|
|
 الحوار في الاسلام نتائج وحقائق ... كتاب بقلم الحبيب عبد المحمود ابو
|
ـ المقـــدمـــــة ـ
الإنسان مدني بطبعه ، هكذا قررعلم الإجتماع مؤكداً أن الإنسان بحكم تكوينه لن يستطيع العيش منفصلاً عن مجتمعه البشري ، هذه الخاصية جعلته يتميز عن المخلوقات الأخرى بصفات تقتضيها طبيعته المدنية مثل : احتياجه لبني جنسه للحصول على الحاجات التي يعجز عن توفيرها ، وتقديم الأشياء التي تزيد عن حاجته لمن يحتاج إليها في المجتمع ـ أي تبادل المنافع ـ كذلك تميزه بالعقل والحرية والإرادة والكرامة جعله ينتهج نهجاً مغايراً لبقية المخلوقات في أسلوب حياته وفي تعامله مع الآخر. فهو يستخدم عقله في معظم تصرفاته ومواقفه ومعارفه ، ليقوم بما يحقق له المصلحة ويتجنب ما يضره ، وهو حر في تصرفاته يفعل ما يريد وإن لم يشأ فلا جبرية ، والإرادة تمكنه من الإختيار فيأخذ ما تستلطفه نفسه ويدع ما يكره ، وكرامته تجعله يحس بالإهانة فيغضب ، وبالإحترام فينتشي ، تتصارع في داخله كل المتناقضات ، يتطلع لمعرفة المجهول ولا تهدأ نفسه إلا لتبدأ من جديد ساعية للمعـرفة .
كأن عدة أرواح تقوم به
فليس يهدأ ولاتهدأ رغائبه
إنه مخلوق عجيب لم يكتشف كنه ذاته بالرغم من تقدمه في مجال العلم : ( يقوده طموحه المعرفي لاستكشاف الفضاء المتناهي في الكبر ، وجزئيات الذرة المتناهية في الصغر ولكنه مع ذلك قليل المعرفة بذاته . إنه عرف نفسه كثيراً في المسائل الحسية ولكن قليلاً في المسائل النفسية . وفي المجال النفسي أحاط الإنسان كثيراً بالأمور التي تتحكم فيها الغرائز وتحكمها الهرمونات ولكنه قليل الإحاطة بعقله الباطن )([1]) .
المجتمع الإنساني يختلف عن مجتمعات الأمم الأخرى في علاقاته لأنه مجتمع عقلاء أحرار ذوي إرادة ، وهذه الخصائص تنعكس آثارها على المجتمع الإنساني وتتعداه إلى الطبيعة وإلى الكون الذي يضمه أرضاً وفضاء ، وعندما أراد الله سبحانه وتعالى خلق البشر خاطب الملائكة محاوراً لهم بأنه أراد إيجاد جنس مغاير للكائنات الحية ليكون خليفة في الأرض يعمرها ويستعمل عقله للإستفادة من النعم المودعة فيها وينظم علاقته مع بني جنسه ومع المخلوقات الأخرى وفق المنهج الذي ارتضاه الله له بإرادته لا جبراً ، وذلك عن طريق الرسل الذين يبتعثهم سبحانه وتعالى ، وقد تساءلت الملائكة ما الداعي لإيجاد هذا المخلوق والكون كله يسبح بحمدك ويقدس لك ، وإننا نخشى أن يعيث هذا المخلوق في الأرض فساداً ويسفك الدماء ، وجاء الجواب الإلهي قاطعاً منبهاً الملائكة أنه يعلم ما لا يعلمون . هذا الحوار بين الله والملائكة ذكره القرآن الكريم في أسلوب واضح قال تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة:30] ونلاحظ هنا أن خلق الإنسان الأول ارتبط بحوار بين الله والملائكة يتعلق بهذا المخلوق الذي أنيط به تعمير الأرض والقيام بأمر الإستخلاف ، وبعد خلق الإنسان الذي تجسدت فيه خصائص التميز البشري المعرفية والإرادية والوجدانية علمه ربه الأسماء كلها وسنن الحياة وقوانين الطبيعة ، ثم تجدد الحوار بين الله والملائكة في حضور الإنسان ليبين الله للملائكة التكريم الذي اختص به البشر دون غيرهم قال تعالى : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾[البقرة:31-33] وبعد هبوط الإنسان إلى الأرض أرسل الله الرسل ليعرفوا الناس بخالقهم ويبينوا لهم سر هذا الوجود ومآله ومكانة الإنسان فيه وما هي الوظيفة التي خلقوا لأجلها واستؤنف الحوار بين الله والرسل ، وبين الرسل وقومهم وبين الناس مع بعضهم بعضاً .
وجاءت الرسالة الخاتمة مصدقة للرسالات السابقة ومؤكدة وحدة المصدر الديني السماوي ، ووحدة الأصل الإنساني مع الإقرار بالتعدد النوعي والعقائدي والفكري والثقافي وداعية للتواصل والتعاون والتبادل المعرفي والمصلحي بين الناس .
وسائل التواصل الإنساني كثيرة منها الناعمة ومنها الخشنة ، ولكل وسيلة ظروفها ومبرراتها ، والإسلام لا يخلو من الوسائل الخشنة إذا اضطر إليها ولكنها تستعمل وفق ضوابط مشددة تكاد تلغي خشونتها ولا تستعمل إلا إذا استنفدت الوسائل الأخرى ، ولكن تظل الوسائل السلمية هي السائدة لأن الإسلام دين السلام والتسامح والحوار .
إن مساحة الحوار في الإسلام كبيرة ومتنوعة وقد تعرض البحث لحوار الذات والحوار مع الآخر بصورة مفصلة ، وتأتي أهمية البحث في ظل ظروف وجد العنف فيها مساحة أكبر نتيجة للغلو الداخلي والهيمنة الخارجية مما يتطلب خطة طريق ثالثة تلقي الضوء على القواسم الإنسانية المشتركة وتؤصل لثقافة الحوار في المجتمع . فالأوضاع الحالية أوضاع استثنائية لا بد من تجاوزها ، غير أن الحوار يحتاج إلى خطوات يقوم بها المتحاورون تتمثل في الآتي :
الخطوة الأولى : إيجاد قناعة لدى الأطراف الراغبة في التواصل أو التي لا تزال مترددة بأنه لا بديل عن التواصل والحوار .. وفي هذا العصر ، عصر انكماش المسافات وعولمة وسائل الاتصال والمواصلات وعولمة التقنية ، لن يربح أحد من الحروب وعملية الزعزعة والتهديد ، فالمنتصر هو أيضاً منهزم .. إن الوعي بهذه الحقيقة سيكون الخطوة الأولى للحوار .
الخطوة الثانية : إنَّ ضبط وربطَ التواصل والحوار بأهداف وغايات يضبطُ المسيرة ويوضح الدرب حتى ولو التوت السبل وتعرجت المسالك ، وبالعكس ؛ فإنَّ الحوار الهائمِ العائمِ الذي ليس له هدف ولا غايةٌ هو حوار من أجل الحوار قد يكون مقبولاً في بدايات الطريق لاستكشاف ساحات التواصل واستيضاح مناحي المشاكل ، ولكنّه لا يجوز أن يكون أبدياً بل لا بد أن يضع المتحاورون نصب أعينهم محطات يسعون للوصول إليها وتجذبهم إلى الأمام وتشدهم إلى الأهداف فتهون في سبيلها الصعاب وتذلل العقبات .
الخطوة الثالثة : الاعتراف بالاختلاف للوصول إلى التعارف والائتلاف ، " إنَّ الاعتراف بالاختلاف يمثل أهم منطلق لحل الخلاف ، ولهذا فقد يكون من المناسب الإشارة إلى بعض نقاط الاختلاف القيمي كاختلاف المصدر ، واختلاف مفهومِ النظام العام ، وهو المعروف أو العرف الذي يتلقَّى الرضا العامّ أو النكير المطلق في أيِّ مجتمع "([2]) .
إن المناخ ملائم لتقديم بديل للعنف والعنف المضاد فالإنسانية تأذت كثيراً من الحروب وآثارها , والصراعات الدينية والإثنية ، وصراعات المصالح فهي تتطلع إلى عالم يسوده السلام وتظلله المحبة ، وتحل نزاعاته بوسائل مرنة وناعمة ، ويؤكد ذلك كثرة المؤتمرات والملتقيات والمقالات الداعية للتسامح والتعايش السلمي .
أهداف البجث :
إن أهداف البحث تتلخص في الآتي :
(أ) دحض الإتهام الموجه ضد الإسلام بأنه فرض عقائده وتعاليمه بالسيف .
(ب) إبراز رؤية إسلامية بديلة لأطروحة صدام الحضارات .
(ت) رفد المكتبة الإسلامية بأطروحة تساهم مع ما كتب في هذا المجال .
(ث) نشر ثقافة إسلامية تؤصل للتسامح والحوار في ظل أجواء تنتشر فيها ثقافة العنف والتطرف .
فرضيات البحث :
ـ الفرضية الأولى :أن الإسلام يعتبرالإختلاف بين الناس ضرورة إجتماعية ومجالا للتعارف والتعاون وليس ساحة للتعصب والتقاطع .
ـ الفرضية الثانية : التكامل بين الإسلام والرسالات السابقة .
ـ الفرضية الثالثة : الاجتهاد في الإسلام ضرورة شرعية .
ـ الفرضية الرابعة : الحوار وسيلة إسلامية أصيلة في العلاقات .
إن هذا البحث لا يدّعي الإحاطة ولا الشمول ولكنه مساهمة متواضعة في إبراز مكانة الحوار في الإسلام ، وعناوين فصول الكتاب مأخوذة بتصرف من العناوين التي أعدتها جائزة الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني للعلوم الشرعية والفكرالاسلامي.والله نسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
[1]) الإمام الصادق المهدى : نحو ثورة ثقافية ، ص (19) الطبعة الأولى 2006م مكتبة الشروق الدولية القاهرة
[2]) عبدالله بن بيه عضو مجمع الفقه الإسلامى ووزيرالعدل الموريتانى السابق ، من مقال نشر في صحيفة الشرق الأوسط 30 مارس 2006م
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحوار في الاسلام نتائج وحقائق ... كتاب بقلم الحبيب عبد المحمود ا (Re: عمر عبد الله فضل المولى)
|
هذا خطاب جاء ليبقى ..وهذه الرؤية الاسلامية المتسامحة المعتدلة
التى تراعى الاصل والعصر رؤية تناسبنا تماما...الشكر لاميرنا
وشيخنا عبدالمحمود أبو الذى ظل وصحبه فى هيئة شئون الانصار
يفتحون نفاجات فى واقع مظلم ..وعبدالمحمود تحديدا قبس مهدوى
عالى التوهج ..ومن ثم الشكر لامام العصر الذى ارسى الدعائم ووضع
اللبنات حتى رايناه جدارا عاليا شاهقا .. بنى بالتسامح والمحبة..
يتوافق مع متطلبات عصرنا ومستصحبا اصول فكرنا ...
جهد علمى يستحق ان يتوقف ا لناس عنده ..ويطالعوه بعقولهم
فهى مائدة تناسب العقول المتطلعة للمعرفة...والمستشرقة
لغد افضل ..ادعو الجميع للمتابعة ..وساكون من المتابعين ..
شكرا ياحبيب عمر ...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحوار في الاسلام نتائج وحقائق ... كتاب بقلم الحبيب عبد المحمود ا (Re: محمد عبدالرحمن)
|
Quote: هذا خطاب جاء ليبقى ..وهذه الرؤية الاسلامية المتسامحة المعتدلة
التى تراعى الاصل والعصر رؤية تناسبنا تماما...الشكر لاميرنا
وشيخنا عبدالمحمود أبو الذى ظل وصحبه فى هيئة شئون الانصار
يفتحون نفاجات فى واقع مظلم ..وعبدالمحمود تحديدا قبس مهدوى
عالى التوهج ..ومن ثم الشكر لامام العصر الذى ارسى الدعائم ووضع
اللبنات حتى رايناه جدارا عاليا شاهقا .. بنى بالتسامح والمحبة..
يتوافق مع متطلبات عصرنا ومستصحبا اصول فكرنا ...
جهد علمى يستحق ان يتوقف ا لناس عنده ..ويطالعوه بعقولهم
فهى مائدة تناسب العقول المتطلعة للمعرفة...والمستشرقة
لغد افضل ..ادعو الجميع للمتابعة ..وساكون من المتابعين ..
شكرا ياحبيب عمر ... |
نعم انه جهد جبار وقيم لرؤية اسلامية معتدلة ومتسامحة تعبر عن الاسلام بمعناه الانساني السامي الذي يتوافق مع فطرة الانسان ...
والحبيب والامير عبد المحمود رجل من منارات المهدية الشامخة والمضيئة في هذا الزمان استطاع ان يتبع القول بالعمل .
لك التحية الحبيب محمد عبد الرحمن
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عمر عبد الله فضل المولى
محمد عبدالرحمن
محمد الأمين موسى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست