أقبض: جريدة الرأي العام تنقل من منتدي شبكة بــربــر دون اشارة الي المصدر

Quote: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد،، سؤالك صعب ، ولكن يستحق أن نتوقف عنده.. لا يوجد نص في القانون اسمه الستر.. ولكن في حالة التعدي على الحق الخاص ، يجوز للمعتدى عليه أن يستر المعتدي ديانة أو شهامة أو كرما أو لأي سبب يقدره المعتدى عليه بمحض إرادته.. ولكن أهم ما في الأمر أنه يصدر ممن يملكه.. هذا تعدٍ على حق خاص وللمعتدى عليه أن يتنازل عن حقه في الشكوى أو المطالبة أو رفع الدعوى. أما الحق العام.. وبخاصة التعدي على المال العام وقضايا الفساد بصفة عامة فلا أعرف نصا أو اجتهادا أو رأيا معتبرا يجيز الستر فيها.. وفي رأيي أن ستر فساد الذمم هو نفسه فساد. ولا أعتقد أن نص المادة (58) من قانون الإجراءات الجنائية الذي يخول النائب العام إيقاف الدعوى الجنائية يدعو لشيء من ذلك. حيث تنص الفقرة الأولى من المادة المذكورة على أنه: يجوز للنائب العام في أي وقت بعد اكتمال التحري وقبل صدور الحكم الابتدائي في الدعوى الجنائية أن يتخذ قرارا مسببا بتوقيعه بوقف الدعوى الجنائية ضد أي متهم ويكون قراره نهائيا ولا يجوز الطعن فيه وعلي المحكمة عندئذ أن توقف الإجراءات وتصدر الأوامر اللازمة لإنهاء الدعوي الجنائية. وتنص الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أنه: لا يجوز صدور قرار وفق البند (1) في الدعاوي الجنائية المتعلقة بجرائم الحدود والقصاص أو الجرائم التي يجوز فيها التنازل الخاص عن الدعوي الجنائية. سلطة النائب العام في إيقاف الدعوى الجنائية سلطة قديمة أدخلت لأول مرة في عام 1940. ويمارس النائب العام هذه السلطة استنادا إلى مبدأ الملاءمة ، والذي يعني ، باختصار شديد دون الدخول في التفاصيل ، أن مصلحة عامة أو دواعي إنسانية تقتضي عدم السير في إجراءات الدعوى الجنائية تغليبا لمصلحة أكبر. ولممارسة هذه السلطة لا بد أن يصدر القرار من النائب العام وليس من أي شخص آخر ولا بد أن يكون مسببا ولا بد أن يلي مرحلة التحري وليس قبلها.. إلى غير ذلك من الشروط المبينة في النص. وسلطة النائب العام هنا لا بد أن تمارس ممارسة حذرة وإلا فإنها تكون مظنة فساد خاصة إذا أسرف في استخدامها. ولهذا لا أرى أن القانون يخول مدير الإدارة أو الوزير أو أي شخص كان ، وهذا محل سؤال الأخ جمال ، الحق في أن يسامح في عدم محاكمة أي قضية فساد تحت مسمى الستر. وبصراحة لا أفهم حتى كلمة تسوية في قضايا الفساد والاعتداء على المال العام.. فمن يختلس مالا عاما يجب تقديمه للمحاكمة ، والمحكمة هي التي تقرر براءته أو إدانته. وربما يرى البعض أن التهمة قد تحوم حول الشخص ولكن البينة لا تكفي لإدانته ومن ثم تتم التسوية بدعوى أن جزءا من المال خير من لا شيء. وفي تقديري ، فإن هذا مما يساعد على الفساد ويؤطر له.. عدم كفاية البينات لا تكون إلا لضعف الرقابة والمراجعة وأدواتها.. وشيوع ثقافة التسوية في قضايا الفساد والاعتداء على المال العام هو تشجيع لمزيد من الاعتداء والفساد حتى درجة عدم المبالاة. ولهذا فإن محاكمة ثم معاقبة الفاسد يجب أن تكون لها الأولوية وأن تسمو على مجرد استرداد المال أو ما بقي منه أو من قيمته مع تناقص القيمة الشرائية. وأخيراً ، فإني لا أعلم حزباً سوياً أو جماعة أو هيئة أو مؤسسة أو حكومة راشدة ، تسمح بوجود فاسدين فيها وتتستر عليهم. ولا أتصور حتى الشركات الخاصة تسمح بستر الفساد فيها حتى ولو كان المتهمين شركاء في الشركة الخاصة. نسأل الله السلامة.