الدولة الوهم // الدكتور سيد القمني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 09:17 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة صبرى الشريف(Sabri Elshareef)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-30-2007, 04:28 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدولة الوهم // الدكتور سيد القمني

    يورد بن عبد ربه في عقده الفريد ( ج 2 ص 84 ) نص رسالة نبي الإسلام إلى وائل بن حجر الحضرمي كبير أقيال حضرموت ، خاطبهم فيها بلغتهم الشديدة الخصوصية ، و التي لم تتأثر كثيراً بلغة قريش لبعدها المكاني و لتراثها القديم الخاص ، تقول الرسالة النبوية : " من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة ( أى أصحاب الممالك المستقرة ) ، و الأرواع ( أى حسان الوجوه ) المشابيب ( أى السادة ) من أهل حضرموت ، بإقامة الصلاة و إيتاه الزكاة ، في التيعة ( التيعة تشكل عدد 40 من الشياه ) ، لا مقورة الألياط و لا ضناك ( المقورة هي مسترضية الجلد ، و الألياط هي عيدان العظم ، أى لا يكون جلدها مسترخياً لاصقاً بعظمها / و المعنى كثير اللحم ) . و انطوا ( أعطوا ) التيجة ( أى الوسط ) و التيمة ( الداجنة ) ، لاخلاط و لا وراط و لا شغار ، و من أجبي فقد أربي ( أى أن بيع المحصول قبل نضوجه ربا ) ، و كل مسكر حرام " .

    كانت هذه رسالة النبي لأهل حضرموت يدعوهم فيها إلى اعتناق دعوته و الاعتراف بسيادته بإرسال ضريبة المال إلى العاصمة يثرب . و شرحت أهم اهتمامات الدين الجديد فبدأت بالأهم ثم المهم ، بدأت بالصلاة ، ثم توقفت مع الزكاة طويلاً شارحة مفصلة المطلوب من ضريبة المال ، ثم بيان حرمة الربا و الخمر في جملتين لاغير .

    الملحوظة الأهم أن الرسالة لم تطلب من أقيال حضرموت و اليمن الخضوع السياسي ، لأن النبي كان نبياً لا مقيماً لدول و حكومات ، الرسالة طلبت الخضوع الديني دون أن تتدخل في الشكل السياسي و الإداري القائم في بلادهم . بل مع اعتراف لتلك البلاد بالاستقلال السياسي و استمرار هذا الاستقرار باعتراف الرسالة لأقيالها العباهلة الأرواع المشايب ، و هو تكرار و ترداد لمعاني السيادة و البروزو القيادة مصحوبة باحترام واضح ، و لم يأخذ عليهم شيئاً في طريقة عيشهم و لا نظام حكمهم بل اعترف لهم به و كرمه بالمديح .

    كتاب آخر ضمن رسائله إلى ملوك و حكام عالم زمانه يدعوهم فيها إلى الإسلام ، كان كتاب النبي إلى قيصر الروم ، و هو كما أورد نصه الدكتور محمد حسين هيكل في كتابه ( محمد ) ص 308 ، يقول نصاً : " بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم . سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ؛ فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، إسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين ( رعيته ) . يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ، ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا ، و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا : إشهدوا بأنا مسلمون " .

    و الملاحظات هنا تقفو بعضها بعضا ، فالنبي خاطب هرقل معظماً له بوصفه ( عظيم الروم ) ، و لم يقل عن نفسه أنه عظيم العرب ، لأن النبي كان نبياً لا ملكاً ، هرقل رجل دولة و سياسة تجوز له مثل تلك الألقاب التفخيمية . و لأن النبي ما كان منشغلاً بالأمر كرجل سياسة مثل هرقل ، إنما كان منشغلاً بتبليغ ما أمره الله بتبليغه ليس أكثر و لا أقل و دونما تفريط أو إفراط ، فإن النبي لم يطلب من قيصر التبعية السياسية و لا تغيير أنظمة الحكم الرومانية السياسية أو الإقتصادية أو الإدارية إلى نظام حكم إسلامي ، لعدم وجود هذا النظام ، فلم تكن الدولة و أنظمة الحكم ضمن اهتمامات الإسلام و نبيه ، كل ما طلبه هو ما كلفه ربه به ، الدعوة إلى الإسلام . فقط !

    لم يقل لهرقل ( القرآن دستورنا ) لأن الروم هم أعرف الناس بالدساتير ، و كان لهم دستورهم و قانونهم الديموقراطي قبل ظهور الإسلام بألف عام ، و لأنهم في هذه الحال كانوا سيطلبون الإطلاع على هذا الدستور الجديد ليقارنوه بدستورهم و يفيدوا منه إن تيسر ذلك ، كما سبق و أفادوا من اليونان بإرسال البعثات لدراسة التجربة اليونانية السياسية و القانونية لإتمام كتابة دستورهم . هذا بينما القرآن نفسه لم يكن قد اكتمل بعد عند إرسال تلك الرسائل ، و كان مفرقاً في صدور الصحابة و على العظم و اللخاف و العسيب و الرق و الأحجار.

    لو كان الدين مرتبطاً بالدولة و سياستها ، لطلبت الرسالة من عظيم الروم تغيير دينه و تغيير نظامه السياسي و دولته . و هو ما لم تطلبه الرسالة النبوية و لا حتى نوهت عنه . الرسالة لم تقل لهم اكسروا الصليب و اقتلوا الخنزير ، طالبته بالإسلام فقط ، لأن النبي كان يعلم أن الدين شأن و الدولة و سياساتها شأن آخر ، و لم يعلن الإسلام للناس يوماً أنه دين و دولة ، لأنها لم تكن تكليفاً إسلامياً من السماء ، و لأنها لو كانت كذلك ما قصر نبينا في دعوته و لأعلنها واضحة صريحة صدعاً لأمر ربه .

    لو كان شأن الدولة هو المطلوب إسلامياً ، ما رفض النبي صيغة الملك التي عرضتها عليه قريش ، بل أن الواضح في القرآن هو رفضه لصيغة الملك كشكل من أشكال السيادة على الدولة ، فقال : " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا أعزة أهلها أذلة " ، فالصيغة الملكية تطلب خضوع المواطنين الكامل ، و هو ما ترفضه و تأباه أنفة البدوي الحر في صحرائه ، لذلك لم ينضم بدو الجزيرة تحت حكم مركزي إلا زمن النبي وحده في شكل تجمع قبلي يمثل مرحلة انتقالية من القبيلة إلى الدولة ، و لم يستمر هذا الطور طويلاً فتفكك التجمع القبلي و النبي على فراش الموت في شكل نزعات استقلالية مرتدة . و طال هذا الطور القبلي حتى أقام ابن سعود بحلفه مع ابن عبد الوهاب شبه دولة ، ولازالت القبيلة فيها سيدة الموقف ، يحفظون إلى اليوم أنسابهم و ولاءهم القبلي دون بقية أمم العالم ، فلو سألت سعودياً عن قبليته لأجابك بسلسلة نسل و نسب طويلة ، و لو سألت ذات السؤال لأمريكي أو فرنسي لما فهم قصدك ، و لو فهم لاعتبرك مجنوناً .

    و في القرآن الكريم نجده يحدثنا في سورة الكهف عن ذي القرنين / الإسكندر المقدوني بن فيليب ، و لا شك أن الله كان يعلم أن الإسكندر هو تربية الفيلسوف أرسطو تلميذ الفيلسوف أفلاطون ، و مع ذلك لم يندد بالفلسفة و لا بأرسطو و لا بالسياسة الأرسطية و لا بالجمهورية الأفلاطونية ، لأن شأن السياسة كان خارج اهتمامات الدعوة .

    كان الجدير بالتنويه هنا هو لو كانت الدولة شأناً دينياً ، لكان واجباً أن يعقد القرآن المقارنات بين دولته و الدول العظمى في زمنه كما في مصر و روما و أثينا و فارس و غيرها ، كما قارن بين دينه و بقية الأديان الكبرى في زمنه ليبين فضله و تميزه عن بقية الأديان .

    و في سورة سبأ يحكي القرآن كيف أرسل النبي سليمان سفيره ( الهدهد ) إلى مملكة سبأ التي كانت تتعبد للشمس من دون الله ، و حمّله للملكة رسالة تدعوها للإيمان ، و قد عرضت الرسالة على ملئها أى شيوخ قومها و وزرائها و أهل الخبرة و الدراية ، في دراسة ديموقراطية للموقف ، و مع ذلك لم يعب القرآن على سبأ نظامها الحاكم و لا ديموقراطتيها البدائية و لا طالبها بتفكيك ملئها ، كل ما طالبها به هو الإسلام .

    كان محمد داعياً لدينه لا لدولة الإسلام ، و وفقاً لرغبات السماء ، التي لم يكن من بينها التسلط السياسي و ضم البلدان تحت سلطان العرب .

    و إذا كانت الدولة هدفاً لدين الإسلام ، فإن ذلك يدفع إلى التساؤل : لقد كان النبي موجوداً و مدعوماً من السماء رباً و ملائكة و مع ذلك لم يتمكن من إقامة هذه الدولة . . . فلماذا ؟ ، لسبب شديد البساطة هو أن الدولة لم تكن ضمن جدول اهتمامات الإسلام ، و لو كانت كذلك لتحققت على يد نبيه كأعظم دولة خالدة على الأرض ، و لم تنتظر الإخوان المسلمين ليقيموها لنا ، و لا انتظرت دستورنا ليقرر أننا دولة إسلامية ، زيادة في دين الله ، و مزايدة عليه ، و على ربه ، و على نبيه .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de