|
مسيلمة الكذاب بعد التحسينات ..ز// سيد القمني
|
في عام الوفود شاهدت العرب بأعينها ما حققته النبوة من سيادة لقريش على العرب ، ورأت أهل الدعوة ورفاقها الأوائل في العيش الخشن الشظف من قبل ، ثم شاهدتهم عام الوفود بعد سلسلة حروب دولة المدينة لإخضاع العرب ، وهم في حال غير الحال بعد أن جاءتهم الغنائم والسبايا والفيء والعبيد والثراء بالسلطان على العرب ، أو جاءهم السلطان بها . ضمن هذه الوفود كان وفد بني حنيفة ، وبينهم سيد فيهم يدعى مسيلمة يسترونه بالبرود مكرمة لشأنه ، ولا يسجل التاريخ على وجه الدقة ماذا حدث في هذا اللقاء مع النبي ، وتختلف كتبنا التراثية في رواياتها حول لقاء مسيلمة للنبي من عدمه ، فمنها ما تقول إن بني حنيفة التقوه وكان فيهم مسيلمة ، ومنها ما تقول أن بعضهم التقاه بينما ظل مسيلمة في رحالهم . لكن مسيلمة هذا سيبصح شأنه شأناً ، فما أن عاد إلى اليمامة حتى أعلن في بني حنيفة أنه نبي مثل محمد يوحى إليه ، وأنه قد " أشرك معه في الأمر " والأمر أي السيادة " من الإمارة " ، وأرسل إلى النبي محمد (ص) رسالة بهذا المعنى تنتهي بجملة واضحة المعالم والبيان ، إذ يقول بعد الإعلام بشراكته في النبوة ، وفي الأمر ، بشراكة ثالثة هي الهدف وهي الأهم ترد ضمن مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والراشدي ص 305 " رسالة مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد فإني قد أشركت معك في الأمر ، وأن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشاً قوم يعتدون ، والسلام عليك " . وفي رواية " ولكن قريشاً لا ينصفون " ، وفي رواية " لا يعدلون " .
وكان رد النبي محمد بليغاً فصيحاً واضحاً في صرامة هادئاً في قوة ، إذ كتب له يقول : " بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإن الأرض للة يورثها من يشاء من عبادة ، والعاقبة للمتقين " . ولم يكتف النبي محمد بهذا الرد الذي يحيل الموقف لمن سيمكنه حسم المعركة العسكرية لصالحه ، وهو من سيكون الصادق نبوة وملكاً ، فأرسل إلى اليمامة صحابي اختاره لهذه المهمة العسكرية الدقيقة هو ( نهار بن الرحال بن عنفوة ) لينسل إلى من بقى على إسلامه باليمامة ليشدد من أزرهم وعزائمهم ، وأن يشغب بهم على مسيلمة ، وأن يعيد بهم من اتبع مسيلمة إلى الإسلام . وكان نهار بن عنفوة قد هاجر من مكة إلى يثرب راغباً في رسول الله ، وقرأ القرآن وتفقه في الدين ، وكان ذكياً حاد البصيرة ، ولهذه الصفات اختاره النبي لهذه المهمة الصعبة . لكن ( بن عنفوة ) كان فتنة على بني حنيفة أعظم من فتنة مسيلمة نفسه ، فما انـّسل إلى هناك حتى رأى سواد بني حنيفة يتبعون مسيلمة ويوقرونه ويقدسونه ، وقارن بين القوة العسكرية في اليمامة والقوة العسكرية في المدينة ، أقوى جيش عرفته الجزيرة هو جيش المسلمين الذي فتح مكة كان عشرة آلاف ، وتبعه جيش المسلمين أيضاً في وقعة هوازن وكانوا ثنتا عشر ألف ، أما مسيلمة فقد جمع جيش في سنتين فقط اكثر من ستين ألف محارب ، بينما مكث محمد ثلاث وعشرين سنة حتى تمكن من تكوين جيش قوامه ثنتا عشرالفا ، وما أن استكشف ابن عنفوة اليمامة حتى ذهب إلى مسيلمة يعلن له وللمؤمنين به أنه جاء يعلن شهادته لمسيلمة بالرسالة والنبوة ، وأن محمداً قد اعترف له أن مسيلمة قد اشرك معه في الأمر وفي الرسالة .
تقول الروايات أن الناس اقبلوا حينذاك على ( بن عنفوة ) الذي أصبح المسئول الديني والمستشار الخاص لمسيلمة ، يحمل كل أسرار المسلمين معه إلى جيش اليمامة الجرار ، لقد قرر ( بن عنفوة ) أن ينتصر بمسيلمة وبجيشه وبما لديه من معلومات استخبارية مباشرة ، طامعاً في أموال بعيدة يعد بها محمد المسلمين قائلاً : " والذي نفسي بيده لتملكن كنوز كسرى وقيصر " . هو حلم التاريخ عندما تنهار الأمم فتتفكك كالروم والفرس وتنهكها الحروب لتترك في المكان منخفضاً في ضغط القوة يحتاج لرفع قوي يملأه ، وكان العرب يعرفون ذلك ، ولذلك توجهت الجيوش الإسلامية نحو الشمال الرومي تخضع وادي القرى وما حوله وتأخذ جزيته مخصومة من دخل الروم ، كان المشهد واضحاً لابن عنفوة ، فترك نبي الأمة وهو الصحابي المختار ليلحق بعدو الإسلام ، ليحقق لنفسه هناك مكانه دنيوية لكنها أيضاً روحية . هذا رغم اختيار النبي له لاشك كان بوحي فالسـُنة يقدسون كل فعل وقول نبوي لأنه ما كان ينطق عن الهوى ، فاختاره الله ونبيه ، لكنةخدع الله ونبيه .
في عامين فقط تمكن مسيلمة من حيازة القبول وهو الكذاب لدى ستين ألف محارب إضافة لغير المحاربين من أسرهم ، وكان مطلبه واضحاً بلا تخابث ولا لف ولا مداورة : " نصف الأرض " . تمكن في سنتين من خداع هذه الأعداد الغفيرة وكلهم يؤمن برسالته ، ليأخذوا من قريش نصف الأرض .
ومات نبي الإسلام وقد ظهر في الجزيرة من المتنبئين طليحة الأسدي وسجاح والأسود العنسي وبالطبع مسيلمة ، وتفشى أمرهم وانتشر مما قاد خليفته أبي بكر إلى خوض حروب طويلة وعسيرة ، خاصة أنه كان يحارب على جبهة أخرى من امتنعوا عن أداء الزكاة ليثرب حرباً طاحنة ضروس . ولم تكن تلك المشكلة الحقيقية رغم شدة خطورتها على الدولة الطالعة ، إنما كانت المشكلة التي حلت بالجميع هي ماذا يفعلون بعد موت نبيهم وقائدهم وقاضيهم الذي كان على اتصال بالسماء يأتي بتوجيهاتها للمسلمين في كل شأن ، ولم يأت النبي بما عنده ولا أجاب بعقله وفكره إنما عندما كان يـُسأل كان ينتظر الوحي يحمل إليه الإجابة . وفجأة تجد الأمة نفسها في حال فطام قهري من توجيهات السماء وإشرافها . وقد تمكن أبو بكر ببراعة وإتقان من حسم كثير من القضايا كانت تستدعي نبي الأمة وهو غير موجود ، فأوجده أبو بكر ، أحياه بإحياء حديثه ، وانتهى الصراع على الرئاسة بحديث " الخلافة في قريش " وهو حديث لم يروه سوى أبو بكر . ومثل حديث " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " ، ليحسم الموقف من البيت النبوي ، في شأن يخص ميراث فاطمة بنت النبي ، فأعلم النبي أبا بكر ولم يعلم إبنته . كانت الأمور بحاجة إلى مثل هذا الحسم لتخليق رتبة تقف بين رتبة النبوة ورتبة المؤمن العادي ، تتقدس قراراتها وفعالها ، وهو ما فعلته الفرق الإسلامية كل لأهلها . فللشيعة بشر مقدسين وكذلك للسـُنة ، وإن قدس السـُنة الصحابة بلا استثناء بينما مايز الشيعة في مساحة القدسية عند كل منهم . المهم أن الصحابة وبخاصة الخلفاء الأربعة الأول قد تقدست فعالهم ، لأن الدولة في نشأتها كانت مقدسة على يد نبي مقدس ، استقت حكمتها وشريعتها ومواقفها الدبلوماسية والعسكرية من قرارات السماء التي كانت تصلهم عبر النبى بانتظام ، وبإختفائه وحتى يحظى أي قانون جديد بالشرعية كان لابد أن يكون القانون صادراً عن جهة مقدسة يتقدس بسببها . ومن ثم تحولت قرارات الخلفاء التي أقاموها على أساس مصالح دنيوية وخطط عسكرية وأحياناً مصالح شخصية بحت ، تحولت إلى مقررات مقدسة ، فوقف الإمام في مرتبة وسطى يمكن بها أن يكون نصف نبي . فلم تعرف الدولة الناشئة معنى المؤسسات ولم تر ضرورة لإقامتها ، فلا هيئة يمكنها أن تشرع ولا هيئة محاسبية سليمة ولا إدارات ترتب الأعمال الدولية حسب التخصصات ، كانت الدنيا سهلة بسيطة في عالم البداوة ، فإن اتسعت رقعة الدولة احتاجت شيئاً غير سلامة الضمير وغير بركة الصحابة ، لهذا سقطت دولة الراشدين لولا معاوية الأموي الذي استلم الشام منظماً مرتباً في هيئات ومؤسسات تعمل منذ مئات السنين ، فعلق عليه اليافطة الإسلامية بدلاً من الرومية . وعندما قرر معاوية تكليف من ينوب عنه في إمامة الصلاة كان قد قرر فصل الدين عن السياسة ، لكن ليتضخم شأن أنصاف الأنبياء وينمو مع حاجة السلطة الجديدة لشرعيتها الدينية ، بإختراع الحديث ، وبإختراع الفتوى ، ليبصحوا بالنسبة للسلطة وتصبح السـُلطة بالنسبة إليهم من لزوم ما يلزم لبعضهما البعض . وهو ذات ما فعله مسيلمة من قبل عندما أراد اقتسام الأرض مع قريش ، أيام مسيلمة كان بإمكانه إدعاء النبوة ، لكن بعد رسوخ الدولة وسطوتها وسطوة الإسلام ما عاد ممكناً لأحد الإدعاء بالنبوة بعد خاتم الأنبياء والمرسلين ، أصبح ممكناً فقط التجديد في الدين وصار كل صاحب رأي ووجهة نظر مدعومة بالقوة أن يفرض وجة نظره بإعتبارها الإسلام الصحيح بعد أن تمت إعادة اكتشافه وتجديده ، فمحمد بن عبد الوهاب عند أهله هو الفقيه المجدد للمذهب الحنبلي ، وهو التجديد الذي لا يرى في المسلمين فرقة ناجية سوى فرقته وحده ، بل ويشرع قتال وقتل وسبي المسلمين من غير مذهبه كالشيعة الإمامية مثلاً وهي أكبر فرق الشيعة . عندما يقدس بشر وجهة نظر وفهمه لمعنى النص الديني ويكفر كل ما عداها ، يكون قد جعل من رأيه ديناً جديداً ، حكاية ابن عنفوة تتكرر ولكن بزي إسلامي تنكري . لقد أنزل الله ملائكته تنصر الدين الأول وها هي تفجر البترول لتنصر الدين الثاني . تراه ماذا كان فاعلاً مسيلمة الكذاب لو كان بيده تلفزيون مذياع ؟ آمن به الألوف في سنتين فكم بالحري يؤمن به لو كان نجماً من نجوم القنوات الفضائية ؟ لن يفعل أكثر مما يفعلون الآن وبالضبط . كل ما في الأمر أنهم ما عاد بإمكانهم اختراع نبوة جديدة وإلا مرقوا من الدين وحق عليهم الحد ، لكن بإمكانهم اختراعها تحت عنوان : التجديد . ويا ليته كان تجديداً بقدر ما هو تشدد وصرامة ومحافظة يمينية مغالية في تطرفها وتشددها ونصيتها وحرفيتها وطقوسيتها .
إنهم اليوم يدعون أتباعهم ليس ليأخذوا نصف الأرض في هوجة الحرب على الإرهاب ، بل ليأخذوا كل الأرض بالانتحار وقتل الشيعة والأكراد والمندائيين والمسيحيين . وبالطبع سيكون نصيب المقاتل إما جنة عرضها السماوات والأرض ، وإما نصيب في حكم العالم عند التمكين ، لأنهم هم من ضحوا من أجل الدعوة الجديدة ، ومثلما كان يأخذ أتباع مسيلمة سيأخذون ، وكلما كان الدعم من رجل في حجم ( ابن عنفوة ) وشأنه أو ابن الزرقاوي ورهبته كلما كان التأثير أفضل ، ومن لم يتبن المذهب أو الدين أو التجديد الصحيح الوحيد لن يشارك في جمع غلة محصول الأرض وليس له فيها نصيب ، وذلك تحديداً للسلطان المنتظر توزيعها منعاً للزنادقة والرافضة من أي حق في أي شيء .
إن رجالاً ممن حفظوا القرآن وتفقهوا في الأزهر يقولون ما قال نهار الرحال بن عنفوة ويفعلون ما فعل مسيلمة ، فابتدعوا في الإسلام ما لم يكن فيه ، فقدسوا بشراً غير مقدسين ، ورفعوا من قدر أحاديث واجتهادات بشرية وفتاوى إنسانية إلى رتبة القدسية النصية التي كانت الأسس التي قام عليها علم الفقه كله . لتصبح سيرة الخلفاء محل حيل وتبريرات فقهية لما لا يمكن تبريره ، وكلها إضافات مبتدعة منذ بدأت أول خط لها باللغة العربية ، فكلها لم يكن وراءها وحي سماوي حتى تتقدس . اللطافة هنا أن بعضهم لا يرى شيئاً غير طبيعي وهم يسبغون القدسية على بعضهم البعض دونما حساب ، فهذا مثلاً الدكتور عصام العريان يرى رأي اليقين إن وجود الإخوان المسلمين اليوم في مصر وما يقومون بة إن هو إلا تحقيق للحديث النبوي " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها أمر دينها ، ولا أجد أفضل من الإخوان ينطبق عليه هذا الوصف في هذا القرن . " – حوار مع شفاف الشرق الأوسط
ها قد وصل المجددون ، وهم ليسوا مجددين اعتياديين ، إنما هم اختيار رباني لتجديد دينه على أيديهم ، الإخوان هنا لن يكونوا مجرد مشاركين في عملية الإصلاح باختيار سماوي ، وإنما اصطفاهم الله كما سبق واصطفى نبيه ، من هنا يمكن أن نرى فيه ابن عنفوة ؟ ومن يمكن أن يكون مسيلمة ؟
ابن عنفوة ورجاله في العراق يصرون على استوزار التعليم والإعلام ليبشروا بدينهم ، بتحويل الإنسان المولود حراً إلى عبد آلي يتم تحريكه بالكلمة والإشارة ، بلا إرادة ، معدم الشخصية ومعدوم القدرة على التفكير واتخاذ القرار ، يسأل الفقيه في كل خطوة يخطوها ، لا يعرف لغة الحوار ، لا يعرف سوى السمع والطاعة ، ويطلب من غيره أن يكون مثله نموذجاً في الخضوع لا يجادل ولا يستخدم عقله ، لأن الدين الجديد يقول إن ما حدث زمن الدين القديم هو دعوة صالحة لكل زمان ومكان ، وإن السلف لم يترك شيئاً دون تقنين واضح للخلف ، لأنم كانوا يعملون برعاية الإله الذي خلقنا ويعلم ضرنا من نفعنا .
أصبح المسلم اليوم مشلول القدرات ضامر التفكير لعدم الاستخدام ، ويتحول الأمر بإلتزام النظام والقانون " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " إلى أمر بالخضوع التام والمطلق .
كلما كنت غبياً وأكثر نفوراً من الحرية ، وأكثر رغبة في العبودية ، وكلما ناهضت حقوق المرأة وكلما تعصبت ضد الأقليات أو أي آخر كلما كنت مؤمناً نموذجياً . كلما صرخت في المظاهرات حرصاً على عفة مسلمات فرنسا إذا خلعن الحجاب كلما كان إيمانك أكثر ثباتاً وإثباتاً .
الدين الجديد هو ذات القديم ، التجديد بالترديد ، أن تفكر كما كانوا يفكرون وتتحرك كما كانوا يتحركون . المؤمن الحقيقي هو من يرى بعيون الأموات ويسمع بآذان من هم في القبور ، ليتطابق المؤمن الحي مع المؤمن الميت ، ولأن الميت هو الأصل وليس التقليد ، فإنه يكون قد تم إحياؤه وهو من كان يعيش في القرن السابع ، لنطلب منه أن يعيش في القرن الحادي والعشرين ، التحول إلى ميت هو المطلوب لأن الميت لم يحيي حقاً ولا حتى وهماً ليحقق النصر للمسلمين وهم أذلة .
مسيلمة عاد بعد التحسينات بثقافة تمجد أبطال الصحراء الذين سبق وفازوا بكل الأرض على كل من طلب المناصفة ، عاد يمجد السادة المنتصرين على بلادنا المفتوحة ففازوا بها فيئاً وبالنساء سبياً حتى أن من كان يربط الحجر على بطنه من الجوع في بداية الدعوة ، مات وذهبه يكسر بالفؤس. لقد وضعوا أنفسهم هذه المرة موضع الرسول ، الرسول كان لا يناقشه أحد ، لأنه ما كان ينطق من نفسه فإن هو إلا بشر مثلهم يحمل لهم إجابات السماء ، وسادة اليوم لا يقبلون المناقشة ومن يناقش أو يجادل أو يطرح رأياً جديداً مثل رأيهم الجديد هو كافر بإطلاق ، كل من يناقش الرسول أو يعترض منافق أو كافر أو كليهما لأنه إنما كان يناقش أوامر الله ، وهم اليوم تحولوا من أنصاف أنبياء إلى أنبياء . جعلوا المسلمين كالسلف في الطاعة رغم اختلاف الزمان والمكان ومدى قدسية الشخوص ، جعلوا المسلمين آلات مطيعة لا تفكر لأنه لا فكر يعلو على الفكر الإلهي . موهمين بخلط الزمان بزمان آخر لا يعرفه ، والمكان بمكان آخر لا يعرفه ، وبمشايخ اليوم الذين لا يرقى أحدهم لرتبة تابع من التابعين مستندين إلى قرار أبي بكر الالتزام بالكتاب والسـُنة ( بالأحرى صحيح السـُنة وهو المختلف عليه ) لإعادة الأمة إلى مهد الطفولة ورضاعة السماء . وأيامها كان أمام أبي بكر قبائل بلا خبرة ولا معرفة في أي شأن ، لا يجيدون سوى السيادة ، فأطلقهم على البلاد المحيطة بالجزيرة يمارسون عليها السيادة ، أما اليوم فيطلقونهم لأنهم لا يجيدون سوى القتل !!
جماعات اليوم الإسلامية على أشكالها ترى نفسها الوريث الشرعي ( كل منها الوريث الشرعي الوحيد ) لهذا التراث الخليفي بمبادئه التي قام عليها وأنها الأمينة على تنفيذه . فالتزمت النص بحرفيته دون وجود النبي والوحي لينسى ويبدل وينسخ ويرفع . لقد أعفى الأمة إبان وجوده من مهمة التفكير فلما مات قرر الخلفاء استمرار هذا الإعفاء . وهو أيضاً ما يتكرم علينا به دعاة الأسلمة المعاصرين حتى أمسى التفكير مطلباً إن طلبته من الأمة تكون كمن يهينها !!
|
|
|
|
|
|