المخطط الذكي للمعارضة ...

Quote: تحليل: أحمد يوسف التاي قررت قوى المعارضة اليوم الأربعاء الخروج للشارع في تظاهرة سلمية حسب بيانها في هذا الصدد. والتجمع في ميدان أبي جنزير بوسط الخرطوم، بغرض تهنئة الشعبين التونسي والمصري، وتضامناً مع الشعب الليبي الذي يواجه آلة القتل والتدمير التي يديرها زبانية القذافي... إلى هنا تبدو الأمور عادية، غير أن حدة الاستقطاب السياسي ورواسب الصراع ومراراته بين الحكومة والمعارضة، تجعل الأمر قابلاً لكل الاحتمالات، بما في ذلك انفجار الأوضاع على نحو مشابه لما حدث في بعض دول الجوار العربي الإفريقي.. ولعل شواهد ومعطيات كثيرة الآن على الساحة تعزز هذه الفرضية. المعارضة تتحدى لم يعد خافياً أن المعارضة هذه المرة بدت مشحونة ومتحمسة وماضية في تحدي الحكومة والشرطة، ويبدو ذلك في تصريحات قادتها الذين أكدوا عدم التراجع عن المسيرة بأية حال من الأحوال. ومثلما انهم تحدوا الحكومة أمس واقاموا ندوتهم بدار الحركة الشعبية، يرون أنه بإمكانهم تحدي الشرطة وتنظيم المظاهرة التي يسمونها «تجمعاً سلمياً».. وقادة المعارضة أيضاً يؤكدون أن خطوتهم دستورية وقانونية، ولا مبرر لتحذيرات الشرطة من الخروج في المسيرة، وتمضي المعارضة في تحديها إلى أبعد من ذلك، حينما تقول «لن نطلب الأذن من الشرطة، ويكفي أننا أخطرناها منذ ثلاثة أيام»، وترى أن الإخطار بحسب القيادي بتحالف المعارضة صديق يوسف ــ هو الخطوة القانونية المطلوبة لتأمين سلامة المتظاهرين... المعارضة أيضا قررت دعوة سفيري تونس ومصر لميدان أبو جنزير لمخاطبة المتظاهرين الذين يستمعون أيضاً لخطاب زعيم المعارضة الصادق المهدي حسب برنامج المسيرة. الشرطة تحذر أما شرطة ولاية الخرطوم التي أكملت استعداداتها لمواجهة الموقف، استمرت في تحذيراتها حتى مساء أمس، وأكدت أنها ستعمل على تفريق المسيرة، ولها أذن من النيابة بذلك، لأن المسيرة غير قانونية، ولم يحصل منظموها على إذن من الشرطة حسب المادة «40» التي تعطي حق التجمع والتظاهر، ويمضي مديرها إلى القول بأن الشرطة سوف تتصدى للمتظاهرين وفقا للمادة «127» من قانون الإجراءات الجنائية.. ويقول مدير شرطة الولاية الفريق محمد الحافظ عطية إن الشرطة لن تسمح بالفوضى وتمرير الأجندة الحزبية. إرهاصات المواجهة وبالقاء نظرة فاحصة على مجمل تلك الأجواء المشحونة والتوترات، يمكن القول بأن هذا المناخ الممجوج أوجد كثيراً من المخاوف لدى الكثيرين، والتي ارتفع سقفها بعد حديث بعض الجهات الأمنية عن وجود مخططات تخريبية تستهدف بعض المواقع الاستراتيجية بالخرطوم، وحديث الشرطة عن العثور على كمية من الأسلحة والذخائر بأم درمان، إذن تردد مثل هذه الأخبار في هذا التوقيت بالذات من شأنه أن يرفع سقوفات المواجهة، ويهيئ الأجواء لاندلاعها على نحو أسوأ.. ومهما يكن من أمر فإن المعارضة لن تتراجع عمّا تتمسك به وتخفيه مؤقتاً، وفي نفس الوقت فإن الشرطة لن تسمح بالتظاهر، ومثلما تؤكد المعارضة أن خطوتها قانونية ودستورية، ترى الشرطة أيضاً أن ما ستقوم به متفق تماماً مع القانون والدستور، وطبقاً لذلك سيكون اليوم الأربعاء يوم مواجهة ساخنة بين المعارضة والشرطة، وتكون فيه كل الاحتمالات واردة ضمن سيناريوهات المواجهة. سيناريوهات المواجهة وبقراءة فاحصة لما بين سطور المواجهة المحتملة، يمكن الإشارة إلى عدة سيناريوهات محتملة يمكن تفصيلها على نحو الخطوات الآتية: 1 - المعارضة التي تتغذى الآن بالحبل السري من ثورات العالم العربي، ستمضي في إحراج الحكومة وتحديها. ويبدو أنها هذه المرة أكثر حماساً واستعداداً للمواجهة، وسوف يظهر من بين المتظاهرين من يهتف: «الشعب يريد إسقاط النظام». 2 - الشرطة لن تتراجع عن تفريق المتظاهرين، وستمضى في قمعهم بأي أسلوب. 3 - ربما يستغل بعض «المندسين» المواجهات ويبادر بإطلاق النار على الشرطة، لجرها إلى إطلاق النار على المتظاهرين، كما حدث في بعض الدول التي شهدت ثورات. 4 - قد تضطر الشرطة لإطلاق النار بالذخيرة الحية، وهنا تكون الشرطة قد وقعت في الفخ. 5 - قد يكون هناك ضحايا من جرحى وقتلى إذا لم تنظف المعارضة صفوفها من أي عنصر يريد جرها إلى مواجهة مسلحة مع الشرطة. 6 - إذا انحدرت الأمور نحو هذه التطورات، سيدفع المؤتمر الوطني ببعض منسوبيه إلى الشارع لمواجهة المتظاهرين. 7 - إذا سقط بعض الضحايا ومضت الأمور إلى هذا المنحى، فإن المظاهرات سوف تستمر وميدان أبو جنزير سيتحول إلى «ثكنة» للمتظاهرين على غرار ميادين التحرير، ودوار اللؤلؤة وغيرها من أماكن تجمعات المتظاهرين. - ثم يبقى القول إن المواجهة بين الطرفين قادمة، وإن لم تكن اليوم سوف تكون غداً، ويبقى التحدي أمام المعارضة أن تقطع الطريق أمام أصحاب الأجندة الدموية حفاظاً على الأرواح، وعلى الشرطة يصبح التحدي هو إعمال ضبط النفس على أعلى قدر، فإذا حدث ذلك فإن السيناريو الثامن المتوقع هو حدوث ضغط سياسي على نحو سلمي ومتحضر من جانب المعارضة على الحكومة، وحدوث تنازلات من جانب الأخيرة أبرزها الإمعان والجدية في تكوين الحكومة العريضة، وتوسيع نطاق الحوار مع القوى السياسية، وهذا هو مطلب القوى الفاعلة في المعارضة، على عكس قوى أخرى غير مؤثرة تطالب بإسقاط النظام بعد تأكيدها على أن طريق الحوار مع المؤتمر الوطني بات مسدوداً.

Quote: سهر الجداد ولا نومو