|
Re: خالد عويس يصدر "كياح" من القاهرة هذا الأسبوع (Re: حمور زيادة)
|
جزء من الفصل الأول من الرواية
Quote:
[1] إنه كِيَاح ! بعواصفه وبرده الذي يتغرغر في أصغر خلية في العظام. الريح ترج البلدة الصغيرة. وتبعث في الناس، شعورا بالخوف من ثمة شيء مجهول. المجهول الذي نسجته، على مدى قرون، الحكايات عن الليل والنهر وغابات النخل و. . المقابر ! البلدة كأنها طيف عابر، في غمامة الأتربة العالقة. مخفية وغير مخفية. لائذة بحضن النهر، كشيء مموّه منه. كان عليه، كما هي العادة، أن يجلب الماء، هو و(عَشْمَانَة). (عَشْمَانَة) كانت قد تأخرت، على غير العادة، في بيت (عفاف) التي كانت تنضج بسكوتا، واستعانت بها لاعداده ووضع الحطب واشعاله تحت الفرن البلدي. تأخرت إلى أن جُنّ الليل وانقطع دبيب الأقدام الآدمية، فأضطرت (عفاف) لأن تحمل فانوسا وتوصلها إلى البيت. كانا يجلبان الماء، عادة، قبل غروب الشمس، خاصة أن زمهرير كِيَاح يتسرب إلى أعماق النفس، فيكاد يطفئها. كانت النار المشتعلة في كومة حطب، وسط الحجرة، تبعث في نفسه شعورا بالراحة، أخذ يتبخر تدريجيا، حين بدأ يفكر أنه سيتعين عليه، بعد حين، مغادرة الحجرة الدافئة إلى الطرقات الباردة، الباردة جدا. كان فرغ لتوه من أكل ذرة شامية مشوية على النار التي أخذت ألسنتها تعلو وقد قرّب قدميه منها ليتدفأ. حمل الفانوس الذي بهت لونه الأزرق،وسال الجاز على حافته، وأحكم ملاءة حول جسده، وتقدّم أخته التي حشرت قدميها في حذائين أسوّدت أطرافهما،وتشققت تماما، وانمحى لونهما الأخضر. كان الظلام حالكا، والبرد مميتا، وقد هدأت الحركة تماما. الناس يأوون باكرا إلى بيوتهم. يخشون برد (كِيَاح). يقولون إن المسنين عادة ما يرحلون في هذا الوقت من العام. البرد يتسلل إلى عظامهم الناشفة، فيطقطقها،وتسكنها الرطوبة إلى الأبد. يحلبون أبقارهم، بمجرد أن يرتسم الشفق الأحمر، الذي تلونه سحب دخانية خفيفة غربا. ثم يهرعون على ظهور الحمير إلى بيوتهم. تعد النسوة، فطيرا يصنعنه من دقيق الذرة على الصاج، ويضعن عليه الحليب الساخن، للعشاء المبكر. يمران عبر البيوت. ضوء الفانوس المنبعث من بين زجاجه المكسور يتراقص بفعل الريح على الجدران الطينية، الملوثة بالبول. ظلّاهما ضئيلان، كعودي قصب يمشيان على الحيطان. المكان هنا، غير المكان هناك. هنا، المكان رطب نوعا ما. الرائحة تفوح من بيت (أمونة)، رائحة (المُشُك)، البقايا المتخلِّفة عن نقع التمر وتقطيره. يضفي على الجو، برائحته، رطوبة ما. تروح الأغنام، في النهار، تدب عليه، وتأكل، ثم حين يغمرها الخمول، تقصد ظلال الحيطان القصيرة، لتنام. الشوارع الضيقة، مرصوفة بطبقة طينية متجمدة، تشقها جداول صغيرة من الماء الذي تدلقه النسوة طوال اليوم، وهنّ يصحن ويتشاجرن، ومن بول الصغار. البيوت تنهض كأشباح أسطورية، تحفها الظلمة. والريح تعوي،وتثير غبارا خفيفا. البيوت ملتصقة بالأرض التي نبتت فيها. حيطان قصيرة، وخشنة. تنتهي صفوف البيوت المتراصة بشكل عشوائي، لتبدأ صفوف أخرى من بيوت حيطانها أطول، وملساء بعض الشيء. مرشوشة بالجير الأبيض، وتفوح منها، رائحة أطعمة شهية. وفي حيشانها الواسعة، تبدو كمخلوقات هائلة، في حلكة الليل، أشجارُ النيم الضخمة، وأعوادُ النخل الطويلة، التي ينسدل شعرها على أك########ا المخضرّة. وعلى بعض البوابات النوبية الشاهقة، ينمو اللبلاب، ويلتف على المداخل المزيّنة بنقوش قديمة ناتئة، رؤوس تماسيح، وأسود، وضباع، وثيران. بعضهم يحطون رؤوس غزلان على البوابات، من صيدهم في الخلاء. يقسمون أن لحومها لا مثيل لها. يقولون إن الغزلان كانت تنحدر من الخلاء إلى النهر أحيانا، في بعض الليالي لترتوي. لكن بعد أن انتشرت البيوت، واتسعت البلدة، وأبدلوا (السواقي) القديمة بمضخات مائية، باتت تسلك دروبا أخرى، بعيدا عن الأعين. غير أن بعضهم كانوا يربونها في البيوت. يجلبون صغارها من الخلاء، ويضعونها في زرائب خاصة، ويجعلونها تتكاثر، ثم يأكلونها. هي تأتي من بعيد، من خلف الواحة التي يقصدها المصابون بأوجاع في أطرافهم، ليدفنوا أجسادهم هناك ساعات طويلة، فيشفون. ويجلبون (العطرون) الذي يداوي آلام البطن، ويستخدمونه أيضا في صنع (التُمْبَاك)، الذي يروح (السر سَعُوْط) يعدّه باتقان، في محله الصغير في سوق البلدة، فتنبعث رائحة النشوق، نفاذة تغري حتى الصبية الصغار على ابتياعه سرا.
|
اوعا تكون عدلت حاجة يا زول بعد النسخة دي ( النسخة المشت للباد )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خالد عويس يصدر "كياح" من القاهرة هذا الأسبوع (Re: lana mahdi)
|
التحية الي الحبيب خالد عويس صاحب الكلمة التي تنبجس رحيقا فتواري مرارة الواقع الأليم ليسوق معاناة جيل عبر نافذة خياله الخصب المتقد المشبع بأرث تليد وقيم أنسانية رفيعه تربي عليها من اجل ان نكون احرار في مجتمع يمارس حكامه تجاه شعوبهم القهر بمنهجية منظمة ولكن بمثلك نتذوق طعم اللبن مابين فرث ودم، تخرج من بين فكرك وواقعيتك وخيالك المتقد رؤية للأمل في أخر النفق دمت زخرا لنا ومفخرة للأجيال القادمة مبروووووووووووووووووووك ومذيدا من التميز .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خالد عويس يصدر "كياح" من القاهرة هذا الأسبوع (Re: محسن خالد)
|
مبروك للاستاذ خالد عويس فى صدور روايته الثالثة وفى انتظار وصول انتاجه الثالث الى المكتبات العربية فى امريكا.. ما شد انتباهى هذه المرة عنوان الرواية (كياح) والذى قال عنه الروائى خالد عويس انه اقتبسها من الشهر النوبى "كيهك" وهو النطق الصحيح عند النوبيين وليس "كياح" كما جاء فى العنوان فالنوبيون لا يستعملون حرف الحاء فى لغتهم بل ينطقونه هاءا "كياه" .. ارجو ان لا يكون كياح تعريبا لكيهك كما حدث من تعريب قسرى للنوبيين الذين يعانون الآن من التعريب وتهميش لغتهم.. فى انتظار الكتاب والذى اتوقع له ان يكون مثيرا حيث جاء فى التقديم ذكر لاسطورة البقرة التى دخلت فى نفق فرعونى (اعتقد من جبل البركل) وخرج مسلخ الجلد فى دنقلا!!! شكرا..
نورالدين منان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خالد عويس يصدر "كياح" من القاهرة هذا الأسبوع (Re: yagoub albashir)
|
مبروك استاذ خالد عويس/ مبروك الرواية في هذا الزمن العته حيث المثقفون وحدهم من سيغير دفة القارب المتجة بجنون نحو الشلال/ روائي مثل فرغاس يوسا يكتب رواية فتهتز لها جنبات البيرو/ او البرت مورافيا يكتب (امراتان) فتسيل ملايين الدموع على الخد/ فقط ستقع (الكياح) قريبا في يدي وسوف اتلذذ بها وقت السكون/ لك الود الذي تعرف استاذ خالد/ وشكرا بكري.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خالد عويس يصدر "كياح" من القاهرة هذا الأسبوع (Re: محمود الدقم)
|
مليون مبروك يا بكري للسودان هذا الابداع في الزمن الصعيب ... والتحية للعزيز خالد عويس وهو يتحدى الزمن ويبدع ... والتحية لكل مبدعي بلادي الذي ستظل أسمائهم منحوتة على قائمة الشرف الباذخ ...
والله يا بكري الليلة أتكيفت "لنا" و"عويس" ... المزيد المزيد ... أدهشونا فقد أدمت قلوبنا السياسة ...
احتراماتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خالد عويس يصدر "كياح" من القاهرة هذا الأسبوع (Re: عبد الله إبراهيم الطاهر)
|
الكرام والكريمات شكرا من أعماق قلبي على هذا الاحتفاء والحب. الرواية ستطبع خلال هذا الأسبوع في القاهرة، وأسعى جاهدا لجلب نسخ إلى الخرطوم بعيد العيد بغرض حفل توقيع مصغّر في الخرطوم كتدشين لها، يعقبه حفل رسمي في القاهرة تحت رعاية دار ميريت ومديرها العام الأستاذ محمد هاشم. النص الذي قرأته يا حمور هو النص النهائي، وهو الذي كان بحوزة الصديق أحمد اللبّاد. الرواية ستكون متوفرة قريبا جدا في القاهرة والخرطوم، وسأسعى مع دار ميريت لتكون في معرض الدوحة وسائر معارض الكتاب خلال 2011، وسأعمل جاهدا أيضا مع الدار لتوزيعها في الخليج وأوروبا.
| |
|
|
|
|
|
|
|