كتاب الخرطوم!!...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2011, 06:25 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كتاب الخرطوم!!...

    ...



    كتاب الخرطوم...

    (خواطر متفرقة، كتبت خلال أعوام)..






    مدخل سريالي:

    (لم يكن ماجوك يفهم كلمة مما كان يقوله الشرطي، في المحكمة الطارئة، ، ولو حرف واحد، كان يتلفت مبتسما، بوجه طفولي جميل، وهو سجين زنانة حديدية، في قلب المحكمة في الخرطوم، حيث لا مترجمين بالحكمة المستعجلة)،...

    (و..حكمت المحكمة بجلده)


    ***

    إن عين المايكروسكوب العوراء!!، والتي بمقدورها أن ترى نقطة الدم الضئيلة، المتكورة على شريحة زجاجية، وكأنها بحر أحمر بلا شواطئ، وفي قعره تسبح حيتان الملاريا وهي مكشرة أنيابها في تلك الأغوار المظلمة لإلتهام أسراب كريات الدم البيضاء المذعورة، هذه العين الزجاجية العوراء، التي ترى ما لا يرى ، وبكل وضوح، لا تستطيع أن تميز.. هل الذي أمامها هو مريض محتضر بمستشفى الذرة، أم سجين بكوبر، أم مجنون بعنابر التجاني الماحي، فشوارع الخرطوم المكلومة، تحمل على ظهرها المتورم المجعد الهرم، ومنذ زمن مجهول، كل هذه الذوات المتعبة، من كبد قديم، مكتسب وموروث، وعصى الانقراض، وعصي الفهم!! للمجنون والمثقف والمؤرخ، على حد سواء.

    ***

    كما تتناثر حبات الذرة من ضربات المطرقة، تناثرت القرى، من ضربات سنوات عجاف، هاجرت الحبيبات الحية من سنابلها الآمنة الوديعة، سنابل تحتها جذور، وحكايات، وأرض خصبة وزغاريد وحنان، ووقعت لقمة سائغة على حواشي الخرطوم، تلك المدينة الدولة، وذلك الغول والملاك.

    ***

    (برد برد) كانت هذه الكلمات تخرج من فمها الصغير بآلية، كانت تعلب بحصى قرب صفيحة الماء، إحدى عشر حصى، أقل من عمرها بحصى، فتدحرت حصى حتى اصطدمت بشنطة شاب، شنطة تحمل كتاب لمسرح العرائيس وزكريا تامر، وبوذا، وكيس صعود، وقلم جاف، وعملة معدنية، وسيرة ذاتية، اقترب منها الشاب، وقد أخذ الحصى الضائعة، وقد سارت الحصى نحوها وكأنها رجل عجوز، كانت أنامله ذكية في التعامل بالحصى ككائنات بشرية، ضحكت الصغيرة بخجل منقطع النظير، (أنفطر قلب الشاهد المجهول)، وقال لها الشاب بصورة جادة (الحصى عشطانه) وقد أحست الصغيرة بجفاف ريق الحصى، ضحكنا الأربع، الفتى والصغيرة (والحصى وأنا، والشاهد المجهول)،
    شربت الحصى العطشى 7 أكواب وهمية، وكأنها جاءت من الحاج يوسف واقفة على قدميها في زحمة الدفار، فأعطى الشاب الفتاة ثمن السبعة أكواب، الوهمية،

    كانت مسرورة، وهي تنظر للحصى، ، نظرة طفولية ساحرة، و بحنان بالغ للحصى، للرجل العجوز العطش، والذي التهم سبعة أكواب، سبع قطرات، إنه عجوز مشرد صائم..قربت بيدها الصغيرة الحصى من الأرض الرطبة قرب الصفيحة... وهي تصيح بآلية( برد برد).. منشغلة بري الرجل العجوز، حتى لا يلحق جدها الميت عطشا في رحلة الحج لرمضاء الخرطوم من نار التصحر والمجاعة والهوان بأطراف البلاد المنسية.

    ***

    في يوم غائظ، بل مساء غائظ، في مطلع التسعينات، كعادة المناخ في بلدي، يبدو أنه تأثر كثيراً بنفوس الحكام (ولا ننسى سر الإرادة المهيمنة الحكيمة) جئت من مشوار طويل، يتراءى لي إنه من جهة الكلاكلات، كنت متعباً، عاطلاً، مفلساً، ومتفلسفاً، كعادة أهل بلدي، ماعدا رجال الدين، والذين زهدوا بالخطأ في الآخرة، وليس عن الطائف والمنشة وليلى علوى وبنك فلان، وصرافة علان، وقد ساق سوط الجوع والتهميش أهل بلدي للخرطوم، مات الضرع، وتوقفت البيارات، وجفت الحقول، فالتف أهل السودان حول خصر الخرطوم، يقال بأن الصحافة كانت جنوب الخرطوم، أما اليوم فهي شمالها، وفي ذلك المساء الحارق جاء نصف السودان (الخرطوم) لوسط السوق، للسرقة، للتسول، ولعيادة مريض (مريض نفسي أو جسدي) تقديم الفاضل على المفضول، وتقديم الأكثرية على الأقلية، فمستشفى التجاني الماحي مدت أسوارها إلى حدود السودان التسع، فأدخلت إلى عنابرها سهوله وشعبه وتاريخه، حتى النيل الحنون، مسه جنون غريب، وإلا كيف يفيض فيغرق ويشرد، أو ينحسر ويجف فيهلك، وكيف تحبس القطط ، فلا هم أطمعوها، ولا تركوها (مثل شعوب الأرض، تأكل من خشاش الاغتراب)، (يتفنن الناس في تلحين أهازيج التسول، ، أغاني العصر، فلكل مقام مقال، ألحان لم تخرج من حنجرة ود الحاوي.. ألحان منكسرة، ذليلة.) فود الحاوي لم يسكه ######، ناهيك عن جرابيع التجنيد الإجباري، وكل إناء بما فيه ينضح، إنه لحن الذل، الإله يتجلى بكل مكنونات اسم المذل، العالم في ثورة، يركض بسرعة، نحو هدف مادي لا بأس به، وأن فارق مفترق الطرق، ونحن .. (دنيا تتغير.. ودنيا ادمنت عشق الثوابت..) وحين يترجم إلى لغة الشعب ( كيس نايلو والهواء شايلو... وجركانة في مكانة) يكفي كيس النايلو إنه يطير باستسلام مع إرادة النسيم (البعترض بنطرد) ولكن الجركانة ثابتة في مكانه، وإي مكان .. إنه (عز الهجير.. وسط المحن) الثامنة مساء، والنور قاطع في الشارع وداخل البص، وفي النفوس، وللكمساري قدرة خفافيشية في معرفة القروش في ذلك الظلام الدامس، كل الوجوه حزينة، مغبرة، متعبة، تئن الأرض وتلوذ السماء بالصمت، الارض متسخة بأعواد القصب وقصصات جرائد الكورة واكياس النايلون ودخاخين العوادم، ، والغبار يلف الخرطوم مثل قبة من غبار، تكاد تقسم جوارحك بأن في كابوس، في عناء حيواني، يثير فيك كل الأسئلة الوجودية ( لم.. ولي متين، وليه..) وأخواتها (لا جدوى من خداع النفس، فلا معنى لمعاناة قاتلة وليست مبدعة)، (طالب جامعي يبع سجائر.. وتحته فتاة لله ياجماعة، يتنافسان في جلب الزبائن، أحياناً تنتصر (برنجي .. برنجي) وأحيانا تنتصر (لله يا جماعة)، والإله قابع في سمائه ( لا يعجل بعجلة أحدكم) ويطغي فوق ذلك صوت مصطفى سيد احمد من كشك مجاور (والسمحة قالوا مرحلة) ... رحلت غاضبة ومطلقة.. خارج أسوار البلاد، نظرت لمئذنة الجامع الكبير، يكفي ثمنها بيتا لأخي عثمان.. والمايكفرون يكفي لشراء كتاب لبورخيس .. هذه الاشياء توعظني أكثر من أي خطبة دينية، الحسنة الوحيدة للجوامع هي المراحيض (يقول إبن خالي (لعنة الله على الخرطوم الببسي تشتري بخمسمائة وتبوله بخمسمائة) .. حقاً كنت متوتراً مستاءاً من إله يلعب بالنرد، أو كما يقول شكسبير ( يتسلى بنا كما يتسلى الأطفال بقتل الذباب)، وللحق كنت أدمن قراءاة سارتر، ووصفة للحياة بعد الحرب العالمية الثانية، (المصائب يجمعن المصابينا) دمار، حروب، أوبئة، جنون عنصري وعقائدي، جنون، وحرق لليهود، وللمبدعين، (شئ فطيع، فظيع لا يطاق" هكذا كان السودان، ولم يزل، إلا لطفاً، وإلا فما الداعي كي أموت لنشر شريعة باهتة، شريعة تصف الإله بأوصاف ديكتاوريات انقرضت، يأمر ملائكته بأشعال النيرات لمبدعين كبار، لماركس، ولموزات، ولسارتر، ولفيكتور هيجو، وقبل ذلك لتشيخوف (إنني أحبه بصورة غريبة .. قصصه كبسولات روحية) قال عنه مكسيم جوركي (إن قراءة قصص تشيخوف تجعل الرجل الروسي في أفضل حالاته)...كل هؤلاء في القائمة السوداء لذلك الإله القابع في السموات، إله يغير رأيه، وينسخ آياته، ويتأمر على اعدائه، إنه إله من دول العالم الثالث، شبيه بحكامنا الخالق الناطق، وللحق لم أكن احب الدين، والاغرب كان أبي ختمي، ومات مبكراً، ولم يكن لي سوي أمي، لأن إخوتي كانوا في المدارس، إخي الكبير في الخرطوم القديمة، والأصغر في بورتسودان، هل الضرب بالسيخ أفضل من العزف على الكمان!!، إنها شريعة التحريم للطاقات الإنسانية، ولتجريم ولصب العقل في قالب بغيض، إذعان، مسلمات، جفاف، لا روح في وجهوهم، كانت مكبرات الصوت من الخيم الدينية، المبثوثة كالطاعون في الزوايا والأسواق تنعق ب "الله أكبر يا هو ديل .. دفاعنا الشعبي يا هو ديل)... مسكينة ستيلا (قاصة رائعة من جنوب السودان) إن كان هولاء الاوباش يتمرنون في معسكرات القطينة والعيلفون، ويقيمون الليل لقتلها، أو قتل إهلها، أو قلمها المبارك، تقول في أحد قصصها، كما أذكر، فيما ما معناه: (إن كنت تسير في شارع، والشارع أدخلك مباشرة في غرفة، فإنت في حي عشوائي، الطرق في أحياء في هذه الأحياء، ملتوية كالمتاهة، والشارع يلف ويتقاطع مع نفسه أكثر من مرة، وينتهي بك في غرفة، وفي الغرفة أكثر من 17 شخص، لا يجمع بينهم شئ، سوى رائحة المريسة، صغار وكبار.. نساء ورجال، لا يعرفون خلق مالك ابن أنس أم لا).. بل لا يفرقون بين قصص عبير وصحيح البخاري، كلها "كلام جرايد" لي صديق شاعر، تتغنى له ألوان الطيف للأطفال، قالت له حكومة دولة السودان المقدسة ( لا تقترب من البنت المعاك وانت ماشي في الشارع) وطبعا هذه الفتاة غير مصابة بالجذام، كي يفر منها كما يفر من الأسد، ولكن (جسدها) عب ثقيل، عليها، وعلى الشارع (والشارع تحمل معنيين).. وأقصد المعنى المنحط (شارع.. يشرع... شريعة) تم أخذه للكبسولة (الكبسولة هي محاكم تفتيش عاجلة وعادلة في الظلم) ... حمورابي ينهض من جديد، مسافة بينك وبين الفتاة، ومسافة أطول بينك وبين الحياة، ومسافة أطول بينك وبين الحرية والعدل والفكر الحر، (يوم المرأة كان 1909، ثم اعتمد عام 1911) ولم تصل سفينته للخرطوم بعد، فليكن بينك وبين الفتاة نصف متر، درء للشبهات، و29 سم انذار، وفي زحمة البصات والبكاسي، حين تكون المسافة "صفرا" فالجميع متهم، ومجرم، بلا استثناء، لذا تم استباحه جسد وعقول وقلوب الشعب، فمن منا لم يذهب للمحطة؟.. ونكاية بهم جمياً، ولأن السيطان لا تكفي جاءت ساسه (الفصل من المصلحة العامة) (وعرق التدريب يقلل دماء المعركة)، (تحمل جثتك وتهرول حيث تموت) في قريتنا مسيد كبير، كنا نرى الدروايش والمجاذيب، كبار في السن، بلا أهل، ولا زواج، كانوا يثيرون فيني إحساس غريب، لم أكن أتصور أن هناك حياة خارج إطار مؤسسات الزواج والأهل والأم والأب، ولم أكن أتصور إن هناك قيمة، أو هدف، يمكن للإنسان إن يهجر في سبيلها أساليب الحياة المتعارف عليها، غاية وراء العقول، يمكنها ان تسبي (ألحان كرومة ولدت قبل ضجيج الرقشة والفصل للمصلحة ...العامة..) حقاً "أخفيت كل هذه الأشياء وكشفتها للبسطاء والمساكين" وجوههم مليئة برضى عميق، ..(سال من شعرها الذهب.. سيحاكم أبو أمنة حامد.. لأنه رأى شعرها من خلف حجاب) كبسولة عند اللزوم،..بل يتهم بمحاباة السكسون، فلا توجد سودانية ذهبية الشعر، [وحينها لم يعرفن الاصباغ ونانسي عجرم].. والكبسولة معروفة عندنا، فهي دواء لكل داء عصري "فاللبرالية، والتحرر والمساواة، أمراض عصرية)... ما أكثر الكبسولات في وطني.. (والشي بالشي يذكر) قال أبو أمنة [بأنه مسجله سرق.. والتلفزيون معطل] .. هكذا أجاب حين سئل عن الفنانين الواعدين.. وكفى الله المحسين شر المذياع، شر الفداء الشعبي، شر اللحى، (قاسي قلبك علي ليه.. لو بحب يبقى ذنبي إيه) كانت مجرد موسيقى.. تسلل من جهاز موبايل، (الله يرحمه ويغفر له) هكذا رد صاحب الموبايل، ما العلاقة بين .. لو بحب يبقى ذنبي إيه .. وبين ملك الموت الذي أخذ المحب.. وبين هذا الجهاز (القوال) كما تقول أمي بنت المنى بنت الخضر (أجي .. بتكلم رطانة) .. تحول كيس الاسمنت، في قفزة تطورية، إلى كيس ملئ بالموز .. والموز أسمى من الاسمنت .. إنه حي،، والاسمنت عمارة شامخة، توفر الحماية والجو اللطيف لأصحاب اللحى، حتى يلتقطوا الأنفاس في غرفها الوثيرة لسبي العباد والبلاد،.. والموز قوت الفقرا، إنه أرخص شي في البلاد .. وللحق أرخص أشياء وجدناها، وقل الحق ولو في نظام الهوس الديني، فأرخص ثلاثة أشياء هي الفول السوداني (إنه يلطف الخواطر.. هكذا قال لي د.عادل الطيب).. والموز .. والأنجيل في المكتبة الإنجيلية (سعره خمس جنيهات).. كتب السيد المسيح رخيصة.. لذا ادمنت قراتها .. لو لم تكن رخيصة لما قرأنها، .. بارك الله في شهيد الناصرة.. دمه خمرا.. وجسده خبزاً.. وبمناسبة الموز بلطف الخواطر.. يقال بأن فيثاغورس كان يطعم تلاميذة طعام معين .. لأن الجسد والمشاعر هي هذه الطعام (الأسد مجموعة خراف مهضمومة).. لذا يحب النبي التمر (النخيل أعلى النباتات.. من بيان وديدي الرائع).. وسم الخياط [قال لنا دالي في جلسة رائعة بمعرض الدوحة .."إن الموز والطماطم والعجور التي تجئ من اصقاع الارض... استدرجت لتكون الجسد.. لتحيا كإنسان يطرب ويشعق]...

    ***

    تتطاول العمارات، وتعلو، وتعلو، ليست كالبخور، ولكن كدخان لستك محروق، ورغم طولها العظيم، لا يرى ساكنوها الملائكة، ولا تعشش فيها العصافير، كالأشجارالأقصر منها والأسمى، والأكرم، ومن نوافذها القصية، مثل بثور الجدري، يخرج الصراخ والانين، والصلف، ففرت الملائكة من تلك السموات الأسمنتية، ونزلت كالأمطار، وكوحي الشعراء، إلى ظلال الاشجار، المليئة بالاوراق الصفراء وصراخ الباعة ودعوات الشحاذين، نزلت إلى سموات لم تفارق أديم الارض الطيبة، قلوب بسيطة، وحالمة، بغد بسيط، قوت وراحة بال، وعاطفة ندية!!...

    كل الأشياء ستنزل للفقراء والحالمين والشعراء، كقطرات المطر، وكالملائكة، وكسحر الفلسفة، فعلى يد سقراط هبطت وحيها للأرض، إلى بيوت اثينا الفقيرة، فصار ا لبسطاء، يخوضون في اعتى المعضلات، بقلوب سليمة، وعقول صافية، فأنتشت الاجساد البسيطة بخمر الحكمة، والإشراق والاستقراء، فأعظم الجامعات في العالم، هي قلوب ا لبسطاء..

    "سور صين" حقير، عمارات عمارت، فوضى اقتصاد رأسمالي، ديني، مهوس بالصعود لله، بالاسنصير، والاسمنت، وليس الزهد والتجرد، جشع، بلحمه وشحمه، ودقنه، أحال الحيشان البسيطة، والتي لم يعد القمر يحلق فوق سمائها الصافية، والشمس لا تشرق من خلف أفق العمارات القاسي، إلا بعد الواحدة ظهرا، وتختفي بعد سويعات، عتمة في قلب النهار، تقاصر نهار البيوت القصيرة، إلى سويعات، ثم تغرق في ليل مصطنع، لا شعر فيه، ولا هدوء ولا نجوم....حولتها إلى سجون، لا ضوء، ولا نسيم، ولا رحمة..

    وتنعس العناقريب، في ضجيج، لا تأخذه سنة ولانوم، حتى الواحدة ليلا، حين كان الكاشف يخرج عوده، ويستمتع لضربات قلبه، ويلحن الاغاني بمناقير الملائكة، كانت اصوات الرقشات والامجاد والحافلات، تنقل العمال من أماكن العمل القصية، داخل الخرطوم، وإلى إماكن السكن، زنزانات النفي في أطرافها القصية، والتي يرجع البصر خسيئا، و هو حسير..

    وحيشان الاحياء الشعبية، ذات الاربعمائة متر مربع، بل ذات الثلاثمائة متر مربع، صارت تأوي تحت عشها، حوالي ثلاث اسر، أو أكثر، الفقرا اتقسمو النبقة ، ولو انقلبت في السرير، فسيصحو جارك، وجارك هو اخوك، المتزوج، وستبكي طفلة في الحجرة الأخرى، وتسمع كلام غزل، عروس لعروس في غرف أخرى، تلاشت الحدود، احتشد الناس، قطرات مطر في بركة، استدرجها الجاذبية الارضية، كما استدرجتهم المعاناة، والحاجة ام الاختراع...الحياة والموت يتصارعان في الجسد الإنساني، أبشع ما يكون...

    شوارع، ليتها ترتاح على أريكة فرويد، أو كارل يونج، كي يمسح عنها عنت دخيل، (بوحي ا يتها الشورع، لليونج، للمسيح، لله)، سيكبي يونج، ويضئ نور خفيف، أكثر هذالاً من شحوب الغروب، كي تبوح، كي تمارس غريزتها المكبوتة، حتى في القوت، في الحب، في دار وسعيه، في كتاب محلق...مارسي حياتك الممنوعة، والمباحة، انت بعيدة عنك، وعن الشمس، وعن جلسات المغربية، وعن غد ضاحك..تهرب اقلام الرصاص والألوان من أنامل الأطفال، لا فرق بين الطفل والكهل، فالتجربة تختصر الأعمال، الجميع شارد، وساكن، في انتظار جودو..

    تبدو الشوارع، وكأنها شخوص في رواية، فاصل بين الحياة والموت، قدم في الموت، اليمنى بلاشك، واليسرى على وشك أن ترفع كعبها من الحياة، مثل النعاس، جزء في الرؤية، وجزء في اليقظة، نعاس عظيم، يتشابه عليك الخيال والواقع، أنها نار المعاناة، أحرقت فضول القول، والكماليات، والمسرح، وملذات كثر، ألقاه في اليم، مكتوفا من الأيدي، وقال له: إياك إياك ان تبتل بالماء..الأسرة المحظوظة، هي من ترى أبيها نائما، من وعثاء العمل، كي تعلو العمارات، وتعلو وتعلو...

    ***
    زواج الغد، بأمس بعيد..

    إن كان بإمكانك أن تتصور مومياء فرعونية موضوعة لصق موزة ممتلئة، طرية القطاف، بل جعلت المؤمياء فوق الموزة وهي تلهث، وتعطس وترتجف، فوق عنقريب عاري، وداخل حجرة طينية، في قلبها شعبة، وأطفئت أم نويويرة، فقد تخيلت سعاد وزجها في أمسايتهم الجزينة، انتشر الخبر مثل عروق العجور في باطن الارض، للقرية حاسة سابعة لمعرفة ما يجاري في باطن باطن الأرض.
    وأن استطعت أن تتخيل 70 عاماً من الزمان، بليلها وانفاسها وهوانها وأمراضها وفقرها ومجونها، وبين عنفوان 17 عام، فقد تحس بالمأسأة التي اعترت قلب وجسد وجوارح سعاد بن وشيخ ملتحي، مسن..


    ...

    يتبع..
    ...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de