بعد أن أصبح انفصال الجنوب قاب قوسين أو أدنى، ومسألة زمن ليس إلا، لأسباب لا تغيب عن فهم اللبيب، منها ما هو قديم، وما هو مستحدث بفضل سياسات البصيرة أم حمد وقصتها الشهيرة، عندما أدخل العجل رأسه في البُرمه أو الزير، اقترحت قطع رأس العجل ولما لم تحل المشكلة أشارت عليهم بتكسير البرمة. بهذه المناسبة أتذكر اليوم هذا المثل:(الْشّردن خلهِن أقرع الواقفات) وهو مثل معروف، خاصة في أوساط الرعاة و مالكي المواشي، أما أنتم يا حضرات رواد المنتدي، فلا بد أن نفصل لكم قليلاً، قصة المثل أن أحد رعاة الماشية، شرد منه بعض أفراد القطيع، فهم بمطاردته ولكن صاحب الماشية قال له: خلهن أي دعهن، أقرع الواقفات أي حافظ على البقية التي لم تشرد، وذلك لأنه إذا لم يقرع الواقفات سيلحقن حتماً بالشاردات، فالجنوب أصبح في حكم المنفصل، فهل سنحافظ على بقية الأقاليم أم هي بداية النهاية لانفراط عقد الوطن. أكد الدكتور التيجاني السيسي رئيس حركة جيش التحرير أنه يجب أن تحل قضية دارفور من جذورها محذرا من تكرار تجربة الجنوب "لأننا ارتكبنا خطأ من الجنوب. يجب ألا نبخل على دارفور بحل عادل وشامل.وأضاف بأن عملية السلام من الداخل مشروع لفرض حل من طرف واحد وهذه مسألة غير مقبولة". هذا و لا بد أنكم قد سمعتم بأن بعض فصائل دارفور الأخرى الآن في حالة ترقب أو انتظار. فالجنوب أيها الأخوة لم يبدأ انفصاله مع سياسة المناطق المقفولة فحسب، ولا بسبب التهميش وانعدام التنمية فقط، ولا بسبب الماضي المأساوي لتجارة الرقيق، ولا حتى التجريدات الجهادية ولكن بسبب ضعف ذاكرتنا السياسية عندما نسينا ما حدث في ديسمبر 1964 عند سريان شائعة مقتل كلمنت امبورو وزير الداخلية في حكومة أكتوبر، التي تجمع على إثرها عدد كبير من الجنوبيين في بعض مناطق العاصمة وقاموا بأعمال عشوائية وصفت بأنها فوضى و شغب وبالفعل قد كانت كذلك، وكان رد الفعل الشعبي والرسمي تجاهها عنيفاً جداً وطال معظم الجنوبيين الموجودين وقتها بالعاصمة دون تمييز، ولم يتوقف نزيف الدم إلا بعد تجميع الجنوبيين بالعاصمة في عدد من الأماكن العامة وتوفير الحماية لهم بواسطة الجيش والشرطة، تلكم الحادثة لم تكن كافية لاستنهاض المفكرين الاستراتيجيين ولا الساسة الراشدين وبالطبع جمهرة المواطنين للتعامل مع الأحداث المؤسفة التي تلت رحيل د.جون قرنغ بل أعاد الطرفان الجنوبي والشمالي إنتاجها في أبشع صورة بأحداث يومي الاثنين والثلاثاء الأسودين التي تلت رحيله. وهي أحداث كان من الممكن تفاديها لا بل استباقها إذا تصرفت الحكومة بحكمة، وأنا أميل للاعتقاد بأن هذه هي القشة التي قصمت ظهر الوحدة. فنحن أيها الأخوة لا نفهم بعضنا البعض أذكر أن أحد القادة الجنوبيين وهو السيد/موسى المك كور قال على شاشة التلفزيون عقب أحداث رحيل قرنغ: أن من عادات وتقاليد الموت السائدة عندهم لدى وصول خبر الموت أو سماع النواح ساعة الوفاة (الوفاة الطبيعية) يقوم الرجال على الفور بحمل حرابهم وكل أسلحتهم ويذهبون شمالاً لمحاربة من فعل ذلك،(أما لماذا يذهبون شمالاً فهذه متروكة لفطنتكم) وعندما لا يجدون أحداً أو العدو المفترض فيرجعون قانعين بأن ذلك من فعل الإله. أين علماء الاجتماع لدينا من كل ذلك؟. هذا وقد قال السيد الرئيس: (أننا وضعنا وحدة السودان على المحك من أجل السلام) انتهى، نأمل ألا نكون الآن بصدد خسارة الوحدة والسلام معاً، هذا لا سمح الله إذا لم يحدث انفصال سلمي أو أنتج كياناً معادياً. فنكون قد قطعنا رأس العجل وكسرنا البرمة. هذا ليس تنازلاً ولا استسلاماً ولكنه وصف للواقع القصة طويلة وقاسية على النفس ولا أريد أن أطيل عليكم.
(عدل بواسطة الطيب الشيخ on 10-29-2010, 05:40 AM) (عدل بواسطة الطيب الشيخ on 10-29-2010, 05:43 AM) (عدل بواسطة الطيب الشيخ on 10-29-2010, 05:45 AM) (عدل بواسطة الطيب الشيخ on 10-29-2010, 08:58 AM) (عدل بواسطة الطيب الشيخ on 10-29-2010, 09:00 AM) (عدل بواسطة الطيب الشيخ on 10-29-2010, 09:02 AM)
10-28-2010, 10:54 PM
jini jini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30716
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطيب الشيخ
jini
awad hassan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست