|
المغربي علي أنوزلا يكتب عن السودان
|
نهاية النظام الرسمي العربي
بعد التاسع من هذا الشهر سيصبح السودان دولتين. دولة السودان الشمالية ودولة السودان الجنوبية. دولة أخرى ستضاف إلى خارطة العالم العربي، وربما قد تفضل الانتماء للاتحاد الإفريقي على الانضمام إلى جامعة الدول العربية، فما يجمع سكان جنوب السودان مع شعوب إفريقيا السمراء أكثر بكثير مما يجمعهم مع شعوب الدول العربية في مشرق ومغرب العالم العربي. وتاريخ التاسع من يناير الحالي لن يكون سوى تاريخ إعلان ميلاد الدولة الجديدة التي وجدت قبل ذلك بكثير عندما اضطر سكان الجنوب إلى حمل السلاح في وجه الأنظمة الفاسدة والدكتاتورية والعنصرية التي تعاقبت على حكم السودانيين بنظرة متعالية من الشمال. لقد كانت مطالب الجنوبيين في بداية تمردهم على حكم الشمال ذات بعد اجتماعي وسياسي، تتمثل في العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع الثروة والحق في التناوب الديمقراطي على الحكم، وإدارة شؤونهم المحلية بدون وساطة من المركز في الشمال، وأمام تعنت حكم العسكر والحكومات المدنية التي تعاقبت على حكم السودان، أمام تلك المطالب أصبح ثوار الجنوب يطالبون بالاستقلال الذي بلغوه اليوم بكفاحهم وصمودهم. وطيلة أربعة عقود من كفاح الجنوبيين ومعاناتهم ظل العالم العربي يصم آذانه تجاه صرخاتهم، واليوم بعدما أصبح الانفصال أمرا حتميا لا رجعة فيه، بدأ أصحاب نظرية التآمر ينشطون في ترديد نفس الأسطوانة القديمة، من قبيل أن تفتيت السودان ما هو سوى مخطط صهيوني أمريكي مبيت، وأن تقسيم أكبر دولة عربية من حيث المساحة ما هو سوى مؤامرة دبرها بليل التجمع العالمي للكنائس المسيحية لزرع أكبر دولة مسيحية داخل الوطن العربي الكبير... هكذا قال علماء وفقهاه السودان، أما الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس التجمع العالمي لفقهاء وعلماء السنة، فلم يجد سوى أن يفتي بتحريم التصويت لصالح الانفصال، ونسي الشيخ المفتي أن أغلبية سكان جنوب السودان هم من المسيحيين واللادينيين! لكن، لو كان في السودان نظام ديمقراطي مثل ذلك الذي يوجد في الهند أو البرازيل أو جنوب إفريقيا، هل كان سيكون مصيره هو التقسيم؟ إن حكم العسكر الذي ابتليت به الكثير من الدول العربية هو الذي أدى إلى تدمير العراق، وتفتيت السودان، ويهدد بتحويل اليمن إلى أفغانستان عربية، وزج بالجزائر في أتون حرب أهلية بلا نهاية، وحول شعب من خمسة ملايين ليبي إلى رهائن لدى عقيد صغير في الجيش يعاني من مرض الباروناويا، ورهن مستقبل شعب صنع أكبر الحضارات فوق أرض الكنانة بمصير رئيس عجوز مريض يريد أن يورث منصبه لابنه، وحول دولة مثل تونس إلى أكبر مخفر للشرطة، ووضع شعبا بكامله مثل الشعب السوري تحت حالة طوارئ منذ أكثر من أربعين سنة وبدون أفق لإعلان نهايتها. ومحا من الوجود دولة كان اسمها الصومال وينخر في صمت كيان دولة هشة مثل موريتانيا... وحتى الدول العربية التي سلمت من حكم العسكر لم تنعم بالديمقراطية بعدما ابتليت بحكم الأسر والعشائر والممالك التي لا ترى في شعوبها سوى رعايا وعبيدا وخدما و"بدون"... غريب أن يجرى تقسم السودان في ظل تواطؤ وصمت عربي مطبق، وحتى مصر المهددة في المساس بشريان حياتها، النيل التي هي هبته، أصبحت اليوم قضيتها المصيرية هي هل سيخلف مبارك نفسه؟ أم هل سيورث "عرشه" من بعده لابنه؟! إن ما يعيشه السودان المهدد اليوم بالتفتيت إلى أكثر من دويلة هو انعكاس للحالة العربية التي تمر بإحدى أخطر مراحل تاريخها المعاصر منذ إعلان موت ما يسمى بالنظام العربي الرسمي الذي تم نعيه منذ الحرب الأولى على العراق. والسؤال اليوم هو على من سيكون الدور المقبل؟ فعلى طول الجسد العربي توجد الكثير من النتوءات التي تهدد بتفتق كيانات طفيلية في كردستان العراق، ولدى شيعة الخليخ، وبين جبال اليمن وعلى شواطئ عدن، وفي نوبة مصر وبين أقباطها، وفي صحاري ليبيا الأمازيغية، وبين شعاب جبال القبائل الجزائرية، وفي الصحراء الكبرى الممتدة من وادي الذهب إلى نهر السينغال... درس السودان يدق جرس الإنذار لكل الأنظمة العربية التي إن استمرت على حالها، ستجد نفسها مثل الفريق عمر البشير الذي ظل يلوح بعصاه الماريشالية ويهدد الجميع بسحقهم تحت "جزمته" العسكرية حتى تحول إلى مطارد داخل بلده. وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه سيأتي على أغلب هذه الأنظمة يوم يشنقون فيه كما حصل مع صدام حسين، أو يبكون فيه كما حصل قبل ذلك مع أبي عبيد الله محمد بن علي آخر ملوك الأندلس، عندما سقطت غرناطة وسلم مفاتيحها إلى إيزابيلا وجلس يبكي تحت سفح جبل الريحان ملكه الضائع. وعندها لن نجد امرأة صلبة مثل عائشة أم عبيد الله لتذكرنا بمقولة هذه الأم الحرة لابنها عندما نهرته بقولها المأثور: "أتبكي كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال؟!".
علي أنوزلا
الرابط: http://lakome.com/opinion/106-editorial/1086-2011-01-04-11-29-52.html
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: المغربي علي أنوزلا يكتب عن السودان (Re: طارق جبريل)
|
Quote: وطيلة أربعة عقود من كفاح الجنوبيين ومعاناتهم ظل العالم العربي يصم آذانه تجاه صرخاتهم، واليوم بعدما أصبح الانفصال أمرا حتميا لا رجعة فيه، بدأ أصحاب نظرية التآمر ينشطون في ترديد نفس الأسطوانة القديمة، من قبيل أن تفتيت السودان ما هو سوى مخطط صهيوني أمريكي مبيت، وأن تقسيم أكبر دولة عربية من حيث المساحة ما هو سوى مؤامرة دبرها بليل التجمع العالمي للكنائس المسيحية لزرع أكبر دولة مسيحية داخل الوطن العربي الكبير... هكذا قال علماء وفقهاه السودان، أما الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس التجمع العالمي لفقهاء وعلماء السنة، فلم يجد سوى أن يفتي بتحريم التصويت لصالح الانفصال، ونسي الشيخ المفتي أن أغلبية سكان جنوب السودان هم من المسيحيين واللادينيين! |
ود جبريل كيفنك؟؟ ياخ يعلم الله الزول ده, التقول ساكن جوه بلدنا...!
_ أحب المغرب زاتو ... وينك إنت ياخ.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المغربي علي أنوزلا يكتب عن السودان (Re: هواري نمر)
|
Quote: وتاريخ التاسع من يناير الحالي لن يكون سوى تاريخ إعلان ميلاد الدولة الجديدة التي وجدت قبل ذلك بكثير عندما اضطر سكان الجنوب إلى حمل السلاح في وجه الأنظمة الفاسدة والدكتاتورية والعنصرية التي تعاقبت على حكم السودانيين بنظرة متعالية من الشمال. لقد كانت مطالب الجنوبيين في بداية تمردهم على حكم الشمال ذات بعد اجتماعي وسياسي، تتمثل في العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع الثروة والحق في التناوب الديمقراطي على الحكم، وإدارة شؤونهم المحلية بدون وساطة من المركز في الشمال، وأمام تعنت حكم العسكر والحكومات المدنية التي تعاقبت على حكم السودان، أمام تلك المطالب أصبح ثوار الجنوب يطالبون بالاستقلال الذي بلغوه اليوم بكفاحهم وصمودهم. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المغربي علي أنوزلا يكتب عن السودان (Re: هواري نمر)
|
Quote: ود جبريل كيفنك؟؟ ياخ يعلم الله الزول ده, التقول ساكن جوه بلدنا...!
_ أحب المغرب زاتو ... وينك إنت ياخ.
|
يا حبيب علي دة مشى السودان قبل عشرين سنة تقريبا جاء من هناك مشروق بي حب الناس بس هو صحافي قدير جدا جدا وعنده مقدرة على التحليل عجيبة
| |
|
|
|
|
|
|
|