدكتور عز الدين من خلال العمل العام، والهم المشترك بقضايا الغلابة والمسحوقين من أبناء وبنات شعبنا، الذين وظف د. عز الدين كل حياته في سبيلهم إلى أن لاقى وجه ربه راضيا مرضيا ، له الرحمة والمغفرة بقدر ما بقدر دفاعه عن حقوق الغلابة، وبقدر ما قدم لهؤلاء البسطاء من خدمات جليلة . لقد قضى د. عز الدين معظم سنوات الحكم المايوي مقيماً في بريطانيا ، وهناك إلتقيته للمرة الأولى وتعرفت عليه عن كثب بحكم المسئوليات القيادية التي كنا نتحملها سويا أثناء تلك الفترة .
لقد كنت مهموماً منذ ذلك الحين بموضوع توثيق التاريخ السياسي للسودان، وبالأخص تاريخ الحركة النقابية، وقد كان د. عز الدين بالفعل جزءاً لا يتجزأ من ذلك التاريخ، بل يمكن إعتباره أحد رواده وصانعيه . وبما أنني كنت مقتنعاً تماماً ولا زلت، بأن تاريخ السودان يموت فعلياً بموت رموزه وصانعيه، فقد اقترحت على د. عز الدين أكثر من مرة أن يخصص جزءاً من وقته الثمين لتدوين مذكراته، لأنها ستكون مذكرات رجل شارك في صنع تاريخ السودان الحديث. كان رد الدكتور عز الدين الذي يكرره لي في كل مرة هو " والله يا إبراهيم إذا قلت ليك حا أقعد وأكتب بكون كضبت عليك ، لكن أنا بقترح إنك تجيب " ريكوردر " وتجى نسهر مع بعض، إنشاء الله للصباح وأسأل أي سؤال عايزو، وأنا حا أجاوب ، وبعدين براك شوف تعمل شنو بالأشرطة المسجلة " !!
لم أتمكن من تنفيذ اقتراح د.عز الدين ، وذلك لأسباب عديدة ومتعددة ، إلى أن غادرت بريطانيا نهائياً عائداً إلى الخرطوم فى منتصف عام 1982 م . حينما حضر الدكتور عز الدين إلى السودان بعد انتصار الانتفاضة كنت أزوره كثيراً بمنزله بمنطقة نمرة (2) . وكنت أصحبه إلى بعض المناسبات العامة، بهدف إعادة تأهيله، حيث كان يتلمس طريقه، من جديد في أوساط مجتمع الخرطوم !! أذكر أن أول ما فعلته هو دعوة الأخ عز الدين إلى " سهرة عشاء " بشقة الأخ العزيز دكتور خضر عبد الكريم، له التحية والإجلال، بمنطقة الرياض حيث كنا نلتقي بصفة مستمرة للتسامر مع الأخوة الأفاضل د. خضر محمد عبد الباسط ، د. محجوب على عبد القادر ، الأستاذ مهلب على مالك ، لهم جميعاً التحية والإعزاز ، بالإضافة إلى الفنان القدير والمتميز عبد العزيز العميرى ، عليه رحمة الله ورضوانه .
لقد شرف تلك الدعوة كذلك الأخ العزيز د. زهير حسن بابكر ، له التحية والإجلال ، والذي أكرم وفاد د. عز الدين بأن وفر له ما لذ وطاب بما يليق بمقامه السامق. لم أرى د. عز الدين في لحظات تجلى وانبساط مثلما رأيته في تلك الأمسية ، ولكن أكثر ما أدهشه حقاً هو معلومة ، ربما صدمته في بادئ الأمر ، تتعلق بأحد الإخوة الحضور . لقد كانت مظاهرات الانتفاضة هي الأولى التي يشارك فيها هذا الأخ، حسب روايته. لقد كانت مظاهرات الإنتفاضة بالنسبة له هي أول مظاهرة يشترك فيها !! لقد عقدت الدهشة لسان د. عز الدين حينما علم بهذه المعلومة ولم يصدق عينيه بأنه أمام " طفل سياسي يحبو في طرق السياسة الوعرة " !! الخ.الدهشة بالنسبة لدكتور عز الدين هي أنه ربما قضى مثل عمر هذا الأخ، في ذلك الوقت، إما مشاركاً في مظاهرة، أو منظم لها، أو في اجتماع أو متحدث في ندوة سياسية، أو في إعداد " تقرير " سياسي...الخ ... فتأمل!!
بالإضافة إلى برنامج العلاقات العامة هذا، اقترحت على الدكتور عز الدين إمكانية تنفيذ اقتراحه بتسجيل ما يتوفر لديه من معلومات عن تاريخ السودان السياسي. رحب الأخ عز الدين ترحيباً حاراً بالفكرة ثم تحمس لها أكثر حينما اقترحت عليه أن يشاركنا اللقاء البروفيسور محمد عمر بشير ، وطالبنى بالإعداد الجاد لها في أقرب فرصة ممكنة . لكم أن تتصوروا مدى الفرح الذي غمرني جراء موافقة د.عز الدين، فذهبت صباح اليوم التالي إلى بروفيسور محمد عمر بمكتبه في معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية وطرحت عليه فكرة اللقاء. رحب البروف أيما ترحيب و تحمس لها، خاصة حينما علم بمشاركة د. عز الدين فى اللقاء المقترح. إتفقت مع البروف و د. عز الدين أن تتم هذه اللقاءات بشقتي المتواضعة بعمارات الجامعة بشارع (61)، وذلك مساء كل خميس ، حسبما يتيسر من وقت . كان أكثر ما يقلقني هو موقع سكنى الثالث،برت د.عز الدين بأن شقتي تقع في الطابق الثالث، مراعاة لسنه، ووزنه كذلك!! لكنه فاجأني بالصعود إليها، والهبوط منها، وكأنه شاب في الثلاثينيات من عمره !! أنظر كيف تفعل عودة الروح بالنسبة لإنسان عائد إلى أرض الوطن، مهما كانت سنه !! لقد كانت التكلفة المالية لإعداد تلك الأمسية عالية بحق بالنسبة لرجل يعمل فى مهنة تعتبر من أقل المهن أجرا فى ذلك الزمان، ألا وهى مهنة التدريس الجامعي !! فقد قمت حينها بشراء آلة تسجيل جديدة، بالإضافة إلى خمسة أشرطة، زائدا تكلفة العشاء وملحقاته !! حضر الأساتذة الإجلاء في الموعد المحدد ، وكان يتواجد معي بالشقة أخي العزيز المرحوم تاج السر سليمان الشيخ ، شقيق زوجتي ، وهو بالمناسبة المقصود ب" أبو السرة " في رائعة المبدع والصديق العزيز محمد طه القدال، " اليانكى " . لقد تعرفت من خلال " أبو السرة " على القدال و " شلة " دار الأضواء التي كانوا يحتلونها بوضع اليد ، بحكم عمل الأخ العزيز الشاعر عبد المنعم رحمة ، الذي كان يعمل وقتها بالجريدة ، إضافة إلى كرم أستاذنا الجليل محمد الحسن أحمد، صاحب الدار ، لهما التحية والإعزاز . بعد أن قمت بتعريفهما بأخي السر ، استأذنتهما في مشاركته لنا ذلك اللقاء ، لم يترددا لحظة في الترحيب به ، ثم بدأ الحكي والتسجيل . لقد كان السرد في شكل حوار ابتدأ منذ التحركات الطلابية والعمالية المنظمة ضد الاستعمار خلال النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي .أسعفني الحظ فى ملئ أربعة أشرطة بالتمام والكمال من النقاش الذي دار بين هذين الرجلين العملاقين، وعلى الرغم من طول الفترة الزمنية التي إستغرقها، إلا أنه لم يتجاوز العام 1942 م ... فتأمل !! أكثر ما لفت أنتباهى في ذلك اللقاء هو الذاكرة " الفوتوغرافية " التي كان يتمتع بها هذان الرجلان. وسوف أذكر مثالاً واحداً لذلك في المشهد التالي: محمد عمر : تذكر يا عز الدين الاجتماع العملناهو مساء الخميس يوم (....) شهر (....) سنة 41 تحت كبري النيل الأزرق وحضره فلان وفلان ... وفلان !! عز الدين : أيوا بتذكرو يا محمد لكن يبدو إنك نسيت إنو فلان داك أعتذر عن الاجتماع لأنو كان مكلف بى مهمة تانية !! حينما أسترجع هذا المشهد أكاد أموت ألماً لذاكرتي الخربة، وأتساءل ما هو السر في توهج ذاكرتهما ؟! لقد كان بالفعل لقاءاً " تاريخياً " بمعنى الكلمة ، حيث لم نشاركهما ، الأخ السر وشخصي ، النقاش إلا لماما وبغرض إعادته إلى مجراه الرئيسي حينما كان ينجرف يهما نحو التفاصيل ، الممتعة بالنسبة لهما ، ولكنها ربما بعدت قليلاً عن لب الموضوع !!
أربعة أشرطة بالتمام والكمال ولم نصل بعد إلى تأسيس الحزب في عام 1946 م !! يا له من تاريخ مليء بالأحداث الوطنية والتضحيات التي قدمها ذلك الجيل المتميز في سبيل استعادة السيادة الوطنية. أربعة أشرطة أضاعتها " عصا الترحال " اللعينة ، وهى من أقيم ما امتلكت على الإطلاق . لم أتمكن من تكرار تلك الأمسيات نسبة لارتباطات الرجلين الكثيرة والمتعارضة مع بعضها البعض من جهة، ونسبة لضيق ذات اليد والإمكانيات من جهة أخرى... فتأمل !! كلما أتذكر هذه المشاهد أمقت بحق عقلية ، " يا أيها المناضل إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه ... سيراً على الأقدام " !! و تتأكد لدى صحة قناعتي بأهمية تسجيل تاريخنا، قبل أن يتوفاه الله بوفاة أمثال هؤلاء الأفذاذ الذين ساهموا فى صنعه.
رحم الله أساتذتي الإجلاء وأصدقائي البروفيسور محمد عمر بشير ودكتور عز الدين على عامر وأحسن إليهما بقدر ما قدما من خدمات جليلة للشعب السوداني ، كل من موقعه المتميز . كما أعيد مناشدتي للشباب مرة أخرى بأهمية العمل الجاد لتوثيق تاريخنا وذلك من خلال تسجيل أحداثه من أفواه صانعيه ممن لا يزال منهم على قيد الحياة. فتاريخنا يسير على أرجل أقعدها نضال و تقدم السنين، وسوف يقبر تماماً في السنوات القليلة القادمة، إن لم نقم بتوثيقه.
د. إبراهيم الكرسنى 22/4/2007
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بينى... وبين بروفيسور محمد عمر بشير... و الدكتور عز الدين على عامر (Re: Manal Mohamed Ali)
|
الاستاذ الدكتور ابراهيم الكرسني التحيات والامنيات حقيقة استمتع لما تكتبه من ذكريات وربط شخصيات لها دورها الوطني والفكري والسياسي والعلمي ، واجد ان الذين ذكرتهم في تداعيات هذه المذكرات (المفترضة ) لان عليك يا دكتور ان تبدأ في الكتابة في كتاب متصل بالاوضاع السياسية والاجتماعية وانت التقيت هؤلاء الافذاذ ، ولعل في سردك لهذه الذكريات سرحت حين ذكرت محطات ايضا جديرة ان اسجلها هنا ، مع انني لست مشاركا بشكل مباشر فيها ، لكن لنقول من باب التداعيات فانا لفترة وجيزة علي ما اذكر ثلاثة او اربعة اشهر عملت مع الراحل دكتور عزالدين علي عامر وكنا نطلق عليه الباشا ودون تفصيل في العمل لكنه كان يخص العمل العام بعيد الانتفاضة وكان الراحل عضوا في الجمعية التاسيسية وهو يتعامل في غاية الرقي والبساطة ، وكان له خفيرا يحب الذاحل عامر جدا واظنك تذكره وكذلك الخفير الخاص في عيادته في العمارات وكان يفتحها لساعات واثناء عملي مع دكتور عزالدين كنت اتعلم يوميا (مع قصر الفترة ) اشياء كثيرة الاطلاع والقراءة المستمرة وشاهدت ذلك ايضا في زوجته الانجليزية التي تتماع ايضا بروح طلقة ووبساطة متناهية ومؤمنة تماما بما يقوم به زوجها في العمل العام وتردد ناخبي دائرته في الخرطوم 3 وتوتي وغيرها من ابناء الدائرة ولا تتضجر . اما البروف محمد عمر بشير يكفي انه وفر لنا صرحا تعليميا مثل جامعة امدرمان الاهلية وانا احد خريجيها (ما تشوف الصلعة) واختياري للجامعة كان ايمانا بالفكرة ولست ككل الطلاب والفضل يعود لصديقي العزيز الرشيد سعيد الذي ارسل لي طالبا حضوري وملء الاورنيك خاصة انني كنت خارجا للتو من المعتقل والذي ظللت فيه لعام كامل وكنت امتنحت منداخل سجن الدويم وكانت هي المرةالاولي التي اقابل البروف بعد عودته من انجلترا استشفاء بعد ان داهمه المرض الذي بسببه فارق الحياة بعد عام تقريبا ، وبالطبع اعرف البروف وحضرت له عددا من المحاضرات المتعلقة بالمنظمة السودانية لحقوق الاسنان وغيرها من الندوات واظنه كان يتررد الي صحيفة الايام الي صديقيه المحجوبان ، وارتبطت بعد التحاقي بالجامعة باسرة الراحل البروف وظللت اتردد علي منزلهم باستمرار وفي كل المناسبات وفي كل مرة اكتشف عظمة هذا الرجل واننا قصرنا في حقه كثيرا ولم نكرمه حق تكريم . اما الدكتور فاروق كدودة والاستاذ محجوب عثمان فانني مدين لهما والاستاذ محجوب عثمان عملت في صحيفته الايام ومازلت علي اتصال معه وانني تعلمت منه الكثير في العمل الصحافي متعه الله بالصحة والعافية وكدودة مع اننا من طينة نوبية واحدة لكن ارتبطنا في العمل العام ولم يتعامل معي فقط كطالب واستاذه فهو سهل التعامل . اجدك يا دكتور نشترك في معرفة بعض من الشخصيات التي ذكرتها التي يكون ارتبط كل منا بحكم موقعه او تعامل معها بشكل مختلف وموقع مختلف يعني منعم رحمة الصحفي سكنا معا في نيروبي المهم ليتواصل سردك الممتع وان تدخل في فكرة الكتابة في توثيق هذه الشخصيات ونشكرك علي اشراكنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى... وبين بروفيسور محمد عمر بشير... و الدكتور عز الدين على عامر (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأخ العزيز مصطفى سرى أشكرك كثيرا على الإضافة القيمة، ومقترحك الهادف و الداعى إلى كتابة المذكرات. فى الحقيقة عندما فكرت فى كتابة هذه الخواطر، لم يخطر ببالى أنها سوف تفرز هذه "التداعيات"، كما أسميتها أنت بحق. لكننى بالقطع، وكما أكدت ذلك للأخ وسام من قبل، أفكر فى إصدارهافى كتيب للتوثيق. ليس هذا فحسب، فقد فكرت كذلك فى إصدار كل ما كتبته فى الصحف السودانية، الأيام، الميدان، الخرطوم، الصحافة و سودانايل، فى كتيبات منفصلة، على أن تأتى كل مجموعة فى سياقها التاريخى.
لقد سعدت كثيرا بمعرفتك لهؤلاء الأفذاذ. لدى إحساس يا مصطفى، و آمل أن أكون مخطئا، بأننا لا نمنح رموزنا الفكرية و العلمية و السياسية و الدينية و الفنية، بل و حتى الإجتماعية منها، ما تستحق من إحترام وتبجيل.بل أننى أذهب أكثر من ذلك و أقول بأننا لا نحترم هؤلاء فحسب، بل نزدريهم فى كثير من الأحيان!! و لا خير فى أمة لا تحترم علمائها و مفكريها و رموزها!!
ما رأيك يا مصطفى أن تفتح خيطا منفصلا لهذا الموضوع لنستطلع من خلاله آراء الإخوة أعضاء المنبر، علها تكون فاتحة خير ليس لرد الإعتبار للكثير من رموزنا فقط، و إنما وفاءا لهم، أحياءا كانوا أو من الأموات. لقد سعدت كثيرا بلقاء تلميذى السابق و صديقى الرشيد سعيد الذى زارنى، مشكورا، مؤخرا ووعدنى بزيارة أخرى خلال الصيف القادم بإذن الله، له التحية و التقدير.
الأخ العزيز ياسر أشكرك جدا على إبراز مقدمة البروفيسور محمد عمر بشير لكتاب الأستاذ صلاح عبد اللطيف، الذى كان يعمل مديرا لمكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط فى الخرطوم أثناء تلك الفترة. لقد إلتقيت الأستاذ صلاح عدة مرات بمنزل أستاذى الجليل محمد عمر، عليه رحمة الله و رضوانه، وقد كونت عنه نفس الإنطباع الذى أشار إليه البروف فى مقدمته الضافية. أعتقد أن أجمل ما فى المقدمةهى كلماتها الخمس الأخيرة،"لا جدال فى أنهم غافلون". نعم إنها الغفلة التى أوردتنا موارد التهلكة. و إذا ما سرنا على هذا النهج، فإننى أتوقع الأسوأ من ذلك. أرجو أن تهدى هذه المقدمة إلى الأستاذ محمد حسنين هيكل؟!! أشكركم مرة أخرى. إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
|