ويمضى الشماسة فى الفجر الفضى ! (أو لنقل الإبادة) !!؟؟

Quote: ويمضي الشماسة في الفجر الفضي! (أو لنقل الإبادة) June 28, 2011 مجتبى عرمان ….. (ضحايا الاسبيريت في تزايد وعدد القتلى يتجاوز السبعين .. دخلت 12 جثة جديدة إلى مشرحة مستشفى أمدرمان من المتشردين ضحايا الكحول السامة ليرتفع العدد الكلي إلى سبعين قتيلاً ..) صحيفة التيار .. الأحد 26 يونيو 2011م. هكذا يمضي البشر في بلادي .. وأي بشر أولئك الصبية نحيفي الأجساد .. ممشوقي القامة .. دخلوا الدنيا بدون شهادات ميلاد وخرجوا منها بدون أن يعرف أي أحد السبب! فهم ليس كما قالت جريدة التيار ضحايا الاسبيريت .. فهم ضحايا الحرب والنزوح .. (ومجتمع) لا تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلاً .. فالمتسبب الأول والأخير لم يكن وسوف لن يكون (الاسبيريت) وإنما الحرب والذين أشعلوها .. بدءاً بالجنوب ودارفور وكردفان. ولأن الأشياء ملتبسة نتساءل باستغراب عن سر الاندهاش .. لماذا يموت سبعون من البشر وكأن شيئاً لم يكن!؟ ولو كانت هذه الحادثة في أي بلد متحضر لأثارت قضية أخلاقية كبرى! ولكن المفارقة تكمن في أن هذه الحادثة التي تمزق نياط القلب تحدث في ظل دولة تدعي أنها من أكثر المجتمعات صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم! وتدعي الحكم بما أنزل الله ولكنها تناست وعن قصد مقولة الصحابي عمر بن الخطاب الذي قال: (لو عثرت بغلة بالعراق لكنت مسئولاً عنها …) فأين نحن من كل هذا! ياللفاجعة! عذراً (الشماسة) وأنتم تتهاون واحداً واحداً في زمن نهب الثروات وحكم الأقلية التي لم تر فيكم سوى مهدد أمني و(حزام أسود) يطوق العاصمة التي ينبغي أن تظل نقية و(صافية لبن) لأن وجودكم يخدش الحياء العام. وبالرغم من الجرم الذي (ارتكبناه) فيكم مرتين .. المرة الأولى حينما فشلنا في إدارة التعدد الديني والإثني وخلق دولة القانون .. وحاولنا أن نجعل منكم نسخة (منا) أو على طريقة (One size fits all) فأعلنا عليكم الحرب .. فتناثرتم كحبات الرمل في العاصمة .. ولكن أيها الأشقياء لم تركنوا إلى قسوة الحياة فشاركتم بكل فعالية في معركة الصراع الاجتماعي في انتفاضة 1986-مارس أبريل .. فكانت صحيفة الشماسة .. وأيضاً ساهمتم في (الاقتصاد) اليومي في غسيل العربات .. وأنتم تأكلون من عرق جبينكم فلم تكونوا عالة على المجتمع .. وتحملتم الكشات التي كانت تحت مسمى المحافظة على منظر العاصمة الحضارية جداً! وتارة تحت دعاوى (تهديد الأمن القومي) فكم نحن حضاريين جداً .. *** أولم يقل أحد الفلاسفة أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان! وإلى متى يستمر هذا العجز في زمن مستباح، أجساد أطفالنا وإخواننا تتناثر كحبات الرمل والأرض تترنح من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ودمنا رذاذاً يسقي هذه الأرض العطشى لدولة القانون واحترام آدمية وكرامة الإنسان فوداعاً أيها الشماسة .. وكم نحن حزينين ومفعمين بالمرارة بعد أن ضاقت بنا الجهات .. آه من تلك الريح الرعناء .. وآه من تلك الليلة شديدة الحلكة في هذا الغسق المدلهم الذي انهمر على تلك الأجساد النحيلة .. التي أرهقها طول المسافة وظلم الإنسان لأخيه الإنسان وقسوة السنوات العجاف والشقاءات وهي تحتز الشرايين .. ولكن كنتم وما زلتم تشكلون ملمح وضئ من سماوات الخرطوم وأنتم تتحدون عواصف الفضاء وكنتم كالجذر ضارباً بعمق في النيل الذي لم يتعب يوماً من المسير .. فأنتم تخوضون صراعاً مميتاً من أجل البقاء وضد قسوة النخبة المتبلدة الأحاسيس التي لم ترى فيكم سوى مهدد للأمن .. وأظنها تقصد أمنها الشخصي .. وضد الفساد الذي يفرش ظلاله السوداء على الروح الإنسانية فيالقسوتنا أفراداً وجماعات، حكاماً ومحكومين.. لأننا لم نر يوماً أنكم مكون أساسي من مكونات المجتمع .. وأنتم ثمرة مرة من ثمار الاستبداد والنهب الاقتصادي .. وأنكم أبناء هذه الأرض الآثمة التي تركتكم لليالي الشتاء القاسية وعند فرندات السوق العربي .. وسينما أمدرمان .. وليس ذلك فحسب بل سلطنا عليكم بوليس الكشة وسياطه التي لا ترحم! فعذراً فنحن نعيش عصر الانحطاط والانفلات الغريزي وخروج الوحش من دواخلنا والوحش قانونه الافتراس والغاب!.. وأيضاً الطغيان والانهيار .. ولكن تظل الحقيقة أن الشعب الذي لا يتضامن معكم هو شعب مهزوم ومغلول وأناني! والذين أخذوا السلطة بحد السيف والمال وتركوا الأرض مرتعاً لنهم رأس المال الطفيلي لهم غلاظ القلوب ومتبلدي الإحساس .. فيا لكرمنا الحاتمي الفياض .. فإذن العار فينا والذل فينا .. فموتكم بهذه الطريقة يكشف عن عجزنا وقلة حيلتنا وهواننا على الظالمين! فعذراً للمرة الألف .. وعذراً فقد تبدلت الدنيا وفسدت النفوس وتحولت البلد إلى غابة ووحوش وجاء عصر التلوث الحضاري واللامبالاة .. وما عاد الحمام يأتي بالسلام .. وهذه الخرطوم لا تحتملكم ولم تكن في يوم من الأيام رحبة وكريمة .. فهي كريمة مع المفسدين والمبذرين (وإن المبذرين إخوان الشياطين).. فموتكم المأساوي هذا يمثل فضيحة لعصر الدولة (الإسلامية) ودعاة الفضيلة والمشروع الكذوب ونحنا ونحنا الشرف الباذخ .. وبلادي أنا .. وحتى الطير يجيها جعان من أطراف تقيها شبع! وأخيراً ..أظن أن سماوات الخير والجمال ونجمة الصبح وموج البحر وطير الرهو بحاجة إليكم أكثر منا! ألا رحم الله الشماسة الأحياء منهم والأموات..