|
أغنية سنتر الخرطوم أو المقال الراقص
|
حول النقد الاجتماعي والحس الشعبي
أغنية سنتر الخرطوم أو المقال الراقص حسن الحسن
في إحدى الأمسيات الـواشنطونية قمت بزيارة خاصة إلى عدد من المواقع الالكترونية السودانية للتواصل مع الوطن واستنشاق بعضا من عبير أهله . ما لفت نظري هو اهتمام العديد من المواقع السودانية بأغنية راقصة وجميلة
وتحمل في طياتها العديد من المعاني وتشكل في نفس الوقت مؤشرا مهما للذين يرصدون حركة المجتمع السوداني ثقافيا واجتماعيا من بعد .
لم ا تحصل على معلومة عن شاعر الأغنية ولكنها مرتبطة عضويا بالفنان الشاب طه سليمان لأن جميع التعليقات تنسب له هذه الأغنية لاسيما إنتاجها كليبيا أي كفيديو كليب .
وكالعديد من الأغنيات الشعبية السودانية حملت أغنية سنتر الخرطوم معاني عميقة بل أنها تمكنت من رصد ما يلاحظه الكثيرون وترجمته في لهجة سودانية بليغة لامست مشاعر واهتمامات وأحاسيس وملاحظات عيون المجتمع السوداني ببساطة وسلاسة ولحن راقص ساخر من كل ما حوله ومن حوله .
ولعل أجمل ما في الأغنية أنها تخاطب رمزا اجتماعيا من رموز الحياة السودانية الناقدة والساخرة بكل أناقة وظرف للظواهر الاجتماعية والسياسية في مجتمعنا من خلال النكتة والتعليق الساخر ، هو الرمز السوداني الإنسان الدكتور الراحل عوض دكام وسجله الإنساني الرائع والحافل في مجتمع العاصمة .
تشكو الأغنية وكلماتها لعوض دكام حالة من الإحباط الاجتماعي في وقت تتسابق فيه الشعوب من حولنا لتقديم أجمل ماعندها من دراما وأغنيات وتكنولوجيا وأقنية فضائية مظهرا ومخبرا ونهضة كروية وغيرها مقارنة بما آل إليه الوضع في هذه المجالات على المستوى الوطني .
وتتخذ كلمات الأغنية من سنتر الخرطوم منصة انطلاق لها رمزيتها والبعض يشير به إلى مول عفراء كظاهرة حضارية مدنية ينقصها الكثير لتبدو أكثر دلالة .
وتبدأ الكلمات كشيمة السودانيين وخلقهم بذكر محاسن الأموات وذكراهم العطرة وهي تخاطب د عوض دكام بعبارة طالما التصقت به حتى أصبحت أداة تعجب مستحبة فيقول لك البعض ( كلام ياعوض دكام ) .
تقول كلمات الأغنية مخاطبة عوض دكام :
نحنا ماناسين ياعوض دكام
للعهود فاكرين
للوداد طارين
ياعوض دكام
حديثك الراقي
وجيهك البسام
كلام ياعوض دكام
وتتحسر الأغنية على جيل عوض دكام من الأطباء الذين لاتغلب عليهم المادة في أداء رسالتهم الإنسانية تجاه مرضاهم والمحتاجين إليهم من الغلابة الذين قهرتهم ظلال المجموعات الطفيلية :
ياحليلو زمان
لما الطبيب انسان
تعال وشوف الآن
ياعوض دكام
العلاج قاسي
والكشف أرقام
كلام ياعوض دكام
ويتطرق النقد الاجتماعي اللاذع لحالة التعليم في البلاد وتحول المؤسسات التعليمية إلي منشئات استثمارية هدفها الربح الفاحش في نفس الوقت الذي رفعت فيه الدولة يدها عن دعم التعليم وتوفيره للفقراء من ابناء المجتمع فضلا عن التدهور الراسي في مستوى التحصيل . مقارنة بالدور الذي كانت تلعبه الجامعات في السابق لاسيما جامعة الخرطوم التي كانت تكفل التعليم والإعاشة المجانية والسكن لطلابها بدعم كامل من الدولة ، فتخرج العلماء والخبراء من كل نوع .
جينا نحكي ليك
ياعوض دكام
جينا نشكي ليك
جامعة بالدولار
والفهم أقسام
ياعوض دكام
ويتواصل النقد اللاذع لمستوى الأداء الإعلامي في مجالات الإبداع المختلفة شكلا وموضوعا مقارنة مع ما تنتجه الفضائيات العربية والدولية من مواد ثقافية وسياسية ورياضية وفنية ومقارنة بما تقدمهم من مقدمي برامج من حيث المظهر والمخبر والأداء :
يوروب ونايل سات
كتروا القنوات
كلو دي في دي
وخلو بال سيكام
ياعوض دكام
شوف درامتنا
ياعوض دكام
شينة شاشتنا
السينما غلبتنا
ياعوض دكام
شوف ناس كايرو
وشوفو ناس الشام
كلام ياعوض دكام
وتمضي الكلمات في نقد الأداء الرياضي للفرق السودانية بعد أن اتاح انتشار الفضائيات معضلة المقارنة لدى المشاهد بينما يراه عند الغير وما يعايشه في بلاده وما يتطلع له :
شوف لعيبتنا
ياعوض دكام
شينة كورتنا
ياعوض دكام
شوفو ناس ----
وشوفو ناس بيكهام
ولاتنسى كلمات الأغنية الظواهر الجديدة التي طبعت بعض مظاهر الأفراح في العاصمة رغم أن الكلمات تتجاهل مسببات هذا التفريط الذي اشارت إليه على مستوى العادات والتقاليد السودانية المميزة في الأفراح . والتي تتمثل على سبيل المثال في هيمنة المؤثرات الثقافية الخارجية بفضل التطور والتواصل الفاعل في مجال وسائل الإعلام لاسيما تأثير الفضائيات على سلوك المشاهدين اليومي وترصد الكلمات مظهر فرح ما لعريس سوداني :
سوداني الجنسية
الزفة مصرية
ياعوض دكام
اللبسة هندية
الرقصة غربية
ياعوض دكام
ياحليل الهوية
ياعوض دكام
السيرة دلوكة والعريس قدام
كلام ياعوض دكام .
ورغم ما تحمله الأغنية وإيقاعها الراقص من حيوية جاذبة للمستمع والمشاهد كعمل فني رائع أجاده مبدعوه إلا أن قيمتها الأساسية تنطلق من كونها راصدا اجتماعيا لظواهر سودانية بدأت تعبر عن نفسها في مساحة الوطن بسبب التطورات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها .
كما أن لهذه الأعمال الفنية معاني تلعب دورها الوعظي غير المرئي في بنية المجتمع علها ترشد في قالب فني إبداعي وهكذا تبدو القيمة الفنية لأي عمل فني مميز مهما كان بسيطا لشعبيته ، كما المسرح والدراما وغيرها من أدوات التواصل الجماهيري . ولعل نجاح الأغنية واتساع تداولها بين السودانيين يرجع لكونها لامست أشياء في وجدان من انفعلوا بها نصا وروحا بل أنها أدخلت تعريفا جديدا لما يمكن أن نسميه بالمقال الراقص .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أغنية سنتر الخرطوم أو المقال الراقص (Re: ابوهريرة زين العابدين)
|
Quote: ولعل أجمل ما في الأغنية أنها تخاطب رمزا اجتماعيا من رموز الحياة السودانية الناقدة والساخرة بكل أناقة وظرف للظواهر الاجتماعية والسياسية في مجتمعنا من خلال النكتة والتعليق الساخر ، هو الرمز السوداني الإنسان الدكتور الراحل عوض دكام وسجله الإنساني الرائع والحافل في مجتمع العاصمة .] |
معك..
| |
|
|
|
|
|
|
|