الحرب الخفية المخابرات السودانية و الليبية معلومات تنشر للمرة الاولى.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 03:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-07-2011, 03:57 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحرب الخفية المخابرات السودانية و الليبية معلومات تنشر للمرة الاولى.

    إعداد: ضياء الدين بلال - محمد عبدالعزيز
    تصوير: سعيد عباس- أبوشيبة
    مثلت عملية (بدر الكبرى) واحدة من أجرأ عمليات المخابرات السودانية، حيث مثلت العمود الفقري لعدد من العمليات المتتالية في الفترة من العام 1978-1981، وهى حقبة زمنية مهمة مثلت واحدة من أسخن فصول العلاقة بين نظامي نميري والقذافي، فقد دارت حرب ظاهرة وباطنة بين الطرفين، لم يدخر فيها أي طرف جهدا للقضاء على الآخر بكل ما أوتي من قوة.
    <<<
    بعد انقشاع غبار معركة 1976 وإجهاض محاولة قوى المعارضة المدعومة من القذافي، تنهدت الأجهزة الأمنية السودانية وهي تستشعر خطورة النظام الليبي على أمن واستقرار الخرطوم، لتخلص لنقطة مهمة مفادها ضرورة القضاء على الآخر أو إضعافه على أسوأ الفروض في سبيل البقاء، كانت معركة قانونها الوحيد اللاقانون.

    استدعاء عاجل
    فى الثامن عشر من أغسطس من العام 1981 وصل استدعاء عاجل وسري لمدير العمليات بجهاز أمن الدولة العميد خضر الحسن. شعر خضر بخطورة الموقف، سرح قليلا محاولاً توقع أجندة الاجتماع الذى سيجمعه بقيادات الجهاز، شعر بالإرهاق ولم يصل لنتيجة قاطعة، كان حدسه الأمني يخبره أن الأمر ينطوي على حدث مهم لأقصى حد، دعا مدير الجهاز لاستدعائه بنفسه.
    لم يمض كثير وقت قبل أن يجد مدير العمليات نفسه في قاعة الاجتماعات وجهاً لوجه مع مدير الجهاز الفريق عمر محمد الطيب، ونائبه اللواء كمال حسن أحمد، ساد الصمت لفترة من الوقت داخل أرجاء القاعة، لم يشأ مدير العمليات أن يقطعه، فاكتفى بالتركيز والانتباه، كان ذلك ما يسعى له مدير الجهاز وهو يعمد لإحداث أقصى درجات التحفيز والانتباه قبل أن يتحدث، تنحنح قليلاً، قبل أن يوجه ناظريه نحو مدير العمليات ويقول له بلهجة واضحة مليئة بالتحدي: "نحن نخطط لعملية بالغة الخطورة، تستدعي استخدام أفضل الكوادر وأكثرهم خبرة، فأي خطأ فيها يعني فشلها والقضاء على أفراد العملية"، صمت عمر محمد الطيب قليلاً وهو يتأمل تأثير كلماته على خضر، قبل أن يردف أيضاً "إنها تقتضي الدخول لوكر الذئاب والعبث بهم".
    قال خضر بعد أن استشعر خطورة المهمة: "هل تسمح لي بدراسة ملف العملية، ليتسنى لي ترشيح الضابط المناسب؟". ضحك مدير الجهاز وابتسم نائبه كمال قبل أن يربت على ظهر خضر ويقول له: "أعتقد أنك لن تحتاج لضابط لتنفيذ هذه المهمة"!!.
    وقبل أن يزول استفهام مدير العمليات، فاجأه مدير الجهاز بأنه هو من سيقوم بتنفيذ العملية، صُدم خضر قليلاً فهو لم يكن يتوقع ذلك، إلا أنه سرعان ما أدى التحية العسكرية وأعلن عن استعداده لتنفيذ المهمة.

    طرف الخيط
    أمسك مدير العمليات بملف العملية الجديدة وبدأ يقرأ بتمعن. كانت المعلومات الموجودة قليلة، والخطة بكاملها تصنف في خانة العمليات الارتجالية، فلا سندَ يُرجى خلف خطوط العدو، ولا مساعدةَ تنتظر.
    كان طرف الخيط هو معلومات مررها عثمان إبراهيم طويل وهو شاب شمالي جنوبي، والده من تجار أم دوم، وأمه شقيقة سلطان دينكا أويل السلطان رينج دينق وول، المعلومات التي مررها طويل لم تأت منه هو، ولكن أتت من بيروت من أحد الرأسماليين السودانيين المقيمين في بيروت ويمتلك مكتبا تجاريا هناك، كان هذا الشخص هو محمد أحمد سليمان من كبار القيادات الشيوعية، ولكنه اختلف مع حزبه وبات يحمل صفة كادر سابق تفرغ لإدارة أعماله مستقرا في بيروت.
    واصل خضر في قراءة بقية المعلومات التي من المفترض أن تنسج على ضوئها العملية، كانت كل المؤشرات تؤكد أن السلطات الليبية متعطشة لعمل عسكري وسياسي لإسقاط النظام في السودان، كان الدرس الذي استفاده الليبيون من تجربة العام 1976 (الجبهة الوطنية/المرتزقة) هو إسناد العمل لضباط عسكريين في الخدمة، لذلك كانوا يركزون جهودهم بحثا عن هولاء الضباط، غير مكترثين في تلك المرحلة بالسياسيين بعد فشل تجاربهم معهم، خاصة بعد مصالحة أكبر فصائل المعارضة للنظام.

    شهادة الميلاد
    لاحظ مدير العمليات أن العملية التي شرعوا فيها لم تكن تحمل اسماً حتى تلك اللحظة فقرر بالتشاور مع قياداته إطلاق اسم (بدر الكبرى) على العملية، كان الهدف الأساسي منها هو التوغل في نوايا النظام الليبي تجاه الخرطوم ومعرفة ماذا يخطط له، مع هامش كبير تُرك للمناورة والارتجال.
    تم إدراج إبراهيم طويل ومحمد أحمد سليمان وشقيقه حسن ضمن أفراد العملية لإضفاء طابع سياسي، هذا فضلا عن خضر الضابط بالقوات المسلحة والذي تم انتدابه للعمل بالجهاز فتدرج حتى أصبح مدير العمليات، كما أنه كان قائد أطقم الحماية الخاصة بتأمين الرئيس جعفر نميري، بجانب ضابط آخر من الجيش.
    تم اتخاذ أقصى درجات الحذر والتأمين حتى لا تتسرب المعلومات عن عملية (بدر الكبرى)، حتى داخل أروقة الأجهزة الأمنية، فباستثناء طاقم العملية لم يكن أحد يعلم بها سوى مدير الجهاز ونائبه، ولاحقا تم تنوير الرئيس نميري وأخذ الضوء الأخضر لتنفيذ العملية.
    فى تلك الأثناء كانت الأجهزة الأمنية السودانية على تنسيق مع عدد من أجهزة الاستخبارات حول العالم، وكانت تربطها علاقة خاصة بالمخابرات المصرية والأمريكية، ومع ذلك لم يلحظ أي أحد منهم أي مؤشر على القيام بشيء غريب، كان مدير العمليات خضر يستقبل ضباط المخابرات المصريين في مكتبه، ويجري الحوارات معهم في حالة تراخ كامل وكأن شيئاً لم يكن، وفي ذات الأثناء كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق لتنفيذ عملية استخباراتية خطيرة، كان يمكن لهم أن يلحظوا تلك الخطوات التي كانت تجري أمامهم ولكنها كانت بدرجة عالية من الوضوح يستحيل معها أن تكون عملية استخباراتية مما جعلهم لا يشكون، كان ذلك دليل نجاح للعملية لم يتأكدوا منه تماما إلا بعد وقت طويل.

    معلومات أمريكية
    فى المقابل فإن عملاء المخابرات الأمريكية كانوا يعلمون جزئيا بالعملية، كان ذلك ضروريا لتوفير معلومات استخباراتية لضمان إنجاح العملية، كان جزء من تلك المعلومات يتعلق برسم نموذج كامل لـ(باب العزيزية) القاعدة العسكرية التى تقع جنوب العاصمة الليبية طرابلس، وقد كانت المقر الرئيسي للزعيم الليبي معمر القذافي، وفيها بيته إلى جانب عدد من الثكنات العسكرية والأمنية.
    كان مدير العمليات يدرك جيدا أن اقتحام هذه القلعة الحصينة دون معرفة كل شيء عنها يعني فشل العملية، لذلك عكف جيدا على دراسة نماذج لها، والتعرف على ممراتها وطرقاتها السرية، فهذه القلعة شديدة التحصين التي أقيمت على مساحة ستة كيلومترات مربعة في موقع إستراتيجي جنوبي طرابلس لتكون قريبة من جميع المصالح الرسمية في العاصمة وبجوار الطريق السريع المؤدي إلى مطار طرابلس, علاوة على كونها أشد المواقع الليبية تحصينا على الإطلاق، فهي محاطة بثلاثة أسوار إسمنتية مضادة للقذائف, إضافة إلى ضمها أكثر التشكيلات العسكرية والأمنية تطوراً من حيث التدريب والتسليح.. باختصار كتاب مليء بالأسرار.
    ساعة التنفيذ
    بدأ الجميع لتنفيذ العملية، عبر سلسلة من عمليات التمويه، بدأت العملية بتفرق أفراد المجموعة، التى كان من المفترض سفرها لطرابلس ودخول (باب العزيزية) وإقناع القذافي بأنهم ضباط في الخدمة يملكون تنظيما ناشئا داخل القوات المسلحة يعمل على قلب النظام والاستيلاء على السلطة، وهم في هذه المرحلة يعملون على تطوير هذا التنظيم عبر دعم ليبي، وفى سبيل ذلك يجب استخدام كل ما يلزم لإنجاح العملية بما في ذلك سب النميري والحديث عن عدم قبول الشعب السوداني له، وقد كان هذا كفيلا بإسالة لعاب القذافي الذي كان يعمل بأي ثمن لقلب النظام السوداني، لاسيما أن الفترة الأخيرة لم تشهد قدوم مجموعات في الخدمة، لذلك حرص خضر في مجازفة واضحة على حمل كل الوثائق والأوراق الرسمية الخاصة به والتي تشير للمواقع العسكرية والأمنية التي عمل بها، كانت تلك مجازفة حدية، فإما أن يقتنع القذافي وتنجح المهمة، واما أن يفشلوا فيعدم أفرادها، وحينها لن تسأل الخرطوم عنهم.
    مسارات ومتاعب
    اتفق خضر مع الضابط الذي معه على السفر إلى القاهرة وبيروت وجيبوتي بحجة العلاج، بينما يتخذ هو طريقا آخر، بداعي قضاء إجازته السنوية، على أمل اللقاء في جيبوتي وإن تعذر الأمر يكون اللقاء في باريس، كان خضر والضابط الآخر، يمثلان الجناح العسكري للخدعة بأكملها.
    حزم خضر أمتعته، وانتظر لأكثر من ثلاث ليال في جيبوتي، لم يصل رفيقه، ولم يتصل، شعر الرجل بالقلق، لم يكن يتوقع أن تبدأ المتاعب في مثل هذا الوقت المبكر، كان يدرك أن مهمتهم لا تحتمل التراجع، قضى الوقت المعلوم في الفندق، وغادر إلى باريس، على أمل أن يلحق به هناك.
    فى تلك الأثناء تحركت المجموعة المدنية بشكل منفرد أيضا وبطرق ومسارات متقاطعة ومتباعدة، محمد سليمان ذهب إلى القاهرة ومنها إلى أديس أبابا ثم باريس، بينما حلق شقيقه حسن إلى القاهرة ومنها إلى بيروت ثم باريس، أما الفرد الأخير من المجموعة عثمان طويل فقد كان في بيروت فحلق مباشرة لباريس.
    فى باريس تجددت متاعب خضر والمجموعة، فالضابط الذي كان من المفترض أن يرافقه اختفى، ولم يظهر له أثر، كان الأمر مقلقاً ومربكاً للجميع، فهو يشكل مع خضر الجناح العسكري وهو الطعم الذى سيستخدم لابتلاع الخديعة بأكملها.
    عقدت المجموعة اجتماعا سريعا في مقر إقامتها في باريس، لتختار بين أن تواصل العملية بعد اختفاء أحدها، مع احتمال تسرب معلومات منه وهو ما يشكل تهديداً للعملية، أو أن يواصلوا ويستمروا رغم كل تلك المخاطر.
    بعد جدل ليس بالقصير كانت غلبة النقاش أن يمضي الجميع في المهمة مهما كان الثمن، فقرروا تجاوز المختفي وإسقاطه من حساباتهم، كان ذلك يعني وبشكل واضح أن خضر سيتحمل أضعاف مهمته وسيمثل لوحده الطُعم الشهي للإيقاع بنظام القذافي، كانت سيناريوهات اختفاء الضابط المختفي متعددة، هل توصل إليه الليبيون وكشفوا ما بحوزته من معلومات، ام أن جهة ما قامت بتصفيته أو اعتقاله، أو أنه تراجع عن تنفيذ العملية لوحده بسبب خطورتها؟
    حدق خضر طويلا من النافذة في شوارع باريس المشتعلة وهو يدرس كل تلك الاحتمالات، قبل أن يلتفت لإبراهيم طويل ويقول له بلهجة حازمة تعني ألا تراجع بعد الآن: "اتصل بمندوب الليبيين".
    نواصل

    نشر بصحيفة السوداني.
                  

06-07-2011, 04:02 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحرب الخفية المخابرات السودانية و الليبية معلومات تنشر للمرة الاولى. (Re: يسرى معتصم)

    sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    الوالد الكريم خضر لك السلام و التحايا والاحترام والتقدير
    يتوسط الصورة
                  

06-07-2011, 04:06 AM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحرب الخفية المخابرات السودانية و الليبية معلومات تنشر للمرة الاولى. (Re: يسرى معتصم)

    (الخديعة الكبري).. أكبر عملية استخباراتية للتلاعب بالقذافي (2)
    ما المهمة التى نفذها مدير العمليات خارج مجموعته فور وصولهم ليبيا

    (...) هكذا أنجحت المعارضة اليوغندية مهمة الفريق حين وشت به
    من الرجل الذى كان برفقة السنوسي فى استقبال المجموعة بطرابلس؟
    لماذا ربط البعض مصير الضابط خضر بالامام موسى الصدر؟
    كيف نجح محمد سليمان فى تقديم المجموعة بصورة جيدة للنظام الليبي؟

    أعداد: ضياء الدين بلال - محمد عبد العزيز

    مثلت عملية (بدر الكبرى) واحدة من أجرأ عمليات المخابرات السودانية، حيث مثلت العمود الفقري لعدد من العمليات المتتالية فى الفترة من العام 1978-1981، وهى حقبة زمنية مهمة مثلت واحدة من أسخن فصول العلاقة بين نظامي نميري والقذافي، فقد دارت حرب ظاهرة وباطنة بين الفساطين، لم يدخر فيها أي طرف جهدا للقضاء على الآخر بكل ما أوتي من قوة.

    مرت عدة أيام قبل أن يصل ضابط المخابرات الليبي من العاصمة البورندية بوجامبورا بفعل الاتصال بابراهيم طويل، فى تلك الأثناء، كان مدير العمليات العميد خضر الحسن مثار سخرية المجموعة ابراهيم طويل ومحمد احمد سليمان وشقيقه حسن، كانوا يشيرون له باستمرار لمصير الزعيم الشيعي اللبناني موسى الصدر والذى أتته دعوة للقاء معمر القذافي فى ليبيا، فاختفى منذ نهاية أغسطس 1978، وقالت السلطات الليبية إنه غادر طرابلس الغرب متوجهاً إلى العاصمة الإيطالية روما دون أن يحضر الاجتماع المقرر بينه وبين العقيد معمر القذافي.

    مصير الصدر
    فى المقابل أجرت السلطات الايطالية تحقيقا واسعا وأجري استجواب لعناصر الشرطة في مطار فيوميتشينو في روما وقائد الرحلة المزعومة، ومدير فندق هوليداي إن في العاصمة الإيطالية وتم التوصل الى خلاصة أن الصدر ومرافقيه لم يصعدا إلى الطائرة ولم يصلا إلى إيطاليا وأن شخصين انتحلا صفتهما ودخلا الفندق المذكور وحجزا الغرفتين سبعمئة وواحد وسبعمئة واثنين لعشرة أيام. اكتشفت السلطات الإيطالية في الغرفتين حقائب وجوازي سفر السيد الصدر والشيخ يعقوب وتبين العبث بهما.
    كان خضر يستحضر كل ذلك، كان الخطر والتهديد يحدق به هو أكثر من غيره، فهو كان العسكري الوحيد وسط المجموعة، وكان الإيقاع به يعني مصيرا مختلفا عن بقية زملائه المدنيين، خاصة أنه لا علاقة رسمية لهم بنظام النميري ومؤسساته العسكرية، والأمنية.
    بدأت المجموعة فى مرحهاو سـخــريتـها وكأنها لاتهاب الموت أو أنها تسخر منه، وهم يمازحون بعضهم بذاك الشكل.
    انقطع كل ذلك المرح والمزاح وتبدلت ملامحهم تماما، وابراهيم طويل يصطحب ضابط الاتصال الليبي بعد وصوله من بورندي لمقر سكنهم، لم يستقروا بعدها كثيرا فى باريس، فقد رتب الليبيون أمورهم فحزموا حقائبهم واستقلوا طائرة الخطوط الجوبة الإفريقية باتجاه العاصمة الليبية طرابلس.
    رحلة سريعة
    ما أن حلقت الطائرة من مطار (شارلي ديغول) بباريس محلقة نحو طرابلس، حتى بدأ خضر استحضار كل ما يختزنه من معلومات حول العملية، كان يدرك أن المسافة الفاصلة بين باريس وطرابلس 1989 كم، وطوال زمن الرحلة التى تستغرق حوالي ساعتين وخمسين دقيقة.
    كانت الرحلة تضم المجموعة بجانب ضابط الاتصال الليبي المكلف بالتنسيق مع المجموعة بواسطة عثمان ابراهيم طويل، وتنتهي مهمته بإيصال المجموعة إلى طرابلس.
    لم يستغرق الأمر كثير وقت والمجموعة يسلكون طرقا أخرى غير التى سلكها ركاب الطائرة، دقائق معدودة وكانوا على متن سيارتين تشقان الطريق السريع من المطار للمدينة التى تقع على بعد (25) كلم، ليستقر المقام بهم بفندق فخيم على كورنيش المدينة.
    عين القذافي
    بالفندق كانت ثمة مفاجأة بانتظار المجموعة، حيث استقبلهم رجلان عرف خضر أحدهما. كان يوصف عندهم بأنه عين الزعيم الليبي معمر القذافي وأذنه ويده اليمني، فهو كان مدير مكتبه وصهره، علاوة على أن القذافي يكلفه بمهام أمنية ذات طابع خاص، وصلت حد قيادة جهاز الأمن الخارجي والاستخبارات العسكرية، أما الشخص الثاني الذى كان برفقة السنوسي فعرفوا لاحقا أنه سعيد راشد أحد القيادات في اللجان الثورية.
    قدمت المجموعة نفسها للرجال القذافي، وطوال ثلاثة أيام بالفندق كان خضر يدرك أن زيارة السنوسي الدائمة لهم وإشرافه المباشر عليهم، تعرب عن فحص وتدبر النظام الليبي لهم.
    تولى محمد سليمان مهمة التعريف بالمجموعة بوصفه رئيس التنظيم، وقد أظهر سليمان قدرات هائلة فى التخطيط والإقناع مستفيدا من خبرته التجارية ونشاطه السابق بالحزب الشيوعي، ليرسم بدقة شكل التنظيم المفترض للمجموعة والأدوار التى يقوم بها كل فرد منهم، وحجم الخلايا السرية التى يشرفون عليها.
    وقد فبرك سليمان الكثير من القصص عن تنظيمهم المفترض مستفيدا من معرفته التامة بخفايا العلاقة بين المعارضة السودانية والقذافي، والتى بدأت بعد انقلاب هاشم العطا وتغيير الموقف السعودي الداعم للمعارضة، وممارستها للضغوط على المعارضين، مما اضطر الآخرين للعمل على نقل أعمالهم للقاهرة إلا أن استعدادات السادات للحرب مع إسرائيل وحاجته لدعم كل الأنظمة العربية فى تلك المرحلة، جعلته يمتنع عن استقبالها، ويقترح عليها الذهاب للقذافي، وهو ما حدث تماما، فبحلول شهر أكتوبر 1973م كانت فصائل المعارضة قد استقرت فى ليبيا، مكونة الجبهة الوطنية السودانية بقيادة الشريف حسين الهندي ممثلا للاتحادي، عثمان خالد مضوي ممثلا للحركة الإسلامية، د. عمر نور الدائم ممثلا لحزب الأمة، وعبدالله زكريا ممثلا لحركة الثورة العربية.
    ابتلاع الطعم
    بدا أخيرا أن النظام الليبي ابتلع الطعم، واقتنع بالمجموعة الجديدة، ورغم ذلك بدا واضحا لخضر أن السنوسي شخص ذكي جدا إلا أنه مصاب بالخوف والرهبة الشديدين.
    حضر السنوسي مساء اليوم التالي مصطحبا لعبد الله زكريا أحد قيادات المعارضة السودانية فى ليبيا ويعتبر على علاقة خاصة بالعقيد القذافي نفسه، بل يعتبر أحد المنظرين للكتاب الأخضر، فقد أسس حركة معارضة عريضة من السودانيين الموجودين في ليبيا بعد فشل تجربة الجبهة الوطنية، بعد أن غير فى تكتيكات العمل لإسقاط نظام الخرطوم، عبر عمليات خاصة وخاطفة من خلال خلايا سرية يتم تدريبها فى ليبيا.
    قضى زكريا ليلته تلك فى غرفة خضر بهدف التأثير الفكري فيه، ولكن بدا أنه لم يطِق الرجل، فقد أعلن فى صبيحة اليوم التالي للسنوسي رفضهم التام العمل مع زكريا، أو حتى مجرد التنسيق معه.
    مفاجأة كبرى
    فى اليوم التالي كانت مفاجأة خضر أكبر وهو ويقابل ضابطاً سودانيا خطيرا هو يعقوب اسماعيل، تذكر فى لحظات سريعة مقدرات وخبرات يعقوب الذى كان ضابطا متميزا ضمن دفعة ابوالقاسم وزين العابدين محمد عبدالقادر، ولكن عدم اختياره ضمن مجلس انقلاب مايو جعله ناقما عليهم، فخرج على النظام بأكمله، أو هكذا كان خضر يعتقد.
    عرف خضر أن يعقوب يمسك بملف تدريب المعارضة السودانية المسلحة فى معسكرات بالكفرة، فى سياق عمل عسكري وسياسي هدف لإسقاط نميري.
    تم اصطحاب خضر فى سياق خطة منظمة من الليبيين للمعسكرات بمنطقة الكفرة الليبية على الحدود مع السودان، اندهش خضر وهو يرى حجم المتدربين والبرامج العسكرية التى يتلقونها، كان الأمر خطيراً ويهدد الخرطوم. كان يعقوب يقوم بإعداد مقاتلين شرسين لأقصى حد، مستفيدا من خبرته العسكرية، والإمكانيات الهائلة التى وضعها الليبيون تحت إمرته، كان أمر الوصول للخرطوم والاستيلاء على الحكم من أبناء دفعته مسألة وقت.
    الهدف الأول
    اتخذ خضر أقصى درجات التحفز، وهو يرى بأم عينيه حجم المخاطر التى تهدد النظام الذى يحرسه، لم يدخر جهدا، فى أن يستهدف يعقوب سليمان لخطورته، ولإضعاف الجانب العسكري.
    لم يخبر خضر أفراد مجموعته، بما ينوي فعله، من استهداف و(حرق) ليعقوب وبذر الشك فى علاقته بالجانب الليبي، كانت تلك مهمة بالغة الخطورة، تشبه السير فوق حقل من الألغام فأي خطوة خاطئة ستقود لانفجاره وتمزيقه، لذلك اعتمد خضر على العزف على وتر الحقيقة، بالإشارة الى أنه لا يتمتع بثقل اجتماعي وأنه منقطع عن أهله ، وأنه لم يزر والدته منذ تخرجه من الكلية الحربية وغيرها من الأمور. استمع الليبيون جيدا لتلك المعلومات، وتحققوا منها، وأيقنوا من صحتها، ليقوموا من فورهم بإبعاده من ليبيا الى أديس أبابا، ومن ثم تهربوا منه ولم يعودوا يدفعون له حتى أجرة الفندق، ليتم بذلك إبعاده نهائياً من اللعبة.
    أما عبدالله زكريا فوفقا لتقديرات خضر فإنه اعتبره غير فاعل عسكريا وأمنيا، وينحصر تأثيره فى الجانب السياسي والفكري، كما أن خضر أخبر القيادات الليبية بصراحة شديدة أنهم لا يريدون العمل مع عبد الله زكريا ولا التنسيق معه.
    رصد مضاد
    فى المقابل كانت أجهزة الأمن الليبية تجري تحرياتها عن خضر، الأمر الذى كاد أن يفشل المهمة، ويقود المجموعة لمصير مجهول.
    كان الأمر يتعلق بالمعارضة اليوغندية المتواجدة فى الأراضي الليبية، فقد عمل معارضو الرئيس أوبتي، من داخل الأراضي السودانية وقد نشط بعضهم تحت إشراف خضر، فباتوا يعرفونه جيدا ويعرفون أدواره فى النظام السوداني.
    فقامت قيادات المعارضة اليوغندية بتحذير طرابلس من مدير العمليات، وأخبرتهم بأنه الرجل الثالث فى جهاز الأمن، إلا أن خضر أمن نفسه وأخبر الليبين منذ وصوله بكل المعلومات، بل وملكهم الوثائق التى تشير للمواقع العسكرية والأمنية التى يتولاها فى السودان. ابتسم ضباط الأمن الليبي وهم يستمعون لما يعرفونه مسبقا، وبدل أن يشكوا فى الرجل، ازادت ثقتهم فيه أكثر، فهم لم يكونوا ليجدوا شخصا أفضل منه يحقق لهم رغبة القذافي فى إسقاط نميري.
    عند تلك النقطة تحديدا بلغت ثقة الليبين فى المجموعة أقصى درجاتها، ليبلغهم عبد الله السنوسي، أنه وبحلول صباح الغد سيتوجهون لـ(باب العزيزية) لمقابلة القائد القذافي.
    نواصل

    السوداني
                  

06-07-2011, 05:36 AM

بدر الدين اسحاق احمد
<aبدر الدين اسحاق احمد
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 17127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحرب الخفية المخابرات السودانية و الليبية معلومات تنشر للمرة الاو (Re: يسرى معتصم)

    العم العميد خضر الحســـن متعه الله بالصحة والعافيــة ...
    فقد كان يؤدى واجبه العسكرى تجاه بلده لم ينظر الى ليبيا سوى كمهدد لامن السودان القومــى
    كحال العشرات من ضباط الامن والمخابرات يزودون عن وطنهم ضد مهددات الامن القومــى
    لم يجدو من يقول لهم ( شكراً ) من قيادت بلادهم

    شكراً العم العميد خضر الحســـن فقد ابليت فى سبيل واجبك تجاه وطنك
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de