دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
نص المذكرة التى قدمها ابناء دارفور المقيمين بالخرطوم عام 1999م للبشير
|
تحليل لتاريخ واسباب الصراع القبلي وتشكيك في جدوى التدابير الاستثنائية، تصفية مشاريع التنمية وتعطيل الخدمات واساءة استخدام السلطة، تجاوزات مريبة في مشروع طريق الانقاذ الغربي قدم عدد من ابناء ولايات دارفور ( غرب السودان) المقيمين بالخرطوم مذكرة صاخبة الى الفريق عمر البشير رئيس الجمهورية حول قضايا ومشكلات المنطقة التي حملوا مسؤوليتها على النظام ولم يتسن معرفة التفاصيل المتعلقة بكيفية تقديم المذكرة لكن مصادر ناشطة من ابناء المنطقة اكدت ان البشير تسلمها فعلا عبر قنوات رسمية وكانت سلطات ولاية الخرطوم رفضت الرد على طلب من ابناء المنطقة بالسماح لهم بتسيير مظاهرة سلمية الى القصر الرئاسي لتسليم المذكرة ومقابلة الرئيس. وحوت المذكرة التي وقع عليها الطلاب ومهنيون وبرلمانيون سابقون واعيان وزعماء ادارات اهلية تشخيصا مفصلا لازمة الاقليم الذي يقع اقصى غربي البلاد ويعاني من مشكلات عديدة ابرزها المواجهات القبلية التي اندلعت مؤخرا. وتناولت المذكرة تاريخ واسباب المشكلات القبلية وخصوصا خلفيات الصراع بمنطقة الجنينة بولاية غرب دارفور وشككت في جدوى التدابير الاستثنائية التي طبقت في دارفور. وتطرقت المذكرة الى مجال التنمية في دارفور ووجهت انتقادات مباشرة واتهامات تتعلق بتصفية مشاريع التنمية وتعطيل الخدمات بسوء تصريف المال العام واساءة استخدام السلطة وكشفت المذكرة جوانب مثيرة في ملف طريق الانقاذ العربي كما تطرقت الى موضوع النهب المسلح.
وفيما يلي نص المذكرة . استشعارا منا بالمسؤولية الوطنية للسودان الوطن الام الجامع وتجاه وطننا الصغير دارفور بمتطلبات واجبات المسؤولية الانسانية والتاريخية امام الاجيال اللاحقة باختلاف اصولنا العرقية وانتماءاتنا القبلية والسياسية وموروثاتنا المحلية المتعددة. رأينا نحن مواطنو دارفور الكبرى بالعاصمة الاتحادية (طلاب ومهنيون وبرلمانيون سابقون واعيان وزعماء ادارات اهلية) الموقعون على هذه المذكرة ان نرفع لسيادتكم ما فيها من مطالب بواجب الدين الحنيف في قوله تعالى (يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله عليكم رقيبا): صدق الله العظيم السيد / رئيس الجمهورية: هذه المذكرة تحتوي على الموضوعات الآتية: اولا: المشكلات القبلية بدارفور من حيث: أ- تاريخ واسباب هذه المشكلات ب- الصراع القبلي بمنطقة الجنينة بولاية غرب دارفور ج- جدوى التدابير الاستثنائية بدارفور ثانيا التنمية بدارفور من حيث: أ- تصفية مشاريع التنمية وتعطيل الخدمات بسوء تصريف المال العام واساءة استخدام السلطة. ب- طريق الانقاذ الغربي ج- النهب المسلح ثالثا: التعايش السلمي بدارفور المشكلات القبلية بدارفور
أ- تاريخ واسباب هذه المشكلات: في عام 1981 تطور قانون الحكم الشعبي المحلي بالسودان بخلاصة ماحدده دستور عام 1974م وفي اهم مبادئة هيكله الحكم والادارة على المستويات الثلاثة: 1- المستوى القومي 2- المستوى الاقليمي 3- المستوى المحلي وانه ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن ظل نظام الحكم الشعبي المحلي من المسلمات الدستورية في شرع الحكم وسماته الاساسية بالدعوة للتوسع في تطبيق مبدأ اللامركزية الادارية وتدعيم مبدأ الديمقراطية الشعبية والمشاركة الجماهيرية. والمؤسف حقا ان قوانين الحكم المحلي بدارفور لم تجد التطبيق الفعلي اسوة بالمناطق الاخرى حيث كان ولايزال المركز يضع العراقيل بما لايتفق مع السمات العامة للقوانين السارية وكأن ذلك بمثابة تعطيل لتطبيقه بدارفور. ثم ان اهمال الحكومة للتنمية وسياستها هي التي اوجدت الخلل الامني وكرست المشكلات القبلية, فهيأت الظروف السيئة بين القبائل وكانت نتائجها العنف والاقتتال القبلي والتمزق الاجتماعي فلم تسلم الموروثات المحلية التي ظلت لمئات السنين مفخرة جامعه لاهل دارفور ومتوافقه مع الدولة المدنية الحديثة ومواكبة للتطوير. والمؤسف أكثر ان الدولة قد بذلت الجهد الأكبر في اعادة القبلية وتعطيل المؤسسات المدنية بجانب اعطاء المشروعية والمسؤولية للقبيلة بدارفور وأوكلت إليها المهام الإدارية والأمنية وباركت تحت اشرافها تسابق القبائل في تجميع شتاتها استعدادا للمناطحة في الحق على الأرض والمكتسبات السياسية وحماية ذاتها من أخطار الأخريات. وقد انتظمت هذه القبائل في مؤسسات عرقية بتشجيع السلطة واشرافها, فأسست اماناتها المتخصصة وهيآتها الاستشارية وتنظيماتها التي أوجدت لها التمويل واستقطبت لها الاشتراكات وإلى جوارها مضت الدولة في تقليص دور المؤسسات المدنية وتشريد كفاءاتها. وقامت باعادة تقسيم وترسيم الأرض حواكيرا للقبائل ولم تراع في ذلك خصوصيات الإدارة الأهلية بدارفور بما يتطلب مراعاة الحدود القبلية والإدارية للعشائر والمتعارف عليها منذ استقلال السودان. فنظرت القبائل للأرض من حيث نطاق حقها التاريخي والمكتسب خاصة وان الدولة قد أظهرت القبيلة والعشيرة جسما سياسيا متماسكا فيها مصلحة مشتركة لأفرادها أقوى من روابط العقيدة وغيرها من العلاقات الانسانية الأخرى حتى بدأ المواطن البسيط يعطي أعمال العنف والنهب المسلح والاعتداء القبلي صبغة من المشروعية طالما تم ذلك في اطار الغطاء والعطاء القبلي. ورغم ان الفيدرالية ظلت مطلب كل السودان الا ان تطبيقها دون مراعاة لخصوصية دارفور وموروثاتها الإدارية والقبلية ونقل تجارب المناطق الأخرى مع الاصرار عليها رغم ما نتج عنها من سلبيات عمقت الشقة بين القبائل ومن خلالها نظرت القبائل بدارفوا للتنظيمات التي تمت في اطار الحكم الفيدرالي من ولايات ومحافظات ومحليات من حيث سلطتها الإدارية وثقلها الاقتصادي والاجتماعي وتواجدها الكمي, فأذكى ذلك الثغرات الضيقة فباتت تنظر للسلطة ممثلة في شاغليها على أساس انهم يمثلون أصولهم العرقية في مواقع اتخاذ القرار السياسي حيث وضح ان روابطها أقوى بكثير من روابط العقيدة فهي على الأقل الشيء الوحيد الذي يستطيع فيه الجميع تناسي كل شيء والاحتراب من أجل اللاشيء بما يمكن أن يفضي لحروب قبلية طاحنة تطال الجميع وتقضي عليهم. ولعدم وجود أكثر من طرح سياسي يستوعب طموح وتطلعات السياسيين في ظل سلطة الانقاذ بخاصة في المناطق التي يتواجد فيها خليطا من القبائل بدارفور, كان العامل الأكبر في اذكاء نعرة القبائل بنظرتها لمعظم الدوائر الانتخابية التي جرت فيها الانتخابات للمرشح على انه يمثل مرشح القبيلة والقبائل المتحالفة معها. وكشفت الدائرة (90) أبو كارنكا ـ الضعين لعضوية المجلس الوطني 1996م فداحة ما خلفتها سياسة الانقاذ بدارفور حيث قام بعض المواطنين بالاعتداء على مراكز الفرز وأخذ صناديق الاقتراع عنوة واقتدارا, ولولا قدرة الله ولطفه لحدث مالا يحمد عقباه كل ذلك لم يجد التقييم السليم حيث تعاملت السلطة مع تلك الأحداث المؤسفة ببساطة متناهية بالغاء نتيجة الدائرة على أساس حدوث شغب على ان يعاد بها الاقتراع لاحقا. وذلك ما لم يحدث حتى الآن, فوقفت السلطة شاهدة على ذاتها بخطورة الظروف السيئة التي أوجدتها سياستها بين القبائل بدارفور. أما السكوت الجماعي فكان عملا اجراميا بحق مواطني الدوائر المسكوت فيها بدارفور إذ تضمن السكوت ترضيات وتوفيق لمصالح ضيقة واطماع عنصرية واسكاتا لأصوات في اطار توزيع الغنائم, حيث لم تكن الكفاءة والمزايا والصفات المطلوبة في النائب البرلماني من ضمنها بأي حال من الأحوال, وحيث لا نظم مؤسسية تضبط الترقي السياسي في الانقاذ وجد بعض المثقفين وحملة الشهادات من أبناء دارفور في هذا الفهم المغلوط واستجابة السلطة الآنية بمكافأة من يتصدرون المواقف وتعلوا أصواتهم بالمطالبة لمناطقهم المهمشة بالتنمية والثروة والسلطة بالمنصب الرفيع ما شجع الطامحين بدوافع ذاتية المكاسب فتولدت من المشكلات المصائب والويلات ب/ الصراع القبلي بمنطقة الجنينة (بين قبيلة المساليت وبعض القبائل العربية) من سياسة اعادة ترسيم الأرض بين القبائل وانشاء الادارات الأهلية الجديدة (الأمراء) خرجت الفتنة بغرب دارفور من حيث لا يحتسب أحد وستفضي إذا لم تدرك لتشمل الجميع, ثم ان ما يجري الآن بالجنينة من تقتيل وتشريد هي مسؤولية السلطة الاتحادية أسبابا ونتائج حيث افرز نقل تجارب المناطق الأخرى (الأمراء) والتي جاء بها وإلى غرب دارفور الأسبق/ محمد أحمد الفضل في عام 1995م من كردفان لمنطقة الجنينة بالمسطرة الكارثة المشهودة الآن (شبيهة بالجرة التي وضعت بين جماعة من الصيادين ليتنافسوا على ما في داخلها من كنز فتقاتلوا فيها حتى ماتوا تجميعا إلا واحدا منهم وبقي حيا ليظفر بها ويدخل يداه داخل الجرة ليجد فيها حية سامة لدغته ومات في الحال) يا الجنينة بؤرة الفتنة والتمزق والقتل الجماعي في اللاشيئية الحقيقية وعظمة الأوهام. ثم جاءت القرارات الكثيرة والمتلاحقة دون الوقوف على خبايا وحقيقة الملابسات ودراستها وتقيميها بالعلم والمعرفة ثم علاجها فأخذت القرارات تخرج مجافية للمصلحة العامة وكان بعضها قرارات تخص على الفتنة بين أهل دارفور وتدفع بالحركات المعاكسة التي أخذت تطل برأسها. وكان لتكريس الجهل والأمية والتخلف والاحتراب القبلي بتسييس القبائل ونظرتها للادارات الأهلية في مظهرها الجديد بأن فيها مكاسب سياسية وسلطوية ما دفعت تلك القبائل لتناسي تعاليم دينها الحنيف وقوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير) صدق الله العظيم. فلم تلتفت لتنظر لتسابق الأمم والشعوب نحو الرفاهية والازدهار بروابط العلاقات الفكرية والانسانية والتكتلات الاقتصادية. فاحرقت القرى والفرقان وازهقت الأرواح ودمرت الحياة البريئة ومزقت الوشائح وقطعت العهود, فتخلخل النسيج الاجتماعي المتماسك بما سيؤدي قطعا في المستقبل إذا لم يتم تدارك الأمر بايقاف اندماج عناصر دارفور العرقية المتباينة مما ينعكس بعد ذلك سلبا على وحدة السودان وقد تهيأ الجميع قوة وعتادا. ج/ جدوى التدابير الاستثنائية بدارفور: ومنذ مجيء الانقاذ للسلطة في 1989م وحتى الآن لم ترفع حالة الطوارئ من دارفور حيث يد السلطة طليقة في دخول الأماكن العامة والخاصة والتفتيش دون إذن أو أمر, وتحديد اقامة وحركة تجوال المواطن, والاستيلاء على الأموال والممتلكات الخاصة بحجة اغراض الطوارئ وملاحقة جناة عصابات النهب المسلح, حيث تم استخدام سلطة الطوارئ بأبشع صور الاستخدام ووجدت السلطة عندما تحتاج لمزيد من القمع وبأشرس الوسائل دون ضابط أو حسب ضآلتها في ذلك (الطوارئ), فكان اعلان الطوارئ مع تعيين العقيد/ الطيب ابراهيم محمد خير حاكما على دارفور الكبرى في أوائل التسعينات, فاستبيح حرمة الأماكن الخاصة وتم انتهاك حقوق المواطنين وملاحقة الأفراد بواسطة أصحاب الأغراض المريضة بحجة الاشراف والمحافظة على شؤون العقيدة الإسلامية, ونورد من تلك التجاوزات المتعددة مقتطفات من أمثلة متنوعة: 1 ــ تم تسور منزل مواطن بالفاشر يعمل في خدمة العدالة والقانون ودعا من قاموا بذلك لمسيرة كبرى باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاطبها الحاكم بالقول بعد التعريض بالمهنة التي يعمل بها الضحية (بانه تم القبض على ذلك المواطن عاريا كما ولدته أمه) وبث الخطاب عبر أجهزة الإعلام المحلية المسموعة والمرئية. 2 ــ تم ايقاف حركة المواطنين بالسيارات (عرف بصمت الحركة) كل أسبوع ابتداء من ليلة الأحد وحتى صبيحة الثلاثاء فتعطل مصالح الناس وكان ذلك بحجة توفير الوقود استعدادا لتحمل المشاق ومحاربة أمريكا, ثم أصبح السماح للمواطنين باستخدام السيارات يوم الصمت (الاثنين) كل أسبوع عن طريق تصديق برسم مالي. 3 ــ تم ازالة بعض منازل المواطنين لأغراض بيع الأرض في خطط استثمارية دون سابق ترتيب وعندما أوقفت المحكمة المختصة تلك الاجراءات لم تعترف بذلك سلطة الطوارئ. 4 ــ تدخل أصحاب النفوس المريضة باسم الاصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أخص خصوصيات المواطنين وكادت أن تحدث الفتنة الدينية عندما لاحق هؤلاء مواطنا بجنوب دارفور (اسمه يوسف) من أم عربية مسلمة وأب مسيحي قبطي بالحبس والجلد لعلاقته بفتاة مسلمة أفضت بالزواج. هذه الأمثلة لكثير مما يحدث بدارفور اكدت أن الطوارئ يؤتى بها لاطلاق يد السلطة دون قيود القانون, فكانت الطوارئ بدارفور في أواخر عام 1997عند نهاية مؤتمر الأمن الشامل بنيالا, ثم الإعلان الثالث في عام 1998م عقب السطو على بنك السودان فرع نيالا وأخيرا وليس آخرا مع أحداث تياريك بولاية غرب دارفور حيث تم تعليق سلطات والي غرب دارفور الأمنية واسناد مهامه لحفظ الأمن والنظام لممثل رئيس الجمهورية.
السيد رئيس الجمهورية لعل كل الذين تابعوا واستمعوا لتصريحات السيد ممثل رئيس الجمهورية لشؤون الأمن والنظام العام بولاية غرب دارفور (الفريق الدابي) وجدوا في كل تصريحاته وبياناته مع تقديرنا الشديد له ما يمكن ان يقال عنه صب الزيت على النار, حيث لم تشتمل على الجوانب المطلوب بيانها, حيث سار وبكل أسف في ذات الاجراءات والحلول السابقة التي أخذت ذات الوتيرة القديمة (تسابق في الادلاء بالتصريحات والبيانات حول الحدث وسط حظ من التغطية الصحفية والإعلامية الكثيفة فتكوين لجان المساعي الحميدة مصحوبة بالدعوة لعقد مؤتمر صلح جامع بين الأطراف لحضور كبار المسؤولين بالدولة فحضر العلاج في تجميع الديات, والتعويضات لتوزيعها على المتضررين. وحيث شكك بعض أهل دارفور في الظروف والاجراءات التي جاءت بالفريق الدابي ممثلا لرئيس الجمهور لشؤون الأمن والنظام العام بولاية غرب دارفور وبأن فيها تكريس لنظرة الوصاية المعروفة والمرفوضة عند انسان دارفور يدعمون رؤيتهم تلك بما صحب وصول الفريق الدابي لولاية غرب دارفور من امكانيات ضخمة لم تتوفر لمن سبقوه وفي ذات الوقت تم حبس منسق ولاية غرب دارفور بالخرطوم بحراسة الخرطوم شمال لارتداد شيك من حساب الولاية لعدم وجود رصيد. نجد في اعلان الفريق الدابي عن تشكيل محاكم طوارئ خاصة بأحداث الجنينة الأخيرة لملاحقة المشتبه في تورطهم جنائيا ما سيؤدي احكامها إذا قدر لهذه المحاكم ان تنعقد وتصدر أحكاما بشأن هذه الأحداث ما سيؤدي لزيادة الاحقاد واثارة روح النقمة والانتقام, حيث لا تتوفر لهذه المحاكم سوى بيئة الخصومة التي يتطوع أطراف النزاع في تقديمها ضد الآخر.
3/ التنمية بدارفور أــ تصفية مشاريع التنمية وتعطيل الخدمات بسوء تصريف المال العام واساءة استخدام السلطة. دارفور بولاياتها الثلاث تغطي الجزء الغربي من السودان وتمثل مساحتها (خمس) 1/5 مساحة السودان, أرض بكرة صالحة للزراعة, أما تعداد سكانها حسب آخر احصائية سنة 1999 قد بلغ أكثر من أربعة مليون مواطن يعيشون على الزراعة والرعي في الريف وسكان المدن يعيشون على التجارة والتوظيف الحكومي والمهني. ان أكثر ما تعاني منه ولايات دارفور النقص الحاد في خدمات التنمية وأدوات التعليم والصحة في حالة احتضار تام وتلفظ أنفاسها الأخيرة حيث وضح ان ولاة الأمر بدارفور مهمومون ومشغولون بكل شيء إلا شؤون مواطن دارفور وحقه في التنمية والحياة الكريمة. وطوال عشر سنوات عمر سلطة الانقاذ لم تجتهد السلطة لاقامة ولو مشروع تنموي أو خدمي واحد على الأقل, بل قامت السلطة بتصفية المشروعات القائمة مثل غزالة جاوزت وخزان جديد وساق النعام ومشروع جبل مرة وهيئة تنمية غرب السافنا وخصخصت البعض الآخر مثل المدبغة الحكومية بنيالا. اما المعلمون بدارفور فيشكون من عدم صرف مرتباتهم لشهور وشهور متعددة وبذلك أصبحت كل السنوات الدراسية مهزوزة والمدارس متوقفة وتمددت المشكلة لتشمل عمال الشؤون الصحية بالاضرابات. هناك تجاوزات مالية واضحة استغل فيها المسؤولون بدارفور مواقعهم السلطوية بالشكل الذي أضر بالمصلحة العامة فأثرت هذه التجاوزات في تعطيل التنمية في دارفور حيث تعطلت برامج التنمية والخدمات لعدم وجود نظم آلية ومحاسبية تضبط مصداقية الجهات المستفيدة حيث يتم الصرف لأشخاص وجهات لا علاقة لها باستهداف المال العام وبسبب تلك الممارسات التي تخالف اللوائح والنظم المالية والمحاسبية, حرمت دارفور من التنمية والتطور, فأثر ذلك على قطاع التعليم والصحة والأمومة والطفولة والشباب والمرأة, وأبلغ دليل على ذلك ما تشهدها ولاية جنوب دارفور من أوبئة وأمراض وتدهور في صحة البيئة والانسان واضرابات لعمال الشؤون الصحية وقطاع التعليم وفي ذات الوقت يتسابق إلى ولاية جنوب دارفور في التبرع لمصنع الشفاء الذي دمر بالقصف الأمريكي بمبلغ خمسمائة مليون جنيه, ويقود حملة التبرعات بالولاياية رغم رفض مالك المصنع لهذه التبرعات وكان ذات الوالي قد حمل مواطن جنوب دارفور المغلوب على أمره نفقات الصرف البزخي فيما عرف بمهرجان الفروسية والهجن والذي جرى بنيالا في نوفمبر 1997م.
ب/ طريق الانقاذ الغربي: هذا (الحلم الذي يظل يراود أهل السودان وأهل دارفور خاصة) انكشفت حقيقته الآن, في عام 1995م صدر قانون طريق الانقاذ الغربي بمرسوم مؤقت من المجلس الوطني الانتقالي بموجب ذلك تم تكوين الهيئة العليا لطريق الانقاذ الغربي مسؤولة عن الطريق تحت اشراف رئاسة الجمهورية وترأس أماناتها المتخصصة الوزراء الاتحاديون. وكان ينتظر من تلك الهيئة أن تحقق ذلك الحلم الكبير خاصة وقد قطع رئيس الجمهورية وعدا على نفسه بانجاز الطريق خلال مدة عامين فقط, فتنازل المواطن عن سكره لمصلحة الطريق وفرضت عليه الرسوم في كل خدماته المحلية والخارجية. ولكن وعقب انقضاء أكثر من ثلاثة سنوات اتضح ان أموال الطريق تذهب في غير قنواتها المعلنة والمحددة والعمل متوقفا بالميدان ولكن ومن خلال الصحف يكاد يظن المرء ان الطريق قد أوشك على الاكتمال. ان الهيئة العليا لطريق الانقاذ الغربي استقدمت أموال الطريق دون متطلبات الاستخدام الصحيح والمبرمج له فضلت أموال الطريق سبيلها ومن ذلك نورد هذه الواقعة المضحكة والمؤلمة: أقامت الهيئة بتقديم شيك على بياض لاسرة المرحوم الزبير محمد صالح عقب وفاته لتكتب ما شاءت من مبلغ ولكن أسرة المرحوم كانت أكبر من أغراضها). ان الهيئة العليا لطريق الانقاذ الغربي لا تظهر ولا تنشط إلا من خلال اعلانات الصحف في الافراح والاتراح. ولايقاف ما يحدث يتطلب تصحيح مسار طريق الانقاذ الغربي وقيام شركة باسم طريق الانقاذ الغربي أسوة بشركة شريان الشمال للطرق والجسور تضمن وجود جمعية عمومية حقيقية بأطر فعلية محاسبية تصون مال المواطن المهدر وتحقق حلمه الكبير. ج/ النهب المسلح: مكافحة النهب المسلح مسؤولية السلطة الاتحادية والولائية والمحلية بالتضامن والانفراد يجب أن لا تترك ليتحمل تبعاتها المواطن خاصة وقد استفحل أمرها بما يتطلب التعامل معها بجدية وحسم شديدين. 3/ التعايش السلمي بدارفور: إن التعايش السلمي بدارفور لا يتم ولا يتحقق الا عند ايقاف اهمال مؤسسات الدولة المدنية وقواتها النظامية ودعمها بالكفاءات والامكانيات التي تؤهلها للقيام بدورها في حفظ الأمن والنظام العام واظهار هيبة الدولة بالقانون وايقاف السياسة الرامية إلى تسيس القبائل. التوصيات: ان معالجات الدولة لقضية الأمن والتنمية والتعايش السلمي بين القبائل بدارفور كانت تأتي من باب المظاهرة السياسية والمؤتمرات ولجان ووفود الصلح وتهدئة الخواطر فضلت المسار ولونت الحقائق وعظمت الازمات ففقد المواطن فيها الثقة التامة حيث لم يجني منها سوى فواتير الاحتفالات والولائم الباهظة علما بأن كل مقررات مؤتمرات الصلح والتعايش السلمي بين القبائل التي عقدت بدارفور أصبحت حبرا على ورق حيث لم تجد توصياتها طريقا للتنفيذ فزاد ذلك من تعميق المشكلات. ولما تقدم سيادة الرئيس وللأسباب الواردة في هذه المذكرة نلتمس الاستجابة لهذه التوصيات كمدخل لابد منه لايقاف الاقتتال الحاد بين قبيلة المساليت وبعض القبائل العربية وكفالة الأمن والنظام والسلام العام لكافة أرجاء دارفور الآن وفي المستقبل بخاصة قد بلغت الأحوال مبلغا يهدد وحدة الوطن بما يتطلب مشاركة أبناء دارفور في وضع برنامج استراتيجي يخدم تطبيع الوحدة والعدالة الوطنية سياسيا واجتماعيا وتنمويا وأن تكون هناك توصيات أخرى ضرورية لبدء المعالجة, تنطلق من الحقائق التالية: 1 ــ دارفور استراتيجيا تمثل صمام أمن وأمان السودان ووحدته بما يتطلب ذلك اعتراف الدولة بخصوصية الوضع في دارفور واعادة النظر في سياستها المطبقة حاليا بما يتفق ومراعاة تلك الخصوصية بالآتي: أ ــ تمثل دارفور بوابة السودان الغربية للتواصل الاقتصادي والسياسي والثقافي ومع الغرب الافريقي. ب ــ تمثل دارفور حالة ايجابية من التداخل الاثني والانصهار القبلي والثقافي, ضمانا للاستقرار وايجاد صيغ جديدة لادارة الحوار السياسي الوطني. يتطلب ذلك تكييف الأوضاع في الدولة لصالح المواطنة الحقة وعلى ذلك يتعين الأخذ في الاعتبار بالتوصيات التالية: 1 ــ اعادة النظر في الأوضاع السياسية بدارفور بما يتفق ومراعاة خصوصيتها عبر مؤتمر تداولي وطني وسياسي وقانوني في أقرب مدة ممكنة. 2 ــ وضع الخطط العملية اللازمة للاستفادة الجادة من الخبرات السابقة لمعالجة قضايا الانتماء والمشاركة السياسية والاقتصادية, تشارك فيها مؤسسات الدولة وأهل دارفور والمستنيرون من أهل السودان. 3 ــ تصحيح مفهوم الفيدرالية ومراجعتها بما يتفق مع المتطلبات الوطنية الآتية لتضمن تواصل وحدة السودان في المستقبل وحتى لا تبدو الفيدرالية وكأنها عودة للقهر المركزي بوسائل أشرس بجانب التنصل من المسؤوليات. 4 ــ تمكين أبناء دارفور الأكفاء من الإدارة السياسية والتنموية لمناطقهم في اطار الدعوة لحل مشاكل السودان بالتراضي وسلميا وعلى الحكومة ان تستجيب وتتعاون مع أبناء دارفور المستنيرين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية حتى يتمكنوا من تقديم أطروحاتهم لاعادة تأهيل دارفور سياسيا وتنمويا وفكريا, ورفع الظلم والغبن عن الأفراد والمجموعات بفتح الطريق بالاتفاق والحوار ومحاكمة روح الفتنة والتشرذم.
وختاما: ان أهمال مؤسسات الدولة المدنية وقواتها النظامية بدارفور بجانب تسييس القبائل يتطلب من أبناء دارفور وهم المعنيون أكثر من غيرهم بتأهيل مناطقهم في اطار الوطن الواعد, لذا فإن الدعوة إلى اعادة قراءة ونقد تاريخهم وتكييف أوضاعه باستعادة المبادرة بالنضج السياسي والنصح الرشيد, والتنمية هي أهم أسس التطور الوطني في السودان
هذه المذكرة رفض البشير استلامها حينها
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نص المذكرة التى قدمها ابناء دارفور المقيمين بالخرطوم عام 1999م للبشير (Re: abuarafa)
|
شكرا ابو عرفة والمتداخلين النظام في الخرطوم ظل ولايزال يتعامل مع معطيات الواقع وحركاته بذهنية أمنية (تخاف) لتنتج المزيد من المشكلات والتعقيدات وليس بذهنية سياسية (تحاور وتجادل)هذه المعطيات والتحركات لتنتج الحلول للمشكلات الموجودة
ليس غريبا على نظام مثل هذا أن تصبح عليه شمس كل يوم جديد وهو أقرب ما يكون للكارثةعما كان عليه بالأمس
بوست فائق القيمة
لكم المودة أجمعين
| |
|
|
|
|
|
|
|