ادركوا الرئيس علي عبدالله قبل القذافي

Quote: ادركوا الرئيس علي عبدالله صالح قبل القذافي بقلم شاكر عبدالرسول بعد استلامه للسلطة في نهاية السبعينات من القرن الماضي , كرئيس للجمهورية اليمن الشمالي استطاع الرئيس صالح ان يقود سفينة القيادة ببلاده في وسط بحر متلاطم بالامواج , وكانت الوحدة بين شطري القطر تعد اهم انجاز تحقق في عهده غير ان مشروع الوحدة نفسه قد تراجع سريعا وتحول الى حرب بين صنًاع الوحدة انفسهم .وبدعم من رجال القبائل والاسلاميين استطاع صالح ان ينتصر على خصومه الجنوبيين الذين نعتهم انذاك بالشيوعيين والمرتدين والانفصاليين وغيرها من الاوصاف ,وما كان هذا النصر ان يتحقق لولا دعم وجده من زعماء القبائل تحديدا قبيلتي حاشد وبكيل , فالاولى مقرها بلدة سنحان بمحافظة صنعاء وهي منطقة علي عبدالله صالح, وقائدها وهو الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر, فوالده حسين الاحمر من المشايخ الذين شاركوا في انتفاضة القبائل ضد حكم الامامة اي هم رجال القبائل الذين كانوا يرددون المقولة الشهيرة "لا بد من صنعاء وان طال السفر" فقتله الامام مع عدد من اخوته وسجن الشيخ عبدالله و بعد سقوط نظام الائمة خرج عبدالله من السجن وتولى قيادة قبيلة حاشد وهو في مقتبل العمر, ففي دار المخطوطات اليمنية بصنعاء توجد رسالة كتبها الشهيد محمد الزبيري- والزبيري هو مؤسس الحركة الوطنية اليمنية ضد حكم الامامة - يقول للشيخ الاحمر(.....ان المطلوب منك ان تقول نعم وان تقول لا بكل قوتك ورجولتك وستغير حينئذ مجرى التاريخ...

Quote: اذا كنت لاتعرف قوتك نحن نعرفها والاعداء يعرفونها لا تصدق تواضعك وهدؤ نفسك الوديعة المسالمة ان الدنيا مشحونة بالاحقاد والشرور والتربص والنوايا الشريرة ومن لم يزد حوضه بسلاحه يهدم.....ومن لا يظلم الناس يظلم) لقد احتفى الشعب اليمني بهذه الرسالة واعتبروها كشهادة لمكانة الشيخ الاحمر وبجدارة تولى ادارة قبيلة حاشد وشارك في العمل السياسي مؤسسا حزب التجمع اليمني للاصلاح بقيادة الدكتور عبدالمجيد الزنداني وفي سابقة غريبة احتفظ ببطاقة عضويته في حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة علي عبدالله صالح , وتراْس مجلس النواب اليمني اكثر من ثلاث دورات ولديه عدد من ابنائه اعضاء في نفس البرلمان ,وجوده ساعد كثيرا على استمرارية نظام الرئيس صالح وبواسطته استطاع صالح ان يمسك بشعرة معاوية مع الاسلاميين . لقد استخدم الرئيس صالح كرت القبائل والاسلاميين بحنكة ودراية ضد خصومه الجنوبيين اليساريين وكما استخدمه اخيرا ضد الحوثيين وكان الشيخ الاحمر وعائلته هم حلقة الوصل . ففي عام 2008 توفي الشيخ الاحمر(رحمة الله عليه) وبغيابه بداْت العلاقة التي كانت تربط بين بيت الاحمر ونظام صالح تبتعد ويبدو ان السبب الاساسي هو صعود نجم العقيد احمد نجل الرئيس صالح الذي تولى رئاسة قوات الحرس الجمهوري بعد عودته من الدراسة في امريكيا وبداْ اسمه يظهر كوريث لحكم والده ومن سؤ الحظ لم يقم الرئيس صالح في السابق باْي محاولة لنفي مثل هذا الاحتمال وكان دائما عندما يحاصر بسؤال عن وراثة ابنه يقول احمد مواطن يمني ومن حقه ان يخدم بلده في اي موقع يريده وكما لا ننسى بان رياح التغيير بدأت تهب في المنطقة العربية بشدة , وابناء الشيخ الاحمر ليسوا بمعزل عن هذا المحيط يبدو انهم بداْو يفكرون جديا عن كيفية الحفاظ على مكانتهم التاريخية بعد زوال نظام علي عبدالله صالح واليوم الشيخ حميد الاحمر ربما هو الذي يحمل مثل هذه الفكرة وحميد عضو بارز في التجمع اليمني للاصلاح وهو حزب الاسلاميين , وكما انه نائب برلماني ويملك استثمارات ضخمة , و يؤول عليه كثيرا بان يلعب بدور كبير في مستقبل اليمن في المرحلة القادمة ,اما القبيلة الثانية التي اعتمد عليه صالح وهي بكيل وحاضرتهم قرية برط رجوزة في محافظة الجوف وزعيمهم هو الشيخ ناجي الشايف , تشرفت للعمل في قريته في نهاية التسعينات , وسكنت في دار تبرع به هو للمعلمين. وللصدق اقول وهو رجل كريم وشهم عيبه الوحيد انه متسرع في قراراته واحيانا يرتكب اخطاء ويدفع اموالا طائلة لحل مشكلة كان بامكانه ان يتفاده بكل سهولة , صورته كسياسي لم يتضح كالشيخ الاحمر ولكنه رجل قبيلة بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني , ففي التسعينات اختلف مع احد الوزراء في نقاش لهم في البرلمان وبعد خروجهم اطلق حراسه النار على الوزير وتم جرحه وتدخل الرئيس صالح لحل الاشكال ووفقا للتقاليد اليمنية في مثل هذه الحالة يذبح الجاني ثورا يسمونه بهجر الا ان الشيخ رفض فاضطر الرئيس ان يذبح الثور نيابة عنه وللسياسي اليمني المخضرم الارياني عبارة شهيرة قالها في ذلك اليوم "ذبحت الدولة يوم ذبحت الثور" وفي نهاية التسعينات كلف صالح الدكتور فرج بن غانم لرئاسة مجلس الوزراء , وطلب منه باجراء اصلاحات ادارية واسعة في نظامه , وغانم هو تكنوقراطي يمني تخرج من جامعة الخرطوم في السبعينات ويعمل في جنيف , يقولون بانه رفع قائمة لعدد من الشخصيات وطلب من الرئيس بعزلهم من القيادة السياسية , ومن ضمن الاسماء الواردة الشيخ الاحمر والشيخ ناجي الشايف وعندما قراْ الرئيس صالح القائمة قال له اتق الله ياغانم هذه الاسماء المذكورة لا احد يستطيع ان يعزلهم الا ملك الموت , قام الشيخ ناجي بدور ملموس بتعبئة ابناء قبيلته في دعم الرئيس صالح في حربه ضد خصومه الجنوبيين , وكما دعمه مؤخرا ضد الحوثيين بتشجيع من الامراء السعوديين الذين يجاورهم .هؤلاء هم الرجال الذين اعتمد عليهم الرئيس صالح كثيرا في تثبيت دعائم حكمه وبفضل الله وبجهدهم استطاع ان ياخذ لقب ثاني رئيس عربي بقاءً في السلطة من حيث المدة الزمنية. اليوم كل هذه التحالفات قد بداْت تنحل , والمنطقة نفسها تمر بتغيرات ديناميكية كبيرة , ويبدو انه استوعب الوضع جيدا وحاول ان يسبق الاحداث غير ان الوقت ليس في صالحه , بالامس قراْت بان هنالك تحالف بين قبائل حاشد وبكيل مع قيادات احزاب اللقاء المشترك في مدينة عمران بقرب صنعاء وقرروا بانهم سيتجهون نحو ميدان التحرير في العاصمة للانضمام الى المعتصمين لو فعلا اجتمعوا ورددوا مقولتهم الشهيرة "لابد من صنعاء وان طال السفر" نقول ادركوا سد ماْرب قبل النهر الصناعي . شاكر عبدالرسول امريكا - كنتاكيي

Quote: على خلاف الثورات العربية الاخرى , يرابط الجمهور المناصر للرئيس صالح في ميدان التحرير بوسط صنعاء. بينما يعتكف شباب الحرية في ساحة التغيير بقرب من جامعة صنعاء. حيث توجد فيها لوحة كبيرة كتب فيها بخط عربي رائع حديث للرسول الكريم(الايمان يمان والحكمة يمانية).وعلى مسافة قريبة من نفس المكان يعسكر فيها قوات العقيد محسن الاحمر قائد المدرعات الذي انضم الى الشباب. وعلى بضعة اميال من ذلك المكان في شارع السبعين يقع القصر الرئاسي الذي يقم فيه الرئيس صالح. وفي الجانب الشرقي من المدينة في حي الحصبة يتجمع فيه اولاد الاحمر مع جمهورهم من قبيلة حاشد. وفي نفس الاتجاه وعلى مقربة من مطار صنعاء الدولي يوجد الشيخ ناجي الشايف مع انصاره من قبيلة بكيل.هذه هي صنعاء اليوم وكل فريق من هذه المجموعات المذكورة متسلح تسلحاعاليا اى كل فرد منهم يحمل اربع قطعة من السلاح. فلذلك نجد مساحة الحركة والمناورة محدودة ومحسوبة بدقة لكل فريق. وهذا ما يفسر لنا الطابع السلمي للثورة اليمنية لاكثر من ثلاث اشهر. فالرئيس صالح الذي تولى مسؤولية الدفاع عن نظامه بنفسه نجده يتحرك بشكل مستمر بين قصره وميدان التحرير. ويخطب في انصاره خطبا طويلة ومملة وعبارات متكررة مثل الشرعية الدستورية والانتخابات المبكرة وخطر القاعدة وغيرها ودائما يختم حديثه بعبارة

Quote: (نحن صامدون صمود جبل نقم) ونقم جبل تقع في الجانب الشرقي من صنعاء ويتردد اسمه كثيرا في الشعر اليمني. واليوم يعسكر فيه قائد قوات الحرس الجمهوري العقيد احمد نجل الرئيس صالح. ويبدو ان اشارة الرئيس لجبل نقم لها دلالة رمزية.بالامس من قمة ذلك الجبل انطلق صاروخ واصاب بيت الشيخ الاحمر وقتل منهم عدد وفيهم زعماء قبليين وعلى حسب العُرف اليمني قصف البيت يعتبر عيب كبير.وبهذا العمل اسدل الرئيس اليمني الستار عن صفحة مهمة من حكمه وهو العقد الذي ربط بينه وبين رجال القبائل.لكي نفهم هذا العقد بشكل دقيق هنالك حادثة كنت شاهد عيان فيها وارى لزاما كي ارويها هنا(ذات مرة زار الشيخ ناجي الشايف قريته برط رجوزة, وعادة عندما ياتي الشيخ يتحول القرية الى عالم اخر. المولد الكهربائي الوحيد يعمل يوميا, ويتحول بيته الى برلمان مصغر يناقش فيه الناس قضاياهم.كنا جالسين في صالونه في جلسة القات ونشاهد التلفزيون وصادف اعضاء مجلس النواب يناقشون قضية حيوية وهي تقليص حراس المشايخ ونزع السلاح عنهم .وبطريقة غريبة وغير ارادية قام الشيخ مسرعا وقال: الولد دا ايش يشتي مننا, اى بمعنى داير مننا شنو تركنا له النجدة , وما داير يترك لنا اسلحتنا وحراسنا, ثم اضاف قائلا غدا ساركب النجدة في صنعاء)هذا هو العقد! عليك بالنجدة وعلينا بالاموال والسلطة والسلاح.وهو نظام للحكم قد يبدو للناظر من الخارج متخلف او بدائي ولكن في الحقيقة مرتب ومنظم جدا كل طرف يعرف حدوده. فمن خلال هذه العلاقة استطاع الرئيس علي عبدالله المنحدر من عائلة قبلية صغيرة ان يخلق لنفسه كاريزما قيادية في وسط زعماء قبائل يتمتعون بسند جماهيري واسع,وحكم حوالي ثلاثين عاما بلدا يصنف دوما في قائمة الدول الفاشلة.حتى الامس القريب الشئ الوحيد الذي لا يقلق عليه المرء وهو سلامة حياة الرئيس صالح بعد مغادرة السلطة .اي بامكانه ان يذهب الى قريته سنحان ويحتمي بقبيلته حاشد لان التقليد القبلي اليمني يلتزم بهذه الناحية التزاما كاملا.ولكن بعد حادثة اطلاق الصواريخ من جبل نقم نحو بيت الشيخ الاحمر.واهدار زعماء القبائل لدمه قد وضع الرئيس نفسه بين خيارين كلاهما اصعب. اما ان يقاتل حتى اخر رجل في نظامه واما ان يغادر البلاد نهائيا مع ابنائه واولاد اخوته. فاليوم لاتوجد لديه منطقة وسطى مثلما كانت موجودة بالامس. شاكر عبدالرسول مساعد تدريس بجامعة لويسفل كنتاكي