|
|
 لن يقدر عليهم إلا رب العباد
|
هاتفني احد الاخوة من رجال المال المرموقين مهنئاً على فكرتي« بتاعة قدح الفول» الصباحي فقد اكتشف فعلاً ان الكثيرمن صغار الموظفين والعمال بمؤسسته لا يملكون في احيان كثيرة «ما يفكون به الريق» وما يعاودون به الوصول الى اصقاعهم البعيدة.
< وهاتفني صديق موظف بأنه صرف في ليلة وا حدة كل راتبه على علاج طفله الذي إنتباته حالة حمى وغثيان لم تتوقف الا بعد سلسلة من الفحوصات والاستشارات والأدوية.
< ورجل متوسط الدخل هاله الانهيار التام في بنية التعليم العام ببلادنا وتردى مستوى الاداء للمدارس والمدرسين فاضطر لتحويل أبنائه لمدرسة خاصة وأكتشف بعد حين انها لا تجدي فأضاف عليها مجهوداته الخاصة ومجهودات استاذ خصوصي فكاد ان يجن من خراب ميزانية الأسرة وهو لا يستطيع ان يمضي في التعليم الخاص ولا ان يرتد الى التعليم الحكومي .مشبهاً حاله وقد صدق بأنه كالمستظل من الرمضاء بالنار.
< احد الموظفين أتى «بأم الاولاد» والأولاد والبنات في مجلس شورى ووضعوا «مداخيلهم» على «بلاطه» فوجدوا انها بعد خصم الايجار والخبز الحافي لا تكفيهم ليوم واحد بعيداً عن العلاج والحالات الطارئة والترفيه «وكيلو الباسطة» والكراسات و قال وقالوا ان كل هذا مقدور عليه «بالمباصرة» ولكنهم احتاروا في قفة الملاح والكهرباء والمياه والمواصلات و«العين الحمراء» في مجاملات الاحباب والاقارب فهي على الرقاب «يد سلفت ودين مستحق» وقد لجأوا اخيراً للدعاء سائلين اللطف في الابتلاء وجعلوه درئية للطوارق والنوازل.
< والأمثلة كثيرة بعضها فقط يفتت الاكباد فقد كشفت دراسة نشرت بالصحف السيارة أخيراً بأن الكثير من التلاميذ يذهبون للمدارس وهم لا يملكون «مصروف الافطار» ولا رائحة الأماني فتخيلوا معي طفلاً ممزقاً بين نداء المعدة الخاوية والسبورة الخربة تخيلوا والآفاق مفتوحة للخيال الباكي.
أم سمعتم باللصوص الكبار الذين يشاركون كل مستثمر قادم في اي مشروع ويشاركون كبيت خبرة في كل دراسة وتسوية وتوكيل ؟. أم سمعتم بالشركات الموازية لشركات الدولة والعمولات على كل شئ من «النصيح» حديدو حتى «الوديع جديدو» السيارات والمصفحات والادوية وادوات البناء وتسهيل الخدمات والقروض وافتعال السوق الاسود وقفل العطاءات وفتح المزادات وتسهيل استخلاص المديونيات بالنسبة المفتراه.. ورغم انهم يرفلون في ثياب الذكاء الوهمي الا ان العامة من «اولاد الأيه» يعلمون كل شئ كل شئ عن أثرياء السياسة والاقتصاد الحكومي منذ عام 1954 حتى اليوم كل شاردة وواردة كيف بنيت العمارة وكيف سرقت السفارة وكيف تم شراء شقة لندن وكيف تيسرت مجموعة شقق القاهرة وكيف تم شراء ڤيلل ماليزيا وجميرة بدبي ومدينة الرحاب بالقاهرة وشقق نيروبي ما بعد الاتفاقيةوما قبلها .. معلومات بتفاصيل التفاصيل وتفاصيل الحسابات والشركاء السريين بالداخل والخارج.. هذا الشعب اللماح الصابر يملك ادلة دامغة عن تاريخ كل واحد من «مستجدي النعمة» تاريخ والده وتاريخ اسرته وتاريخ وظيفته وتاريخ مدخراته الصفرية وتاريخ معاشه التي لو ضربت في مليون لا يمكن ان تبني جملون في سوق أم ضريوة او الأحامدة او حتى المنطقة الصناعية بأضان الحمار أو وادي أم سدر
< هي ليست دعوة للعقاب فهؤلاء الذين اعرفهم تماماً ويعرفهم اسياد الوجعة «لن يقدر عليهم إلارب العباد» اما العباد فلا.. فهم صانعوا القوانين وحلفاء ادارات البنوك هؤلاء الاوغاد الذين يرهنون التراب لينالوا التبر إلا من رحم ربي. ويملكون القيد والمؤامرة والابتزاز والسجن والسجان.. وان وقعوا في الشرك «او القيد» او اصابهم رهق التجاوز فغفلوا. فنحن البسطاء والسذج لا نطالب بمحاكمتهم فالمحاكمات والقضاء في الشرق العربي والسودان ليس استثناءاً سلعة رأسمالية لا تستطيعها الشعوب ولا الدهماء مهما بلغت وبالغت في الوعي والاحتراز..
فحتى الذين يقعون في العقاب قدراً قادرون على تجاوزه بالعفو «وقلة العافية» والسفر وجلال المقدار.. و ثانياً ما نفع العقاب لشعب يحتاج «لبريزة وملين» من سارقه أنا شخصياً مع المعلومات الدامغة وتضييق الخناق على الغاصبين حتى نصل معهم «لتسوية» مرضية وعادلة بشرط ألا تذهب لخزانة الدولة وانما تسيل لعاجل علاج الناس وعاجل تعليم ابنائهم وعاجل مائهم وزرعهم وضرعهم وتخليصهم من ربقة الجوع والخوف والانقسام وخطيئة تقرير المصير.
أما لماذا لا تذهب لخزانة الدولة لان خزانتها في كل العهود كان «حوض رملة» للخدمة العامة تلك التي لا يرتوي . الخدمة العامة التي اتينا بها لخدمتنا فصرنا «خدامها» فهي بعد ان تأخذ كفايتها في الصرف والامتيازات والسفر والحروب الصغيرة والمؤتمرات الكبيرة والمؤمرات الاكبر والسلفيات التي لا تسترد بشتى اشكالها. اخيراً جداً تستحي فتتنعم علينا بهذا الفتات الذي ترونه خوفاً من تلاشي البلاد ورعباً من فناء العباد وجهلاً يضرب اطنابه في العقول وقفراً يضرب اسبابه في الحقول .
< وحتى يجد المثقفون وقتاً لتسويق كلماتهم الهراء في التنمية المستدامة والثورة الخضراء ومجتمع الكفاية والعدل واشراك واصحاب المصلحة الحقيقية في الاستثمار والعمران.. والاقتداء باقتصاد السوق وعولمة الموارد والتجارب.. واقتحام اسواق المال والسندات والمضاربات وكل هذه الترهات ودغدغات الحرام التي تستخدم فيها السلطات المثقف «الحذاء» ليمشي لها مشاوير المكياج على وجوه الغبش ويضع الكلمات المزيفة على أفواههم ويبيعهم الحلم الكاذب والأفق المستحيل نعم أنها وانهم هكذا لا غير.
< ولأن الناس بالناس والشعب للشعب بعد أن يئسنا من كل أساليب الادارة الرسمية في حمايتنا.. فانني ادعو جماهير شعبنا لقراءة المشهد التالي ومحاولة تطبيقه بعد ادخال المحسنات السودانية المعهودة فقد.. كنت قبل سنوات في اجازة بالقاهرة واتفقت مع سائق تاكسي غلبان «ابو محمد» ليأتيني صباحاً ويفارقني ليلاً وانا مشغول في اهتمامات الصحافيين والاعلاميين «الخرقاء» اجمع المصنفات المختلفة من صوتيات ومرئيات وكتابات لاطلق اذاعة وقناة ومجلة وكل هذا ضرب بتقرير واحد أعده «فاقد تربوي» ادعى فيه انني ممول من قبل «الزغاوة» وانني اعددت بيان دكتور خليل لاذاعته عبر المساء F.M وانني أسرب اخباراً عسكرية للعدو «تخيلوا» وما ادراك ما هي احابيل البوليس السري حينما يحاول تعليق إخفاقاته الصغار والكبار على المجهول.. ولانه لابد من ضحايا فقد كنا وهم يعلمون قبل غيرهم ان شرف بلادنا وعزتها وكبريائها في انفسنا اكبر من مدى احلامهم دعك من واقعهم التعيس..
< وعذراً عزيزي القارئ عن هذه الجملة الاعتراضية الطويلة الدامغة الدامعة الجريحة فقد لاحظت ان «ابا محمد» سائق التاكسي المصري البسيط لا تخلو جيوبه ابداً من «الفكة» وصغار الأوراق من العملة المتداولة فالذي يصب له الوقود ينفحه وذاك يدعو له بالخير والذي يوجهه للشارع يمنحه فيدعو له بالفلاح.. حارس العمارة يحمل عنك وعنه الحقيبة ويدعو فينال.. والذي يمسح العربة بنظافة طارئة يقبض والذي يدلك على محل او شارع له نصيب.. وكلهم من عامة الناس وفقرائهم وهو نصيب لا يتجاز حفنة من ثمن الخبز والدواء والغطاء.. قليل نعم ولكنه يعين على نوائب الدهر.. بقشيش ولو احسنوا لقالوا انه صدقة الفقراء للمساكين واحسان المساكين للفقراء.. انهم يقتسمون «النبقة» ضد مظالم العولمة والشركات المتعددة الجنسيات والشتات العربي وهروب الرساميل العربية لناهبيها.. انها تحالفات صغيرة ضد غياب المشروع القومي العربي والاتحاد الافريقي المنتج والخلافة الاسلامية الغائبة..
انها نمط من التكافل الشعبي الرائع الدفاق الذي يمارسه الشعب المصري العظيم في يسر وطلاقة مثل استهلاكه المرشد وهو يشتم الهواء النقي القليل بعد ان حاصرته الصحراء وانسد امامه افق الامل والحلم باضافة رائدة لصالح الانسانية رغم مواهبه غير المحدودة.
< إنها دعوة صادقة لنقل البقشيش المصري ليمشي في اشواقنا واسواقنا ترياقا ضد الرشوة و اللصوصية والغلظة.
وها انذا املأ جيبي بالفكة السودانية وأوزع ما استطيع اليه سبيلا وانتظر الدعاء المبارك المقبول باذن الله اشكر الشعب العربي واسب النظام العربي ولا ابالي.
< هُبل.. هُبل
شكرا للرائع حسين خوجلى
|
|
  
|
|
|
|
هجو الأقرع
Adil Ali
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست